بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

 

 (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 1) الضمير للشأن، كقولك: هو زيد منطلق؛ إذ روي أن قريشا قالوا: يا محمد صف لنا لابك الذي تدعونا إليه فنزلت.

و أحد بل، أو خبر ثان، يدل على مجامع صفات الجلال، كما دل الله على جميع صفات الكمال، إذ الواحد الحقيقي ما يكون منزه الذات عن أنحاء التركيب والتعدد، وما يستلزم أحدهما كالجسيمة، والمشاركة في الحقيقة وخواصها، كوجوب الوجود، والقدرة الذاتية، والحكمة التامة المقتضية للألوهية.

 

(اللَّهُ الصَّمَدُ 2) السيد المقصود إليه في الحوائج؛ من صمد: إذا قصد، وهو الموصوف به على الإطلاق، فإنه يستغني عن غيره مطلقا، وكل ما عداه محتاج إليه في جميع جهاته؛ وتعريفه لعلمهم بصمديته بخلاف أحديته؛ وتكرير لفظه للإشعار بأن من لم يتصف به لم يستحق الألوهية؛ وقيل: هو السيد الذي قد انتهى سؤدده؛ وقيل: هو الكامل في جميع صفاته وأفعاله.

( لَمْ يَلِدْ) لأنه لم يجانس، ولم يفتقر إلى ما يعينه، أو يخلف عنه لامتناع الحاجة والفناء عليه. ولعل الاقتصار على لفظ الماضي لوروده ردا على ما قال: الملائكة بنات الله، أو المسيح ابن الله، ( وَلَمْ يُولَدْ 3) وذلك أنه لم يفتقر إلى شيء، ولا يسبقه عدم.

 

(وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ 4) أي: ولم يكن أحد يكافئه، أي: يماثله من صاحبة وغيرها، وقرئ: و كفوا بالتحريك وقلب الهمزة واوا.

 

لاشتمال هذه السورة مع قصرها جميع معارف الإلهية، والرد على من ألحد فيها قيل: جاء في الحديث أنها تعدل ثلث القرآن، فإن مقاصده محصورة في بيان العقائد والأحكام والقصص، ومن عدلها بكله يعتبر المقصود بالذات من ذلك.