بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

 

 (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ 1) قيل: البروج الاثني عشر، شبهت بالقصور، لأنها تنزل بها السيارات، وتكون فيها الثوابت؛ أو منازل القمر؛ أو عظام الكواكب، سميت بروجا لظهورها؛ أو أبواب السماء، فإن النوازل تخرج منها، ( وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ 2) يوم القيامة( وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ 3) قيل: كل نبي وأمته؛ وقيل الشاهد: العبد، والمشهود: المعبود؛ وعن ابن عطاء: الشاهد: المكون، والمشهود: الكون؛ وقيل غير ذلك .

 

(قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ 4) كأنهم قيل: إنهم ملعونون، فإن السورة وردت لتثبيت المؤمنين على أذاهم، وتذكيرهم بما جرى على ما كان قبلهم؛ الأخدود: الخد،وهو الشق في الأرض ونحوها. ( النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ 5 إِذْ هُمْ عَلَيْهَا) على حـافة النار ( قُعُودٌ 6) قـاعدون، ( وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ 7) يشهد بعضهم لبعض، أو بعضهم على بعض.

 

(وَمَا نَقَمُوا) لعله أي: وما عملوا منهم عيبا، ولا وجدوا لهم جرما، ولا رأوا عليهم سوءا وما انكروا ( مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ 8 الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ 9) للإشعار بما يستحق أن يؤمن به ويعبد. (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات) بلوهم بالأذى، (ِثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ 10) العذاب الزائد في الإحراق بفتنتهم.

 

(إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ 11) إذ الدنيا وما فيها يصغر دونه.

 

( إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ 12) مضاعف شدائده؛ فإن البطش أخذ بقوة. (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ 13 وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ 14) محب لمن أطاع. (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ 15) العظيم في ذاته وصفاته، فإنه واجب الوجود تام القدرة والحكمة؛ وجر صفة لربك، أو للعرش؛ ومجده: عـلوه وعظمة شأنه. (فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ 16) لا يمتنع عليه مراد من أفعاله وأفعال غيره.

 

(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ 17 فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ 18) والمعنى: قد عرفك تكذيبهم للرسل وما حاق بهم، فتسل واصبر على تكذيب قومك، وحذرهم مثل ما أصابهم. ( بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ 19) لا يرعوون عنه، ومعنى الإضراب: أن حالهم أعجب من حال هؤلاء، فإنهم سمعوا قصتهم، ورأوا آثار هلاكهم، وكذبوا أشد من تكذيبهم، فكل من كفر بالله كفر جحود أو نفاق فالتكذيب ملازم له، بدليل هذه الآية، كما قال: (إنِ الْكَافِرونَ إلاَّ فيِ غُرورٍ) فكل كافر مغتر مستدرج ممكور به.

 

(وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ 20) لا يفوتونه كما لا يفوت المحاط المحيط. ( بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ 21) بل هو الذي كذبوا به كتاب شريف وحيد في النظم والمعنى. ( فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ 22) من التحريف.