بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

 

 

(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ 1) لفت، من كورت العمامة: إذا لففتها،أي: لف ضوءها، فذهب انبساطه في الآفاق وزال أثره، أو لقيت عن فلكها؛ ( وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ 2) انقضت أو ظلمت؛ ( وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ 3) عن وجه الأرض أو في الجو؛ ( وَإِذَا الْعِشَارُ) قيل: النوق التي أتى على حملهن عشرة أشهر، ( عُطِّلَتْ 4) تركت مهملة؛ ( وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ 5) جمعت من كل جانب، لعله أو فنيت.

 

(وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ 6) أملئت بتفجير بعضها إلى بعض؛ ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ 7) قرنت بالأبدان أو بعملها؛ (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ) لعله وهي الجارية المدفونة حية؛ وكانت العرب تئد البنات مخافة الإملاق أو لحوق العار بهم من أسباب فعلهن؛ وقيل: النطفة المستخرجة بالعبث، حتى قيل: إن يد العابث بها، تبعث يوم القيامة حبلى، (سُئِلَتْ 8 بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ 9) تبكيت للفاعل بها، كتبكيت النصارى بقوله تعالى لعيسى: (أأنتَ قلتَ للناسِ...) وقرئ: سألت أي: خاصمت عن نفسها، وسؤالها توبيخ لوائدها، لأنها تقول: قتلت بغير ذنب أذنبت.

 

(وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ 10) صحف الأعمال ليقال للعامل: (اقرأ كتابَك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) ؛ ( وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ 11) قلعت وأزيلت كما يكشط الغطاء عن الشيء؛ (وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ 12) أوقدت؛ ( وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ 13) قربت من المؤمنين؛ ( عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ 14) لعله من عملها.

 

(فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ 15) بالكواكب الرواجع، من خنس: إذا تأخر، ( الْجَوَارِ الْكُنَّسِ 16) السيارات التي تختفي تحت ضوء الشمس، من كنس الوحش: إذا دخل كناسه؛ ( وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ 17) أقبل ظلامه وأدبر، وهو من الأضداد؛ ( وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ 18) أي: أضاء.

 

(إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ 19) يعني: جبريل، فإنه قاله عن الله تعالى، ( ذِي قُوَّةٍ) كقوله: (شديدُ القوى)، ( عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ 20) عند الله ذي مكانة، ( مُطَاعٍ) لعله في السماء أو في الأرض، لأنه إمام، ( ثَمَّ أَمِينٍ 21) على الوحي.

 

(وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ 22 وَلَقَدْ رَآَهُ) ولقد رأى رسول الله جبريل (بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ 23) بمطلع الشمس الأعلى، ( وَمَا هُوَ) وما محمد (عَلَى الْغَيْبِ) على ما يخبره من الوحي إليه وغيره من الغيوب ( بِضَنِينٍ 24) متهم؛ من الظنة: وهي التهمة، وقرئ: بضنين من الضن: وهو البخل، أي: لا يبخل بالتبليغ. والضاد من أصل حافة اللسان وما يليها من الأضراس، من يمين اللسان أو يساره، والظاء من طرفي اللسان وأصول الثنايا العليا؛ ( وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ 25) بقول بعض المسترقة للسمع؛ وهي نفي قولهم: إنها لكهانة وسحر؛ أو ما يلقيه الشيطان من الوسوسة.

 

(فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ 26)؟ استضلال لهم فيما يسلكونه من أمر الرسول والقرآن، كقولك لتارك الجادة: أين تذهب؟ وأين تسلك؟ أي طريق أبين لك من طريق الحق؟ (  إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ 27 لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ 28)

بتحري الحق وملازمة الصواب؛ (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ 29).