بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

 

(الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ 1 وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ) يعني: لم يخالفوه في شئ (وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ 2)حالهم في الدين والدنيا، بالتوفيق والتأييد. (ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ) بسبب اتباع هؤلاء الباطل، واتباع هؤلاء الحق، (كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ) يبين لهم (أَمْثَالَهُمْ 3) أحوال الفريقين، أو جعل اتباع الباطل مثلا لعمل الكفار، واتباع الحق مثلا للمؤمنين.

 

(فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) في المحاربة (فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ) أكثرتم قتلهم، وأغلظتموه؛ من الثخين: وهو الغليظ، (فَشُدُّوا الْوَثَاقَ) فأسروهم واحفظوهم، (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) أي: فإما تمنون منا، أو تفدون فداء، حَتَّى (تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) آلاتها وأثقالها التي لا تقوم إلا بها، كالسلاح والكراع، أي: تنقضي الحرب، ولم يبق إلا مسلم أو مسالم؛ والمعنى: حتى لعله يترك أهل الحرب شركهم ومعاصيهم، كقوله: (وقاتلوهم حَتَّى لا تكون فتنةٌ) ظاهرة بين ظهراني أهل الإسلام، فإن الباطن لم يضر، إذ لم يتعبدوا به، (ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ) لانتقم منهم بالاستئصال، (وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ) ولكن أمركم بالقتال ليبلى المؤمنين بالكافرين، بأن يجاهدوهم فيستوجبوا الثواب العظيم؛ والكافرين بالمؤمنين، بأن يعاجلهم على أيديهم ببعض عذابهم، كي يرتدع بعضهم عن الكفر.

 

(وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أي: جاهدوا، (فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ 4) فلن يضيعها. (سَيَهْدِيهِمْ) إلى الثواب؛ أو سيثبت مداومتهم، (وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ 5) حالهم في الدارين. (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ 6) قيل: عرفها لهم في الدنيا حتى اشتاقوا إليها، فعملوا بما استحقوها به؛ وقيل: بين لهم مساكنهم حتى يهتدوا لها، حتى أنه اهتدى إلى منزله ودرجته وزوجته وخدمه.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ) أي: دينه، (يَنْصُرْكُمْ) بالتوفيق، (وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ 7) بالقيام بحقوق الإسلام. (وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ) دعاء عليهم بالهلاك، (وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ 8) الضال: ما لا ينتفع به؛ (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ) القرآن، لما فيه من التوحيد والتكاليف المخالفة لما ألفوه واشتهيه أنفسهم، ومن لم يعمل بمقتضاه كان في المعنى كارها له مستهزئاً به، (فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ 9)  .

 

(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من آبائهم وإخوانهم وأزواجهم وجيرانهم، والذين يسمعون بهم من كل من عصى الله وأهلكهم، (دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) استأصل عليهم ما خصوا به من أنفسهم وأهليهم وأموالهم، (وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا 10) أمثال تلك العاقبة. (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا) ناصرهم على أعدائهم، (وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ 11) فيدفع العذاب عنهم،

 

(إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ) بمتاع الحياة الدنيا، (وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ) حرصين غافلين عن العاقبة، لعله همة ليس لهم إلا بطونهم وفروجهم وشهواتهم وأهويتهم (وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ 12) منزل ومقام.

 

(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ 13 أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) حجة من عنده وهو القرآن، أو ما يعم من الحجج العقلية، (كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) كالمعاصي الجلية والخفية، لعله وليس لها برهان من ربه إلا اتباع الهوى، (وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ 14) لا تردعهم حجة حق عن اتباع الهوى.

 

(مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) أي: فيما قصصنا عليك من صفتها العجيبة، (فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ) غير متغير طعمه وريحه، (وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) لذيذة لا تكون فيها كراهة،(وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى) لم يخالطه شمع وقاذورات النحل؛ وفي ذلك مثل لما يقوم مقام الأشربة في الجنة بأنواع ما يستلذ بها في الدنيا، بالتجريد عما ينقصها وينغصها، والوصف بما يوجب عذوبتها واستمرارها، (وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ) لعله مما تشتهيه أنفسهم، (وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ) لعله والستر لذنوبهم، من أجل النعم، حيث لم يؤاخذوا بها كمثل الكفار، كما أن إحباط أعمال الكفار من أشد التحسر حيث ]لم[ يثابوا بها كما أثيب المؤمنون لعله بأعمالهم، فصارت ثوب المؤمنين نعمة لهم بها في الجنة، وصارت لعله أعمال الخير للكافرين عذابا لهم في النار، كما قال: (...أعمالهم حسرات عليهم) . (كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ) يعني: المتقين أهل الجنة كمن خالد في النار، (وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا)مكان الأشربة المستلذة، (فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ 15)  من فرط الحرارة.

 

(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ) يعني: المنافين كانوا يحضرون مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم ويسمعون كلامه، فإذا خرجوا (قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) أي: لعلماء الصحابة: (مَاذَا قَالَ آَنِفًا)؟ ما الذي قال الساعة؟ استهزاء، (أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ 16) فلذلك استهزؤوا وتهاونوا بكلامه. (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى) أي: زادهم الله بالتوفيق والإلهام، (وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ 17) بين لهم ما يتقون، أو أعانهم على تقواهم، وأعطاهم جزاءهم.

 

(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ) وهي الساعة التي تفنى فيها آجالهم، (أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً) لأنهم يظنون أنهم بعد يعيشون، وأن الموت بعيد، فأناختهم رواحله، (فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى) فكيف (لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ 18)أي: فلا ينفع التذكر حين يعاين ملائكة الموت لقبض روحه، أو عاقبة ذكراهم، حيث لم ينتفعوا بها.

 

(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) أي: إذا علمت سعادة المؤمنين وشقاوة الكافرين، فاثبت على ما ]أنت[ عليه من العلم بالوحدانية، وتكميل النفس بإصلاح أحوالها وأفعالها وهضمها، بالاستغفار لدينك(وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)بذنوبهم بالدعاء لهم، وهو معنى شفاعته لهم؛ (وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ) في الدنيا، فإنها مراحل لا بد من قطعها، (وَمَثْوَاكُمْ 19) في العقبى، فإنها دار إقامتكم فاتقوه، وأعدوا لمعادكم.

 

(وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا) حرصا منهم على العلم: (لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ) أي: هلا أنزلت سورة في أمر القتال، أو غيره من علوم الديانات؛ (فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ) مثبتة لا تشابه فيها،(وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) نفاق، (يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) كما ينظر الشاخص بصره عند لعله الموت جنبا ومخافة، (فَأَوْلَى) فويل(لَهُمْ 20 طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) أي: طاعة وقول معروف خير لهم، (فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ) أي: جد، (فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ) أي: قولهم فيما زعموا من الحرص على الجهاد، أو الإيمان بالعمل، (لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ 21) .

 

(فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) أمور الناس وتأمرتم عليهم، أو توليتم عن الإسلام، (أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ 22) المعنى: أنهم – لضعفهم في الدين وحرصهم على الدنيا – أحقاء بأن يتوقع ذلك منهم من عرف حالهم، ويقول لهم:  عسيتم . (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ) لإفسادهم وقطعهم الرحم، (فَأَصَمَّهُمْ) عن استماع الحق (وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ 23) فلا يهتدون سبيله.

 

(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ)؟ يستصفحونه وما فيه من المواعظ والزواجر، حتى لا يجسروا على المعاصي، (أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا 24)؟ لا يصل إليها ذكر، ولا ينكشف لها أمر، وأقفالها هاهنا: أهويتها، وهي كالمقفولة عليها، لا تعي خيرا، ولا يخرج منها خبث.

 

(إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى) الدلائل الواضحة، لعله شبههم كمثل الذي صعد عقبه، حتى كاد أن يقتحمها لعله ثم ولى على دبره هاويا؛ (الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ) سهل لهم اقتراف الكبائر؛ وقيل: حملهم على الشهوات؛ من السؤل: وهو التمني، (وَأَمْلَى لَهُمْ 25) ومد لهم في الآمال. (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) في بعض أموركم، (وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ 26) ومنها قولهم هذا الذي أفشاه عليهم.

 

(فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ)؟ فكيف يكون حالهم وألمهم إذ لا يجدون عنه مصرفا، (يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ 27 ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ) من الشهوات والمعاصي، (وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ) ما يرضاه من الإيمان، واستحبوا غضبه على رضاه، (فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ 28) لذلك. (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) وهو الأضغان الكامنة فيها على أهل الإسلام، لقوله: (أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ 29) أن لا يبرز الله لرسوله والمؤمنين أحقادهم.

 

(وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ) لعرفناك بهم الدلائل، فتعرفهم بأعيانهم، (فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ) بعلاماتهم التي نسمهم بها، من أقوالهم وأعمالهم، أو تعرفهم بأسمائهم كما قال: (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) لحن القول: أسلوبه وإمالته، من جهة التعريض، ومنه قيل للمخطئ: لا حن، لأنه يعدل بالكلام عن الصواب، (وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ 30) فيجازيكم على حسب قصدكم إذ الأعمال بالنيات.

 

(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) بالتكاليف الشاقة (حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ) على مشاقها، (وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ 31)ما نخبر به عن أعمالكم، فنظهر حسنها وقبحها، أو إخبارهم عن إيمانهم وموالاتهم المؤمنين في صدقها وكذبها.

 

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ) فيما أمر به أو نهى عنه، فكرهوا أمره ونهيه ولم يعملوا بمقتضاه، (مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا) بكفرهم وصدهم، (وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ 32)ثواب حسنات أعمالهم.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ 33) بما أبطل به هؤلاء؛ وفيه أبين الدليل على إحباط الأعمال بالكبيرة الواحدة. (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ 34) عام في كل من مات مرتكبا لكبيرة، أو مصرا على صغيره.

 

(فَلَا تَهِنُوا) فلا تضعفوا (وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ) ولا تدعوا إلى الصلح خوفا وتذللا، (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ )الأغلبون،(وَاللَّهُ مَعَكُمْ)ناصركم،(وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ 35) ولن يضيعكم أعمالكم.

 

(إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) لا ثبات لها إلا الجزاء للأعمال؛ (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ) ثواب إيمانكم، (وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ 36 إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ) فيجـهدكم (تَبْخَلُوا) فلا تعـطوا، (وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ 37) الأضغان الكامنة في القلوب.

 

(هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ) أي: أنتم يا مخاطبون، (تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) وهو يعم بذل المال والمهج في سبيل الله، (فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ) ناس يبخلون، (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ) فإن ضر الإنفاق وضر البخل عائدان إليه، (وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ) فيما يأمركم به هو لافتقاركم، فان امتثلتم فلكم، وإن امتنعتم فعليكم، (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ 38)  في الصفة، فإنهم إذا كانوا أمثالكم لعله لكان ذلك منافيا للحكمة.