تفسير ما أحل الله من ذبائح أهل الكتاب :

 

قوله في سورة المائدة :

(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) يعني : الحلال من الذبائح ، ثم قال : (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ ) يعني : ذبائح اليهود والنصارى ( حل لكم ) يعني : للمسلمين .

( وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ) يعني : وذبائح المسلمين حلال لهم .

وذلك أن المسلمين كانوا يتقون ذبائح أهل الكتاب ونساءهم ، إذا أحسنوا الذبائح ، وذبائح من دخل في دينهم من غير حلال للمسلمين .

قال : [قال الله] : ( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) ومن يتول الفاسق فإنه منه ، ومن يتول المنافقين فهو منهم .

قال الله ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)

وقال : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً) يعني : إذا توليتم المنافق فلله عليكم الحجة البالغة (سلطانا مبينا) .

(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا . إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ)

فنهى الله عن ولاية المنافقين ، وولاية أهل الكتاب ، وولاية الكافرين ، قال الله :

( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)

 

تفسير ما احل الله للمسلمين من صيد الكلاب المعُلَمة :

 

قوله في سورة المائدة :

(يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ) .

وذلك أن عدي بن حاتم وزيد بن المهلهل سألا النبي صلى الله عليه وسلم فقالا : يا رسول الله إن كلاب آل بريك ، وآل ذريح ، وآل أبي حدانة تأخذ الظباء والبقر ، فمنها ما يدرك زكاته ، ومنها ما يقتل فلا يدرك زكاته وقد حرم الله الميتة ، فماذا يحل لنا منها ؟ فنزلت : (يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ) ؟

(قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ) يعني : الذبائح كلها الحلال طيبة لهم ، ثم قال : ( وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ ) يعني : الكلاب ( مُكَلِّبِينَ) يعني : معلمين للصيد (تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ ) يعني : تؤدبوهن لطلب الصيد ( مما علمكم الله ) يقول : مما أدبكم الله ( فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) يعني : مما حبس عليكم ، يعني : وإن قتلهن فهو حلال ما لم يأكلن منه ، فإذا أكلن فلا يصلح ، إنما أخذه لنفسه ، ولا يحل أكله ، ثم قال :

( وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ) يعني : حين يرسلهن على الصيد ، ثم خوفهم فقال : (وَاتَّقُوا اللَّهَ) فلا تستحلوا ما لم يذكر اسم الله عليه ، ثم قال يخوفهم : (إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) فيسألكم عن أمر ذبائحكم . قال : إن كان في الكلاب المعلمة كالكب ليس معلم ، فقتل الصيد فلا تأكله .

 

وقال النبي صلى الله عليه وسلم :

(( في الكلب المعلم إذا أكل من الصيد فلا يؤكل إلا أن يدرك زكاته ))

وقال في مسلم رمى صيداً ونسى أن يذكر اسم الله عليه : فلا يحل له أن يأكل منه .

وعن ابن مسعود : في البهيمة الأهلية تتوحش ، قال هي بمنزلة الصيد .