تفسير ما حرم الله من الميتة والدم ولحم الخنزير :

 

قوله في سورة المائدة :

(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ َ) يعني : على المسلمين الْمَيْتَةُ) يعني : لحم كل شيء ميت (وَالدَّم) يعني : الدم المسفوح

(وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلّ) يعني : ذبح (لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) يعني : ما ذبح للأهلة ، وإن ذبحه المسلم فلا يحل أكله .

قال ( وَالْمُنْخَنِقَةُ ُ ُ) يعني : من الأنعام كلها وغير ذلك إذا أوثقت فقتلها خانقها ، أو خنقت بغير ذلك فهو حرام .

(وَالْمَوْقُوذَة) التي تضرب بالخشب أو الحجارة أو بغير ذلك حتى تموت .

(وَالْمُتَرَدِّيَة) يعني : التي تُرد في بئر ، أو تقع من جبل فتموت .

(وَالنَّطِيحَةُ) يعني : الشاه من المعز أو غير ذلك تنطح إحداها الأخرى .فتموت .

(وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ) يعني : من الأنعام وغيرها .

ثم استثنى [من] المنخقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما اكل السبع فقال :

(إلا ما ذكيتم) يعني : ما ذبحتم وذكر اسم الله عليه فهو حلال .

ثم قال : ( وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) وهي حجارة كانوا ينصبونها فيعبدونها من دون الله ويذبحونها لها .

(وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) يعني : وحرم عليكم أن تستقسموا بالأزلام ، وهي القداح التي كانوا يستقسمون بها في أمرهم إذا أرادوا غزواً ووجهاً ، أخذ قدحين في أمرهما : أمرني ربي ، وفي الآخر نهاني ربي .

ثم يضربون بهما ، فأيهم خرج عملوا به على ما خرج .

قال ك (ذَلِكُمْ فِسْقٌ) يعني : ركوب ذلك مما نهى الله عنه في هذه الآية ، معصية ، ثم قال في التقديم :

(فَمَنِ اضْطُرَّ) يعني : فمن اضطر إلى أكل لحم شيء مما حرم الله في هذه الآية فأكله (فِي مَخْمَصَةٍ) يعني : في مجاعة (غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ) يعني : غير متعمد لمعصية .

وقال في سورة البقرة :

(غَيْرَ بَاغٍ) يقول : من غير أن يستحله (وَلا عَادٍ) لمن اضطر إليه (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) في أكله حين أضطر إليه (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ ) لما أكل من الحرام (رَحِيمٌ) به ، إذ أحل له الحرام للاضطرار ، نظيرها في الأنعام والنحل .

قال : من اضطر إلى حرام فليأكل منه قدر ما ينجيه من الهلاك ، ولا يشبع منه .

 

تفسير ما أحـل الله للمسلمين من الذبائح :

 

قوله غي سورة الأنعام :

(فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ) وذلك أن مشركي العرب قالوا للمسلمين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : تزعمون أنكم تعبدون الله ، وأنكم على دينه ، فما قتل لكم فلا تأكلوه ، يعنون : الميتة ، وتزعمون أنه حرام ، وما قتلتم بأيديكم تأكلونه ، يعنون الذبائح ، وتزعمون أنه حلال ، فالله أفضل صنعاً أم أنتم ؟ فجادلوهم في أكل الميتة فنزلت في سورة الحج :

(لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً) يعني : ذبائحهم (هُمْ نَاسِكُوهُ) يعني : هم ذابحوه (فَلا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ) يعني : في أمر الذبائح .

ونزلت في سورة الأنعام :

(فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) يعني : الذبائح .

يقول : إذا ذبحتم ذبيحة ، فأذكروا اسم الله عليها ، فكلوه فإنه حلال .

(إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ) يعني : بآيات القرآن (مُؤْمِنِينَ) يعني : مصدقين .

ثم قال : (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ) يعني : الذبائح (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ) يعني : قد بين لكم (مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ ) يعني : ما بيّن في سورة المائدة من (الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ) إلى آخر الآية .

ثم قال : ( إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً ) يعني : من مشركي العرب .

( لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) يعني : في أمر الذبائح وغيره .

(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ) .

قال : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) يعني : الميتة .

( وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) يعني : المعصية وأكل الميتة .

قال : (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ) يعني : إلى المشركين .

(لِيُجَادِلُوكُمْ) يعني : في أمر الميتة حين قالوا للمسلمين : ما قتلتم بأيديكم أنه حلال ، وما قتل الله لكم تزعمون أنه حرام .

فهذا جدالهم ، لقول الله (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ) في الشرك يعني : في استحلال أكل الميتة (إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) مثل كفرهم بالتنزيل فيكون كفرهم بالتنزيل مثلهم .

عن ابن عباس أنه قال :

من نسى أن يذكر اسم الله على ذبيحته فهي حرام ، إن علمتم نسيان اسم الله .

وقال أيضاً : من تعمد فلم يذكر اسم الله فهو حرام ، وهو آثم .

وقال : لا بأس بذبيحة الغلام الذي لم يحتلم ، إذا علم كيف يصلي ، وكيف يذبح ، ولا بأس بذبيحة المرأة والوليدة والأخرس . لعلة الأخرس الذي يعلم ذبيحته ، وكيف يصلون ، وإذا أحسنوا الذبيحة .

قال : ولا يحل أن يذبح بالعظم ، والسن ، والقرن ، والظفر .