تفسير ما أمر الله المؤمنين والمؤمنات بأن لا يسخر بعضهم من بعض :

قوله في سورة الحجرات :

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ) يقول : لا يسخر الرجل من أخيه المسلم ، فيقول له : إنك رديء المعيشة لئيم الحسب ، من نحو هذا من الكلام فيما ينقصه من أمر دنياه .

(عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ) يعني : خيراً عند الله .

( وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ ) عند الله .

(وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) يقول : لا يطعن بعضكم على بعض فإن ذلك معصية .

( وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ) يقول : لا يدع الرجل المسلم أخاه المسلم باسمه الذي كان عليه قبل الإسلام ، فيقول : يا يهودي ، أو يا نصراني ، أو يا مجوسي ، أو نحو هذا من الكلام .

ثم قال : ( بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ) يعني : بئس الإسم هذا أن تسميه باسم الكفر بعدما آمن .

(وَمَنْ لَمْ يَتُبْ) من قوله (فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) لأنفسهم .

وقال الله (أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) .

(الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) .

قال (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) . فلم يلعن الله مؤمناً ، وقد لعن الكافرين وأعدّ لهم سعيراً .

 

تفسير ما أمـر الله المؤمنين من اجتناب الظن والغيبة :

 

قوله في سورة الحجرات :

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) وهو الرجل يسمع من أخيه كلاماً يريد به سوءاً ، فيراه أخوه المسلم فيظن به سوءاً ، فإن لم يتكلم ، أو يعلمه بفعل فلا بأس به ولكن هو ذنب ، وإن تكلم به كتب إثماً.

قال : ( وَلا تَجَسَّسُوا) يقول : ولا يبحث الرجل عن عيب أخيه المسلم ، فإن ذلك معصية ، ولكن يستر عليه ويأمره بالتوبة في السر ( وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) . والغيبة : أن تقول عن أخيك المسلم ما فيه من العيب ، فإن قلت ما ليس فيه فهو البهتان العظيم . فوعظ الله المؤمنين قال : (يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) .

والبهتان يعني : الكذب ، وقد وعد الله الويل للمكذبين ، فقال : ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) . وقال :

( وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) . ثم ضرب للغيبة مثلاً فقال :

(أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً ) . يعني : إذا اغتبت أخاك وهو غائب فهو كأكل لحمه ميتا ( فَكَرِهْتُمُوهُ) يعني : كرهتم أكل لحم الميت ( وَاتَّقُوا اللَّهَ) في الغيبة فلا تغتابوا أحداً ، ولكن أؤمروا بالمعروف (إنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ ٌ) يعني : على من تاب (رَحِيم) بعد التوبة .