تفسير الزكاة :

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

" إن أول ما يحاسب به العبد في الآخرة , الإيمان , ثم بعد الإيمان الصلاة , ثم الزكاة , ثم سائر الأعمال كذلك يحاسب "

يقول الله لنبيه :{ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ *عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } (الحجر:92 ، 93)، وقال:{ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } (الإسراء:الآية36)، وكذلك يسأل عن حق القرابة والجيران والمملوكين وغيرهم .فأمر بالإحسان وأداء الحقوق إلى جميع هؤلاء .

 

وقال : الراعي يسأل عن رعيته يوم القيامة .

 

تفسير الزكاة المفروضة :

قوله في السورة التي يذكر فيها المزمل : { وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَعْظَمَ أَجْراً } (المزمل:الآية20) يعني: وأعطوا زكاة الأموال { وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } يعني: طيبة بها نفوسكم تحتسبها , { وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ } يعني: الصدقة فريضة كانت أو تطوعاً{ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً }يعني: جزاءً وافراً, { وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ } لذنوبكم{ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } .

 

فكان هذا بمكة يوم فرضت الصلوات الخمس المفروضة , والزكاة غير موقته , فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فرضت الزكاة , وبين وقتها، فنزلت بالمدينة في السورة التي يذكر فيها البقرة :{ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ }(البقرة:110) يعني: أعطوا الزكاة المفروضة ,{ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ } يعني: من مال في الصدقة{ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ } يعني: تجدوا ثوابه عند الله { إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }.

 

قوله في السورة التي يذكر فيها المجادلة :{ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ } (المجادلة:الآية13) يعني: الزكاة المفروضة أعطوها ,{ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }.

 

وقوله في السورة التي يذكر فيها التغابن :{ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } (التغابن:16) يعني: ما أطقتم{ وَاسْمَعُوا } يعني: مواعظه { وَأَطِيعُوا } يعني: أمره{ وَأَنْفِقُوا } الأموال يعني: في حق الله { خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } يعني : من يعط حق الله في ماله , ونفسه , وثبت على السبيل والسنة ومات عليها فقد أفلح , ومن أعطى الحقوق في جميع ماله , وفي نفسه ,فقد وقى شح نفسه .

 

تفسير زكاة الذهب والفضة :

قال : إذا بلغت الدراهم والفضة مائتي درهم , وبقيت , وتمت عند صاحبها سنة , ففيها خمس دراهم , فإن هي نقصت عن المائتين درهم واحد فليس فيها شيء , إلا أن يعطى من قبل نفسه شيئاً , وإن زادت على المائتين درهم , ففي كل أربعين درهماً درهم , وليس فيما دون الأربعين , في الكسور شيء إلا أن يعطي صاحبه ما شاء , والدنانير إذا بلغت عشرين مثقالاً وبقيت عند صاحبها سنة ففيها نصف مثقال , وإن نقصت عن عشرين فليس فيها شيء , وإن زادت على عشرين ففي كل أربعة دنانير عشر دينار , وليس فيما دون الأربعة دنانير شيء , إلا أن يعطى صاحبها ما شاء.

 

تفسير زكاة الطعام والنخل والعنب :

قوله في السورة التي يذكر فيها الأنعام

{ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ }(الأنعام:141) يعني: أنشأ منها المعروش , والكروم , وما يعرش من نحوه, وغير معروش .{ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ } إلى قوله { وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } يقول: أعطوا الزكاة والحب والثمار يوم كيله , والزبيب والعصير , قال : نزلت هذه الآية بمكة , فكان المسلون يعطون زكاة الحب , والثمار شيئاً غير مؤقت , فنزلت آية الزكاة بالمدينة , فصار ما كان يعطون غير مؤقت منسوخاً, فبين أمر الزكاة فيما كان في حرث بعلاً أو سيحاً فبلغ الطعام ثلاثمائة صاع يوم كيله في نوع واحد , خمسة أحمال ففيها العشر , فإن نقص من ثلاثمائة صاع فليس فيه شيء إلا أن يشاء صاحبه أن يعطى شيئاً .

 

وإن زاد ففي كل عشرة واحد , فهذا مما تسقيه الأنهار وتسقيه السماء , وإن كان مما يسقى بالسواني والرشاء والنواضح ,ففيه نصف العشر من كل عشرين, واحد. وليس في الصدقات خرص .

 

وذكروا عن عمر بن الخطاب , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"والتمر إذا بلغ خمسة أو ساق عند صرامه, ففيه العشر , وإن نقص فليس فيه شيء , وإن زاد على خمسة أو ساق ,ففي كل عشرة واحد ,وكذلك في العنب , ويخرص العنب كما يخرص التمر".

 

قال أبو الحواري : لا يوجد في هذا الموضع من يخرص العنب .