سورة القدر مكية وآياتها 5

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)

{ إنَّا أنزَلْنَاهُ } أي القرآن لدلالة لفظ الإنزال ولعظم شأنه حتى أنه يعلم بلا تقدم ذكر.

 

{ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ } ليلة العظمة فلان له قدر أي شرف وذلك لعظم شأن العابد فيها وعظم ثوابه ولأَنه نزل فيها كتاب ذو قدر بملك ذي قدر على رسول ذي قدر لأُمه ذات قدر وتنزل فيها ملائكة ذات قدر أو المعنى إظهار التقدير الأَزلي للملائكة بما في السنة من مطر ورزق وإحياءِ وإماتة أو في ليلة النصف من شعبان الليلة المباركة إظهارها وكتبها في اللوح وفي ليلة القدر دفع نسخة مصائب السنة لملك الموت ونسخة الأعمال لإسرافيل ونسخة الحروب والرياح والزلازل والصواعق والخسف لجبريل ونسخة الأرزاق والنبات والأمطار إلى ميكائيل.

 

وقيل يطهر الله تعالى ما قدر فتكتبه الملائكة في اللوح ليلة القدر أو ليلة القدر ليلة الضيف تضيق الأرض بالملائكة لكثرتهم فيها أنزل جملة من اللوح إلى السماءِ ليلة القدر من رمضان ثم جزء بعد جزء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بحسب الوقائع والحاجة في ثلاث وعشرين سنة أو في عشرين أو خمس وعشرين على الخلاف في مدته في مكة بعد البعثة.

 

وقال الشعبي بدأنا إنزاله ومر أن أول ما نزل اقرأ إلاَّ أنه روى أنه نزل اقرأ في العشر الأخيرة من رمضان فإن كان ليلاً أمكن كلام الشعبي أو يقال بدأنا إنزاله إلى السماءِ الدنيا لكن المعروف أنه نزل إليها مرة وكان في بيت العزة، وقيل أنزل إليها مفرقاً في ليال قدر عشرين سنة مثلاً لكل ليلة ما في العام وينزل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - منجماً في كل سنة ويجوز أن تكون الملائكة تلقيه على جبريل في تلك الليالي مقدار لكل سنة أو الهاءِ للقرآن باعتبار جملته وقطع النظر عن أجزائه فيخبر عن الجملة بأنا أنزلناه وإن كان من جملته إنا أنزلناه والجزءِ من حيث هو مستقل مغاير له من حيث هو في ضمن الكل.

 

وقيل المراد إنا أنزلناه في فضل ليلة القدر أو في شأنها أو الظرفية مجازيه كقول عائشة رضي الله عنها إني لأَحفر في نفسي أن ينزل في قرآن وقيل في للسببية والضمير للقرآن الدائر بين الكل والجزء وقيل بمعنى السورة ولا يأباه كون إنا أنزلناه في السورة لأَن الجزءَ من حيث هو مستقل الخ وقيل المراد بالسورة ما عدا قوله إنا أنزلناه في ليلة القدر.

 

وقيل المراد المجموع لاشتماله على ذلك والقول بأن ليلة القدر هي ليلة النصف شاذ يرده شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ولا تنتقل في رمضان خلافاً لأبى حنيفة ومحمد وأبى يوسف إذ قالوا تنتقل في كل ليلة منه، وقيل تنتقل في العشر الأوسط وقيل في أوتاره، وقيل في أشفاعه والمشهور أنها في العشر الأواخر لكثرة الأحاديث والجمهور على أنها في أوتاره واختير أنها سبع وعشرون وحلف عليه أبي بن كعب لحديث طلوع الشمس لا شعاع لها ولفظ مسلم عن زر بن حبيش سمعت أبي بن كعب يقول وقد قيل له إن ابن مسعود يقول من قام السنة أصاب ليلة القدر والله الذي لا إله إلاَّ هو أنها في رمضان يحلف ولا يستثنى والله إني لأعلم أي ليلة هي هي التي أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقيامها وهي ليلة سبع وعشرين وأمارتها أن تطلع الشمس من صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها.

 

وفي الترمذي وابن ماجة والنسائي عن عائشة رضي الله عنها قلت  " يا رسول الله ما أقول إنْ علمت ليلة القدر قال قولي اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفو عني " واختار جمع أنها تنتقل في العشر الأواخر أشفاعه وأوتاره.

 

وعن الحسن هي السابعة عشرة في صبحها وقعة بدر، وعن أنس وابن مسعود التاسعة عشرة، وقيل الحادية والعشرون لسجوده في ماء وطين في صبيحتها في ماء وطين قال أبو سعيد لقد رأيته سجد فيهما، وقال مسلم ذلك في صبيحة ثلاث وعشرين قال عبد الله بن أنس قال - صلى الله عليه وسلم - " التمسوها الليلة وتلك الليلة ثلاث وعشرون " .

 

وعن معاوية مرفوعاً " التمسوها آخر ليلة من رمضان " وكذا روى أبو هريرة فنقول تلك الروايات بحسب رمضان الذي هو فيه فهي تنتقل وقد قيل أول ليلة من رمضان وكذا جاء بحسب زمانه الذي هو فيه أنها ليلة بلجة سمحة صافية ساكنة لا ريح فيها ولا حر ولا برد كأن فيها قمراً ساطعاً لا يرمى فيها بنجم حتى الصباح ولا شعاع في صبحها للشمس أي لعظم نور الملائكة وليلة القدر وغيرها والأيام في كل مكان بحسبه فقد تدخل ليلة القدر في عمان قبل العصر في مضاب وتدخل في مكة عند العصر في مضاب.

 

وكذا طلوع فجرها في مضاب قد يكون ضحا في مكة وكذا وتر رمضان وشفعه كل ذلك يختلف باختلاف المطالع والأعراض والأطوال فقد لا يصح لذلك إطلاق أول رمضان وإطلاق آخره وقد تدخل في بغداد عند غروب الشمس وبعد نصف ساعة في إسلامبول والخروج على ذلك.

 

وتكون الليلة عند قوم نهاراً عند آخرين ويكون زمان الليل عند قوم بعضه ليل وبعضه نهار كأهل العروض البعيدة عن خط الاستواءِ وقد تنقضي أشهر بليل ونهار على قوم ولم ينقض يوم واحد فليلة القدر للعماني مثلا مما قبل عصرنا وخروجها قبل سحرنا ولكل منا ومنهم أجرها ونزول الملائكة على كل في وقتها عنده وقد تزاد وتريتها لقوم وشفعيتها لآخرين أو تعتبر ليلتها بالمدينة المنزل القرآن فيها فمن اجتهد في وقتها ولو نهاراً في البلاد البعيدة فله أجرها وهذا الخلاف في المطالع أو بالرؤية قد يكون ولو في إقليم واحد.

وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2)

عبارة تعظيم لا يعلم غاية شأنها إلاَّ الله فإما أن يكون قد بينها الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ومر ما قيل أن ما في القرآن من ما أدراك قد أعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - وما فيه من ما يدريك لم يعلمه إياه وإما أن المراد ما ذكر في السورة لا كل شأنها.

 

لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)

ثواب العمل فيها خير من ثواب العمل في ألف شهر كحمل رجل إسرائيلي السلاح ألف سنة للجهاد في سبيل الله تعالى كما في الحديث مرفوعاً وكما ذكر - صلى الله عليه وسلم - " أربعة من بني إسرائيل عبدوا الله تعالى ثمانين سنة لم يعصوا الله تعالى فيها طرفة عين أيوب وزكريا وحزقيل ويوشع " وعجب هو وأصحابه من الخمسة فنزلت الآية فهذه الأُمة يسمون عابدين بليلة واحدة ومَنْ قبلهم بعبادة ألف شهر فقد استقصر - صلى الله عليه وسلم - أعمار أمته وثواب أعمالهم بالنسبة إلى من قبلهم فأعطاه الله تعالى هذه الليلة وألف شهر هي ثمانون سنة تقريباً وإلاَّ فهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر ولا يحسن ما قيل أن ألف شهر هي ملك بني أُمية لأَنها أيام سوء في الغالب لظلمهم لبنى هاشم وغيرهم ولا يحسن الجواب بأنها أيام سعادة دنيوية وأن الله تعالى يقول أعطيتك ليلة هي في سعادة الدين أفضل من تلك السعادة الدنيوية وأما ملكهم في أندلس زيادة بعد ذلك العدد فلا يعترض به لأنه من طرف الأرض خارج عن أرض العرب وإذا فضلت ليلة القدر على مدة ملكهم كان تفضيلاً للكامل على الناقص وذلك ذم:

 

إذا أنت فضلت امرءا ذا نباهة     على ناقص كان المديح من النقص

 

وقال آخر:

 

ألم تر أن السيف ينقص قدره     إذا قيل هذا السيف خير من العصا

 

وجاءَ أثر أن كل ليلة فاضلة تستتبع يومها في الفضل والعكس وعن كعب اختار الله من الساعات أوقات الصلوات ومن الأيام يوم الجمعة ومن الشهور رمضان ومن الليالي ليلة القدر فهي أفضل ليلة في أفضل شهر.

 

والمراد خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر وهذا إذا اعتبرناها بأَلف شهر من زمان هذه الأُمة وأما إذا اعتبرناها بزمان من قبلنا فلا إشكال لأَنهم لا ليلة قدر لهم ولا جمعة بالفضل لهم بل الأَحاديث الواردة في فضل الجمعة وليلتها إنما هي بعد ليلة الجمعة وتحصلت من كتاب الديلمي لي نسخة عتيقة مجودة من بلد مليكش فهيا عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أن الله تعالى وهب لأُمتي ليلة القدر لم يعطها من كان قبلهم " ولم يصح حديث أنها للأنبياءِ وأنها تبقى بعدهم إذا ماتوا.

 

وزعم بعض الحنابلة أن ليلة القدر التي أنزل فيها القرآن أفضل من ليلة الجمعة للخير الكثير فيها وأن سائر ليالي القدر فليلة الجمعة أفضل منها، وذكر بعض الشافعية أن ليلة المولد أفضل من ليلة القدر ثم ليلة الإسراءِ ثم ليلة عرفة ثم ليلة الجمعة ثم ليلة النصف من شعبان ثم ليلة العيد، وعن ابن عباس في قوله تعالى{ وابتغوا ما كتب الله لكم }[البقرة: 187] أنه ليلة القدر.

 

تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4)

{ تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ } ليستغفر وللمؤمنين ويعتذروا عن قولهم{ أتجعل فيها من يفسد فيها... }[البقرة: 30] الآية إذ رأوا اجتهادهم.

 

{ فِيهَا } في ليلة القدر هذا كلام متعلق بقوله{ ليلة القدر خير من ألف شهر }[القدر: 3] ويبعد ما قيل أن الضمير لألف شهر والجملة نعت لألف وعلى كل حال الروح معطوف على الملائكة عطف خاص على عام لمزيته ولأنه النازل بالذكر والأصل في الواو العطف وفيها متعلق بتنزيل وأجيز أن تكون الواو للحال والروح مبتدأ وفيها خبر والضمير للملائكة وهو خلاف الظاهر لأنه إذا أمكن العطف فهو أولى من الحالية والمعية حيث تمكنان إلاَّ لمرجح ولأَن الأصل عدم تعدد الجمل وفي الحالية تعددها والروح جبريل عند الجمهور وقيل ملك يكون صفا والملائكة كلهم صفا السماوات والأرض كلقمة له.

 

وعن كعب ومقاتل الروح ملائكة لا تراهم الملائكة إلاَّ تلك الليلة كالزهاد لا نراهم إلاَّ يوم العيد ويوم الجمعة، وقيل حفظة على الملائكة وقيل خلق يأكلون ويشربون ويلبسون ليسوا ملائكة ولا إنساً ولا جناً قال الله عز وجل{ ويخلق ما لا تعلمون }[النحل: 8]{ وما يعلم جنود ربك إلاَّ هو }[المدثر: 31]، قيل هم خدم أهل الجنة، وقيل عيسى عليه السلام ينزل لمطالعة هذه الأُمة لشرفها وقيامها بوصفه كما هو ويزور قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وقيل أرواح المؤمنين ينزلون لزيارة أجسادهم، وقيل الرحمة كما قرىءَ لا تيأَس من روح الله بضم الراءِ ينزل الملائكة للأَرض ليزوروا وللتسليم على المؤمنين أو لتكون طاعتهم فيها أفضل مما قيل كما نذهب إلى المسجد وإلى مكة لذلك أو تنزل لتدرك ليلة القدر إذ لا ليل في السماءِ.

 

وفيه أن المراد وقتها في أي مكان لا ظلمتها، وقيل تنزل إلى السماءِ الدنيا وهو ضعيف وينزلون كلهم وتسعهم الأَرض مع أنهم أضعافها بإذن الله أو بتضامنهم وكونهم أنوراً لا تتزاحم أو ينزلون فوجاً فوجاً، وقيل تنزل سكان سدرة المنتهي أو بعضهم وهم أضعافها أيضاً وتسعهم لما ذكر، وقيل هم سبعون ألف ملك ينزلون مع جبريل بألوية من نور يركز هو وهم ألويتهم عند الكعبة وقبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وبيت المقدس ومسجد طور سيناءَ ويأمرهم جبريل بدخول كل مسكن ولو سفينة للتسليم على المؤمنين والمؤمنات ويستغفرون ويذكرون الله تعالى إلاَّ مسكناً فيه ملطخ بزعفران أو كلب أو خنزير أو خمر أو تمثال أو جنب من حرام، وقيل تنزل ملائكة التدبير كما قال من كل أمر والحق العموم.

 

{ بإذْنِ رَبِّهم } متعلق بتنزل أو حال من الملائكة والروح على وجه عطف الروح أو من الملائكة على أن الواو للحال أي ثابتين وإن قدر خاص فالحال الخاص بلا نيابة بإذن ربهم عنه أي ملتبسين بإذن ربهم وإذنه تعالى أمره وهذا تعظيم لأَمر نزولهم وللإشارة إلى أنهم يرغبون في المؤمنين فيؤذن لهم في الزيادة ولا يزورون إلاَّ المؤمنين ولا يصافحون العاصي حال عصيانه، وفي حديث أنس عنه - صلى الله عليه وسلم -" يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله عز وجل ولهم رغبة في سماع أنين المذنب التائب قال الله تعالى لأنين المذنبين أحب إلى من أصوات المسبحين أو يزوروا من ألفوا روحه من العابدين أو يصافحون أهل التوحيد عموماً ويستر الله ذنوبهم عنهم لحكمة ".

 

{ مِّن كُلِّ أمْرٍ } تعليل متعلق يتنزل والمراد الأَمر الذي يكون في تلك السنة ينزلون لتعيين إنفاذ الأُمور التي في السنة أو لإعداد القوابل لقبول ما أُمروا به وقد ينزل الواحد لأُمور وقيل من بمعنى الباءِ أي انزل بكل أمر من الخير والبركة.

 

وقيل من الخير والشر أو بمعنى باء السببية أو الملابسة، وقيل من للابتداءِ أو للمجاوزة والأَمر أمورها في السماءِ أي تنزل من أشغالها في السماءِ تتركها لما للمسلمين في الأَرض من الزيارة لهم والمصافحة وفي هذا تعظيم للمؤمنين جداً وقيل يتعلق بسلام بعد ولو كان مصدراً لأَنه ليس على معنى الموصول الحرفي والفعل مع التوسع في الظروف.

 

سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)

{ سَلاَمٌ } خبر { هيَ } مبتدأ أخر للحصر أي ما هي إلاّ سلامٌ مبالغة في كثرة السلام من الملائكة كأنها نفسها كلما لقوا مؤمناً أو مؤمنه يسلمون عليه من ربه عز وجل، وعن الشعبي هو تسليم الملائكة ليلة القدر على أهل المساجد من حين تغيب الشمس إلى أن يطلع الفجر أو بمعنى سالمة جداً وقال الضحاك لا يقضى فيها إلاَّ السلامة أي لا يتعلق قضاؤه إلاَّ بها وفيه أنه تقع المعاصي فيها إلاَّ إن أراد أنه لا يُظهر الله تعالى معاصيهم فيها.

 

وعن مجاهد سالمة من الشيطان وأذاه، روى أنه لا يخرج ليلة القدر حتى يضيءَ الفجر، ولا يصيب أحد بجنون أو نحوه فلعل ما يصدر من المعاصي إنما هو من نفسه الأَمارة بالسوء أو بوسوسة إنسان آخر وسوسته نفسه، أو المراد أنها سبب السلامة من الذنوب إلاَّ من ضيع العمل فيها.

 

{ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر } متعلق بسلام بمعنى التسليم أو السلامة ولا بأس بفصل المصدر عن متعلقه لأَنه في نية الاتصال أي هي سلام حتى مطلع الفجر أو يتعلق بتنزل أي لا ينقطه تنزل الملائكة إلى مطلع الفجر ولا بأس بذلك الفضل ومطلع اسم زمان أي وقت طلوع الفجر وهذا مغن عن جعله مصدراً على تقدير مضاف أي حتى وقت طلوع الفجر قالت عائشة رضي الله عنها " يا رسول الله ما أقول إن وافقتها قال قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني " ، وهذا دليل على أنها تنكشف لغير النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يختص انكشافها به.

 

وقد رآها الشيخ أبو العباس الويليلي أحمد في الجبل المشرف على مقبرة جدي محمد الذي جرى عليه نسب هذا في مضاب وغيره ورآها أصحابه وعباد كثيرون بعدهم وقد يراها من ليس موفياً، قال ابن حجر وهو علامة كبير له مدح للأَباضية الوهبية أنه ليس لرائيها كتمها، والصحيح أنه ينال فضلها من قصدها إذا وافقها عند الله تعالى ولو لم تنكشف له، قال أنس بن مالك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من صلى المغرب والعشاء في جماعة حتى ينقضي شهر رمضان فقد أصاب من ليلة القدر بحظ وافر " .

 

وقال سعيد بن المسيب من شهد العشاء ليلة القدر في جماعة فقد أخذ منها بحظ وافر، وفي ليلة القدر تسبح الملائكة ويستغفر لهذه الأُمة إلى مطلع الفجر فيصعدون فيقول أهل السماء لهم من أين فيقولون من ليلة القدر لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - فيقولون ما فعل الله تعالى بهم فيقول جبريل غفر لصالحهم وشفعه في طالحهم فيرفعون أصواتهم بالتسبيح والحمد لله تعالى شكراً على ما أعطى الأُمة ويشيعونهم إلى السماء الثانية على هذه الصفة والسؤال والجواب إلى السابعة فيقول ارجعوا إلى مواضعكم وإذا وصلوا سدرة المنتهي سئلوا وأجابوا كذلك فترفع أصواتها على حد ما مر فتسمع جنة المأوى ثم جنة النعيم وجنة عدن والفردوس ثم العرش فيرجع صوته كذلك ويقول يا رب فعلت بأُمة محمد - صلى الله عليه وسلم - كذا وكذا فيقول الله تبارك وتعالى نعم ولهم عندي مالا يعلمه غيري من عظم الكرامات، اللهم يا رب أسعدنا في الدنيا والآخرة، وصلى الله عليه سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.