سورة الماعون مكية وآياتها 7

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

 أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1)

 

{ أرَأيْتَ } يا محمد أو يا من يصلح للرؤية والاستفهام تشويق إل طلب معرفة المكذب ليتحرز عنه وعن متابعته وتعجيب منه والرؤية بمعنى المعرفة أو بصرية وكما تكون الرؤية علمية متعدية إلى اثنين تكون بمعنى المعرفة متعدية لواحد .


{ الَّذِي } مفعول رأيت وإن جعلت علمية قدر المفعول الثاني جملة معلقاً عناه أي من هو أو أليس مستحقاً للعذاب .


{ يُكَذِّبُ بِالدِّينِ } بالجزاءِ أو بشرع الله عز وجل وهو الإسلام والقرآن .

 

 

فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2)

 

جواب شرط محذوف أي إن لم تعرفه فذلك الذي يدع اليتيم والذي خبر ذلك أو فهم ذلك الذي يدع اليتيم فالذي تابع لذلك أو الفاء عاطفة داخلة على المسببة فإن دع اليتيم مسبب عن التكذيب بالدين ، والتكذيب بالدين سبب له وإشارة البعد تحقير أو للإشارة لعلة الحكم ما لو أتى بالضمير وأن الضمير لا شعور له به والمعنى يدفعه عن حقه وماله أو يقهره ويضربه ولا يواسيه .

 

 

وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3)

 

{ وَلاَ يَخُصُّ } أحداً من أهله أو أصحابه أو غيرهم من الأَغنياءِ أو من يجد ما يتصدق به لأَنه لا يرجو ثواباً أخروياً .


{ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ } اسم مصدر أي إطعام المسكين أو هو نفس الشيء الذي يعطى على حذف مضاف أي على مناولة طعام المسكين للمسكين أو إعطاءِ طعام المسكين ومعنى طعام المسكين إذا جعلناه بمعنى نفس ما يتصدق به الطعام الذي يستحقه المسكين ويحتاج إليه كأَنه ملك له كقوله تعالى { في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم } [الذاريات: 19] ولك أن لا تقدر مضافاً .

 

والمراد نفس ما يعطى لهذه النكتة من أنه كأَنه ملك له وفي هذه النكتة الزجر عن المن عليه فإنه إذا كان حقاً على صاحب المال للمسكين فإنما إعطاؤه كقضاءِ دين عليه له .

 

 

فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4)

 

المنافقين بإضمار الشرك الذين يصلون .

 

 

الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)

 

{ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ } قال أنس والحسن الحمد لله الذي قال عن صلاتهم ولم يقل فيها لأَن المؤمن يدخلها بقصد وإذا سهى فيها ندم وجبره بسجود السهو .


{ سَاهُونَ } غير معتنين بها يصلونها بلا طهارة وبلا حضور قلب وبلا رجاء ثواب ويتركونها تارة ولا يصلونها ولا يقيمون وظائفها من نحو الطهارة إلاَّ حيث يخافون أن يطلع عليهم ولا يخافون خروج الوقت ولا يندمون على تركها أو ترك وظائفها ولا يرجون لها ثواباً والإخلال بها عقاباً ولا يتمون ركوعها ولا سجودها وإن كان فيه توحيد ضعيف صلاها ولو بعد خروج وقتها أو قبل وقتها والتفت فيها وأشام واتهم والتفت يميناً ويساراً ويخرج عنها ولا يدرى كم صلى ويصلى تارة ويترك أُخرى والفاء للتفريع والعطف إذا ذم دع اليتيم وعدم الحض فأولى أن يذم تارك الصلاة التي هي عماد الدين والفارقة بين الكفر والإيمان .

 

 

وقيل في جواب شرط كأَنه قيل إذا كان دع اليتيم وترك الحض بهذه المثابة فما بال ترك الصلاة وقيل إن المصلين هم من ذكر قبل والمعنى إذا علم أن حالهم قبيح فويل لهم .

 

 

الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6)

 

الناس بصلاتهم إذا صلوا وبما يفعلون من أعمال الخير وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءَون الناس . . . الخ .

 

 

وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)

 

من أموالهم عن مستحقه وهو الزكاة عند على وابن عمر وابن عباس ويدل له ذكره بعد الصلاة كما أعتيد في القرآن ذكر الزكاة بعد الصلاة فهم يتركون الصلاة والزكاة ، وعليه الحسن والضحاك وقتادة والمعروف كله عند محمد بن كعب القرظي والكلبي وما يتعاراه الناس بينهم من متاع البيت كالقدر والمغلاة والفأس عند ابن مسعود وهو رواية عن ابن عباس وعنه كنا نعد الماعون على عهده - صلى الله عليه وسلم - عارية الدلو والقدر كما رواه أبو داود ومنع ذلك عن المضطر إليه حرام وعن غير المضطر مكروه وقيل ما لا يحل منعه كالماء والملح والنار .

 

 

قال العلماء يستحب أن يكثر الرجل في بيته ما يحتاج عليه الجيران ويتفضل به عليهم والمال عند الزهري وقال إنه لغة قريش ووزنه فاعول فالزائد الأَلف والواو والمعن الشيء القليل والزكاة وما يتعاور شيء قليل والمعروف في الغالب قليل من المال ، وقيل وزنه مفعل من العون بفتح الميم وضم العين نقلت ضمة الواو إلى العين وزيدت فيه الألف عوضاً عن المنقول عنه ، وقيل وزنه معفول بتقديم العين على الفاء من العون أيضاً صارت عينه مكان فائه هكذا موعون قلبت الواو ألفاً وكل من الزكاة وما يتعاراه الناس والمعروف يعان به مستحقه .

 

 

وقيل نزلت في أبى جهل جاءَه يتيم عار يطلب ماله فدفعه دفعاً عنيفاً ، وقيل في الوليد بن المغيرة وقيل في العاصي بن وائل السهمي ، وقيل في عمرو بن عائد المخزومي ، وقيل في منافق بخيل والعبرة بعموم الحكم لا بخصوص السبب ، وبعد فلا بأس بتفسير الآيات بهم لأَنه إذا أشرك إنسان فعل ذلك أو بعضه ورضي بالباقي والكلام على الترقي فإن ترك الصلاة أعظم من دع وعدم الحض عن طعام اليتيم لأَنها عماد الدين والفارق بين الإيمان والكفر والرئاء فوق ترك الصلاة لأنه الشرك الأصغر والزكاة شقيقة الصلاة وقشرة الإسلام وهى معاش قطعها ويؤدى إلى اختلاف غيرها ، اللهم اجعلنا ممن أدى الفرائض مخلصاً والله الموفق والمستعان وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .