طباعة
المجموعة: الشيخ العلامة إبراهيم بن عمر بيوض
الزيارات: 1604

السؤال:

حضرة الأستاذ الجليل: أرجوكم تحقيق القول فيما قرأته من بعض الكتب في سياق الحديث عن نزول القرآن الكريم، وقد وردت فيه العبارة التالية، (( فمنهم من قال إن الله أملاه (القرآن ) على جبريل عليه السلام مرة واحدة، وجبريل هو الذي ينزله حسب الأسباب، والمواقف على الرسول … ) وما رأي المذهب الإباضي في المسألة؟

 الجواب:

ما سمعنا قط بهذا القول الذي ذكرته في رسالتك، ونصه: (( فمنهم من قال إن الله أملاه ( القرآن) على جبريل عليه السلام مرة واحدة وجبريل هو الذي ينزله حسب الأسباب، والمواقف، على الرسول)، وإننا لنستغفر الله من كتابتنا لهذا الكلام الذي لا نظن بمسلم مؤمن بالله حق الإيمان أن يجرؤ على مثل هذا القول، والله تبارك وتعالى منزل الكتاب يقول في وصفه: "بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ" ويقول: "إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين" وكل ما بلغنا من خلاف إنما هو في تأويل قوله تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة القدر"، "إنا أنزلناه في ليلة مباركة"، "شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن" .

 

مع العلم بأن القرآن نزل منجما في بضعة وعشرين عاما، وهذا أمر يقيني لا شبهة فيه، ولا ريب، فرأى بعض العلماء اعتماداً على بعض الروايات أن نزوله في ليلة القدر في رمضان إنما هو نزوله إلى السماء الدنيا جملة واحدة في ليلة القدر، ومنها إلى الأرض منجماً كما هو معلوم، والمحققون على أن نزوله في ليلة القدر إنما هو ابتداء نزوله، والآية من القرآن تسمى قرآنا، و مهما يكن فإنه لا يجوز أن يقال إن جبريل هو الذي ينزله حسب الأسباب، والمواقف، على الرسول بعد أن كان حفظه جملة قبل ذلك، فإن القرآن كلام الله، وهو الذي ينزله على رسول محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل الروح الأمين، والله وحده عالم الغيب والشهادة، العليم بمقتضيات، و أسباب النزول، فيوحي بما يشاء إلى الروح الأمين ليبلغه إلى الرسول الأمين الذي يبلغه إلى الناس أجمعين، وهذا من الأمور الغيبية التي لا ينبغي الخوض فيها؛ لأن حقيقتها لا تعرف إلا بوحي من الله، وقد انقطع الوحي، وختمت الرسالة بموت خاتم النبيئين فلا مطمع في الوقوف على حقيقة ذلك.

 فليست المسألة مسألة مذاهب فقهية حتى تسأل فيها عن مذهب الإباضية، ونسبة التنزيل حسب الأسباب والمواقف إلى جبريل من محفوظة المنزل عليه قبل فيه من الخطر ما فيه، فاتقوا الله وكفوا عن هذا.