سؤال : وعن قوله تعالى ( فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) .. ؟

 

الجواب : هذه الآية الخامسة والخمسون من سورة التوبة وهي في المنافقين الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر بالله وبرسوله وباليوم الآخر والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ولكلِّ من يصلح فالخطاب بمثل هذا له ولأمته والإعجاب بالشيء استحسانه سواء أكان للمعجب به أم لغيره مع افتخارٍ به أم بدونه خصِّص به أم كان منه لغيره، والمراد لا تكثرن بما أعطاهم الله من أموال وأولاد فضلاً عن أن تُعجبك لأن ذلك استدراج من الله ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) فتعذيبهم بالأولاد اشتغال قلوبهم بهم واجتهادهم فيما يسرهم ويليق بهم وإزاحة ما يسؤهم والحميَّة عليه وجمعهم الأموال لأجلهم وحزنهم وجزعهم بموتهم لأنهم لا يرجون لقاءهم بالبعث لانكارهم البعث ولا يرجون ثواب المصيبة لفقدهم، بخلاف المؤمن فإنه يرجو لقاء ولده لأنه مؤمن بالبعث ويرجو له الثواب ويرجو ثواب الله على فقده والمصيبة به وتعذيبهم بالأموال اشتغالهم بجمعها والمحافظة عليها واهتمامهم بها وتعبهم فيها وفيما يلاقون من الشدائد من أجلها لأنها المقصود لهم بالذات والمؤمن ولو كان يحصل له ذلك كله بالأولاد والأموال لكن لا يرغب فيها لذاتها بل ليتوصل بها للآخرة ولأنه يثاب على ما يصيبه مما يكره ويموت غير كافر .

والمنافق تخرج روحه وهو كافر ( وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ) فيعذبون بعذاب الآخرة لكفرهم وعدم استعدادهم لها كما عذبوا في الدنيا.

 

والمعنى أن الله ينهانا أن نعجب أي نستحسن بل أن نكترث بقوة من كفر بالله تعالى وإن تظاهر بالإيمان سواء أكانت تلك القوة أموالاً وأولاداً وعشيرة وجنوداً أم صحة ومنعة مع رئاسة وملك ، فالعزة والملك لله جل جلاله وعظم سلطانه . ويخبرنا أن نعلم أن ذلك إنما هو استدراج وكيد ومكر ومكر به من الله والعياذ بالله.