كان الإمام أبو سعيد الكدمي[1]-رحمه الله-خازناً على المحبوسين منذ أن بلغ الحُلم، وكان لأبي سعيد يومئذٍ نخلة، وخمرة- وهي شجرة العنب- قيل: إنه يأكل من ثمر النخلة بلا خُبز ولا حِلاء، وله ثلاث نسوة مؤسرات، لا يأكل من مالهن شيئاً، وقد أخذنه لأجل علمه، وأحسب أنه كان يُقسِّم النخلة على السنة، والخمرة للكسوة- فيما قيل- هذا هو الزهد لمن عقله . (تحفة الأعيان، ج1 / 277)

***

   إنه الزاهد الورع الإمام أبو سعيد الكدمي- رحمه الله- صاحب الكتاب الشهير « كتاب الاستقامة » في الولاية والبراءة؛ الذي قال عنه وعن صاحبه العلامة نور الدين السالمي- رحمه الله-:

   « كتاب الاستقامة لمفتي الأمة ومنقذها من الظلمة، أبي سعيد محمد بن سعيد الكدمي t ألفه في الرد على من خالف سيرة السلف، في الحكم على بعض الخارجين في زمان الإمام الصلت بن مالك، وأوسع فيه القول حتى خرج عن المقصود، وصار كتاباً مستقلاً في أصول الدين، تحتار فيه الأفكار، وتقصر عن درك كنهه الأنظار، فصار بركة عامة، ونعمة خاصة بأهل الاستقامة، وقد أطبق المشايخ قديماً وحديثاً على الثناء عليه، مع ما فيه من طول، غير أن تحت ذلك الطول فوائد، وتحت كل حرف فرائد، فأبقوه على حاله، كلما تحرك متحرك للاختصار قعدت به همته بعد النظر، فهو كرامة لمؤلفه، ونعمة على اتباعه » اهـ.

***

   أما الزهد: فهو ترك الشيء احتقاراً له، واستغناء بما عند الله، وله أنواع: أولها زهد عن الحرام، وهو واجب على كل مسلم، والثاني: الزهد عن المباح الذي يحذر من فعله البأس، ولكنه غير محجور، وثالث الأنواع: الزهد عما ليس به بأس، وهو زهد خالص لله عزوجل؛ لأنه ينبع من العرفان بالله سبحانه، مع علم بحقائق الأمور، ساعتها يزهد عن كل الفاني من متع هذه الدنيا .

   وقد قيل: بأن معنى الزهد يتضح من مبناه، فهو على ثلاثة حروف ( زهد )، فالزاي: زهد عن زينة الدنيا، والهاء: زهد عن هواها، والدال: زهد عن الدنيا بأسرها، والعلم لله وحده .

   وغاية الزهد أن يكون نابعاً من خشية مقام الرحمن ونهي النفس عن العصيان قبل ترك أي مباح، ذلك هو الزهد لمن عقله، يقول جل ذكره:) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى( [2].  

   هكذا كان الإمام أبو سعيد الكدمي- رضوان الله عليه- في زهده وورعه، يعف نفسه عن أموال أزواجه- رغم أنه الحلال- تنزهاً وتعففاً، لا يأكل من مالهن شيئاً، وقنع بالكفاف من القوت، فأغنته نخلة وشجرة عنب عن طلب الزائد من لذات الدنيا، فهو يقتات من ثمر نخلته المباركة، وعلى ثمرها يعيش، ويبيع ثمرة شجرة العنب فيشتري له ثياباً يلبسها، تلك القناعة في أسمى معانيها وأجلى مراميها:

أبو سعيدٍ نخلةٌ وكرمة  ‍  يملك كان شاكراً للنعمةْ
منها طعامُه، ومن كرمتِهِ  ‍   ثيابُه، لا مِن غِنى زوجتِهِ
كانت له الزوجاتُ معها المالُ  ‍ يعفُّ عنه وهو الحلالُ
والعبدُ لا يُرزقُ حُلوَ الأُنسِ  ‍  باللهِ قبلَ رفضِهِ للنفسِ[3]

   وحقيق بمن عَمَرَ قلبَه الإيمانُ، واشتغل بطاعة الله- جل جلاله- أن يستغني بقليل الدنيا عن زهرتها وبريق زخرفها، فقليل القوت من الحلال مع استغنائه بطاعة مولاه يورثه الغنى من غير مال، والسيادة من غير سلطان، والرضا من غير سُخط، فإن من عرف حقيقة دنياه، وأنها على زوال علم أنه ما نال منها يغني عن باقيها؛ بل ربما يكون في الباقي حتفه وهو لا يشعر، جاء في الحديث عن السيد المصطفى والنبي المجتبى r « من أصبح آمنا في سربه، معافىً في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها »[4] .

   إن الإمام أبا سعيد- رحمه الله- جعل أسوته سيد البشرr، عن عبد الله بن مسعود t قال نام رَسُول الله r على حصير فقام وقد أثر في جنبه.قلنا: يا رَسُول الله لو اتخذنا لك وطاء. فقال: « ما لي وللدنيا! ما أنا في الدنيا إلا كراكبٍ استظل تحت شجرة ثم راح وتركها »[5]، ذلك امتثالاً منه r لما أمره ربه جل وعلا في قوله ) وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى، وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ([6]:

يا آيةً قد نزلت في طاها  ‍  كفى بها زجراً لمن تلاها
« ولا تمدّنَّ » يقول الباري     «عينيكَ» فافهم سرَّها يا قاري
‍أنت الذي خوطبتَ ياخليلي  ‍  إذا عقلت حكمة الجليلِ
فلا تظن الزجر والوعيدا  ‍    للمصطـفى أُرِيد والتهديدا
فالمصطفى أكمل من تأدبا  ‍   بأدب الله وكان المجتبى
طهره من حين ما اصطفاهُ  ‍   وإنما يعني به سواهُ
ولم يكن طرفة عينٍ رَكنا  ‍   قطُّ إلى زهـرة هـذه الدُّنا
سريرُهُ  مُرمَّلٌ بالليفِ  ‍   أثَّر في بدنه الشريفِ
لما رآهُ عُمرٌ وقد بكى  ‍   قال له: يا عمرٌ دعِ البُكا
لا تغترر بقيصرٍ  وكسرى  ‍   أُولاك لا حظَّ لهم في الأخرى[7]

إن زهد أبي سعيد- رحمه الله- صورة صادقة لسيرة المصطفى- عليه الصلاة والسلام- الذي أدبه ربه بأعظم دروس الزهد والتقوى، فعاشها كما علمها، وزهد في المال والمال بين يديه، وترك الدنيا وقد أقبلت عليه، وتزينت له فما خدعه بريقها، ورفلت بحللها فما تابعها ولا التفت إليها:

رضوا من الدنيا بقوت الأُكلِ  ‍  وفارقوا الغِيدَ ذوات الكللِ
لم تختلبهم بالعيونِ النُّجلِ  ‍  ولا بفضفاضِ نعيمٍ دغفلِ
ولا سماعٍ من غناء زجلِ  ‍   صُمٌّ عن اللهو وقول الهزلِ[8]

     إن خلوة المرء بنفسه، وتحصيله لدرسه، مع القيام بطاعة الله، ونشر الخير في الناس بالدعوة الصادقة والحكمة البالغة، ولو شحت موارده، وقل ما في يديه وبات طاوياً، خير من نعيم أطغاه وأنساه طاعة الله، مع غُصص تبعاته، وتتابع حسراته، وتوالي كرباته، فالناجي من رحل إلى مولاه بحمل خفيف مع تقل موازينه بالحسنات والأعمال الصالحة، والثقيل من حمل الدنيا على ظهره، وتشبَّع من تبرها وترابها، وحرامها وحلالها، ونسي ما لأجله خُلِق، تلك الغفلة التي ما بعدها غفلة!

   إن هذا الشيخ الزكي لم يُمثِّل الزهد على أنه انزواء عن الدنيا، بدون أن يكون محققاً لمقصد الخلافة في الأرض، وإنما عاش في الدنيا بتواضعه، وعمر الأرض علماً وعملاً، وحكماً وفصلاًً، فكم ترك من علوم! وكم بصَّر من عمى، ومؤلفاته وتلامذته أعظم شاهد على فهم عميق لمقاصد الشرع الشريف، والسعي في نشر الخير وإقامة الحق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

***

   هذا الموقف النبيل من هذا الشيخ الجليل، في زهده لما حوته خزائن أزواجه من الأموال، ليوقفنا على رؤوس قضايا كبرى، قد طغت فيها بعض الموازين، وانساقت أهواء النفوس والشهوات وراء اقتناصها، بلا إنصاف أو هدى منير، من ذلك: مهر الزوجة، وراتب البنت، وحق المرأة عامة في التملك لأموالها، وتثميرها بالحلال .

   أما مهر الزوجة فلا بد من الإشارة إليه والوقوف عليه، مع أن الله قد جعله حقاً محضاً للمرأة دون غيرها، لا تنازع فيه ولا تخاصم، ولا تمتد الأيدي إليه إلا عن طيب نفسها، فقد قال جل جلاله: ) وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً([9] .

   ومع ذلك فإنك تجد ضروباً من الحيف، وصنوفاً من الجور، وصوراً من التفنن في منازعتها مهرها الذي فرضه لها ربُّها، فالولي تارة يأكله صرفاً بدون رضاها، لا يعطيها منه حبة خردل، بل ربما لم تبصره بعينها، ولكنه من يمين الخاطب إلى يمين الولي، أباً كان أو أخاً أو عماًّ أو نحوهم .

   ويعدُّ الولي ذلك الاستحقاق بزعمه أقل أتعابه على تربيتها ودراستها، بما صرف عليها وأنفق، كأنما كان يُسمِّن دابة، فلما بلغت أشدها باعها وقبض ثمنها .

   ومن ضروب أكل مهرها تقسيمه على الورثة كأنه تركة؛ بل أوسع دائرة من التركة، لأبيها كذا، ولأمها كذا، ولإخوتها وأعمامها وعماتها وأخوالها وخالاتها، والقائمة طويلة الذيل، لو استقصيناها ما أحصيناها .

   ومن بدائع ما نسمع أن الأخ يخطط لزواجه بمهر أخته، بل الأب يفكر في زواجه من الثانية بمهر ابنته، وما ذلك- لعمر الحق، في ميزان الله- بشيء، إنما هو سحت وحرام، وإجرام في حقها ما بعده إجرام .

   أما الزوج فإنه لا يُعدم من الانتفاع به، فإن سلم المهر من أهلها، وانتقلت إلى زوجها، فإن لم تعطه شيئاً منه ضارَّها حتى تسلمه إليه كارهة، مع أن الله قد توعَّد بأليم العقاب من يهم بأكله بغير حق عندما يريد استبدالها بغيرها، ولو كان قنطاراً من المال، يقول جل ذكره: ) وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً، وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً([10]، حقاً إنه أمر كله عجب .

   وكل الصور الآنفة ظلمات بعضها فوق بعض، وفي مثلهم جاء الوعيد الشديد، في أكل المال عدواناً وظلماً بغير تراضٍ، مهما كانت صورته، يقول سبحانه: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً([11] .

   نعم، يحل للولي أو الزوج أن يأخذ من مهرها أو مالها برضاها، والتعفف خير، لا أن يأكله قهراً، شاءت المرأة أو لم تشأ، أو أن يُقتسم قبل أن يُستلم، فليتقِ الله من يخاف سوء الحساب .

***

   كذلك الشأن في عامة مال المرأة، فهي أحق بتملكه والتصرف فيه، فلها حق الاكتساب والتملك كاكتساب الرجل وتملكه، يقول العلي العظيم: ) لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ ([12]، ولم يُلزمها الشرع الشريف أن تنفق على نفسها أو لدها شيئاً فضلاً عن زوجها، بل الزوج ولو كان مُعدماً كان لزاماً عليه النفقة على زوجه وولده، أما هي ولو كانت موسرة لا يجب عليها شيء من ذلك، وإنما إنفاقها على زوجها وولدها بما عندها تفضُّلٌ منها .

   ولكن من انسدَّ فهمُهُ وحار فكرُهُ، ظن بأن الزوجة وما حوت مِلك يمينه ورهن إشارته، يأخذها ليصل بمالها ماله، وليثري على حسابها، وربما يعقد الصفقات اتكالاً على ما في يديها من حلال مالها، وكل ذلك لا يحل إلا عن طيب نفس .

   ومن المضحكات المبكيات تسارع بعض الخُطَّاب لخطبة الفتاة لثروة أبيها، أو لمرتبها ووظيفتها، ولا عجب أن نسمع أسمج العبارات ممن يقول: أريدها سكنية تجارية!! إنها عبارات سخيفة رخيصة تنم عن سخافة الفهم وسوء العقل، كأنما صارت المرأة قطعة أرض أو بضاعة يُساوم عليها .

   والشرع لا يمنع شيئاً من ذلك مع سلامة المقصد وصلاح الطوية، لكن أن يسيل لعابهم لذلك، فأي كرامة تبقى للمرأة الحرة الصينة التي كرَّمها الإسلام؟!

***

   ومن الصور التي أفرزتها الحياة أن يمنع الأب أو الولي ابنته من الزواج لأجل مرتبها، حتى يستوفي ما أنفق عليها بزعمه، كأن لم يكن واجباً في عنقه، أو لا يزوجها رأساً، ولا يعنيه مستقبلها أو ما تعانيه، فتتحطم نفسيتها، وتفقد كيانها، فتكتوي بلظاها، والولي كاد أن يكون وحشاً لا تقطر من قلبه قطرة رحمة أو رأفة، وكم من مآسٍ في المجتمع، وقصص نعلمها تقطع الأكباد، وتقرح العيون، أيها الولي، أترضى لابنتك شتات أمرها، وضياع عمرها؟ فإنك أمام الله مسئول فما أنت قائل؟ فرفقاً بجسمك الضعيف، فإنه لا يطيق عذاب الله الأليم .

   ومن الأولياء من يزوجها ولكن يشترط راتبها له دون الزوج، أو يجعله بينه وبين زوجها مناصفة، وغفل هؤلاء أنها هي صاحبة الحق في المقام الأول، فمالِ هؤلاء القوم لا يفقهون حديثاً؟!

   إن هذا الرجل الصالح والعالم الناصح أبا سعيد- يرحمه الله- أراد أن يصور أمامنا ذلك الزوج الطاهر الزكي النقي العفيف الورع الزاهد؛ الذي لم تمتد يده إلى شيء من أموال أزواجه رغم حاجته، ولم يسل لعابه- كما يفعل غيره- على ما بأيديهن من الثراء والجاه، ولو أخذ منه لكان حلالاً طيباً، ولو طلبه كله منهن ما منعنه شيئا، ولطابت نفوسُهن بذلك ) فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً(، كيف لا، وهن اللائي تزوجنه لأجل علمه، وورعه، وصلاحه، وزهده، وتقاه! فيالله ما أكبرها من نفوس! وما أحسنها من خِلال! وما أكرمها من معاملة! وما أرفعه من زهد! وما أنبله من زوج، ) وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ([13] .

   إن الإمام أبا سعيد الكدمي- رضوان الله عليه- حاسب نفسه على الصغير والكبير، وخشي من حلاوة لذة تعقبها حسرة، بل إنه يعمل عمل من يرى مراقبة الله في كل أمر من أموره، وهو لا يحب أن يتوسع كثيراً في المباح من الحلال، حتى لا ينسى مَن خلقه فسواه، ومَن تفضل عليه بما هو فيه من علم وخلق ودين ومنزلة، أليس هو القائل في معرض حديثه عن الذنوب: « وقد قيل عن بعضهم أنه قال: كل من عصى الله تعالى به من المعاصي فهو كبير، لذلك لا تنظر إلى صغير الذنب، ولكن انظر إلى من عصيت، يعني: انظر إلى من عصيته إذا عصيته، فأبصرت من عصيت، عصيت عظيماً كبيراً، فجميع معصيته عظيم كبير؛ لأنه لا يشبهه شيء تبارك وتعالى، كذلك معصيته لا يشبهها شيء من المعاصي، من معاصي غيره من خلقه »[14] .

   فليكن أبو سعيد- رحمه الله- ماثلاً في كل زوج، في عفة نفسه مع زوجه، وغنى قلبه وخشيته من ربه، حتى يُشرق الحق ويسطع نوره في ظلمات الحياة .

 

[1]- هو الشيخ العلامة أبو سعيد محمد بن سعيد بن محمد بن سعيد الناعبي الكدمي-رحمه الله-، وكُدم من أعمال الحمراء، وأبو سعيد من كبار علماء عمان المحققين وأئمته المجتهدين، عالم فقيه، ومن أبصر العلماء في أحكام الولاية والبراءة، ومؤلفاته أشهر من أن تذكر، منها: كتاب الاستقامة بسط وتوسع في أحكام الولاية والبراءة، وكتاب المعتبر، وتعقيبات على كتاب الأشراف للمنذر النيسابوري، والأثر مشحون بأجوبته وتحقيقاته القيمة الراسخة، وقد ولد سنة 320 للهجرة على التقدير، وعاصر أبو سعيد-رحمه الله- إمامين هما: الإمام سعيد بن عبدالله بن محمد بن محبوب، والإمام راشد بن الوليد- رحمهما الله .  

[2]- النازعـات:40 ، 41

[3]- جوهر النظام، ج2 / 270 ، باب الزهد .

[4]- رواه الترمذي ( الترغيب والترهيب، ج1/590 )

[5]- رواه البخاري وأحمد والحاكم في مستدركه .

[6]- طه ( 131 ، 132 )

[7]- سلك الدرر، ج2 / 497

[8]- لامية ابن النضر ( مخطوط ) .

[9]- النساء/ 4

[10]- النساء / 20 ، 21

[11]- النساء: 29 ، 30

[12]- النساء: 32

[13]- المطففين : 26

[14]- المعتبر، ج2 / 205