كان الشيخ درويش بن جمعة المحروقي[1]- رحمه الله- زاهداً في المادة يحتقرها ويعزف عنها، وكان ورعاً يتنزهه عن أدنى شيء يضره، ومن ذلك:

   أنه اكتال يومًا بيده قمحًا من أحد التُّجَّار، وعندما ذهب إلى منزله أحسّ بشيء بين خاتمه وأصبعه الّتي عليها الخاتم، فإذا هي حبّة قمح واحدة، فبقي هنيهة يحاسب نفسه أهي ممّا اكتاله واشتراه، أم لم تدخل في الشّراء وتعود إلى التّاجر. فرجح- رحمه الله- أنّها للتّاجر، وأعادها له . (إتحاف الأعيان، البطاشي: ج3/169)

***

   لا غرابة أن يصدر هذا الموقف الإيماني من رجل اتصف بالغيرة على الدين، والتمسك به في كل أعماله، لا يهتدي في سلوكه إلا بالمصطفىr وصحابته الكرام، عليه خشوع العابد، وهيبة العالم، وجلالة الفقيه .

   اتصف- رحمه الله- بالتواضع مع لين العريكة للناس، يصغي للكل، إذا حدَّث لا يشمخ ولا يَزْورُّ، مع غزارة علم وسعة أفق، وغوص في أعماق فقه الشريعة، لذلك كانت العامة تسأله عن دينها وتستفتيه في المسائل، وهو يجيبهم بصوت هادئ لين لطيف، يدل على الحدب ورعاية الكبير للصغير .

   إن هذه الأخلاق الزكية والمواقف الصالحة لم يذكر التأريخ منها إلا القليل في حياة هذا الشيخ الجليل، ولكن باستطاعتنا أن نستجلي عشرات المواقف من ورعه وتقاه، من خلال النظر فيما حبَّرته يداه في كتاب الدلائل وغيره من مؤلفاته القيمة، فما كتبه هو ترجمان لما عاشه .

   يقول- رحمه الله-:« فاعلم أنّك قد دخلت في الدّنيا فخذ حذرك من لزوم التّبعات، وكن ورعًا هيوبًا غير مسارع إلى أخذ الأشياء المشتبهات، متيقظًا عن دقائق أخذ أموال النّاس في جميع المعاملات »[2] .

   تحذيره من تقلّد المسؤوليات إلاّ إذا كان أهلاً لذلك لما فيه من المخاطرة والأمانة، يقول- رحمه الله- في باب الأحكام: « فلا يحملنك الطّمع في الجاه وحبّ المال في أن تحمل الثّقل، فإنّك تمشى خفيفًا أهون عليك من أن تمشي مثقلاً »[3].

   أمْرُه بالتنزّه عن المباح، كما في طلب المرأة الخلع من زوجها وإرجاع المهر إليه وهو أمر جائز للزّوج إلاّ أنّه- رحمه الله- يقول: « فإذا طلبت منك الهرب وبذلت لك ما سقته إليها، فإن أردت الدّرجة العُلياء للآخرة والدّنيا فطلقها، واعفُ عن ما في يدها »[4].

***

   ما أروع سمو الحق في سلوك الصالحين وحياتهم، إذ عاشوه واقعاً قبل أن يُحبِّروه في مؤلفاتهم، وتلك هي قوة الحق لا تُكتسب من ألفاظها، وإنما من واقعها ومعناها الراسخ في النفس .

   وهذا الموقف الذي نحن بصده من هذا الرجل الصالح الورع يحمل خصلتين عظيمتين وخُلُقين كريمين: أولهما: الورع والتعفف عن أكل الحرام، وثانيهما: مراقبة الله المطلع على كل شيء، وكلا الخصلتين جليل القدر، عظيم الخطر، شريف المعنى، رفيع المبنى، ولكن سنقتصر هنا على الخصلة الثانية دون الأولى، وهي مراقبة الله تعالى، ونرجئ الحديث عن الأولى إلى مواقف قادمة- بإذن الله .

   إن مراقبة الله عزوجل حقيقة غزيرة المعاني، وبحار نورانية لا يُدرك قعرها، وينابيع دفَّاقة تتفجر جوانبها بمحاسبة النفس في السر والعلن، حتى تسير في دروب الخير غير لاوِيةٍ على شيء من متاع الدنيا الزائل .

   ولعل أروع صورة للمراقبة الصادقة ما جاء في حديث جبريل u عندما سأل الرسول الكريم r عن الإحسان، فأجابه « أن تعمل لله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك »[5]، إنه عين المراقبة وصدق المحاسبة، وإن غاب الرقباء فعين الله حاضرة لا تغيب ولا تزول، ) يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ([6]، ) لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى، وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى، اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى([7] .

   إن الشيخ درويش- رحمه الله- حاسب نفسه محاسبة عظيمة، لكن على ماذا؟ على حبة قمح اختبأت تحت خاتمه، لعلها مما اشتراه واستحقه بماله، ومع ذلك رجَّح أنها ليست له فأرجعها للبائع، وهب أنها لم تكن واقعة في نصيبه، وليست مما اشتراه، فماذا تعني حبة قمح واحدة؟! إنها تعني مع الشيخ شيئاً كثيرا، إنها حق غيره لا يحل له أخذه لو كان ما كان في القلة والصغر .

   إذ أكل حق الناس بغير حق- ولو قل- يكِبُّ صاحبه في نار جهنم، فهو يقتطع جذوة من النار بأخذ ما ليس له، وهذا هو عين ما ورد في السنة المطهرة عن الهادي الأمين- عليه أزكى الصلاة والتسليم- فإنه قال r: « القليل من أموال الناس يورث النار»[8]، وقوله « من اقتطع حق مسلم بيمينه حرَّم الله عليه الجنة وأوجب له النار» قال له رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله r ، فقال رسول الله :r « وإن كان قضيباً من أراك »[9]، وقوله عليه الصلاة والسلام « لا يحلبنَّ أحدُكم ماشية أحد بغير إذنه »[10]، وقوله « رُدُّوا الخيط والمِخيط، وإياكم والغُلول فإنه عار على أهله يوم القيامة »[11] .

   فإذا كان هذا الوعيد الشديد- كما رأينا- وقع في قضيب الأراك، وحلبة الشاة- أي لبنها- والخيط والمخيط- أي الإبرة- فحبة القمح مثلها في حرمة أخذها بغير الحق، وهذا فهم عميق من الشيخ درويش للنصوص الشريعة، وتنزيلها على كل شيء في هذه الحياة .

   عجباً لهذه النفوس الزكية والقلوب الطاهرة التي راقبت الله في حبة قمح، فكيف بما هو أعلا من ذلك؟ لا شك بأنها أشد مراقبة وتهيباً وتحرزاً وتحوطاً وورعاً .

   وليس ذلك ببدع على رجل عاش المراقبة في كل حركاته وسكناته، وما أحلى وأجمل وأبهى أن نستقرئ بعضاً من سطور تلك المراقبة وصورها في مؤلفاته، مما ينُمُّ عن قوة الإخلاص واليقين، ودقة المراقبة والمحاسبة .

   يقول في كتابه الدّلائل: « ولا تكن مثلي فإنّي قد غلبتني نفسي على ما أهوى »[12].

   ويقول في مقدّمة كتابه « الفكر والاعتبار»: « وإنّي لا أبلغ فيمن سبقني عُشْر العشر في جميع أموري، وليتني أعظ نفسي وأنصحها عن لهوي وغروري، لكنّ النّاظر والسّامع يسعى لمصلحته، ولا يلتفت إلي ولا يقتدي بي في تكاسلي، وعجزي في طريق مسيري »[13].

وقال في رسالة وعظية له:« وينبغي لهذا العبد الضعيف إذا تمكّن وتسلطن، ونال مرتبة في هذه الدّنيا الدّنيّة، أن يذكر نعمة الله تعالى عليه ويعرف فضله عليه... ويبذل نفسه في طاعة الله ليلاً ونهارًا لفظًا باللّسان واعتقادًا بالجنان... وينبغي له أن يشاور في جميع أموره العلماء الصّالحين الخائفين لله , وإخوانه وأعوانه ومحبيه »[14].

   وقال في معرض حضه على صلاة الجماعة:« فإذا عرفت يا أخي الطّهارة والوضوء والصّلاة معرفة صحيحة فلا تغفل عن صلاة الجماعة، بل حافظ عليها وواظب مواظبة الحريص على الدّنيا، فإنّ فضلها عظيم وثوابها لمن يسر الله له ذلك جسيم، فإذا سمعت النّداء فكن متأهبًا لها بالطّهارة التامة، وإن قدرت أن لا يفوتك أبدًا فافعل، فثوابها لا يعلم به إلاّ الله، ولا تدع الرّجال يسبقونك فيحلّ لك الغبن العظيم.. وقد وجدت في بعض الكتب أنّه كان في الزّمن الأوّل في بعض الأمكنة، إذا فات أحدًا صلاة الجماعة أصبح إخوانه يعزونه كأنّه أصابته مصيبة »[15].

   ومن ذلك تشبيهه مقدار عبادة الإنسان مع عبادة أولياء الله الصّالحين كمقدار الشّعرة البيضاء في الدّابة السّوداء « فكيف لو تحضر عبادتك وصلاتك مع أولياء الله من الأولين والآخرين، وتقاس بعبادتهم لكان يكفيك الخجل والحياء من أن تُذكر أنت وتُعرف. وربّما تود لو ذهبت ذهابًا لا يُرجى، هذا إن كنت مجتهدًا فاجتهادك في جنب اجتهادهم لا يكون إلا كشعرة بيضاء في دابة سوداء »[16].

   وقد ضرب- رحمه الله- مثلاً للإنسان وهو يقطع مراحل هذه الحياة الدّنيا حتّى يدركه الموت، بأنّه هو وملك الموت كالمسافر الّذي رجع من سفره وخرج الآخر لملاقاته، فلا بدّ أن يلتقيا في ساعة ما « واعلم أنّك وملك الموت كالمسافر ليتلقى أحد من سفر بعيد، وأُعْلِمَ به أنّه قد صار مقبلاً إليه، فصار يسير هذا إلى ذاك، وذاك يسير إلى ذا وكلّهم مُجدُّون المسير، ولا بدّ أن يلتقيا في مبيت أو مقيل، أو بكور أو أصيل، أو في أيّ بقعة من الأرض »[17].

   وفي معرض حديثه عن فضل الصّوم والأجر الّذي يحصل عليه الصائم، وأنّ الله تعالى غني عن كلّ ذلك يقول:« فكيف يا غافلا بأمر مولاك الّذي خلقك ورزق وأنشاك، أمرك بترك قوتك نهارًا، ومنه الإعانة على ذلك مدرارًا؛ ليدخره لك في يوم القيامة؛ ليكون لك وقاية ونورًا وشبًعا يوم الحسرة والنّدامة، أما تصبر هذه الأيّام القلائل؟ لتبشرك الحور العين بنعيم غير زائل، ولو أنت صمت طول عمرك، وكان طوله ألف عام مثلاً لكان يسيرًا في جنب ما تطلب، وغير كثير ذلك في رضا الرَّبّ، فكيف وهو قد تعبدك بصوم شهر واحد، وأطلق لك أحد عشر شهرًا للفطور، أمّا تنصف من نفسك ؟ وتعرف قدر فضل الله عليك ؟ »[18].

   وقد مثَّل- رحمه الله- خطر وسواس الشّيطان وخواطره كخطر الغول الّذي في بيتك، يقول في معنى ذلك: « فاحذر أشدّ حذر من غول تراه في بيتك عند منامك، فإنّ الغول لو لحقك لم يلحق إلاّ جسدك، وإبليس- لعنه الله- يطلب منك أن يكدر عليك في حياتك، ويهلكك بدخول النّار بعد مماتك حسدًا منه لك وبغضًا »[19].

***

   وربما دعت الإنسانَ مراقبةُ الناس له وإحاطتهم به أن يتصف بالزهد والورع والمراقبة، فإذا غاب عن عين الرقيب أتى بما يمقته الله، وجعل الله أهون الناظرين إليه، وفي مثل هؤلاء يقول المولى سبحانه: ) أَتَخْشَوْنَهُمْ فَالله أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ([20]، فهذه الخشية في حقيقة الأمر بعيدة عن المراقبة الصادقة كل البعد، بل هي رياء وسُمعة، وتزلُّفٌ للخلق، ونسيان للحق- جل جلاله .

   وقد أثنى الله على من يخشاه ويراقبه في سره قبل علانيته، يقول عزوجل) إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ([21]، ويقول جل ذكره: ) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ([22]، أولئك هم أهل الله الذين عرفوه فخافوه وراقبوه، فأعلى الله مقامهم وضاعف إنعامهم .

   ومن الناس من يدفعه حرصه على الدنيا، واشتغاله بها، وتكالبه عليها أن يقدم خشية المخلوق على خالقه، رغم أن باب الوصول هو مخافة الله وحده، فمن كان مع الله كُفيَ كل أمر، وفُرِّج عنه كل كرب، وأمَّنه الله مما خاف .

   ومن راقب الناس وغفل عن الرقيب الجليل أوكله الله إلى من خافهم دونه، ونزلت عليه مصائبه، وأحاطت به همومُهُ وغمومُهُ، وكلُّ ذلك مدارُهُ على التقوى، واسمع لحديث الهادي r فقد قال- وما ترك لقائل مقالا-: « من اتقى الله كفاه الله مؤونة الناس، ومن اتقى الناس ولم يتقِ الله سلط الله عليه الناس وخذله »[23] .

   والمراقبة والتقوى أمران متلازمان لا ينفكَّان، وشأنهما جليٌّ في اتقاء أدنى ما يُسخط الرب؛ لأن صاحب المراقبة حَذِرٌ يقِظٌ مُتنبِّهٌ مُشمِّر، وإن أردت أن تعرف حقيقة التقوى والمراقبة فاسمع:

   «..أخرج أحمد في "الزهد" عن أبي الدرداء قال: تمام التقوى أن يتقي اللهَ العبدُ، حتى يتقي من مثقال ذرة، حين يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراما، يكون حجابا بينه وبين الحرام.

   ورُوي مثله عن جماعة من التابعين، وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة أن رجلا قال له: ما التقوى؟ قال: هل وجدت طريقا ذا شوك؟ قال: نعم. قال: فكيف صنعت؟ قال: إذا رأيت الشوك عدلت عنه أو جاوزته أو قصرت عنه. قال: ذاك التقوى.

   وذكر القرطبي أن عمر سأل أبياً- رضي الله عنهما- عن التقوى فقال: هل أخذت طريقا ذا شوك؟ قال: نعم. قال: فما صنعت فيه؟ قال: تشمَّرت وحذرت. قال: فذاك التقوى. ونظم معنى هذه الإجابة ابن المعتز في قوله:

خلِّ  الذنوب صغيرها   وكبيــرها ذاك التقـى

واصنع كماشٍ فوق أر   ض الشوك يحذر ما يرى

لا تَحْقِـرنَّ صـغيرة     إن الجـبال من الحصـى

   وذكر أبو السعود عن عمر بن عبد العزيزt أن التقوى ترك ما حرم الله وأداء ما فرض، وعن شهر بن حوشب: التقي من يترك ما لا بأس به حذراً من الوقوع فيما فيه بأس، وعن أبي يزيد: أن التقوى هو التورع عن كل ما فيه شبهة، وعن محمد بن حنيف: أنه مجانبة كل ما يبعدك عن الله تعالى.

   وعن سهل: المتقي من تبرأ مِن حولِهِ وقدرته، وقال بعضهم: التقوى ألا يراك الله حيث نهاك، ولا يفقدك حيث أمرك، وقال ميمون بن مهران: لا يكون الرجل تقياً حتى يكون أشد محاسبة لنفسه من الشريك الشحيح، والسلطان الجائر، وقال بعض الحكماء: لا يبلغ الرجل سنام التقوى إلا أن يكون لو جعل ما في قلبه في طبق فطيف به في السوق لم يستحي ممن ينظر إليه، وقيل: التقوى أن تزين سرك للحق كما تزين علانيتك للخلق.

   وهذه الأقوال كلها صادرة من أصل واحد، فهي متحدة المضمون وإن اختلفت بحسب اختلاف نظر أصحابها إلى مراتب التقوى ومقامات المتقين، فمنهم من نظر إلى أصل التقوى أو إلى زاوية من زواياه، ومنهم من نظر إلى ذروته وسنامه أو إلى قاعدته الكلية المستجمعة لجميع جزيئاته »[24].

   وما مراقبة الله واتقاؤه في حبة القمح عند الشيخ درويش- رحمه الله- إلا كمثل ما جاء هنا من التشمير في أرض الشوك، مع معاني التقوى الدقيقة .

   فأين هذا المنهج البهي المنير ممن يُطفِّف الميزان، ويأخذ ما ليس له ولو بشهادة الزور؟! ومن يأكل أموال اليتامى ظلماً..! ويسرق صلاته..! ويخون أماناته..! ويتزيَّن للخلق وينسى الخالق..! ويكيل بمكيالين..! ويأتي الناس بوجهين..!

   ولو استطردنا في هذا الحديث ما بلغنا معشار شأن المراقبة وأهلها، فحسبنا هذا وكفى، ونختم بمرثيّة للشّيخ بشير بن عامر الإزكويّ في الشيخ درويش- رحمه الله- أبرز فيها جُملاً من صفاته الزكية، وهي قصيدة طويلة نذكر بعض أبياتها:

دعني أنوح على فراق مشايـخ     كانت لنا مـن علمهم أنــوارُ

كالشّيخ درويش سلالة جمعـة   ذي الزّهد وهـو العالم المختارُ

عجبًا   لقبر يحتويه   وصدرُه     فيه من العلم الشّريف بحــارُ

الزّاهد الوالي الولي المرتضى     الحـازم المتيقـظ الصّـبّارُ

قد كان   فيه   عفّةٌ   وقناعةٌ     وبراعـةٌ وشجـاعةٌ ووقـارُ

ما استطاعت   الدّنيا تميل به     ولم يغرره درهمُها ولا الدّينارُ

إذ كان في دنياه أزهدَ عــالمٍ     يومًا وللأخـرى به إيثــارُ[25]

 

[1]- هو العلامة الجليل الزاهد الشيخ درويش بن جمعة بن عمر بن جمعة بن عمر المحروقي، ولد-رحمه الله-في أدم عام 1020 للهجرة من أبوين كريمين، غرسا فيه العقيدة الصافية ووجهاه إلى الله تعالى .

   تقلد-رحمه الله-ولاية بلده للدولة اليعربية في عهد الإمامين ناصر بن مرشد وسلطان بن سيف، له مؤلفات عدة منها: جامع التّبيان الجامع للأحكام والأديان، وكتاب الدّرر الفاخرة في كشف علوم الآخرة، وكتاب الفكر والاعتبار، ومن أهمها كتاب ( الدلائل في اللوازم والوسائل )، يمتاز بأسلوب سهل صاغه بروح إيمانية تربوية صادقة؛ لأنه مراءة حياته الصالحة التي عاشها، مع سلاسة عبارة وجزالة معنى ، وله رسائل أخرى كثيرة متعددة .

   توفي-رحمه الله- في 19 من ذي الحجة سنة 1086 للهجرة، ودفن في المقبرة الشرقية من محلته بأدم، وقبره معروف إلى يومنا هذا .

[2] - كتاب الدلائل، ص 270.

[3] - المرجع السابق، ص 220.

[4] - المرجع السابق، ص 198.

[5]- رواه الإمام الربيع، برقم 56

[6]- غافر:19

[7]- طـه:6-8

[8]- رواه الإمام الربيع، برقم 690

[9]- رواه الإمام الربيع، برقم 660

[10] - رواه الإمام الربيع، برقم 693

[11]- رواه الإمام الربيع، برقم 694

[12] - الدّلائل، ص 289.

[13] - الشيخ درويش ومنهجه في الدلائل، نقلاً عن الفكر والاعتبار ( مخطوط )، ص 83.

[14] - الدلائل: ص 8.

[15] - الدلائل، ص 73.

[16] - الدلائل، ص 62.

[17] - الدلائل، ص 280.

[18] - الدلائل، ص 105.

[19]- الدلائل، ص 191

[20]- التوبة: من الآية13

[21]- الملك:12

[22]- الانبياء:49

[23]- رواه الإمام الربيع برقم 704

[24]- جواهر التفسير، ج2 ، ص 114 ، 115

[25]- إتحاف الأعيان، ج. 3، ص 171، 172.