دعا سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة إلى الاستهداء بالقرآن الكريم في معرفة السيرة النبوية، فمما نجد فيما عزي إليه من كتب السيرة بعض الأشياء التي لا يمكن أن تكون تمثل خلق النبي صلى الله عليه وسلم الرفيع الذي دلّ عليه القرآن الكريم.


كما دعا سماحته إلى أن يغربل التاريخ فإذا غربل هذا التاريخ وأخذت الزبدة منه فإننا يمكن أن نستفيد من هذه الزبدة وبناء على ذلك يمكن أن يبنى المستقبل.


وفي حوارنا معه أكد سماحته أن مكتب الإفتاء يقوم بمراجعة الفتوى باستمرار وقد تتغير الفتوى بترجيح جديد كلما نظرنا في الأدلة الشرعية.


وأوضح سماحته أن جميع المسلمين نعتبرهم جسما واحدا أما غير المسلمين فبطبيعة الحال أن يطلق عليهم الآخر وهم شركاء لنا في الإنسانية.


وحث سماحته المرأة على أن تكون واعية آخذة بحظ من العلم وأن تكون بجانب ذلك متقية لله تعالى حريصة على بناء جيل إسلامي يستمد قيمه من كتاب الله ومن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي المحضن الأول للأطفال وتربيتهم التربية الصحيحة وبقدر ما تكون الأم من بر وصلاح واستقامة يكون تأثيرها تأثيرا كبيرا في تربية أولادها .. ضاربا المثل بأم عاصم أم الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز التي ربته تربية إسلامية صحيحة فكان أن جدد هذا الدين وحول الأمور إلى ما هو خير بمشيئة الله تعالى.


وطالب سماحة الشيخ المفتي العام للسلطنة الدعاة أن تكون مشاريعهم العامة مرتكزة على تنقية ما علق بهذا الدين من البدع وتنقية ما علق بالسيرة النبوية من الافتراءات التي عزيت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وتنقية مبادئ الإسلام مما ألصق بها مما هو غير صحيح ومع هذا على هؤلاء الدعاة جميعا أن يرسخوا الوحدة الإيمانية الإسلامية فيما بين أمة الإسلام أمة الإجابة جميعا حتى يزول ما بينها من الشقاق والخلاف .. وإلى ما جاء في الحوار.


ما دور المرأة في جانب التربية الصحيحة للأولاد وأهميته في إخراج جيل متسم بالمبادئ والأخلاق والقيم الإسلامية مع ذكر نماذج من نساء الرعيل الأول؟.


المرأة هي المحضن الأول للأطفال وتربيتهم التربية الصحيحة وبقدر ما تكون الأم من بر وتقوى وصلاح واستقامة يكون تأثيرها تأثيرا كبيرا في تربية أولادها فلا بد أن تكون واعية آخذة بحظ من العلم وأن تكون بجانب ذلك متقية لله تعالى حريصة على بناء جيل إسلامي يستمد قيمه من كتاب الله ومن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكانت هناك نماذج في نساء المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ومن هذه النماذج: يكفينا ما كان من الخنساء بعد ما كانت في الجاهلية تنحب على أخيها واشتد عليه عويلها ولكن عندما خالط الإسلام بشاشة قلبها دفعت أولادها إلى الجهاد دفعا ولم تبال بقتلهم في سبيل الله تعالى بل حمدت الله عندما بلغها نبأ استشهادهم على أن يتقبلهم الله سبحانه وتعالى منها.


وقد كان من بعد ذلك من النماذج أيضا في نساء المسلمين من قمن بهذا الدور الإيجابي الكبير كأم عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنهما التي ربته على أخلاق عمر بن الخطاب وعلى سيرة عمر بن الخطاب وكانت تغذيه بهذه السيرة، بسيرة جدها العظيم عمر بن الخطاب لأنها هي بنت عاصم بن عمر بن الخطاب فكان من نتاج ذلك أن وجد عمر بن عبدالعزيز الذي جدد هذا الدين وحول الأمور إلى ما هو خير بمشيئة الله تعالى، فهكذا يجب أن تكون كل امرأة بمثابة أم عمر بن عبدالعزيز في تربية أولادها على الخير.


فكثير من الكتاب في الرجال إنما كتبوا بإيحاءات من مواقف شخصية حول بعض الناس وهذا مما يجب أن تكون الأمة الآن على خلافه


هل تتم مراجعة الفتوى بين الحين والآخر؟ وما رؤيتكم المستقبلية لمكتب الإفتاء؟

نعم، باستمرار كلما نظرنا في الأدلة الشرعية قد تتغير فتوى بترجيح جديد.
الجيل الناهض والمسؤولية


وما رؤيتكم المستقبلية لمكتب الإفتاء؟
نرجو من الله تعالى أن يوفقنا للخير ونسأل الله تعالى أن يوفق المسؤولين لأن يقوموا بهذا الواجب ونرجو للجيل الناهض أيضا أن يقوم بمسؤوليته أحسن قيام، وعن التوسع في أقسام الإفتاء يقول سماحته: نسأل الله أن يهيئ لنا ذلك.

كثيرا ما نطلق لفظ الآخر على المخالف لنا في العقيدة والثقافة، فهل هذه التسمية صحيحة وما موقفكم منه؟
نحن على كل حال نعتبر المسلمين جميعا جسما واحدا أما غير المسلمين فبطبيعة الحال أن يطلق عليهم الآخر لأنهم أمة أخرى غير أمتنا الإسلامية ولكن مع ذلك نعتبرهم شركاء لنا في الإنسانية فلذلك ننظر إليهم نظرة حنان بدعوتهم إلى الدين لأجل أن يتخلصوا من علائق الكفر وأن يدخلوا في دين الله.


ثوابت..
«إن ترسيخ الحوار الفكري هو وحده القادر على استكشاف الجوامع المشتركة، وتعزيز التواصل الحضاري بين الأمم والشعوب» ما تعليقكم على هذه العبارة؟
الحوار الفكري، ولكن ليس على أساس أن تتنازل الأمة الإسلامية عن شيء من ثوابتها، فهناك ثوابت لا يمكن المساس بها وهناك متغيرات، وهذه المتغيرات ينظر فيها بين زمان وآخر أما ما جاء عن الله تعالى وثبت عن رسوله صلى الله عليه وسلم فلا ريب أنه لا يمكن المساس بذلك لأن الله سبحانه وتعالى يقول: «وما كان لِمؤمِنٍ ولا مؤمِنةٍ إِذا قضى اللّه ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخِيرة مِن أمرِهِم ومن يعصِ اللّه ورسوله فقد ضلّ ضلالًا مبِينًا».


مراعاة حقوق الله
قال أحدهم «يقع على عاتق العلماء إزالة الوهن وقراءة الواقع بصورة دقيقة ضمن إطار فكري مرجعيته القيمة الحقيقية للإنسان، وإعادة خلق التفاعل الإيجابي مع الآخر» .. ما تعليقكم على ذلك؟
هذا كله يتم على أساس مراعاة حقوق الله تعالى وعدم التفريط فيها واتباع دين الله، ثوابت الدين كما قلت لا يمكن المساس بها بحال من الأحوال.


بناء المستقبل
كيف يمكن لنا قراءة التاريخ الإسلامي بما يحويه من أفكار بناءة قادرة على إعادة بناء المجتمع مرة أخرى؟
نعم، التاريخ نفسه يجب أن يغربل فإذا غربل هذا التاريخ وأخذت الزبدة منه فإننا يمكن أن نستفيد من هذه الزبدة وبناء على ذلك يمكن أن يبنى المستقبل إن شاء الله.


أرقى جميع البشر..
ما الأفكار التي ما زلتم ترونها بعيدة تماما عن البحث في السيرة النبوية، وتحتاج لمجهود من المراكز البحثية حتى تنتفع الأمة بها ومن ثم يكون التغير؟
لا بد من الاستهداء بالقرآن الكريم في معرفة السيرة النبوية: الله سبحانه وتعالى وصف لنا الرسول صلى الله عليه وسلم بصفاته الإيجابية. هو سبحانه وتعالى لم يخرجه عن طور البشرية بل هو بشر ولكنه أرقى جميع البشر. فلذلك كان مهذب الأخلاق عليه أفضل الصلاة والسلام يخشى الله تعالى ويتقيه ويعامل الناس جميعا بالرفق، الله تعالى يقول «فبِما رحمةٍ مِن اللّهِ لِنت لهم ولو كنت فظًّا غلِيظ القلبِ لانفضّوا مِن حولِك فاعف عنهم واستغفِر لهم وشاوِرهم فِي الأمرِ فإِذا عزمت فتوكّل على اللّهِ إِنّ اللّه يحِبّ المتوكِّلِين» هكذا يوجهه الله سبحانه وتعالى فعلاقته بغيره كانت علاقة رحمة وعلاقة مشاركة وكان صلى الله عليه وسلم أبر الناس بالمؤمنين أحنى عليهم من آبائهم وأرأم بهم من أمهاتهم فهو لا يتصور أن يكون قاسيا بحال من الأحوال. ونحن نجد فيما عزي إليه من كتب السيرة بعض الأشياء التي لا يمكن أن تكون تمثل خلق النبي صلى الله عليه وسلم الرفيع الذي دل عليه القرآن الكريم.


ينظر بين الثابت وغير الثابت
ترتكب جرائم كثيرة في حق التاريخ الإسلامي، ويشترك في هذه الجرائم الباحثون الذين تخلوا تماما عن تنقية هذا التاريخ، ترى من وراء هذه الجرائم؟ وهل هي موجهة بالفعل؟
لا ريب أن الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم يجب أن تنقى وينظر بين الثابت عنه صلى الله عليه وسلم وغير الثابت وكذلك بالنسبة إلى سيرته عليه أفضل الصلاة والسلام فهذه الأمور كلها يجب أن توزن بموازين ثابتة. أهم هذه الموازين القرآن الكريم، به يمكن أن يفرق بين الثابت وغير الثابت، ثم مع هذا أيضا لا بد من النظر في الأسانيد وإعادة النظر فكثير من الكتاب في الرجال إنما كتبوا بإيحاءات من مواقف شخصية حول بعض الناس وهذا مما يجب أن تكون الأمة الآن على خلافه.


ماذا عن المشاريع الدعوية التي ترونها مهمة وجديرة بأن يقوم الدعاة بدراستها؟
المشاريع العامة للدعاة يجب أن ترتكز على تنقية ما علق بهذا الدين من البدع وتنقية ما علق بالسيرة النبوية من الافتراءات التي عزيت إلى الرسول صلى الله عليه وتنقية مبادئ الإسلام مما ألصق بها مما هو غير صحيح ومع هذا على هؤلاء الدعاة جميعا أن يرسخوا الوحدة الإيمانية الإسلامية فيما بين أمة الإسلام أمة الإجابة جميعا حتى يزول ما بينها من الشقاق والخلاف.


وهل سماحتكم راض عن مستوى الدعاة، وما يقدمونه؟
نسعى إلى الأفضل دائما ونطمح إلى الأفضل.

----------------------------

جريدة عمان : الاربعاء, 2 رمضان 1437هـ. 8 يونيو 2016م

أجرى اللقاء: سيف بن سالم الفضيلي