الديون أثقلت كاهل الشباب , فكيف المخرج؟

الشيخ الداعية المصلح / خلفان بن محمد العيسري رحمة الله

بسم الله الرحمن الرحيم

الديون أثقلت كاهل الشباب , فكيف المخرج؟

ان الله سبحانه خلق الانسان في أحسن تقويم وهداه إلى صراط مستقيم , أنزل عليه كتاباً يتلى يقول جل جلاله فيه : "فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى" والمتدبرُ لأحوال الناس ونحن في هذا الزمن , ونرى المطالبات وقد كثرت , ونرى الشباب وهم قد هيأوا أنفسهم لتحمل المسؤوليات , إلا أنهم مع ذلك , فقد تكبدوا ربما بديونٍ أثقلت كاهلهم , فهم يتساءلون :

كيف لهم أن يعلوا وهم يتحملون هذا العبء والحمل الثقيل؟

أنى لهم أن يتخلصوا من هذا الحمل حتى يستطيعوا أن يشاركوا في بناء الوطن؟

فالكثير يطالبُ بأن تقوم الحكومة بدفع هذه الديون , ونحن نقول هذا ليس بحل جذري , فتعالوا معنا لننظر إلى المال في الاسلام كيف ينبغي أن يكتسب؟ وكيف ينبغي للمسلم أن ينفق هذا المال؟ وقبل أن نخوض في هذا الموضوع دعونا نرى المشكلة القائمة في هذا الزمن , ما سببها؟ وما علاجها؟

السببُ الذي أدى بشبابنا إلى هذا الحال هي الديون و الاحصائيات خطيرة , تقول بأن الاغلبية والنسبة وصلت إلى فوق 90% هم مدينون , أي أخذوا أموالا كدين , ربما ليعيشوا حياةً كريمة , ربما بعضهم لم يعرف ما معنى الدين , والأرقام خطيرة فإن المبالغ والديون التي وصلت إلى المليارات من الريالات العُمانية , ثلاثة أسباب على رأس القائمة لابد من أن ندركها لأن المقولة تقول : " الوقاية خيرٌ من العلاج ".

أولها: جهل الكثيرون معنى المال , جهل الكثيرون كيف يكتسب و يملك الانسان المال , وكيف ينفق هذا المال؟ والقانون لا يحمي المغفلين , والله سبحانه وتعالى في آياتٍ كثيره أمر هذه الأمة بأن تكون ثرية , وغنية , والكل منا لابد أن يعمل , لأنه يوم القيامة سيُسأل سؤالين من أربعة أسئلة , 50% من درجة النجاح يوم القيامة في المال , لن تزول قدما ابن آدم من عند ربه يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع وقيل عن خمس , من ضمنها : " وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيما انفقه؟ " فالجهل أدى بالكثيرين لأن يقصروا في اكتساب مال الحلال , تعلّقوا بالأسباب ونسوا المُسبب , تعلّقوا بالوظيفة ونسوا العمل , تعلّقوا بالوظيفة ونسوا الاخلاص , تعلّقوا بالمال ونسوا تقوى الله , ثم بعد ذلك يأتي أهل الجشع والطمع من أصحاب المصارف , ومن أصحاب المحلات ليستغلوا هذا الجهل , فيتكبدوا على الانسان ما لا يستطيع أن يتحمل , فتتحول حياته إلى جحيم , لذا نجد أكثر شبابنا يقضون أوقاتهم أمام الشاشة لماذا؟ لأن الجيوب خالية , يقضون أوقاتهم مع الشيشة هروباً من همّ الدين , يقضون أوقاتهم في الفراغ لأن المال مفقود , فالجهل لا يعين .

ثم اسأل الشباب في بيوتنا , في مدارسنا , في مساجدنا , في أماكن عملنا , كم منا من تعلم إدارة المال؟ من منا تعلم إدارة المال حتى يعرف كيف يتعامل مع المال؟ مناهجنا تنقصها هذه المادة , مساجدنا لا تتحدث عن المال , مجتمعنا لا يتحدث عن هذه المهارة ؛ فلهاذا اصبحت الامة فقيرة بدلاً من أن تكون غنية , فأين نحن من قول الله سبحانه , وهو يخاطبنا في آياتٍ كثير عن الانفاق , فالمؤمن لابد أن يكون ثرياً , لا فقيرا ولا مديوناً.

ثانيا : السبب الذي أدى لأمتنا ولشبابنا بأن يتكبدوا هذا الدين , هو أنهم يتوسعون في المعيشة فوق طاقتهم , إما طلباً للجاه والسمعة والمنافسة مع الآخرين , أو طلباً لترف , فأكثر هذه الديون ليست اضطرارية , إنما هي حُباً في أن يساير الانسان البشرية والمدنية , وهذا خطأ فادح , والله سبحانه وتعالى يقول : " ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً " نرى شبابنا وهو يبدأ العمل يتباهى بسيارة اشتراها بالأقساط , ثم يتحدث عن سيارته 200 و300 و400 حصان بالدين , يشتري هاتفاً جديداً آخر الصيحات والموديلات , يتماشى مع التكنولوجيا ليباهي بها الشباب في مستواه , أنا عندي بلاك بيري بأسمائها المختلفة , والأيفون , والسامسونج , والجالكسي وما شابه ذلك , هذا الجهاز ثمن راتبه ثم نسأله كيف تستعمل هذا الجهاز؟ تزداد عليه المصاريف , والفواتير في الاستعمال وفي الاستخدام , وليته استعمله في الخير , ليته استعمله في كسب المعيشة , فهو بذلك يزيدُ من الطين بله , ثم بعد ذلك يأتي في الإجازات ، وإلى السفر والسياحة ، وجهتهم إلى المعاصي , وجهتهم إلى طلب غضب الله سبحانه وتعالى , وجهتهم والعياذ بالله إلى ما لا يرضي الله , يأتي من الرحلة بعد ذلك يندم , والندم يزداد عندما ينقضي أجله , فيرى في كتابه وبعدها يقول : " يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً " وذلك بعد فوات الأوان .

يا شباب الاسلام , ليس هكذا تستعمل الاموال , ولا هكذا تعيش الشعوب , فالإنسان لابد أن يعيش على قدر حاله , ولا يتوسع إلا بقدر ما يستطيع أن يُنفق , بدون أن يقترض ولو درهماً.

والسببُ الثالث يا عباد الله الذي أدى بشبابنا , وبمجتمعنا إلى ما وصلوا إليه : هو عدم استغلال أوقات الفراغ في البحث عن دخلٍ آخر , الإنسان إذا اشتغل في وظيفة ثمانيةُ ساعات , تبقى معه 16 ساعة في اليوم ماذا يفعل بها ؟؟ الأمم المنتجة لا يوجد في قاموسها مفهوم كلمة : " فراغ " , وفي مجتمعنا كلمةٌ شائعة : " تعالوا نقضي وقت " يعجبني ذلك الشاب الذي لم يوفقه الله سبحانه وتعالى إلى إكمال الدراسة بسبب ظروفٍ ما , وبعد وفاة والده , أشتغل في وظيفةٍ نحتقرها , في أقل من أربع سنوات استطاع أن يبني بيتاً نقداً له ولأمه , ما عمله؟؟ كان يستغل أوقات فراغه في تنظيف الأسماك , " السمكة ب200 بيسة , ما قال أنا بروح لشيشة والشاشة , وبروح اشوف كرة , ولا بروح مجمعات , ولا أنا ما عندي شيء ".

يعجبني ذلك الشاب الذي نزل إلى السوق , فرأى الناس وهم يأتون بسياراتهم لا يريدونها أن تتسخ , فبدأ في أيام الاسبوع بعد الدراسة , " وهذا طالب في المدرسة بعده " بعد دراسته يمر بالمحلات التجارية ويجمع الصناديق الفارغة , ما نسميها بـ " الكرتون " فإذا ما جاء يوم الخميس والجمعة ينزل إلى السوق , آخذاً سيارة أجرة ومعه حزمة من هذه الصناديق , رأى إنساناً وقد اشترى الخضرة والسمك واللحم , قال له يا عم : " عشان ما تتوسخ سيارتك أيش رايك تأخذ كم كرتون؟ " قال : " والله فكره زينه " قال " بس 200 بيسة وأنا أوصلها لك لسيارة " قال : " زين تفضل يا ولدي " في أقل من أربع سنوات استطاع من خلال هذا العمل الذي قد يراه البعض عملاً حقيراً أن يجمع في رصيده 15 ألف ريالاً !!

فعدم استغلال أوقات الفراغ أدى بأمتنا إلى ما وصلنا إليه , افتقدنا الانتاجية , افتقدنا الكسب والعمل الجاد.

زرت بلاد الصين قبل شهرين , فسألته : " لما هذا الشعب ينتج وينافس الدول المتقدمة ؟؟ , فقال : " نبدأ العمل في الساعة الرابعة فجراً , ولا ننتهي منه حتى الساعة العاشرة ليلاً !! " فقلت يا سبحان الله , أمة الاسلام بشرها المصطفى صل الله عليه وسلم فقال : " بُورك لأمتي في بكورها " , " واسأل الشباب يوم الجمعة والخميس الساعة كم تصحوا الصباح ؟ ساعة عشرة !! 6 ساعات نايم !! من بعد صلاة الفجر ساعة 4 لحد ساعة 10 نايم !! بعضهم يقول لا وين ساعة 10 اقوم قبل صلاة الجمعة وأصلي من أخلص نحط الغدا وأرجع أخذ لي قيلولة بعد , يا سلام !! طول الأسبوع ايش سويت !! ذهبت للدوام , وبعد ذلك سوالف ومكالمات وتعطيل مصالح المواطنين , ثم تقول أنا اشتغلت اسبوع كامل !! حسبنا الله " ليس هكذا يا شباب الاسلام , ونحن لا نعُمّ على الجميع ولكن نتحدث عن الأغلبية , وهذا هو واقعنا يا شباب الاسلام , لا ندري كيف نكتسب المال ؟

ولا كيف ننفق المال؟

لا ندري بأن هذا المال موجودٌ بكثرة والمرء لابد أن يشتغل !

لا ندري تكيف تكون مواردنا معدودة لا نعتمد على مورد واحد فقط؟

كيف نستغل أوقات فراغنا؟

فاتقوا الله يا شباب الاسلام , لا تتوسعوا فوق طاقتكم , ولا تذهبوا إلى المصارف من أجل الدين وتقترضوا , استغلوا أوقات فراغكم , واقضوا اوقاتكم فيما ينفعكم من العلم ؛ لتعلموا أن هذا المال استودعه الله في هذه البسيطة , فهو مال الله وأنت مستخلف في هذا المال وسيسألك الله سبحانه وتعالى من أين اكتسبت هذا المال , وكيف أنفقته , فاتقوا الله عباد الله , واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله , ثم توفى كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون , أقول ما سمعتم واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم , وادعوه يستجب لكم إنه هو البر الكريم

***

كيف لنا أن نخرج من دوامة الدين؟

كيف لنا أن نكتسب الرزق الحلال؟

كيف لنا أن نجد فرص في بلادنا حتى نستطيع من خلالها نكون ثروة؟

كيف يستطيع كلٌ منا قبل أن يصل سن ال30 أن يكون مستحقاً لدفع الزكاة؟

كيف نستطيع أن نحول حياتنا من العجز إلى الفائض؟

كيف يستطيع شبابنا أن يهيؤوا أنفسهم لتحمل مسؤولية إقامة أسرة من بناء بيتٍ وزواجٍ وإنجابٍ لذرية صالحة , دون أن يدخل في دين , وأن يسعد نفسه ويسعد أهله ؟

كيف يستطيع شبابنا أن يكونوا منتجين لا مستهلكين؟

أن يكونوا علماء لا جهلاء؟

أن يكونوا في المقدمة لا فالمؤخرة ؟

أن يستغلّوا الفرص بجميع أنواعها ليحولوا إنتاج هذا البلاد من العجز إلى الفائض؟

كيف يستطيع شبابنا أن يساهموا مساهمةً فعّالة في القضاء على الديون وخاصةً الديون المحرمة؟

اسئلة جديرة لكل شابٍ يجب أن يسأل نفسه ليخرج من هذه الدوامة الضيقة ومن هذا الحمل الثقيل.

نقول وبالله التوفيق على رأس القائمة لابد من تقوى سبحانه , يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز : " ومن يتقِ الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيءٍ قدرا " فتقوى الله على رأس القائمة , ومن تقوى الله أن يكثر المرء من الاستغفار , يقول الله سبحانه وتعالى على لسان نوحٍ عليه السلام : " فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموالٍ وبنين ويجعل لكم جناتٍ ويجعل لكم أنهاراً " والمصطفى صلى الله عليه وسلم بيّن فقال : " من لازم الاستغفار رزقه الله من حيث يحتسب ومن حيث لا يحتسب ".

يا شباب الاسلام لن تستطيع أن تلازم الاستغفار وانت تلازم الشيشة والشاشة , وما زلت من المحاربين لمثلث الشباب , الشيشة والشاشة والشاي , مدمرات ثلاثة في شبابنا , الاستغفار يكون في بيوت الله , الاستغفار يكون للانسان عندما يكون في طاعة الله لا في معصية الله , لا يستطيع الشاب أن يستغفر الله وهو في منتصف الليل يتصفح الصفحات في الانترنت وما أدراك ما هذه الصفحات , مصائب , فبعضهم يذهب لجوجل وما أدراك ما جوجل؟! سلاحٌ ذو حدين , يكتب الكلمات البسيطة فتأتيه الصورة بشتّى أنواعها , يتلذذُ بالحرام فأنى له أن يستغفر ربه وهو في تلك المجالس !! تقوى الله هو أن تراقب الله آناء الليل وأطراف النهار , سرّاً وعلانية , جهراً أو خُفية , أمام الناس أو في الخلوة , إن فعلت ذلك يرزقك الله من حيث تحتسب ومن حيث لا تحتسب , كيف لا والله تعالى يقول : " وفي السماء رزقكم وما توعدون فوربّ السماء والارض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون " أنت تتكلم , مثلما أنت تتكلم وتنطق هو حق كذلك رزقك مقسومٌ وموجود , " وما من دابةٍ في الارض إلا على الله رزقها ويعلمُ مستقرها ومستودعها كلٌ في كتاب مبين ".

ثانيا : تسلح بالعلم والمعرفة , اقرأ واحضر الدورات , واعلم كيف يأتي المال , اقرأ عن اقتصاد الدولة , اقرأ عن اقتصاد المؤسسات , اقرأ عن اقتصاد البيوت , تعلم كيف تبني ميزانية بيتك فالبيت مؤسسة , هل لديك موازنة سنوية؟؟ المؤسسات تنجح لأن لديها موازنة مالية سنوية , الراتب يضرب في 12 هذه هي الموازنة , لابد للإنسان أن يكون لديه هناك رصيد يحتسبه ليوم يصادف فيه الأمور الطارئة , كالمرض وعطل السيارة أو البيت أو غير ذلك , تعلموا فن الموازنة , تعلم وتثقف وتسلح بالعلم ؛ فالجهل لا ينفعك , يا أمة الإسلام أول آية نزلت قول الله تعالى : " اقرأ باسم ربك الذي خلق" ، "اقرأ وربك الأكرم", " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب " آلا وهم أصحاب العقول.

ثالثا : ابحث عن مصدرٍ آخر , الدول إذا أرادت أن تنجح تنوع في المصادر , نرى أمتنا وهي تنوع المصادر لا تعتمد على مصدر الغاز فحسب , بل ذهبت إلى الصناعة والتجارة والسياحة ؛ لتنوع المصادر , فهل أن نوعت مصادر دخلك في بيتك؟ كيف تفعل ذلك؟ بعد الدوام غدا وبعد الغد عمل , والله أتحسر وأنا أرى المسلمين يتنافسون في الإجازات , كم إجازة كل واحد يرفع؟ يا أخي في الاسلام ما في إجازة؟ إجازتك مرتين في السنة عيد الفطر وعيد الأضحى , يقول الله تعالى في يوم الجمعة : "إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة " وقت الأذان " فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع " توقف عن البيع وقت الأذان " فإذا قضيت الصلاة " ماذا تفعل؟ " فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله " هكذا يأتي الرزق , الرزق لا يأتي وأنت في بيتك نائم , الرزق لا يأتي وصلاة الفجر تفوتك , الرزق لا يأتي وأنت تتذمر وتتشكى , فقط تكتب في المنتديات " يا حكومة ارفعي عنا الدين , يا حكومة ارفعي عنا الدين " الله سبحانه وتعالى يريد منك العمل وسيعطيك , عليك السعي وعلى الله الرزق , منك الحركة وعلى الله البركة , استغلوا أوقات الفراغ , وأوقات الفراغ في حياتنا كثيرة .

وإذا أردتم أمثلة على التجارة البسيطة دون أن تهمل العمل أو العبادات أو الواجبات , تستطيع من خلال أوقات فراغك أن تكسب ثروة عظيمة , أعرض عليكم قصة بسيطة جرت قبل حوالي عشرة سنوات , في إحدى الدورات التي أقمناها , وعنوان الدورة " كيف نضع أهدافاً ونخطط لنجاح ؟؟ " من خلال الحديث والعطاء , يقف شاب ويقول : " يا شيخ كلامك جميل , ولكن الواقع يفرض علينا "

قلت له : " كيف الواقع يفرض عليك ؟؟

قال : " شوف أنا بعطيك حكاية , قال أنا تخرجت بالشهادة الجامعية , وأردت أن أتزوج طالبين المهر 3 آلاف , من وين أجيبهن ؟؟ استقرضت 3 آلاف , بعدين طلبوا بيت وانا ما عندي , استأجرت بيت شهريا ندفع الإيجار , وقمت أثث البيت بالدين , ومن غير مصاريف الزواج , الملكة والزفة والوليمة والسفرة وغير ذلك , وهذا كله مال استقرضته , والآن تكبدت من الديون لو اشتغلت 20 سنة لن أستطيع أن ادفعهن "

قلت له : " ما شاء الله , ايش وظيفتك ؟ "

قال : " أنا مدرس ".

قلت له : " كم راتبك ؟؟ ".

قال : " كم راتبي يعني !! 600 ريال ".

قلت له : " أعطيك تمرين بسيط كيف تستثمر 50 بيسة , 50 بيسة تشتري ورقة وقلم , ورقة وقلم بس هذا هو رأس الفائدة ".

قال : " هذي بسيطة ".

قلت له : " زوجتك ايش تسوي؟ ".

قال : " جالسة فالبيت ".

قلت له : " لما تروح الدوام ايش تسوي "؟

قال : " ماشي تشتغل فالبيت والطبيخ والغسيل والتنظيف وتلفزيون لين أرجع البيت " .

قلت له : " زين يا أخي خميس وجمعة ايش تسوي ؟ "

قال : " ايش اسوي بعد ؟؟ مفلس أجلس فالبيت أكل فواله " .

قلت له : " أجلس أنت وزوجتك بشرط , ابحث عن 20فكرة أنت وزوجتك , سجّل 20 فكرة التي من خلالها تستطيع أن تكون دخل آخر من غير راتبك , ومن غير ما تستقيل من الوظيفة , أنت وزوجتك مشتركين ".

قال : " بسيطة هذي " .

قلت له عندي شرط آخر , مشكلة إذا لم تحصل على دخل آخر , لأن هذا التمرين خلال سنة واحدة سيكون معك دخل آخر يساوي راتبك , وشرطي إذا نجحت نبا منك الذبيحة هدية .

قال : " غالي والطلب رخيص " .

وافترقنا وبعد مضي ثلاثة أشهر وإذا به يتصل بي : السلام عليكم .

قلت : وعليكم السلام .

قال : تذكرتني أنا فلان من المنطقة الفلانية والذبيحة جاهزة .

قلت له : ما شاء الله 3 أشهر بس .

قال : نعم .

قلت له : زين بشرني وش اللي صار؟

قال : " لا لازم تزورني بالأول " , زرته و وصلت البيت قلت له : ها بشرني .

قال : لا بعد الوليمة أخبرك , وبعد ما أنتهينا من وجبة الغداء إذا به يقول لي ووجهه مبتسماً فرحاً مسروراً كله حيوية مقارنة بما رأيته قبل ثلاثة أشهر : يقول أخذنا ورقة مثل ما أمرتنا وبدأنا نكتب الأفكار , كيف نستطيع نكون دخلاً آخر , يقول ونحن نكتب , ونحن نكتب وعصرنا الذهن , فالنهاية وإذا بزوجتي تقول : حصلتها الفكرة , يقول : طشيت من الفرحة " باللغة المحلية " .

إيش حصلتي ؟

قالت : نحن معشر النساء عندنا طلباتنا الخاصة , وفي أكثر الأوقات نذهب إلى المحلات التجارية ونحن نستحي أن نسأل عن هذه المسألة , إيش رايك أنا وأنت أيام الخميس والجمعة , نروح نشتري بالجملة وبعدين أيام الأسبوع ونحن جالسين فالبيت عند القهاوي نجيب قهوة وتجارة ؟

قلت : خلنا نجرب , يقول أخذنا 50 ريال من الراتب , واشترت متطلبات النساء حسبما تعلم من أحوال النساء , و وصلنا البيت ويوم السبت اتصلت بالجارات وقالت : اليوم القهوة علي , وتجمعن فالبيت وعرضت البضاعة , والنساء عجبهن ما شاء الله رخيص نص سعر السوق .

يقول: وهكذا مضى الحال من الأسبوع الأول والثاني والثالث والرابع , أصبحت تجارة حرة حلال وخلال الأسبوع , يقول في أقل من شهر حولنا غرفة واحدة في البيت إلى مخزن , وبذلك استطعنا في أقل من ثلاثة أشهر نوفر دخل آخر بشغل أوقات الفراغ , عمل بسيط ولكن يحتاج إلى التفكير والعمل الجاد.

إذن يا إخوة الاسلام , عليكم بتقوى الله , والتسلح بالعلم , والبحث عن الفرص الكثيرة والكثيرة , يمكننا نحول من خلالها حالنا من العجز إلى الفائض , نحول حياتنا من الهم إلى الفرح , نحول حياتنا من الثقل إلى الخفة , ونحول حياتنا من التأخر إلى التقدم .

شبابنا نراهم في مقتبل عمرهم وقد تزوجوا وتحصنوا بالحلال ؛ فبذلك سيكونون منتجين فعّالين.

وأختم الحديث وأقول , الزكاة ركنٌ من أركان الاسلام , ما معنى الزكاة فريضة؟ , وما معنى ركن؟ أي لا يتم البناء إلا إذا تمت الأركان , مثلما تسعى إلى التقيد بالشهادتين والصلاة والصيام والحج لابد أن تسعى إلى تحقيق الزكاة قبل أن تبلغ سن ال25 سنة أو 30 سنة , ما معنى الزكاة؟ أن يكون عندك فائض من المال حال عليه حولاً كاملاً لم تنتفع به , إذا عندك فائض من المال سنة كاملة ما مسيته , من تكون أنت هامور وغني , لا تقف هناك وتشتكي وتتذمر , فهذا ليس من شأن المسلم الذي يؤمن بالله , والذي يتوكل على الله , والذي يعمل "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون".