ضوابط التجديد والأخذ بيد الأمة

سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي:

صلاح الأمة ليس بالأمر الهين وانما ينبني على أمور عدة اولها الخبرة وثانيها الاخلاص وثالثها الجد والمثابرة ورابعها عدم تفويت الفرص فالأمة بحاجة الى راع يرعاها وقائد يقودها ومصلح يصلحها يتحين الفرص من اجل تحقيق هذه الأعراض السامية والأهداف النبيلة في الأخذ بيد هذه الأمة الى ما فيه خيرها في دنياها وآخرتها .

ومع هذا لا بد ان يكون على اخلاص لله سبحانه وتعالى لأن المخلصين يكتب الله سبحانه وتعالى لهم التوفيق والنجاح ويأخذ بأيديهم الى جادة خير ومع هذا كله فلا بد من المثابرة ايضا وعدم تفويت الفرص والسير قدما بهذا الأمر الى الأمام مع الخبرة والدقة في هذا الأمر حتى يراعي الأولويات فيقدم الأهم على المهم والمهم على غيره .

والتجديد لا بد من يكون في اطار الدين نفسه فإن التجديد لا يعني التفصي من الدين والخروج منه وانما التجديد جعل الشيء جديدا وهذا يعني ان يثابر الى هذا الدين فتدفع عنه الشبه وترسخ الحجج التي تدعمه وتسانده في اذهان الناس وتبين لهم حقيقة هذا الدين مع الأخذ بالوسائل الجديدة في نشر هذا الخير فان الانغلاق على الوسائل القديمة تجعل الأمة تتخلف ويجعل مواكب الحركات الإصلاحية تتقدمها ولكن مع الأخذ بالوسائل جميعا على اختلافها والتزام ان يكون العمل في اطار تعاليم هذا الدين نفسه تصل الأمة الى الغاية المنشودة وهي ان يتجدد هذا الدين بحيث يبدو في كل وقت في صورة جديدة وفي حلة قشيبة وفي مظهر أخاذ يأخذ بمجامع القلوب .

ولا ريب ان هذا يتوقف على تضافر الجهود من جوانب متعددة من الجوانب الرسمية والشعبية واستعمال الخبرات على انواعها في هذا المجال بحيث يدلي كل أحد بدلوه في هذا الأمر بقدر ما تتسع له خبرته لدفع هذه السفينة الى الأمام وبهذا يتحقق بعون الله سبحانه وتعالى الخير لهذه الأمة.

________________________________________

جريدة عمان، الاثنين 3رمضان 1433ه/ 23 يوليو 2012م.


 

*********************************

 

خطورة تناقض الأعمال مع الأفعال

 الصحوة الإسلامية بحاجة الى من يرشدها ويوجهها ويأخذ بيد شبيبتها الى الخير ويكفكف أيديهم عن الشر فان الصحوة الاسلامية عندما يطلق لها العنان من غير مراعاة لهذا الجانب ومن غير اخذ بيد شبيبتها الى الخير قد تتفجر طاقاتها عن عواقب وخيمة بحيث يغالي هؤلاء الشباب ويخرجون عن حدود الاعتدال الى حدود الإفراط والإفراط خطر كما ان التفريط خطر وانما يجب ان يكون الانسان دائما بين طرفي التفريط والافراط او بين طرفي التقصير والغلو فلا يكون مع المقصرين ولا يكون مع الغالين وانما يلتزم المنهج الوسط بين الجانبين وعلى الجميع ان يدركوا ذلك.

ولا ريب ان هذا التناقض بين الواقع والمبادئ او بين الأقوال والأعمال انما يعود اولا الى عدم الفهم الصحيح ثم مع ذلك ايضا يعود الى عدم التصور الراسخ بحيث تكون العقيدة عقيدة قرآنية نبوية على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تؤخذ من افواه الرجال ويعرض عن كتاب الله وعن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المتواترة التي لا شك فيها ويعرض عن مقتضيات العقول بل لا بد من الاسترشاد بهذا كله حتى تكون هذه الصحوة على الوجه الصحيح الملائم للعقيدة الصحيحة والله تعالى المستعان.

________________________________________

جريدة عمان، الثلاثاء 4رمضان 1433ه/ 24 يوليو 2012م.

 

 

*********************************

 

 

أثر الغزو الثقافي في الأسرة المسلمة‎

الغزو الثقافي كان له أثر خطير في مجتمعاتنا غزانا من حيث الفكر فبلبل الفكر وضاعف المصيبة وترك الناس في حيرة من أمرهم وأيضا غزانا من حيث الأخلاق فقد دمر الأخلاق وقضى على حسن العلاقات بين الناس التي يجب أن تكون بين الآباء والأمهات من ناحية وبين الأولاد البنين والبنات من ناحية أخرى وأيضا دمر العلاقة الزوجية ما بين الزوجين وأتى على كثير مما يتعلق بالتمسك بأهداب الفضيلة فترك الناس يلهثون وراء الرذيلة غير مبالين بعواقبها المرة وبما يؤول إليه تصرفهم من الانحراف ومن السقوط في دركات الرذيلة فلذلك كان لزاما على الأمة المسلمة أن تصد هذا الغزو وإنما الشيء يقابل بنظيره فالفكرة تقابل بالفكرة والتخطيط يقابل بالتخطيط والكلمة تقابل بالكلمة والوسائل تقابل بالوسائل فلا بد أن تكون للأمة وسائل إعلامية نظيفة طاهرة مخطط لها وهذه الوسائل هي التي يمكن أن تنشر الفضيلة وأن تنشر الفكر السليم وأن تنظف الفكر مما شابه وعلق به من الغزو الأجنبي فعلى الناس جميعا أن يتكاتفوا على ذلك وأن يسخروا الوسائل الإعلامية سواء المقروءة منها أو المسموعة أو المسموعة والمرئية لأجل هذا الغرض النبيل وأن تكن أيضا هناك مسلسلات وأفلام بناءة بدلا من المسلسلات والأفلام الهدامة التي يصدرها الأجنبي إلينا على الناس جميعا أن يحرصوا على هذا وأن يثابروا إليه وأن يخططوا له تخطيطا حسنا والله تعالى المستعان.

 

 

________________________________________

 

 جريدة عمان: السبت 8رمضان 1433هـ / 28يوليو 2012م.

 

 

*********************************

 

 

تصحيح مغالطات‎

 

الاسلام الحنيف دين جاء لإسعاد البشر لا لإشقائهم وجاء ليفجر ينابيع الرحمة في قلوب المؤمنين وجاء من اجل الرحمة بالضعفاء والمساكين فكل جزئية من جزئياته تؤدي الى هذه الغاية العظيمة وتشيع في الناس الحب والتفاهم والتعاون حسبنا ان نرى ان الله سبحانه وتعالى يأمر بالإقساط وحسن المعاملة حتى مع غير المسلمين فالله عز وجل يقول (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).

هذه هي العلاقة التي تكون بين المسلم وغير المسلم هي علاقة بر واقساط ولو كان لا يرضى الاسلام ولا يستجيب لداعيه الا ان المعاملة الحسنة لا يحرم منها من قبل المسلمين بناء على هذا التوجيه الرباني.

والله تعالى يقول (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) ولم يقل وقولوا للمسلمين حسنا ويقول الله تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) ومع هذا ايضا حتى في الحرب الاسلام يأمر ان تكون الحرب المشروعة فيه حربا نظيفة شريفة لا يدنسها ما يكون في الحروب من العدوان على الغير ومن عدم المبالاة ومن اخذ البريء بجريرة المجرم.

الاسلام هو بخلاف ذلك فالله تعالى يقول (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) هذا كله مما يدل على ان الاسلام هو دين رحمة وبر وصلة.

ونجد ان الاسلام يأمر في معاملة الوالدين بالطيب وبالبر ولو كانا على غير الاسلام ولو كانا يستفزان ولدهما ويدعوانه الى الاشراك بالله فقد قال تعالى (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) امر ان يصاحبهما في الدنيا معروفا ولو كانا يدعوانه الى الاشراك بالله سبحانه فالله تعالى يقول (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) هذا في مقام الأمر بالبر الى الناس فالإنسان يؤمر ان يحسن الى قرابته والى سائر الناس ولو كانوا على غير الاسلام هذا كله دليل واضح على كذب الافتراءات التي تلصق بالإسلام والاسلام منها براء.

________________________________________

 جريدة عمان: الأحد 9رمضان 1433هـ / 29يوليو 2012م.

 

 

*********************************

 

 

مكانة التعليم الديني‎

 

 سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي:-- الدين مطلب فطري وكل انسان غير متدين فإنه يعيش بدون هدف في هذه الحياة اذ هذه الحياة لا يمكن ان تضبط الا بالدين فالإنسان واقع بين تيارات شتى ومطالب مختلفة حسبه كيانه فالإنسان يتكون من روح وجسم وعقل وقلب وضمير وغرائز ولكل واحد من هذه مطالب ولكل منها جواذب ودوافع فلا بد من التنسيق بينها جميعا حتى لا يوفر لجانب على حساب جانب آخر وحتى يعطى كل احد حقه في هذه الحياة لأن الناس منافعهم متداخلة ومصالحهم مشتركة على ان الخير كله انما يناط بالإيمان بالله واليوم الآخر فالإيمان بالله و الايمان بالمبدأ والايمان باليوم الآخر هو ايمان بالمعاد ولا يستطيع ان يتحكم احد في اهوائه ورغباته ونزواته ودوافعه وجواذبه الا عندما يرسخ الايمان بالله واليوم الآخر في قلبه فيستطيع ان يضع كل شيء موضعه ويستطيع الا يندفع وراء هذه التيارات التي قد تجتاح عقله ان لم يكن هنالك ما يتبعها وما يردها الى الطريق السليم.

والتعليم الديني يتناول كل جانب من جوانب الحياة الإنسانية سواء ما كان يتعلق بصلة الانسان بربه او كان يتعلق بصلته بجنسه او بصلته بمجتمعه او بأسرته او صلته بأمته او صلته بالكون الواسع الأرجاء المترامي الأطراف باعتبار الانسان هو القطب التي تدور عليه رحا هذا الكون وهو الذي سخر له هذا الكون بكل خيراته وبكل معطياته.

فإذن التعليم الديني هو الذي يرد الانسان الى جادة الحق وهو الذي يكبح جماحه وهو الذي يحد من غلوائه وهو الذي يجعل طاقاته كلها طاقات بناء بدلا من ان تكون طاقات هدم وتدمير.

فالقول بان التعليم الديني تعليم اجوف خال من النظر في مصالح الناس وحاجاتهم ومسايرة تطورات الحياة انما هو ناشئ عمن لا يفرق بين الحقيقة والوهم هؤلاء يندفعون وراء ما يردده الآخرون الذين يريدون الانحراف بالإنسان عن نهج الحق ولا يملك هؤلاء الا ترديد ما يقولونه كأنما هو اصداء لما يقوله هؤلاء المغرضون والمشككون والله المستعان.

 

 

__________________________________________

جريدة عمان: الخميس 27رمضان 1433ه / 16 أغسطس 2012م