طباعة
المجموعة: الفكر الإسلامي
الزيارات: 1599

اللجنة الدولية لأخلاقيات البيولوجيا تقر مبادئها بجامعة السلطان قابوس أهمها: العدالة والإحسان ودفع الضرر

اللجنة الدولية لأخلاقيات البيولوجيا تقر مبادئها بجامعة السلطان قابوس

أهمها: العدالة والإحسان ودفع الضرر

فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي: علينا تسخير أخلاقيات ديننا في العلوم والبحوث العلمية

أكد فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة أن اللجنة الدولية لأخلاقيات البيولوجيا التي عقدت مؤخرا ندوتها العالمية في جامعة السلطان قابوس وضعت اطارا خلقيا عاما فيه جملة من المبادئ أهمها الاستقلال والعدالة والاحسان ودفع الضرر.. مشيرا إلى أن تلك المبادئ مقررة وموجودة في الاعلان العالمي لأخلاقيات البيولوجيا.

وأشار إلى أن هناك مبادئ أخلاقية يشتمل عليها ديننا الحنيف ذات طابع إنساني عام الا أن المسلمين لم يسخروا ذلك فيما يتصل بالقواعد الخلقية في العلوم والبحوث العلمية لتعريف الناس بها.. مشيرا إلى أن هناك الكثير من التقصير في هذا المجال.وأوضح فضيلته أن اكتشافات علم البيولوجيا.. ذات خطر بالغ إن لم تؤطر بإطار أخلاقي يجنب الضرر ويجلب المصلحة للإنسان ولمفردات الحياة.. مؤكدا أن هناك متاجرة بالأعضاء البشرية وهناك اعتداء على حرمة الانسان وكرامته وانه لابد من اتقاء الوقوع في مثل هذه الحالات.. جاء ذلك اثناء لقائه في برنامج سؤال أهل الذكر من تلفزيون سلطنة عمان.. والذي حمل عنوان «أخلاق البيولوجيا».. فإلى نص اللقاء:

عقدت اللجنة الوطنية «لأخلاق البيولوجيا» ندوتها العالمية بالتنسيق مع منظمة اليونسكو عن «أخلاق البيولوجيا» في جامعة السلطان قابوس.. ماذا يحمل هذا الاختيار من دلالات بالنسبة للسلطنة والباحثين فيها؟

ان عقد مؤتمر دولي في «أخلاقيات البيولوجيا» في أرض السلطنة يشير بالكثير من الدلالات وفي صدارة هذه الدلالات والمعاني الرغبة في التطلع والتعرف على ما وصلت اليه العلوم المعاصرة في «أخلاقيات البيولوجيا».. مضيفا انه حينما نتحدث عن قضايا ومسائل «أخلاقيات البيولوجيا» فإننا نتحدث عما يتصل بالعلوم الحيوية اي العلوم التي تتناول الحياة سواء كانت حياة للإنسان او حياة للبهائم العجماوات او كانت حياة للنبات فنحن نتحدث عن الحياة بكل مكوناتها الحيوية وبالتالي تكون المسألة بالغة الأهمية وتصبح ذات خطر بالغ إن لم يصاحب هذه الاكتشافات العلمية وسبر أغوار حقائق هذه العلوم الحيوية اطار اخلاقي يوجه هذه العلوم ويسدد مسيرة هذه الاكتشافات ويؤطر ممارساتها بأطر اخلاقية وقيم دينية تجنب كل أذى أو ضرر أو مفاسد وتجلب الخير والمصلحة للإنسان ولمفردات هذه الحياة كما أن عقد هذا المؤتمر ايضا فرصة لأجل ان يتعرف الباحثون من العلماء والاطباء والباحثين في المجالات الحيوية والمشتغلين بالمختبرات وإجراء التجارب والبحوث العلمية كي يتعرفوا على ما وصل اليه العالم في هذه المجالات، وأن يعرّفوا أيضا العالم بما لديهم في هذه المجالات وبما لديهم في قضايا الأخلاقيات والمبادئ والقيم والقواعد التي تحكمهم حينما يكتشفون او حينما يطبقون ويتعاملون ولا أقل مما ذكر ما يتصل بعلوم الطب فهي في صدارة العلوم الحيوية ونحن نعرف اثر علوم الطب فان بالطب تتحقق صحة الابدان كما أن بالدين تتحقق صحة الأرواح وزكاء النفوس وتهذيب الطباع فانه لا غنى للإنسان عن صحتها وعافيته ولذلك كان حفظ النفس هو المقصد الضروري التالي لحفظ الدين.

وأضاف قائلا: ان عقد مثل هذا المؤتمر في رحاب جامعة السلطان قابوس وبتعاون بين اللجنة الدولية لأخلاقيات البيولوجيا التابعة لليونسكو واللجنة الوطنية العمانية لأخلاقيات البيولوجيا ينطوي على كل هذه الدلالات ويدل أيضا على رغبة صادقة في اجراء الحوار والمناقشات الكفيلة بتحقيق التصور التام الوافي الذي يعين الفقهاء على اصدار الاحكام الشرعية ووضع المبادئ والقواعد الخلقية الكفيلة بضبط الممارسات سواء كان في ذلك في مجال علوم البيولوجيا او في المجالات الحيوية الاخرى.

 

أخلاق علم البيولوجيا

ما حاجة الأخلاق في مثل هذا العلم الذي جاء لمساعدة الانسان نفسه؟

أجاب فضيلته قائلاً: هنا قضيتان.. اما القضية الاولى فانها تتعلق بما جاء به هذا الدين ودعا اليه.. من الحث على العلم وعلى اكتشاف النواميس الكونية ومن الامر بالتدبر والتفكر في الآيات المبثوثة في الأرض وفي السماء وفي الانفس، فالله سبحانه وتعالى يقول: (وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ، وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)، ويؤمر الحق سبحانه في مواضع شتى من كتابه الكريم هذا المخاطب بان يسير في هذه الأرض ليسبر أغوارها ويكتشف السنن والنواميس التي اجراها الله سبحانه وتعالى عليها جلبا للصلاح لنفسه وللحياة فيها ودفعا للفساد والأذى والضرر فدين الله سبحانه وتعالى أمر المؤمنين بان يسعوا إلى التعلم وإلى الاكتشاف وإلى تبين حقائق هذه الحياة ثم دعا لتسخيرها لمصلحة هذا الانسان ولا غنى للإنسان ولا غنى للحضارة الانسانية عموما ولا غنى للمسلمين بان يسلكوا لأنفسهم مسالك الاكتشاف وسبر أغوار هذه الحياة واكتشاف نواميسها وتبين قوانينها ثم بعد ذلك تسخير كل ما توصلوا اليه لصالح الانسان وصالح هذه الحياة لأن مثل هو من افضل التعبد لله تبارك وتعالى.

اما القضية الثانية فان كل عمل يقوم به المسلم لابد ان يكون منضبطا بأحكام هذا الدين فشرع الله سبحانه وتعالى كما نعلم يتناول الجانب العقدي الايماني كما يتناول الجوانب التشريعية العملية ويشمل ايضا الاخلاق والقيم، فالرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال: «الايمان بضع وسبعون شعبة اعلاها كلمة لا إله إلا الله وأدناها اماطة الأذى عن الطريق » ثم اشار الى الاخلاق بقوله: «والحياء شعبة من شعب الايمان». ومن أجل ذلك فان كل حركة من هذا الانسان في سبيل الاكتشاف والتبين ومعرفة اسرار هذه الحياة لابد ان يكون منضبطا بمبادئ القيم والاخلاق وبالقواعد الشرعية التي تؤطر له حياته كما تحثه وترشده الى الاكتشاف والسير في الارض وإعمال الملكات التي أوجدها الله سبحانه وتعالى فيه من السمع والبصر والأفئدة والعقول بالاكتشاف وتسليطها على هذا الكون وعلى الانفس تبينا وتعلما واستفادة فكل هذا لابد ان يكون مؤطرا بالقيم النبيلة والأخلاق الرفيعة بعد موافقة الأحكام التشريعية التي انزلها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز او على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم .

وأضاف: ان من العلوم والمعارف ما هو رصيد انساني عام فهو من حيث حقائقه ومن حيث نظرياته لا يختلف بين ثقافة وأخرى وحضارة وأخرى ودين وآخر لأنها من العلوم التي تتصل بالكون والحياة وتتعلق بقوانين الكون وبنواميس هذه الحياة، ولكن من حيث التميز انما يكمن في توجيه هذه العلوم والمعارف فحينما كانت الريادة للمسلمين فان انبعاثهم انما كان على هذه الأسس الشرعية فهم انطلقوا مكتشفين متبينين ناظرين في الآيات في الكون وفي الأنفس من هذه الأسس الشرعية ومن تلك القواعد الخلقية والمبادئ القيمية النبيلة ولذلك توافقت علومهم ومعارفهم وما توصلوا اليه مع هذه الأسس لم يكن التاريخ ولا المجتمع هو الوعاء الذي يستقون منه اخلاقهم ومبادئهم وقيمهم لكن لما حصل التراجع الحضاري وتأخر المسلمون في فهم دينهم اولا ثم في تطبيقه حصل تراجع حضاري ايضا فيما يتصل بالعلوم والمعارف، فأخذ المبادرة غيرهم فصبغوا هذه العلوم والمعارف ايضا بصبغة حضاراتهم وثقافاتهم وواقعهم، ونحن نجد انهم انما يستقون من التاريخ ومن حركة المجتمع ولذلك تجد ان هناك تباينا وتفاوتا فيما كان يعد قبل نصف قرن من الآن من القيم والاخلاق، فما عاد الامر كذلك بل لعلهم انتقلوا الى النقيض تماما وذلك لأن معايير القيم والاخلاق عندهم متفاوتة ومتغيرة ومتبدلة على خلاف معايير الاخلاق وعلى قواعد ومبادئ القيم التي يحتكم اليها المسلمون في دينهم فان فيها ثوابت كما ان فيها مساحة للمتغيرات الا ان تلك الثوابت تظل ثوابت لا تتغير وهي التي تحكم لهم افعالهم كما انها تسمح لهم بمساحة من الحركة فيما هو من المتغيرات فحينما تراجع المسلمون وتقدم غيرهم وصبغوا ما وصلوا اليه من علوم ومعارف ومناهج البحث العلمي عندهم بصبغة ثقافاتهم وحضاراتهم واطروحاتهم الفكرية فان ذلك ولد الكثير من التعقيدات والمشكلات الفقهية والشرعية العامة والعقدية كما انه ولد في المقام الاوسع مشكلات خلقية كبيرة لا يكاد ان العقل يتصورها، مشيرا إلى التلاعب بالجينات والتلاعب بخلق هذا الانسان وصل حدا بعيدا ولا نعرف إلى أين سيصل اذا استمرت الامور هكذا.

وأوضح فضيلته قائلا: اليوم يمكن ان يولد شخص ذكرا كان أو انثى من عدة آباء وأمهات، وقد ولد فعلا وبعض قوانين هذه الدول أصبحت تشرّع مثل هذا الفعل ناهيك بموجة الالحاد الطاغية التي أصبحت ايضا تهيمن على مناهج البحث العلمي وعلى المؤسسات البحثية المعنية بهذه الاكتشافات فأصبحت لا ترى حاجة أصلا إلى أطر اخلاقية لأنها تستهدف بعنف وقسوة هدم القيم والاخلاق والاعتراض على الدين ولذلك نجد تبعا لذلك الكثير من التعقيدات التي نشأت ايضا بسبب هذه الهيمنة الالحادية البعيدة عن الاخلاق مما يتصل باللعب بالجنس البشري على سبيل المثال ومما يتصل بقضايا تحويل الجنس وما يتصل بقضايا الأمومة وعدم الاكتراث بها فيمكن ان نجد ان من الممارسات التي توجد لها تطبيقات علمية وتمارس في بعض المراكز البحثية والمختبرات والمعامل العلمية فشرعوا أولا للزواج المثلي ثم اوجدوا له وسائل علمية لأنهم يحتاجون الى ذرية وفي ذات الوقت نجد تناقضا فيما يتصل بتوسعهم في حالات الاجهاض وعد ذلك امرا يرجع إلى الأبوين او إلى الزوجين.. كل هذه التعقيدات ألزمت المتدينين والمعنيين بالأخلاق سواء كانت دينية مصدرها الدين او اخلاق عالمية كما يدعي البعض ان يولي عنايته واهتمامه بمثل هذه القضايا وان تتضافر الجهود لأجل توجيه هذه المكتشفات وتوجيه هذه العلوم والبحوث العلمية لوجهة رشيدة تعود بالمصلحة لهذا الانسان لكنها لا تمس ما يتصل بخلقة هذا الانسان كما انها لا تمس ما يتصل بالقيم الانسانية وبأصل الفطرة التي أوجدها الله سبحانه وتعالى ولأن خللا كبيرا سيترتب على ذلك في معنى الانسانية وفي دور هذا الانسان وفي تركيب هذا الانسان الذي خلقه الله سبحانه وتعالى في أحسن تقويم.

 

أهم المبادئ

ما هو المبدأ الأخلاقي الذي رفع في هذه الندوة؟

اللجنة الدولية لأخلاقيات البيولوجيا وضعت اطارا خلقيا عاما فيه جملة من المبادئ التي يمكن ان يقال انها مقبولة وأهم تلك المبادئ مبدأ الاستقلال ويقصد به الحرية في اتخاذ القرار، أي أن يكون من تجرى عليه البحوث حرا مختارا مريدا فيما يتصل باجراء هذه البحوث أو فيما يتصل بمداواته وطبيبه وتمريضه، وهناك مبدأ العدالة، وهناك مبدأ الاحسان ومبدأ دفع الضرر وهي من المبادئ المقررة الموجودة في الاعلان العالمي لأخلاقيات البيولوجيا.. اخلاقيات الطب والبحوث الحيوية موضحا اننا الآن نتحدث عنها كمبادئ نظرية بقطع النظر عن كونها مطبقة في أرض الواقع.

وأوضح فضيلته انه نشأت تبعا لها جملة من الفروع والجزئيات المتعلقة بحق المريض في الاطلاع على المعلومات الكافية وأخذ موافقته وكيفية التصرف ان لم يكن أهلا للتصرف والرضا والموافقة واظهار الموافقة واشتراط ان تكون هذه الموافقة في بعض التطبيقات مكتوبة وفي بعض الاحيان مشهودا عليها ثم ما يتصل أيضا بنوع الأبحاث التي تجرى.. مشيرا إلى أن هناك مبادئ واخلاق ويمكن لنا ان نلتقي فيها مع غيرنا وهناك الكثير من العقلاء والمفكرين والفلاسفة والمنظرين من يدعون الى اخلاق عالمية.. فما المانع من ان تكون هذه الاخلاقيات العالمية منشأها الدين، موضحا ان هناك مبادئ اخلاقية يشتمل عليها ديننا الحنيف ذات طابع انساني عام شامل لكن المسلمين للأسف الشديد لم يسخروا هذه الثروة العظيمة التي عندهم فيما يتصل بالقواعد الخلقية في العلوم والبحوث العلمية لتعريف الناس بها تطبيقا اولا ثم تعريفا ونشرا وممارسة ودعوة اليها والا لتغير الحال مشيرا فضيلته الى أن هناك الكثير من التقصير في هذا المجال الا أن هناك جهودا تبذل تحقق مثل هذه الغايات لأنها تلتقي على أرضية مشتركة.

ما توصل اليه هذا العلم فيما يتعلق بتغيير هيئة الانسان او بعض المناطق في جسمه كتحسين الانف مثلا او ادخال بعض التحسينات – ان صح ان نستخدم هذا التعبير – على جسم الانسان.. هذا التدخل البيولوجي أصبح معلوما ومعترفا به في دول كثيرة ويمارس بشكل كبير لكن عندما جاء هذا الامر عند المسلمين فانهم يناقشون هذا الموضوع في اطار التغيير لخلق الله الذي نهى عن ذلك الخالق العظيم.. هذه الآية التي يستشهد بها الفقهاء يفسرها البعض ان المقصود بهذا التغيير ليس التغيير الشكلي انما التغيير الذي يؤدي الى الوثنية كتبتيك آذان الانعام او وضع علامة في الجسم كالوشم يدل على الوثنية..

الآن امام موضوع البيولوجيا الذي قد يساعد الانسان على تحسين صورته كالزوج للزوجته والعكس وهو مقصد شرعي أصلا.. ما رأيكم في هذه القضية؟

أجاب فضيلته قائلا: هذه القضية تعود إلى اصلين اثنين او يمكن تقسيمها إلى نوعين، اما النوع الأول فانه للأسف الشديد عد من التجميل المحض وليس هو كذلك فهو من ازالة التشوه أو عيب لعلة ما قد تكون العلة حادثة وقد تكون هذه العلة أصلية لكنها باتفاق العقلاء انه تشوه وعيب.. هذا لا مانع شرعا وقد صدرت قرارات من مجمعات فقهية تجيز هذا التصرف، وقد حصل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في قصة الصحابي الذي جدعت انفه فنصحه رسول الله صلى الله عليه وسلم اول الامر ان يتخذ انفا من فضة فأنتنت فعاد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يتخذ أنفا من ذهب فهذا لإزالة تشوه او لمعاجلة عيب فهذا نوع من التداوي المأمور به ايضا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فما كان مندرجا تحت هذا النوع فلا اشكال فيه.

اما ما كان تجملا محضا فهذا هو المنهي عنه وقد نُهي عنه لجملة اسباب شرعية ولاعتبارات مقاصدية لها مكانتها في هذا الدين وأول هذه الاعتبارات هو سد باب عدم الرضا بما قسمه الله سبحانه وتعالى لهذا الانسان، فتجد ان هذا الانسان مشغولا بهيئته وصورته وكأنه غير راض عما قسمه الله سبحانه وتعالى له من هيئة وصورة فينشأ تبعا لذلك هذا التسخط على قضاء الله سبحانه وتعالى ثم يترتب على ذلك أيضا آثار نفسية عديدة وقد يصحبها بعد ذلك هذه الممارسات اشتغالا بصرف الوقت والجهد والمال والانتقال من صورة الى اخرى، وهذا الدين ليس دين عبث، وكل الادلة الشرعية جاءت لارساء ان هذا الدين هو دين عمل ودين عبادة ودين تدين لله تبارك وتعالى وعبودية خالصة وتخلق بالأخلاق الفاضلة الرفيعة وبعد عن سفاسف الأمور وبعد عن العبث والمجون، ومثل هذه الأعمال التي لا تنفع هذا الانسان ولا تضيف اليه شيئا.

واشار فضيلته الى ان الانسان مأمور بالتزين والعناية بالنظافة وتعهد المخابر والمحافظة على سنن الفطرة ما ثبت ايضا عن صحبه الكرام رضوان الله عليهم انما الرجل فينا يحب ان يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة والنبي صلى الله عليه وسلم ما عد ذلك من الكبر ولا من البطر لكن هناك انواعا من التزين كالذي تفعله النساء من النمص ومن وصل الشعر ومن تفليج الاسنان فمثل هذه التصرفات ممنوعة شرعا فلا حاجة الى ان يعاد بحثها ودراستها لأن فيها نصوص شرعية ولا اجتهاد في مورد النص.

 

التبرع بالأعضاء

هل يسوغ أن يوصي الانسان بانه يتبرع ببعض أعضائه؟

هذه من ضمن المسائل والتعقيدات التي تناقش ولا زالت القضية محل بحث وذلك لتعارض الادلة فيها ومثل هذه القضايا المتعلقة باخلاقيات البيولوجيا لا ينبغي ان يكون الافتاء فيها افتاء فرديا لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره وبالتالي فان تصور المسألة تصورا دقيقا وافيا شاملا جزء اصيل من التمكن من اصدار الحكم الشرعي.

نرجو النصح لمن يشترون الاعضاء كالكلى او الكبد وذلك لإجراء عمليات خارج السلطنة في دول اشتهرت بإجراء العمليات غير المشروعة؟

اجاب فضيلته: الشراء غير مسموح به أصلا حتى في مبادئ اخلاقيات البيولوجيا وانما النقاش حول التبرع بالأعضاء ومن يجيزون التبرع بالأعضاء فانهم منعوا المتاجرة بالأعضاء لكن الحاصل وللأسف الشديد هناك سوق سوداء للمتاجرة بالأعضاء وهناك متاجرة بالأعضاء البشرية وهناك اعتداء على حرمة هذا الانسان وعلى كرامته فلابد من التورع ومن اتقاء الوقوع في مثل هذه الحالات لاسيما وان مثل هذه الاسواق كثيرا ما تكون موبوءة لعدم ملاحظة الاشتراطات الصحية ولا العوامل الوقائية التي يجب عليهم اتقاؤها فلأجل ذلك لا من حيث الاصل ولا من حيث الممارسة يمكن ان يسوغ مثل هذا الفعل. والله تعالى أعلم.

------------------

جريدة عمان: الجمعة, 22 جمادى الأول 1436هـ. 13 مارس 2015م

متابعة: سالم بن حمدان الحسيني