◄ الارتكاز على ثوابت ديننا مع انفتاح المجال للتغيير والتطوير

◄ مطالبات بتحديد ماهية الهوية ليدرك الشباب ضرورة تجسيدها في واقعهم

أكد مواطنون أنّ الهوية تشكّل أساساً لشخصية الفرد، يعرفُ بها، ويُنسبُ إليها وأنها تشمل الكثير من العناصر المهمة كالقيم والمبادئ والأفكار والسلوكيات.

وقالوا: بقدر ما تترسخ الهوية وتتسع مساحتها بقدر ما يعمّق ذلك الانتماء والولاء الوطني. كما يميّز ذلك أيضاً طابع الخصوصية ويزيده تفرُّداً بين سائر المجتمعات الأخرى.

وأضافوا أن هذا لا يعني التقوقع حول مرتكزات لا تقبل التجديد وإنّما الارتكاز على ثوابت مع انفتاح المجال للتغيير والتطوير وفق ضوابط تقع في إطار متّفق عليه اجتماعياً.

يقول إسحاق بن مبارك بن سيف الفارسي: من أهم أسباب انسلاخ الشباب من هويته الإسلامية المعتقدات الفكرية الخاطئة، فالكثير من الشباب لا يدرك ما هي محددات الهوية اﻹسلامية التي نطالبه بها وبالتالي: كيف نلومه على عدم التزامه بها؟

يجب أن يتم تحديد ماهية الهوية ليدرك الشباب أسباب وضرورة تجسيدها في واقعه وهذا يتم من خلال الحوار المجتمعي مع الشباب.

وأضاف: تغيب عن أذهان الشباب محددات الهوية الإسلامية وهي ليست ضمن اﻷولويات والضروريات لديهم، ومن ناحية أخرى فإن بعض اﻷطروحات الدينية تحاول أن تلصق بالهوية اﻹسلامية ما ليس منها وبالتالي حصل الكثير من الخلط والضبابية حولها،

وتابع: اﻷصل في مثل هذه القضايا أن نبحث عن المحددات المتفق عليها والتي يعتبرها البعض الحد اﻷدنى للهوية؛ وبذلك يدرك الشباب ما لهم وما عليهم.

فيما يشير عمار بن سعيد بن ناصر المسكري إلى ضرورة تغيير ثقافة الشباب من الانكفاء على سماع الأغاني والأفلام إلى ثقافة بناءة أكثر رحابة وفائدة حتى نعزز لديهم الهوية الإسلامية

وقال إسحاق بن يحيى بن خميس المحاربي: يخطط الغرب منذ وقت بعيد لتدمير الأسر المسلمة بتركيزه على تغريب المرأة مما يؤدي إلى ضياع أسر كبيرة وما نشاهده اليوم من انتكاسة للشباب ما هو إلا حصيلة تخلي الأسرة عن تربية الأبناء التربية الصالحة وترك المسؤولية للمدرسة أو أيّة مؤسسة تربوية أخرى، مما أدى إلى تنمية الجيل الناشئ في بيئة خصبة لفقد الهوية الإسلامية أولاً ثم هويته الوطنية والعربية.

وبسبب ترصد الجهات الحاقدة التي تهدف إلى تضييع وتمييع شباب الإسلام إنقاد كثير من الشباب إلى الأسلوب الغربي المرتكز على إشباع الشهوات والتركيز على الحياة المادية وفقد الاتصال بالرحمن الرحيم.

ويضيف لو أنّ الأسرة والمجتمع وقفا يداً بيد وركزا في تنشئة الأبناء على أساس من الصلاح والاستقامة وحب العلم وخدمة الوطن لما تدنى حال الشباب.

ويرى إبراهيم بن خميس الظهوري أن من بين الأسباب التي أدت إلى ابتعاد الشباب المسلم عن دينه وبالتالي ظهور القصات الغريبة والمياعة بأنواعها الشدة والغلو وعدم تربية النفس الجادة وعدم مراقبة العلي القدير في الخلوات، وعدم حفظ اللسان وعدم الدعاء بالثبات وأمراض القلوب (إتباع الهوى – حب التصدر– العجب – الرياء– الشهوة) والالتزام الأجوف الظاهر وترك الاهتمام بالباطن والانغماس في الدنيا وحبها وهجر القرآن (قراءة – و تدبرًا – وحفظـًا) والمزاح الفاحش، والبعد عن الرفقة الصالحة والتوسع في المباحات والرجوع إلى الرفقة السيئة وعدم حضور المحاضرات وكثرة الانقطاع عنها والتهاون في بعض الفرائض والضغوط من الوالدين وغيرهم وقراءة بعض الكتب التي تخل بالعقيدة وعدم تنظيم الوقت وإضاعته فيما لا ينفع والفراغ وهو مفتاح الضياع والعزلة غير المحمودة مما يجعل الشيطان يسيطر على الشخص. والتأثر بالمصادر الخارجية (القنوات– الإنترنت وغيرها) والجلوس عند المنكرات بهدف الدعوة وعدم التبكير إلى المساجد والضعف في مواجهة المشاكل الاجتماعية مما يؤدي إلى ترك الالتزام وعدم التقرب إلى الله بالنوافل (السنن الرواتب – صيام النوافل – قيام الليل ) وترك الأذكار والتهاون فيها.

ويشاركه الرأي يوسف بن يعقوب بن عناد الوحيدي مؤكدًا أنّ من بين أسباب انسلاخ الشباب من هويتهم الإسلامية غياب الموجه أو المربي للشباب والتعلق ببعض الأشخاص غير المسلمين وعدم التعلق بالدين والتفريط في عمل اليوم والليلة وعدم الإحساس بالندم على ذلك وعدم التورع عن المشتبهات.

والاهتمام بالمظاهر اهتمامًا زائدًا .وعدم الاهتمام بأحوال المسلمين وعدم إنكار المنكرات مع قدرته على ذلك والكبر وعدم تقبل النصيحة وحب الخصام مع الآخرين وكثرة الجدال بغير حق والابتعاد عن الشباب الملتزم لفترة طويلة وحب الراحة والتكاسل عن مجاهدة النفس والتمادي في ارتكاب الصغائر وعدم الجدية في الالتزام والزواج بزوجة غير صالحة والحماس الزائد في غير محله والتعرض إلى الفتن.

 ويشير نبهان المقرشي إلى أنه على الرغم من كثرة الكتابات في موضوع الهوية، وكثرة التحذيرات من الانسياق وراء كل ما يصدُر عن الغرب من أفكار وآراء ومعتقدات؛ إلا أنّ واقعنا ينذر بخطر شديد فيما يخص هويتنا الإسلامية والعربية، وتعرضها لاختراقات وهجمات من قبل الغرب على مختلف توجهاته وانتماءاته.

والهوية الإسلامية نقصد بها: "الإيمان بعقيدة هذه الأمة، والاعتزاز بالانتماء إليها، واحترام قيمها الحضارية والثقافية، وإبراز الشعائر الإسلامية، والاعتزاز والتمسك بها، والشعور بالتميز والاستقلالية الفردية والجماعية، والقيام بحق الرسالة وواجب البلاغ، والشهادة على الناس والأمثلة على ذلك كثيرة فيمكنك أن ترى أزمة الهوية الإسلامية في الشباب الذي يعلق أعلام دول غربية في عنقه وفي سيارته، وفي الشباب الذي يتهافت على تقليد الغربيين في مظهرهم ومخبرهم، وفي المسلمين الذين يتخلون عن جنسية بلادهم الإسلامية بغير عذر ملجئ ثم يفخرون بالفوز بجنسية البلاد الغربية وفي المذيع المسلم الذي يعمل بوقاً لإذاعة معادية لدينه من أجل حفنة دولارات، وفي أستاذ الجامعة الذي يسبح بحمد الغرب صباحا ومساءً ويوم أن ضيَّع أفراد الأمة هويتهم، وذهبوا يتخبطون في دياجير ظلمة الحضارة المعاصرة بحثاً عن هوية، ظهرت نسخة مشوهة من الحضارة الغربية بين شباب بلاد الإسلام، حيث ظهر من يقلدهم في لباسهم وأكلهم وشربهم وقصات شعورهم، بل وحتى في سعيهم البهيمي إلى إشباع شهواتهم، وظهر من فتيات الإسلام كذلك من تعرت وتفسخت وتركت حجابها وظهرت على شاشات الفضائيات والقنوات مغنية أو راقصة أو مقدمة، والأدهى من ذلك والأمر أن هناك من بني جلدتنا وممن يتكلمون بألسنتنا يسعون باسم الثقافة والتقدم إلى مزيد من طمس الهوية الإسلامية؛ فيسعون لكشف المحجبة، وإفساد المؤدبة، وإخراج المكنونة المستترة..

ويضيف أسعد عبد الباقي قائلاً: إنّ الأزمة بلغت حد أن الأمة صارت تستورد قيمها من غيرها لتبني حضارتها ولاشك أن هذه أعظم مخادعة للذات؛ لأنها تبني بيتها على جرف هار، إن من يتصور أن في إتباع قيم الآخرين ومناهج حياتهم الوقاية من بطش أمم شاء الله لها العلو في الأرض زمناً والإفساد فيها إلى حين هو واهم؛ لأنّ صدام الحضارات والأديان والثقافات أصبح حقيقة واقعة ومعلوم من التاريخ والواقع بالضرورة..وإن الخطر الأكبر الذي يتهدد الأمم والشعوب في هذا العصر، هو ذلك الخطر الذي يمسّ الهوية الإسلامية الثقافية والذاتية الحضارية والشخصية التاريخية للمجتمعات الإنسانية في الصميم، والذي قد يؤدي إذا استفحل، إلى ذوبان الخصوصيات الثقافية التي تجمع بين هذه الأمم والشعوب، والتي تجعل من كل واحدة منها، شعباً متميزاً بمقومات يقوم عليها كيانه، وأمة متفردة بالقيم التي تؤمن بها وبالمبادئ التي تقيم عليها حياتها. ومهما تكن الألفاظ الجامعة التي يوصف بها هذا الخطر الذي بات اليوم ظاهرةً تكتسح مناطق شتى من العالم، بما فيها المناطق الأكثر نموّاً والأوفر تقدّماً في المجالات كافة، وأياً كانت طبيعة هذه الظاهرة وحجمها والأدوات التي تستخدم في تحريكها، فإنّ مما لاشك فيه أنّ الهوية والثقافة بخصوصياتهما ومكوّناتهما ومقوماتهما، هما المستهدف في المقام الأول، وأن الغاية التي يسعى إليها الماسكون بأزّمة السياسة الدولية في هذه المرحلة، هي محو الهويات ومحاربة التنوع الثقافي، والعمل على انسلاخ الأمم والشعوب عن مقوماتها، لتندمج جميعاً في إطار النموذج الأمريكي الأقوى إبهاراً، والأشدّ افتتانا في العصر.

-----------------------------

جريدة الرؤية: الخميس, 16 يناير 2014

 

 مالك بن أحمد الهدابي