نتيجة بحث الصور عن الخليلي

الإقدام على القول بغير علم مقرونا بالشرك وتبديل أحكام الله أمر خطير..

أكد سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي ان الإقدام على القول بغير علم مقرونا بالشرك وتبديل أحكام الله أمر خطير، وأن التحيز لجانب على حساب جانب آخر لهوى عاطفي أو عصيبة جنسية أو عنصرية أو فكرية لا حساب في موازين الإسلام.

وأوضح سماحته ان المشكلات المستجدة منشؤها عدم إعطاء الشيء حقه والناس أضاعوا الحياة بسبب فقدهم موازين الحق.

 

وشدد على ان يقوم علماء الأمة بالعمل على إطفاء النار وألا يشعلوها والإنسان مسؤول عن كل كلمة يقولها ويكتبها .. جاء ذلك في جلسة حوارية (الكاتبون في الشبكات حدود المشاركة وضوابط التعامل) ضيفها سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة بجامع السلطان قابوس نزوى حاوره فيها الدكتور سيف بن سالم الهادي .. وإلى ما جاء في الحوار.

 

القضية الحالية التي يعيشها الناس في هذه الأيام والتي فتحت شهية الكثيرين للكتابة فيها والادلاء بدلوهم، هذه تتعلق بالأزمة السياسية في العالم الاسلامي أزمة سياسية تحدث في وطن من الاوطان بين حاكم وشعبه شعاراته الحريات الى غير ذلك الا انها تتحول تدريجيا الى الحديث عن الطائفيات ويبدأ العلماء الكبار الذين يعتبرون قدوة وينتظر الناس منهم ان يقدموا خطابا يلم شعث الامة، يخوضون فيها كل بدلوه وبطريقته الخاصة وقد قدر ما يكتب بين طوائف المسلمين من التناحر أكثر مما تكتبه أوروبا في العلوم الانسانية والناس تنظر الى هذا الموضوع ببساطة تامة، هل ترون سماحة الشيخ ان مثل هذه الكتابات سيتحمل اصحابها شيئا من الحقوق والدماء في امر الامة الاسلامية؟

 

نعمة الله سبحانه وتعالى ان لم تستخدم في طاعته وفي  التقرب اليه كانت نقمة ولذلك قال سليمان عليه السلام (لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُر) ونحن نرى هذا العالم وكأنما زويت أبعاده واختزلت مسافاته فأصبح قرية صغيرة علينا أن نقوم بالحق الذي فرضه الله سبحانه وتعالى علينا وهو ابلاغ دعوة الحق وكلمة الله الى عباد الله سبحانه المنبثين في هذا العالم وما احوج الامة السلمة اليوم الى ان تقوم بهذا الدور الريادي ما بين الناس جميعا فإن هذه القطعان البشرية الحائرة الضالة تحتاج الى قيادة لتنتشلها من هذا الضياع وإلا فقد انقلبت الحضارة وبالا على هذه الانسانية بفقدانها روحها وروح هذ الحياة بأسرها الايمان بالله وحسن الصلة به سبحانه وتعالى.

 

وهذه المشكلات المستجدة وهذا التطاحن انما منشؤه عدم اعطاء الشيء حقه فالناس مع الأسف الشديد اضاعوا الحياة بأسرها بسبب انهم فقدوا موازين الحق فيها فالعلاقة بين الحاكم والمحكوم عادت علاقة تسلط ولم تعد تلك العلاقة التي بينها الله سبحانه وتعالى في كتابه عندما قال لنبيه صلوات الله وسلامه عليه (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)، العلاقة بين الحاكم والمحكوم يجب ان تكون قائمة على هذا كله يجب ان تكون علاقة رحمة وأن تكون علاقة عفو وأن تكون علاقة استشارة وأن تكون علاقة تعاون على الخير حتى يكون التكامل ما بين القمة والقاعدة وألا يكون هنالك تنافر، ولكن عندما يتحول الحكم الى تسلط والى تفرعن وإلى علو في الارض فإن ذلك هو الذي يفسد الحياة بأسرها ويضيع الاوراق حتى لا يستطيع الانسان ان يميز بين حق وباطل وبين ظلم وانصاف.

 

وعلماء الامة هم بلا ريب مسؤولون عن التوجيه، توجيه الكل، توجيه القمة وتوجيه القاعدة وهم مطالبون بأن يطفؤوا النار لا ان يشعلوها وهم مطالبون على ان يحرصوا الى ايصال الحقيقة الى النفوس حتى تتشرب هذه النفوس بهذه الحقيقة فتميز بين الحق والباطل وبين الهدى والضلال وبين الانصاف والجور.

 

إن مسؤولية الانسان في هذه الحياة مسؤولية عظيمة لأن الله سبحانه وتعالى اختاره من بين سائر انواع الخلق لأن يكون خليفة في الارض هذا الاستخلاف هو تشريف من ناحية وهو تكليف من ناحية اخرى فلا ريب ان الانسان مسؤول عما قدم من عمل وآخر واذا كان الناس جميعا يشتركون في هذه المسؤولية فان علماء الأمة بلا ريب هم اكثر اضطلاعا بهذه المسؤولية فالثقل على كواهلهم هو اعظم كما ان الحكام هم ايضا مسؤولون ومسؤوليتهم كبيرة فعليهم ان يضعوا كل شيء موضعه وعلماء الامة عليهم ان يقولوا كلمة الحق فالله سبحانه وتعالى فرض على الجميع كلمة الحق كلمة، كلمة الانصاف التي لا محاباة فيها لأحد على حساب احد الله سبحانه تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) ويقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)..

 

فالجميع مفروض عليهم ان يقولوا كلمة الحق التي تعدل بين الجميع وتنزل كل احد منزله تقول للظالم انت ظالم في هذا الامر وتقول ايضا للمظلوم الحق لك بحسب حكم الله سبحانه وتعالى وتبين للظالم ما للظالم عليه من حق، هذه هي مسؤولية الامة من غير تحيز لجانب على حساب جانب آخر من اجل هوى عاطفي او من اجل عصبية جنسية او عنصرية او عصبية فكرية هذه امور كلها لا يحسب لها أي حساب في موازين الاسلام ولذلك نحن نجد ان الله سبحانه وتعالى عندما انزل القرآن الكريم ليكون قاعدة الانصاف بين الناس جميعا لم ينزل فيه نظريات تشريعية عادلة فحسب وانما جعله منهجا تطبيقيا ولذلك جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى وحي من عنده سبحانه يبرئ يهوديا مما ألصق فيه من تهمة جائرة مع كون اليهود اشد الناس عداوة للذين آمنوا ولكن الانصاف يجب ان يكون حقا مشتركا بين جميع الناس لا فرق فيه بين قريب وبعيد ولا بغيض وحبيب ولا بين من هو اقرب نسبا او اقرب علاقة او اقرب فكرا هذه الامور كلها لا قيمة لها في موازين الاسلام وعليه فعندما يكون هؤلاء الذين يحيدون عن طريق الحق ولا يسيرون في هذا النهج الصحيح عندما يكونون مستغلين لهذه الوسائل في التفريق وفي إلقاء النار على الوقود لا ريب ان مسؤوليتهم مسؤولية كبيرة فكل دم حرام يسفك وهم شادون على ازر هذا السفاك او حرمة تنتهك او عرض ينتهك او حق يضاع هم بلا ريب مسؤولون عنه فكل احد يسأل عما قدم وأخر يوم القيامة كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يُسأل عن خمس عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما ابلاه وعن ماله من اين اكتسبه وفيما انفقه وماذا عمل فيما علم) ونسأل الله تعالى التوفيق للخير.

 

أثر ما يكتب

الكثير من الناس يجدون انفسهم من منطلق العواطف منساقين للكتابة في هذه الامور ما حدود ما يمكن ان يكتبه الانسان في امر النزاعات بين الدول والشعوب او امر النزاعات بين الطوائف؟

 

الانسان مسؤول عن كل كلمة يقولها فان الله تعالى يقول: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ان الرجل ليتكلم بالكلمة من رضى الله لا يحسب ان تبلغ ما بلغت فيكتب الله بها رضاه الى يوم يلقاه وان الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يحسب ان تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه الى يوم يلقاه) والنبي صلى الله عليه وسلم عندما اوصى معاذا رضي الله تعالى عنه اشار الى لسانه وقال: (الا ادلك على ملاك ذلك كله امسك عليك هذا فقال له يا رسول الله ائنا مؤاخذون بما نقول، قال له ثكلتك امك وهل يكب الناس في النار على وجوههم او قال على مناخرهم الا حصائد ألسنتهم) واذا كان هذا في منطلق القول في الكلمة العابرة التي سرعان ما تتلاشى في الفضاء فكيف بالكلمة الثابتة التي يدونها الانسان بيده فالانسان يؤمر الا يكتب بيده شيئا الا وهو يدرك تماما انه سيسره يوم يلقى ما كتبه يوم القيامة. فعلى كل احد ان يحسب حسابا لما يكتبه كما ان يحسب حسابا لما يقوله فالقلم احد اللسانين ولربما كان ابلغ لأن القلم يبقي ما يقال بينما ما يقال باللسان انما يتلاشى في الفضاء وما يدونه القلم يبقى فكيف اذا كانت الكتابة كما هو الشأن في هذا العصر تنتشر بسرعة الضوء في هذا العالم لا يكاد الانسان يكتب شيئا الا وتتلقفه الاجهزة وينتشر عبر العالم كله فاذن على كل من يكتب في ذلك أي كتابة ان يفكر فيما يكتبه وان يفكر في اثر ما يكتبه على عقول الناس وعلى حياة الناس الفكرية والعملية وحياتهم السياسية والادبية والاجتماعية.

 

القول عن بصيرة

اتيحت الفرصة للناس ان يكتبوا ما توصلت اليه علومهم ومعارفهم وكثير منها لم تنظجه قراءة فاحصة ولا تلمذة نجيبة كيف تنظرون الى مستقبل العلم في ظل اتاحة الفرصة لكل الناس ان يعرضوا علومهم؟

 

الانسان يؤمر الا يقول أي شيء الا عن بصيرة فان خطوات الانسان يجب ان تكون مدروسة وكلماته يجب ان تكون معبرة عن الحق والحقيقة لا ان تكون مجانبة للحقيقة، الانسان محاسب على ما يقوله ومحاسب على ما يعمله ولربما كانت محاسبته على القول اكثر من محاسبته على الفعل لأن فعله انما هو لنفسه اما ما يقوله الانسان فانه ينتقل الى غيره ولرب كلمة تؤثر في فكر الناس وفي سلوكهم وفي تصرفاتهم فتنحرف بهم وتهوي بهم في مكان سحيق من الضلالة لذلك كان على الانسان ان يحذر ايما حذر من أي كلمة يقولها الا بعد دراستها وتؤكده بانها موافقة لحكم الله فان الله سبحانه وتعالى قرن بين التقول عليه وبين الاشراك به عندما قال: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) وهذا الاقتران بين التقول على الله وبين الشرك بالله سبحانه وتعالى انما يدل على ان المسافة التي بينهما مسافة قريبة فان التقول على الله قد يفضي الى الشرك والعياذ بالله، عندما يحرم الانسان ما لم يحرمه الله او عندما يحل ما حرمه الله فالله سبحانه وتعالى شدد على ذلك في عدة آيات من كتابه فقد قال عز من قائل: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ، مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) وقال سبحانه وتعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ) وبيّن تعالى ان الذين يفعلون ذلك انما هم المشركون فقد قال سبحانه: (وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ)..

 

وقال: (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ) ونعى على اولئك الذين يقدمون على هذه الخطوة الجريئة فيحرموا ما لم يحرمه الله سبحانه وتعالى وقرن بين هذا العمل الجريء وبين قتل الاولاد عندما قال: (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ).

 

ومن المعلوم ان الانسان مطالب في كل اعماله وفي كل تصرفاته ان يزن هذه التصرفات بموازين العلم الدقيقة فان الله سبحانه وتعالى يقول: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) وأشد من ذلك الاقدام على القول بغير علم ولذلك جاء مقرونا بالشرك لما يترتب عليه من التعسفات الغريبة بحيث يحل الانسان ما حرم الله ويحرم ما احل الله سبحانه وتعالى ويبدل احكام الله فيجعل من الباطل حقا ومن الحق باطلا هذا امر خطير جدا، ولذلك وضع العلماء قيودا وضوابط للاجتهاد وبينوا ان له شروطا لا بد من استجماعها ليتمكن الانسان من الاجتهاد فأولئك الذين يدفعون بالجهلة الى ان يقولوا على الله ما لم يأذن به الله ويدفعون بهم الى الجرأة على الافتاء او التكلم في امور الدين بغير ما اذن به الله سبحانه وتعالى انما يدفعون بهم الى الهاوية والعياذ بالله ولا يدري احد ما يترتب على هذا من الفتنة العمياء التي قد تشعل حروبا بين الناس وقد تؤدي الى انتهاك للحرمات وتؤدي الى فساد في الارض ولذلك نرى ان هذه القضية في منتهى الخطورة فكل شيء يجب ان يوضع في موضعه واذا كان العمل الدنيوي لا يمكن ان يتقنه إلا الخبير به ومن يحمّل امانة هذا العمل يجب ان يجتمع فيه عنصران القوة والامانة فانه ولا ريب العمل الديني احرى بذلك..

 

الله تعالى يقول فيما يحكيه عن ابنة الرجل الصالح: (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) القوة في كل شيء انما هي بحسب ذلك الامر فكل شيء مباشرته بقوة تناسبه، قد تكون القوة قوة تفكير وقوة فهم وادراك، كما تكون احيانا القوة قوة عضلات ولكن ليست القوة في كل موقف قوة عضلات ففكر الانسان هو الذي يقويه وهو الذي يضعفه وهو الذي ينهض به وهو الذي يقعده فبقدر ما يكون الانسان على بصيرة في أي امر لا ريب انه يكون اداؤه لذلك الامر اداء متقنا ومن أجر على ان يسير بركب كدليل لهم وهو يتخبط لا يدري الى اين ينتهي، ينتهي بهم الى ان يهلكهم قد يقطع بهم الصحاري من غير ان يصلوا الى الغاية التي يطلبونها وقد يهلكون عطشا وجوعا كذلك بالنسبة الذي يبصر الناس بأمر الدين لا بد من ان يكون على بصيرة، الدعوة الى الله لا بد ان تكون على بصيرة..

 

نحن نرى ان الله سبحانه وتعالى يقول خطابا لنبيه صلى الله عليه وسلم: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) فالدعوة لابد من ان تكون على بصيرة والقرآن يبين ان الدعوة انما هي مقرونة بالفقه في الدين عندما يقول سبحانه وتعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) فالفقه في الدين هو السبب في ايتاء الدعوة ثمارها والوصول بها الى الغاية المنشودة والانذار هو عين الدعوة.

 

 

- قد يجر المسلم احيانا من قبل بعض ابناء جنسه لمناقشة عقيدة لا يشكك فيها لحظة .. هل ترون للشباب المؤمن ان يدخل مثل هذه المناقشات متكئا على ايمانه القوي ام انه منزلق خطير؟

 

* الناس يختلفون بين من عقيدته راسخة رسوخ الجبال الرواسي لا يزعزعها شيء تتوالى عليها الأعاصير والعواصف وهي لا تؤثر على ذرة منها وبين آخر سرعان ما يميل ذات اليمين وذات الشمال فمن كان راسخ العقيدة مكينا عليه ان يفضح مؤامرات هؤلاء، اما من كان خائفا على نفسه فليتقو بالاقوياء.

 

كيف نواجه التحديات

- هناك السؤال يواجه به الشباب المسلم في هذه الشبكات والكتابة في هذا الامر وفي كثير من الاحيان لا يجدون اجابة ومن باب الشجاعة يخوضون هذا الغمار.. هذا السؤال يقولون لهم ألهذه الدرجة أنتم خائفون ان الذي يقوم على العقل كما تقولون لا يخاف كيف يكون الجواب؟

* يكون الجواب.. نعم نحن لا نخاف من حيث اننا نعتقد الاعتقاد الجازم بأننا على حق ما دمنا مستمسكين بكتاب الله وبهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن مع ذلك من يخوض معركة من المعارك فانه لا بد من ان يكون متسلحا عارفا بماذا يحاربه العدو، بأي سلاح يحاربه العدو، لابد من ان يكون المحارب خبيرا، ليس كل شجاع يستطيع ان يخوض أي معركة، هناك الان اسلحة فتاكة حديثة لو جيء بمن عاش عيشة القدماء، عاش على السيف والترس وعلى الرمح والحصان لو قبض احد من هؤلاء دبابة لا يستطيع ان يتصرف فيها ولو اعطي طائرة ماذا عساه ان يتصرف فيها فلابد ان يكون على معرفة بأساليب العصر ايضا حتى يواجه هذه التحديات، ولأجل هذا درس المسلمون في العصور السابقة الفلسفة ليواجهوا الملاحدة بسلاحهم وليكافحوهم بأدواتهم، درسوا الفلسفة من اجل هذه الناحية وكما يذكر ان احد اليهود كان يحرص على ان يشكك المسلمين في الاسلام ويشككهم في القرآن وفي النبي عليه وعلى آله وصحبه افضل الصلاة والسلام فكان يأتي الى المسلم ويقول له: اتؤمن بالتوراة، فيقول له: نعم، اتؤمن بموسى عليه السلام؟ فيقول له: نعم فيقول له اليهودي: اذن نحن متفقون على الايمان بالتوراة ومتفقون على الايمان بموسى عليه السلام ولكننا اختلفنا في محمد واختلفنا في القرآن فما هو الافضل هل المختلف فيه او المتفق عليه؟ وكثير من الناس ينحرجون حتى جاء الى احد المعتزلة والمعتزلة كانوا على قدر من الفلسفة، فقال لهذا المعتزلي: اتؤمن بالتوراة وتؤمن بموسى، قال له: اما التوراة التي بشرت بمحمد صلى الله عليه وسلم وبنزول القرآن ودعت الى الايمان بهما فأنا اؤمن بها، وكذلك موسى الذي بشر بمحمد صلى الله عليه وسلم ودعا الى الايمان به انا اؤمن به، اما التوراة التي هي فارغة من التبشير بمحمد صلى الله عليه وسلم فأقول: هي كذب. ولا اؤمن بها واقول هي ضلال مبين. وكذلك موسى الذي لم يدع الى الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم اقول ليس برسول وانما هو شيطان.

 

لابد من ضوابط

- في عالم الكتابة في الشبكات اتيحت الفرصة للرجال والنساء معا في ان يدخلوا في هذه الشبكات وكل يدلي بدلوه ولكن فيما بعد تحول الموضوع الى ان تتشكل مجموعات معينة لتبادل العلوم والمعارف -هكذا الشعار المرفوع – ما هي الحدود المرسومة شرعا للاتصال بين الجنسين في مثل هذه المشاركات والكتابات؟

* قضية الاتصال بين الجنسين بالنظر الى ما اطلعت عليه وأدركته من الفتن التي ثارت والفساد الذي وقع والانحراف الذي رزئ به الناس، وبحكم موقعي اطلعت على كثير من الشكاوى من الجنسين، ولاسيما الجنس اللطيف، وصلتني شكاوى كثيرة، شكاوى مرة مما وصلن اليه، رزئن في أعز ما يملكن من خلال اصطيادهن بهذه الوسائل وبالوسائل الاخرى فلذلك اقول بان هذا الاتصال ما بين الجنسين يجب ان يكون مضبوطا بضوابط بحيث لا تتصل الانثى بالذكر الا عندما يكون ولي امرها على اطلاع على هذا الاتصال ويرى بالدقة كل ما تكتبه وما يكتب اليها، وكذلك على الشباب ان يحذروا من الدخول في هذه المزالق فقد تسول لأحد منهم نفسه انه داعية خير وانه يريد للجنس الاخر الخير وانه يريد تبصيرهن الى الرشد ولكن الشيطان يستدرجه شيئا فشيئا حتى يوقعه في المزالق، فالقضية قضية حساسة جدا ولابد من ان تؤطر في اطار الفضيلة او ان يكون هذا الاتصال اتصالا مكشوفا بحيث لا يكون بين فردين فحسب ليكون الوقوع في مثل هذه المزالق امرا مأمونا.

 

علينا أن نغار على اللغة

* اللغة العربية احتلت المرتبة السادسة استخداما لهذه الشبكات من بين 25 لغة تستخدم في شبكات التواصل ومعنى ذلك ان اللغة العربية توسع استخدامها وانتشرت ولكن ظهر في الآونة الاخيرة وفي بعض البلدان العربية بالذات وقد سألت بعض الشباب فيما اذا كانت وصلت الينا في عمان فأخبرني بأنها تستخدم ايضا، هذه اللغة تسمى (الفرانكو آراب) حقيقتها انها تستخدم الحروف اللاتينية في التعبير العربي (اللفظة عربية ولكن الحروف لاتينية) وقد ابتكروا حروفا من 1-9 لتعبر عن حروف معينة باللغة العربية، ويقال بان اصل هذه اللغة كانت في محاكم التفتيش في الاندلس عندما سيطر الافرنج على المسلمين، وكانوا يرغموا على ان يتحدثوا بهذه اللغة، لأنها مستقبلا ستؤدي الى ان يترك المسلمون لغتهم الاصلية لأن داعيتهم يقول: (لغة الخطاب هي لغة الكتاب).. السؤال الآن سماحة الشيخ: هل سيكون هنا فرق بين دعوة بعض الكتاب الى ترك اللغة العربية الى المحلية التي فشلت وبين استخدامها اليوم عن طريق هذه الشبكات؟

- نحن علينا ان نغار على اللغة العربية كما نغار على عقيدتنا الاسلامية لأننا لو اضعنا اللغة العربية فقد اضعنا العقيدة وأضعنا الشريعة وأضعنا الأخلاق وأضعنا الاسلام كله، الاسلام جعله الله سبحانه وتعالى متضمنا في القرآن الكريم وفي حديث الرسول عليه افضل الصلاة والسلام، وقد انزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم باللغة العربية ليكون بيانا للعالمين وعلى هذا فإننا عندما نتعصب للغة العربية – ان جاز ان يسمى ذلك تعصبا – لا نتعصب تعصبا عنصريا وانما نتعصب للإسلام وقلت أكثر من مرة بأنه من العار على المسلم ان يتقن لغة المستعمر الذي استعبده واستذله وانحرف به عن جادة الحق ولا يتقن اللغة التي خاطبه الله بها ليحرره من العبودية لغير الله، هذا من العار على أي مسلم عربيا كان او اعجميا اذ لغة العرب لم تعد لغة قومية حكرا على العرب وحدهم، نعم كانت لغة قومية قبل ان ينزل بها القرآن اما بعدما اختارها الله سبحانه وتعالى لأن تكون وعاء لكلامه وخاطب بها العرب والعجم وأمرهم جميعا ان يخاطبوه بها اذ امرهم ان يقفوا جميعا بين يديه ويقولوا له: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) بلسان عربي مبين فإنها لم تعد لغة خاصة بالعرب وليس العرب اخص بها وقد يسرها الله سبحانه وتعالى كما يسر القرآن للذكر لأن الله سبحانه جعلها وعاء لكلامه ولذلك اعتنى بها كما قلت غير العرب ونجد غير العرب يفاخرون بعنايتهم باللغة العربية واتقانهم لها فنجد الزمخشري وهو اعجمي يقول في فاتحة كتابه (المفصل): الله أحمد على ان شرفني بان جعلني من علماء العربية، وهناك موقف لرجل حسب علمي لا يزال حيا الى الان وهو مفتي الاتحاد اليوغسلافي سابقا والآن يسمى مفتي بلجراد الشيخ حمدي علمت انه لا يزال حيا ولكنه مريض قبل اكثر من ثلاثين عاما من الان حضر مؤتمرا في باكستان في اسلام اباد وحضر جماعة من مختلف بلاد العالم الاسلامي هذا المؤتمر ودخلوا على الرئيس الباكستاني في ذلك الوقت الرئيس ضياء الحق، والرئيس ضياء الحق لا يتقن اللغة العربية ولما دخلوا عليه تحدث اليه الشيخ حمدي، الرئيس ضياء الحق يتحدث باللغة الانجليزية والشيخ حمدي يتقن اللغة الانجليزية اتقانا ولكن بدلا من ان يتحدث اليه بالانجليزية تحدث اليه بالعربية فكان بينه وبين الرئيس ترجمان والوفد العماني سأل الشيخ حمدي كيف تحدثت الى الرئيس باللغة العربية وأنت بامكانك ان تتحدث اليه بالانجليزية من غير أن يكون بينك وبينه ترجمان فرد: وهل يليق بمسلم يستطيع ان يتحدث بالعربية ان يعدل عنها الى غيرها، والشيخ حمدي رجل اعجمي هو بوسني من البوسنة ولما بلغني هذا والتقيت بالشيخ حمدي سألته عن هذا، قال: نعم وأنا اعتز ان اتحدث بالعربية، وكما قلت هذه اللغة يسرها الله سبحانه كما يسر القرآن بالذكر ومن شواهد تيسيرها انه قبل اربعة وثلاثين عاما من الآن عندما انتهى القرن الرابع عشر الهجري وأقبل القرن الخامس عشر بهذه المناسبة نظم القسم العربي بهيئة الاذاعة البريطانية مسابقة شعرية في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي مسابقة عالمية واشترك في هذه المسابقة ألف ومائتان من الشعراء من مختلف انحاء العالم لكن الفائز بالجائزة الاولى من هؤلاء جميعا ما كان عربيا انما كان افريقيا من السنغال وهو الشاعر عبدالله با وكان احرز قصبات السبق وقصيدته فازت بالجائزة الاولى مطلعها:

 

هجرت بطاح مكة والهضابا

 وودعت المنازل والرحابا

 اتخذت من الدجى يا بدر سترا

 ومن رهبوت حلكته ثيابا

 ومن عجب تسيء إليك ارض

 نشأت فما اسأت بها شبابا

 

قصيدة عصماء وهي موجودة حتى في الشبكة من اراد ان يطلبها بامكانه ان يجد القصيدة كلها بحذافيرها وهو شاعر غير عربي ولكنه نظمها باللسان بالعربي وهو من عنصر غير عربي ولكنه سبق العرب، لماذا؟ لأن اللسان العربي هو لسان الامة الاسلامية جميعا ولا ريب ان اللسان رباط كما ان العقيدة رباط ولذلك يحرص المستعمرون اينما حلوا في أي بقعة من الارض ان يفرضوا فيها لغتهم، الاستعمار الانجليزي اينما حل فرض اللغة الانجليزية والاستعمار الفرنسي اينما حل فرض اللغة الفرنسية، واذا جئنا ايضا الى البلاد التي وقعت تحت سيطرة روسيا وما سمي بالاتحاد السوفييتي، هذه البلاد على اختلافها فرضت فيها اللغة الروسية كل احد يفرض لغته لأن اللغة هي الجسر الذي يعبر عليه الفكر فلذلك يفرضون لغاتهم من اجل ان يفرضوا افكارهم واذا كان الامر كذلك فالفكر القرآني لا ينتشر الا بلغة القرآن ومن عجائب ما سمعته من بعض الدعاة ايضا ان بعض الناس من غير العرب وان الذين لا يتقنون لغة العرب عندما يذهب اليهم الدعاة ويتحدثون اليهم بالعربية يجدون من الراحة النفسية ما لا يجدونه عندما يتحدثون اليهم باللغة التي يفهمونها، هذا ما سمعته من احد الدعاة قال: عندما نتحدث اليهم بالعربية يرتاحون الينا اكثر ولذلك نتعمد الحديث باللغة العربية مع تفهيمهم بلغاتهم وايضا قد يدرك غير العربي الفرق ما بين كلام الله تعالى وغيره من الكلام.

وهناك قصة ذكرها سيد قطب في تفسيره “في ظلال القرآن” قصة عجيبة قال: بـأنهم كانوا في رحلته عبر السفينة الى امريكا وجد من بين الركاب قسيس، داعية الى النصرانية (منصر) وأراد ان يغزو الركاب المسلمين في السفينة، قال فرأيت ان اجمع المسلمين هناك وأصلي بهم الجمعة في السفينة، قال: فاجتمعنا في السفينة وخطبت فيهم الجمعة وصليت بهم الجمعة وتعمدنا على ان نكون في مكان مكشوف بحيث يرانا الاخرون، ويقول: فلما فرغنا اقبل الينا الاخرون يهنئوننا ويقولون: بان هذا قداس ناجح، ويقول: واقبلت الي امرأة يوغسلافية كانت هاربة من جحيم كيتو مسافرة الى امريكا وقالت، هذا قداس ناجح ولكني تعجبت بأن كلامك الذي كنت تتحدث به كان يتخلله كلام يختلف عن كلامك، فقلت لها: نعم ذلك هو كلام الله، ذلك هو القرآن، فهكذا اللغة العربية لها تأثير ولذلك نرى كل مؤامرة على اللغة العربية انما هي مؤامرة على الاسلام.

وفي فترة من الفترات وجد من هؤلاء المستغربين من يحاول يدعو تارة الى كتابة العربية باللاتينية وتارة التخاطب بالعامية بدلا من التخاطب بالفصيح من كلام العرب.

وكان ذلك منذ سنين قبل اكثر من سبعين سنة تقريبا احد هؤلاء كان يقترح ان تكتب العربية باللغة اللاتينية فسأله احد المشايخ قال له: ما الذي يدفعك الى اصرارك على ان تكتب العربية باللاتينية قال له: اريد ان اعممها، قال له: لا ولكنك تريد ان (تبرنطها) فهكذا يعني كتابة اللغة العربية بغير الحرف الحرفي اضاعة للغة العربية وكنت قد تحدثت مع احد المسلمين الافارقة وهو يتقن جدا اللغة العربية قلت له بان الامة الاسلامية لا يمكن ان تتفاهم الا باللغة العربية فقال لي: نعم والعرب انفسهم لا يمكن ان يتفاهموا الا بالفصيح من كلام العرب، فاذن العرب يجب عليهم ان يحرصوا على فهم الفصيح من كلام العرب ولذلك انا اقول دائما بان تنقية العربية من الدخيل وتنقية العربية من الأخطاء الشائعة التي شاعت الآن أصبح امرا ضروريا لأجل فهم القرآن.

 

سئلت كيف الله سبحانه وتعالى يقول في الذين يجادلون في آياتهم يقول: (حجتهم داحضة) فدحض بمعنى دفع الشيء وأزاله فقلت: لا ولكن هذه ليست لغة القرآن، لو جئنا للغة القرآن ما استعمل دحض، دحض الشيء بمعنى بطل في القرآن هكذا، هذه لغة موجودة ولكن ليست هي من الفصيح انما الفصيح ادحض يدحض اذا كان بمعنى جعله داحضا او جعله باطلا ويقال: ادحض يدحض كما قال تعالى: (وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ) لانهم اضاعوا اللغة الفصيحة، ومع الاسف الشديد نجد كلمات من الكلمات الفصيحة التي عبر عنها القرآن الكريم في مواضع متعددة ولكن الاستعمال الشائع حتى عند العلماء الكبار والمؤلفين الكبار وجهابذة العلماء الاستعمال انما يكون بغير الفصيح يعني بغير لغة القرآن، مثل كلمة (رجع) الناس لا يستعملون كلمة (رجع) الا مع الهمزة، يقولون: أرجعه يرجعه إرجاعا فالقرآن ما استعمل ذلك ولا في موضع واحد ابدا. الله تعالى قال: (فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ) ولم يقل: (فان ارجعك الله الى طائفة منهم) وقال: (يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ) ولم يقل: (يُرجع بعضهم الى بعض القول)، وقال: (فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ) ولم يقل (فأرجعناك الى امك)، وقال (قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) ولم يقل: (قال رب ارجعون) يعني القرآن يستعمل رجع لازما ومتعديا، رجع في حال اللزوم يكون مصدره على رجوع وفي حال تعديه يكون مصدره على رجع. (إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ)، (ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ) اضيعت لغة القرآن فذلك كان حرص على القرآن ومن يريد ان يخلط بين العربية وغير العربية هذا انما يريد ان يدمر العربية ليدمر بذلك الاسلام.

______________________________________

جريدة عمان: الجمعة, 30 ذو القعدة 1434هـ/ 6 سبتمبر 2013م

متابعة: سالم بن حمدان الحسيني