سماحة الشيخ الخليلي: عبادة الله لا تعني الانقطاع في المسجد

الموت في سبيل الله لا يلزم أن يكون في المعارك

أكد سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليل مفتي عام السلطنة أن الإنسان لا بد من أن يكون عبدا عبوديته إما أن تكون خالصة لله سبحانه وتعالى وإما أن تكون تتنازعها أطراف أخرى. موضحا أن عبادته إن لم تكن خالصة لله سبحانه لتجاذبتها أطراف لأنه مستهدف من قبل الشيطان.

 

وقال: إن الشيطان له وسائل من جملتها الشهوات والغرائز التي يغري بها الإنسان حتى يخرجه عن النهج السوي وعلى هذا الإنسان أن يحرص على أن ينال شرف العبودية الخالصة لله تعالى بحيث تكون عبوديته لله عز وجل لا يشارك الله سبحانه وتعالى فيها أحد.

 

وأوضح أن عبادة الله سبحانه لا تعني أن ينقطع الإنسان في مسجده ولا يخرج إلى ساحات الحياة ليشارك المجتمعات.

 

وبيّن أن العبادة تكون خالصة لوجه الله عندما تطوع الحياة كلها لله سبحانه بحيث تكون أعماله التي هي قربات خالصة وأعماله المتعلقة بالدنيا موجهة إلى الله سبحانه وتعالى.

 

وأشار إلى أن متع الحياة كلها عندما تستخدم في الطرق السليمة على حسب النهج الصحيح تؤدي إلى غاية حميدة أولها شكر الله واستشعار نعمته وعظمته ووحدانيته.

 

وبيّن أن الموت في سبيل الله لا يعني انه يلزم أن يموت في المعارك بل قد يموت الإنسان على فراشه وهو في سبيل الله عندما يظهر طاعة الله وينوي أن يؤدي حق الله وأن يؤدي حق عباد الله.

 

وأكد أن كل ذرة في هذا الكون هي كلمة من كلمات الله معبّرة بلسان حالها عن افتقارها إليه ومعربة عن جلاله وعظمته.

 

وأوضح أن الإسلام كل لا يتجزأ فلا يمكن أن يبعض بحيث يؤخذ ببعض ويترك بعضا، هناك ميادين واسعة للعمل ولكن على الإنسان أن يرعى توفية الحقوق.

 

وقال: الإنسان إن لم يوف العباد حقوقهم لا ريب انه يكون بعيدا عن الله فخير الناس انفعهم للناس والناس إنما هم عيال الله وخيرهم انفعهم لعياله.

 

جاء ذلك في برنامج سؤال أهل الذكر الذي قدم يوم الأحد الماضي وإلى المزيد مما قاله سماحته في الجزء الأول من هذه الحلقة.

 

يقول سماحته مجيبا عن سؤال سيف الهادي مقدم البرنامج حول الإنسان بين العبودية والتعمير كيف تكتمل هذه المعاني في حياة المسلم؟ من خلال قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وقوله سبحانه وتعالى في وصف الاستخلاف (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) الإنسان.

 

يجيب سماحته بقوله: إن الإنسان لا بد من أن يكون عبدا عبوديته إما أن تكون خالصة لله سبحانه وتعالى وإما أن تكون تتنازعها أطراف أخرى وضرب الله مثلا بين عبدين عبد هو خالص لأحد بعينه وعبد فيه شركاء متشاكسون فعبودية الإنسان إن لم تكن خالصة لله سبحانه لتجاذبتها أطراف لأن الإنسان مستهدف من قبل الشيطان فالشيطان اقسم بعزة الله انه ليردين الإنسان وقد تبين من خلال ما جاء في القرآن الكريم من قصة خلق الإنسان أن الشيطان هو بالمرصاد لهذا الإنسان يريد أن يظله وأن يبعده عن نهج الله وهذه هي مهمة الشيطان في الحياة.

 

ثم بجانب الشيطان له وسائل من جملة هذه الوسائل الشهوات والغرائز التي يغري بها الإنسان حتى يخرجه عن النهج السوي فالإنسان إن لم يكن عبدا خالصا لله سبحانه كانت عبوديته للشيطان وكانت عبوديته لشهواته ونزواته ورغباته وغرائزه ومع ذلك تكون عبوديته للأخلاء الذين يصطفيهم فيضلونه عن النهج السوي لذلك كان على الإنسان أن يحرص على أن ينال شرف العبودية الخالصة لله تعالى بحيث تكون عبوديته لله عز وجل لا يشارك الله سبحانه وتعالى فيها أحد وهذا إنما يتحقق الإنسان إذا أخلص العبادة له إذ بإخلاصه العبادة لله تعالى يخلص عبوديته لله لأن العبادة إنما هي ضريبة هذه العبودية لله سبحانه وتعالى..

 

وعبادة الله سبحانه لا تعني أن ينقطع الإنسان في مسجده ولا يخرج إلى ساحات الحياة ليشارك المجتمعات وليشارك الأمة والجنس البشري في مهمات هذه الحياة وإنما العبادة تكون خالصة لوجه الله عندما تطوع الحياة كلها لله سبحانه وتعالى فالله سبحانه بيّن ما هو الإسلام عندما قال عز من قائل (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) فالإنسان إنما يكون عبدا لله سبحانه وعابدا لله مؤديا لضريبة هذه العبودية لله عندما يطوع هذه الحياة كلها لأمر الله بحيث تكون أعماله التي هي قربات خالصة وأعماله المتعلقة بالدنيا موجهة إلى الله سبحانه وتعالى فكما أن الصلاة لله يكون النسك لله ويكون المحيا لله ويكون الممات لله..

 

وهذا لا يعني أن يكون الإنسان غير مشارك للناس في أمور معاشهم وأن يكون بعيدا عن الاستمتاع بمتع هذه الحياة فإنما عليه أن لا تشغله الوسائل عن الغاية فمتع الحياة كلها عندما تستخدم في الطرق السليمة على حسب النهج الصحيح تؤدي إلى غاية حميدة تؤدي أولا إلى شكر الله واستشعار نعمته واستشعار عظمته واستشعار وحدانيته لأن كلما في الإنسان من نعمة إنما هي من الله (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) كل نعمة في داخل عمق الإنسان نفسه أو تحيط بالإنسان من حوله أو يتصل بها الإنسان في هذا الكون الواسع الأرجاء المترامي الأطراف هي من عند الله سبحانه وتعالى فعندما يستشعر الإنسان أن هذه النعمة من الله وأنه لو طوع نفسه وطوع جميع إمكاناته وطاقاته وجميع ما آتاه الله سبحانه وتعالى من اجل شكر أدنى نعمة من نعم الله لما أمكن الإنسان أن يوفي شكر هذه النعمة اليسيرة فكيف بالنعم الجلى وما من نعمة من الله سبحانه وتعالى إلا وهي جلى كل نعم الله سبحانه وتعالى جلى حسب الإنسان ما هيأه الله سبحانه وتعالى في هذا الوجود حيث سخر له هذا الكون ورتبه ترتيبا متناسقا ولم يجعل بينه نشازا ولا اضطرابا كل هذا الكون إنما هو في مصلحة الإنسان (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) وقوله سبحانه (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ)..

 

هذه النعم من الذي يحصيها ومن الذي يستطيع أن يؤدي شكرها ليفكر الإنسان في النفس الذي يتنفسه لو لم يكن الله سبحانه وتعالى هيأ له هذا المناخ الذي يتنفس فيه كيف يمكن لهذا الإنسان أن يتنفس وكيف يمكن له أن يعيش إذن هذه النعم كلها تستوجب شكر الله تعالى وطاعته والإخلاص لله والانقياد لحكمه والإذعان لطاعته والوقوف عند حدوده إذن الإنسان بحاجة إلى أن تكون عبوديته خالصة لله سبحانه وتعالى بحيث يسخر حياته كلها لله ويسخر أيضا مماته لله بحيث يموت في سبيل الله ولإرضاء الله تعالى ولا يعني الموت في سبيل الله انه يلزم أن يموت في المعارك لا قد يموت الإنسان على فراشه وهو في سبيل الله عندما يظهر طاعة الله وينوي أن يؤدي حق الله وأن يؤدي حق عباد الله وأن يخدم دين الله وأن يتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بشتى القربات التي تباعده من هوى نفسه وتجعله عبدا خاضعا لله سبحانه كل ذلك مما يؤدي إلى أن تكون عبوديته خالصة لله.

 

الصلة بالخالق تختلف عن الصلة بالخلق

محمد أبو كراع من الجزائر يقول: يقولون إن العبودية هي غاية الخضوع مع غاية الحب ويقول تعالى (وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا) ما هي؟

 

وعن المعاني الحقيقية لمحبتنا لله وكيف نوفق بين محبة الله والخوف منه سبحانه وتعالى بشكل متوازن سأله محمد أبو كراع من الجزائر يقول في سؤاله: يقولون إن العبودية هي غاية الخضوع مع غاية الحب ومن تعريفاتهم للمحبة أنها الشوق إلى لقائه تعالى ولهج اللسان بذكره ويقول تعالى (وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا) ما هي ونحن مهما انزجرنا عن المعاصي ومهما تبنا منها ومهما تعبدنا نخاف ولا نتمنى الموت لأن القضية تتعلق بالمصير الأبدي فكيف نوفق بين محبة الله والخوف منه سبحانه وتعالى بشكل متوازن لأن من تعريفاتهم للمحبة أنها الشوق إلى لقائه ولهج اللسان بذكره؟

 

فأجابه سماحته بقوله: إن الله سبحانه وتعالى جعل صلة الإنسان بالله ليست كصلته بالخلق هذه الصلة بالله تعالى تختلف تمام الاختلاف عن صلته بخلق الله ولذلك كان حبه لله سبحانه وتعالى ليس هو حب عاطفة لا تكاد تثور حتى تغور ولا تكاد تتقد حتى تخمد وإنما هو حب عقيدة حب يجعل الإنسان يتفانى في طاعة الله هذا هو الحب لله.

 

ولا ريب أن حب الإنسان لغيره أيا كان إنما يعود إلى أمرين اثنين إما أن يرى ذلك الغير متفوقا بحيث يتمتع بأوصاف عالية وكمالات لا توجد في نفسه هو وإما أن يكون ذلك راجعا إلى يد بيضاء أسداها إليه ومن بها عليه فعلى كلا الاعتبارين من أولى بالحب من الله العظيم الذي تسبح له السماوات والأرض ومن فيهن (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) سبحان الله الله تبارك وتعالى التي تتجلى ربوبيته في كل ذرة من ذرات الحياة وتتجلى عظمته في كل مظهر من مظاهر الحياة من أدنى الأشياء إلى أعلاها ومن أدقها إلى أجلّها كل ذرة في هذا الكون هي كلمة من كلماته معبّرة بلسان حالها عن افتقارها إليه ومعربة عن جلاله وعظمته فكل ما يشاهده الإنسان إنما هو صفحات يتلو في هذه الصفحات آيات الله تعالى العظام..

 

فالكون كله كتاب كبير كل ذرة من ذراته هو سطر بل هو سطور بل هو سفر حافل بالآيات العظام ناهيكم أن الإنسان كما يقول المتخصصون يستهلك في كل ثانية من ثواني عمره 125 مليونا من الخلايا في كل ثانية وفي الدقيقة الواحدة يستهلك 7 آلاف بليون خلية تذهب وتأتي أخرى هذه الخلايا كل خلية منها عندما نتجوز ونختصر أن نقول إنها سفر من الأسفار وإلا فالأمر اكبر من ذلك فالخلية بنفسها عالم هذه الخلايا التي يستهلكها الإنسان هي عوالم كل خلية هي عالم من حيث تكوينها ومن حيث دقتها ومن حيث انسجامها مع أخواتها ومن حيث تركيبها هي آية..

 

وقد قلت سابقا قبل سنوات في بعض ما كتبت إن الخلية لو قصر الإنسان عمره كله لدراستها لما استطاع أن يوفيها حقها من الدراسة وإذا بي أفاجأ بالأمر انه اعظم من ذلك وأعمق وأدق فقد وجدت في مقال نشر في مجلة المجتمع الكويتية في العدد الصادر في شهر ربيع الثاني من عام 1429هـ في هذا المقال حديثا عن الهندسة الوراثية وتحدث عمّا يسمى بالجزيئة وهي المعبّر عنها بالكروموسوم أو الصدغ هذه الجزيأة لا تساوي من الخلية شيئا لدقتها لكونها في منتهى القلة..

 

ولكن مع ذلك هذه الجزيئة تحتوي من أسرار الله تعالى ما لو شرح لملأ تسعمائة صفحة أربعين ضعفا من الموسوعة الطبية البريطانية التي تقع في أربعين مجلدا هذه جزيئة فما بالكم بالخلية إذا كانت هذه الجزيئة لو شرحت لملأت ألفا وستمائة مجلد تسعمائة صفحة فإذن كيف هذا الإنسان يمكن أن يحصي آيات الله ويحصي نعمه هذه كلها نعم من الله تعالى لو أن الإنسان وقف حياته كلها في شكر اقل نعمة من هذه النعم وكانت خلاياه كلها ألسنة تلهج بحمد الله تعالى وشكره ومع ذلك أمدته الكائنات بذراتها فكانت كلها السنة ناطقة لما استطاع أن يوفي شكر اقل نعمة من هذه النعم فإذن كيف يمكن لهذا الإنسان أن يوفي شكر هذه النعم التي يسبح في خضمها قبل أن يخرج إلى عالم الشهود منذ كان في عالم الغيب وإلى أن وصل إلى عالم الشهود بل منذ الإنسان الأول ويتدرج في نعم الله سبحانه وتعالى في أن تطور خلقه من إلى خلق وانتقاله من صلب إلى صلب ثم إلى الأرحام أيضا كل ذلك مما يضاعف من نعمة الله فإذن الله هو أولى بأن تملأ محبته جميع قلوب العباد وهو أولى بأن يشغل الإنسان نفسه بطاعته.

 

إن الإنسان بطبعه إن أحب أحدا فإنه يسارع في هواه أي يسارع في طاعته وإذا كان من شأنه أن يسارع في هوى المحبوب من خلق الله فإنه أحق وأحرى بأن يسارع في طاعة الله سبحانه وتعالى ويسخر الحياة كلها هذه هي محبة الإنسان لله فعندما تتحقق هذه المحبة لا حرج انه يكون مشتاقا إلى الله سبحانه وإن كانت تعترضه عوارض من خوفه من المصير وهذا الخوف من المصير هو من معالم الإيمان لأن المؤمن دائما خائف ولا يمكن أن يزدجر إلا بخوفه فالله سبحانه وتعالى يقول (سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى) ويقول سبحانه وتعالى (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ) وقال عز من قائل (إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) فإذن الخشية من الله سبحانه وتعالى هي من معالم الإيمان ومن دلائل الاستقامة.

 

ميادين واسعة للعمل

وأردف محمد أبو كراع بسؤال حول التخيير بين الأعمال الصالحة فيما يتعلق بمعنى العبودية فأجابه سماحته: لا شك أن المهتمين بالعبودية والعبادة لله يحاولون معرفة افضل العبادات والقربات التي تختصر إلى نيل رضا الله بعضهم يركز على الأعمال المحققة للخشوع والسكينة والأنس بالله كقيام الليل وحج النافلة كقوله تعالى في وصف بعض مقربيه (وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) وقوله (إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ) والبعض الآخر يرى افضل الأعمال ما كان نفعه متعديا لا سيما الإنفاق الذي تواترت وتكاثر الأيات بفضله لقوله تعالى (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) وقول الرسول أنأ وكافل اليتيم كهاتين في الجنة فما رؤية شيخنا للموضوع؟

 

من المعلوم أن الإسلام كل لا يتجزأ فلا يمكن أن يبعض بحيث يؤخذ ببعض ويترك بعض هناك ميادين واسعة للعمل ولكن على الإنسان أن يرعى توفية الحقوق فالله سبحانه وتعالى حقه لا بد من أن يوفى وللعباد حقوق لا بد أن توفى ومن خلال توفية هذه الحقوق يوفى حق الله فإن الإنسان إن لم يوف العباد حقوقهم لا ريب انه يكون بعيدا عن الله فخير الناس انفعهم للناس والناس إنما هم عيال الله وخيرهم انفعهم لعياله وكلما كان الإنسان اكثر جدوى وأكثر نفعا لكن هذا لا يعني أن يكون غير خاشع لله ولا يعني أن يكون غافلا عن ذكر الله لا بد أن يجمع الخصال التي وعد الله سبحانه وتعالى عليها الخير الله تعالى يقول:

 

(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) وقال (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) جمع ما بين الخشية من الله بحيث توجل القلوب بهيبة الله سبحانه وتعالى وبين الإنفاق على عباد الله..

 

ويقول الله سبحانه وتعالى بعد ما وعد المؤمنين بأنه اشترى أنفسهم وأموالهم بجهادهم في سبيل الله بيّن هذا بقوله (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) وصف هؤلاء المؤمنين بقوله (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ) هذه تسع خصال لا بد من أن يستجمعها الإنسان كما جاء عن بعض الصحابة رضي الله عنهم عن هذه التسع الخصال لا تتحقق الشهادة الإنسانية إلا بها.

 

فإذن هذه الأمور تعني أن يكون الإنسان حريصا على ذكر الله حريصا على طاعة الله وعلى تذكير نفسه بحق الله وتذكير نفسه أيضا بالمعاد ومع ذلك يحرص على نفع عباد الله ليكتسب رضا الله تعالى فهكذا يجب على الإنسان أن لا يشتغل بجانب على حساب جانب آخر.

____________________________________

جريدة عمان: الجمعة 23 محرم 1434ه / 7 ديسمبر 2012م

متابعة: سيف بن ناصر الخروصي