طباعة
المجموعة: التربية والمربون
الزيارات: 1431

تطبيق حدود الله وإقامة الحق ودرء الفساد وتنقية وسائل الإعلام والمصارف المالية والالتزام بالأخلاق صمام أمان للأمة

 المفتي العام للسلطنة: الجلد والسجن الثقيل وعقوبة الإعدام نرى تطبيـــــــقها للذي يثبت ثبوتا يقينيا بأنه لا يبالي أن يقتل الناس في حوادث السيارات -أجرى اللقاء:سيف بن سالم الفضيلي –:

 

دعا سماحة الشيخ احمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة في الجزء الثاني من لقائنا به إلى أن تكيف البنوك الإسلامية معاملاتها جميعا وفق مقتضيات الشريعة، موضحا أن التعامل الشرعي المأذون به في الإسلام بعقود تختلف عن عقود القرض كعقود بيوع مرابحة وعقود مقاولة أو نحو ذلك.

 

وشدد سماحة الشيخ العلامة على أن يطبق الجلد والسجن الثقيل وحتى عقوبة الإعدام للذي يثبت ثبوتًا يقينيًا بأنه لا يبالي أن يقتل الناس في حوادث السيارات.

 

وحذر من الإخلال بالواجب في مسألة الأمان في السيارات وقال: إن أي جهة تخل بذلك فهي مشاركة فيما يصيب الناس من الأحداث.

 

ومن جهة ما يقدم من برامج وخدمات للناس أوضح سماحته إن كان ما يقدم يكون في مصلحة الشعب فلا يلزم أن يؤخذ برأي الشعب لأن الحكومة هي الراعية.

 

ووجه سماحة الشيخ نداءه إلى وسائل الإعلام بأن تحرص على تقديم ما فيه بناء الفكر والدين وإصلاح مجتمعاتهم.

 

ثم أشار سماحته إلى أن روح المصلحة العامة في المجتمع توجد التكافل والإخلال بها يؤدي ذلك إلى التفكك.

 

وأكد أن الناس جميعًا مطالبون بالتعاون على دفع الفساد والقضاء عليه، فإن استشراءه استشراء لمرض خطير.

 

ثم شخص سماحته أسباب الاضطرابات في الوطن العربي وبينها بأنها تتمثل في الإخلال بما دعا إليه الله من العدالة والإنصاف والتعاون على البر والتقوى .

 

وطالب إخوانه العلماء بالحرص على كلمة الإخلاص لأجل إنقاذ الجميع من ورطة الاضطرابات، مؤكدًا في الوقت نفسه أن علماء المسلمين جميعا يحرصون على ان تسير المجتمعات الإسلامية وفق نواميس الشرع وسنن الله في الخلق..

 

وإلى ما جاء في اللقاء: بدأ البعض الترويج بأن البنوك الإسلامية تقصم الظهور بفوائدها الربحية وأن البنوك الربوية ارحم منها فمثلا عندما يقترض من الربوي ويتم السداد دفعة واحدة تسقط الفوائد بينما الإسلامي يرجع كاملا وأصبح الناس يشككون في أدائها نرجو توضيح الأمر ونصيحتكم للبنوك الإسلامية؟

 

أما بالنسبة إلى ما يسمى بالفوائد فكل زيادة تكون على القرض هي ربا قلت أم كثرت ولا يقر الإسلام ذلك وليس ذلك من التعامل الشرعي المأذون به في الإسلام في شيء وإنما هناك عقود تختلف عن عقود القرض فقد تكون هناك عقود بيوع مرابحة وقد تكون هناك عقود مقاولة أو نحو ذلك من الأعمال فهذه المقاولات وهذه العقود الشرعية التي أذن بها الله تعالى فهي محللة فالله تعالى يقول: {... وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ...} (البقرة:275) فالربا بكل أنواعه حرام أما أن يأخذ الإنسان زيادة على القرض ولو كانت جزءًا يسيرًا قليلاً فإن تلك الزيادة ليست من الحلال في شيء بل هي عين السحت وعين المحرم وهي التي ينطبق عليها قوله سبحانه وتعالى: {يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا ...} (البقرة:276) وينطبق عليها قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } (البقرة:278) ولا بد للبنوك الإسلامية من أن تكيف معاملاتها جميعا وفق مقتضيات الشريعة حتى لا يكون فيها أي مخالفة لشرع لله تعالى، ولا بد من أن تكون هناك لجنة رقابة شرعية على المعاملات في هذه البنوك.

 

لا بد من رادع

كل يوم نسمع ما يفجع القلوب من حوادث السير ولعل من أسبابها التأمين الشامل (إذ يتعمد البعض الحوادث طيشا أو إهمالا أو سرعة زائدة) ناهيك عن العقوبات غير الرادعة للمنتهكين من قبل السلطات.. ما تعليق سماحتكم على ذلك؟

الذين يستخفون بقيمة الحياة ولا يبالون بالقضاء على حياة الناس هؤلاء من الساعين في الأرض فسادا والله تعالى يقول: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (المائدة:33) فلا بد من تطبيق عقوبة صارمة تردع هؤلاء عن الاستخفاف بقيمة الأرواح والاجتراء على حياة الناس ثم قضية التأمين الشامل أيضا أن ينظر فيها ليكيف التعامل وفق مقتضيات الشريعة.

 

لا يبالي بالحرمات

سمعت يومًا أحدهم يقول، وهو يدفع المخالفات المرورية (عادي أنا أصلا مخصص ميزانية سنوية للمخالفات) ما تعليقكم على مثل هذا المستهتر بالقوانين؟

هذا الرجل لا يبالي بحرمات الله وليس هو من الإيمان في شيء سلب الإيمان فسلب التفكير والعقل ولو كان على شيء من الإيمان لأدرك ان المال يسأل عنه الإنسان يوم القيامة من أين اكتسبه وفيم أنفقه كما يسأل عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه، وهؤلاء استخفوا بحياة الناس وحياة أنفسهم نتيجة عدم العقوبة الصارمة فلا بد من تطبيق العقوبات الصارمة.

 

في خبر نشر قبل مدة أن إحدى الدول الأوروبية تدرس تطبيق عقوبة الجلد في حق بعض المخالفين الذين لم تنفع معهم العقوبات الأخرى.. هل ترون تطبيق هذه العقوبة على من يثبت تجاوزه قانون المرور للحد منها؟

نعم نرى أن يطبق الجلد وأن يطبق السجن الثقيل وأن تطبق حتى عقوبة الإعدام للذي يثبت ثبوتًا يقينيًا بأنه لا يبالي أن يقتل الناس.

 

علاج جذري

وسائل الأمان في السيارات (خاصة تلك المحيطة بالركاب) أصبحت في محل شك والدليل الحوادث البسيطة التي تنتج عنها إصابات بالغة بالسيارات والركاب؟ هل الجهات المعنية تعتبر مشتركة في هذه الإصابات إن غضت الطرف عنها وما الذي توجهون إليه؟

نعم، يجب أن تعالج هذه المشكلة علاجًا جذريًا وان تعنى كل جهة في مجال اختصاصها لمكافحة هذا الخطر العظيم ودفع هذا الشر المستطير، وعلى كل أحد أن لا يألو جهدا في دفع هذا الشر ومن أخل بواجبه في ذلك فهو مشارك فيما يصيب الناس من الأحداث.

 

الناس متفاوتون في الوعي

بما أن ما تقدمه الحكومة من برامج وخدمات بأنواعها خاصة تلك المتعلقة بوسائل الإعلام هي لخدمة الشعب ألا يحق بأن يؤخذ رأيه فيها قبل تنفيذها وبثها؟

الناس متفاوتون وليسوا جميعًا على قدر واحد من الوعي والإدراك ولما كان ذلك لخدمة الشعب فإن هذه التوعية تقدم إلى الشعب فإن كان ذلك لمصلحة الشعب فلا يلزم أن يؤخذ برأي الشعب لأن الحكومة هي الراعية وعليها أن ترعى مصلحة الشعب وتقدم للشعب ما فيه مصلحته.

 

في أحد برامج الحوار التلفزيونية بدأ الحضور من الشباب ممتعضًا من البرامج التي تقدمها الإذاعة والتلفزيون لدرجة أن أحدهم قال: (لا تكاد تضغط زرًا إلا والأغاني تحاصرك من كل جانب) ويتساءل أين القيم التي قام الإعلام بترسيخها فينا؟ ما تعليقكم على ذلك؟

على المؤسسات الإعلامية أن تحرص بأن تقدم إلى الناس ما فيه بناء فكرهم وما فيه بناء دينهم وما فيه إصلاح مجتمعاتهم وما فيه ترويضهم على الخير ودفعهم إليه وحثهم على التمسك به.

 

المجتمع والتكافل الاجتماعي

التكافل الاجتماعي من أخلاق الإسلام والعمانيون حتى بداية الثمانينات يتقنونه، الآن ظهرت بوادر لا استطيع تشبيهها بالأزمة لكنها محزنة.. ما هي نصيحتك للمجتمع تجاه هذا الخلق العظيم؟

الناس عليهم أن يحرصوا على مصلحة الجميع فالفرد في المجتمع عليه أن يحرص على مصلحة المجتمع كله والمجتمع عليه أن يحرص على مصلحة أفراده فإذا وجدت هذه الروح في المجتمع كان التكافل وان اخلوا بذلك أدى ذلك إلى التفكك في المجتمع وأدى ذلك تشرذم الناس وانقسامهم إلى شيع وأحزاب فبذلك عليهم ألا يألوا جهدا في التكافل والتعاون عليه وحث أفرادهم عليه ودفع المجتمع إلى أن يحرص على هذا الأمر ولا يفرط فيه.

 

دفع الفساد

من يتستر على أفعال تؤثر على المجتمع وحقوقه من خلال متابعته لبعض الدوائر الخدمية كـ(الرشوة التحايل الغش) سواء كان مسؤولا أم مراجعا، ما هو موقف الإسلام من مثل هؤلاء؟ وما هو واجب من يرى مثل ذلك؟

على الناس جميعا أن يتعاونوا على دفع كل فساد والقضاء على كل باطل واستشراء مثل هذه الأمور إنما هو استشراء لمرض خطير فتاك فعلى الناس أن يقاوموا جميعًا الرشوة وان يقاوموا الفساد بجميع أنواعه وان يحرصوا على أن تكون المعاملات بينهم مبنية على النزاهة والطهارة والإخلاص لله سبحانه وتعالى ولصالح المجتمع.

 

أسباب وعلاج

في رأيكم ما هي أسباب الاضطرابات في وطننا العربي؟

أسبابها الإخلال بما دعا إليه الله سبحانه وتعالى من العدالة والإنصاف والتعاون على البر والتقوى فقد بين الله تبارك وتعالى كيف تكون الرابطة بين الراعي والرعية عندما قال لرسوله -صلى الله عليه وسلم-: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ...} (آل عمران:159) فهذه هي أسس التعاون ما بين القمة والقاعدة لو حصلت هذه في كل المجتمعات العربية والإسلامية لساد الهدوء والاطمئنان ولا ما كان هناك نشاز ولا اضطراب.

 

ما هو الدور الواجب على العلماء القيام به في مثل هذه الظروف؟

على العلماء أن يشخصوا العلة وان يبينوا الدواء وان يحرصوا على كلمة الإخلاص يقولونها من أعماق قلوبهم لأجل إنقاذ الجميع من الورطة.

 

بصفتكم عضواً في اتحاد العلماء المسلمين.. كيف نظرتم كعلماء إلى هذه الثورات؟

لا ريب أن علماء المسلمين جميعًا يحرصون على أن تسير في المجتمعات الإسلامية بأسرها وفق نواميس الشرع ووفق سنن الله تعالى في الخلق وأن يتعاون الجميع على ردم الهوة ما بين الراعي والرعية وأن يأخذ الجميع بأسباب العدالة والإنصاف.

 

لا نبرئ أحدا من المسؤولية

هناك قول إن من أسباب قيام الثورات تحريض خارجي بهدف إيجاد فراغ في السلطة وأنه ليس نابعا من الداخل، فقد كان في السابق التحريض الخارجي منصبا على الشعوب وعندما انعدمت الثقة بين الحكام والشعوب قلبت على الحكام؟

لا ريب أن هناك جهات يسرها أن يكون التفرق والتشرذم في هذه الأمة ولكن مع ذلك نحن لا نستطيع أن نبرئ أحدا من المسؤولية فلو أخذ بأمر الله تعالى وطبقت شريعته وكانت العلاقة ما بين القمة والقاعدة علاقة رحمة ومودة وحنان وتآزر على الخير متشاور فيه لما وجد هذا النشاز وهذا الاختلاف.

 

لا تفرطوا

هل من نداء من سماحتكم للحكام والشعوب للاستماع لبعضهم وإصلاح ذات بينهم؟

ندائي إلى الجميع أن يأخذوا بدين الله وان لا يفرطوا في أمره وإلا يخلوا بواجبهم على الخير والأخلاق وعلى العقيدة والعبادات بهذا تردم الهوة ويقضى على الفساد.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــ

 

المصدر: روضة الصائم: ملحق بجريدة عمان: الثلاثاء 2 رمضان1432هـ. الموافق 2 أغسطس2011م.