علاج القضايا الكبرى يبدأ من إصلاح النفوس بتعزيز الإيمان فيها

علاج القضايا الكبرى يبدأ من إصلاح النفوس بتعزيز الإيمان فيها

الخروصي: محاولة تلمس الحلول من الشرق والغرب وبعيدا عن دين الله لا تجدي نفعا

ما لم يوجه العلم نحو الوجهة الصحيحة فإنه يمكن أن ينحرف بصاحبه

قال فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد مفتي عام السلطنة ان علاج القضايا الكبرى يبدأ من اصلاح النفوس بتعزيز الايمان فيها وان محاولة تلمس الحلول من الشرق والغرب وبعيدا عن دين الله لا تجدي نفعا.

وحذر فضيلته ان العلم ما لم يوجه نحو الوجهة الصحيحة فإنه يمكن ان ينحرف بصاحبه، ومشيرا الى ان بعض الدعاة جردوا الدين من عوامل الايمان التي تلامس شغاف القلب لانهم عدوه نظريات فكرية مشحونة بالجدل العقيم الذي يختلط به المنطق والفلسفة وكثير من علوم الاجتماع والتاريخ، لذلك علينا ألا ننساق وراء الخطابات التي لا تلتفت الى اهمية الدين والى الخطابات التي تهزأ من الحلول التي يقدمها .. جاء ذلك في حوار حول (قضايا دينية دنيوية معاصرة) بملتقى الكوادر الدينية الثالث بالمصنعة .. وإلى ما جاء في الحوار.

بدأ فضيلته بالتحدث في المحور الأول للحوار (من يعيد بهاءه وروحه)، واقع المسلمين اليوم انهم جردوا دينهم في كثير مما يطرحونه من روحه وجوهره فإما انهم عدوه نظريات فكرية مشحونة بالجدل العقيم الذي يختلط به المنطق والفلسفة وكثير من علوم الاجتماع والتاريخ تحت شعارات براقة واما ان هذا الدين عد في كثير من الاحيان ايضا امرا آخر يقابل الامر الأول وهو انه مجرد طقوس روحية لا واقع لها حياة الناس ولذلك كان لا بد لنا ان نتساءل من يعيد لهذا الدين رونقه وبهاءه وحياته وفعاليته في واقع حياة الناس، لماذا؟ لان كثيرا مما نراه حولنا اليوم يريد ان يبعدنا عن الجوانب الايمانية في هذا الدين يريد ان يستلنا من مكونات لازمة لهذا الايمان الذي اكرمنا الله تعالى به للترغيب والترهيب أو للرقائق والإيمانيات او للجوانب الروحية في هذا الدين او للجوانب الايمانية منه للمواعظ للزواجر للطائف للجوانب الروحية فيه فجرد هذا الدين وكأنه نظرية من النظريات التي تتناول مفردات الحياة تقبل وترد وتناقش وتجادل وانساق كثير من دعاة الاسلام والمسلمين وراء هذا الشعار البراق يظنون انهم يدخلون في جدال فكري يقيمون به الحجة على خصومهم لكنهم للأسف الشديد يجردون هذا الدين من عوامل الايمان التي تلامس شغاف القلب فتحدث صياغة جديدة لحامل هذا القلب وتحدث صياغة جديدة لواقع حياة الناس.

 

معالجة للقضايا

واوضح، واذا تأملنا في جملة من آيات كتاب الله العزيز سنجد ان هذا المعنى ظاهر جلي في كثير من السياقات لا يكاد تجدون قضية تتناول امرا من امر اصلاح حياة الناس الا وتجدون ان معالجة الكتاب لهذه القضية يتصل بجوانب التقوى والصلاح وتهذيب النفس والترقية بالسلوك والسمو بهذه النفس والتعالي بها عن حضيض هذه الحياة الدنيوية وقصر الامر فيها على ان تكون المعالجة معالجة لجانب من الجوانب دون النظر الى مبعث تلك القضية او تلك المشكلة او الظاهرة دائما ما نجد في كتاب الله عز و جل معالجة قضية من القضايا يأتي مصاحبا للحديث عن التقوى عن الايمان بالله واليوم الآخر عن الصلاح عن الصراط المستقيم عن الاخراج من الظلمات الى النور لكننا اليوم ننساق وراء طرق معاصرة حينما نعالج قضايا، حتى القضايا المادية حتى القضايا الدنيوية لا نتعرض لشيء من هذه الجوانب لا نتعرض لهذه الايمانيات مع انها من صميم علاج القرآن العظيم من صميم حكمة الله سبحانه وتعالى في معالجة احوال الناس في هذه الحياة.

 

خذوا اي قضية من القضايا سواء كانت قضية فكرية او سياسية او اقتصادية او قضايا تتصل بالجوانب النفسية او قضايا المشكلات الاجتماعية التي تعتري حياة الناس او المشكلات السياسية التي تواجههم تجد ان جملة من دعاة الاسلام ومن علماء الاسلام ومن الخطباء والوعاظ والائمة وكل من يعنيه الشأن الديني لا يلتفتون الى ان أصل المعالجة يبدأ من الايمان يبدأ من جوهر هذا الدين الذي أكرمنا الله سبحانه وتعالى به فجاء لاصلاح النفوس ولوصل هذه النفوس بالخالق جل وعلا ولتذكيرها بالمآل والمنقلب الذي تؤول اليه فتصوغ من هذا الانسان عبدا مطيعا لله عز وجل منقادا لامره مستسلما له سبحانه وتعالى لكنه الاستسلام الواثق ان العزة والنصر والسلامة والسعادة في الدنيا والآخرة هي في هذا الصراط المستقيم لذلك تجدون كثيرا الله سبحانه وتعالى يقول (نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) وأمثال ذلك يتكرر كثيرا في كتاب الله عز و جل لكن لا بد لنا نحن اليوم ان ننتبه ولا ننساق.

 

كلام براق

ويشير، حدثت ردة فعل يأتي من يتعالم ويتحدث باسم الاسلام فيقول ما شأن هؤلاء الوعاظ والخطباء والدعاة لا يأتون الا بالمواعظ والمرهبات والمرغبات ولا يتعرضون للقضايا الفكرية التي تتناول القضايا الاسلامية العامة تتناول هموم الامة كلام براق لكن المسكين ما درى ان علاج تلك القضايا الكبرى انما يبدأ من اصلاح النفوس من تعزيز الايمان فيها ولذلك لا يسوغ لنا ان ننساق لا بد ان ننتبه وليقولوا هم بعد ذلك ما شاءوا، ليقولوا بأن هؤلاء ليسوا اكثر من وعاظ او غير ذلك من الاقوال هذا الذي ينذر نفسه وحياته لله سبحانه وتعالى دعوة اليه وهداية للناس واصلاحا في واقع الحياة لا يبتغي من احد جزاء ولا شكورا انما يبتغي وجه الله سبحانه وتعالى ورضوانه لذلك فإنه دائم المراقبة لنفسه ويؤثر ما عند الله على متاع هذه الحياة الدنيا لا يبتغي اوصافا وثناء من الناس (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا).

انظروا الى قضية من القضايا التي يكثر الحديث حولها في كثير من المجالس، لو تفقدنا أحوال كثير من المجتمعات اليوم مثلا الحوادث المرورية، هذه الحوادث اصبحت مشروعا وطنيا بمعنى ان اعداد الدراسات اللازمة لمعالجة هذه الظاهرة كلف بها مجلس البحث العلمي الذي يعنى بوضع الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي في البلاد لان الجهات منفردة لم تتمكن من الوصول الى معالجة هذه القضية للتخفيف من حدة حوادث المرور ولا ينتبه بعض حملة الشريعة الى ان هذه القضية ترتبط ارتباطا وثيقا بمقدار تمثل الناس لمعاني الايمان في واقع حياتهم في علاقة مطردة فإذا ما انتبه الناس الى ما امرهم به دينه والى صلتهم بالله سبحانه و تعالى فعادوا اليه بالتوبة النصوح وبالعمل الصالح وبالإكثار من الحسنات فإن اثر ذلك ينعكس على باقي الظواهر والمشكلات التي تظهر في المجتمع ، طبعا هذه هي القاعدة العامة، لكن نحتاج الى تفاصيل في كل قضية من القضايا اذا كان الله سبحانه وتعالى حتى حين يعلمنا احكام الطهارة يختمها (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) حينما يتحدث عن احكام الطلاق يتحدث عن التقوى ويأمرنا بالتقوى وبمراقبة حدود الله سبحانه وتعالى، حينما يأمر ببسط العدل واقامة قوام الحياة على اسس متينة من القسطاس المستقيم فإنه يذكر بالإحسان ويذكر بالتقوى وينهى عن اتباع الهوى (فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا) (َلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) اذن معالجة هذه القضايا لا بد ان نتذكر لا ينبغي لنا ان ننساق وراء هذه الخطابات المعاصرة التي لا تلتفت الى اهمية الدين بل في كثير من الاحيان نجد انها للأسف الشديد تهزأ ممن يطرح مثل هذه هذا الطرح ويقدم هذه الحلول، لكن كما قلت لا يغير من حقيقة ما اختاره الدعة الى الله مسلكا وطريقا له في هذه الحياة.

 

ويضيف، كثير من المشكلات التي تظهر في حياة الناس اليوم سببها المعاملات الربوية، والعياذ بالله، ولذلك لا يمكن ان نعزل قضية اجتماعية على سبيل المثال او معالجة قضية اقتصادية الا ونذكر بأن من الاسباب التي دعت الى ذلك هو مخالفة امر الله عز و جل فيما يتصل بالربا بل حتى في العلم نفسه ما لم يوجه العلم نحو الوجهة الصحيحة فإنه يمكن ان ينحرف بصاحبه والله سبحانه  وتعالى يقول (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ، وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ) لا حظوا معي ان هذا العلم ان لم ينتفع من صاحبه ويعمل به وينشره في الناس فإنه يخلد به ، اي هذا العلم، يخلد به الى الارض لان من شأن العلم ان يرتفع بصاحبه سلوكا وخلقا ومعاملة للناس، لكنه ان آثر الهوى بما آتاه الله من العلم فإنه ينسلخ كما تنسلخ الحية من جلدها ويكون بعد ذلك من الغاوين، فيأتي الغواية بنفسه ويكون سببا لغواية غيره ثم ان الله سبحانه وتعالى يذكر بأن من شأن العلم ان يسمو بصاحبه إلا ان ابى واستكبر صاحب العلم فإن علمه ذلك سوف يهبط به الى ادنى دركة من دركات هذه الارض ومن الطينة التي خلق منها هذا الانسان ولذلك حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ، ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) فهم عندهم علم لكن الله سبحانه و تعالى حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ان يتبع هؤلاء، لماذا؟ لانهم لا يريدون الا عرض الحياة الدنيا ولذلك فإنه يستغرب اذا ما دعوة الى توبة او استغفار في حالة ما يبتلي الله سبحانه وتعالى من كوارث تصيب بني البشر من زلازل او فيضانات او سيول او امراض واوبئة او غير ذلك تدعوا الى التوبة والاستغفار اذا بأمثال هؤلاء يشيطون غضبا وكأنك دعوتهم الى فجور والعياذ بالله، لماذا؟ لان الله سبحانه و تعالى كشف لنا حقيقتهم حينما قال (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ، ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ).

 

من القضايا التي تهم المجتمع

وذكر فضيلته، في يوم من الايام كنا نتحدث عن قضية المسكرات والمخدرات وهي من القضايا التي تهم مجتمعنا اليوم ما لم ننتبه اليها وكان هناك خبراء من عدة جهات يتحدثون عن وسائل الوقاية ووسائل العلاج فسألني مدير الحوار عما يوجد في الشرع مما يوفر الوقاية والعلاج فقلت يقول الله تبارك وتعالى (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) فقاطعني قائلا انا لا اتحدث عن الحكم الشرعي هذا انتهينا منه، اتحدث عن وسائل الوقاية والعلاج فقلت له وقد انتبهت الى سؤالك وانا اجيب على هذا السؤال الآن، لا ابين على الحكم الشرعي الآن، انا أجيب على السؤال، قال: كيف؟ قلت هذه الآية التي تبين الحكم الشرعي تبين طرق العلاج لكن كثيرا من المسلمين لا ينتبهون، يحاولون ان يتلمسوا الحلول من الشرق والغرب وبعيدا عن دين الله عز و جل لكنها لا تجدي نفعا، تعالوا بنا ننظر فيما أودعه الله سبحانه وتعالى في نفس السياق الذي بين فيه الحكم الشرعي وبين فيه الاثر يبين لنا فيه بيانا واضحا كيف يكون العلاج (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ)

 

اذن السبيل الاول هوان نجنب هذا الواقع في المسكرات والمخدرات الوقوع في براثن معادات المجتمع لان الشيطان يريد ان يوقع الناس بالخمر في العداوة فلا بد ان نجتث هذا الواقع في الخمر وان نخرجه من هذا المحيط الموبوء الذي هو فيه وان نوفر له بيئة يسودها الحب والوئام والتراحم والتعاطف ثم يقول الله سبحانه وتعالى (فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) الميسر هو كسب غير مشروع غالبا ما يكون بل دائما يكون مرتبطا بالخمور والمسكرات، الى اليوم حينما يقال نادي قمار، فإنه من المعلوم ان القمار فيه الاصل ثم تكون فيه بعد ذلك الخمور تبعا لكنها تابع اصيل لا ينفك عن القمار، وهو كسب غير مشروع لا عمل ولا عناء فيه ولذلك فإنه يورث هذه البطالة ويورث البحث عما يلبي نداء الشهوة في هذا الانسان ولذلك فلا بد من ايجاد البديل لانتشال هذا الواقع في المسكرات والمخدرات من تلك البيئة وايجاد عمل يكدح فيه ويتعب لان الله سبحانه وتعالى يشير الى هذا المعنى في الخمر والميسر فلا يصح ان يظل عاطلا او ان يلجأ الى طرق كسب غير مشروع فيها من الدعة والسكون والراحة من القمار والميسر والمراباة وغيرها من الاصناف القديمة والحديثة التي نعرفها والتي لا نعرفها، بل لا بد من انتشاله من ذلك وهو من وسائل العلاج.

ثم يقول الله سبحانه و تعالى (وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ) اذن لا بد ممن ان يكون علاج هذا المدمن بالاكثار من ذكر الله تعالى لان الشيطان اوقعه في البعد عن ذكر الله عز و جل ولذلك لا بد من ان ينتشل مما هو فيه وان يحيا قلبه بذكر الله عز و جل بالطرق المناسبة الداعية الى غرس هذه المعاني، معاني ذكر الله تعالى ولا ريب ان اعلى الذكر تلاوة كتاب الله عز و جل ومناجاته في الصلاة (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) (إن هو إلا ذكر للعالمين) ثم الاكثار من الصلاة.

(إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) سوف ينتهي وسوف ينجح العلاج بكل تأكيد ونحن على ثقة من ذلك، حينما بدأ الخبراء الموجودون يقولون لنا كل هذه القضايا مذكورة لنا، قلت هذه الوسائل وطرق العلاج هي من انجح وسائل العلاج اما ما كانوا يذكرونه من طرق هناك حالة تسمى الانتكاسة، ثمانون بالمئة من المدمنين تنتكس حالتهم ويعودون الى الادمان لان طرق العلاج كانت مبتورة عن هدي الله تبارك وتعالى، فأنا اذكر مثالا واحدا فقط.

ينفرون الناس

وانتم ايها الخطباء والأئمة والوعاظ مهما قيل لكم مهما انتقد كثير من اهل العلم الشرعي بأنهم يعزفون عن واقع الحياة وانهم يعيشون في ابراج عاجية ولا يتحدثون الا في المواعظ وفي الترغيب والترهيب وهؤلاء ينفرون الناس فإن هذا لا ينبغي ان يؤثر فيكم، نعم هذا لا يعني ان نكون بعيدين عن واقع حياة الناس لكن علاج مشكلات الناس انما يبدأ من الايمان الصادق بالله تبارك وتعالى، وذكر الله تعالى وتلاوة القرآن الكريم تحدث اثرا في نفس هذا الانسان لا يتصوره احد.

ثم اشار فضيلته الى قصة، اليوم كان عندي رجل له اهتمام بالتواصل مع غير المسلمين وهو على قدر من الثقافة ومن العلم ولذلك فيتعامل مع كثير من الكتاب والمفكرين الغربيين يقول أحدهم وهو امريكي كان يتكلم العربية وكأني لم اسمعها من عربي قط، ذلك المستوى من الفصاحة والبيان ما تصورت ابدا اجنبيا يتقن تلك الفصاحة العربية بذلك الاسلوب وذلك البيان يقول كان يقشعر جلدي حينما يتكلم، وفي يوم من الايام سألته، وهو يعرف اني مسلم، فقال هل اخبرك بسر ولا تخبر به أحدا فقلت له نعم، هذا الكلام قبل عشرات السنين، قال له انا كل ليلة استيقظ الساعة الرابعة واقرأ القرآن لمدة ساعة على الأقل وهذا غير مسلم، فيقول عندها شعرت اني اريد ان اخنق هذا الرجل، كل ليلة يقوم عند السحر ويقرأ القرآن لساعة او اكثر وهو غير مسلم، فتداركني قائلا لكنني سأفاجئك في يوم من الايام ثم بعد مدة دعاني الى بيته للعشاء ولم اعرف السبب ثم اخبرني انه دخل في هذا الدين.

ونحن المسلمين نعزف عن العودة الى كتاب الله عز وجل والى ما فيه من هدايات ومراشد في التعامل مع قضايانا ومع واقعنا ولذلك قلت، من يعيد لهذا الدين بهاءه وجوهره واساسه ورونقه ان لم تفعلوا انتم.

اذن حينما نتناول مثل هذه القضايا لا يصح لنا ان ننساق وراء هذه المعالجات حتى في القضايا السياسية المعاصرة هناك حلول في كتاب الله عز وجل وفي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم غاية في الوضوح والسهولة من سهولتها أمسى المسلمون اليوم يظنون انها لا تصلح لواقعهم للاسف الشديد وهذه قضية خطيرة كثير من القضايا والمشكلات التي تعد انها من القضايا الكبرى عولجت في هذا الدين علاجا واضحا سهلا بينا بحيث ان لو اخذ المسلمون بمراشد هذه الاحكام والحكم لعلها تختفي تماما تلك المشكلات التي يواجهها الناس.

اعظم المشكلات التي يواجهها الناس المشكلات الاقتصادية لانها تمثل معاش الناس ونحن في ديننا عندنا من القواعد والاسس ومن الاحكام الشرعية المتصلة بالتوزيع العادل للثروة وبطرق الكسب والعمل وبحقوق المال والواجبات فيه ما يضمن ان يحيا الناس حياة طيبة هانئة لكن شريطة ان يشكروا الله سبحانه وتعالى على نعمته  وان يمتثلوا امره وان ينقادوا لأحكام دينه.

-----------------------------------

متابعة: سيف بن سالم الفضيلي

 

جريدة عمان: الجمعة, 21 ذو القعدة 1434هـ. 27 سبتمبر 2013م