قد ساءت أفهام البعض عندما اتخذ من الكتابة ترويحاً للنفس وإضاعة للوقت، ولو بدون فائدة تعود عليه أو على أمته، بينما الكلمة أمانة يحاسب عليه صاحبها ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) وقد أحسن من قال :

ولا تكتب بخطك غير شيء***يسرك في القيامة أن تراه

كذلك يجور البعض منا عندما يغالي في حواره ومناقشته لإخوانه، فيحمل عليهم سيل الشتائم، وعبارات السباب وبذيء القول، والأدهى والأمر بأننا نجرح الأشخاص بحجة تفنيد الدعاوى والرد على الأخطاء، بينما المنهج السديد بأن غاية العاقل نقد الفكرة لا نقد قائلها، فالغاية تصحيح المسار لا طعن الذوات .

وكما يعلم الجميع بأن خضم الحياة بحر متلاطم، يريك عجائب الأحوال وتقلبات البشر، ففهيم الصالح والطالح، والمستقيم والمعوج، والبصير والأعمى، والذكي والغبي، والحليم واللئيم، والعالم والجاهل، والمصلح والمفسد، وصاحب الفكر الناضج هو الذي يتعامل مع جميع هذه الأجناس بميزان دقيق، لا يشط به الهوى، ولا يميل به الزيغ، ولا تغلبه فورة النفس، ولا يحمله حب الانتقام على الظلم، أو التشهير أو الطعن أو السب أو الشتم.

فإذا ظهرنا في كتاباتنا بهذا المنهج المحكم لم نجد من يخدش الكرامة أو يشوه الأخلاق أو ينأى عن الجادة .

فليكن كل حامل قلم من دعاة الفضيلة والبناء، والخير والعطاء، فإن خشي زلل القدم فليجفف حبر قلمه قبل أن ينشر مدادُهُ سوء طويته، وانحراف سلوكه ، ويفضحه وقد كان مستورا، وقد جاء في الحكمة ( الكلمة أسيرة في صدرك ، فإذا أخرجتها صرت أسيرها ).

وسأحاول أن أعرض عليكم بعض الشروط المتأدبة في إدارة الحوار والمناقشة حتى نخرج بالفائدة المرجوة، مع انتظار روائع أقلامكم ومشاركاتكم لغناء هذا الموضوع، وسيكون ذلك تباعاً - إن شاء الله .

الشرط الأول : الإخلاص :

فإن الإخلاص هو سر نجاح كل عمل، فالقلب المخلص عندما يقذف بالكلمة الصالحة وتخطها يده الطاهرة ، تظهر بركتها ويعم خيرها، وأعني بالإخلاص هنا سمو الفكرة وجمال الكلمة وقوة معناها، فهي تأخذ قوتها من مضمونها لا من بريقها، فإذا اجتمع حسن التعبير مع سلامة الضمير وصفاء القلب وبراعة نسج الكلام كان أثره في النفوس أثراً بالغا.

ومن معاني الإخلاص أن يقصد بحواره ونقاشه وجه الله وابتغاء مرضاته، لا مجرد ارتياح الضمير، والترويح عن النفس بالكتابة، أو سبك الكلام ليقال عنه كاتب متمكن أو محاور بارع أو مناقش ناجح، فإن صاحب المبدأ لا يقف مع الأسباب الدنيوية كثيراً، وإنما يصعد بطهارة كلمته إلى سبب وجوده، مَن خلقه ورزقه، وشق فيه السمع والبصر، ومنحه البيان مع فصاحة اللسان .

وكم من كلمة تخرج طنانة رنانة ولكنها لا تصل إلا ميتة لأنها خرجت من قلب ميت، بسبب أنها فقدت سر الإخلاص، أما كلمة المخلص فهي التي تخرج كلها دفعة حياة، فتشفي النفوس العليلة، وتنعش الأفئدة الكليلة، وتنير حالك الدروب، إنها الكلمة التي نريدها ونسعى إليها دائما، وصدق رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام عندما قال : ( إن من البيان لسحراً، وإن من الشعر لحكمة ) .

الشرط الثاني :

ينبغي أن يقصد بحواره ونقاشه إصابة الحق ، وليس الانتصار للذات، فإن للنفس حباً للانتصار، ولذة لا تعدلها لذة، أعني أن بعض المتحاورين يقصدون من حوارهم الانتصار على كل من يحاور، والفوز على كل من يناقش، حتى يسلم له الجميع بالتقدم، فيجعل همه من الكتابة أن يجذب الأنظار إليه، أو أن تميل النفوس إلى كلماته الفذة، فيعتبر نفسه فارس الميدان بلا منازع، وأنه إذا حاور لا بد أن يترك الجميع له الحوار، لأنه الذي يوضح المعنى، ويزيل اللبس، ويكشف الحجب، ذلك الغرور بعينه، إذا ينتقي من الألفاظ أسجعها، ولا يهمه إلا إسكات من حاور سواء بحق أو بباطل، لا تهمه الغاية وإنما تهمه النهاية التي يرنو إليها .

 

وكم من صاحب مبدأ فاسد نشر فكره المنحرف بزخرف القول، وتضليل العقول، وتحوير الكلام، والتفنن في ضروب الكلام، وقد أشار سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام إلى ذلك بقوله ( ولعل بعضكم ألحن بحجته من صاحبه، فأقضي له على حسب ما أسمع، فمن قضيت له بحق أخيه، فلا يأخذ منه شيئاً، فإنما أقتطع له جذوة من النار )، أي أن المتخاصمين عندما يتحاوران ربما يكون الظالم بحلاوة لسانه يغلب المظلوم بالحجة، فيكون لسانه تضليلاً للخلق وإخفاء للحق، ولكن الصواب أنه يقطع لنفسه جذوة من النار .

أما الأمين في كلمته فهو الذي يقصد بها إصابة الحق والانتصار للمظلوم، وبيان الصواب، والتحذير من الخطأ ، والدعوة الجامعة إلى الله ورسوله، وسعادة هذا الوجود بأسره، فالحق مبتغاه، ينشده مع كل من يحاور ، سواء كان ذلك المحاور صديقاً أو عدواً، حبيباً أو بغيضاً .

وقد كان من هدي الصالحين أنه إذا حاور خصمه فرءاه متعنتاً، يريد أن يغلب بباطله نور الحق، ويحاول أن يستخدم فنون قوله في إثبات باطله، ترك له المجال لا هروباً أو غلبة، أو عدم قدرة للرد عليه، وإنما أخذاً بالحكمة القائلة :

إذا نطق السفيه فلا تجبه***فخير من إجابته السكوتُُ

إذا كلمته نفست عنه *** وإن خليته كمداً يموتُ

 

يقال هذا في في أناس لا يقصدون من حديثهم إلا هدم الفضيلة ، وتقويض بنيان الأخلاق، فإن كان صاحب شبهه أزيلت شبهته، وإن كان مماحكاً يقصد الجدل بالباطل ولا يقتنع بالحق، ففي السكوت عنه سلامة .

 

فلنجعل كل ما نكتب لأشرف الغايات، لإعزاز هذا الدين، وللتناصح ، وللمعارف والعوارف، وللتصافي والتلاحم، وللتذكير والإعانة على الخير، ساعتها تكون مناقشاتنا في صميم العزة والكرامة، وإلا فمن السهل أن تنزل مناقشاتنا إلى حضيض المهانة، وفي الحديث ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت ) .

الشرط الثالث :

عدم تجريح شخصية المحاور والكاتب، وإنما مناقشة الفكرة التي جاء بها، فإن الهدف هو تصحيح مسار الفكر العام الذي يكتب في إطاره كل حامل للقلم، فالتجريح ليس علاجاً للقضية، بقدر ما هو هتك للأعراض، وتشهير بالناس، بحق أو بباطل، فالغاية لا تبرر الوسيلة، ولن نعالج الخطأ بخطأ مثله، ولن يزيد الكاتب بعد تجريحه إلا عناداً وإصراراً على خطئه ، بل يتمادى في ضلاله وغوايته .

 

وقد علمنا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم أدباً رفيعاً في معاملة كل من يشوه قيم الإسلام أو يعتدي على الفضيلة، فإنه يراعي عند تنبيهه على الخطأ إصلاح نفسية المخطئ، وذلك بستره وعدم التشهير به، فقد جاء عنه - صلى الله عليه وسلم- قوله ( ما بال رجال يفعلون كذا وكذا ) ، ( ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا ) ، ( ما بالنا نبعث العامل ... الخ ) .

 

ثم يأخذ -عليه الصلاة والسلام- في شرح الخطأ وتصويبه بالدليل والحجة لا بالمماحكة واللجاج . كم هو جميل أن نرى أحدنا يجد العذر لإخوانه إذا زاغ بهم الفهم في قضية ما، مَن منا مَن لا ينبو به الفهم أو يزل به القلم؟!

وما دامت النية إيصال الخير وسلامة الحوار فلا مجال للشحناء والبغضاء، فكلنا بحاجة إلى من يوجهنا ويصوب أخطاءنا، ورحم الله رجلاً أنصف من نفسه، واعترف بخطئه، ورجع عنه، ورحم الله امرأ اُهديت إليه عيوبه فتقبلها بقبول حسن، عندها سيسعد المجتمع وتبلغ الأخوة غايتها .

 

نعم، هذا لا يعني أن المجاهر بمفاسده ، المتعالي على غيره، الذي يريد أن ينشر فكره المسموم ، لا يعني أن نصم آذاننا عما ينشره من أمراض تستشري في جسم أمتنا، وإنما تكون الثورة عليهم بقدر ما يقدحون في مكارم هذا الدين، فالغيرة ساعتئذ مطلوبة، ومن لا يغار لدينه وشرفه فليس من الدين في شيء .

 

أما التشهير بالأسماء والأماكن وأرقام الهواتف، فليس له داعٍ، بل هو من الإثم الكبير، وإنما نحذر من شروره بدون نعته أو ذكر اسمه .

 

وإذا تطلب الأمر أن نفصح عن هويته لضرره على شخص ، فنخبر به ذلك الشخص فقط لا غير، ومن الظلم أن يُحذّر منه شخصاً آخر لا يعرفه، وكذلك إذا عم فساده في مكان لا ينبغي هتك ستره في مكان آخر لا يعرفون عنه شيئا، ولا يلحقهم منه ضرر، فلماذا التشهير إذن، تلك قضية كبرى غابت عن أذهان الكثير منا ، ونبا فهمه عن سبر غورها، والوصول إلى كنهها .

 

ومن منا يدعي الكامل حتى يقعد للناس كل مرصد، لا هم له إلا انتقاد هذا وذاك بغير حجة أو دليل، إلا التنقيص من شأنهم، والحط من أقدارهم، وجلب الغوغاء عليهم، نسينا عيوبنا وهي كثيرة، وتجاوزنا عن أخطائنا وهي شهيرة، وصدق الله وهو أصدق القائلين ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب، أفلا تعقلون) ؟؟!!

 

إخوتي :

كم رأينا من كاتب يريد التشفي من إخوانه للنيل من كرامتهم! وكم رأينا من محاور جره هواه إلى فضح إخوانه وهتك أستارهم! وان لم يجد لهم عيباً تتبع سقطات كلامهم لعل فيها شيئاً مما وقع منه سهواً أو خطأ، فيدندن حوله ويطبل، ويزعم أن الكاتب أخطأ في موضع كذا وكذا، أيُّنا المعصوم؟ وأيُّنا يدعي أنه ملك من ملائكة الله ؟!

 

وأين جانب الدعوة بالحسنى، والحكمة والموعظة الحسنة؟ أين تأليف القريب، ورد الشارد؟ وتحبيب القلوب إلى شرف الكرامة ونبل الأخلاق، إن الحلم والاتزان، وطيب القول، يرد الشارد ويهدي الضال ويرشد الحائر، كم هي المعاني سامية في هذا المجال لو أننا تعقلنا قليلا، لكسبنا أجراً كثيرا، ولتطهرت قلوب الكثير من إخواننا وأخواتنا من أمراضها.

 

إنها آية كريمة أو حديث شريف أو حكمة نافعة أو نصيحة جامعة، أو قصة هادفة أو محاورة متأدبة تفعل فعلها في النفوس فتهدي إلى صراط مستقيم ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) فلنسترشد إذن بهذه المراشد، ولنسر على هذه الخطا وسنجد الثمار يانعة ، والقلوب ظامئة لارتشاف عبق الإيمان وشذاه، إن شاء الله .

الشرط الرابع :الأمانة العلمية في النقل:

 

فإن موسوعة ثمرات المعارف قد تعددت فروعها، وكثرت مشاربها، فليس من الإنصاف أن يتعب غيرنا في البحث والتدقيق، ويقضي ليله مُكبّاً على التحصيل وجمع الفرائد العلمية ، وهذا يأتي ليأخذه جاهزا، بدون أن ينسب الفضل إلى أهله، ولا ريب أن العادل في نقله ينسب الفضل إلى أهله، ( ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله ) .

 

وإن من الزور والظلم الذي ما بعده ظلم أن يتزيّا هذا الصنف من الناس بزي العلماء وهو غارق في مستنقع الجهل إلى الأذقان، أو أن يتعاطى الحكمة وهو بليد، أو أن يُزهِّد الناس وهو فاسد، فإن المُدعي لما ليس عنده كلابس ثوبي زور .

 

ولا يظنن ظانٌّ أنه إذا أسند القول إلى قائله يقلل من أهمية الناقل، ولو لم يكن له فضل إلا قوله عليه الصلاة والسلام ( الدال على الخير كفاعله ) لكفى، فله أجره كامل، وخيره واصل، مع أننا لولا نقله لما اطلعنا على ذلك الموضوع الذي أتحفنا به .

 

كذلك من يحاول الكتابة بمفرده، ولا يكون ناقلاً فحسب، بل يطلق لقلمه أن يسطر ما يستكِنُّ بين حناياه من غيرة على دينه، وحرصه على إصلاح أمته ومجتمعه، يكون أقوى تأثيراً في نفس القارئ من أن ينقل عن غيره، فإن ما يخرج من القلب يصل إلى القلب مباشرة، فضلاً عن تفجير طاقاته الكامنة، وتنمية مواهبه بالكتابة والتمرس عليها، وفي مشاركة إخوانه في إدارة الحوار الجيد والمناقشة الهادفة، فنفسه تحمل دُرراً وجواهر لا يعرف قيمتها إلا بتجليتها وإظهارها، وقد أحسن العلامة أبو مسلم- رحمه الله - عندما شبه مواهب النفس بالجوهرة :

 

استنبط العلم وزكِّ العمــــلا *** ولا تعش بغــرةٍ سبهللا

لا تترك الأنفاس في الجهل سُدى *** أدرك من جد وفي الجد العلا

جــوهـرة النفس اذا ضيعتها *** في لعب لم تلفِ منها بــدلا

رشّحـك الحـق لأمر جـــللٍ *** تُدركِهُ إذا ركبت الجـــللا

لو لم يُـرد قُـربك مـن جنابه *** لم يهبِ العقل ويهدي السُّبلا

إن العـلوم كالنجـوم كــثرة *** فاعتنق الشمسَ وغادر زُحلا

 

أما الناقل فقط ، فهو يحكم على مواهبه وطاقاته بالذبول والاضمحلال حتى يتبلد إحساسه وعقله، فلا يعي شيئاً إلا النقل مما هب ودب، نافعاً كان أو غير نافع .

 

إن من ننقل عنهم كانوا يوماً من الأيام مثلي ومثلك، ولكن طارت بهم همتهم إلى العلياء، فبرعوا ونبغوا، ولم يتأتى ذلك بكتابة سطرين، أو بقراءة صفحتين، أو مطالعة صحيفة أو مجلة، بل تشرَّبوا سائر المعارف، وقرأوا كل ما وقعت عليه عيونهم، حتى يلقحوا عقولهم، فأثمرت يانع الثمار، وكان منهم الكاتب والأديب والفقيه والصحفي والمحلل الاقتصادي، والأستاذ التربوي والاجتماعي ، وصدقت كلمة الزمخشري في كثير منا:

سهـري لتنقيح العلوم ألـذ لي *** من وصل غانية وطيب عناقِ

أأبيتُ سهران الدجى وتبيتُه نوماً *** وتبغي بعـد ذاك لحــاقي

 

ولا أعني هنا مطلقا أن لا يُنمِّي المرء مواهبه، أو أن يُحلِّي جِيد كلامه ببليغ القول وطيب الحكم، وأصناف المعارف، ولكن لا بد أن ينسب الفضل لأهله ، لذلك تأتي أهمية التوثيق العلمي ، والأمانة العلمية، وأمانة النقل، ولا يغض من قيمة المرء أن يقول : هذا من كلام فلان، أو هذا ما أشار إليه فلان، أو وجدته في كتاب كذا، أو نقلته من مجلة بعينها، أو جريدة معينة، أو الموقع الفلاني، لا يضره ذلك شيئاً بل يرفع من مكانته، ويشرُف عند الناس بصدق القول وأمانة النقل .

 

ولا يعزب عن البال بأن الواحد منا يقرأ كثيراً مما يكتبه إخواننا ، بعضه يُصدّق والبعض الآخر لا يمكن تصديقه، فيأتي هذا فينقله بدون توثيق، فيجد من التكذيب والسخرية والاستهزاء ما هو في غنىً عنه، وكان في سلامة وراحة بال لو نسب القول إلى قائله، وجعل العُهدة على القائل، على أن التمحيص أمر مطلوب، وسيأتي بيانه -أن شاء الله- بعد حين .

 

إن كثيراً من السرقات العلمية، من نقل بحوث كاملة أو كتب بأسرها أو مقالات لمؤلفيها حَدَت بالعديد من المؤسسات أن تضع قيوداً وضوابط لمنع ذلك كله، أو على أقل تقدير للحد منه، وكان أن ظهر ما يسمى ( بحقوق الملكية الفكرية )، ( وحقوق الطبع محفوظة ) وما شاكلها من سائر التحذيرات حتى يكفوا من حدة هذا التيار العارم الذي لم يُبقِ لمؤلف حقه فيما ألَّف، ولا لمصنف نصيباً فيما صنف، أو لكاتب فيما كتب.

 

ورغم ذلك يبقى ضمير الإنسان ومراقبته لخالقه، فهناك اختلاسات وسرقات علمية متعددة، تحدث في الخفاء، فإذا غاب الرقيب فليتذكر رب كل رقيب، فإنه عن أحد لا يغيب .

 

الشرط الخامس : الاقتباس والتضمين :

أما الاقتباس فهو نقل نص الكلام بحروفه، والتضمين نقله بمضمونه ومعناه، ويشترطون في الأول عدم الإكثار، إذ لو كان جُل كلامه منقولاً لما كان لمهارته في الكتابة محل، وأما التضمين فلا بأس إن اتفقت الخواطر، وضُمنت الألفاظ البليغة، والأهداف العامة، والاستنباطات المتقاربة ، كل ذلك مع العزو والاعتراف بالجميل لمن اقتبس عنه، أو ضمن كلامه شيئاً من كلام من أخذ عنه.

 

ولم نعب على الكاتب مجرد النقل، إذا كان موثقا، ويهدف به إلى تنمية مواهبه، بل ذلك يفتق قريحته ويزيد في أدبه، وإنما عيبنا أن نتخذ الاقتباس والتضمين مطية في كل شيء نكتبه، ولا نجدد فيه ، أو نزيد عليه شيئا .

 

وخير ما يُقتبس منه كلام الله المبارك، فهو كلام لا يضاهيه كلام، ويليه الثابت من أقوال سيد المرسلين- صلى الله عليه وسلم، فإن شئت بلاغة أو فصاحة ففيهما، وان أردت حكماَ وفقهاً وعلماً فمدار الأمر عليهما، وإن سألت خُلقا وتهذياً وتربية وإرشاداً وإصلاحاً فانهل من موردهما العذب، ناهيك عن القصص والأحكام، والحلال والحرام، والترغيب والترهيب، والإعجاز والإيجاز، وفنون البيان والتبيان، فهما موردان عذبان ، لا يَرِدُهما ظامِئٌ إلا ارتوى، ولا مذنب إلا ارعوى، ولا خائف إلا أمِن، ولا مُعوجٌّ إلا استقام، فقد جعل الله فيهما سر الوجود وصلاح الدنيا والآخرة، فإن شئت فأقلل منهما أو أكثر .

 

أما كتاب الله فمحفوظ بحفظ الله له، فلا يتطرق إليه التحريف، وأما السنة النبوية فمنها الثابت وغير الثابت، والصحيح والسقيم، فعلى الناقل أن يتحرى الدقة في نقل الأحاديث، وقد كثرت كتب الحديث التي تميز لنا الثابت من غيره، فلا يليق أن نورد القصص المكذوبة، والأخبار الزائفة لوجود أحاديث لا اصل لها، ولم يقلها الحبيب المصطفى- صلى الله عليه وسلم، خشية أن يدخل في وعيد الحديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار )، وفي الصحيح الثابت عنه-عليه الصلاة والسلام- غُنيةٌ وكفاية .

 

كما أنه لا يليق بحملة الأقلام أن يستدلوا بآيات لا يعرفون معناها، أو أحاديث لم يطلعوا على فحواها، وإنك لتجد العجب العجاب ممن يتجرأ على كتاب الله فيسوق الآيات في غير مواضعها، كمن يستدل على وصول الناس الفضاء بقوله ( يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان )، رغم أن الآية تتحدث عن يوم القيامة وما يحدث فيها، واستدلالهم بقوله تعالى ( فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ) في الانشقاق الإشعاعي ، وقد رأيتُ هذا كثيراً في موضوعات على الشبكة، رغم أن الآية تتحدث عن يوم القيامة وليس لها دخل فيما يذكرون ، وغير ذلك كثير جداً ، وكذلك أحاديثه صلى الله عليه وسلم .

إذن فهناك كتب التفسير، وكتب شروح السنة لا بد من الرجوع إليها ، وهي كثيرة متنوعة ميسرة منتشرة في كل مكان، ويسهل الرجوع إليها في كل وقت، أو على اقل تقدير يسأل عن الآيات والأحاديث التي يريد أن يقتبسها فيما يريد كتابته خشية أن يتقول على الله ورسوله بغير علم وذلك أمر خطير .

 

ثم هناك أدب العرب وهو ديوانها، شعراً ونثرا، يريك روائع فصاحتهم ، وقوة بلاغتهم، وصور وقائعهم وأيامهم، ( فالشعر ديوان العرب ) ، به يتفاخرون وبه يفاخرون، فالاقتباس من أدبهم يُقوِّي مَلَكة الإنسان الأدبية، ويزيد في متانة قوله، وسلامة نطقه، ووضوح معانيه، وكتب الأدب طافحة بذلك ، أشهرُ مِن أن تُذكر، فقد امتلأت المكتبات بها، منها أدب الدنيا والدين للماوردي، وربيع الأبرار للزمخشري، والعقد الفريد لابن عبد ربه والأغاني للأصفهاني على ما فيهما من مآخذ، وقصص العرب لمجموعة من المؤلفين، وصيد الخاطر، وأخبار النساء وكتاب الأذكياء كلاهما لابن الجوزي، والمحاسن والأضداد وكتاب الحيوان للجاحظ، وبلاغات النساء للخراساني.

 

فضلاً عن دواوينهم : كديوان عنترة ، والمعلقات السبع، وحسان بن ثابت، والمتنبي، وجرير والاخطل والفرزدق، ومن المعاصرين عبدالرحمن العشماوي ودواوينه الرائعة، وكذا كتب اللغة والأدب: كمقامات الزمخشري والحريري، وجواهر الأدب للأستاذ الهاشمي، وكتب علي الطنطاوي، وكتب المنفلوطي ، ومصطفى صادق الرافعي، ونجيب الكيلاني، والعقاد ، وغيرها كثير لا تدخل تحت الحصر .

 

وهناك الحكم والأمثال، وأحسن الأقوال، تضمنها ( مجمع الأمثال ) للميداني ،ومنثور الحكمة، وأقوال الصالحين، وفوائد المجربين، وفرائد الزاهدين، تتكفل بها كتب تهذيب النفوس كقناطر الخيرات للجيطالي، والإحياء للغزالي، والمستخلص في تزكية الأنفس للأستاذ سعيد حوى .

 

ولأهل عمان النصيب الوافر في حلبة السبق ، نثراً وشعراً، وإن شئت أن تتحقق مما أقول ، فعليك بمطالعة كتابي ( شقائق النعمان في أسماء شعراء عمان ) وكتاب ( الزمرد الفائق في الأدب الرائق ) كلاهما للأديب الأريب الفقيه محمد بن راشد الخصيبي، فضلاً عن دواوين أعلامهم : كالدعائم لابن النضر، وديوان الغشري، وابن رزيق، وأبي مسلم، وابن شيخان، وأبي سرور، وعبدالله الخليلي، وغيرهم كثير جداً .

 

فعلينا أن نستغل هذه الكنوز خير الاستغلال، وأن نُحلِّي بها جِيد كلامنا، ونُوّشي بها أثواب كتاباتنا ، فإنها بلاغ الراغبين وسعادة الطالبين.

 

ودعونا من النزاريََات، وأدونيس، ومدرسة الحداثة ، والأدب الهابط ، والشعر الساقط ، ففيما ذكرنا غنية عن التجديد الزائف، والتصنع الكاذب، والخروج عن القيم والفضيلة، والولوج في متاهات الفلسفة أو الرومانسية، وطالعوا ما شئتم مما يكتبه شبابنا وفتياتنا اليوم على صفحات الجرائد والمجلات، تحت إطار القصة والخاطرة والشعر الحر والهمسات والإيحاءات ، ولا أريد التعميم لأن هناك من الأقلام الواعدة من تعرف أمانة الكلمة فتقدرها حق قدرها .

 

وما أظن العاقل اللبيب يترك المورد العذب الزلال، ليشرب من المستنقعات الآسنة، أو يترك وحي السماء الذي فيه النور والضياء، ويأتي بألغاز وطلاسم تزيد الظلام ظلمة، وتزيد التائه حيرة، وصدق الله ومن أصدق من الله قيلا ( أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ) وقوله ( أفمن يمشي مُكباً على وجهه أهدى أمَّن يمشي سوياً على صراط مستقيم )؟! .

 

ولستُ-علم الله-من دعاة الجمود ومحاربة التجديد، ولكن التجديد له طرقه الصحيحة التي تكون مستوحاة من أسس ديننا، وسلامة منهجنا، وصفاء عقيدتنا، مع المحافظة على القيم والأخلاق، فعلينا أن نؤدي أمانة الكلمة فإن الله سائلنا عنها يوم القيامة، وفي الحديث ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )، فالصمت سلامة في زمن صار هدف بعض الكُتَّاب من كتاباتهم الشهرة، ليقال عنه: إنه قاص، أو راوٍ، أو أديب، أو شاعر، أو أن يظهر اسمه على صفحات الحياة، أو أن يطير بشاعريته إلى العليا مع النجوم كما يظن، فأحكم أخي قلمك في كل ما تكتب، وإلا فصن مداده عن تسويد صحائف عملك بالجرائر والاثام .

الشرط السادس :

كتابة الموضوع بالعربية الفصحى؛ لأنها لب هذا الدين، ووعاء اختاره الله لإنزال كتابه الكريم، ولم يختر له لغة أخرى، ( بلسان عربي مبين ) وذلك تخليد لها أبد الدهر، وتشريف لها من بين سائر اللغات، فاللغة العربية بفروعها وآدبها ليست لغة محلية أو إقليمية، وإنما هي جزء من ديننا، وركيزة من عقيدتنا، ومن تخلى عن لغته فقد ضيَّع دينه، ومن عشق لغة المستعمر، هدم أركان الإسلام ، وأصابه الذل والهوان .

 

وليس العناية بالعربية لذاتها بقدر ما هي لسان القرآن الكريم، وترجمانه الذي يُنبئ عن معانيه، وبقدر تعمق الإنسان في اللغة العربية يكون فهمه لدينه ومنهج ربه، وكذلك تأثره وخشيته، إذ أنه يفهم كثيراً من أسرار الكتاب العزيز فيتحرك وجدانه، وينمو إيمانه، ويعرف سر عظمة هذا الكتاب العزيز، ومجد هذا الدين التليد .

 

ولذلك فإن الأعاجم مهما تعلموا اللغة العربية لن يتشربوا أسرار الكتاب العزيز كما يرتوي بها العربي، ولن يصلوا إلى الإعجاز فيه كما يحس به ويدركه من كانت العربية لغته، ولذلك رأينا العلماء من غير العرب يفتخرون أن شرفهم الله بعلم العربية فصاروا من علمائها، فهذا الزمخشري يقول : ( الله أحمد أن جعلني من علماء العربية )، ولكننا لبعدنا عن ديننا زهدنا في لغتنا وبعناها بثمن بخس، ولم نُقم لها وزنا .

 

وعندما ندعوا إلى الكتابة بالعربية الفصحى، لا يغيب عن بالنا بأن الجميع لا يستطيعها، ولكن بقدر جهده يتحلى بها، ويعبر بحروفها وكلماتها، أما أن يتركها رأساً ويستبدل بها الأدنى، وتصل بعض الكتابات للأسف إلى الحضيض من العبارات الهزيلة، أو الغثة والمستهجنة، أو الساقطة و المسترذلة، أو السوقية المستبشعة، وتكون هي محور حديثنا في قضاينا المصيرية، أو في أطروحاتنا ونحن أمة عربية وكتابنا عربي ونبينا عربي، فذلك لا يليق أبدا ، فضلاً عمن يفتخر بلغة عدوه ويكتب بها ، أو يختار اسمه ولقبه بحروفها، ويستهزئ بلغة القرآن الكريم .

 

ولا يغيب عن بالنا أن تشجيع اللهجات المحلية هي من ضمن مخططات العدو لفصل المسلمين عن دينهم، فبُعده عن لغته معناه بُعده عن كتاب ربه، وبُعده عن القرآن معناه بُعده عن دينه وانسلاخه منه، ويدخل في هذا المنحى المناهج الهزيلة لتعليم العربية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، التي لا يتجاوز معرفتها يوم الامتحان، وما عداه فهي في خبر كان .

 

أما احتجاج من يقول: بأن الحياة قد تطورت، وكثرت آلاتها، وأغرق أعداؤنا أسواقنا بما لا طاقة لنا باحتوائه، فضلاً عن أن نضع له اسماً عربياً بدل اسمه الأجنبي، هكذا يقول البعض، وهو ادعاء هزيل ، إذ أن اللغة العربية ما عجزت ولكننا نحن الذين عجزنا، وأصبح مجمع اللغة العربية أحيانا ما يميل إلى التسمية الدخلية، بدل التعريب، بدعوى أن اسمها أشهرها، وأن الاسم العربي لن يُلاقي قَبولاً عند الناس، وذلك- لعمر الحق-غاية الخَور والضعف، وقد أحسن حافظ إبراهيم عندما قال على لسان العربية:

 

وسعتُ كتاب الله لفظة وغاية *** وما ضقت عن آيٍ به وعظاتِ

فكيف أضيقُ اليوم عن وصف آلة *** وتنسيق أسماء لمخترعاتِ

 

فالعجز الذي أصاب الأمة هو الذي جعلها تستقبل كل شيء بدون تنقيح أو تهذيب، فهي أمة مستهلكة يندر إنتاجها، وهي أمة ضعيفة تركع تحت أقدام أعدائها .

فعلينا أن نهتم بعلوم العربية: نحواً وصرفاً وبلاغة وبيانا، وشعراً وأدبا، وإذا كان الواحد منا يعجز عن هذا وذاك ، فعلى أقل تقدير أن يتعلم ما يصون به لسانه من اللحن والخطأ، فقد انتشر سيل من الأخطاء الفاحشة، التي تتكرر في كتاباتنا وخطاباتنا ومكاتباتنا ومناقشاتنا، ومن أمثلتها-كما أشر لبعضها سماحة شيخنا الخليلي- طيب الله ذكره، في محاضرة له- :

 

- ( تواجد ومشتقاتها: يتواجد- متواجدون ) وما معناها إلا الرقص والتمايل، والصواب ( الوجود والحضور ) .

 

- ( الخضروات ) والصواب ( الخضراوات ) .

 

- ( الأمور الحياتية ) والصواب ( الأمور الحيوية ) .

 

- يقولون : ( ينبغي عليه ) والصواب ( ينبغي له ) .

 

- ( وفِيَّات ) لأنها جمع ( وفيّة ) من الوفاء والصواب ( وفيَات ) بدون تشديد جمع وفاة.

 

- ( استجواب ) كلمة لا معنى لها في العربية ، والصواب ( مناقشة ومساءلة ) .

 

- يقولون: ( عائل أسرة ) وهذا خطأ؛ لأن عائل : بمعنى كثير العيال .

 

- ( فلان مشلول ) والصواب ( فلان أشل ) .

 

- يقولون: ( هؤلاء أناس أكِفّاء ) بتشديد الفاء، وهذا خطا، لأنها بمعنى عُمي مفردها كفيف، والصواب ( أكفاء ) بدون تشديد .

 

- ( مبروك ) اسم مفعول من برك عليه، والصواب ( مبارك ) .

 

- ( بويضة ) وصوابها ( بُييضة ) .

 

- يقولون : ( هذا أمر ملفت للنظر ) والصواب ( لافت ) .

 

- يقولون: ( مدير عام المدرسة - مستشار عام المؤسسة ) وكل ذلك خطأ ، والصواب ( المدير العام للمدرسة - المستشار العام للمؤسسة ) .

 

- يقولون: ( ومِن ثُم كذا ) والصواب ( من ثَم ) بفتح الثاء ، بمعنى ( من هناك ) لأن ( ثُم ) المضمومة حرف عطف لا معنى لها هنا .

 

- يقولون: ( أثرى فلان المكتبة بمؤلفاته العلمية ) وذلك خطأ لأن ( أثرى ) بمعنى أصبح صاحب ثروة، والصواب ( أسهم فلان في إغناء المكتبة ) .

 

- يقولون: ( هذا شيء مُفضح ) والصواب ( فاضح ) .

 

- يقولون: ( نستضيف فلان- استضافة فلان ) والصواب ( نضيف فلان - إضافة فلان ) .

 

- يقولون: ( نرجوا إخطارهم بهذا الأمر ) لأن ( إخطار ) لا معنى لها في العربية، بل ليست عربية ، والصواب ( نرجوا إبلاغهم بهذا الأمر ) .

 

- ومن الخطأ أن نجمع ( مدير ) على ( مدراء ) كثيراً ما تسمع ( مدراء عموم ) والصواب ( مديرون ) في الرفع، و( مديرين ) في حالة النصب والجر .

 

وما ذكرته قطرة من بحر عباب من الأخطاء المنتشرة لا يخلو منه كلام أحد إلا القليل، ثم زاد الطين بِلَّة ، كلمات تستحدث يوماً بعد يوم ، بسبب الآلات الحديثة ، والتأثر بالغرب، من مثل :

( تلفون ، موتور ، البرامج المعلوماتية ، الكمبيوترية ، رادو، TEST ، تلفشن أو تيفي ، هلو، باي باي ، هاي )، وغيرها كثير جدا، فلننتبه لأنفسنا قبل زوال القدم ، وذهاب حضارتنا وديننا ولغتنا .

 

هذا؛ ومن نافلة القول أن يهتم الكاتب في كتابته بضبط الكلمات والرسم الإملائي، وتنظيم أفكار موضوعه، وتقسيمها إلى محاور ثم إلى عناصر، ثم إلى فقرات، وبين كل عبارة وأخرى يراعي علامات الترقيم؛ لأن كل هذه الأشياء على بساطتها، تريح القارئ، وتوصل إليه الفكرة من أقرب طرقها، وتحببهم في قراءة تلك الموضوعات، وهي أخيراً علامة لرقي فكر كاتبها، ودليل على تنظيمه ونظامه، واعتزازه بدينه وعربيته .

 

هذا بعض ما يسر الله كتابته حول هذا الموضوع المهم، وإن لم نعطه حقه، ولم نحط بجوانبه، فقد سلطنا الضوء على أهم قضاياه، ليمضي المناقش والمحاور والكاتب بعد ذلك سابراً أغوار تلك الآداب السنية.

 

وفقنا الله للالتزام بها، والوقوف عندها، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وسَلَّم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.