مقتطفات من قال طويل عن الغزو الفكري كتبه سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي في جريدة عمانية... تحدث فيه سماحة الشيخ عن مرويات منحرفة دخلت في مجال تفسير القرآن الكريم وهو من ضمن الغزو الفكري الذي بدأ في مرحلة مبكرة وكان له أثر على هذه الأمة في سلوكها..

يقول سماحته:

فرية على سيدنا لوط ويعقوب عليهما السلام:

الكثير من هذه المرويات جاءت في ما يتعلق بتفسير الآيات التي تتناول قصص الأنبياء، فإذا بها تنقص من قدر هؤلاء الأنبياء وتصورهم شهوانيين لا هم لهم إلا السعي وراء شهوات أنفسهم، وهذا غير بدع إذا نظرنا إلى مسلك اليهود إنما ألصقوا بأنبياء بني اسرائيل الكثير الكثير من المرويات التي شوهت صورتهم، حتى أنهم قالوا في بعض النبيين بأنه زنى بابنته، هذا نسبوه إلى لوط عليه السلام، وقالوا أنه كان في حالة سكر وزنى بابنته وحملت منه، ونسبوا إلى الكثير من أنبياء بني اسرائيل من ذرية يعقوب عليه السلام ما نسبوا إليهم من الضلال وغير بدع، وقد صدق الناس مرويات بني اسرائيل أن تدخل هذه الروايات في تفسير القرآن الكريم، لذلك وجدنا التفسير محشوا بالكثير الكثير من الضلالات التي نسبت إلى الأنبياء.

 

فرية على سيدنا داود عليه السلام:

من ذلك ما نسب-وهذا على سبيل المثال- إلى نبي الله داود عليه السلام من أنه عشق امرأة، وبعث بزوجها في سرية من أجل أن يقتل حتى يتمكن من الزواج بتلك المرأة، وهذا مما تداوله المفسرون كثيرا، وهو بطبيعة الحال من الغزو الفكري، ومع هذا فإن الله تعالى وصف نبيه داود بأحسن الصفات التي تبرئه من هذا الذي نسب إليه.

 

فرية على سيدنا يوسف عليه السلام:

وكذلك ما نسب إلى يوسف عليه السلام، وهذا مما يؤسف عليه نجد مثلا في تفسير ابن جرير الطبري، وتناقله الكثير الكثير من المفسرين أنه همَّ بإتيان الفحشاء مع امرأة العزيز، وفسر بذلك قول الله تعالى( ولقد همت به وهم بها لو لا أن رأى برهان ربه ) بحيث زعموا أنه قعد منها مقعد الرجل من امرأته بين فخذيها بعدما حل تكة سراويله، ورأى في هذه الحالة يعقوب عليه السلام عاضاً على أنامله، ومنهم من قال بأنه رأى يدا مكتوبا عليها كيف تفعل هذه الأفعال وأنت من النبيين، إلى غير ذلك مما نسبوه، مع أن هذا بعيد عن الحقيقة.

 

وقد أجاد الفخر الرازي في هذا عندما قال: بأن من قال هذا القول فقد كذَّب الله تعالى وكذَّب يوسف عليه السلام وكذَّب امرأة العزيز وكذَّب النساء اللواتي كن يراودن يوسف عن نفسه وكذَّب الشيطان نفسه , أما تكذيبه لله تعالى قال: ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين) فكيف مع ذلك يوصف بهذا الوصف....

 

أما تكذيبه ليوسف عليه السلام فإن الله تبارك وتعالى حكى عنه بأنه قال ( رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه ) فرجل يصل به الأمر وهو في ميعة الشباب إلى أن يستحب السجن مع ما فيه من العذاب والتنكيل، ويرى أنه أن يغيب في غياهب السجون خير له من أن يأتي شيئا مما يُدعى إليه، وهو لا ريب أبعد ما يكون من أن يهم بهذه الفحشاء.

 

وتكذيبه لامرأة العزيز لأنها قالت كما حكى الله تبارك وتعالى عنها: ( ولقد راودته عن نفسه فاستعصم) ومعنى استعصم امتنع, كان معصوما من إتيان هذا الأمر.

 

وأما تكذيبه للنسوة فإن الله تعالى حكى عنهن قولهن ( حاش لله ما علمنا عليه من سوء).

وأما تكذيبه للشيطان عندما أعلن التمرد على أمر الله تعالى قال في خطابه لله سبحانه ( لأغوينهم أجمعين، إلا عبادك منهم المخلصين) ويوسف عليه السلام من عباد الله المخلصين بنص القرآن الكريم.