السؤال:

أساتذتنا الكرام أرجو أن توضحوا لي :

 

1- الفرق بين مخرج الجوف و أقصى الحلق ؟؟

 

2-كيف استطاع علماء مخارج الحروف السابقين أن يحددوا مخرج كل حرف من مخارج الحلق الثلاثة ، بمعنى ماهو المنهج أو الطريقة التي اتبعوها حتى توصلوا إلى ذلك، وكيف استطاعوا أيضا التفريق بين حروف الجوف وحروف الحلق من حيث المخرج..فظاهرالتطق بهذه الحروف وكأنها تخرج من مخرج واحد ؟؟؟!!

 

فقد قمت بالتجربة العديد من المرات بأن وضعت أطراف أصابع يدي اليسرى على نقاط مخارج الحلق الثلاثة ،ثم نطقت حروف الحلق الستة الواحد تلو الأخر مركزة على اكتشاف الفروق فيما بينها ، إلا أنني لم أكتشف فرقا واضحا يمكنني معه تحديد مخرج هذه الحروف بشكل دقيق و موافق لأقوال هؤلاء العلماء...

 

 

الجواب:

س- الفرق بين مخرج الجوف و أقصى الحلق ؟؟

 

ج: الجوف أصلاً تجويف الخلاء الداخل في الفم، وانتبهوا لكلمة تجويف الخلاء، فالتجويف يمتد من داخل الشفتين مروراً باللسان إلى تجويف القصبة الهوائية، فالجوف ليس الصدر كما يُفهم وليس أدنى الحلق وحده، بل تجويف الشفتين وفيه يتكون نطق واو المد، وتجويف وسط اللسان وفيه تتكون ياء المد، وتجويف الحلق أي أسفله وفيه تتكون ألف المد.

 

بمعنى أنه لا يمكن أن يكون مخرج حروف المد تجويف واحد، فالألف المدية منفتحة أي إشباع فتح وهذا يتطلب انفتاح لكل المخارج حتى يخرج الهواء في خط واحد من مبدئه لمنتهاه بدون تموج وترداد.

 

ومخرج ألف المد يقع أسفل مخرج همزة الحلق مباشرة لوجود كثير من القواسم المشتركة بينهما تسهيلاً وإبدالاً.

 

وكما ذكرت ليس مخرجها تجويف الصدر، إنما من تجويف الصدر وبالتحديد من الرئتين يندفع الهواء الذي يمر بتجويف الحلق أسف الهمزة فتنشأ ألف المد ثم ينسحب الهواء من الداخل إلى الخارج مصطحباً المد والانفتاح والليونة وكلها خصائص لألف المد.

 

بخلاف الياء المدية فإنها تنشأ من تجويف وسط اللسان لأن هذه المنطقة فيها محل أختها الياء المتحركة، وبما أن الياء المدية تبدأ بكسر ثم نشبعه فتتولد الياء المدية فتحتاج إلى إضجاع أو خفض وهذا ما يقع في تجويف اللسان بخلاف مخرج ألف المد تحتاج انفتاح بدون خفض.

 

كذلك الواو المدية تحتاج إلى ضم الشفتين، هذا الضم يكون بجوار أختها الواو المتحركة، أعني عند الشفتين، فداخل الشفتين أي تجويفه هو محل خروج واو المد، وأيضا لا يمكن أن تنشأ الواو المدية بالانفتاح كالألف ولا بخفض كالياء، فلذلك توزع مخرجها، واشتركت باندفاع الهواء بها وإطالتها لتوليد مدها.

 

وبتوضيح آخر:

عند النطق بالألف يكون اللسان أسفل الفم مقدمته ومؤخرته، فلا يوجد ما يحول خروج الصوت من الصدر إلى الهواء .

 

أما عند النطق بالواو يكون اللسان مقدمته قريبة من الأسنان السفلى، ومؤخرته قد ارتفعت إلى الوراء عالياً بخلاف الألف، ولكنها لم تلامس الحنك اللحمي ؛ بل بقيت فرجه صغيرة لخروج الهواء، ولابد من ضم الشفتين عند نطق الواو .

 

أما عند النطق بالياء فيكون اللسان مقدمته (رأس اللسان) عند الأسنان السفلى، ويعلو اللسان في منطقة وسط اللسان -أي منتصفه- بدون التصاق أيضاً، فليس هناك مكان نستطيع أن نقول: إنه مخرج الواو أو الألف أو الياء المدية، ولكن الفم قد أخذ وضعاً معيناً، ولا يوجد جزء من أجزاء الفم يقطع الصوت.

 

فمقدمة اللسان في الواو والياء والألف في مقدمة الفم، ولكن الاختلاف يكون في مؤخر اللسان فيرتفع عند الواو، وعند الياء يرتفع وسط اللسان، أما الألف فبدون ارتفاع مطلقاً .

 

ومما يعرف عند النحاة أن ألف المد إشباع فتح، وياء المد إشباع كسر، وواو المد إشباع ضم.

 

هذا ما يمكن تفصيله هنا تنظيراً، وإلا فإن الأمر يحتاج لشرح باللوائح والصور والوسائل لتتضح الصورة أكثر .

 

س-كيف استطاع علماء مخارج الحروف السابقين أن يحددوا مخرج كل حرف من مخارج الحلق الثلاثة ،بمعنى ماهو المنهج أو الطريقة التي اتبعوها حتى توصلوا إلى ذلك،وكيف استطاعوا أيضا التفريق بين حروف الجوف وحروف الحلق من حيث المخرج..فظاهرالتطق بهذه الحروف وكأنها تخرج من مخرج واحد ؟؟؟!!

 

فقد قمت بالتجربة العديد من المرات بأن وضعت أطراف أصابع يدي اليسرى على نقاط مخارج الحلق الثلاثة ،ثم نطقت حروف الحلق الستة الواحد تلو الأخر مركزة على اكتشاف الفروق فيما بينها ، إلا أنني لم أكتشف فرقا واضحا يمكنني معه تحديد مخرج هذه الحروف بشكل دقيق و موافق لأقوال هؤلاء العلماء...

ج: طبعاً مقياس العرب في التفريق النطق، بين منفتح أو مضموم أو مخفوض، أعني: اَا ، اُو ، اِي، الفرق بينها وضح جدا.

 

أما بالنسبة للتفريق بين المخارج، فلا بد أن نعلم بأن مسألة المخارج أمور اعتبارية تقريبية ، وإلا فالأصح أن يكون عدد المخارج 29 مخرجاً، لكل حرف مخرج، ولكن لقرب المخارج دمج العلماء المخارج وجعلوها خمسة مخارج رئيسة ليسهل تفهمها للدارس، ثم إن أكثر أعضاء مخارج الحروف تتعاون في التكوين النهائي لنطق الحروف تامة بشكلها الصحيح المسموع، ولا يمكن أن يكتفى بالمخرج الواحد، أعني أن الحرف يخرج من مخرج ولكن لا يمكن أن يسمع بشكله النهائي بصفاته التي يختص بها إلا بعد تكاتف مجموعة من المخارج حتى نسمع نطقه، ليس كل المخارج بل بعضها لأن أكثر الحروف تمر على اللسان والشفتين في أثناء وخروجها ونطقها.

 

ولا شك أن حروف الحلق كغيرها، الفرق في نطقها واضح فالهمزة ليست هاء ولا الهاء حاء وليست هي خاء ، والعين والغين كذلك، ولكن تعيين المخارج أمر تقديري لا يمكن الإمساك به كما فعلتم، حتى لو بالمجهر لا يمكن أن يقال من هذه النقطة يخرج هذا الحرف، ومن هذه النقطة يخرج هذا الحرف .. وهكذا.

 

هذا سر من أسرار الله القائل ( الرحمن * علم القرآن * خلق الإنسان * علمه البيان )، وإن تعجب فعجب من الحيوان له حنجرة ولسان وشفاه ومع ذلك لا ينطق، المخارج موجودة فلماذا لا تخرج الحروف؟! بل من البشر الأعجمي أو غير العربي، لماذا يتعسر عليه نطق الحروف العربية إلا بالتعلم؟! ذلك كله من أسرار الله.

 

نعم العلماء جزاهم الله خيراً قربوا لنا مخارجها، وقالوا : سكن الحرف لتعرف مخرجه وضع إصبعك على مكان نبرة الصوت فذاك مخرجه، ذلك كله للتقريب والتعليم.

 

ثم إن مخارج الحروف خاصة إذا توالت: همز، هاء ، حاء، خاء، عين، غين، هي كلها في قربها من بعضها كأنها ملتصقة، الصفات تميزها عن بعضها، والأحسن أن يهتم المتعلم بتصحيح نطقها بدل البحث عن شيء لا طائل تحته، تلك بعض أسرار خلق الله، ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ).