بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

حقوق الأولاد

 

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي امتن علينا بنعمة الأولاد، وجعلهم ثمرات القلوب وأفلاذ الأكباد، وأوصى بهم بقوله: (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ) (النساء/11)، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كلّ شيء قدير، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، أرسله رحمة للعالمين، وسراجا للمهتدين، وإماما للمتقين، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الغمة، وجاهد في سبيل ربه حتى أتاه اليقين، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه، وعلى كل من اهتدى بهديه، وسار على نهجه، واستن بسنته، ودعا بدعوته إلى يوم الدين، أما بعد:

فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله، والعمل بما فيه رضاه، فاتقوا الله وراقبوه، وامتثلوا أوامره ولا تعصوه، واذكروه ولا تنسوه، واشكروه ولا تكفروه.

واعلموا أن من الحقوق التي أوجبها الله سبحانه وتعالى حقوق الأولاد على آبائهم وأمهاتهم، فالأولاد هم ثمرات القلوب وأفلاذ الأكباد، وقرة الأعين وعماد الظهور، وعدة المستقبل، امتن الله سبحانه وتعالى بهم علينا في غير آية من كتابه العزيز، يقول عز من قائل: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) (الشورى/49ـ50)، ويقول سبحانه: (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً) (النحل/72). إن للولد على والده حقوقا يجب أداؤها له، وآدابا يلزم القيام بها إزاءه، هذه الحقوق، وهذه الآداب تتمثل في اختيار أخواله، وحسن تسميته، وذبح العقيقة عنه يوم سابعه، وختانه، ورحمته والرفق به، وحسن تربيته، والاهتمام بتثقيفه وتأديبه، وأخذه بتعاليم الإسلام، وتمرينه على أداء فرائضه وسننه وآدابه، والإنفاق عليه وكسوته؛ حتى يبلغ فيطلب المعاش والكسب، ويجد إلى ذلك سبيلا، يقول عز من قائل: (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ) (النساء/11)، ويقول سبحانه: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (البقرة/233)، ويقول سبحانه: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) (الأنعام/151)، ويقول جل شأنه:  (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا) (الإسراء/31)، ويقول عز من قائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا) (التحريم/6)، روي عن ابن عباس أنه قال في معنى الآية: اعملوا بطاعة الله، واتقوا معاصي الله، ومروا أولادكم بالمعروف، وانهوهم عن المنكر، فذلكم وقايتهم من النار،  وعن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، فكلكم راع ومسؤول عن رعيته»، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع؛ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته»، وقد ورد: «ما نحل والد ولده من نحل أفضل من أدب حسن»، وقد ورد:  أكرموا أولادكم، وأحسنوا آدابهم؛ فإن أولادكم هدية إليكم، ومن أدب ولده أرغم حاسده، ومن أدب ولده صغيرا سرّ به كبيرا، ورحم الله والدا أعان ولده على بره.

أيها المسلمون:

إن مسؤولية الأولاد مسؤولية عظيمة، يجب على الآباء أن يحسبوا لها حسابها، وأن يعدوا العدة لمواجهتها؛ خصوصا في هذا الزمان الذي تلاطمت فيه أمواج الفتن، واشتدت فيه غربة الدين، وانتشرت فيه دواعي الفساد؛ حتى صار الأب مع أولاده بمثابة راعي الغنم في أرض السباع الضارية، إن غفل عنها أكلتها الذئاب. ومن فضل الشريعة الإسلامية على أمة الإسلام أنها بينت كل ما يتصل بالمولود من أحكام، وما يرتبط به من مبادئ تربويّة هامة؛ ليكون المربي على بينة وهدى من الأمر في الواجب الذي يقوم به تجاه أولاده، وعناية الإسلام بتربية الأولاد واستصلاحهم تبدو واضحة في وقت مبكر؛ حيث يشرع للرجل أن يتزوج المرأة الصالحة ذات الدين والأخلاق الفاضلة؛ لأنها بمنزلة التربة التي تلقى فيها البذور، وإذا كانت المرأة صالحة كانت عونا للرجل على تربية الأولاد واستصلاحهم، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك»، وقد ورد: «تخيروا لنطفكم؛ فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن وأخواتهن»، «تزوجوا في الحجر الصالح؛ فإن العرق دساس»، «الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة»، كما يشرع للزوج عند اتصاله بزوجته أن يدعو ويقول: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإن قدّر بينهما في ذلك ولد؛ لم يضر ذلك الولد الشيطان أبدا»، ومما يشرع في حق المولود عند ولادته أن يؤذن في أذنه اليمنى، ويقام في أذنه اليسرى؛ ليكون أول ما يسمعه المولود كلمات الآذان المتضمنة لعظمة الله وكبريائه وكلمة التوحيد التي أول ما يدخل بها في الإسلام؛ وليهرب الشيطان عند سماع الأذان؛ ولتكون دعوة المولود إلى الإسلام مقدمة على دعوة الشيطان، «من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى، وأقام في أذنه اليسرى؛ لم تضره أم الصبيان»، ومن حق الولد أن يعق عنه يوم سابعه، ويحلق شعر رأسه، ويتصدق بوزن شعره فضة على الفقراء، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل غلام رهين بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويسمى فيه، ويحلق شعر رأسه»، ومعنى يعق عنه؛ أي تذبح عنه شاة في اليوم السابع من ولادته، ومن حق الولد على وليه أن يقوم بسياسته وحفظه من الأحوال التي يكون بها عليه الضرر في حاله وفي ماله، في دينه وفي خلقه، وأن يراعي له الأصلح في جميع أموره، فيمنعَه من الأشياء التي لا تنبغي، ويردعه من الأمور التي لا تستحسن، كل ذلك بحسب ما يقتضيه حاله، يلقنه كلمة التوحيد، ويعلمه معناها والعمل بمقتضاها، يأمره بما يقدر على فعله من خصال الإسلام؛ كتجنب النجاسات والتطهر منها، والتنظف من الأدناس، يأمره بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، ويضربه على تركها إذا بلغ عشر سنين، يأمره بالصوم إذا كان الصبي في حد من يطيق الصيام، ويضربه على تركه إذا بلغ ذلك الحد؛ مخافة أن تندفع نفسه في ترك شعائر الإسلام، وتتمرن على تضييع اللوازم، يعلمه القرآن الكريم وما تيسر من السنة النبوية، يعلمه التوحيد والفقه واللغة العربية، يعلمه ما يقبله حاله ويسعه ذهنه من الحكم الدينية والدنيوية، وبالجملة فكل شيء فيه صلاح الولد لدينه ودنياه يعلمه إياه، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع»، وروى الربيع بن حبيب عن أبي عبيدة عن جابر بن زيد قال: بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «علموا أولادكم القرآن؛ فإنه أول ما ينبغي أن يتعلم من علم الله هو»، وروى الربيع أيضا بسنده العالي عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تعليم الصغار يطفئ غضب الرب»، ومن حق الأولاد على آبائهم وأمهاتهم أن يختاروا لهم خير الأسماء، وخير الأسماء أسماء الأنبياء وأسماء الصالحين بعدهم، ومن حق الأولاد على آبائهم وأمهاتهم أن يبعدوهم عن مجالس الأشرار وقرناء السوء، وأن يرغبوهم في مجالسة الأخيار والصالحين، «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل»، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا منتنة»، ومن حق الأولاد على آبائهم وأمهاتهم أن يعدلوا بينهم، فلا يجوز لأحد أن يعطي بعض أولاده دون بعض، ولا يجوز لأحد أن يوصي لبعض أولاده دون بعض، روى الربيع بن حبيب عن أبي عبيدة عن جابر بن زيد قال: بلغني أن رجلا يسمى بشيرا جاء بابنه النعمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكل ولدك نحلت مثل هذا؟»، فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تشهدنا إلا على الحق»، وفي رواية: «لا تشهدني على جَور»، وفي رواية أخرى: «لا أشهد إذا؛ فإني لا أشهد على جور»، فاتقوا الله يا عباد الله، وادعوا الله سبحانه وتعالى وتضرعوا إليه بأن يمن عليكم بالذرية الطيبة الصالحة، فالله سبحانه وتعالى حكى عن إبراهيم عليه السلام أنه قال في دعائه: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ) (إبراهيم/35) ، وقال: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء) (إبراهيم/40)، وقال: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) (الصافات/100)، وقال هو وإسماعيل عليهما السلام: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (البقرة/128)، وحكى عن زكريا عليه السلام أنه قال في دعائه: (رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء) (آل عمران/38)، وحكى عن عباد الرحمن أنهم كانوا يقولون في دعائهم: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)  (الفرقان/74)، وحكى عن بعض عباده الصالحين أنه قال في دعائه: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (الأحقاف/15)، واعلموا أن الولد الصالح ينفع والديه في حياتهما وبعد موتهما، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له».

    فاتقوا الله يا عباد الله (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (المائدة/2) (وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (الأنفال/1).

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم، وادعوه يستجب لكم؛ إنه هو البرّ الكريم.

*              *            *

الحمد لله ربّ العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وليّ الصالحين، وأشهد أن سيدنا و نبينا محمدا عبده ورسوله، خاتم النبيين والمرسلين، وسيّد الأولين والآخرين، وقائد الغرّ المحجلين، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا عباد الله إن أصدق الحديث كتاب الله عز وجل، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ محدثة بدعة، وكلّ بدعة ضلالة.

أيها المسلمون:

اتقوا الله في أولادكم ثمرات قلوبكم وأفلاذ أكبادكم، وقرة أعينكم وعماد ظهوركم، وعدة مستقبلكم، ربوهم تربية إسلامية، وجهوهم وجهة دينية، ثقفوا عقولهم، هذبوا أخلاقهم، مروهم بالمحافظة على الصلوات وشهود الجمع والجماعات، عودوهم الأخلاق الحسنة، جنبوهم الأخلاق السيئة، عودوهم الصدق والأمانة، جنبوهم الكذب والخيانة، عودوهم الجد والعمل، جنبوهم البطالة والكسل؛ فإن في الجد والعمل عواقب حميدة، وفي البطالة والكسل عواقب وخيمة، امنعوهم من المحرمات، باعدوا بينهم وبين المنكرات ووسائلها؛ كالأغاني المثيرة والأفلام المدمرة، والتمثيليات الخليعة والمسرحيات الماجنة، والمسلسلات الهابطة وأنواع السهرات التي تقضي على الأخلاق والفضيلة والشهامة والرجولة، وتورث الدياثة والرذيلة، ربوهم على الشهامة الثابتة والرجولة الصادقة تربية بعيدة عن مظاهر الميوعة والانحلال؛ حتى يكون شباب المسلمين شباب دعوة وتوجيه، شباب عزة وقوة، شباب أنفة وطموح، شباب نشاط وعمل، شباب جد واجتهاد، شباب بذل وعطاء، شباب تضحية وفداء، شباب بسالة ووفاء، شباب شجاعة وإقدام، شباب رجولة وشهامة، وكونوا لهم قدوة حسنة، فالولد ينشأ على ما عوده عليه أبواه، فكل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت/69)  (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (المزمل/20) (وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) (البقرة/281) (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور/31)