بسم الله الرحمن الرحيم

الله أكبر ، الله أكبر ،الله أكبر ،

الله أكبر ،الله أكبر ،الله أكبر ،

الله أكبر ،الله أكبر ،الله أكبر ،لا إله إلا الله والله أكبر كبيرا

الله أكبر ،الله أكبر ،الله أكبر ،لا إله إلا الله والله أكبر تكبيرا

الله أكبر ،الله أكبر ،الله أكبر ،لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا .

    لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وأعز جنده ، وهزم الأحزاب وحده ، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون .

الحمد لله القائل في محكم التنزيل أمراً لسيدنا إبراهيم الخليل u: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) .

وأمره ربه بإن يذبح ابنه إسماعيلu  فامتثل لأمر ربه، ففداه الله بذبح عظيم، وجعلها من بعد من سنة سيد المرسلين، نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام.

ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ما لبى لبه الملبون، وكبر له المكبرون، وحمده الحامدون، سبحانه تقدست أسماؤه وجلت عظمته، المتفرد بالبقاء فلا بقاء بعده، والمتفرد بالعطاء فلا معطي إلا هو، سبحانه الباسط القابض المعطي المانع المعز المذل، الذي بيده ملكوت كل شيء وهو على كل شيء قدير.

ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبدالله ورسوله، أرسله الله تعالى بالطريقة السمحة وبالنور المبين وبالذكر الحكيم، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة، وأقام الحجة ، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، حتى استقام دين الله، والقوم الكافرون كارهون.

صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه وعلى أتباعه وحزبه، وكل من سار على دربه واقتفى أثره إلى يوم الدين.

 

 الله أكبر ،الله أكبر ،الله أكبر ،لا إله إلا الله والله أكبر كبيرا

عباد الله:

إنكم في أيام عظيمة، عظم الله قدرها في السماء، وتفضل فيها على أهل الأرض بالنعماء، وأشهد على ذلك ملائكته الكرام، وجعلها أياماً جليلة كريمة، أمر فيها عباده بتجليله وتحميده وتعظيمه، إذ يقول الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً* تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً).

فعلينا إخوة الإسلام أن نكثر في هذه الأيام من التهليل والتكبير والتحميد، خاصة دبر كل فريضة في يوم العيد وسائر أيام التشريق، لقوله جل ذكره: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ) أي العيد وما بعده، لقوله بعدها (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْه) أي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر (وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى) إلى اليوم الثالث عشر .

وقد سن لنا نبينا الكريم r في هذه الأيام العظيمة التقرب إلى الله بذبح الأضحية، تخليداً لذكرى الخليل إبراهيم عليه السلام لما أمر بذبح ابنه ( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) فنعم الأب ذلك الأب، وأكرم بالابن ذلك الابن، كلاهما انصاعا لأمر الله، وصبرا لقضاء الله، فناداه مولاه (وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ*وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) .

فصار هذا الفداء سنة مباركة في ديننا القويم، وعملاً واقعاً من نبينا عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، فقد جاء من طريق ابن عباس رضي الله عنهما أنه عليه الصلاة والسلامضحى بكبشين أملحين موجوءين "ذبحهما بيمينه وسمى وكبر، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله انه قَالَ : شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْأَضْحَى بِالْمُصَلَّى فَلَمَّا قَضَى خُطْبَتَهُ نَزَلَ مِنْ مِنْبَرِهِ وَأُتِيَ بِكَبْشٍ فَذَبَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ وَقَال: (َ بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَر،ُ هَذَا عَنِّي وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي).

وتذبح الأضحية بعد صلاة العيد لا قبلها لقوله تعالى ( فصلِّ لربك وانحر ) فمن ذبح قبلها فليعد، كما يجوز أن تذبح الأضحية في يوم العيد وسائر أيام التشريق الثلاثة.

ومن أراد الذبح فليحد شفرته وليرح ذبيحته، كما أمر النبي r ، وينهى في الذبح عن أمور، فعن جابر بن زيد رحمه الله قال : سمعت ناساً من الصحابة يروون عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه " نهى في الذبح عن أربعة أوجه : الخزل ، والوخز ، والنخع ، والترداد ".

قال الربيع رحمه الله: الخزل : إدخال الحديدة تحت الجلد واللحم ، ويذبح قبالته ، والوخز : الطعن برأس الحديدة في رقبة الشاة بعد الذبح ، والنخع : كسر الرقبة ، والترداد : الذبح بالحديدة الكليلة التي تتردد في اللحم.

ومن هديه r أنه أمر بتقسيمها إلى ثلاثة أقسام لقوله عليه الصلاة والسلام: (فكلوا ، وتصدقوا ، وادخروا).

واعلم-يا أخي-أن ما تتصدق به هو الذي يبقى ذخره وأجره عندالله، وما تأكله يفنى، جاء عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنهم ذبحوا شاة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "(ما بقي منها ؟) قالت : ما بقي منها إلا كتفها قال : (بقي كلها غير كتفها ).

 هذا هو أمر الأضاحي لمن التزم حدها وشرطها، تقربه إلى الله وتورثه رضوانه وتقواه، يقول سبحانه: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ*لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) .

 

 الله أكبر ،الله أكبر ،الله أكبر ،لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد.

أيها الأخوة الكرام:

إن أيام الأعياد صفاء ونقاء، واتحاد وإخاء، فزوروا أرحامكم، وبروا آباءكم، وصلوا جيرانكم، واعطفوا على الفقير، وتحابوا فيما بينكم، وأزيلوا الغل والحسد والشحناء والبغضاء من قلوبكم، فإنما المؤمنون إخوة كما جاء في كتاب الله، ويقول r : ( المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه ) .

فهذا اليوم هو يوم الإخاء ويوم الصفاء ويوم النقاء ويوم الاتحاد ويوم التسليم ويوم التحية ويوم التزاور ويوم التهادي ويوم التحاب ويوم الصدقة ويوم المعروف، يباهي الله بهذا المجلس الطاهر ملائكته، فيغفر ذنوبهم ويعلي قدرهم ويعتق رقابهم من النار.

وإذا تحابَّ الأخوان في طاعة الله.. أتعلمون ما أجرهما؟ تتحاتَّ ذنوبهما كما تتحاتُّ أوراق الأشجار، فإذا تحاب الأخوان، وتحاب الجاران، وتحاب القريبان تتساقط عنهما ذنوبهما كما تتساقط أوراق الأشجار، أما إذا تلاحى الأخوان، وتلاحى الجاران وتلاحى القريبان، تتوقف الملائكة فلا تكتب لهما حسنة ولا ترفع لهما عمل، فيقول الله جل جلاله لملائكته:(اتركوا هذين حتى يصطلحا) [1]، إلا إن كان الظالم والقاطع أحدهما فالوزر عليه وحده.

والقاطع حرام عليه الجنة وهو ملعون، يقول جل ذكره: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ*أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) .

عباد الله:

إن الدنيا لا تساوي شيئاً مع سلامك على أخيك، وبشاشتك في وجهه، وفرحك عند لقائه، وزيارتك ومعروفك وإحسانك، إنك وإياه سترحلان ولن تقدما إلا محبة صادقة وعملاً صالحاً، فبادر إلى الإحسان، إن أساء أخوك  فبادر للمغفرة، إن جفاك جارك فسارع بالمودة، إن قطعك قريبك فبادره بالزيارة والصلة، وإن اعتدى عليك أحد فسارع بالعفو ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ )، (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ*وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) .

 

الله أكبر ،الله أكبر ،الله أكبر ،لا إله إلا الله والله أكبر كبيرا

أيها المؤمنون:

اذكروا ربكم (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) حيث انقطاع الأنفاس وانقضاء الأعمار، وانتقال من دار إلى دار، من دار فيها عمل إلى دار لا عمل فيها، إلى جنة أو نار (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ)، فماذا قدمت لما بين يديك؟!

اعلم أن من حولك من أب أو أم أو أخ أو حبيب أو قريب لن ينفعك شيئاً (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ*وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ*وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ*لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)، واعلموا-أيها الإخوة- أن طريق الجنة ممهدة ميسرة، يسر الله طريقها، وشرح سبيلها، تحتاج منك فقط أن تحافظ على صلواتك الخمس، أن تكون أميناً في معاملتك، صادقاً في حديثك، صلاحاً في ظاهرك وباطنك، تستقيم على أمر الله وطاعته (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً) .

إن بعض الناس يقول: إن حياتنا صارت صعبة، لابد من التحايل والكذب والغش، أمورنا لن تمشي إذا سرنا على صراط مستقيم، نعم إنها وساوس الشيطان ينفثها في ضعاف النفوس ليضلهم عن الحق، فوالله الذي خلق الناس ما ترك أحداً بدون رزق، (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) وأنه لن يرحل أحد من هذه الدنيا حتى يستوفي رزقه وأجله، كما جاء في حديث رسول الله r ( إن روح القدس نفث في روعي: أن نفسا لا تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله، فإن الله لا يدرك ما عنده إلا بطاعته).

فارجعوا إلى الله-رحمكم الله- واعملوا الصالحات، إذا كذب الناس فاصدق، وإذا خانوا فأوفِ معاملتك، وإذا خاضوا في الباطل فاستمسك بالحق المبين، واستقم على طاعة الله، خلقت من عدم وتموت وتوضع في حفرتك وحدك، وتقف بين يدي وحدك، فما أنت قائل؟ يوم يحاسبك على صغير عملك وكبيره، ووظاهرك وباطنك، فاللهم ثبتنا بالقبول الثابت في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد.

هذا وصلوا وسلموا.....