الإلحاد أسبابه وعلاجه

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين، ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ )، ( قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )، ونشهد أن لا إله إلا الله الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، ونشهد أن سيدنا محمداً عبدالله ورسوله، أرسله الله بالوحدانية ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، فأخرج الله به العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه، وأتباعه وحزبه إلى يوم الدين .

أَمَّا بَعْدُ :

فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عزوجل، فهي وصية الله للأولين والآخرين، قال تعالى: ( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ )[1] .

عباد الله:

 اعلموا-رحمكم الله-بأن الاعتصام بعقيدة التوحيد هي عروة الإسلام الوثقى التي ما لها من انفصام، والله تعالى قد بعث جميع أنبيائه عليهم الصلاة والسلام بالوحدانية وإخلاص الربوبية لله رب العالمين، قال تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَـهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ )[2]؛ لأن الله عزوجل هو المنعم والراحم والمربي والقاهر والرزاق وهو ذو القوة المتين،  فالله سبحانه وتعالى هو المستحق للعبادة، ويجب أن يفرد بالوحدانية : ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ )[3]، فمن لم يعرف توحيد الله فليس بمؤمن ، جاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ إِلى المَسْجِدِ فَوَجَدَ أَصْحَابَهُ عِزِينَ يَتَذَاكَرُونَ فُنُونَ العِلْمِ ، فَأَوَّلُ حَلْقَةٍ وَقَفَ عَلَيْهَا وَجَدَهُمْ يَقْرَأُونَ القُرْآنَ ، فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: «بِهَذَا أَرْسَلَنِي رَبِّي». ثُمَّ قَامَ إلى الثَّانِيَةِ فَوَجَدَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ في الحَلالِ وَالحَرَامِ ، فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا ، ثُمَّ قَامَ إلى الثَّالِثَةِ فَوَجَدَهُمْ يَذْكُرُونَ تَوْحيدَ اللهِ U ونَفْيَ الأَشْبَاهِ والأَمْثَالِ عَنْهُ ، فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ كَثِيرًا ثُمَّ قال: «بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي».  قَالَ جَابِرٌ: لأَنَّ التَّوْحِيدَ مَعْرِفَةُ اللهِ U ، وَمَنْ لا يَعْرِفُ تَوْحِيدَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ[4] .

إن التأمل في خلق الله البديع، في أرضه وسمائه، في بره وبحره، يجعل العبد يذعن بالعبودية لله عزوجل، وماذا خلق الإنسان؟! وما الذي صنعه من يُألَّهُ من دون الله؟! فالكل عاجز ضعيف لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، وصدق الله وهو أصدق القائلين: ( هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ )[5] .

الوحدانية هي التي تجعل العبد يتصاغر لله عزوجل مذعناً له بالعبودية؛ لأنه بذلك أمره، ومن أجل ذلك خلقه: ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّـهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ )[6].

إخوة الإيمان:

 إن أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام بعثوا جميعاً إلى أقوامهم، نابذين الأنداد والأشباه والنظائر والأصنام والأحجار والأقمار، وكل ما يأله من دون الله، وإن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بما جاء به الأنبياء والمرسلون عليهم الصلاة والسلام من الوحدانية، فأخرج الناس بهذه الدعوة الخالدة من عبادة الأوثان إلى عبادة الله الواحد الأحد، وبيَّن أن الناس لن يعودوا إلى عبادة الأوثان، ولكنهم سيقعون في أمر الأهواء من طرق شتى، قال صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ»[7] والتحريش هو التهييج بَيْنَهُمْ بِالْخُصُومَاتِ وَالشَّحْنَاءِ وَالْحُرُوبِ وَالْفِتَنِ وَنَحْوِهَا، وهي التي تستل الإيمان من قلب الإنسان ، وتضيع أعمال الإنسان عندما يتبع أهواءه، كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم : «لاَ يَجْتَمِعُ دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ»[8] أي دين التوحيد و غيره؛ لأنها مهبط الوحي والرسالة.

عباد الله:

 كثيراً ما نسمع الهمسات واللمزات من بعض المسلمين من التشكيك في الدين وفي العقيدة، وفي شخص النبي صلى الله عليه وسلم، وفي القرآن الكريم، وفي ما يتعلق بأحكام الشريعة، فهذا يلمز في دينه، وذاك يطعن في القرآن، ومرة يطعن في شخص النبي عليه الصلاة والسلام، ومرة يحتقر الدين، ويشكك في الشريعة الإسلامية أنها ما عادت صالحة للحياة لتستوعب مشكلاتها، فلا بد من الانفتاح، واستيراد أفكار جديدة وإن خالفت الدين، هذه أفكار خطيرة أوجدت عند بعض شبابنا هزة وشكاً في عقيدته، وارتياباً في أمر دينه وقيمه ومبادئه، ونشر بعضهم دعوات الإلحاد وترك الدين، وحصل أن خرج بعضهم من الدين فتنصَّر فصار نصرانياً، وبعضهم تهوَّد فصار يهودياً، ومنهم من ألحد فصار بلا دين، والعياذ بالله .

أيها الإخوة:

إن على الآباء والمربين والعلماء والمصلحين والقائمين في المجتمع أن يهتموا بغرس بذرة الإيمان، وترسيخ العقيدة في نفوس الأبناء والبنات، والشباب والفتيات، كرسوخ النخل الباسقات، فإنهم يهتزون أمام الأفكار البراقة الخادعة، وأمام هذه العولمة التي تأكل الأخضر واليابس، أصبح الواحد يهتز لأجل شبهة وريبة، فيُطعن في القرآن فلا يعرف كيف يدافع عن قرآنه، ويُطعن في نبيه فلا يعرف كيف يدافع عن نبيه، ويُطعن في إسلامه فلا يعرف كيف يدافع عن إسلامه، لم يُحصَّن بالإيمان والعلم، ولم يُحصَّن بالثقافة الإسلامية الواعية الكافية التي تبين له الخير من الشر والحق من الباطل .

إن عدم الجلوس مع الأبناء والشباب أدى إلى أن بعضهم صار لا يعرف تعاليم الله من مبدئها إلى منتهاها، فيظلون في ريبة وفي شك من دينهم، فينزلقون مع المنزلقين، ولا يصمدون أمام غزو فكري من الشرق والغرب بجميع الثقافات والتيارات، تدخل عليه حتى سريرِ نومه في هاتفه، وفي هذه البرامج الاجتماعية المجانية التي غزتنا، وسلبت أعز شيء منا، كرامتنا وأخلاقنا؛ بل عقيدتنا وديننا، وكيف يُحصَّن الشباب وقد عزلوا أنفسهم عن العلماء والمربين والمصلحين، أو عزلهم آباؤهم خوفاً عليهم من التدين والتعقد كما يزعمون، فلا يحضرون دروساً أو محاضرات دينية، لا يحضرها إلا القليل، وهناك من الآباء من لا يحض الأبناء على حضورها، فكيف تكون ثقافة هذا الشاب وهو يأخذ تعاليم دينه من هاتفه، ومن شبكات المعلومات، ومن قنوات فضائية أو مجلات مغرضة، أو من جهات تدس السم في العسل، ولا أدل على ذلك من الدعوات التحررية، والعلمانية بفصل الدين عن الحياة، والحرية الشخصية في اختيار المُعتقد .

كيف بطالب في الطب أو الهندسة أو تخصصات عملية، يدرس سبع سنوات أو أكثر أو أقل، لا يدرس مع تخصصه مادة تشرح له تعاليم دينه، أو تفقهه في صلاته وعباداته، أو في سلوكه وأخلاقه، وُجِد من الطلاب من يتخرج بخبرة عالية في مجاله، لكنه يجهل أدنى الأشياء في دينه، كيف يتوضأ وضوءاً صحيحاً؟! كيف يصلي صلاة صحيحة؟! كيف يُنشِئ أسرة ويؤدي حقها؟! ويعرف حقوق أهله وأرحامه وجيرانه، لماذا؟ لأن الدين صار ينظر إليه أنه تخصص لمن يرغب فيه، والبقية لا شأن لهم إلا بمعلومات عابرة في مذياع أو خطبة جمعة، أو على شبكة المعلومات، وإذا سُئِل لماذا تجهل كذا وكذا من العبادات أو المعاملات؟ يقول: ليس تخصصي، أو لا يريد أن يتدين أو يتعقد، وتلك مصيبة المصائب أن يُبعد الشباب والناس عن الدين، ويُصوَّر لهم أن التدين لصيق بالتعقد والتزمت والتخلف، اللهم إلا من اعتنى بنفسه ووفقه الله لدراسة دينه دراسة وافية واعية، وعلم أن الدين يجب أن يدرسه الجميع ولو لم يكن تخصصه؛ لأن دينه رضيه الله له وفرضه عليه، وليس له خيار في تركه:  ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ )[9] ، ويقول تعالى: ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )[10] .

ذلك الذي أوجد الخواء في الفكر الإسلامي النظيف الذي يحمي الشباب من الانزلاق والإلحاد، وجر البلاء على الأمة بأسرها .

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنَّهُ هُو الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّهُ هُو البَّرُّ الْكَرِيمُ .

***

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، والعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ، وَنَشْهَدُ أَلَّا ِإِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ، وَنشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الصَّادِقُ الأَمِينُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى تَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ .

أما بعد؛

فإن حملات أعداء الإسلام تتوالى على المجتمعات الإسلامية، ولا يزالون يصرفون من الإمكانيات والأموال ليصدوا الناس عن دينهم، وليرجعوا المسلمين عن إسلامهم، وليشككوهم في عقيدتهم، يقول سبحانه: ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـهِ )[11]، ويقول تعالى: ( وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ )[12]، وهكذا في كثير من الآيات يحذر الله من الردة والارتداد، يقول جل ذكره: ( وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )[13]، ويقول الله تحذيراً للمؤمنين: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّـهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ )[14] ، ويقول تبارك وتعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )[15] ، وفي ذلك من التهديد والوعيد ما ليس بعده .     

أيها الإخوة: إن ذلك الابن والشاب، وتلك البنت والفتاة مهددون في كل وقت، وفي كل آنٍ يُغزون بهذه الأفكار التي تمر عليهم تباعاً في خضم هذه البرامج الاجتماعية المجانية، سيل من الرسائل، وسيل من البرامج، وسيل من المحادثات وسيل من المراسلات؛ التي تبلبل المتزن، فكيف بغير المتزن!! أصبح هناك من الشباب من يشكك في أمر دينه، فيطعن فيه من الداخل، بأنه ما عاد يصلح للحياة، وأنه ضاق على مشكلات العالم، وأن صفحات المسلمين اليوم تتجسد دماءً مراقة وأعراضاً مهتوكة ودياراً مسلوبة.

عباد الله: إن شباب الأمة أصبح تائهاً ضائعاً، لا يعرف من يتبع، يسمع عن دينه، وعن أخلاقه وعن سماحة دينه، وعن عدالته ورحمته ومحبته، ولكن لا يرى إلا القتل والتشريد والدمار والضياع، لا يرى إلا العدوان والبغي والدسائس والمكر والاقتتال، واستغل أعداء الدين كل ذلك من خلال إعلامهم وبرامجهم لتشويه الإسلام، ورسم صورة قاتمة مشويه لأتباعه، ليبغضوهم فيه ويصدوهم عنه، وقد نجحوا في ذلك إلى حد بعيد، كما قال الله تعالى: ( وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً )[16].

نعم هناك انفصام في هذه الأمة، لذلك نجد من الشباب من ترك دينه، ومنهم من أصبح مهزوزاً في دينه، ومنهم من يفر من التدين والمتديِّنين، فعلينا أن نحس بالمسؤولية، وأن نقف إزاء هذه الحركات المسمومة الدخيلة التي تستلب الشباب من دينهم وأخلاقهم حتى يكونوا هم خنجراً مسموماً في ظهر دينهم، ليطعنوه من الخلف، هذه هي المصيبة.

إخوة الإيمان: علينا أن نثقف أبناءنا، وأن نبين لهم أن الإسلام هو دين المحبة والرحمة والإخاء والتعاون والعقيدة الراسخة الثابتة التي لا تجمع بين الصدق والكذب في آنٍ، والأمانة والخيانة والحق والباطل والخير والشر، لا تجمع بين المتناقضات، هذه ليست شريعة الإسلام؛ بل شريعة الإسلام وعقيدته طريقها واحد، وإنما الطرق الملتبسة المتعددة الملتوية المتفرقة هي طرق الشيطان وطرق الإلحاد .

 وأن نبذل قصار جهدنا في تربية أبنائنا من مربين وعلماء ومصلحين، وأن تتسع صدورنا لشبابنا وأبنائنا، وأن نبذل قصار جهدنا في تكثيف البرامج الدينية الصحيحة التي تُغذِّي الشباب، وترد عنهم الشُّبَه، وتُحصِّنهم من الداخل بعقيدة صادقة وإيمان راسخ كالجبال، وأن تُقرَّر من المناهج الشرعية في جميع التخصصات، ومسار الدراسات العلمية ما يحصنهم، ويفقههم في أمر دينهم، ساعتها سنجد منهم من يدافع عن دينه ضد خصومه، وينافح عنه بالحجج الدامغة .

أيها المؤمنون:

نحن بحاجة إلى استغلال البرامج بمختلف أنواعها مقروءة ومسموعة ومرئية، وهي بين أيدينا مجانية أن نستغلها الاستغلال الأمثل في نشر ديننا وفي ترسيخ العقيدة الصحيحة، وفي رد شبهات أعداء الإسلام، وفي إرشاد الشباب للعودة إلى الدين الصادق، وفي الاعتصام بحبل الله عزوجل الذي فيه سعادة الدنيا والآخرة .

هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى خَاتِمِ النَّبِيِّينَ، وَإِمَامِ المُرْسَلِينَ، كَمَا أَمَرَكُمْ رَبُّكُمْ جَلَّ وَعَلَا فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ).

اللهُمَّ صَلِّ عَلَى نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبراهيمَ وعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبراهيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ .

وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

اللَّهُمَّ انْصُرِ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَدَمِّرْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ، رَبَّنَا اسْتَخْلِفْنَا فِي أَرْضِكَ كَمَا اسْتَخْلَفْتَ مَنْ قَبْلَنَا مِنْ عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَكِّنْ لَنَا دَينَنَا الَّذِي ارْتَضَيْتَهُ لَنَا، وَأَبْدِلْنَا بِخَوْفِنَا أَمْنًا، وَبِذُلِّنَا عِزَّا، وَبِتَشَتُّتِنَا وَحْدَةً، وَاجْمَعْنَا عَلَى كَلِمَتِكَ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا بِطَاعَتِكَ .

اللَّهُمُّ ارْزُقْنَا لِسَانَاً صَادِقَاً ذَاكِرًا، وَقَلْبَاً خَاشِعَاً مُنِيبًا، وَإيمَانَاً رَاسِخَاُ ثَابِتًا، وَعِلْمَاً نَافِعَاً رَافِعًا، وَعَمَلاً صَالِحَاً زَاكِيًا، وَرِزْقًا حَلَالَاً وَاسِعًا، رَبَّنَا وَهَبْ لَنَا إِنَابَةَ المُتَّقِينَ، وَيَقِينَ الصِّدِّيقِينَ، وَخُشُوعَ المُخْبِتِينَ، وَثَوَابَ الْمُحْسِنِينَ، وَدَرَجَةَ الفائزين.

اللَّهُمُّ فَرِّجْ هَمَّ الْمَهْمُومِينَ، وَنَفِّسْ كَرْبَ الْمَكْرُوبِينَ، وَاقْضِ الدَّيْنَ عَنِ الْمَدِينِينَ، وَاشْفِ مَرَضَانَا وَمرْضَى الْمُسْلِمِينَ.

اللَّهُمُّ انْصُرْ سُلْطَانَنَا عَلَى أَعِدَائِكَ أَعْدَاءِ الدِّينِ، وَأَيِّدْهُ بِالْحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَاجْعَلْ وَطَنَنَا آمِنَاً مُطْمَئِنَّاً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.

( رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ) .

( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) .

( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) .

( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) .

 

[1]- النساء: 131 .

[2]- الأنبياء: 25

[3]- البينة : 5

[4]- رواه الإمام الربيع، برقم 29

[5] لقمان: 11

[6]- الذاريات: 56- 58

[7]- رواه الإمام مسلم، برقم 2812

[8]- رواه مالك في الموطأ: برقم 3323

[9]- آل عمران: 19

[10]- آل عمران: 85

[11]- الأنفال: 36

[12]- البقرة: 120

[13]- البقرة: 217

[14]- المائدة: 54

[15]- فصلت: 40

[16]- النساء: 89