(المُبَاحَاتُ، المكْرُوهَاتُ، المُفْسِدَاتُ)

 قَالَ تَعَالى:{ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّه ُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ } البقرة: ١٨٧

 

 

القِسْمُ الأَوَّلُ/ في مُبَاحَاتِ الصِّيَامِ:

 

لَقَدْ عَلِمْتَ -أَخِي المُتَعَلِّمَ، جمَّلَّكَ اللهُ بالعِلْمِ والإِيمَانِ- أَنَّ الصِّيَامَ في شَرِيعَةِ الموْلى سبحانه وتعالى هُوَ إِمْسَاكٌ مخْصُوصٌ وَلَيْسَ إِمْسَاكًا مُطْلَقًا، وعَلَى ذَلِكَ فَالأَصْلُ في الأَشْيَاءِ الإِبَاحَةُ، فيُبَاحُ للصَّائِمِ في نهَارِ صِيَامِهِ كَثِيرٌ مِنَ الأُمُورِ، لا تَثْرِيبَ عَلَيهِ في اسْتِحْلالها والإِتْيَانِ بهَا، ومِنْ ذَلِكَ:

 

‌أ- الاسْتِحْمَامُ والاغْتِسَالُ: وهُوَ جَائِزٌ للصَّائِمِ بِالإِجمَاعِ، وعَلَى الصَّائمِ الحَذَرُ مِنْ دُخُولِ المَاءِ إِلى الجَوفِ أَثْنَاءَ الاغْتِسَالِ[1].

 

‌ب- الاكْتِحَالُ والتَّطَيُّبُ والتَّعَطُّرُ: وشَمُّ الرَّوَائِحِ النَّفَّاذَةِ كالبُخُورِ والعُطُورِ إِنْ كَانَتْ رَائِحَتُهَا هِيَ الَّتي تَصِلُ مِنْ غَيْرِ أنْ يَلِجَ شَيْءٌ مِنْ دُخَانِهَا وجُسَيمَاتِهَا إِلى الجَوفِ[2]. 

 

‌ج- بَلْعُ الرِّيقِ: يُبَاحُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَبْلَعَ رِيقَهُ مَا لم يَتَجَمَّعْ في الفَمِ أوْ يخْتَلِطْ بِغَيرِهِ أو يُخْرِجْهُ صَاحِبُهُ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ ثمَّ أَدْخَلَهُ فَهُوَ مُفَطِّرٌ قَوْلاً وَاحِدًا[3].

 

‌د- تَذَوُّقُ الطَّعَامِ: ثمَّ لَفْظُهُ مِنْ غَيرِ إِسَاغَةٍ لَهُ إِلى الجَوْفِ؛ لأَجْلِ التَّأَكُّدِ مِنْ طَعْمِهِ، ومَعْرِفَةِ حُسْنِهِ مِنْ قُبْحِهِ[4].

 

ه- مَضْغُ الطَّعَامِ: لأَجْلِ تَيسِيرِ أَكْلِهِ للطِّفْلِ مِنْ غَيرِ إِسَاغَةٍ لَهُ إِلى الجَوفِ.

 

‌و- قَلعُ الأسْنَانِ، والتَّبرُّعُ بِالدَّمِ وفَحْصُهُ: وخُرُوجُ الدَّمِ عُمُومًا مَا لم يَكُنْ حَيضًا أو نِفَاسًا لا يَنقُضُ الصِّيَامَ؛ قِيَاسًا عَلَى الحِجَامَةِ لِثُبُوتِ فِعْلِهَا عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، يَقُول سماحَةُ المفْتي -عَافَاهُ اللهُ-: " القَولُ الذِي نَأخُذُ بِهِ ونَعْتَدُّ بِهِ أنَّ إِخْرَاجَ الدَّمِ لا يُؤَدِّي إِلى إِبْطَالِ الصِّيَامِ, هَذَا قَولُ جُمْهُورِ الأُمَّةِ وعَلَيهِ المعَوَّلُ عِندَنَا"[5].

 

ز- التَّخْدِيرُ: سَواءً كَانَ كُلِّيًّا أو مَوضِعِيًّا، مَا لم تَكُنْ وَسِيلَةُ التَّخْدِيرِ مُفَطِّرةً -كمَا سَيَأْتي إِنْ شَاءَ اللهُ-[6].

 

ح- اسْتِعْمَالُ المرَاهِمِ وَالأَدْوِيَةِ الخَارِجِيَّةِ: الَّتي تُوضَعُ عَلَى الجِلْدِ ولا تُفْضِي إِلى الجَوفِ[7].

 

‌ط- قَصُّ الأظَافِر وإِلقَاءُ التَّفَثِ: مِنَ الموَاضِعِ المُعْتَادَةِ كَالعَانَةِ والإِبْطَينِ، وكَذَا جَزُّ الشَّارِبِ وحَلْقُ الرَّأْسِ؛ فَالصَّائِمُ لَيْسَ بِمُحْرِمٍ حَتى يُمْنَعَ مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ[8].

 

ي- تَقْبِيلُ الزَّوجَةِ: لِمَنْ كَانَ ضَابِطًا لغَرِيزَتِهِ ومَالِكًا لإِرْبِهِ عَلَى رَأيِ الجُمْهُورِ وهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّيخَينِ الخَلِيْلِيِّ والقَنُّوبيِّ[9]؛ لحَدِيثِ عَائِشَةَ حِينَمَا ذَكَرَتْ تَقْبِيلَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لنِسَائِهِ وهُوَ صَائِمٌ قَالَتْ: "وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لإِرْبِهِ"[10].

 

{لَطِيْفَةٌ}: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: "هَشَشْتُ فَقَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَنَعْتُ الْيَوْمَ أَمْرًا عَظِيمًا قَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ، قَالَ:  أَرَأَيْتَ لَوْ مَضْمَضْتَ مِنَ الْمَاءِ وَأَنْتَ صَائِمٌ، قُلْتُ: لا بَأْسَ بِهِ، قَالَ: فَمَهْ"[11]، أي فَكَمَا أَنَّ المضْمَضَةَ الَّتي هِيَ مُقدِّمةُ الشُّرْبِ لا تَنقُضُ الصِّيَامَ فَكَذَلِكَ التَّقْبِيلُ الذِي هُوَ مُقدِّمَةٌ لِلْجِمَاعِ لا يَنقُضُ الصِّيَامَ[12]. 

 

وجَاءَ شَابٌّ إِلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَبِّلُ وَأَنَا صَائِمٌ؟ قَالَ: لا، فَجَاءَ شَيْخٌ فَقَالَ: أُقَبِّلُ وَأَنَا صَائِمٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَنَظَرَ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قَدْ عَلِمْتُ لِمَ نَظَرَ بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ إِنَّ الشَّيْخَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ"[13].  

 

 

فَتَاوَى مُخْتَارةٌ

 

- السُّؤَالُ الأَوَّلُ/ السِّباحَةُ لِوَقْتٍ طَوِيلٍ بحيْثُ يَظَلُّ الرَّجُلُ في الماءِ، هَلْ يُؤثِّر ذَلِكَ عَلَى صِيَامِهِ؟

 

الجَوَابُ/ إِنْ كَانَ لا يَصِلُ الماءُ إِلى جَوْفِهِ مِنَ المنَافِذِ بحَيْثُ يُمْنَعُ وصُولُهُ بِسَبَبِ سَدِّهِ لأَنْفِهِ وإِغْلاقِهِ لِفِيْهِ وتَغْمِيضِهِ لِعَينَيهِ فَلا يَصِلُ المَاءُ إِلى الجَوفِ فَلا يَنتَقِضُ الصِّيَامُ بِذَلِكَ، واللهُ أَعْلَمُ[14].

 

- السُّؤَالُ الثَّاني/ هَلْ يَصِحُّ حَلْقُ الشَّعْرِ وتَقْلِيمُ الأَظَافِرِ في نَهَارِ رَمَضَانَ؟ 

 

الجَوَابُ/ الصَّومُ لَيْسَ بِإِحْرَامٍ، إِنَّمَا الـمُحْرِمُ يُمنَعَ مِنْ أَخْذِ تَفَثِهِ، أمَّا الصَّائِمُ فَلا يُمْنَعُ مِنْ أَخْذِ تَفَثِهِ، فَلَهُ أَنْ يَحْلِقَ، ولَهُ أَنْ يُقلِّمَ أَظَافِرَهُ وَلَهُ -أيضًا- أَنْ يَفعَلَ أَيَّ شَيءٍ مِمَّا كَانَ يَفْعَلُهُ في الـمُعْتَادِ، إنَّمَا يُمْنَعُ مِنَ الـمُفطِّرَاتِ، وهَذِهِ لَيْسَتْ مِنَ الـمُفطِّرَاتِ، واللهُ أَعْلَمُ[15].

 

- السُّؤَالُ الثَّالِثُ/ مَا حُكْمُ البُخُورِ في نَهَارِ رَمَضَانَ؟

 

الجَوَابُ/ البُخُورُ في نَهَارِ رَمَضَانَ إِنْ كَانَ لا يَلِجُ إِلى الـخَيَاشِيمِ والفَمِ شَيْءٌ مِنْهُ فَهُوَ غَيْرُ نَاقِضٍ، أَيْ إِنْ كَانَتْ رَائِحَتُهُ تَصِلُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلِجَ شَيْءٌ مِنْ دُخَانِهِ إِلى الـخَيَاشِيمِ والفَمِ فَهُوَ غَيْرُ نَاقِضٍ، أَمَّا إِنْ وَصَلَ شَيْءٌ إِلى الـخَيَاشِيمِ وإِلى الفَمِ وَوَلَجَ إِلى الجَوْفِ فحُكْمُهُ حُكْمُ التَّدْخِينِ مِنْ حَيْثُ نَقْضُهُ لِلصِّيامِ، لأَنَّ الصِّيَامَ يَنتَقِضُ بِكُلِّ مَا يَصِلُ إلى الجَوْفِ، واللهُ أعْلَمُ[16].  

 

 

القِسْمُ الثَّانِي/ في مَكْرُوهَاتِ الصِّيَامِ:

 

لَقَدْ فَقِهْتَ -أيُّهَا الأَخُ العَزِيزُ، لا أَرَاكَ مَوْلاكَ مَكْرُوهًا- أَنَّ المكْرُوهَ مِنَ الأَعْمَالِ في الشَّرْعِ هُوَ مَا طُلِبَ مِنَ المكَلَّفِ تَرْكُهُ طَلَبًا غَيرَ مُلْزِمٍ، بحيْثُ يُثَابُ تَارِكُهُ وَلا يُعَاقَبُ فَاعِلُهُ.

 

ومَكْرُوهَاتُ الصِّيَامِ هِيَ أُمُورٌ خَارِجَةٌ عَنْ حَقِيقَةِ الصِّيَامِ ومخَالِفَةٌ لِسُنَنِهِ وآدَابِهِ المرْغُوبَةِ والمُسْتَحَبَّةِ، وقَدْ تُؤدِّي إِلى إِضْعَافِ الصَّائمِ نهَارَ صَومِهِ عَنْ ألْوَانِ العِبَادَةِ وصُنُوفِ الذِّكْرِ، فيَنْبَغِي تَرْكُهَا لِنَيْلِ الثَّوَابِ، وعَدَمُ فِعْلِهَا وإِنْ لمْ يَكُنْ عَلَى فَاعِلِهَا عِقَابٌ، فمِنْ مكْرُوهَاتِ الصِّيَامِ:

 

‌أ- التَّقْبِيْلُ والمُدَاعَبَةُ: في حَقِّ مَنْ خَافَ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ تَفْرُطَ عَلَيهِ أوْ أَنْ تَطْغَى فتَدْعُوهُ نَفْسُهُ إِلى الوِقَاعِ أوْ لا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تحبِّبَهُ إِلَيهِ فيُمْنِيَ أو يُمْذِيَ؛ ومَنْ حَامَ حَوْلَ الْحِمَى أَوْشَكَ أنْ يَرْتَعَ فِيْهِ[17]. 

 

‌ب- الحِجَامَةُ[18]: لِمَنْ كَانَتْ تُضْعِفُهُ فَلا يَقْوَى عَلَى طَاعَةٍ وَلا يَنْشَطُ لِذِكْرٍ بَعْدَهَا.

 

ج- المبَالَغَةُ في المَضْمَضَةِ والاسْتِنْشَاقِ: خَشْيَةَ أَنْ يَلِجَ شَيءٌ مِنَ المَاءِ إِلى الجَوْفِ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ِللَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ: "إذَا اسْتَنْشَقْتَ فَأَبْلِغْ إِلا أنْ تكُونَ صَائِمًا"[19]، واللهُ تَعَالى أَعْلَمُ.

 

------------------------

 

[1] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص341.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 2 رمضان 1422هـ، يوافقه 18/11/2001م.

 

[2] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص340- 341.

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص269.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 8 رمضان 1421هـ، يوافقه 4/12/2000م.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي ص199.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 1 رمضان 1423هـ، يوافقه 7/11/2002م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 3 رمضان 1426هـ، يوافقه 7/10/2005م.

 

الصَّوافي، الأدوية الحديثة وأثرها على الصيام ص27.

 

[3]- ومن باب لا حياءَ في الدِّين فلا يباح للصائم أن يرشف ريق حليلته بفيه، ولا يشفع له أن يقول في هذا المقام أنهما نفس واحدة، أو نحن روحان حللنا جسدا..

 

أمَّا نُخَامَةُ الإنسان فهي ليست كريقه؛ ذلك لأنَّ لَها طبيعةً خاصّةً وجُرما متميزا، ولذا وجب إخراجها وعدم إساغتها في حال السعة والإمكان، ولو أن يخرجها الصائم وكذا المصلي؛ لأنها ناقضة للصلاة وناقضة للصيام في منديل ورقي أو يلفظها في الجهة اليسرى من ثوبه، ولا يؤذي بها أحدا، والله أعلم. يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص335، 336، 342.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1425هـ، يوافقه 19/10/2004م.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي ص196، 199.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 6 رمضان 1423هـ، يوافقه 12/11/2002م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 3 رمضان 1429هـ، يوافقه 4/9/2008م.

 

الصَّوافي، الأدوية الحديثة وأثرها على الصيام ص41.

 

المعمَريُّ، من فقه الصِّيَام ج1 "مادة سمعية"، إنتاج: تسجيلات مشارق الأنوار.

 

[4] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. الفتاوى ج1 ص340.

 

[5] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص341، 343.

 

الخَلِيْلِيُّ، فتاوى طبية/ فصلُ أحكامِ صيام المريض لم تُنشر بعد.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 24 رمضان 1423هـ، يوافقه 30/11/2002م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 3 ربيع الثاني 1425هـ، يوافقه 23/5/2004م.

 

القنُّوْبيُّ، بحوث ورسائل وفتاوى/ القسم الخامس ص21.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي ص195- 196.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 6 رمضان 1423هـ، يوافقه 12/11/2002م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 9 رمضان 1429هـ، يوافقه 10/9/2008م.

 

[6] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، فتاوى طبية/ فصلُ أحكامِ صيام المريض لم تُنشر بعد.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 28 رمضان 1424هـ، يوافقه 23/11/2003م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 23 رمضان 1425هـ، يوافقه 7/11/2004م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 16 رمضان 1426هـ، يوافقه 20/10/2005م.

 

[7] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص335، 341.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 3 رمضان 1428هـ، يوافقه 15/9/2007م.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي ص199.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 5 رمضان 1422هـ، يوافقه 21/11/2001م.

 

[8] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 23 رمضان 1422هـ، يوافقه 9/12/2001م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1428هـ، يوافقه 16/9/2007م.

 

[9] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص342، 349.

 

القنُّوْبيُّ، بحوث ورسائل وفتاوى/ القسم الخامس ص13، 45.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي ص199.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 7 رمضان 1422هـ، يوافقه 23/11/2001م.

 

[10] - مسلم، بَاب: بَيَانِ أَنَّ الْقُبْلَةَ فِي الصَّوْمِ لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى مَنْ لَمْ تُحَرِّكْ شَهْوَتَهُ، رقم الحديث 1854.

 

[11] - أبو داود، باب: القبلة للصائم، رقم الحديث 2037.

 

[12] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، زكاة الأنعام ص 152.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1426هـ، يوافقه 8/10/2005م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 25 مُحرَّم 1429هـ، يوافقه 03/02/2008م.

 

[13] - قلتُ: ومثل هذه القصة تروى عن ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين. يُنظر:

 

أحمد، المسند. مُسْنَدُ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، رقم الحديث 6451.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 29 ربيع الأول 1426هـ، يوافقه 8/5/2005م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1426هـ، يوافقه 8/10/2005م.

 

[14] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. برنامج: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكرِ"، حلقةُ: 2 رمضان 1422هـ، يوافقه 18/11/2001م.

 

[15] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. برنامج: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكرِ"، حلقةُ: 30 شعبان 1427هـ، يوافقه 24/9/2006م.

 

[16] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. برنامج: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكرِ"- تلفزيون سلطنة عمان، حلقةُ: 8 رمضان 1421هـ، يوافقه 4/12/2000م.

 

[17]- يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص349.

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص274.

 

[18]- الحِجَامَةُ: هي عملية معروفة لها عدة طرق يتم من خلالها إخراج الدم الفاسد من الجسم.

 

[19]- الربيع، باب: آداب الوضوء وفرضه، رقم الحديث 94.

 ---------------------------------------

القِسْمُ الثَّالث/ في مُفْسِدَاتِ الصِّيَامِ: 

 

لَقَدْ عَلِمْتَ -أَخِي، أيُّهَا العَبْدُ المتَّقِي، سَلَّمَكَ اللهُ- أَنَّ الصِّيامَ مِنَ فَرَائِضِ الإِسْلامِ، وقَدَ بَلَّغَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم عَنْ ربِّهِ قَائِلاً: " إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلا تَعْتَدُوهَا، وَنَهَى عَنْ أَشْيَاءَ فَلا تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ رَحمةً مِنْهُ لَكُمْ فَلا تَبْحَثُوا عَنْهَا"[20]. 

 

وبَعْدَ ذَا فَإِنَّكَ تُدْرِكُ -أَخِي، المتَّبِعَ لأَحْسَنِ القَولِ- أَنَّ للصَّومِ جمْلَةَ مُفطِّرَاتٍ تَعُودُ عَلَى أَصْلِهِ بالفَسَادِ والبُطْلانِ، وتُرتِّبُ عَلَيهِ بَعْضَ الأَحْكَامِ -كمَا سَيَأْتي لاحِقًا بِإِذْنِ الملِيكِ العَلاَّمِ-.

 

ومِنْ هَذِهِ المُفطِّرَاتِ مَا هُو مجمَعٌ عَلَيهِ ومِنْهَا مَا هُوَ مخْتَلَفٌ فِيْهِ، وقَدْ لخَّصَ أَهْلُ العِلْمِ -بَاركَ اللهُ فِيهِمْ- مُفَطِّرَاتِ الصِّيَامِ الَّتي يجِبُ الإِمْسَاكُ عَنْهَا شَرْعًا في أَرْبَعِ قَوَاعِدَ، فهَاك البَيَانَ بإِيضَاحٍ وإِجمَال[21]:

 

 

القَاعِدَةُ الأُولى/ إِدْخَالُ دَاخِلٍ:

 

ويُرَادُ بهَا كُلُّ مَا يُدْخِلُهُ الإِنْسَانُ مُتَعَمِّدًا إِلى جَوفِهِ[22]، سَوَاءً:

 

‌أ- كَانَ مَطْعُومًا كَالأُرْزِ والتَّمْرِ والماءِ والعَصِيرِ، أوْ غَيرَ مَطْعُومٍ[23] كمَنْ تَعَمَّدَ أنْ يُولجَ إِلى جَوفِهِ تُرَابًا أوْ طِينًا أوْ حَصًى أوْ جِلْدًا أوْ ظُفْرًا أوْ وَرَقًا أوْ زِئْبَقًا.. عَلَى المُعْتمَد عِنْدَ شَيخَيْنَا الخَلِيْلِيِّ والقَنُّوبيِّ -حَفِظَهُمُ اللهُ- وِفَاقًا لِقَولِ الجُمْهُورِ مِنَ العُلَمَاءِ.  

 

يقُولُ سماحَةُ المفْتي -حَفِظَهُ رَبي- : " نَحْنَ نَرَى بِأنَّ الـمَطْعُومَ وغَيرَهُ سَواءٌ، ولَوْ قُلْنَا بجَوَازِ تَنَاوُلِ غَيرِ الـمَطْعُومِ لَرُبَّمَا يُتَذَرَّعُ بِهَذَا إِلى اسْتِبَاحَةِ التَّدْخِينِ لِلصَّائِمِ، واسْتِبَاحَةِ إِدْخَالِ أَشْيَاءَ في  الجَوفِ مُؤثِّرَةٍ للصَّائِمِ، ولَكِنَّ هَذَا البَابَ يُغلَقُ، هَذَا القَولُ يُعَدُّ شَاذًّا ولا يُؤخَذُ بِهِ"[24]، ويقُولُ العَلاَّمَةُ القَنُّوبيُّ: "ومَذْهَبُ الجُمْهُورِ في هَذِهِ المَسْأَلَةِ هُوَ المذْهَبُ الرَّاجِحُ"، ويقُولُ أيضًا: "طَبعًا الصَّحِيحُ أنَّ عَلَيهِ البَدَلَ، وسمِعْتُ الشَّيخَ [أيْ الخَلِيْلِيَّ] -حَفِظَهُ اللهُ تَعَالى- يَقُولُ: كَانَ الشَّيخُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ يُعْجِبُهُ هَذَا الكَلامُ" [25].  

 

‌ب- كَانَ عَنْ طَرِيقِ الفَمِ أو غَيرِ الفَمِ ممَّا يُوصِلُ إِلى الجَوفِ، ومِنْ أَمْثِلَةِ المنَافِذِ المُوصِلَةِ إِلى الجَوفِ: 

 

- العَينُ: تُعَدُّ العَينُ إِحْدَى المنَافِذِ المُوصِلَةِ إِلى الجَوفِ بِلا خِلافٍ، فَإِنْ وَضَعَ الشَّخْصُ قَطْرَةً مِنْ دَوَاءٍ أو نحْوِهَا في عَينِهِ وَلم يُحِسَّ بهَا فَلا نَقْضَ عَلَيهِ في صَومِهِ بِإِذْنِ اللهِ؛ لأَنَّ لِلعَينِ شُؤُونًا تمتَصُّ الشَّيْءَ اليَسِيرَ، أمَّا إِنْ أَحَسَّ بِطَعْمِهَا في حَلْقِهِ فَالأَحْوَطُ في حَقِّهِ إِعَادَةُ يَومِهِ[26]. 

 

- الأَنْفُ: واتِّصَالُهَا بِالجَوفِ أَقْوَى مِنَ العَينِ؛ لأَنَّ فَتْحَتَهَا أَوْسَعُ مِنْ فَتْحَتِهَا، وَلِذَا يَسْتَعْمِلُهَا الأَطِّبَاءُ كَثِيرًا لإِدْخَالِ أُنْبُوبِ تَغْذِيَةِ المرْضَى، فَاحْتِمَالُ التَّفْطِيرِ بهَا أَكْبرُ لا سِيَّمَا إِنْ أَحَسَّ المرِيضُ بِطَعْمِ الدَّوَاءِ في الحَلْقِ إِنْ كَانَ سَائِلاً. أمَّا غَازُ الأُكْسُجِينِ فَلا يَنْقُضُ الصِّيَامَ إِطْلاقًا[27]. 

 

- الأُذُنُ: إِنْ كَانَتْ خَرْقَاءَ؛ لأَنَّ غِشَاءَ الطَّبْلَةِ في الأُذُنِ السَّلِيمَةِ يمنَعُ دُخُولَ أَيِّ سَائِلٍ إِلى الجَوْفِ؛ وَلِذَا فَلا نَقْضَ في قَطْرَةِ الأُذُنِ[28]. 

 

- فَتْحَةُ الشَّرْجِ: لأنَّ اتِّصَالَ الدُّبُرِ بِالجَوْفِ قَوِيٌ، فتَنْقُضُ التَّحَامِيْلُ[29] وإِبْرَةُ الدُّبُرِ بخِلافِ القُبُلِ الذِيْ يَكَادُ يَكُونُ اتِّصَالُهُ بِالجَوفِ مُنْعَدِمًا[30].  

 

}تَلْخِيْصٌ}: يقُولُ العَلاَّمَةُ أَبُو محَمَّدٍ السَّالميُّ -رَحْمَةُ اللهِ الوَاسِعَةُ عَلَيهِ- في مَعَارِجِهِ: "فالمُعْتمَدُ القَوْلُ بالنَّقْضِ ِفيمَا دخَلَ مِنَ الأَنْفِ؛ لأَنَّه ُ سَبِيلٌ إِلى الجَوفِ كَالفَمِ، وسَائِرُ الأبْوَابِ أَهْوَنُ مِنْهُ، وَقَدْ وَقَعَ الخِلافُ في الكُلِّ، ويَدْخُلُ في ذَلِكَ الحُقْنَةُ فَإِنَّهُ مِمَّا يُختَلَفُ في النَّقضِ بهَا أيْضًا، والمُعْتمَدُ النَّقْضُ في حُقنَةِ الدُّبُرِ دُونَ القُبُلِ"[31]، ويقُولُ -رَحمَهُ اللهُ تَعَالى- في مَدَارجِهِ: 

 

 

ودَاخِلٌ في الأَنْفِ، وَالأَنْفُ أشَدْ *** فَالنَّقْضُ بِالدَّاخِلِ مِنْهُ مُعْتمَدْ[32]

 

 

وبالجُمْلَةِ فمَنِ اضْطُرَّ إِلى اسْتِعْمَالِ مَا تقَدَّمَ مما يمكِنُ أَنْ يَلِجَ إِلى الجَوفِ فَإِنْ أَمْكَنَهُ ليْلاً فَبِهَا ونِعْمَتْ، وإِنْ تَعَذَّرَ إِلا في النَّهَارِ فَإِنْ تَيَقَّنَ وصُولَهُ إِلى الجَوفِ أَفْطَرَ وعُذِرَ لمرَضِهِ ووَجَبَ عَلَيهِ القَضَاءُ لاحِقًا.

 

وإنْ لم يَتَيَقَّنْ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُتِمَّ صِيَامَ يَومِهِ ويَقْضِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنْ أَمْكَنَهُ القَضَاءُ مُسْتَغْنِيًا عَنْ ذَلِكَ المُفَطِّرِ، وإِنْ لمْ يَسْتَغْنِ عَنْهُ فَلْيَصُمْ ولْيُطْعِمْ عَنْ كُلِّ يَومٍ مِسْكِينًا، وهَذَا كُلُّهُ مِنْ بَابِ الاحْتِيَاطِ والخُروجِ مِنَ الشَّكِّ بِاليَقِينِ لاشْتِبَاهِ الأُمُورِ هَاهُنا[33]، وإِلا فَفِي المسْأَلَةِ تَرخِيْصٌ..

 

}تَرْخِيْصٌ}: اِعْلمْ -أيُّهَا الطَّالِبُ، رُزِقْتَ أَسْنى المَطَالِبِ- أنَّ بَعْضَ البَاحِثينَ المعَاصِرِينَ قَدِ اسْتَثنى ورَخَّصَ مِنَ التَّفْطِيرِ في هَذِهِ القَاعِدَةِ مَا إذَا كَانَ الدَّاخِلُ إِلى الجَوفِ قَلِيْلاً، وذَلِكَ بِشَرْطَينِ اثْنَينِ:

 

الأوَّلُ/ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ مما تَدْعُو إِلَيهِ الحَاجَةُ والضَّرُورَةُ كاسْتِعْمَالِ المرِيضِ لقَطْرَةِ العِلاجِ مَثَلاً. 

 

الثَّاني/ أنْ يَكُونَ الدَّاخِلُ قَلِيْلاً جِدًّا بحَيْثُ لا يَتَجَاوَزُ مِقْدَارَ مَا يَدْخُلُ إِلى الجَوفِ مِنْ بقَايَا الماءِ أَثْنَاءَ المَضْمَضَةِ والاسْتِنْشَاقِ، فَهَذَا القَدْرُ اليَسِيرُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ ومُغْتَفَرٌ شَرْعًا، واللهُ أعْلَمُ[34].

 

 

وَمِنْ مُفطِّرَاتِ الصِّيامِ المعَاصِرَة أَيضًا:

 

- بخَّاخُ الرَّبْوِ: -وهُوَ مُوَسِّعُ الشُّعَبِ الهَوَائِيَّةِ- يُقَالُ فِيْهِ مَا يُقَالُ في قَطْرَةِ العَينِ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ[35].

 

- غَسِيْلُ الكُلَى: بجَمِيْعِ أَنْوَاعِهِ يُعَدُّ مِنَ المُفَطِّرَاتِ فَعَلَى صَاحِبِهِ قَضَاءُ اليَومِ الذِي غَسَلَ فِيهِ كُلاهُ في اليَومِ الذِي لا يَقُومُ فِيهِ بِالغُسْلِ، عَافَانَا اللهُ وجمِيعَ المُسْلِمِينَ[36]. 

 

- نَقْلُ الدَّمِ لِلْجِسْمِ: كإِعْطَاءِ الجَرِيْحِ وصَاحِبِ فَقْرِ الدَّمِ دَمًا تَبرَّعَ بِهِ غَيرُهُ، وَلا شَكَّ في تَفْطِيرِهِ نَظَرًا لِوُصُولِ مَادَّةٍ وبِكَمِّيَّاتٍ كَبِيرَةٍ -غَالبًا-  إِلى جَوْفِ المنْقُولِ إِلَيهِ بَلْ إِلى جمِيعِ حَنَايَا جَسَدِهِ[37]. 

 

- السَّقَّايَةُ: وهِيَ كِيْسٌ يحتَوِى عَلَى مَادَّةٍ غِذَائِيَّةٍ سَائِلَةٍ يَتَنَاوَلها المرِيْضُ عَنْ طَرِيقِ أُنْبُوبٍ يَصِلُهَا بجِسْمِهِ، وهِيَ نَاقِضَةٌ للصِّيَامِ وَلا شَكَّ؛ لأَنَّ  المرِيْضَ يَتَغَذَّى عَلَيْهَا، وَقَدْ يَكْتَفِي بهَا دَهْرًا طَوِيْلاً مِنْ غَيرِ حَاجَةٍ إِلى تَغْذِيَةٍ بالفَمِ، والحَمْدُ للهِ مُيَسِّرِ السُّبُلِ[38]. 

 

- الحُقْنَةُ: تَقَدَّمَ الحَدِيْثُ في إِبْرَةِ العِلاجِ الَّتي تُسْتَعْمَلُ في الدُّبُرِ وأَنَّهَا مُفَطِّرَةٌ لِقُوَّةِ اتِّصَالِ الدُّبُرِ بِالجَوفِ، أمَّا مَا عَدَاهَا مِنَ الحُقَنِ فلأَهْلِ العِلْمِ  فِيهَا مَذَاهِبُ واعْتِبَارَاتٌ، فَمِنْهُمْ مَنِ اعْتَبرَ الفَرْقَ بَينَ إِبْرَةِ الغِذَاءِ وإِبْرَةِ العِلاجِ والدَّوَاءِ، فَقَالَ بِالتَّفْطِيرِ في الأُوْلى وبِعَدَمِهِ في الثَّانِيَةِ، وبِهِ أَفْتى شَيْخُنَا الخَلِيْلِيُّ -حَفِظَهُ اللهُ-[39]. 

 

ومِنْهُمْ مَنِ اعْتَبرَ وُلُوجَهَا لِمُطْلَقِ الجَوْفِ والدَّمِ؛ فقَالَ بالتَّفْطِيرِ في الجَمِيعِ ولمْ يَعْتَبرِ التَّفْرِقَةَ بَينَ المُغَذِّي وغَيرِ المُغَذِّي ولا بَينَ العَضَلِيِّ والوَرِيدِيِّ، وهُوَ آخِرُ قَولَيْ شَيخِنَا القنُّوبيِّ -حفِظَهُ اللهُ- [40].. 

 

 

فكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّيخَينِ *** جَاءَ بِوَجْهٍ وَهْوَ ذُو وجْهَينِ[41]

 

 

وعَلَى كُلِّ حَالٍ فالخِلافُ في الفُرُوعِ أَوْسَعُ مِنَ الدَّهْمَاءِ عَلَى رَاعِي الإِبِلِ، يَقُولُ شَيخُنَا الخَلِيلِيُّ خَاتِمًا الكَلامَ في هَذِهِ المسْأَلَةِ: "..واخْتِلافُ الفُقَهَاءِ فيهِ مُتَّسَعٌ لِلنَّاسِ، وَلا يُضَيّقُ عَلَى النَّاسِ وَاسِعٌ"[42]، والحَمْدُ للهِ.

 

 

القَاعِدَةُ الثَّانيَةُ/ إِخْرَاجُ خَارِجٍ:

 

ويُرَادُ بهَا تَعَمُّدُ إِخْرَاجِ المُفَطِّرِ مِنَ الجِسْمِ، وذَلِكَ يَتَمَثَّلُ في:

 

‌أ- القَيْءِ والقَلَسِ: والفَرْقُ بَينَهُمَا أَنَّ القَيْءَ هُوَ: كُلُّ مَا خَرَجَ مِنَ الجَوفِ مِنْ طَعَامٍ أو شَرَابٍ مُجَاوِزًا الفَمَ حَتى يَمْلأَهُ، والقَلسُ[43]هُوَ: مَا خَرَجَ مِنَ الجَوفِ ووَصَلَ الفَمَ وَلكِنَّهُ لمْ يُجَاوِزْهُ لِقِلَّتِهِ.

 

وهمَا نَاقِضَانِ للصِّيَامِ إذَا تَعَمَّدَ الصَّائِمُ إخْرَاجَهُمَا بِأَيِّ وَسِيْلَةٍ كَانَتْ، كَأَنْ يُحِسَّ بِشَيءٍ مِنَ الغَثَيَانِ فيُدْخِلَ إصْبَعَهُ في فَمِهِ أو يُسِيغَ مَا يَدْعُوهُ للتَّقيُّؤ، أمَّا مَن ذَرَعَهُ القَيءُ -كالمرِيضِ والمرْأَةِ الحَامِلِ- ولم يَرجِعْ شَيْئًا مِنَ القَيءِ إِلى جَوْفِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى إبَانَتِهِ فَلا قَضَاءَ عَلَيهِ[44]. 

 

‌ب- الاسْتِمْنَاءِ: أي اسْتِدْعَاءُ خُرُوجِ المنيِ عَنْ طَرِيقِ العَبَثِ أو التَّشَهِّي والتَّفَكُّرِ، ويُسَمَّى "العَادَةَ السِّريَّةَ" وَهُوَ غَيرُ جَائِزٍ بحَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ[45]، ونَاقِضٌ للصِّيَامِ لمَنِ اقْتَرَفَهُ نهَارَ صَومِهِ بَلْ هُوَ مُوجِبٌ للقَضَاءِ ولِلْكَفَّارَةِ المُغَلَّظَةِ، واللهُ يَقْبَلُ تَوبَةَ العَبْدِ إذَا آبَ وأنَابَ[46]. 

 

{مَسْأَلَةٌ}: مَنْ نَامَ في نهَارِ الصِّيَامِ فاحْتَلَمَ في نَومِهِ فَعَلَيهِ المُبَادَرَةُ بِالاغْتِسَالِ فَوْرَ مَا يَنْتَبِهُ، ولَيْسَ عَلَيهِ قَضَاءٌ ولا تَكْفِيرٌ، والحَمْدُ للهِ[47].

 

 

القَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ/ الجِمَاعُ:

 

وَهُوَ نَاقِضٌ للصِّيَامِ بِالإِجمَاعِ؛ لمفْهُومِ قَولِهِ  تَعَالى:{ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ } البقرة: ١٨٧، وَمِنَ السُّنَّةِ حَدِيثُ الرَّجُلِ الذِي جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً..إلخ"[48].

 

والحَدُّ النَّاقِضُ للصِّيامِ والموْجِبُ للْكَفَّارَةِ المغَلَّظَةِ مِنَ الجِمَاعِ هُوَ غِيَابُ الحَشَفَةِ -أو مِقْدَارِهَا إِنْ كَانَتْ مَقْطُوعَةً- في الفَرْجِ سَوَاءً كَانَ ذَلِكَ في حَلالٍ أو حَرَامٍ، في إِنْسَانٍ أو حَيَوَانٍ، مَعَاذَ اللهِ[49]. 

 

{فَائِدَةٌ}: وبِذَا تُدْرِكُ -أيُّهَا الفَطِنُ اللَّبِيْبُ- أَنَّهُ لا يَنقُضُ الصِّيَامَ فِيمَا بَينَ الزَّوجَينِ إلا الجِمَاعُ أوِ الاسْتِمْنَاءُ عَلَى الرَّاجِحِ، أمَّا مَا دُونَ ذَلِكَ مِنْ المُقَدِّمَاتِ فَلا تَنْقُضُ الصِّيَامَ مِنْ حَيْثُ الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ كمَا نَصَّ عَلَيهِ الشَّيْخَانِ -حَفِظَهُمَا اللهُ- وإِنْ كَانَ الحَذِرُ الفَطِنُ لا يحُومُ حَوْلَ الحِمى، يقُولُ سماحَةُ المفْتي -يَحْفَظُهُ اللهُ-: " أمَّا الـمَذْيُ فالرَّاجِحُ أنَّهُ غيْرُ نَاقِضٍ لِلصَّوْم"[50]، واللهُ أَعْلَمُ.

 

 

القَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ/ كَبَائِرُ المعَاصِيْ:

 

اِعْلَمْ -أيُّهَا العَبْدُ الأَوَّابُ، أَرْشَدَكَ اللهُ لِلْعِلْمِ وَالعَمَلِ بِدَلائِلِ السُّنَّةِ والكِتَابِ- أَنَّ كَلِمَةَ النَّاسِ قَدِ اخْتَلَفَتْ كَثِيرًا في مَسْأَلَةِ نَقْضِ الصِّيَامِ بِالمعَاصِي، وقَدْ ضَاعَ الحَقُّ فِيْهَا بَينَ الإِفْرَاطِ والتَّفْرِيطِ فَكَانَ كِلا طَرَفَيْ قَصْدِ الأُمُورِ ذَمِيْمًا..

 

هَذَا بَعْدَ إِجمَاعِهِمْ عَلَى نَقْضِ الصِّيَامِ بالظُّلْمِ العَظِيمِ الذِي هُوَ الشِّركُ، فمِنْ قَائِلٍ بِأَنَّ المعَاصِيَ صَغِيرَهَا وكَبِيرَهَا نَاقِضَةٌ لِلصِّيَامِ محْبِطَةٌ للأَعْمَالِ، ومِنْ قَائِلٍ آخَرَ بِأَنَّ المعَاصِيَ صَغِيرَهَا وكَبِيرَهَا لا دَخْلَ لهَا في الصِّيَامِ صِحَّةً وفَسَادًا..

 

والمُعْتمَدُ في هَذِهِ المسْأَلَةِ مَا أَخَذَ بِدَلائِلِ الكِتَابِ والسُّنةِ، وهُوَ القَولُ بِأَنَّ كَبَائِرَ المعَاصِي نَاقِضَةٌ لِلصِّيَامِ دُونَ صَغَائِرِهَا[51]، أمَّا عَدَمُ نَقْضِ الصَّغَائِرِ فَلأدِلَّةٍ، مِنْهَا:

 

‌أ- قَولُهُ تَعَالى: } إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً } النساء: ٣١.

 

‌ب- قَولُهُ تَعَالى: } الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ } النجم: ٣٢، واللَّمَمُ هِيَ صَغَائِرُ الذُّنُوبِ، فَدَلَّ مجمُوعُ هَاتَينِ الآيَتَينِ عَلَى أَنَّ صَغَائِرَ الذُّنُوبِ مُغْتَفَرَةٌ ومَعْفُوٌّ عَنْهَا مَا اجْتُنِبَتِ الكَبَائِرُ ولمْ يُصِرَّ عَلَيهَا صَاحِبُهَا[52]. 

 

أمَّا تَأْثِيرُ الكَبَائِرِ في صِحَّةِ الصِّيَامِ وقَبُولِهِ عِنْدَ اللهِ فَلأدِلَّةٍ أُخْرَى، مِنْهَا: 

 

‌أ- مُنَاقَضَتُهَا للتَّقْوَى الَّتي هِيَ غَايَةُ الصِّيَامِ } لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } البقرة: ١٨٣، ومَنَاطُ قَبُولِهِ } إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } المائدة: ٢٧، فَمَنْ قَارَفَ الكَبَائِرَ في صِيَامِهِ لا يمكِنُ أَنْ يُوصَفَ بِأَنَّهُ مُتَّقٍ بَلْ إِنَّهُ لا شَكَّ عَبْدٌ عَاصِي[53].

 

‌ب- النَّصُّ عَلَى كَبِيرَةِ الغِيبَةِ، والقِيَاسُ لسَائِرِ الكَبَائِرِ عَلَيهَا في قَوْلِ المُبلِّغِ صلى الله عليه وسلم: "الغِيْبَةُ تُفَطِّرُ الصَّائِمَ وتَنْقُضُ الوُضُوءَ"[54]، فَقَدْ قِيسَ عَلَى الغِيبَةِ جمِيعُ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ كَالنَّظَرِ المُحَرَّمِ مُبَاشَرَةً أو بِوَاسِطَةٍ كالنَّظَرِ لِمَا يُعرَضُ مِنَ العَوْرَاتِ في الشَّاشَاتِ والمجَلاَّتِ، ومِثْلُهُ الاسْتِمَاعُ المُحرَّمُ كَالاسْتِمَاعِ إِلى الغِيبَةِ والنَّمِيمَةِ ومَزَامِيرِ الشَّيطَانِ[55]، واللهُ المسْتَعَانُ.

 

‌ج- التَّصْرِيْحُ الصَّحِيحُ في قَولِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ"[56]، وقَولِهِ عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ:" وَلا صَومَ إِلاَّ بِالكَفِّ عَنْ محَارِمِ اللهِ"[57].

 

فمَنْ لمْ يَدَعْ قَولَ الإِثمِ بجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ وأَكْلَ السُّحْتِ بجَمِيعِ أَصْنَافِهِ فَلا يمْكِنُ أَنْ يُوصَفَ بِأَنَّهُ كَفَّ عَنْ محَارِمِ اللهِ بَلْ إِنَّهُ أتَاهَا مِنْ أَوْسَعِ أَبْوَابهَا، في شَهْرٍ تُضَاعَفُ فيهِ السَّيِّئَاتُ كمَا تُضَاعَفُ فِيهِ الحَسَنَاتُ[58]، فَمَا حَالُ لِسَانِ المُشْفِقِ النَّاصِحِ الأَمِينِ إِلا أَنْ يَهْمِسَ لهَذَا المُجْتَرِحِ بِعَقِيرَتِهِ[59] قَائِلاً:  

 

 

يَا ذَا الَّذِي مَا كَفَاهُ الذَّنْبُ في رَجَبٍ *** حَتى عَصَى رَبَّهُ في شَهْرِ شَعْبَانِ

لَقَدْ أَظَلَّكَ شَهْرُ الصَّوْمِ بَعْدَهمَا *** فَلا تُصَيِّرْهُ أَيْضًا شَهْرَ عِصْيَانِ

 

 

{فَائِدَةٌ}: مَنْ سَوَّلَتْ لَهُ نَفْسُهُ الأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ ارْتِكَابَ مَعْصِيَةٍ ممَّا يَنْقُضُ الصِّيَامَ أوْ مَسَّهُ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ فَاقْتَرَفَ العِصْيَانَ، لَكِنَّهُ تَذَكَّرَ في الحَالِ واسْتَغْفَرَ وَلمْ يُصِرَّ عَلَى مَا فَعَلَ فَلا نَقْضَ عَلَيهِ في صِيَامِهِ فَخَيرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ[60]. 

 

{تَنْبِيْهٌ مُهِمٌّ}: يُكْثِرُ بَعْضُ النَّاسِ -هدَانَا اللهُ وإِيَّاهُمْ- مِنَ السُّؤَالِ في شَهْرِ الصِّيَامِ عَنْ جمْلَةٍ مِنَ الأَشْيَاءِ المعْدُودَةِ مِنَ الآثَامِ هَلْ فِعْلُهَا في نهَارِ الصِّيَامِ نَاقِضٌ لَهُ أو لَيْسَ بِنَاقِضٍ؟!!، وهَذَا إِنْ كَانَ مِنْ بَابِ "لِلْعِلْم" أو تَفَقُّهًا في الدِّينِ فَلا حَرَجَ فِيْهِ بَلْ هُوَ مَطْلُوبٌ شَرْعًا. 

 

أمَّا إِنْ كَانَ لأَجْلِ ارْتِكَابِ المحْظُورِ -كمَا يَقْصِدُ البَعْضُ- فَكَلاَّ وأَلْفُ كَلاَّ؛ لأَنَّ المُسْلِمَ يكُفُّ عَنِ المعْصِيَةِ لأَنَّ اللهَ العَظِيمَ حَرَّمَهَا عَلَيهِ، ولمْ يَكُنِ اللهُ لِيُحَرِّمَ مَعْصِيَةً في النَّهَارِ ويُبِيحَهَا في اللَّيلِ، وَلمْ يَكُنْ ليَحْظُرَ خَبِيثًا في رَمَضَانَ ويُبِيحَهُ في غَيرِ رَمَضَانَ، ورَبُّ اللَّيلِ والنَّهَارِ وَاحِدٌ، كَمَا أَنَّ رَبَّ رَمَضَانَ هُوَ رَبُّ شَعْبَانَ وشَوَّالٍ وَرَبُّ سَائِرِ الشُّهُورِ. 

 

فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يجْتَنِبُونَ المعَاصِي في نهَارِ الصِّيَامِ فَإِذَا مَا وَلَّى قَالَ: "هَاتِهَا يَا سَاقِيْ"، فَارْتَكَبَ المحْظُورَ وجَاهَرَ بِالفُجُورِ، ولَيْسَ هَذَا دَيْدَنَ المُؤْمِنِ وشَأْنَهُ أَبَدًا؛ لأَنَّ المُؤْمِنَ لا يخَافُ رَمَضَانَ ولا يَعْبُدُ نهَارَهُ، ولَكِنْ يخَافُ اللهَ ويَعْبُدُ اللهَ، واللهُ حَيٌّ لا يموتُ، نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الخِذْلانِ ومِنْ حَبَائِلِ الشَّيْطَانِ[61]. 

 

 

فَتَاوَى مُخْتَارةٌ

 

- السُّؤَالُ الأَوَّلُ/ هَلْ يجُوزُ الغِنَاءُ في رَمَضَانَ؟

 

الجَوَابُ/ الغِنَاءُ في رَمَضَانَ وغَيرِهِ حَرَامٌ؛ لأَنَّهُ رُقْيَةُ الزِّنَا ومِزْمَارُ الشَّيْطَانِ، واللهُ أعْلَمُ[62].

 

- السُّؤَالُ الثَّاني/ عَرَفْنَا بِأَنَّ الإِسْبَالَ يُفْسِدُ الصَّلاةَ، فَمَا حُكْمُ صَوْمِ وحَجِّ مَنْ يُسْبِلُ مُتَعَمِّدًا؟ 

 

الجَوَابُ/ أمَّا الصِّيَامُ فَإِنْ كَانَ الصَّائِمُ مُصِرًّا عَلَى الإِسْبَالِ في صِيَامِهِ فَلا رَيْبَ أَنَّ صِيَامَهُ بَاطِلٌ؛ لإِصْرَارِهِ عَلَى كَبِيرَةٍ أثْنَاءَ الصَّومِ، وأَمَّا الحَجُّ فَمَنْ أَسْبَلَ في إِحْرَامِهِ فَعَلَيهِ دَمٌ، واللهُ أَعْلَمُ[63].

 

- السُّؤَالُ الثَّالثُ/ مَاذَا عَلَى مَنْ قَصَّرَ لِحْيَتَهُ نهَارَ شَهْرِ رَمَضَانَ؟

 

الجَوَابُ/ مِنْ بَابِ الاحْتِيَاطِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعِيْدَ صِيَامَ يَومِهِ، واللهُ أَعْلَمُ[64].

 

------------------------

 

[20] - الحاكم. المستدرك، كتاب: الأطعمة، رقم الحديث 7214بلفظ قريب.

 

[21] - المعمري، عبد الله بن سعيد. من فقه الصِّيَام ج1 "مادة سمعية"، إنتاج: تسجيلات مشارق الأنوار.

 

[22] - تَعْرِيفٌ مُهِمٌّ/ الجوفُ: هو البطن، ويُلحق به كل مجرى متصل بالبطن.

 

وفي هذا الباب كلام نفيس وملخَّص للشيخ إبراهيم الصوافي -سلمه الله- في كتابه القيم الأدوية الحديثة وأثرها في الصيام أحببت ان أنقله بفصه ونصه لما يشتمل عليه من فوائد وقواعد لا بُدَّ من الإحاطة بها فهما ومعرفة لضبط هذه المسألة، قال:

 

"وعليه فما وصل -مِمَّا يَدخل بدنَ الصَّائم- إلى موضع يمكن أن يستفيد منه الجسم استفادته من الطعام والشراب فهو مفطرٌ ولوْ قلَّ، إلا ما رخص فيه أو في مثله الشارع الحكيم.. ويستوي في ذلك المغذي وغير المغذي عند جمهور أهل العلم، وعلى هذا فيمكن أن نعرف المفطِّر بأنه: ما وصل الدمَ بعد مرحلة الامتصاص، ويُلحق به كل عضو يمتص منه الدم كالمعدة والأمعاء، أمَّا الأعضاء الموصلة إلى المعدة والأمعاء [كالبلعوم والمريء] فهي غير مفطرة لذاتها، وإنما لأنها توصل إليهما، وعلى هذا فإن تيقنا أنَّ ما وضع فيها لا يصل إلى المعدة والأمعاء فلا يُعد مفطرا وإلا فالأصل التفطير بالواصل إليهما، ويستثنى من هذا ما إذا كان قليلا لا يمكن التحرز منه كالداخل عن طريق مسام الجلد.. وإنما اخترنا أن المفطر هو ما وصل الدمَ بعد مرحلة الامتصاص؛ لأن الجسد ينتفع بالواصل إلى الدم انتفاعا مباشرا بحيث توضع فيه الأغذية الجاهزة التي لا تحتاج إلى هضم، و[لذا] لا يمكن أن نقول بأن موضع التفطير هو المعدة وحدها أو المعدة والأمعاء فقط؛ لأن ما يوضع في الدم قد تجاوز مرحلتي المعدة والأمعاء، وينتقل عبر الدم لينتفع به الجسد، كما أنه لا يمكن أن نقول بأن ما وصل إلى الأمعاء غير مفطر؛ وذلك لأن الأمعاء فيها قوة تحليل الدواء والغذاء كما نص على ذلك الأطباء". يُنظر: الصَّوافي، الأدوية الحديثة وأثرها على الصيام ص8، 17- 18.

 

[23] - أو بعبارة أخرى مُغذِّيًا أو غيرَ مُغذٍّ كما يعبر عنه البعض، والمؤدَّى واحد، والاصطلاح لا مشاحة فيه، والحمدلله.

 

[24] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص335.

 

الخَلِيْلِيُّ، فتاوى طبية/ فصلُ أحكامِ صيام المريض لم تُنشر بعد.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 8 رمضان 1427هـ، يوافقه 2/10/2006م.

 

[25] - أي القَولُ بعدمِ البَدَلِ الشاذ هو الذي كان يُعجب الشيخَ إبراهيم لا القول بالبدل كما أبان الشيخ القنوبي -حفظه الله- ذلك في مراجعة الكتاب. يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، قرة العينين ص45، 47.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى إمام السنة والأصول ص99.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 1 رمضان 1423هـ، يوافقه 7/11/2002م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1429هـ، يوافقه 5/9/2008م.

 

المعمري، من فقه الصِّيَام ج1 "مادة سمعية"، إنتاج: تسجيلات مشارق الأنوار.

 

[26] - يقول سماحة الشيخ الخليلي كما في الفتَاوى الطِّبية: "يؤثر ما وصل إلى الجوف، أما ما لم يصل إلى الجوف فلا يؤثر، ولكن من المعلوم أن العين مفضية إلى الجوف فينبغي أن يكون التقطير في حال الاضطرار بقدر ما تكون العين تمتص تلك القطرة ولا تبقى بقية منها لتصل إلى الجوف.. وما لم يتبين له أنه ولج إلى جوفه شيء، فلا نقول بلزوم القضاء عليه، أما إن تبين أنه ولج إلى جوفه شيء فعليه القضاء، ولكن مع هـذا ننصحه ألا يفعل ذلك إلا في الليل فإن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه"ا.هـبتصرف يسير. يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص335.

 

الخَلِيْلِيُّ، فتاوى طبية/ فصلُ أحكامِ صيام المريض لم تُنشر بعد.

 

لقاءٌ مُسَجَّلٌ للكاتب بسماحة المفتي -حفظه الله- بمكتب سماحته، ضحوة الأحد، بتاريخ: 27 ذو القعدة 1430هـ، الموافق: 15/ 11/ 2009م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 17 ربيع الثاني 1425هـ، يوافقه 6/6/2004م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1425هـ، يوافقه 19/10/2004م.

 

[27] - القنوبي، فتوى شفوية من فضيلته على سؤال من قِبَل الشيخ إبراهيم الصوافي. يُنظر:

 

الصَّوافي، الأدوية الحديثة وأثرها على الصيام ص22.

 

الصوافي، كلُّ ما يهمك عن رمضان. "مادة سمعية مطبوعة" ص11.

 

[28]-  يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص308.

 

الخَلِيْلِيُّ، فتاوى طبية/ فصلُ أحكامِ صيام المريض لم تُنشر بعد.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 24 رمضان 1423هـ، يوافقه 30/11/2002م.

 

المعمَريُّ، من فقه الصِّيَام ج1 "مادة سمعية"، إنتاج: تسجيلات مشارق الأنوار.

 

[29]- التحاميلُ: دواء يتناوله المريض عن طريق فتحة الشرج الدُّبر عادةً، وتأخذ في العادة شكل الحبوب الأسطوانية، وتستخدم أكثر ما تستخدم في علاج الأطفال. أما التحاميل التي تُدخل من قُبُل المرأة موضع الحيض فتنقض الصيام؛ وذلك لأن للدم قدرة على امتصاص المواد من قبل المرأة، والعلم عند الله تعالى.

 

[30]-  يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 336.

 

الخَلِيْلِيُّ، فتاوى طبية/ فصلُ أحكامِ صيام المريض لم تُنشر بعد.

 

الجيطالي، قواعد الإسلام ج2 ص86.

 

الصَّوافي، الأدوية الحديثة وأثرها على الصيام ص 18- 19، 74.

 

الصوافي، كلُّ ما يهمك عن رمضان. "مادة سمعية مطبوعة" ص14، 75.

 

[31]-  السالمي، عبد الله بن حميد. معارج الآمال ج5 ص194. طبعة: مكتبة الإمام السالمي الحديثة والمحققة.

 

[32] - السالمي، عبد الله بن حميد. مدارج الكمال ص70.

 

[33] - أنت خبير أن هذا ليس من باب التكليف بالواجب مرتين كما قد يُتوهم، وبيان ذلك أن الاحتياط هنا بالصيام والقضاء أو بالصيام والإطعام معًا؛ لأنا لا ندري أَوَصَلَ الناقضُ إلى الجوف فيجب القضاء فقط كما هو شأن المريض، أمْ لم يصل فيجب الصيام فقط، فكان الاحتياط والخروج من هذا الإشكال بالجمع بين الأمرين -ولهذا نظائر في الفقه كمسألة رضاع الشبهة-، وبالجملة فإن اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً.

 

أما فصل هذه المسألة العصرية الشائكة واعتماد شيء من الآراء فلا بد فيه من الرجوع إلى أهل الاختصاص ومن البيان الواضح من أرباب صنعة الطب؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، يقول فضيلة الشيخ القنوبي -حفظه الله-:"..فإذن لا بُدَّ مِن أن نَرجِع إلى الأطباء؛ لعلّنا نَجِد ما يشْفي ويُمكِن أنْ نَعْتمِدَ عليه بمشيئة الله تبارك وتعالى..إذ إنَّ الأمْرَ دِينٌ ولا يُمكِن أن نُفْتِيَ إلا إذا اعتمَدْنا على ما يُمكِنُ الاعْتِمَادُ علَيه". يُنظر:

 

لقاءٌ مُسَجَّلٌ للكاتب بسماحة المفتي -حفظه الله- بمكتب سماحته، ضحوة الأحد، بتاريخ: 27 ذو القعدة 1430هـ، الموافق: 15/ 11/ 2009م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1428هـ، يوافقه 16/9/2007م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 1 رمضان 1423هـ، يوافقه 7/11/2002م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 6 رمضان 1423هـ، يوافقه 12/11/2002م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 15 رمضان 1424هـ، يوافقه 10/11/2003م.

 

[34]-  يُنظر:

 

الصَّوافي، الأدوية الحديثة وأثرها على الصيام ص22، 85- 86.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 5 رمضان 1425هـ، يوافقه 20/10/2004م.

 

[35] - أي من ناحيَتي التشديد والترخيص. يُنظر:

 

لقاءٌ مُسَجَّلٌ للكاتب بسماحة المفتي -حفظه الله- بمكتب سماحته، ضحوة الأحد، بتاريخ: 27 ذو القعدة 1430هـ، الموافق: 15/ 11/ 2009م.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي ص196- 197.

 

[36]-تَنْبِيْهٌ لُغَوِيٌّ: الكُلَى جمع مفرده كُلْيةٌ -هكذا بالضم- كما ضبطته كتب اللغة ومعاجمها، وبذا تدرك خطأ ما شاع من كسر أولها فيقال:"كِلية"، قال الشاعر:

 

 

لَقَدْ هَزُلَتْ حَتى بَدَا مِنْ هُزَالها *** "كُلاها" وحَتى سَامَهَا كُلُّ مُفْلِسِ

 

 

والكُلْيةُ هي الجهازُ الصغيرُ المعروفُ الذِي يقومُ بتصفية الدَّم ستًّا وثلاثينَ مرَّةً كلَّ يومٍ من غير أن يشعر الإنسان بها إلا حينما يفقدها ولا ينقي دمه حينها إلا معداتٌ كبيرةٌ تحبسه ساعاتٍ طويلةً، نسأل الله أن يلهمنا شكر نعمه ما علمنا منها وما لم نعلم. يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 16 شعبان 1427هـ، يوافقه 10/9/2006م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 2 رمضان 1425هـ، يوافقه 17/10/2004م.

 

الصَّوافي، إبراهيم بن ناصر. الأدوية الحديثة وأثرها على الصيام ص22.

 

[37]-  يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي ص196.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 6 رمضان 1423هـ، يوافقه 12/11/2002م.

 

الصَّوافي، إبراهيم بن ناصر. الأدوية الحديثة وأثرها على الصيام ص72.

 

[38]- يقول -حفظه الله- كما في الفتاوى الطبية: " أمَّا السَّقايةُ فهي مفطرة". يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص338.

 

الخَلِيْلِيُّ، فتاوى طبية/ فصلُ أحكامِ صيام المريض لم تُنشر بعد.

 

الصَّوافي، الأدوية الحديثة وأثرها على الصيام ص 45.

 

المعمري، من فقه الصِّيَام ج1 "مادة سمعية"، إنتاج: تسجيلات مشارق الأنوار.

 

[39]- يقول سماحته -حفظه الله- في الفتاوى المكتوبة: "..وكذلك الإبرة المغذية، وأما إبرة العلاج من غير تغذية فلا تفطر، والله أعلم". يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص338.

 

الخَلِيْلِيُّ، فتاوى طبية/ فصلُ أحكامِ صيام المريض لم تُنشر بعد.

 

لقاءٌ مُسَجَّلٌ للكاتب بسماحة المفتي -حفظه الله- بمكتب سماحته، ضحوة الأحد، بتاريخ: 27 ذو القعدة 1430هـ، الموافق: 15/ 11/ 2009م.

 

[40]- يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، جلسة المراجعة بمكتب فضيلته بتاريخ: 22 ذي الحجة1430هـ ـ 8/12/2009م.

 

الصَّوافي، إبراهيم بن ناصر. الأدوية الحديثة وأثرها على الصيام ص22.

 

[41] - وفي المسْألةِ وجهٌ ثالِثٌ وهو اعْتِبارُ الفَرْقَ بَينَ الإِبْرَةِ العَضَلِيَّةِ، وَالإِبْرَةِ الوَرِيْدِيَّةِ الَّتي تَكُونُ في مَسَالِكِ الدَّمِ، فَقَالَ بِعَدَمِ التَّفْطِيرِ في الأُولى وبِالتَّفْطِيرِ في الثَّانِيَةِ، وبِهِ أَفْتى بَعْضُ العُلمَاءِ، وهو أوَّلُ قَولَيْ شيخِنَا القنُّوبيِّ -حفظه الله-. يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"- حلقةُ: 8 رمضان 1424هـ، يوافقه 3/11/2003م.

 

السالمي، جوهر النظام ج4 ص280.

 

[42]- الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"-، حلقةُ: 26 رمضان 1426هـ، يوافقه 30/10/2005م.

 

[43] - ويجوز: القلْس، بالسكون.

 

يُنظر: ابن منظور. لسان العرب، باب: قَلَسَ.

 

[44] - هذا هو مذهب الجمهور وهو المُعْتمَدُ حتى حكى ابن المنذر فيه الإجماع فقال في كتابه الإجماع: "وأجمعوا على أنه لا شيء على الصائم إذا ذرعه القيء.. وأجمعوا على إبطال صوم من استقاء عامدًا"، وليس في المسألة إجماع إلا أن يكون الخلاف قد حدث بعد عصره، ولله العلم.

 

تَنْبِيْهٌ: وفي هذا المقام اشتهر في الألسنة ولدى الكتاب والمتحدثين رواية تنسب للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وهي :" مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَمَنْ اسْتَقَاءَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ"، وهذه الرواية مع صحة معناها وصواب حكمها بالاتفاق إلا أنها لا تثبت من حيث إسنادها إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما نبه على ذلك فضيلة المحدث القنوبي -أكرمه الله- في فتاواه المتلفزة قائلا: "والقَولُ بِتَضْعِيفِهِ هوَ الأقربُ إِلى الصَّوَابِ، ولكنْ مَعَ ذلكَ فإنّ الحُكمَ لا يَخْتَلفُ عندِي ثبتَ هذَا الحَديثُ أو لَمْ يثبُتْ"، ويقول في موضع آخر: " فكَثيرٌ مِنْ أهلِ العلْمِ يقُولونَ بِعَدمِ ثُبوتِهِ، وهُوَ قولٌ قَوِيٌّ جِدًّا"، فكن حاذرا من نسبة ما لا يصح إلى من لا يصح عنه، وإياكَ وما يُعتذَر منه. يُنظر:

 

ابن المنذر، الإجماع ص15.

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص336.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1421هـ، يوافقه 30/11/2000م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 محرم 1426هـ، يوافقه 13/2/2005م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 11 رمضان 1426هـ، يوافقه 15/10/2005م.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي ص196.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 16 رمضان 1426هـ، يوافقه 20/10/2005م.

 

[45] - تَنْبِيْهٌ مُهِمٌّ: نعم الاستمناء غير جائز بحال من الأحوال، ومَن فعله فهو معتدٍ ومتعدٍّ؛ قَالَ تَعَالى: }وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}29} إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ}30} فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}31}} المعارج: ٢٩ - ٣١، والاستمناء شيء غير الزوجة وملك اليمين، فمن فعله استحق أن يوصف بأنه غير حافظ لفرجه، وأنه ملوم بفعله، ومعتد لأمر ربه.

 

وقد أبعد النجعة وأغرب المقال من أجاز الاستمناء لأجل كسر الشهوة خوفا من الفتنة؛ فهذا إرشاد دون إرشاد النبوة وهدي بخلاف هدي محمد صلى الله عليه وسلم؛ ففي حديث جليل يرويه ابن مسعود رضي الله عنه يرشد فيه النبي صلى الله عليه وسلم معشر الشباب بقوله: " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ"، ولم يرشد من كان في ميعة الشباب وقوة الفتوة وقد خاف على نفسه الفساد أن يلجأ إلى الاستمناء بل أرشدهم إلى ما يكسر هذه الشهوة وهو الزواج أو الصيام، أضف إلى هذا ما يحدثه الاستمناء من أمراض نفسية وعقلية وجسدية قد اتفق عليها الأطباء المختلفون، والله المستعان. يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 23 رمضان 1422هـ، يوافقه 9/12/2001م.

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 10 رمضان 1425هـ، يوافقه 25/10/2004م.

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 14رمضان 1422هـ، يوافقه 30/11/2001م.

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 23 شعبان 1424هـ، يوافقه 19/10/2003م.

[46] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص338، 348.

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص261.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد القنوبي ص206.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 27 رمضان 1425هـ، يوافقه 11/11/2004م.

 

الجيطالي، قواعد الإسلام ج2 ص84.

 

[47] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 21 شوال 1430هـ، يوافقه 11/ 10/ 2009م.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيفية مفرَّغة بمبنى معهد العلوم الشرعية بروي سابقا، صيف1421هـ/2000م، رقم المذكرة 5 ص11.

 

[48] - مسلم، بَاب: تَغْلِيظِ تَحْرِيمِ الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَلَى الصَّائِمِ، رقم الحديث1870.

 

[49] - الصوافي، إبراهيم بن ناصر. كلُّ ما يهمك عن رمضان. "مادة سمعية مطبوعة" ص18.

 

[50] - تَنْبِيْهٌ: اختلف العلماء في المذي، فقيل فيه بالنقض، وقيل: بعدمه، وهو الصحيح كما رأيتَ إلا أن المرء مطالب دائما بالخروج من دائرة الخلاف والنزاع لا سِيَّمَا أنَّ المداعبة والملاطفة حتى الإمذاء تتنافى ومقصدَ الشارع من حبس النفس عن الشهوات والملذات زمان الصيام، ثم إن المرء لا يدري ما تأمره به نفسه وتسوقه إليه بشريته التي زين لها حبُّ الشهوات من النساء، وحاصل المقال في هذا المقام أنَّ السَّلامةَ في الدِّينِ لا يعدلها شيء. يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 8 رمضان 1421هـ، يوافقه 4/12/2000م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 29 ربيع الأول 1426هـ، يوافقه 8/5/2005م.

 

القنوبي، دروس صيف 1425هـ/ يوافقه 2004م. مذكرة خاصة ص19.

 

[51] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص260، 263.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 15 رمضان 1425هـ، يوافقه 30/10/2004م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 1 رمضان 1426هـ، يوافقه 5/10/2005م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 27 محرم 1427هـ، يوافقه 26/2/2006م.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد القنوبي ص195- 196.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيف 1424هـ/ يوافقه 2003م. مذكرة خاصة ص49.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 1 رمضان 1423هـ، يوافقه 7/11/2002م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 25 رمضان 1427هـ، يوافقه 19/10/2006م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 1 محرم 1428هـ، يوافقه 21/01/2007م

 

[52] - ضابط "عَدَمِ الإِصْرَارِ" لغفران المعاصي الصغائر مهم وضروري جدًّا؛ إذ لا صغيرة مع إصرار كما أنه لا كبيرة مع استغفار، وقد أشار إلى ذلك الكتاب العزيز في قوله تعالى:  }وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } آل عمران: ١٣٥، وفي قوله:{ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ } النساء: ١٧، كما أنه يُشترط لتكفير السيئات أن لا يأتيها صاحبها باستخفاف واستهتار؛ لأنها تكون بهذا العمل كبيرة، والعياذ بالله.

 

فَائِدَةٌ: تقسيم المعاصي إلى كبائر وصغائر هو مذهب الجمهور وهو الصحيح، وإلا فقد قيل إن كل معصية هي كبيرة بالنظر إلى المعصِيِّ أمرُهُ، وهو الله العظيم جل جلاله، ومهما يكن فالمعصية تبقى معصية صغيرة كانت أم كبيرة لا يجوز الإقدام عليها لنهي الشارع عنها. يُنظر:

 

 

السالمي، بهجة الأنوار ص143- 146.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 3 رمضان 1425هـ، يوافقه 18/10/2004م.

 

[53] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 1 رمضان 1422هـ، يوافقه 17/11/2001م.

 

فَائِدَةٌ: الأصل في الاسم المنقوص -وهو ما انتهى بياء مكسور ما قبلها- مثل "عاصي" أن تُحذَف ياؤه في حال الرفع والجر إن جاء نكرة، إلا أن إثباتها جائز، يقول ابن عقيل: "فإن لم يكن منصوبا فالمختار الوقف عليه بالحذف.. فتقول: "هذا قاضٍ، ومرَرْتُ بقاضٍ" ويجُوزُ الوقف عَليه بإثبات الياء كقراءة ابن كثير: ولِكُلِّ قَوْمٍ هَادِي". وإنما اخترتُ إثباتها هنا لأنه جرى على لساني تضرُّع الإمام السالمي -غفر الله له- قائلا:

 

 

أَسْتَغْفِرُ اللهَ مِنَ المعَاصِي *** فَإِنَّني لا شَكَّ عَبْدٌ عَاصِي

 

 

يُنظر:

 

ابن عقيل. شرح ابن عقيل ج4 ص172.

 

السالمي، جوهر النظام ج4 ص388.

 

[54] - رواه الربيع، باب: ما يجب منه الوضوء، رقم الحديث 105.

 

تَنْبِيْهٌ: اشتهر في بعض الروايات المذكورة في الكتب الفقهية زيادة "والنَّمِيمَةُ"، والحقيقة أن هذه الزيادة لم ترد في كتب الحديث الأصليةِ التي تروي الأحاديث بأسانيدها المتصلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومنَ المعلوم أنَّ الروايات تُؤخذ مِن كتب الحديث والرواية لا من كتب الفقه التي تورد الأحاديث بلا إسناد.

 

وكذا لا يثبت ما يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنَّ الكَذِبَ والغيبَةَ وَالنمِيمَةَ وَاليَمينَ الفَاجِرَة وَالنظَرَ بِشَهوَةٍ يَنقُضن الْوُضُوء، ويُفطرنَ الصائِمَ، ويَهدِمنَ الأَعمَالَ هَدمًا، ويَسقِينَ أُصولَ الشرِّ"، ولكنْ لا يعني ذلك نفي هذا الحكم عن هذه الكبائر؛ ذلك لأنها مقيسةٌ على الغيبة أوَّلا، ولأنها داخلة في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا صوم إلا بالكف عن محارم الله" ثانيًا. يُنظر:

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى إمام السنة والأصول ص89- 90.

 

القنُّوْبيُّ، "فتاوى سناو 1"، مادة سمعية، اللجنة الثقافية بمعهد العلوم الشرعية، أو مكتبة مسجد جامعة السلطان قابوس.

 

القنُّوْبيُّ، دروس صيفية مفرَّغة بمبنى معهد العلوم الشرعية سابقا بروي، صيف1421هـ/2000م، مذكرة رقم6 ص3.

 

[55]- وناهيك في هذا ما رواه الإمام الحافظ الحجة الربيع بن حبيب -رحمه "- بإسناده إلى حَبْرِ الأُمَّةِ وترجمان القرآن ابنِ عباس أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة، صوت مزمار عند نعمة، وصوت مرنة عند مصيبة"، وفسَّرَ الربيع -رَحِمَهُ اللهُ- صوت المزمار بصوت المغنية، وعززت روايتَه هذه رواياتٌ شتى جاءت من طرق شتى عن اثني عشر صحابيا، منها حديث البخاري "حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَشْعَرِيُّ: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لَيَكُونَنَّ مِن أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ.." البخاري/معلقا ....إلخ.

 

للمزيد يُنظر: جوابٌ مطوَّلٌ لسماحة المفتي -حفظه "- حول مسألة اللحية والموسيقى، فإن فيه شفاء العليل، ودواء السقيم.

 

[56] - البخاري، بَاب: مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فِي الصَّوْمِ، رقم الحديث 1770.

 

[57] - الربيع، باب: في آداب الوضوء وفرضه، رقم الحديث92.

 

[58]- الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 30شعبان 1427هـ، يوافقه 24/9/2006م.

 

[59]- بعقيرته: أي بصوته.

 

[60] - الكندي، ماجد بن محمد. دروس في فقه العبادات، صيف 1423هـ/ يوافقه 2002م. مذكرة خاصة ص22.

 

[61] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص314.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 28 رمضان 1429هـ، يوافقه 29/9/2008م.

 

[62] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. الفتاوى ج1 ص337.

 

[63] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. الفتاوى ج1 ص337.

 

[64] - الخَلِيْلِيُّ، أَحمَدُ بنُ حمَدٍ. الفتاوى ج1 ص338.

------------------------------------------------

فَصْلٌ

 

في مَسَائِلَ وتَنبِيْهَاتٍ مُهِمَّةٍ

 

{المَسْأَلَةُ الأُوْلى}: يخرُجُ بِقَيْدِ "إِدْخَالُ" في القَاعِدَةِ الأُولى "إِدْخَالُ دَاخِلٍ" أَمْرَانِ اثْنَانِ: 

 

أوَّلاً/ مَا لا يمكِنُ الاحْتِرَازُ مِنْهُ: مِمَّا يَلِجُ إِلى الجَوفِ مِنْ غَيرِ قَصْدٍ، كمَا لَوْ دَخَلَتْ ذُبَابَةٌ في الحَلْقِ، أوْ وَصَلَ إِلى الجَوْفِ غُبَارٌ أو دَقِيْقٌ أو دَمٌ بغَيرِ اخْتِيَارٍ، فَهَذَا مَعْفُوٌّ عَنْهُ في الشَّرْعِ ولا يَنْقُضُ الصِّيَامَ، عَمَلاً بِالقَاعِدَةِ الفِقْهِيَّةِ " الشَّيْءُ إذَا ضَاقَ اتَّسَعَ"، وَصَدَقَ القَائِلُ: } لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا } الطلاق: ٧ [65]. 

 

ثانيًا/ النِّسْيَانُ: فَلا شَيْءَ عَلَى مَنْ نَسِيَ فَأَكَلَ أوْ شَرِبَ عَلَى الصَّحِيحِ الرَّاجِحِ؛ لِدَلالَةِ حَدِيثِ " مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ"[66]، يقُولُ الشَّيْخُ الخَلِيلِيُّ -رَعَاهُ اللهُ-: " هَذَا هُوَ القَولُ الـمُعَوَّلُ عَلَيْهِ"[67]. 

 

{المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ}: اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فيمَنْ جَامَعَ زَوْجَتَهُ نَاسِيًا -مَعَ بُعْدِ هَذَا الأَمْرِ عَادَةً إِلا أَنَّ العَقْلَ لا يُحِيْلُ وقُوعَهُ-، فَقِيْلَ: بِوُجُوبِ قَضَاءِ ذَلِكَ اليَومِ عَلَى الاثْنَينِ، وقِيْلَ: لا؛ قِيَاسًا عَلَى مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ "..وَهُوَ الصَّوَابُ" كمَا يَقُولُ عَلاَّمَةُ المعْقُولِ والمنْقُولِ عَافَاهُ اللهُ-[68]. 

 

{المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ}: مَن بَالَغَ في المضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ نهَارَ الصَّومِ عالِمًا بِكَرَاهَةِ هَذَا الفِعْلِ حَتى وَلجَ شَيْءٌ مِنَ الماءِ إِلى جَوفِهِ فَعَلَيهِ أَنْ يُمْسِكَ يَومَه ثمَّ يَقْضِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ[69].

 

أمَّا مَنْ تمضْمَضَ أوِ اسْتَنْشَقَ مِنْ غَيرِ مُبَالَغَةٍ فَدَخَلَ شَيْءٌ مِنَ المَاءِ إِلى جَوْفِهِ مِنْ غَيرِ عَمْدٍ فَلا تَثْرِيْبَ عَلَيهِ إِطْلاقًا، وقِيْلَ بِشُرُوطٍ ثَلاثَةٍ، وهِيَ: أَنْ يَكُونَ هَذَا في وُضُوءِ فَرِيضَةٍ، وبَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا، ولمْ يجَاوِزِ المرَّةَ الثَّالِثَةَ. 

 

ولَكِنْ لا دَلِيلَ عَلَى هَذَا الاشْتِرَاطِ، فَالأَوَّلُ أَوْلى، والإِطْلاقُ أَسْعَدُ في هَذِهِ القَضِيَّةِ، وللهِ الحَمْدُ وَالمنَّةُ[70]. 

 

{المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ}: اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ في حُكْمِ الحِجَامَةِ في الصِّيَامِ؛ لِتَعَارُضِ الأَدِلَّةِ في القَضِيَّةِ، وذَلِكَ بمجِيءِ مَا يَدُلُّ عَلَى نَقْضِهَا لَهُ كَحَدِيثِ " أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ"[71]، وَمجِيءِ مَا يُعَارِضُهُ،  وهُوَ أَنَّ المصْطَفَى صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ[72]، والحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ، إِلا أَنَّ المُعْتمَدَ في هَذِهِ المسْأَلَةِ عِنْدَ الشَّيخَينِ الخَلِيْلِيِّ والقَنُّوبيِّ -حَفِظَهُمَا اللهُ- هُوَ القَولُ بجَوَازِ الحِجَامَةِ؛ لأَنَّ حَدِيثَ النَّهْيِ محْمُولٌ عَلَى النَّسْخِ، واحْتِجَامُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم جَاءَ مُتَأَخِّرًا عَلَى ذَلِكَ النَّهْيِ المُتَقَدِّمِ. 

 

وعَلَيهِ فيُبَاحُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ التَّبرُّعِ بِالدَّمِ، وفَحْصِهِ، وقَلْعِ الأَسْنَانِ نهَارَ الصِّيَامِ، وإِنْ كَانَ الأَوْلى تَأْخِيرُهُ إِلى لَيلِهِ خُرُوجًا مِنَ الخِلافِ، وخَشْيَةَ ضَعْفِ الصَّائمِ بِهِ، واللهُ أعْلَمُ[73]. 

 

{المَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ}: مَنْ فَسَدَ صَومُهُ مِنْ غَيرِ عُذْرٍ، بِأَيِّ سَبَبٍ مِنَ الأَسْبَابِ المُتَقَدِّمَةِ، فَعَلَيهِ الإِمْسَاكُ بَقِيَّةَ يَومِهِ، ولا يجُوزُ لَهُ الأَكْلُ والشُّرْبُ ومُوَاصَلةُ الإِفْطَارِ بحُجَّةِ أَنَّ صِيَامَهُ لِذَلِكَ اليَومِ قَدِ  انْتَقَضَ وأَنَّهُ سَيَقْضِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ، بَلْ إِنَّهُ إذَا أَكَلَ أو شَرِبَ أو وَاصَلَ إِفْطَارَهُ فهُوَ آثِمٌ بِهَذِهِ  الزِّيَادَةِ زِيَادَةً عَلَى إِثْمِهِ السَّابِقِ. 

 

أمَّا مَنْ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ مِنْ سَفَرٍ أوْ مَرَضٍ أوْ غَيرِهِ فَلا حَرَجَ عَلَيهِ إِنْ وَاصَلَ في فِطْرِهِ، ولْيَسْأَلِ اللهَ الرِّضَى في يَوْمِهِ وشَهْرِهِ[74].

 

{المَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ}: المعْصِيَةُ تُؤَثِّرُ في الصِّيَامِ إذَا قَارَفَهَا صَاحِبُهَا مُتَعَمِّدًا مَعَ عِلْمِهِ بِكَونها مَعْصِيَةً، أَمَّا مَنْ وَقَعَ فِيْهَا مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ بِأَنها مَعْصِيَةٌ -أيْ جَاهِلاً بحُكْمِهَا- فَلا نَقْضَ عَلَيهِ في صِيَامِهِ،  وإِنْ كَانَ لا يُعْفَى مِنْ إِثم العِصْيَانِ، ووُجُوبِ طَلَبِ التَّوْبَةِ والغُفْرَانِ؛ فَإِنَّهُ لا شَكَّ عَبْدٌ عَاصِي[75].   

 

{المَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ}: الكَفَّارَةُ المُغَلَّظَةُ تجِبُ فيمَا أُجمِعَ عَلَى أنهُ نَاقضٌ للصِّيامِ كالأكلِ والشُّربِ والجِمَاعِ، لا فِيمَا اختُلِفَ فيهِ، ومَا عَدَا ذَلِكَ مِنَ المعَاصِي فتُدْرَأُ عَنْهَا الكَفَّارةُ لشُبْهَةِ الخِلافِ، وَلكِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ[76]. 

 

&& خُلاصَةٌ

 

يَقُولُ الإِمَامُ السَّالِمِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- في مدَارِجِ الكَمَالِ ملخِّصًا

 

 

وكلُّ مَا يَدخُلُ في الجَوفِ عَلَى*** تَعَمُّدٍ يُفْسِدُهُ فَاحْتَفِلا

وكُلُّ مَا يخرُجُ عَمْدًا كَالمنيْ *** وَالقَيْءِ لا إِنْ خَرَجَا فَلْتَفْطِنِ

كَذَا جِمَاعٌ و ارْتِدَادٌ بَعْدَمَا *** أَسْلَمَ فَالإِيمَانُ شَرْطٌ حُتِمَا[77]

 

 

------------------------

 

[65] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص341، 343.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 27 رمضان 1427هـ، يوافقه 21/10/2006م.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1428هـ، يوافقه 16/9/2007م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1429هـ، يوافقه 5/9/2008م.

 

الصوافي، إبراهيم بن ناصر. كل ما يهمك عن رمضان. "مادة سمعية مطبوعة" ص10.

ابن المنذر، الإجماع ص16.

[66] - مسلم، باب: أَكْلُ النَّاسِي وَشُرْبُهُ وَجِمَاعُهُ لَا يُفْطِرُ، رقم الحديث 1952.

 

[67] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 2رمضان 1422هـ، يوافقه 18/11/2001م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 13 رمضان 1424هـ، يوافقه 8/11/2003م.

 

[68]- القنُّوْبيُّ، سَعِيدُ بنُ مَبرُوكٍ. برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"- تلفزيون سلطنة عمان، حلقةُ: 14 رمضان 1422هـ، يوافقه 30/11/2001م.

 

[69]- القنُّوْبيُّ، سَعِيدُ بنُ مَبرُوكٍ. دروس صيف 1422هـ/2001م، "مذكرة خاصة" ص29.

 

[70]-يُنظر:

 

الخليلي، الفتاوى ج1 ص352.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 13 رمضان 1424هـ، يوافقه 8/11/2003م.

 

المعمري، من فقه الصِّيَام ج1 "مادة سمعية"، إنتاج: تسجيلات مشارق الأنوار.

 

[71] - أبو داود، باب: في الصائم يحتجم، رقم الحديث 2023.

 

[72] - البخاري، بَاب: الْحِجَامَةِ وَالْقَيْءِ لِلصَّائِمِ، رقم الحديث 1802.

 

[73] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، فتاوى طبية/ فصلُ أحكامِ صيام المريض لم تُنشر بعد.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 15 رمضان 1425هـ، يوافقه 30/10/2004م.

 

القنُّوْبيُّ، بحوث ورسائل وفتاوى/ القسم الخامس ص46.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد القنوبي ص195- 196.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 6 رمضان 1423هـ، يوافقه 12/11/2002م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ:9رمضان 1429هـ، يوافقه 10/9/2008م.

 

[74]- يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، المرأة تسأل والمفتي يجيب ج1 ص264، 272.

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي ص196.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 12 رمضان 1422هـ، يوافقه 28/11/2001م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 4 رمضان 1427هـ، يوافقه 18/10/2006م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 3 رمضان 1429هـ، يوافقه 4/9/2008م.

 

[75] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 10 رمضان 1430هـ، 31/ 8/ 2009م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 3 رمضان 1429هـ، يوافقه 4/9/2008م.

 

[76] - يُنظر:

 

الخَلِيْلِيُّ، الفتاوى ج1 ص337.

 

الخَلِيْلِيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقة: 4 من رمضان1424هـ، يوافقه 30/10/2003م.

 

القنُّوْبيُّ، فتاوى فضيلة الشيخ سعيد القنوبي ص206.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 27 رمضان 1425هـ، يوافقه 11/11/2004م.

 

القنُّوْبيُّ، برنامجُ: "سُؤَالُ أَهْلِ الذِّكْرِ"، حلقةُ: 16 رمضان 1426هـ، يوافقه 20/10/2005م.

 

[77] - السَّالِمِي، عبد الله بن حميد. مدارج الكمال ص 70.