أول حلقة من سؤال أهل الذكر لغرة رمضان 1422

 

السؤال(1)

إذا كانت عملية غسيل الكلى عن طريق الأوردة حيث يتم إدخال بيكربونات الصوديوم وبعض الأملاح ويضاف له أحيانا جلوكوز ويمرر هذا عن طريق الأوردة ومهمته تنقية الدم ثم إخراجه هل في هذه الحالة هذه العملية تضر الصوم؟وإذا أراد المسلم أن يصوم له ذلك؟

 

الجواب:

أولا قبل كل شيء هل يتسرب شيء من ذلك إلى الجوف أو لا فإن ، كان يتسرب شيء من ذلك إلى الجوف فإنه ناقض للصيام وإلا فلا ولكن نظرا إلى أن المريض بالكلى هو مريض من ناحية ثم هو بحاجة إلى العلاج من ناحية ثانية فنحن نختار له تفاديا لهذا المر أن يأخذ برخصة الله تعالى للمريض في ذلك اليوم أي اليوم الذي تقوم فيه هذه العملية وأن يفطر ثم يقضي بعد ذلك يوما مكان هذا اليوم.

 

السؤال(2)

هل يصح للمرأة أن تصلي صلاة التراويح في بيتها؟

 

الجواب:

لا مانع في ذلك.

 

السؤال (3)

ما أهمية صلاة التراويح للمرأة؟

 

الجواب:

على أي حال المرأة كالرجل مطالبة بأداء الفريضة ومأمورة أن تتقرب إلى الله تعالى بالنوافل حسب استطاعتها.

 

السؤال (4)

نلاحظ بأن المساجد تكتظ في شهر رمضان الكريم وفي نهاية الشهر تفرغ أو ربما يقل فيها المصلون فهل لكم أن تتحدثوا في علاج هذه الظاهرة؟

 

الجواب:

مما يؤسف له أن يهتم الناس بالصلاة خلال شهر رمضان المبارك وتفثر هذه الهمة والعزيمة فيما بعد ذلك مع أن المعبود في رمضان هو المعبود في غيره ويجب له العبادة في غير رمضان كما تجب له العبادة في شهر رمضان على أن الكثير من الناس قد يهتمون بقيام رمضان أكثر مما يهتمون بالفرض وهذا أيضا أمر غير سديد لأن الاهتمام بالفرض أولى والاهتمام بالفرض لا في شهر رمضان وحده بل في شهر رمضان وفي غيره من سائر الشهور دائما يتقبل الله من المتقين ومن أخل بفرائض الله فليس من المتقين ولا يفيد الإنسان أن يعتني بالنوافل مع إخلاله للفرائض والله تعالى أعلم

 

 

 

السؤال (5)

عن امرأة تأتيها العادة أو الدورة وتزيد عن الأيام المعتادة لها وفي بعض الأحيان تصل إلى عشرة أيام وقد تتجاوز إلى أربعة عشر يوما ومع ذلك تأخذ العلاج لمكافحة هذه الزيادة فما حكم صيامها؟

 

الجواب:

أولا قبل كل شيء يجب على المرأة بقدر استطاعتها أن تعرف ميقات حيضها وطهرها فإن ضبط الضابط واجبه عليها وبمقدار هذا الضبط تستطيع أن العبادات لو ما عرض لها عارض من استحاضة فإنها بضبطها أوقات حيضها المعتادة وضبطها أوقات طهرها المعتادة تتمكن من رد كل شيء إلى أصلة ومن ناحية أخرى أيضا تؤمر المرأة أن تفرق بين الدماء الثلاثة بين دم الحيض ودم النفاس ودم الإستحاضة وكذلك المرأة عليها أن تعرف أقل مدة الحيض وأكثر مدة الحيض فأقل مدة الحيض على ما دل عليه الحديث حديث أنس عند الإمام الربيع هو ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام وإن كانت هناك أقوال أخرى منهم من قال أقله يوم وليلة وأكثرة خمسة عشر ومنهم من قال أقله دفعة ومنهم من قال أقله يومان ومنهم من قال أكثره سبعة عشر ولكن هذا الذي دل عليه الحديث أما أصحاب القوال الأخرى فإنهم جعلوا الحديث دال على الحالة الغالبة في طبائع النساء من غير حصر ولكن مع هذا كله نحن نسمع من الأطباء وهم ذو خبرة في هذا المجال أن الحيض لا يقل عن ثلاثة أيام ولا يزيد عن عشرة أيام كما جاء الحديث هذا ما سمعته من أكثر من طبيب زمن هؤلاء الأطباء الدكتور محمد على البار الذي هو من كبار الأطباء في المملكة العربية السعودية وله بيان وتفصيل فيما يتعلق بهذا الجانب فيما سمعته منه فلذلك ما دامت الأيام لم تتجاوز العشرة الأيام وهي لم تكن لها عادة مستقرة سابقا عليها في خلال العشر أن تجعل الدم جميعا دم حيض وهذا إن كان هذا الدم بدأ بالسواد بحيث تكون فيه صفات دم الحيض مما يجب على المرأة أيضا أن تعرف دم الحيض لأن دم الحيض أسود غليظ له رائحة بخلاف دم الإستحاضة دم أحمر رقيق وقد يميل أحيانا إلى الصفرة وليس له رائحة دم الحيض فلما كان الحيض متميزا بهذه الصفات بإمكانها أن تميز بين دم الحيض وبين دم الإستحاضة إلا أن الدم إن جاء في ميقاته أو إذا جاء إلى المرأة بحيث أمكن أن تجعله للحيض وكأن دما أسودا إذا جاء من بعد الدم الحمر فإنها تجعله في حكم دم الحيض إلا إذا خرج عن الأوقات المعتادة فإن هناك لا تعطيه للحيض وتجعله استحاضة أما إن كان في الوقت المعتاد بحيث لا تتجاوز أيام عادتها فإن حكمه حكم ما قبلة لأن الصفرة والكدرة والترية وسائر التوابع تجعلها المرأة تابعة للدم ففي الحديث عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (لا تطهر المرأة من حيضها حتى ترى القصة البيضاء ) وحديث أم عطية (كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئا) أي لا نعد للصفرة والكدرة شيئا زائدا على ما سبقه فالصفرة تعطى حكم ما سبقها فإن كانت مسبوقة بدم فهي حيض وإن كانت مسبوقة بطهر فهي طهر وكذلك جمع التوابع لها هذا الحكم فإذا هذه المرأة عليها أن تضبط أوقاتها أولا والدم في خلال هذه الأيام العشر إن لم تكن لها عادة مستقرة بأيام معلومة تجعله دم حيض ولا تجعله دم استحاضة أما إن خرج عن الأيام العشر وتجاوز أيامها المعتادة وتجاوز أيام الانتظار التي تؤمر المرأة أن تنتظر فيها فتجعله عندئذ دم استحاضة فإذا كان الدم جاوز عشرة أيام إلى أربعة عشرة يوما فعلى القول الراجح الذي دل عليه الحديث وأيده الطب الحديث هو دم استحاضة وفي خلال دم الإستحاضة تؤمر أن تغتسل وتؤمر أيضا أن تصوم إن كانت في فترة الصيام والله تعالى أعلم

 

السؤال (6)

إذا كانت الجدة وصلت مرحلة من العمر لا تستطيع معها الصيام وولدها يسكن عنها بعيدا بمسافة ست ساعات بالسيارة هل يجوز أن يطعم عنها وهو بعيد عنها؟

الجواب:

لا مانع من ذلك سواء أطعم عنها في المكان الذي هي فيه أو في المكان الذي هو فيه والله تعالى أعلم.

 

السؤال (7)

ما هو حكم الاستياك بالمعجون في نهار رمضان؟

 

الجواب:

أولا الاستياك العلماء اختلفوا فيه لأن عددا كبيرا من العلماء كرهوا السواك في نهار الصيام منهم من كرهه من أول النهار إلى آخره ومنهم من كرهه بعد الزوال ومنهم من كرهه للرطب دون اليابس وهؤلاء الذين قالوا بالكراهه استندوا إلى حديث لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وقالوا لأن المستاك عندما يستاك يقضي على الخلوف مع أنه ينبغي له أن يحرص على استبقائه حتى يزول وزواله مكروه لما كان بقاؤه مستحبا وهناك رأي آخر قاله أيضا عدد كبير من العلماء وهو أن السواك لا يمنع منه الصائم سواء كان في أول النهار أو في وسطه أو في آخره ومن غير كراهة وهذا القول استدل له بروايات متعددة منها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (لولا أشق على أمتي لأمرهم بالسواك عند كل صلاة وعند كل وضوء)وهذا يعني سواء في حالة الصيام أو في غير حالة الصيام ومنها رواية لبعض الصحابة رضي الله عنهم : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستاك بالرطب واليابس مالا أحصي وإلى غير ذلك من الدلة التي استدلوا بها وهذا هو أقوى حلية لأن حديث الخلوف لا يدل على ملأ السواك لا من قريب ولا من بعيد إذ لم يتعرض لذلك قط وإنما غاية ما فيه أن الصيام هو محبوب وكل ما يترتب عليه فهو محبوب فالخلوف الذي يكرهه الصائم هو أطيب عند الله تعالى من ريح المسك هذا الطيب لا لذات الخلوف ولكن من أجل الصيام فالطيب إذا طيب الصيام هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن السواك لا يقضي على الخلوف فلذلك لا ترى التمسك بهذا الدليل وترك الأدلة الصريحة الظاهرة فحديث أبي هريرة رضي الله عنه (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة وعند كل وضوء) عموم الحديث يدل على أن السواك مستحب على أي حال في جميع الأوقات عند كل صلاة وعند كل وضوء بما في ذلك وقت الصوم إذ لم يخص وقت الصوم والعام يجري على عمومة ما لم يرد مخصص يخصصه أما بالنسبة للمعجون فإنه لا يؤمن أن يتسرب من هذا المعجون شيء إلى الحلق فلذلك من الأحوط للصائم أن يتجنب السواك بالمعجون وأن يقتصر على السواك بالمسواك المعتاد فحسب والله تعالى أعلم

السؤال (8)

عندها أخ في هولندا وعندهم مشكله في تحديد الإفطار لا يدرون متى يأتي وقت الإفطار لعل الساعات هناك تكون طويلة من طلوع الشمس إلى غروبها أو النهار قصير لكن هناك أيضا أشخاص آخرين من دول الخليج كل واحد يفطر على دولته ما هو حل هذه القضية؟

 

الجواب:

أنا أعجب من هذه الحالة فإن هولندا إنما هي في أوروبا والفصل الآن قريب من الشتاء ومن عادة الأيام في فصل الشتاء أن يكون نهارها قصيرا لا سيما في تلك المناطق الشمالية فأي مشكلة في هذا كيف لا يصومون حتى تغرب الشمس عندهم فإن الله تعالى ناط الإفطار بغروب الشمس بالليل والليل إنما يتحقق بغروب الشمس (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر حتى أتموا الصيام إلى الليل) أما أولئك الذين يفطرون بحسب التوقيت في بلادهم وهم في بلاد أخرى فهم قد انغمسوا في الجهل حتى غرقوا إلى الأذقان كيف يكون الصيام بحسب ساعات النهار في بلدهم وهم في بلد أخرى هم ليسوا متعبدين بحسب البلدان التي هم منتمون إليها وإنما هم متعبدون بحسب الأوقات في البلد الذي هم فيه أرأيتم صلاة الظهر متى يصلونها هل يصلونها في وقت الصباح هنالك لأن ذلك هو وقت الظهر في بلدهم وكذلك صلاة العصر هل يصلونها في ما قبل وقت الظهر مثلا وكذلك صلاة المغرب هل يصلونها قبل وقت العصر أو وقت الظهر هذا أمر غريب ما بال هؤلاء الناس يتصرفون هذا التصرف مع أن الله تبارك وتعالى ناط الصيام بطلوع الفجر وناط الإفطار بإقبال الليل وإقبال الليل إنما هو بغروب الشمس فعليهم أن يمسكوا عن الطعام عند طلوع الفجر وعليهم أن يفطروا عند غروب الشمس وأن لا يلتفتوا إلى الحالة التي في بلادهم فإنهم في بلد آخر هم عليهم أن يتكيفوا في واجباتهم بحسب الأوقات في ذلك البلد الذي هم فيه وعليهم إن لم يكونوا قادرين على التحكم في معرفة الوقت أن يلجأوا إلى الخبراء الفلكيين فإن الخبراء الفلكيين بإمكانهم أن يحددوا لهم وقت غروب الشمس بدقة ومن خلال ذلك يتمكنوا من الإفطار في الوقت للذي أباح الله تعالى فيه الإفطار أما الذي يفطر قبل غروب الشمس فهو مفطر في النهار ومن أفطر في النهار فقد هدم صومه

 

السؤال (9)

حكم الغيبة هل تؤثر على الصائم؟

 

الجواب:

جاء في الحديث عن رسول الله صلى عليه وسلم : (الصيام جنة) وفي بعض الروايات (الصيام جنة عن الغيبة) وقد جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في المسند الصحيح مسند الإمام الربيع بن حبيب رحمه الله (الغيبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم) وهذا الذي نعمل به هذا الذي تأخذ به وهو يعتضد بالروايات الأخرى من بينها رواية أبي هريرة رضي الله عنه عن الإمام البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجه في أن يدع طعامه وشرابه) فهذا المغتاب على أي حال عليه أن يعيد يومه وتسقط عنه الكفارة والله تعالى أعلم .

 

السؤال (10)

في شهر رمضان الكريم الإنسان يحاول أن يكثر من العبادة فيه لكنة قد يذهب إلى مكان من أماكن العبادة فسمع عن وجود مرض هناك أو أخبار في الحقيقة غير مؤكدة أو مؤكدة ما الحكم أو ما نصيحتكم ؟

 

الجواب :

على أي حال المعبود موجود في كل مكان والله تعالى لم يكلف عباده شططا وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :"إذا سمعتم بهذا الوباء في الأرض فلا تدخلوها " هكذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل أحد أرضا سمع بأن فيها شي من الوباء وليعبد الله تعالى ولتقرب إليه في بلده ومن بين القربات الصدقات فليتصدق بما كان سينفقه في سفره لو سافر والله تعالى الموفق .

 

السؤال (11)

عن صلاة التراويح بالنسبة للمرأة ؟

 

الجواب :

المرأة ينبغي أن تكون لها صله بالله تعالى من خلال صلوات النوافل كالرجل فالمرأة هي متعبدة كما أن الرجل متعبد فصلاة التراويح ليست محصورة في الرجال وكذلك صلاة التهجد وهى التي تكون بعد منتصف الليل وخصوصا بعد الليل الأخير هذه الصلاة ينبغي على الرجل والمرأة أن يحرصا عليها .

 

السؤال (12)

هل هناك نوافل مستحبة ؟

 

الجواب :

هذه النوافل كلها من يملك النوافل الزيادة على الفرائض والسنن الرواتب وكذلك التهجد في جنح الليل وصلاة الضحى وغيرها من الصلوات المرأة فيها كالرجل .

 

السؤال (13)

ما هو الصاع وكم مقداره؟

 

الجواب:

الصاع هو مكيال والمكيال يختلف باختلاف الأشياء المكيلة قد يكون بعضها أثقل من بعض أما بالنسبة للعرس يقدر الصاع بنحو كيلويين وثمانين جراما ونحن قلنا النصف صاع فإن الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن المسكين يطعم نصف صاع في الفدية إذا حلق الإنسان رأسه ونحن قلنا بقياس بقية الإطعام على هذا الإطعام لأجل أن الأنه واحدة إذ المقصود الإطعام أما بالنسبة إلى إخراج القيمة فالقيمة لا يمكن أن تحدد بين بلد وآخر فقد يكون الطعام في بعض الأزمان أقل قيمة وفي أخرى أكثر قيمة فلذلك لا يمكن أن نحدد القيمة بمقدار معين

 

السؤال (14)

عن ذكر الله تعالى في مكان الاستنجاء.وما الداعي إلى الذكر وهل هناك دعاء بالاستنجاء ؟

 

الجواب:

ليس هناك دعاء فإن كان يعني بذلك النية فالنية إنما هي القصد بالقلب وليست تلفظا باللسان وليس هنالك داع للتحدث باللسان.

 

السؤال (15)

عن المعاصي وتأثيرها في الصوم؟

 

الجواب:

على أي حال نحن قلنا بأن الكبائر والكبائر ما ورد عليها وعيد المعاصي فالكبائر بناء على حديث النبي صلى الله عليه وسلم (لا صوم إلا بالكف عن محارم الله) وقوله (من لم يدع قول الزور والعمل به ) فالكبائر تبين نقضها للصيام وقوله تعالى (لعلكم تتقون) أما الصغائر فلا نقوى على القول بأنها ناقضة والله تعالى أعلم.

 

السؤال (16)

لدينا رجل معوق ومتخلف عقليا فهل يجوز لزوجة أبية أن تنكشف عليه عند استحمامه علما أن والده غير موجود في المنزل بصفة دائمة فهل يبطل صومها؟

 

الجواب:

لا بطلان للصوم لذلك وليس عليها حرج إن لم تجد من يقوم بشأنه وإنما تتفادى النظر إلى عورته بقدر استطاعتها.

 

السؤال (17)

هل يجوز في شهر رمضان أن تقوم الخادمة غير مسلمة بطهي الطعام؟

 

الجواب: الطعام يختلف بين رمضان وغير رمضان ولكن ينبغي للأنسان أن يأكل طعام المسلمين لا طعام غيرهم وإنما أبيح طعام الذين أوتوا الكتاب لأن رطوباتهم غير مؤثرة.

 

السؤال (18)

هل يلزم الإنسان أن يقوم للسحور؟

 

الجواب:

السحور من السنة وهو بركة ومن تركه لا يؤثر ذلك على صيامه.

 

السؤال (19)

هل يجوز الإفطار لأذان التلفاز؟

 

الجواب:

على أي حال الإفطار إنما يكون يتحقق الغروب فإذا غربت الشمس وتحقق من الغروب فالإنسان يباح له الإفطار في ذلك الوقت سواء أذن المؤذن أم لم يؤذن أما بالنسبة إلى التلفاز هل هنالك ضبطا للوقت في الآذان الذي يبث في التلفاز ثم من ناحية أخرى لابد من اعتبار الفارق بين الوقت فقد يكون هنالك فارق مثلا بين مسقط وصلالة بالسلطنة فارق كبير جدا قد يتقدم الآذان في مسقط خصوصا في أوقات الشتاء أكثر من نصف ساعة عنه في صلالة فينبغي أن ينظر في ذلك وأن لا يغير الإنسان بالآذان الذي يبث في التلفاز من غير أن يعتبر الفارق في التوقيت بين منطقة وأخرى

 

السؤال (20)

كنت قد اتفقت مع مقاول لبناء منزل لي وكان الاتفاق هو أن أدفع له مبلغا مقسطا شهريا وعلى أن يبدأ البناء بعد انتهاء نصف التكلفة ولكن بعد اكتمال الشرط لم نتفق وطالبت منه استرجاع مبالغي ولكنه أخبرني بـأنه لا يوجد لدية الآن وسوف يردها لي على دفعات .هل الزكاة على هذه الأموال واجبة؟ وإذا كان الجواب نعم فعلى من تجب؟

 

الجواب:

فقول السائل لم نتفق كلام غامض وله أكثر من معنى محتمل فإذا كان قصده بذلك أن العقد الذي كان مبرما بينهما أنهياه على أن يستبدل هو مقاول آخر بدلا من المقاول الأول بحيث كان كل واحد من المتعاقدين في حل من هذه العقدة التي كانت بينهما من قبل فلا ريب أن هذا دين واجب على المقاول وإن كان وصل إليه شيء من المبلغ وأصبح هذا الدين في ذمته وهو دين حال والدين الحال كما ذكرنا أكثر من مرة يجب أن يزكي من قبل الدائن بشرط أن يكون المدين وفيا فإن كان كذلك فتجب تزكيته على الدائن وإلا فلا حتى يتمكن من استفائه والله تعالى أعلم.

 

السؤال (21)

تشتكي من خروج الدم من بين أضراسها باستمرار وعندما تنام يتسرب شيئا منه إلى حلقها مما تضطر إلى عدم النوم في نهار رمضان فما حكمها؟

 

الجواب:

لا عليها أن تنام ولا يلزم أن يكون هذا الدم يتسرب إلى الحلق عندما تنام فقد يعصمها الله تعالى من ذلك ولإن وقع ذلك في غير حالة اختيار بأن يكون ذلك اضطرار فإن الله تعالى لا يؤاخذها بما وقع عليها اضطرارا وإنما عليها أن تحترس مع إمكانها فحسب والله تعالى أعلم

 

 

السؤال (22)

هل تؤثر الاستحاضة على الصيام والصلاة؟

 

الجواب:

الاستحاضة لا تمنع من الصلاة ولا تمنع من الصيام فالمستحاضة عندما تعرف أن الدم دم استحاضة وليس دم حيض عليها أن تصلي وعليها أن تصوم إن كانت في شهر رمضان المبارك

 

السؤال (23)

امرأة في أول نفاس لها كان اليوم الثامن والثلاثين من نفاسها هو يوم التاسع والعشرين من شعبان قبل رمضان بيوم رأت الجفاف في هذا اليوم فاغتسلت وأصبحت صائمة إلا أنها عند المغرب من أول يوم رمضان رأت دما قد خرج ثم رأت الجفاف عند العشاء فجمعت المغرب والعشاء تلك الليلة استمر الجفاف ليومين آخرين عاشرها زوجها خلالها أي في اليوم الثالث والأربعين إلا أنها تعاقب عليها بعد ذلك الصفرة أحيانا والجفاف أحيانا أخرى ولم تعرف أطهرت أم لا وفي اليوم الخامس من رمضان رأت القصة البيضاء فاغتسلت للاحتياط ولكنها لم تعرف متى طهرت بالضبط وما هو الحال فيما صامت في رمضان علما بأنه أول نفاس لها؟

 

الجواب:

إن كانت رأت الجفاف فالجفاف الذي يلي الدم يعطيه حكم الطهر اللهم إلا إن اعتادت المرأة أن يكون طهرها بالجفاف لا بالقصة البيضاء فمن اعتادت فإنها تعتبر الجفاف طهرا ولكن عندما يستمر بها الدم ثم لواحق الدم وهي التوابع من الصفرة والكدرة أو الترية أو الجفاف فإنها إن استمر بها الدم إلى ما بعد الأربعين تعتبر الأربعين هي النفاس ولا حرج على زوجها أن يواقعها بعد الأربعين في غير فورة الدم ولو كان الدم مستمرا عليها أن تغتسل وعليها أن تصلي بعد الأربعين لأن النساء الصحابيات كن يقعدن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أربعين يوما وذلك لا يكون إلا بتوجيه من النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أفضل السلام والتسليم فلذلك أخذ العلماء بهذا الرأي واعتمدوه وإن كانت هنالك حالات تخالف هذه الحالة فهي حالات شاذة لا يحمل عليها الحكم العام والله تعالى أعلم.

 

السؤال (24)

إذا جاءت الدورة المرأة في نصف النهار هل ستمسك إلى الليل أم ستفطر مباشرة؟

 

الجواب: لا معنى للإمساك لأنها أتاها ما قطع حبل صيامها فهي نفس الوقت تأكل وتشرب وتمتنع عن الصلاة كذلك

 

السؤال (25)

أريد نصيحة للشباب الذين يحيون ليالي رمضان باللعب وما شابه هذا الأمر؟

 

الجواب:

النصيحة الموجهة إلى أولئك أن يعرفوا قيمة العمر وأن يعرفوا قيمة الشباب وأن يعرفوا قيمة الأوقات التي خصها الله تعالى لمزيد الفضل كليا في شهر رمضان المبارك ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم (لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه) يسأل عن عمره لأن العمر هو النعمة الكبرى التي تترتب عليها النعم الأخرى فكل نعمة من نعم الحياة إنما هي مبنية على هذه النعمة العظيمة وهي نعمة العمر ثم أن هذا العمر يتميز جزءا منه على جزء فالشباب متميز على بقية المراحل متميز على المرحلة التي سبقته وهي مرحلة الصبي ويتميز على المرحلة التي تلحقه وهي مرحلة الكهولة والشيخوخة فلذلك للشباب وضع فيسأل عنه الإنسان سؤالا خاصا والأوقات أيضا فضل الله تعالى بعضها على بعض ومن بين هذه الأوقات المفضلة أوقات رمضان فكلها ذات فضل عظيم ليل رمضان ونهاره كلاهما ذو فضل عظيم كيف وقد جاء في الحديث أن من أدى في رمضان نافلة كان كمن أدى في غيره فريضة ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى في غيره سبعين فريضة فكفى بها مزية ثم مع هذا نجد أيضا أن الأعمال تضاعف أجورها وترقى درجاتها في شهر رمضان المبارك فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لأم سنان الأنصارية رضي الله عنها (إذا جاء رمضان فاعتمري فإن عمرة رمضان تعدل حجة معي) هذا دليل على ميزة هذا الشهر الكريم وفضله العظيم فجدير بالإنسان أن يحرص على استغلال أي وقت من أوقات هذا الشهر وأن لا يفوت أي وقت من أوقاته في ما لا يعود عليه بجدوى لذلك كان على أولئك الذين يقضون لياليهم في السمر والحديث الضائع الذي لا يجدي شيئا والقيل والقال والهراء من القول ويقضون أوقاتهم في اللعب إلى غير ذلك من الأحوال التي لا تحمد عليهم أن يتقوا الله وأن يقدروا هذه النعمة وأن يعرفوا المسئولية أمام الله تعالى

 

(السؤال (26)

أقرضت ولدي مبلغا من المال لشراء قطعة أرض فهل يجب علي إخراج الزكاة من هذا المال مع العلم بأنني لا أملك غير هذا المال؟

 

الجواب:

إن كان هذا القرض ذمة وفيّ فعلى المقرض الزكاة وإلا فلا.

 

السؤال (27)

هل هناك فرق بين الملبوس وغير الملبوس من الحلي؟

 

الجواب:

الحلي كله يجب أن يزكى إن كان ذهبا أو فضة إن كان ملبوسا أو غير ملبوس لأجل الروايات الكثيرة التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم منها شديدة عليه أفضل الصلاة والسلام فيما وجده على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من السوارين إن لم تؤدي زكاتها وكذلك روايات أخرى تؤكد هذا وهذه الروايات تعتضد بالآية الكريمة (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ...الخ) وبالأحاديث العامة التي توجب الزكاة في الذهب والفضة والله تعالى أعلم.

 

السؤال (28)

هل زكاة الأبدان تشمل الفقراء؟

 

الجواب:

الناس في زكاة الأبدان بين مشدد ومرخص ومتوسط هي على أي حال لا تجب على المعدم نهائيا هي تختلف عن الزكوات الأخرى لا يكون لها نصاب معين لأنها طهر للصائم من اللغو ولكن على من تجب ، تجب على الواجد يقدر موجديه ولكن من هو الواجد؟ قيل من عنده فضل عن طعام يومه أي يوم العيد فمن كان عنده فضل عن طعام يومه لزمه أن يدفعها ومنهم من قال من كانت عنده فضله عن طعام شهر ومنهم من رخص أكثر من ذلك الذين رخصوا أكثر من ذلك وسعوا كثيرا ومن قال بأن من كانت عنده فضلة عن نفقة يومه أيضا شددوا أما الذين قالوا بمقدار نفقة الشهر فهؤلاء توسطوا وعلى أي حال فالإنسان لا يأمن أن يقع في اللغو فلينظر هذا الإنسان إلى حاجته لأنه قد يكون عنده فضل عن نفقة يومه ولكن لا يتيسر له العمل في اليوم التالي من أيام العيد واليوم الذي يليه فلذلك ينبغي أن يوسع لمثل هذا بحيث يوسع له أن يدخر مقدار ما يكفي لنفقته ونفقة عياله إلى أن يتيسر له العمل وأما من كان له مثلا مرتب يومي أو مرتب شهري بحيث وإن كان عنده مقدار نفقة يومه فقط مع الزيادة التي يمكنه أن يخرجها فلا ريب أنه مع الضمان الحاصل له لا ينبغي أن يتردد من إخراجها حرصا على تطهير صيامه من اللغو والله تعالى أعلم

 

السؤال (29)

سلم شخص زكاة لقريب له وذهب ليسلمها له فلم يجده فرجع وفي حالة رجوعه طلبها منه شخص آخر لتكون سلفا وقرضا وأكد أنه سيعيدها قريبا لكي توصل لصاحبها الأصلي فلم يرجعها حتى الآن فهل على من تسلم الزكاة أن يدفعها من جيبه علما بأن قيمة الزكاة مائة ريال؟

 

الجواب:

إن كانت هذا الذي كانت الزكاة بيده كانت هذه الزكاة أمانة بيده ليسلمها إلي شخص معين فإنه بتسليمها إلى شخص آخر كقرض مثلا مضيع لأمانته وعليه أن يضمنها هو الذي اقترض فعليه أن يرد القرض وعلى أي حال كل منهما مسؤول فهذا الذي دفع الزكاة التي كانت أمانة في يده قرضا يعد مضيعا لأمانته وذلك الذي أخذ القرض ولم يرده أيضا هو مضيع لما يجب عليه فعليه أن يرد القرض.

 

السؤال (30)

رجل لديه صندوق يجمع فيه أموالا لأولادة حتى وصلت ثلاث مائة وخمسون ريالا هذه من العطايا والصدقات فهل تجب فيها الزكاة؟

 

الجواب:

إن كان هذا المال مشتركا من أول المر وبلغ النصاب فهو بمثابة المال الذي يملكه المالك الواحد تجب الزكاة فيه أما إن كان لكل واحد نصيبه مستقل عن نصيب الآخرين فإن الزكاة تجب في مال كل واحد منهم إن بلغ النصاب.

 

السؤال (31)

مجموعة من الأهل لديهم صندوق خيري ربما يقيمون منه مشاريع أو يساعدون بعضهم فتتغير أموال هذا الصندوق فمرة ترتفع ومرة تنخفض فهل تجب الزكاة فيه؟

 

الجواب:

إن كان هذا الصندوق لقوم مخصصون يعود عليهم بالمصلحة وهم يجمعون المبالغ التي تودع فيه من أموالهم لأجل أن يعود عليهم بالمصلحة فذلك بمثابة المال المملوك لأنه لم ينتقل عن ملكهم وعليهم أن يزكوه إذا بلغ النصاب ثم لو انخفض المقدار عن مقدار النصاب وزاد بعد ذلك في آخر الحول فيما أنه زكي من قبل يزكي أيضا من بعد أما إن كان من أجل التبرعات الخيرية بحيث لا يحصر فيه أناس وإنما يتبرع مما يودع فيه إلى كل أحد كان مستحقا للمساعدة سواء في النائبات أو في غيرها من غير حصر جماعة تجمع هذا المال فلا ريب أن هذا المال أخرج في أول المر ليكون صدقة وما كان صدقة فلا زكاة فيه.

 

 

السؤال (32)

السباحة لوقت طويل بحيث يظل الرجل في الماء هل يؤثر على صيامه؟

 

الجواب:

إن كان لا يصل الماء إلى جوفه من المنافذ بحيث يمنع وصوله بسبب سده لأنفه وإغلاقه لفيه وتغميضه لعينيه فلا يصل الماء إلى الجوف فلا ينتقض الصيام في ذلك .

 

سؤال أهل الذكر30 من شعبان 1424هـ، 26/10/2003م

 

السؤال(1):

كيف يجب أن ينظر الناس إلى رمضان بالحقيقة التي أرادها الله تعالى من هذا الشهر الكريم ؟

 

الجواب :

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

 

فأحيي الأخوة والأخوات المشاهدين والمشاهدات من المسلمين والمسلمات بهذا الشهر الميمون الأغر الذي أطل علينا بالبركات واليمن ، والذي أشرق علينا بالإيمان والأمان والإسلام والسلام ، فالسلام عليكم جميعا أيها الأخوة المؤمنون وأيتها الأخوات المؤمنات ورحمة الله وبركاته ، وأهنئكم بهذا الشهر المبارك ، شهر الخير والعطاء ، شهر العمل والجد ، شهر البذل والعطاء ، الشهر اختاره الله تبارك وتعالى لأن يكون ميقاتاً لأعظم حدث وقع في هذه الأرض فحوّلها مما كانت فيه وعليه من الباطل والفساد والانحراف إلى ما صارت إليه بمشيئة الله تبارك وتعالى من الحق ومن الاستقامة على النهج السوي.

 

فشهر رمضان المبارك هو شهر جعله الله تعالى ميقاتاً لنزول القرآن على قلب النبي صلى الله عليه وسلّم ، ذلك الكتاب الذي أشرق على هذا الوجود بالحقائق الربانية ونقل هذه الإنسانية مما كانت فيه من التخبط إلى ما آلت إليه من السير على صراط مستقيم عندما استمسكت بكتاب الله تعالى واتبعت هدي نبيه الأمين عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والتسليم ، يقول الله سبحانه امتناناً على عباده بهذه النعمة العظيمة ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)(البقرة: من الآية185) ، فشهر رمضان المبارك اختاره الله تعالى لحكمة يعلمها لهذا الحدث العظيم ، فالله سبحانه يكرم ما يشاء بما يشاء ، يكرم من يشاء من عباده وما يشاء من خلقه بما يشاء من مكنونات عطائه ، وقد اختص شهر رمضان من بين سائر الأوقات بهذه الهبات العظيمة إذ ميّزه بهذه المزايا القدسية فكان فيه ما كان من خير ، وحسب المؤمن أن تكون فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر .

 

ولئن كان هذا الشهر كذلك فإنه ولا ريب يراد من العبد كثرة العمل والجد والتفاني والإخلاص والإقبال على الله تبارك وتعالى ، ومحو ما علق بصفحته من أكدار السيئات وذلك بالتوبة النصوح والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى ، فهو شهر المغفرة ، ومن لم تغفر ذنوبه في شهر رمضان فمتى تغفر ؟

 

الله تبارك وتعالى ربط بين نعمته على عباده بإنزال كتابه في شهر رمضان وبين فرضية صيامه عندما قال ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)(البقرة: من الآية185) على أثر قوله ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)(البقرة: من الآية185) ، فمعنى ذلك أن في ما بين هداية القرآن وعبادة الصيام رابطة مقدسة ، فإن صيام الإنسان يقويه ويمكنه من الإقبال على تعاليم القرآن وتطبيقها ، إذ الصيام مدرسة يتكيف الإنسان فيها وفق تعاليم القرآن ، فلذلك هذا الشهر لم يكن فرصة كما يظن الناس للهو واللعب والسمر على ما تهوى النفس ، وإنما هو فرصة للقيام والجد ، فيؤمر الإنسان كما يصوم نهاره أن يقوم ليله ، وأن يحتسب عبادته عند الله سبحانه وتعالى ، فمن صام رمضان وقام احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، فالنبي صلى الله عليه وسلّم يقول : من صام شهر رمضان إيماناً واحتساباً غفر له تقدم من ذنبه . ويقول : من قام ليلة القدر غفر له ما تقدم من ذنبه .

 

وليلة القدر هي في ثنايا هذا الشهر الكريم ، وهي الليلة التي اختصها الله تعالى بهذه الميزة العظيمة ميزة إنزال القرآن على قلب النبي صلى الله عليه وسلّم ، فهي الليلة التي سماها الله تبارك وتعالى ليلة مباركة عندما قال ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (الدخان:3-6) ، وهي ليلة القدر بسبب علو قدرها وعظم شأنها وما اختصها الله تبارك وتعالى به من خير وهبات ، فلئن كانت هذه الليلة في ثنايا هذا الشهر الكريم أي من جملة لياليه فإن على الإنسان أن يجتهد في ليالي هذا الشهر ، ولم يخفها الله تبارك وتعالى في طوايا ليالي هذا الشهر الكريم إلا لأجل الحكمة الربانية البالغة وهي أن يحسب الناس حسابهم لها في كل ليالي الشهر بحيث يحرص الإنسان على أن يقوم كل ليلة من ليالي هذا الشهر الكريم لعل الله تبارك وتعالى يقدر له مصادفة في هذه الليلة المباركة فيغفر له ما تقدم من ذنبه .

 

فإذاً المؤمن في شهر رمضان يتعهد نفسه أولاً بصالحات الأعمال وذلك بأن يؤطر نفسه في إطار الفضائل حتى لا تخرج عنها قط ، ويحرص على أن يكيف نفسه في جميع أخلاقها وفي جميع تصرفاتها وأعمالها وفق تعاليم القرآن الكريم ، كيف والصيام نفسه هو مدرسة يتكيف الإنسان فيها حسب تعاليم القرآن لأن في هذا الصيام ضبطاً للنفس وقيداً للجوارح عن الوقوع في معاصي الله سبحانه وتعالى ونهنهة لهذه النفس عن هواها ، وتعويداً لها على فضائل الأعمال ، وتعويداً لها على الانضباط في جميع الأحوال حتى لا تسترسل في هواها ولا تستمرئ الغي والفساد .

 

فلذلك علينا أن ندرك قيمة هذه الشهر وأنه لأجل التقوى . الله تبارك وتعالى افتتح آيات الصوم بقوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183) ، واختتمها أيضاً بقوله ( كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)(البقرة: من الآية187) ، فإذاً التقوى هي الغاية من مشروعية الصيام ، ولئن كانت التقوى هي الغاية فالتقوى ليست بالأمر الهين ، التقوى إنما هي إيمان راسخ وعمل صالح وخلق فاضل واستقامة على سواء الصراط وبعد عن الانحراف ، هذه هي تقوى الله تبارك وتعالى ، هي تجمع في إطارها كل فضيلة ، وتنفي عن حيزها كل رذيلة ، فهكذا يجب أن يكون الصائم ، وهكذا يجب أن يعد المسلم نفسه لاستقبال شهر رمضان المبارك على هذا النحو من التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل .

 

السؤال (2)

بعض الناس إذا جاء شهر رمضان الكريم يضغط على كابح النفس فتتوقف بقوة عن جملة من الملاهي والشهوات ، ثم إذا انقضى هذا الشهر الكريم عاود السير في ما كان عليه ، وفي قرارة نفسه يتمنى أن يستمر على هذه الحياة الروحية وعلى الطاعة المطلقة لله سبحانه وتعالى إلا أن دافع النفس بعد رمضان يتقدم بإعصاره الهائل ، فهل هناك طريقة معينة تنصحون بها أنفسنا والمسلمين جميعاً أن يستغلوا بها هذا الشهر الكريم حتى يستمروا بعد ذلك على نفس الطريقة في طاعة الله سبحانه وتعالى .

الجواب :

لا ريب أن شهر رمضان المبارك هو موسم عبادة ، وكل عمر الإنسان إنما هو مواسم للعبادة ، الإنسان لا يفتأ عن العبادات دائماً ، هيأ الله تبارك وتعالى للإنسان أجواء للعبادة وأعانه عليها ويسرها له ، فالعبادات هي مطلوبة للإنسان في جميع الأوقات ، نجد أن الله تبارك وتعالى فرض على الإنسان الصلوات الخمس ورغّبه في قيام الليل وفي نوافل الصلاة على اختلافها ، ونجد مع ذلك أن الذكر مشروع ومرغب فيه ومأمور به ومطلوب من الإنسان في جميع الأحوال ، فإذا انفلت الإنسان من أي عبادة من العبادات لا ينفلت منها ناسياً أثر تلك العبادة وما اكتسبه منها الله تبارك وتعالى يقول ( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الجمعة:10) ، ويقول ( فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً)(البقرة: من الآية200) ، وهكذا الإنسان يؤمر أن يذكر الله تبارك وتعالى على كل حال ، والذكر هو عبادة ، الذكر يوقظ ضمير الإنسان ويجعله يحاسب نفسه ويتقوى ويتمكن من السيطرة على غرائزه والسيطرة على شهواته ، ولكن مع ذلك كما تفضلتم الإنسان يكون دائماً بين جزر ومد لأن طبيعة النفس البشرية ميالة إلى هواها وراغبة في الهوى ، لذلك يؤمر الإنسان أن يزم نفسه بزمام التقوى وأن يضبط جميع حركاتها وجميع سكناتها وكل تصرفاتها وأعمالها لتكون مؤطرة في إطار تقوى الله تبارك وتعالى ، ومن المعلوم أيضاً أن الإنسان لا يدري من يفجؤه هادم اللذات وموتم البنين والبنات فهو بين الفينة والفينة يترقبه ولئن كانت أمامه فرصة عليه أن يغتنم هذه الفرصة وأي فرصة أعظم من فرصة هذا الشهر الكريم ، على أن الإنسان مسئول عن عمره كله في ما أفناه وعن شبابه في ما أبلاه ، فهو مسئول عن ليله ونهاره ، ومسئول عن جميع أحواله ، يسئل الإنسان يوم القيامة عن هذه اللحظات القصيرة التي تتقضى بهذه السرعة الهائلة ، فالإنسان إذاً مطالب أن يكون في جميع أوقاته مستعد للقاء ربه وهو على أحسن حال من الاستعداد النفسي والتحلي بالفضائل والبعد عن الرذائل .

 

وبطبيعة الحال يتمكن الإنسان من مقاومة تيار الهوى الذي يدفع به إلى قعر العصيان والعياذ بالله ، يستطيع أن يقاوم هذا التيار بتيار أقوى منه وهو تيار الخوف والرجاء ، بحيث يكون مستشعراً خوف الله تبارك وتعالى ومن أولى بأن يخشى من الله ( إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) (البروج:12-16) ، الله تبارك وتعالى وعد وتوعد ، ولا إخلاف لوعده ولا لوعيده ( لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ) (قّ:28-29) ، الإنسان مأمور أن يكون وجلاً من وعيد الله تعالى ، ونحن نجد أن الله تعالى توعد من عصاه ووعد من أطاعه . ومع هذا أيضاً يستشعر رجاء فضل الله تبارك تعالى ونعمته عليه ، بهذا يتقوى الإنسان ويستطيع أن يواجه ذلك التيار العاتي الذي يدفع به والعياذ بالله إلى قعر الرذيلة والفحشاء والمنكر لأجل أن يهلك .

 

وعندما يستذكر الإنسان أن القيامة بين يديه وأن الموت لا يدري متى يفجؤه ، ولا يدري إلى أين مصيره ، هو راكب على راحلة وليس قيادها بيده ، إنما قيادها بيد غيره فلا يدري بها إلى أين ترحل ، هل ترحل إلى جنة عالية أو ترحل والعياذ بالله به إلى نار حامية ، مع هذا عندما تعتمل عوامل الخوف والرجاء في نفسه لا بد من أن يقوى على كبح هذه النفس الأمارة بالسوء وزم هواها وضبط غرائزها والتصرف في طاقاتها لتكون عاملة في مجال البناء والتعمير بدلاً من أن تكون وسيلة للهدم والتدمير والعياذ بالله .

السؤال(3)

ما صفة النية التي يفتتح بها المسلم دخوله في هذا الشهر الكريم ؟

 

الجواب :

النية هي روح العمل ، إذ العمل إنما هو شكل ظاهر ، فقد يكون هذا العمل من حيث الظاهر عملاً صالحا ولكن النية هي التي تنحرف به إلى أن يكون عملاً سيئا ، نجد أن الإنسان يسجد في اتجاه القبلة فحسب ظاهره يسجد لله تبارك وتعالى الذي أمر بأن يتوجه إليه بالسجود شطر البيت الحرام ، وقد يكون هو ساجداً لغير الله في قرارة نفسه فيكون سجوده ذلك كفراً بدلاً من أن يكون إيماناً ، ويكون هلاكاً بدلاً من أن يكون سعادة ، وهكذا الأعمال تتحول من وضع إلى وضع بسبب النية ، إذ النية هي المصححة للعمل ، وهي التي أيضاً تدمر العمل عندما تكون نية سيئة ، وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال : إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه . والنبي صلى الله عليه وسلّم يقول : نية المؤمن خير من عمله . وجاء أيضاً في رواية أخرى : ونية الفاجر شر من عمله . وهذا يعني أن المؤمن ينوي الخير الكثير ، والفاجر ينوي الشر الكثير ، وكل واحد منهما مجزي بحسب هذه النية التي عقد عليها عزمه .

 

والنية المطلوبة هي إخلاص العمل ، الله تبارك وتعالى يقول ( وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)(البينة: من الآية5) ، وذلك بأن ينوي بأن يقوم بذلك العمل تقرباً إلى الله سبحانه وتعالى وأداء لما فرض عليه إن كان ذلك العمل فريضة ، هذه هي النية المطلوبة ، وبدونها لا تكون للعمل قيمة ، ومعنى ذلك العمل بدونها لا يحيى كما لا يحيى الجسم بدون روح .

 

وهذه النية هي القصد ، إذ الكلمات التي يقولها الإنسان بلسانه لا أثر لها في تكييف فعله وتحويل هذا الفعل إلى أن يكون فعلاً معتبراً معتداً به مقبولاً عند الله سبحانه وتعالى ، فقد يقول الإنسان الكثير بلسانه ويدعي الكثير ولكن مع ذلك لا جدوى لهذه الدعوى ، وإنما العبرة بما في النوايا ، ويؤكد ذلك حديث الرسول صلى الله عليه وسلّم : إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه . فهذا الذي هاجر إلى الله ورسوله لم يكن يقول بلسانه هجرتي إلى الله ورسوله ، هجرتي إلى الله ورسوله ، وإنما ذلك شيء في طوايا نفسه وفي أعماق ضميره ، والله تعالى مطلع على ما اكتنفه ضميره وطوته نفسه . وكذلك الذي هاجر وهو في نفسه أن هجرته لأجل امرأة أو لأجل دنيا فإنه لم يكن يقول بلسانه أنا أهاجر لأجل أن أتزوج بفلانة ، أو أنا أهاجر لأصيب من هذه الدنيا وإنما ذلك أمر في طويته ، والله سبحانه وتعالى هو العالم بذلك فلذلك كان محاسباً بهذه النية التي نواها .

 

هذا كله يدلنا على أن التلفظ باللسان لا أثر له في النية ولا قيمة له ، إنما النية هي القصد بالقلب ، فمن نوى الصيام قُبِل صيامه ، ومعنى نيته الصوم أن يعقد عزمه بقلبه أن يؤدي هذه الفريضة التي فرضها الله عليه بحيث يصبح وهو ممسك عن الطعام والشراب وقضاء الوطر من الشهوة الجنسية إلى أن يمسي ويدخل وقت المساء ، كما يتجنب كل ما يؤدي به إلى إبطال صيامه من الإتيان بالغيبة والنميمة وسائر المفطرات العملية والقولية حتى لا يتأثر صيامه بأي مؤثر .

 

هذه هي النية المطلوبة وليست القول باللسان وإلا لكان الأمر هيناً ، فإن القول باللسان أمر ميسور يمكن لأي أحد أن يقول ، ولكن الصعب أن يستطيع الإنسان بأن يضبط هذه النية حتى تكون خالصة لوجه الله إذ هناك مؤثرات كثيرة تؤثر عليه ، فقد يبتغي بعمله الذي هو في ظاهره قربة إلى الله أن يصرف وجوه الناس إليه وأن ينال عندهم حظوة ومنزلة بحيث يتحدثون عنه بأنه على تقى وورع وعلى وعلى إلى آخره ، هذه نية فاسدة ، فعلينا أن نعرف ذلك ونعتبر بهذا ، فالنية إنما هي القصد بالقلب ، ولفظ النية يدل على ذلك إذ هذه الكلمة من حيث مدلولها تدل على هذا المعنى ، فإن قائلاً لو قال لأحد لقيه كنت بالأمس ناوياً أن أزورك ، ماذا يفهم الذي قيل له ذلك ؟ إنما يفهم أنه كان في قرارة نفسه أن يزوره ولا يفهم أنه كان يتحدث بلسانه بأنني سأزور فلان وسأزور فلان .

 

السؤال ( 4)

إذاً المسلم في هذا الشهر الكريم ليس بحاجة إلى أن يقول : اللهم إني نويت أن أصوم غداً ، فيكفي بقلبه؟

 

الجواب :

نعم ، ولو تحدث بذلك من غير أن يكون قاصداً بقلبه فلا عبرة بحديثه .

 

السؤال (5)

امرأة سقط جنينها ميتاً في الشهر الخامس واستمر معها الدم يومان ، وبعد اليومين انقطع ستة أيام وإلى الآن لم يأتها دم فهل تصوم هذا الشهر الكريم ؟

 

الجواب :

إذا رأت الطهر ولو كانت ولدت ولادة طبيعة بحيث لم يسقط جنينها بل ولدته حياً فإنها عندما ترى الطهر عليها أن تصلي وعليها أن تصوم ، ويعتد بذلك الصيام الذي تصومه .

 

السؤال (6)

إذا بدأت المرأة الصيام من اليوم الثالث من الشهر المبارك بسبب الدورة الشهرية فهل تنويه الثالث أم تنويه الأول ؟

 

الجواب :

تنوي أن تصوم ذلك اليوم نفسه الذي تعبدت بصيامه ، وعليها أن تقضي اليومين اللذين قبله ، أي لا يمكن أن يكون اليوم الثالث هو اليوم الأول .

 

السؤال(7)

هنالك بعض الامهات تدل بناتها على استعمال أقراص منع الحيض في الشهر الكريم خوفاً من اكتشاف أمرها من قبل أفراد العائلة حينما تقوم بالقضاء ، فما رأي سماحتكم ؟

 

الجواب :

هذا أمر فطر الله تبارك وتعالى النساء عليه ، فلا معنى للاستحياء منه ، إنما هذا أمر فطري ولذلك كان على المرأة أن لا تستحي منه ، واستعمال هذه الأقراص يؤدي إلى ضرر ، فعلى هذه الأم أن تتقي الله وأن لا تأمر بذلك ابنتها .

 

السؤال ( 8)

امرأة تسأل عن حكم الصوم للمرضع والحامل لأنها سمعت من يقول لها أنها تفطر في هذا الشهر الكريم ولا تقضي ذلك بعد رمضان ؟

 

الجواب :

حقيقة الأمر من خلال ما سمعته من كلامها فهمت أنها لا تفرق بين الأحكام الخمسة ، وكثير من الناس لا يفرقون بين الأحكام الخمسة ، وهذا أمر فيه خطورة فإن من لم يفرق بين الأحكام الخمسة ربما تصور الواجب مباحاً ، وربما تصور المباح واجبا وهكذا فتختلط عليه الأحكام ولا يستطيع أن يميز بينها ، من الضرورة أن يميز المسلم بين الأحكام الخمسة ، الله تبارك وتعالى تعبدنا بأحكامه فعلينا أن نعرف ما تعبدنا به .

 

هنالك واجب وفي مقابله المحرم ، وهناك مندوب إليه وفي مقابله المكروه ، وهنالك الجائز أو المباح وهو بين هذه الأحكام كلها .

 

أما الواجب فهو ما يثاب الإنسان على فعله امتثالاً ، إذا نوى بفعله الامتثال والقربة إلى الله فإنه يثاب على فعله امتثالاً ، ويعاقب على تركه ، كإقام الصلاة الفريضة كصلاة الظهر وصلاة العصر وصلاة المغرب وصلاة العشاء وصلاة الفجر وكذلك صيام شهر رمضان وكذلك الحجة الواجبة على الإنسان التي هي حجة الفريضة ، وكذلك بر الوالدين وصلة الرحم ، هذه كلها أمور واجبة من فعلها أثيب عليها إن كان قصده امتثال أمر الله سبحانه ، ومن تركها عوقب على تركها.

 

في مقابل الواجب المحرم ، وهو بعكس الواجب هو يثاب على تركه امتثالا ًويعاقب على فعله ، وذلك كالزنا وشرب الخمر واكل الربا وقتل النفس المحرمة بغير حق وأكل مال اليتيم وجميع الأمور الفاسدة ، كل هذه داخلة في المحرم .

 

هناك حكمان آخران ليس فيهما عزيمة وإنما كل ما فيهما الترغيب ، هناك مندوب إليه ، المندوب إليه يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه ، وهناك بالعكس المكروه يثاب على تركه ولا يعاقب على فعله .

وبين جميع هذه الأحكام المباح ، هو لا يثاب على فعله ولا على تركه لذاته .

 

قد يفعل الإنسان ذلك الفعل من غير أن تكون له نية فلا يثاب عليه ولا يعاقب عليه ، ولكن إن كانت له نية فإن تعلق الثواب أو تعلق العقوبة بحسب تلك النية ، فإن نوى به خيراً أثيب على تلك النية نفسها ، وإن نوى به شراً أثيب على تلك النية ، وذلك كالأكل مثلاً في حدود الاعتدال فمن أكل من أجل أن يتقوى على طاعة الله فإن هذه النية تحول هذا الأكل إلى أن يكون من الأمور المندوبة أو من الأمور التي يثاب عليها الإنسان ، وإن أكل لأجل أن يتقوى على معصية الله سبحانه وتعالى كان الأمر بعكس ذلك .

 

هذه النية هي التي تؤدي به إلى أن يناله العقاب لأنه أكل لا لأجل إحياء نفسه والتنعم بنعمة الله تعالى عليه واستشعار ما أنعم الله به تعالى عليه ، وإنما أكل من أجل أن يتقوى على معصية الله ، وأن يتحدى ربه سبحانه وتعالى ، فتكون نيته هذه محولة لهذا العمل من الإباحة إلى أن يكون من الأعمال المحرمة .

 

فهذه الأحكام الخمسة يجب علينا أن نعرفها ، أنا سمعتها أنها تسأل وتقول هل يجوز أن تقضي أو من الناس من قال لا يجوز أن تقضي .

 

واختلف في من أكلت من أجل خوفها على نفسها أو من أجل خوفها على جنينها أو خوفها على طفلها وهي حامل أو مرضع ، أي الحامل إذا أكلت من أجل خوفها على نفسها أو خوفها جنينها ، أو المرضع إن أكلت من أجل خوفها على نفسها أو خوفها على طفلها إن لم تأكل ، هل عليها القضاء والفدية ، أو عليها القضاء دون الفدية ، أو عليها الفدية وحدها ، في هذه المسألة خلاف بين العلماء ، وإنما نرى عليها القضاء لأنها كالمريض أي هي كصاحب العذر أي عذر كان ، ولكن مع ذلك إن افتدت فذلك أفضل لها ، تؤمر بالقضاء وتؤمر بعد ذلك بالفدية ، هذا هو الذي نراه وإن كان هنالك من العلماء من يرى أنها تفتدي فحسب وهذا القول مروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، فسّر قوله سبحانه وتعالى ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)(البقرة: من الآية184) ، وحمل يطيقونه على معنى يتكلفونه ، وجعل الآية في الشيخ الكبير الهرم وفي العجوز غير القادرة على الصوم وفي المرأة المرضع إن خافت على نفسها أو على طفلها وفي المرأة الحامل إن خافت على نفسها أو على جنينها ، هكذا كان رأي ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وهو رأي وجيه ، ولكن نختار أن تقضي ، وإن افتدت مع القضاء فذلك أفضل لها وأحوط لها ، والله تعالى أعلم .

 

السؤال ( 9)

ما مقدار الفدية ؟

 

الجواب :

هي إطعام مسكين عن كل يوم ، منهم من قال وجبة ومنهم من قال وجبتان والأولى أن يكون الإطعام بإعطائه صاعاً من الطعام .

 

السؤال ( 10)

إذا كانت الفدية بالقيمة أي بالنقود هل تصح ؟

 

الجواب :

الأصل أن تعطي الطعام ، أما النقود فإنه لا يصار إلى ذلك إلا مع الحاجة التي تلح عليها .

السؤال (11)

صلاة التراويح هل هي واجبة على المرأة المسلمة ، وإذا كانت واجبة هل تكون في المسجد ؟

 

الجواب :

هي ليست بواجبة ، إنما هي سنة ، والاجتماع لها من المؤكدات لما في ذلك من الشعيرة ، والمرأة إن صلتها في بيتها كان في ذلك فضل لها ، وإن حضرت في المسجد مع استتارها ومع عدم إصابتها شيئاً من الطيب أو إصابتها شيئاً من البخور ، وكان المكان مكاناً ساتراً ، ولم يكن فيه اختلاط بالرجال فذلك أيضاً خير ، وقد تكون صلاتها في المسجد أفضل عندما تستفيد علماً بحيث يكون هنالك درس تستفيد منه بعد الصلاة فذلك أيضاً فيه خير كثير .

 

السؤال ( 12)

رجل يعمل في الإمارات ونقل أهله من عمان معه بقصد أن يسكنوا هناك لأنهم ينتظرون التجنس ، ففي هذه الحالة كيف تكون صلاتهم سفر أم وطن ؟

 

الجواب :

عندما يكون الإنسان استقر في مكان واختاره سكناً ويرى نفسه مطمئنة فيه وغير راغبة في الانتقال عنه عليه أن يوطن في ذلك المكان ، ولا يجوز له قصر الصلاة إذ لا ينطبق عليه حكم المسافر

 

ووطن الإنسان حيث يسكن *** وتطمئن نفسه ويوطن

يراه خير منزل لا يخرجه *** منه سوى أمر عظيم يزعجه

 

السؤال (13)

امرأة نوت أن تختم القرآن الكريم في هذا الشهر الكريم ولكن تخشى أن يفاجئها عمل وشاغل فلا تستطيع أن تلبي هذه النية فهل تكمل القرآن الكريم بعد رمضان ؟

 

الجواب :

نعم لتتمه بعد رمضان ولا حرج عليها في ذلك .

 

السؤال (14)

هل يستحب القراءة بتأنٍ وختمه مرة واحدة مثلاً أم الإسراع في قراءته قليلاً لختمه مرات عديدة ؟

 

الجواب :

الإنسان يؤمر أن يقرأ القرآن قراءة المتدبر المتأمل الواعي المدرك لمعانيه المتدبر لأمثال وحكمه ووعظه وإرشاده وأمره ونهيه ووعده ووعيده وقصصه وأمثاله ليتزود من ذلك زاد الإيمان وزاد التقوى ، هكذا يؤمر الإنسان ، فالله تبارك وتعالى أمر بترتيل القرآن الكريم عندما قال ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً)(المزمل: من الآية4)، خطاباً للنبي صلى الله عليه وسلّم ، وهو وإن كان خطاباً للنبي عليه أفضل الصلاة والسلام إلا أن الأمر بذلك ينطبق علينا ، هو خطاب لأمته أيضاً من خلال شخصه صلوات الله وسلامه عليه ، وكذلك قال سبحانه وتعالى ( لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْث)(الإسراء: من الآية106) ، معنى المكث الترسل والتأني وعدم الإسراع فالإنسان يؤمر أن يتدبر القرآن كيف والغاية من قراءته الانتفاع به وتدبره ، الله تعالى يقول ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد:24) ، فهكذا ينبغي للإنسان أن يتدبر القرآن ، وأن يقرأه قراءة الفاهم الواعي المتقن المدرك لمعانيه وغاياته .

 

السؤال ( 15)

امرأة طلقها زوجها الطلقة الأولى ثم أرجعها إليه واستمرت معه شهرين ثم طلقها بالثلاث وهي حامل ، فهل تعود إليه ؟

 

الجواب :

الذي نأخذ به أن طلاق الثلاث دفعة كالثلاث المتفرقات فتبين منه بالثلاث مع كونه يأثم بذلك ، وهذا من عجرفة الرجال ، وعدم تحملهم مسئولية حسن العشرة مع النساء إذ الله تبارك وتعالى يقول ( فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)(البقرة: من الآية229) ، وليس من الإمساك بالمعروف ولا من التسريح بالإحسان أن يطلق الإنسان امرأته ثلاثاً دفعة واحدة ، ويفضي ذلك إلى ما يفضي إليه من الباطل ، وإنما هذا كله مخالفة لأمر الله وخروج عن سنة المصطفى عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام .

 

والرأي الذي قلته هو رأي الصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم ، حتى أن العلامة ابن العربي حكى عدم الاختلاف في العصرين الكريمين أي عصر الصحابة والتابعين ، يقول بأنه مضى على ذلك العصران الكريمان من غير خلاف في هذه المسألة ، والله تعالى المستعان .

 

السؤال (16)

عند الاغتسال بالماء الساخن في رمضان ، ما حكم تلك الرطوبة المستنشقة ؟

 

الجواب :

الله تبارك وتعالى لم يكلف عسيراً وإنما كلف يسيرا ، ولو ضُيّق على الناس لأدى ذلك إلى الحرج الكبير ، فإذاً حتى الهواء الندي ربما يتحرج الإنسان من استنشاقه وهكذا ، فما على الإنسان من حرج من هذه الرطوبة .

 

السؤال(17)

ابنة تركت مبلغاً قدره ألف ريال عماني عند والدتها ، وتركت الأم ذلك المبلغ وقدره ثلاثة آلاف عند ابنها ليضعه في البنك في حسابه كأمانة ، ومن ضمن هذا المبلغ مبلغ ابنتها ، وتوفيت الوالدة فجأة وكان الابن يعلم بأنه يوجد لأخته مبلغ ألف ريال عماني من ضمن المبلغ الموجود عنه لوالدته ، وأنكر بأن والدته قد تركت مبلغ ثلاثة آلاف ريال وأقر بوجود خمسمائة ريال عماني عنده فقط ، هنا تسأل الابنة تقول بأن أمها تزورها في المنام عدة مرات وتطلب منها أن تأخذ حقها من أخيها .

هل والدتها في هذه الحالة تُعذب في قبرها بسبب المال الذي لها عند أخيها ؟

 

الجواب :

الغيب لله تبارك وتعالى ، ذلك عالم غيب ، ونحن لا نخوض في أمر عالم الغيب ، نعلم ما كان ظاهراً لنا ، ولا نستطيع أن نقتحم عالم الغيب ، الإنسان إذا مات فقد أفضى إلى ربه سبحانه ، الله تبارك وتعالى هو العليم بسعادته وشقاوته ، والعليم بنعيمه وعذابه ، وليس للإنسان أن يخوض في ذلك ، ولا يستدل بالرؤى على شيء معين فيقطع به ، وإنما قد يستأنس ببعض الرؤى بحيث تدل على أن الميت ينعم أو على أن الميت يعذب ، ولكن من غير أن يقطع الإنسان بالحالة التي تدل عليها رؤياه ، والله تعالى المستعان .

تمت الحلقة بعون الله تعالى وتوفيقه

 

* * *

السؤال (4)

ذكرتم أن كبائر المعاصي ناقضة للصيام بناء على حديث : ولا صوم إلا بالكف عن محارم الله . وسؤالي لماذا لم تلزموا مرتكب الكبيرة في نهار رمضان مع إعادة يومه الكفارة ، مع أن حديث أبي هريرة عن الربيع يقول : أفطر رجل في رمضان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأمره بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا . وقد ذكرتم أن هذا الحديث عام في كل من انتهك حرمة الصيام ولم تروا حديث عائشة رضي الله عنها مخصصاً له لأنه واقع حال ، فمعنى هذا أن كبائر المعاصي داخل حكمها في حديث أبي هريرة أم أن منازعة بعض العلماء في نقض المعاصي للصيام كافٍ أن يزرع شبهة تدرأ بها الكفارة ؟

 

الجواب :

نعم ، الكفارة إنما تجب في ما أُجمع على أنه ناقض ، لا في ما اختلف في كونه ناقضا . ولذلك نحن نجد في مسند الإمام الربيع بن حبيب رحمه الله حكاية عن جماعة كثيرة من السلف أنهم قالوا من أصبح جنباً أصبح مفطرا ولكن مع ذلك قال ويدرأون عنه الكفارة . فدرأ الكفارة عنه إنما هو لأجل شبهة الاختلاف في ذلك . فلما كانت شبهة الاختلاف قائمة والكفارة بمثابة الحد ومن شأن الحد أن يدرأ بالشبهة فكذلك الكفارات تدرأ بالشبهات ، والله تعالى أعلم .

 

السؤال(5)

من أين استقى القائلون بوجوب الكفارة على من وجبت عليه على الترتيب ، فإن كان من حديث عائشة فكيف يتفق ذلك مع قولهم أن حديث عائشة لا يخصص عموماً ولا يقيد إطلاقا ؟

الجواب :

على أي حال الترتيب دل عليه الحديث لأن النبي صلى الله عليه وسلّم عندما جاءه المفطر ذكر له الكفارات بالتدريج ، بدأ أولاً بعتق الرقبة ، ولما اعتذر أنه لا يستطيع العتق أحاله على الصيام ، ولما اعتذر عن الصوم أيضاً أحاله على الإطعام فإذاً هذا دليل على أن الكفارة إنما تجب بالترتيب ، وهذا القول هو قول جمهور الأمة ، وقد ذهب إليه من علمائنا الإمام ابن محبوب والإمام أبو نبهان رحمهما الله تعالى وبه نأخذ ، والله تعالى أعلم .

 

السؤال (12)

امرأة صائمة صوم قضاء وعندما عادت من العمل في الساعة الثالثة كانت متعبة جداً فأفطرت فما الحكم؟

 

الجواب :

أما إن كانت متعبة تعباً تحتمل معه الصوم وتستطيع الصيام ولا يجهدها الصوم فعليها أن تستمر على الصوم . أما إن كانت مضطرة بحيث رأت الهلاك لو لم تفطر ففي هذه الحالة يجوز لها الفطر وعليها أن تقضي يوماً مكان يوم .

 

أما على الاحتمال الآخر وهي أن تكون قادرة على مواصلة الصوم ولكن أرادت أن ترتاح وأرادت أن تفطر لأجل راحتها ففي هذه الحالة مع القضاء عليها الكفارة ، والله تعالى أعلم .

السؤال (6)

أنا شخص أعمل في شركة لحفر آبار النفط وطبيعة عملي صعبة جداً ويتطلب مني مجهوداً بدنياً هائلاً ونعمل لفترات طويلة بدون راحة ولقد فاتني السحور ذات مرة بسبب الإجهاد ، وفي الصباح لم أستطع إكمال الصوم ففطرت ، فماذا يجب عليّ ؟

 

الجواب :

من أفطر مضطراً فهو أمين نفسه ، إن أفطر من أجل الضرورة فذلك يسوغ له ، إلا أن من العلماء من شددّ بأن قال من أصبح على صيام وأفطر بسبب أنه أُجهد فإنما يفطر بقدر حاجته ، فإن اضطر إلى الماء لم يجز له أن يأكل ، وإن اضطر إلى الطعام دون الماء لم يجز له أن يشرب ، وهذا قول في الحقيقة فيه تشديد بالغ فإن الصيام انتقض بمجرد الأكل ، فما معنى لإمساكه بعد ذلك ؟ فلذلك نحن نرى في هذه الحالة أنه بما أنه أفطر يجوز له أن يأكل إذا أفطر من أجل اضطراره ، وإنما عليه أن يقضي يوماً مكان ذلك اليوم ، والله تعالى أعلم .

 

السؤال(7)

أنا رجل أشكو من أمراض القلب كالكبر والحسد وعدم الإخلاص الحقيقي لوجه الله تعالى ، وأحس في أكثر الأحيان وكأنني أعمل أشياء وأراعي فيها ماذا سيقول الناس في ، وأنا مستاء من حالتي وكثيراً ما يقع لي هذا ، ولكنني أسرع في مراجعة نفسي وإهانتها لكي يذهب عني ما بي ، فما الحكم في هذا ، ما الحل لكي أنزع هذه الأمراض تماماً من قلبي ؟ وأريد أن أكون مثلكم في الإخلاص ؟

 

الجواب :

استغفر الله ، استغفر الله ، استغفر الله ، نسأل الله تعالى العفو والعافية ، على أي حال نسأل الله تبارك وتعالى لنا جميعاً العفو والعافية والمعافاة التامة في الدين والدنيا والآخرة ، لا ريب أن القلب يقع بين جزر ومد ، تطغى عليه مؤثرات نفسية ومؤثرات أخرى فيتزعزع ويتزلزل ، وطبيعة الإنسان الضعف ، الإنسان ضعيف جداً ، وإنما عليه أن يعتصم بالله ، ولذلك الله تبارك وتعالى أمر أن يفزع الإنسان إليه مستعيذا بالله سبحانه وتعالى من الشيطان الرجيم يقول عز من قائل (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) (الأعراف:200-201) ، يقول سبحانه وتعالى ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (الأعراف:200) ، فالإنسان مأمور أن يلجأ إلى ربه سبحانه وتعالى مع إحساسه بمثل هذه المؤثرات التي تطغى على نفسه .

 

ولا ريب أن الإنسان عندما يدّكر ويتراجع يدرك أن ما كان عليه إنما هو خطأ ، فإن كان يراءي الناس فماذا عسى أن يفيده الناس إن عمل من أجلهم ؟ الناس كلهم لا يملكون لأي أحد نفعاً ولا ضرا ، على أن كل أحد منهم فاني ، ولو كان وصل إليه ما وصل من علم ذلك العمل فامتلأ إعجاباً به فإن هذا الإنسان هو فانٍ . ماذا عسى أن يفيد هذا العامل من إعجاب هذا الإنسان الفاني مثله لعمله ؟ أو ليس أولى له أن يعمله لوجه الله تبارك وتعالى الباقي الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ، الذي يحي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، لا ريب أن العاقل يدرك أن المصلحة إنما في أن يعمل ذلك لوجه الله تبارك وتعالى لا من أجل الناس ، وما قيمة الناس ؟ الناس كلهم مهما كانت أقدراهم ، ومهما كانت منازلهم ومهما كان شأنهم في هذه الحياة إنما هم عباد لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضرا ، ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشورا ، فضلاً عن أن يملكوا لغيرهم ، فلا يحق أن يُعمل لأي أحد منهم ، إنما العمل يجب أن يكون لله سبحانه وتعالى .

 

ثم إن كان الإنسان أيضاً مغروراً بعمله ، أو مغروراً بعلمه ، أو مغروراً بجماله ، أو مغروراً بماله ، أو مغروراً بمنصبه ، أو مغروراً بأي شيء مما خوله في هذه الحياة الدنيا فعليه أن يدرك أن ذلك إنما هو خيال عابر وظل زائل ، الدنيا كلها لا تسوى شيئا . فماله وللإعجاب بما أوتي في هذه الدنيا من علم أو ما صدر منه من عمل وما أوتيه من مال ، أو أوتيه من جاه ، أو أوتيه من منصب أو أوتيه من جمال أو أوتيه من أي شيء من هذا القبيل . هذه حلية معارة لا تلبث أن تسترد ، فلذلك على الإنسان يستبصر ، وأن لا يغتر بشيء من ذلك .

 

ولا ريب أن الادكار من شأن المؤمنين ، فبما أن هذا الرجل يخبر عن نفسه بأنه يدرك ويرعوي ويحاول أن يهين النفس ، وهو في الحقيقة يعزها بهذا لا يهينها ، إنما كلما أهانها أعزها ، فبقدر ما يشتغل الإنسان بكبح جماح النفس يكون قد أعزها وقد انتشلها من ضياعها وقد سلك بها السبيل الأمثل الذي يؤدي بها إلى الكرامة ، فهو على أي حال مادام على هذه الحالة نرجو له التوفيق ، ونرجو له السداد إن شاء الله ، والله تبارك وتعالى يعينه ، وقد قال عز من قائل ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69) ، فعليه أن يجاهد نفسه في الله ، والله سبحانه وتعالى يهديه إلى السبيل الأمثل ، وهو بهذا يكون في عداد المحسنين إن شاء الله

السؤال (10)

بعض المؤذنين يقوم بتقديم الأذان قبل وقت الإمساك في وقت الفجر ، فما الحكم في هذا ؟

 

الجواب :

إن كان يُقتصر في المسجد على أذان واحد فلا يجوز أن يقدم الأذان على وقت الفجر ، لأن الأذان إنما هو لأجل الإعلان بدخول الوقت ، وإنما يسوغ تقديم الأذان إن كان هنالك أذانان كالذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم عندما كان ابن أم مكتوم يؤذن عند طلوع الفجر ، وكان بلال يؤذن قبل ذلك ، فكان بلال يؤذن بليل الأذان الأول ، وكان ابن أم مكتوم يؤذن عند طلوع الفجر أذان الصلاة ، فالأذان الأول هو أذان السحر ، والأذان الثاني هو أذان الصلاة ، فإن كان أذانان فلا بأس بالتقديم ، وإن كان أذان واحد فلا يُقدم قبل الفجر ، والله تعالى أعلم .

 

 

السؤال(13)

من يقعد في مقعد الدراسة ولكنه يدرس من قبل مدرسات أجنبيات يتبرجن ولا يضعن ما يستر رؤوسهن وأقدامهن وهو صائم فماذا يصنع ؟

 

الجواب :

هذه مصيبة ، وأولاً قبل كل شيء نحن نهيب بالمسئولين في المجتمع المسلم أن يحرصوا على أن يفرضوا في مثل هذه المؤسسات الآداب الإسلامية والأخلاق الواجبة التي يجب أن يتحلى بها المجتمع المسلم ، وأن يتكيف وفق مقتضاها من كان في هذا المجتمع ولو لم يكن من المسلمين ، فإن على غير المسلمين أن يحترموا أخلاق المسلمين ، وأن يتقيدوا بآدابهم ، وأن لا يطلقوا لأنفسهم العنان بأن يأتوا بأخلاق غير أخلاق المجتمع الإسلامي ، وسلوك غير سلوك الأمة الإسلامية ، بل عليهم أن يتقيدوا بهذه الأخلاق ويتأدبوا بآدابها ، هذا هو الواجب ، ويجب على المسئولين أن يحرصوا على تطبيق هذا النظام ، وأن لا يتساهلوا فيه .

 

ثم على من وقع في ذلك مضطراً عليه أن يغض من بصره بقدر استطاعته ، وأن لا يطلق لبصره العنان ، وأن يكبح جماح نفسه ، وأن لا يطلق العنان لشهواته ، بل عليه أن يكون متحرياً جداً ، خائفاً من الله تبارك وتعالى ، مستشعراً أن الله تبارك وتعالى يراه ، وأنه خبير بما يختلج في طوايا نفسه وفي أعماق ضميره ، وأنه لا تخفى عليه خافية قط ، في هذه الحالة نرجو له مع اضطراره إلى مثل هذه الحالة أن لا يؤاخذه الله ، والله تعالى المستعان .

 

السؤال (16)

رجل سافر من عمان باتجاه المغرب العربي مع العلم أن الفارق الزمني قد يصل إلى أربع ساعات بين البلدين ، فما قولكم في توقيت إفطار هذا الصائم وهو في الجو وكلما ذهب إلى الغرب كلما امتد الوقت؟

 

الجواب :

الله تبارك وتعالى ناط الحكم بغروب الشمس وبالليل قال تعالى ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ )(البقرة: من الآية187) ، فيؤمر الإنسان أن يتم الصيام إلى أن تغرب عليه الشمس ، فإذا غربت عليه الشمس في أي مكان كان فهو انتهى صومه سواء طال الوقت أو قصر ، فقد ينتقل الإنسان من المغرب إلى المشرق ويقصر الوقت وقد يكون بعكس ذلك ، وإنما عليه أن يستمر على صيامه إلى نهاية الوقت الذي حدده له الشارع ، والله تعالى أعلم .

 

السؤال(21)

مريض بالقلب يضع تحت لسانه أقراصاً فتذوب هناك لكنه لا يدخل شيئاً من حلاوته أو مرارتها في فمه إنما يمج ذلك ، وهو صائم فما الحكم ؟

 

الجواب :

أما إذا كان يمج ذلك ولا يصل شيء منه إلى جوفه فلا يتأثر بذلك صيامه .

 

السؤال(9)

رجل توفي منذ ثمانية أشهر وعلم أبناؤه أن عليه دين خمسة عشر يوماً من رمضان ، فكيف يكون القضاء ، وهل يمكن أن يقسم على أبنائه ؟

 

الجواب :

اختلف العلماء في صوم الحي عن الميت ، هل يصوم الحي عن الميت أو لا يصوم عنه ؟ ذلك لأن الصيام عبادة بدنية خالصة كالصلاة ، فمنهم من قال بأنه لا يصوم أحد عن أحد كما لا يصلي أحد عن أحد ، ولكن جاء في حديث الشيخين من رواية أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلوات الله وسلامه عليه قال : من مات وعليه صيام صام عنه وليه .

 

وعلى هذا فإنه لا حظ مع الأثر . ولا يعوّل على القياس مع وجود الخبر عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام لأن القياس إنما هو في غير مورد النص ، ومع ورود النص فلا يعّول على القياس ، ولكن بعض العلماء حملوا هذا على صيام النذر دون غيره .

 

ومهما يكن فإنه أولاً قبل كل شيء فإن كان الحكم ورد في النذر فذلك من باب ذكر حكم العام بفرد من أفراد العموم وذلك لا يخصص العموم ، ولو كان ذلك يخصص العموم لاقتضى أن تخصص عمومات كثيرة بمخصصات من هذا النوع ، ومن ناحية أخرى فإنه ما الذي يفّرق بين صيام النذر وغيره ؟ لأنا لو أعملنا القياس فالقياس يقتضي أن يلحق صيام غير النذر بصيام النذر ، فلذلك أرى أن يصوم أحد أولياءه عنه ، وإن وزّع ذلك الورثة فيما بينهم فإن ذلك يكون بقدر الميراث ، ولا يكون في وقت واحد وإنما يصوم هذا مع فطر هذا ، إذ لا يجوز أن يصوم اثنان عنه في وقت واحد .

 

هذا وإن أرادوا الإطعام فلا مانع من ذلك فليطعموا عن كل يوم مسكينا ، والله تعالى أعلم .

 

السؤال (10)

 

رجل أكل عمداً في نهار رمضان ستة أيام فكيف تكون الكفارة وكيف يكون القضاء ؟

 

الجواب :

عليه أن يقضي هذه الأيام الستة ، وإن كان من العلماء من يقول بأنه بطل صيام شهره جميعاً ، وهؤلاء اختلفوا منهم من قال يقضي الشهر كله ، ومنهم من قال يقضي الأيام السابقة على هذا الإفطار .

 

وبالنسبة إلى الكفارة فقد اختلفوا في ذلك فمنهم من قال بكل يوم كفارة بناء على أن كل يوم عبادة مستقلة ، ومنهم قال بكل شهر كفارة ، فإن كان الإفطار لشهر واحد فيرخص له أن يكفّر كفّارة واحدة عن جميع الأيام التي أفطرها عمداً بذلك الشهر ، ومنهم من يترخص رخصة بالغة وهذه الرخصة لا ينبغي أن تبذل إلا للتائبين تيسيراً لهم لأن الله تبارك وتعالى يحب التيسير على عباده وهي أن يكون الكفارة كفارة واحدة ، هذه رخصة تبذل لمن كان تائباً لا لمن كان مصراً ، وإن أخذ أحد بذلك نرى أنه أخذ بوجه حق مع توبته إلى الله تبارك وتعالى وإقلاعه وندمه ، والله تعالى أعلم .

 

السؤال(15)

امرأة كانت على وشك الولادة فصامت اليوم الأول من رمضان فقط وأفطرت ستة أيام فما حكم هذه الأيام ؟

الجواب :

عليها قضاؤها ولها أن تفطر إن كان الصيام شق عليها أو خشيت منه مضرة على نفسها أو مضرة على جنينها ، والله أعلم .

السؤال(16)

رجل يعمل في الإمارات العربية المتحدة وهناك صاموا قبلنا بيوم وعندما عاد إلى عمان في نهاية رمضان ابتلاه الله بمرض فأفطر يومين فكم يقضي ؟

 

الجواب :

هذه المسألة مختلف فيها بين العلماء ، منهم من قال إذا ثبتت الرؤية ثبوتاً شرعياً في بلد ما وانتقل إلى بلد آخر تأخرت الرؤية فيه فإنه يستمر في صيامه هناك حتى يصل إلى ثلاثين يوماً وليس عليه أن يزيد على ثلاثين يوماً ، ومنهم من قال لا بل يستمر ولو زاد على ثلاثين يوماً لأنه انتقل إلى حكم البلد الذي انتقل إليه ، واستدل هؤلاء لهذا بقول النبي صلى الله عليه وسلّم : الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون ، والمسألة على أي حال فيها خلاف . هذا بطبيعة الحال مع ثبوت الرؤية في البلد الذي صام فيه أولاً ، والله تعالى أعلم .

 

السؤال(17)

ماذا ترجحون أنتم سماحة الشيخ ؟

الجواب :

نحن نختار الخروج من عهدة الخلاف ، نختار الاستمرار .

* * *

سؤال أهل الذكر

26 رمضان 1423 هـ ، 2/12/2002م

 

السؤال(2)

 

امرأة بدوية ألزمها خالها برعي الغنم وسحب الماء من البئر فلم تستطع الصوم وقتاً من الزمن ومنذ أن بلغت إلى أن صامت فوتت أربعة رمضانات ، ثم توفيت المرأة بعد أن أخبرت ابنتها بذلك ، وابنتها تسأل ما الذي يجب عليها للتكفير عن والدتها فيما ضيعت ؟

 

الجواب :

حقيقة الأمر يا ليت هذه المرأة تداركت أمرها وهي في حياتها ، وقضت ما كان لازماً عليها من صيام الشهر بنفسها ، ولكن بما أنها أفضت إلى ربها والله سبحانه وتعالى هو يتولى أمرها ، إلا أنه مما ينبغي للبنت أن تصوم إن قدرت عنها لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها : من مات وعليه صيام صام عنه وليه . وإن شاءت أن تطعم عن كل يوم مسكيناً عنها فذلك خير ، هذا وإن أرادت أن تحتاط أكثر فتكفر على الأقل كفارة واحدة ، وفي هذه الحالة تكون الكفارة عنها إطعام ستين مسكينا لأنها لا تجد الرقبة .

ثم إن نفس هذه المرأة التي يكفر عنها غير موجودة فلا مانع من أن يطعم عنها مقدار ستين مسكينا كما هو الواجب في الإطعام في الكفارة ، والله تعالى أعلم .

 

السؤال(3)

زكاة الفطر كم تقدر بالمبالغ ؟

الجواب :

حقيقة الأمر تجب على كل واحد أن يخرج عن نفسه وعن من يعوله عولاً واجباً عليه صاعاً من الطعام من غالب ما يقتاتون به في البلد ، والناس الآن كثيراً ما يقتاتون بالأرز فلذلك ينبغي أن يكون المخرج صاع أرز .

وأما العدول إلى القيمة فذلك أمر اختلف فيه العلماء فجمهورهم على المنع من ذلك . وإنما رخص بعض أهل العلم في ذلك ، وهذه الرخصة لا ينبغي أن يصار إليها إلا مع تعذر وجود من يقبل الطعام ففي هذه الحالة لئلا تعطل هذه الزكاة تدفع نقوداً ، أما مع وجود من يقبل الطعام فإنها تدفع طعاماً كما جاءت بذلك السنة ولا ينبغي العدول عن ذلك ، ومع العدول عن الطعام إلى القيمة فإن القيمة تختلف باختلاف الزمان والمكان فلذلك ينبغي للسائل أن يبحث عن قيمة الأرز مقدار الصاع وأن يحتاط بأن يدفع أكثر من هذه القيمة كأن يدفع في وقتنا هذا ريالاً أكثر من ريال ، والله تعالى أعلم .

 

 

السؤال(4)

البعض يقول نحن عندما نذهب بالأرز إلى أحد لا يرده خجلاً وحياء إنما يتقبله على مضض ولكننا نرى ونشعر أن بحاجة إلى المال أكثر من حاجته إلى الأرز ؟

 

الجواب :

أنا أعجب من هذه الحالة !! هل الفقراء الآن لا يأكلون ؟ لماذا يحتاجون إلى المال ؟ أليس المال يحتاجون إليه من أجل الإنفاق على أنفسهم وفي مقدمة الإنفاق الاقتيات أي الإنفاق على القوت ، فالأرز عندما يدفع إليهم إنما يقتاتون به والقوت في مقدمة حوائج الناس جميعاً الأغنياء والفقراء جميعاً ، فكيف يرفضون الأرز ويريدون الثمن !!!

 

السؤال(5)

الفقراء يحتاجون المبالغ لشراء الملابس في العيد ، فهل يراعى مثل هذا الأمر ؟

 

الجواب :

إن وجد من يقبل الأرز أو من يقبل الطعام فيعطى الطعام اتباعاً لما دل عليه الحديث .

 

السؤال(6)

طالب يدرس وعمره خمسة عشر عاماً وأصابه مرض وفي الليل قال إن أصبح علي الصباح وأنا مريض فسوف أفطر ، وأصبح عليه الصباح وهو معافى ولكنه الساعة الثامنة أفطر ، فماذا عليه ؟؟

 

الجواب :

أما إن كان أفطر بغير مسوغ ففي هذه الحالة عليه التوبة والقضاء والكفارة ، والكفارة هي معلومة كما كررنا ذكرها مراراً هي عتق رقبة لمن وجدها فإن لم يجدها فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ، والله تعالى أعلم .

 

السؤال(7)

بالنسبة للنية التي تحمل هذه الاحتمالات كأن يقول إن أصحبت معافى أصبحت مريضاً أصبح صائما ، ما حكمها ؟

الجواب :

هو ينوي أن يصوم ، وإن اعتراه مرض فإنه يفطر من أجل مرضه .

السؤال(8)

امرأة مريضة منذ سنة ولا تعرف أولادها فهي شبه فاقدة للوعي فهل عليهم أن يطعموا عنها كل يوم مسكينا في رمضان ؟

 

الجواب :

لا ، لأن الواجب سقط عنها بسبب فقدانها عقلها ، والعقل هو مدار التكليف فمع فقدانه يسقط التكليف ، والله تعالى أعلم .

 

السؤال(9)

وهل عليها زكاة الفطر ؟؟

 

الجواب :

أما هي فلا ، ولكن من يقوم بعولها يزكي عنها كما يزكي عن الصبي الصغير الذي لم يكلف شيئاً قط .

 

السؤال(10)

الذي يُطعم عنه كل يوماً مسكيناً هل يجوز أن تجمع هذه المبالغ أو يجمع هذا الطعام إلى نهاية الشهر فيعطى لفقير واحد ؟

 

الجواب :

نعم ، يجوز ذلك لأن كل يوم مستقل بنفسه فيمكن أن يطعم نفس المسكين في كل يوم ، ويمكن أن يجمع هذا الطعام كله ليعطى إياه آخره الشهر ، والله تعالى أعلم .

 

السؤال(11)

رجل يحضر المسجد فيأكل من الفطرة الموضوعة هناك ولكنه لا يصلي في المسجد إنما يأكل وينصرف وكذلك بقية الصلوات ؟

 

الجواب :

بئس الرجل هذا ، هذا رجل نهم يحرص على الأكل ولا يعرف للعبادة معنى ، فما باله يأتي إلى المسجد ما دام لا يصلي مع الجماعة ، هذا يجب أن يطرد مادام يأت للأكل وحده ولا يصلي مع المصلين ، يجب أن يطرد من المسجد .

 

السؤال(12)

كما نعرف أن الأعمال تضاعف في ليلة القدر ، فهل تنطبق هذه المضاعفة على من أحيا ليلة القدر على الباطل أو في معصية الله سبحانه وتعالى ؟

 

الجواب :

لا ريب أن كل ذي حرمة تكون المعصية في كنفه أعظم إثماً وأشد جرما ، فالمعصية مثلاً في مكة المكرمة يضاعف وزرها لمكانة الحرم حرم الله تبارك وتعالى ، وكذلك المعصية التي تكون في شهر رمضان يضاعف وزرها بسبب أن الإنسان يجترئ على الله في الشهر الكريم ، وعندما تكون ليلة القدر فإنها يضاعف أيضاً وزرها ، فيجب على الإنسان أن يحرص على أن يتفادى المعصية بكل ما يملك من قوة حتى لا يقع فيها .

 

السؤال(15)

امرأة أفطرت في شهر رمضان وكان عمرها اثنا عشرة سنة ، فما الحكم ؟

الجواب :

على أي حال نسأل الله تبارك وتعالى العفو والعافية ، هي لا تخلو إما أن تكون بلغت الحلم أو لم تكن بلغت الحلم ، فإن كانت بلغت الحلم فهي متعبدة بما تعبد به كل بالغ عاقل ، وإن كانت لم تبلغ الحلم فهي لم تتعبد بعد بالتكاليف الشرعية ، ولكن مع هذا نحن نأمرها احتياطاً أن تصوم ذلك اليوم قضاء وأن تستغفر الله تعالى مما أقدمت على فعله وأن تكفر ، والكفارة هي عتق رقبة إن وجدتها فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم تستطع تطعم ستين مسكينا ، ونسأل الله تعالى القبول والعافية .

 

السؤال(16)

امرأة أفطرت يوماً من رمضان لشدة العطش في الصحراء وهي في بداية سن البلوغ وقد أطعمت ستين مسكينا عن طريق دفع مبلغ وهو ستون ريالاً فهل هذا جائز إن كان عليها كفارة أصلاً ؟

 

الجواب :

إن كانت مضطرة وما أفطرت إلا وهي مضطرة فلا كفارة عليها وإنما عليها القضاء فإن الله يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(البقرة: من الآية185) ، فالله سبحانه وتعالى لم يكلف عسيرا وإنما كلف يسيرا ، فلذلك لا تجب الكفارة على من أفطر مضطرا ، ومن هنا كان ترخيص الله تبارك وتعالى للمسافرين والمرضى أن يفطروا في نهار رمضان وأن يقضوا فيما بعد وهكذا كل مضطر يعطى هذا الحكم ، والله تعالى أعلم .

 

السؤال(20)

بالنسبة لصلاة التراويح عندما ينتهي من الركعتين الأوليين هل يكبر مباشرة تكبيرة الإحرام للركعتين الأخريات أم يبدأ بالتوجيه ؟

 

الجواب :

من العلماء من يرى الاكتفاء بالتوجيه الأول ، ومنهم من يرى أنه ينبغي أن يأتي بالتوجيه ولو بالاختصار كأن يقتصر على توجيه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي كلا الأمرين خير إن شاء الله ، وهذه المسألة مسألة بسيطة لا ينبغي أن تكون مثار شقاق بين الناس .

 

***

حلقة الأربعاء 30 من شعبان 1423هـ ، 6/11/2002 م

 

الموضوع : الصيام وفضله وأحكامه

 

السؤال(1)

ما هي أهمية هذا الشهر الكريم بالنسبة للمسلم ، وما هي الثمرات التي يرتجيها المسلم من هذا الشهر؟

الجواب :

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :

فإني أهنئ جميع الأخوة والأخوات المسلمين والمسلمات المستمعين والمستمعات والمشاهدين والمشاهدات بهذه المناسبة مناسبة حلول شهر رمضان المبارك ، سائلاً الله تبارك وتعالى أن يمن علينا فيه باليمن والنصر والتأييد والتوبة من الآثام وإخلاص العمل لله سبحانه وتعالى ، وأن يعيده على الأمة جميعاً وعلينا بصفة خاصة بما فيه اليمن والخير والعزة والكرامة والنصر والتأييد .

 

هذا ولا ريب أن الله سبحانه وتعالى يفضّل ما يشاء على ما يشاء ، فيفضّل بعض عباده على بعض ، ويفضّل بعض الأمكنة على بعض ، ويفضل بعض الأزمنة على بعض ، ومن ذلك تفضيله لشهر رمضان المبارك على غيره من سائر شهور العام ، وما ذلك إلا لمزيته الكبرى ومكانته السامقة وقدره العظيم ذلك لأن الله تبارك وتعالى جعل هذا الشهر الكريم ميقاتاً لحدث فيه تحويل مجرى حياة الإنسان من الشر إلى الخير ومن الفساد إلى الصلاح ومن التشتت إلى الاجتماع ومن الضلال إلى الهدى ، ومن الغي إلى الرشد ومن الظلمات إلى النور ، فقد أنزل الله سبحانه وتعالى فيه القرآن الكريم على قلب عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلّم نوراً وهدى للناس يقول الله سبحانه ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)(البقرة: من الآية185) .

 

وقد بيّن الله سبحانه وتعالى شرف الليلة العظيمة التي نزل فيها القرآن على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلّم ، أي التي كانت بداية لنزوله على قلبه فقال في بيان فضلها وشرفها وعظم منزلتها ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ) ( الدخان :3-5) ، وقال ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) ( سورة القدر) .

 

فما أعظم شأن هذه الليلة التي ينوه الله سبحانه وتعالى بشرفها وقدرها في فاتحة سورة الدخان ، وينزل فيها سورة بأسرها تدل على ما لها من قدر عند الله وشأن عظيم عنده وما لها من الفضل الذي من أحرزه أحرز خيراً عظيماً بحيث صارت خيراً من ألف شهر ، ومن أجل هذا نرى في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلّم ما يدل على أن قيام تلكم الليلة فضله فضل عظيم يقول النبي صلى الله عليه وسلّم ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) فلذلك كان حرياً بالمسلم أن ينافس في هذا الميدان ، وأن يسارع إلى هذا الخير ، وأن يسابق في هذه الحلبة التي يتسابق فيها المتسابقون .

 

هذا ولا ريب أن نزول القرآن على قلب النبي صلى الله عليه وسلّم حدث ترتب عليه ما ترتب من خير هذه الأمة وإنقاذ هذه الإنسانية من ورطتها والوصل بين المخلوق وخالقه العظيم سبحانه وتعالى ، والوصل بين الدنيا والآخرة ، والوصل بين الأرض والسماء وبين الإنسان والملأ الأعلى بحيث إن هذا الإنسان من خلال دراسته للقرآن الكريم يطلع على الحقائق الكونية فهو الترجمة الصادقة لسنن الكون ونواميسه ، وهو المرآة التي تعكس حقائق الوجود ، وجاءت جميع الاكتشافات العلمية لتؤكد ذلك ، ولذلك آذن الله سبحانه وتعالى عباده بهذه الاكتشافات وأنها ستأتي مصدقة لما في القرآن مؤيدة له وذلك عندما قال ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ *سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ *ألا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ) ( فصلت : 52-54 ) .

 

هذا ولا ريب أن الله سبحانه وتعالى لم ينزل القرآن ليكون وسيلة للتسلّي ، وإنما أنزله ليكون منهج حياة ، ليسير بهذا الإنسان في دروب الخير ويجنب الإنسان الوقوع في مزالق الردى ، فذلك كان من الضرورة أن يأخذ الإنسان بحجزة القرآن الكريم ، ويلتزمه في كل جزئية من جزئيات حياته فضلا ًعن كلياتها ، وهذا أمر يتوقف على العزيمة والإرادة .

وقد جعل الله سبحانه وتعالى في صيام هذا الشهر الكريم صقلاً لهذه العزيمة وتقوية لهذه الإرادة فلذلك نجد الربط بين امتنانه على عباده بإنزاله هذا الكتاب الكريم في هذا الشهر الكريم وبين فرضية صيامه وذلك عندما قال ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)(البقرة: من الآية185) ، وكفى دليلاً على هذا الربط ما بين الأمرين وجود الفاء التي تقتضي ربط ما بعدها بما قبلها .

 

على أن هذا كله لأن في الصيام ما يدفع الإنسان إلى التقوى والاستمساك بحبل الله وذلك مما يسهل عليه الالتزام التام بجميع ما في القرآن من أوامر الله سبحانه تعالى وتوجيهاته ليفيض هذا القرآن نوراً على هذا الإنسان ، على أن الصيام نفسه يهيئ روح الإنسان ومشاعره لأن تتلقى هذا النور ، فإن الصيام يضفي على الروح البشرية الشفافية وذلك لأن الإنسان يكابر شهواته من خلال صيامه فتكون نفسه متهيئة لتلقي نور الله ، ولذلك يسهل على الإنسان أن يمارس جميع ما في القرآن من أوامر وتوجيهات مع التزامه الصيام ، ومن هنا نرى الربط بين فرضية الصيام وبين تقوى الله تبارك وتعالى وذلك عندما قال سبحانه وتعالى في فاتحة آيات الصيام ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183) ، ثم قال بعد ذلك أي بعد تبيان أحكام الصيام في خاتمة آيات الصوم ( كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)(البقرة: من الآية187) ، فإذن الغاية هي تقوى الله ، وبتقوى الله يتحقق للإنسان الاضطلاع بأمانة القرآن والقيام بواجباته والسير بمنهاجه ، والله تعالى ولي التوفيق .

 

السؤال(2)

إذا وقفنا عند التقوى ، التقوى ربما تفهم في هذا السياق على أنها الصيام نفسه كذلك أيضاً في سياق الآيات الأخرى التي تحث على العبادات كالصلاة والحج وغيره . البعض يفهم من التقوى خشعة في القلب ترافقها دمعة تنساب من العين ، في حين اللسان يلغ في أعراض المسلمين والواقع العملي طافح بالسيئات ، من الذي من الذي يمكن أن يقال له بأنه متقي ؟ ما هي التقوى ؟

 

الجواب :

حقيقة الأمر التقوى قبل كل شيء عقيدة في النفس ، عقيدة متحكمة في نفس الإنسان تقود الإنسان إلى الخير وتنعكس آثارها في كل جزئية من جزئيات حياته ، فالله تبارك وتعالى يبين صفات المتقين في قوله عندما وصف الكتاب الكريم (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )( البقرة : 2-5) .

 

فالله تعالى أول ما وصف المتقين وصفهم بالإيمان ، ثم بين بعد ذلك بأنهم يؤمنون بما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلّم وما أنزل من قبله ومعنى ذلك أنهم لا يفرقون بين رسالة وأخرى وبين رسول وآخر فإنهم يؤمنون برسالات الله جميعا ويتقونه عز وجل ، ولذلك ذكر الله سبحانه تعالى الصلاة من ضمن أوصافهم أي إقامتها وأنهم مما رزقهم الله تعالى ينفقون أي أنهم يجمعون بين العبادات البدنية والعبادات المالية غير مترددين في شيء من ذلك .

 

ومع هذا أيضاً نجد أنه سبحانه وتعالى يبين صفات المتقين عندما وصف الأبرار وبين حقيقة البر ، وبين أن هؤلاء الذين يلتزمون البر هم المتقون أي تنحصر صفات التقوى فيهم وحدهم ، وذلك عندما قال عز من قائل ( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) ( البقرة : 177) فالله تعالى يبين أن هؤلاء هم الصادقون وأنهم هم المتقون .

 

وقد وصفهم الله سبحانه وتعالى أولاً بالإيمان بالله واليوم الآخر وملائكته وكتبه ورسله والنبيين ، فمعنى هذا أن ركيزة التقوى الإيمان ، ثم إننا نجد أن الله سبحانه وتعالى بعد هذا يصف المتقين بما يصفهم به من الصفات التي ترتفع بهم إلى أوج الفضائل الشامخ فهم متصفون بكل صفات الخير ، هم أولاً متمكنون من أنفسهم بحيث يقودونها إلى الخير ، ومن أعظم ما يؤثر على الإنسان ويقلب مجرى حياته إلى الشر حبه للمال ، وقد وصف الله تعالى هؤلاء بأنهم يؤتون المال مع حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وذلك من غير الزكاة بدليل قوله ( وأقام الصلاة وآتى الزكاة ) ، ثم ذكر في تعاملهم مع الناس أنهم يوفون بالعهد وهذا شامل لتعاملهم أيضاً من ربهم سبحانه وتعالى ، ووصفهم الله سبحانه وتعالى بالصبر في البأساء والضراء وحين البأس ، وحصر صفات التقوى في هذا الجنس من الناس ، وهذا كله مما يدل على أن كلمة التقوى مدلولها واسع ، ويؤكد ذلك ما نجد في سورة آل عمران ( قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) ( آل عمران : 15) ، ثم وصف هؤلاء الذين اتقوا بقوله ( الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) ( آل عمران :16) ، كما وصفهم بقوله ( الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ) ( آل عمران :17) .

 

وكذلك عندما بشّر الله تعالى هؤلاء المتقين بجنة عرضها السموات والأرض بيّن عزوجل أن هذه الجنة لأولئك الذين يجمعون بين صفات الخير عندما قال ( أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) ( آل عمران :133-135 ) .

 

فهذه الآيات القرآنية تدل جميعاً على أن كلمة التقوى لها مدلول شامل يتناول جانب التخلي وجانب التحلي مع أن مدلولها اللغوي إنما هو مدلول سلبي أي مدلول يتعلق بالترك لا بالفعل لأن أصل أتقى بمعنى تجنب يقال اتقى الشيء بمعنى تجنبه ، اتقيت هذا الشيء بمعنى تجنبته كما يقول الشاعر :

 

سقط النصيف ولم ترد إسقاطه ***فتناولته واتقتنا باليد

 

أي اتقت رؤيتنا لها بوضع يدها على وجهها حتى لا تمتد إليها أبصارنا فنراها.

 

والمدلول الشرعي هو مدلول فعلي وتركي أو هو مما يشمل جانب التخلي وجانب التحلي ، جانب التخلي بمعنى التخلي عن جميع معاصي الله حتى لو أن أحداً قارف معصية من معاصي الله فإنه سرعان ما يدّكر ويرجع ويتوب إلى الله كما يقول سبحانه وتعالى أيضاً في وصف المتقين ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) (الأعراف:201) . فالمتقون لا يسترسلون في غيهم ، المتقي من شأنه أن يدّكر فإذا أراد الشيطان أن يلم به وأن يغويه وأن يبعده عن مسلك الحق ادّكر فرجع إلى ذلكم المسلك ، والله تبارك وتعالى هكذا يصف هؤلاء المتقين بهذه الأوصاف ، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلّم تدل على ذلك والآثار المحكية عن السلف الصالح أيضاً تصب في هذا المصب نفسه

السؤال (3)

ما هي الطريقة المثلى في تعامل المسلم مع القرآن الكريم في شهر رمضان ؟

الجواب :

المسلم يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ولا ريب أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان حريصاً على القرآن في جميع أوقاته ، لم يكن حريصاً عليه في شهر رمضان فحسب ، وإنما كان حريصاً عليه في جميع أوقاته ، ولا يهجر القرآن وحاشاه عن ذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يشكو إلى الله ( يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً)(الفرقان: من الآية30) ، ولكن مع ذلك كان يضاعف اجتهاده في تدبر القرآن وتأمله ودراسته في شهر رمضان المبارك ، فالحديث المروي من طريق ابن عباس رضي الله عنهما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يعرض القرآن على جبريل في شهر رمضان جاء في كلام ابن عباس : كان النبي صلى الله عليه وسلّم أجود بالخير من الريح المرسلة وكان أجود ما يكون في رمضان عندما يلقى جبريل يعرض عليه القرآن . كان يعرض القرآن على جبريل عليه السلام ، وفي العام الذي توفي فيه صلى الله عليه وسلّم أي في رمضان الذي كان قبل وفاته عرض القرآن مرتين على جبريل .

 

فالمؤمن حريص على الإقتداء بالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام وذلك أنه يعكف في ليله ونهاره على تلاوة القرآن الكريم في كل أوقات فراغه قدر مستطاعه ، ومع ذلك لا يقرأه قراءة استرسال من غير تدبر وتأمل بل يقف عنده لتدبره وتأمله والاستنارة بهديه والمشي على دربه بحيث يحرص على أن يكيف نفسه وفق تعاليم القرآن فهو يتأمل أمره ونهيه ومواعظه وأمثاله وقصصه ووعده ووعيده لينصب ذلك كله في وعاء قلبه حتى يتكيف قلبه وفق تعاليم القرآن ليصلح بصلاحه جسده فإن القلب هو الذي يصلح به الجسد إن صلح ، ويفسد به الجسد إن فسد كما جاء في الحديث عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام ( ألا وإن في الجسد لمضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) ، فإذن هكذا شأن المسلم في تعامله مع كتاب الله تعالى ، والله تعالى الموفق .

 

السؤال(4)

أنا امرأة متزوجة وزوجي يعاني من بعض الأمراض ، هل يجوز التكشف عليه في نهار رمضان ، وما حكم صيامي علماً بأنه كبير في السن ولا يستطيع قضاء أموره لوحده ؟

الجواب :

لا مانع من أن تقوم بخدمته بل هي مأجورة على ذلك ، وهذا أيضاً ليس هو مما يؤثر على الصيام بل ولو لم يكن هنالك عذر ، ولو لم يكن هنالك ما يدعو إلى هذا من حيث طبيعة الزوج أي من حيث مرضه ومن حيث ضعفه ، فإن رؤية المرأة لزوجها على أي حال لا ينقض صيامها ، فلو أبصرته عارياً لما كان ذلك ناقضاً لصيامها ، بل ولو وقعت يدها على شيء من سوأته لما كان ذلك ناقضاً لصيامها ، وإنما ينقض الصيام الجماع لا غير مما يكون بين الرجل والمرأة أي بين الزوج والزوجة ، والله تعالى أعلم .

 

السؤال (5)

سماحة الشيخ وردت علينا عدة أسئلة تشكك في أن اليوم كان مفترض أن يكون صياماً ، وقد شاع أيضاً عند الناس أننا لا بد أن نقضي هذا اليوم لأن اللجنة قد أخطأت .

أحدهم يقول : لقد رأيت اليوم بعد صلاة المغرب الهلال ، والواضح من حجمه وشكله أنه هلال اليوم الثاني لرمضان وليس الأول ، وبما أنه لم ترد إلى اللجنة المكلفة بالاستطلاع أية بلاغات برؤيته ، والواضح أن عدم رؤيته كان بسبب السحب ، فماذا علي أن أفعل بعد أن تأكدت أن اليوم الثلاثين من شعبان يوم أمس كما أعلن ليس هو إلا غرة رمضان المبارك ؟

 

الجواب :

إن الله سبحانه وتعالى ناط الصوم برؤية الهلال ، وجاءت الأحاديث عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام ، والرسول صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، جاءت لتؤكد ذلك بألفاظ متعددة منها أنه صلى الله عليه وسلّم قال : ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له ) ، ، وفي رواية ( فأكملوا العدة ثلاثين ) ، وهي تفسر رواية ( فاقدروا له ) ، وجاء في رواية أخرى ( لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) . إلى غيرها من الروايات الكثيرة التي تدل على أن الصيام والإفطار كل منهما نيط برؤية الهلال أو تمام عدة الشهر ثلاثين يوما ، ومعنى هذا أن الشهر إن كان في آخر شعبان غيم أو في آخر رمضان غيم فإنه تكمل العدة في هذه المدة ثم بعد ذلك يبتدأ الإنسان في الصيام أو يبتدأ في الفطر من غير التفات إلى أمر آخر .

 

ودل الحديث على أن النظر في حجم الهلال لا عبرة به ، وهذا كله من أجل قطع دابر الشك فالنبي صلى الله عليه وسلّم عندما يأمر بهذا إنما يأمر بقطع دابر الشك حتى لا يأخذ الناس في الشكوك ، فقد جاء في حديث عند مسلم من رواية ابن عباس رضي الله عنهما أن جماعة من المسلمين كانوا في سفر إلى الحج فلما كانوا بذات نخلة ترآى الناس هلال ذي الحجة فمنهم من قال هو لليلتين ، ومنهم من قال هو لثلاث ليال ، أي رأوه مرتفعاً وكبيراً جداً حتى أن منهم من قال هو لثلاث ليال ، ومنهم من قال هو لليلتين ، فقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : هو لليلة رأيتموه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : إن الله عظّمه لكم لتروه . ومعنى ذلك أن الله جعله كبيراً من أجل أن تتيسر لكم رؤيته ، هو لليلة رأيتموه لا تجعلوه لليلتين أو لثلاث ليال ، فلا معنى لذلك ، وهذا من أجل قطع دابر الشك .

 

فإذن نحن مستمسكون بهذا النهج ، نهج الرسول صلى الله عليه وسلّم الذي أمرنا به ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (الأحزاب:36) ، والله تعالى الموفق .

 

السؤال(6)

رجل يعيش في قرية نائية ولا يوجد من يصلي بهم صلاة التراويح هناك وهو لا يحفظ من القرآن الكريم إلا القليل ولربما يخطئ في بعض الأحيان فلا يجد من يرد عليه ، هل عليه مسئولية إذا صلى بهم ؟

الجواب :

عليه أن يصلي بهم ، فإنه يؤمر الإنسان أن يصلى بمن هو مثله أو بمن هو أدون منه ، حتى أن الأميين يؤمهم أمي مثلهم ، من كان لا يستطيع حتى قراءة الفاتحة إن كان الآخرون مثله فإنه يصلي بهم ، فهذا عليه أن يحرص على تجنب الخطأ فليراجع المصحف الشريف وليتأمل ما فيه من الأشكال حتى يستطيع أن يتفادى الخطأ ، والله تبارك وتعالى يعينه ، وليؤمهم على بركة الله .

 

السؤال(8)

أنا عيش في بلد أجنبي ويوجد لدي أوقات الصلاة ولكنني لا أعرف وقت الإمساك ، فكيف يتم تحديد وقت الإمساك ؟

الجواب :

وقت الإمساك كما قال الله تبارك وتعالى ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)(البقرة: من الآية187) ، ومعنى ذلك أن يبدأ الفجر الصادق في الظهور ، فعندما يبدأ الفجر الصادق وهو الفجر المستطير لا الفجر المستطيل لأن المستطيل هو الكاذب عندما يبدأ في الظهور فإنه في هذه الحالة يؤمر بالكف ، وينبغي أن يجتهد قدر استطاعته حتى يتبين هذا الوقت ، وذلك يمكن أن يعرفه بمعرفة شروق الشمس لأنه من العادة أن يكون بين طلوع الفجر وشروق الشمس نحو ساعة ونصف هذا هو المعتاد . والله أعلم كيف تكون الحالة في تلكم الأماكن البعيدة عن خطوط الاستواء لا بد من أن يكون هنالك فارق ما بين زمن الصيف وزمن الشتاء .

 

السؤال(9)

ما هي أنواع الفجر ؟

الجواب :

الفجر الكاذب هو الفجر المستطيل الذي هو كما يقال كذنب السرحان أي كذنب الذئب يظهر ثم يختفي ، أما الفجر الصادق فهو الفجر المستطير أي المنتشر الذي يبدأ في الظهور ويأخذ في الانتشار ولا يختفي بعد بداية ظهوره .

 

السؤال(10)

المرأة هل عليها أن تصلي التراويح إذا كان بيتها قريباً من المسجد ؟

الجواب :

أما الوجوب فلا يجب عليها أن تذهب إلى المسجد ، وإن شاءت أن تصلي في بيتها ففي ذلك خير ، لكن لا مانع من أن تذهب ولا سيما إن كان هذا الذهاب يجعلها تنشط بحيث تكون مع النساء جميعاً وراء الإمام فينشطن جميعاً لاجتماعهن وخصوصاً إن كانت أيضاً تسمع الدروس والتوجيهات ففي هذا خير كبير ولكن على أن تخرج غير متبرجة بزينة وغير متطيبة لا ببخور ولا بعطر مع الاحتشام التام ومع الستر الواجب الشرعي .

 

السؤال(11)

من لديه موعد عند الطبيب لتنظيف الأسنان ، هل يؤثر ذلك التنظيف على الصيام ؟

 

الجواب :

لا ، حتى القلع إن لم يلج شيء من الدم إلى داخل الجوف لا يؤثر ولكن من باب الاحتياط ينبغي للإنسان أن يحتاط ، وتنظيف الأسنان لا يؤدي إلى نقض الصوم قط .

 

السؤال(12)

مسجدان أحدهما كبير والآخر صغير والناس يرغبون أن يتجمعوا في المسجد الكبير إلا أن بعض كبار السن لا يستطيعون الذهاب إلى الكبير فهل يصلون التراويح في الصغير ؟

 

الجواب :

حقيقة الأمر أن قرب المساجد بعضها من بعض أمر فيه حرج كبير فنحن نرى أولاً قبل كل شيء أن القرآن الكريم يومي إلى أن وجود المساجد بعضها قرب بعض مما يعد ضرارا فالله تبارك وتعالى يقول ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادَاً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)(التوبة: من الآية107) ، فجعل العلل التي من أجلها حُكم على مسجد بأنه ليس مسجداً شرعياً أن من جملة العلل أنه يسبب التفريق بين المؤمنين ذلك لأن هذه الفئة عندما تجتمع في مسجد تكون قد اجتمعت ولذلك عندما تنقسم على نفسها ، إلى أن تسير فرقة في مسجد وفرقة أخرى تجتمع في مسجد آخر فذلك تفريق وهو غير جائز .

 

والسلف الصالح كانوا حريصين على أن لا تكون المساجد بعضها قريباً من بعض وإنما تكون بعيدة ، ولذلك أمر عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه عندما فتح المدائن ومصر الأمصار أمر عماله بأن يبنوا المساجد وأن لا يبنوا مسجداً بجوار مسجد وأنه إذا بني مسجد بجوار مسجد يضاره فإن الثاني يجب هدمه .

 

ولذلك قال العلماء بأن كل مسجد بني بجوار مسجد حتى صار مضاراً له ، أو بني رياء أو سمعة ، أو بني بمال حرام ، أو بني في أرض مغصوبة فحكمه حكم مسجد الضرار في عدم جواز الصلاة فيه وأن حكمه بأن يهدم .

 

هذا وعلى هذا نحن نفضل مع الإمكان أن يجتمعوا في المسجد الكبير وأن لا يتفرقوا ، أما إن كان أولئك الكبار يشق عليهم أن يذهبوا إلى المسجد الكبير وهم قريبون من المسجد الصغير فلأجل عذرهم لا حرج عليهم أن يصلوا في المسجد الصغير لأجل عذرهم لا لأجل أن يكون ذلك سبيلاً لانقسام الجماعة إلى جماعتين مع إمكان اجتماعها في مسجد واحد ، والله تعالى أعلم .

 

 

السؤال(15)

هل يجوز للمعتدة الذهاب للمسجد لأداء صلاة التراويح في جماعة لأنها معتادة في السابق أن تذهب للصلاة مع الجماعة ؟

 

الجواب :

لا مانع من ذلك .

 

السؤال (16)

من المعتاد عند العمانيين في السابق أن تجتمع العائلة وأن يقوم رب الأسرة بتلقين العائلة نية الصيام ( عقد رمضان ) ، والمشكلة إلى الآن بعض الأسر تعمل بهذا فهل يصح هذا وهل هناك طريقة أخرى ؟

 

الجواب :

النية المطلوبة هي القصد بالقلب ، وليست النية المطلوبة هي كلمات تقال باللسان وإنما أحدثت هذه الكلمات بعد الرعيل الأول بعد عهد الرسول صلى الله عليه وسلّم وبعد عهد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم بل بعد عهد التابعين أحدثت هذه الألفاظ من أجل أن تكون وسيلة لعوام الناس وجهلتهم حتى يتقنوا ما يستحضرونه من النية عندما يتلفظون بها بألسنتهم أي عندما يترجمون هذه النية بألسنتهم ، أحدث ذلك من أحدثه من العلماء ولكن هذه الوسيلة الآن أصبحت هي الغاية ولم تعد هي وسيلة فحسب ، وغاب المقصد في خضم العناية بالوسيلة .

 

فالناس لا يحسبون أن هناك نية بالقلب وإنما يحسبون أن النية باللسان فلذلك يرددون هذه الألفاظ من غير استحضار لمعانيها وهذا خطأ عظيم .

 

فعلى الناس أن يستحضروا أنهم قادمون على العبادة التي هم قادمون عليها وأنهم يبتغون بذلك وجه الله فإن ذلك هو الإخلاص والله تعالى يقول ( وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)(البينة: من الآية5) ، ويقول سبحانه ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)(الكهف: من الآية110) ، وهذه هي النية المطلوبة التي دل على قول الرسول صلى الله عليه وسلّم ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) على أن هذا الذي هاجر إلى الله ورسوله لم يكن يقول ذلك بلسانه وإنما ذلك قار في قرارة نفسه ، وكذلك الذي هاجر إلى امرأة يتزوجها أو إلى دنيا يصيبها لم يكن يقول ذلك بلسانه أنني مهاجر من أجل أتزوج فلانة أو أن أصيب كذا من الدنيا ولكن كان ذلك في قرارة نفسه ، والله تعالى أعلم .

 

السؤال (17)

سماحة الشيخ بعض الناس يستثمرون شهر رمضان الكريم في تحقيق مآربهم الخاصة فالبعض يستثمره في النوم والبعض الآخر وخاصة الشباب يستثمره في السهر الطويل إلى الفجر وهناك أيضاً من يستثمر هذا الشهر في متابعة القنوات الفضائية التي تبث برامج لا ربما تليق بهذا الشهر الكريم وكثير من المسلمين يستغلون الفرصة في هذا الشهر الكريم لتحقيق مآربهم الخاصة ، فما هي نصيحتكم لهؤلاء ؟

 

الجواب :

شهر رمضان شهر مغفرة ورحمة لمن تعرض لهذه الرحمة ، هو شهر تنافس وتسابق في مجال الخير في كل مجال من مجالات الخير فالإنسان مطالب أن يسارع فيه إلى الطاعات ، أن يحرص فيه أولاً قبل كل شيء على حسن عبادة ربه وذلك بأن يؤدي الفروض ، وأن يحرص على ما يمكنه من النوافل أي ما يمكنه أن يأتي به من النوافل ، فعليه أن يكثر من النوافل ، أن يكثر من الصلوات ولا سيما الليل فإن قيام رمضان من أعظم القربات التي تقرب الإنسان من ربه الله سبحانه وتعالى ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخلت العشر الأواخر شد مئزره وأيقظ أهله وأحيى ليله ، ومعنى ذلك أنه يستمر في إحياء الليل كله ، هو كان يقوم الليل في كل وقت من شهر رمضان في الليالي حتى في رمضان ولكنه يضاعف من هذا القيام حتى الليل كله ولذلك كان يشد مئزره وذلك كناية عن شدة حزمه في هذا الأمر بحيث يقبل إليه بجهده كله .

 

فمن هنا كان المسلم حرياً بأن ينافس في هذا الخير ، وأن يسابق في هذا الميدان ، وأن لا تفوته فرصة من ليله ولا فرصة من نهاره يستطيع أن يفعل فيها طاعة إلا ويتقرب إلى الله تبارك وتعالى بتلك الطاعة فيها ، هذا هو الذي ينبغي للمسلم لا غير ذلك .

 

السؤال(18)

نحن طلبة ندرس في الخارج في بريطانيا ولم يتأكد لدينا ثبوت الهلال فبعض الجماعة يقولون بأن اليوم هو الثلاثون من شعبان والبعض يقول غير ذلك والبعض يقول يستحيل أن يرى الهلال لأن الفلك لا يصدق ذلك على أي حال حصل خلاف فبعض الأخوة صاموا والبعض لم يصم ، فما قول سماحتكم في هذه المسألة ؟

 

الجواب :

الصيام منوط برؤية الهلال ، وإن تعذرت الرؤية في ذلك البلد بسبب غيم أو نحوه فالأصل هو الإكمال ، ولكن إن كانت الشهور هكذا عليهم أن ينظروا إلى أقرب بلد من ذلك أي مما يسامت ذلك البلد ويختلف معه في الطلوع والغروب ، فعليهم أن يرجعوا إلى ذلك البلد ، وأن يصوموا بصيامه .

 

 

السؤال (6)

هل دخول البلغم إلى الجوف يفسد الصوم ؟

الجواب :

من استطاع أن يتقي البلغم فليتقه ، ولكن إن لم يستطع أن يتقيه فإن الله تعالى أولى بعذره إذ لا يكلف الله أحداً ما لا يستطيعه ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا)(البقرة: من الآية286) ، ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا مَا آتَاهَا)(الطلاق: من الآية7)

 

 

كان معي شخص ثقيل النوم وأحاول إيقاظه للصلاة أو السحور ولكنه لا يقوم بسرعة وإذا حاولت تحريكه فإنه يهيج ويغضب وعند استيقاظه يقول بأنه لم يكن يدرك ما كان يفعله ، فهل يلزمني أن أوقظه دائماً ولو مع هذه الحالة ، أم أن ذلك يرتفع عني وخاصة على حساب أمور أود أن أقوم بها كمراجعة الدروس أو قراءة القرآن أو ما شابه ذلك ؟

 

الجواب :

في مثل هذه الحالة يجب أن يتفق الاثنان على أمر ، على أن يتصرف هذا الموقِظ تصرفاً يؤدي به إلى أن يستيقظ الموقَظ . فعلى أي حال ينبغي أن يتفقا على شيء كأن يرشه بالماء من أول الأمر ، فإن الرش بالماء قد يطرد عنه النوم ، وهذا مما دل عليه حديث الرسول صلى الله عليه وسلّم حتى في ما بين الزوجين حيث المرأة توقظ زوجها لقيام الليل فإن أبى رشت عليه الماء وكذلك العكس ، لأن للماء أثراً في الإيقاظ ، فينبغي فعل ذلك ، وبهذا يزول الحرج عن الاثنين إن شاء الله .

 

السؤال (11 )

قد يفهم البعض كيفية الرش بالماء أنه يأتي بدلو ويصبه ؟

 

الجواب :

لا ، لا ، وإنما يرشه في وجهه ببعض قطرات الماء .

 

السؤال ( 20)

من تسحر بعد أذان الفجر بسبع دقائق وذلك استناداً على أقوال العلماء بأن العبرة بالإمساك هو طلوع الفجر وليس الأذان ؟

 

الجواب :

نعم الأذان ليس هو مناط وجوب الصيام ، ولا هو مناط أيضاً جواز الإفطار إن كان أذان المغرب ، فهب أن هذا المؤذن أذن قبل الفجر بساعة هل بأذانه يجب الإمساك يجب عن الطعام ؟ وهب أنه أخّر الأذان إلى قبيل طلوع الشمس بعدما أشرق الفجر وأشرق أذّن هل يباح للإنسان أن يستمر على الأكل إلى أن يسمع الأذان ؟

 

وهب أن المكان الذي به ليس به أذان كأن يكون في غير بلاد الإسلام ولا أذان هنالك فهل معنى ذلك أنه يباح له الأكل ما لم يسمع الأذان ؟ لا . الله تبارك وتعالى ناط حكم الصيام بأمر معين وذلك عندما قال ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)(البقرة: من الآية187) ، ومعنى هذا أنه بتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود وذلك بخروج الفجر ، بظهور الفجر ، وظهور الفجر إنما هو ظهور الشعاع المعترض ، الذي يكون معترضاً في الأفق ، هذا الشعاع هو مناط وجوب الإمساك .

 

( ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ )(البقرة: من الآية187) ، فلو أنه أذّن مؤذن للمغرب قبل أن تغرب الشمس هل يقال بأنه بأذانه ذلك يسوغ للناس أن يفطروا ؟ لا . لا يسوغ للناس أن يفطروا وإنما بإقبال الليل ، وإقبال الليل إنما هو بغروب الشمس وإقبال ظلام الليل من قبل الشرق ، بهذا يكون الإنسان قد انتهى صيامه كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم : إذا أدبر النهار من هنا – يعني من جهة المغرب – وأقبل الليل من هنا- يعني من جهة المشرق- أفطر الصائم . في ذلك الوقت يكون الصائم قد أفطر ، والله تعالى أعلم .

السؤال (21)

ما هي الفترة الزمنية التي ينبغي أن تكون بين الأذان وبين الإقامة بحيث يتمكن المفطرون من اللحاق بالجماعة ؟

 

الجواب :

في شهر رمضان على الإمام أن يتحرى الزمن ، وأن ينظر إلى الظرف الذي يتسع لجماعة المسجد أن يفطروا ، وأن لا يُعجلهم عن إفطارهم ، هكذا ينبغي له أن يبقى بعض الدقائق في انتظارهم حتى يتمكنوا من قضاء وطرهم من الإفطار .

 

السؤال (22)

حتى ولو امتدت إلى عشر دقائق ؟

 

الجواب :

حتى لو امتدت إلى عشر دقائق إن كان ذلك من الضرورة .