ناعمة الفارسي:

 

خصوصية الشهر الفضيل تكمن في أمور كثيرة أختصها الله لعباده ، وهي كذلك على مر الأزمنة وتعدد الأمكنة ، وبذات الخصوصية والجمال الذي يضيء النفوس المتلهفة للقائه فالشهر له مكانة خاصة في النفوس عن سائر الشهور فهو شهر التآلف تزداد فيه عرى المودة وتوثق فيه علاقة الخلق بربهم فيما يزداد قرب الناس من بعضهم البعض ويزداد تآلفهم رغبة في القرب من الله ورغبة في مضاعفة الأجر والثواب .

 

تختزن ذاكرتي وذاكرة الكثيرين أمثالي جماليات بعض القيم والعادات التي تلاشت مع مرور الأيام والأزمان حينما كانت ذات صبغة اجتماعية وطابع طغى عليه الإيثار والقرب والألفة أيام رمضان في الماضي البعيد حينما كانت أيامه ولياليه ميسرة وجميلة حد الجمال ، وحينما تأخذنا الذاكرة إلى الوراء قليلاً نستذكر الطقوس والحكايات والمواقف الطريفة فلا نمتلك عدا البوح بها والتغني ببساطتها وروعة معانيها ، حين كانت الجدات والأمهات تحملنّا الأطباق قبيل أذان المغرب بدقائق طارقين الأبواب لتبادل الأطمعة الرمضانية المتواضعة آنذاك ، من أجمل المشاهد التي يمر طيفها عبقا ، مشهد الأطفال الذين يملأون الحارات ذهابا وإيابا حاملين أطباق الطعام التي يتبادلونها مع جيرانهم لتنزل بركة الطعام فيه وفي أصحابه .

 

وتتبادر إلينا كذلك الأحاديث الطريفة التي كان الأهالي يبثوها في نفوسنا في رمضان وهي احتباس الشياطين والجان وتقييدهم بسلاسل غليظة فلا يعود لهم اثر في الليالي المظلمة ، ومع هذا التنبيه فالاطمئنان يسري في النفوس الصغيرة ويمشون ويلهون ويلعبون في حلكة الليل مطمئنين ناهيك عن ما يرافق ذلك من أهازيج لطيفة للغاية تبعث في النفوس الاستمتاع الروحي والجمالي الذي يفتقده الأطفال باقي أيام السنة ، فيما يستغلون فرصة تجمع الأمهات على الموائد والجلسات والسهرات الرمضانية لإقامة ألعابهم المحببة إليهم بكل أريحية ذلك لأن موسم رمضان هو استثنائي بحت لا نِزال فيه وتلك خصوصية أخرى قلما نجدها باقي الأيام .

 

آخـــر المــداد :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب السماء ! وتغلق فيه أبوب الجحيم ! وتغل فيه مردة الشياطين ! لله فيه ليلة خير من ألف شهر ! من حرم خيرها فقد حرم ! ) رواه النسائي والبيهقي .

------------------

جريدة الوطن: الجمعة 2 من رمضان 1431هـ . الموافق 13 من أغسطس 2010م العدد (9873) السنة الـ40

 

----------------

تختزن ذاكرتي وذاكرة الكثيرين أمثالي جماليات بعض القيم والعادات التي تلاشت مع مرور الأيام والأزمان حينما كانت ذات صبغة اجتماعية وطابع طغى عليه الإيثار والقرب والألفة أيام رمضان في الماضي البعيد حينما كانت أيامه ولياليه ميسرة وجميلة حد الجمال ، وحينما تأخذنا الذاكرة إلى الوراء قليلاً نستذكر الطقوس والحكايات والمواقف الطريفة فلا نمتلك عدا البوح بها والتغني ببساطتها وروعة معانيها، حين كانت الجدات والأمهات تحملنا الأطباق قبيل أذان المغرب بدقائق طارقين أبواب الجيران لتبادل الأطعمة الرمضانية المتواضعة آنذاك، من أجمل المشاهد التي يمر طيفها عبقا، مشهد الأطفال الذين يملئون الحارات ذهابا وإيابا حاملين أطباق الطعام التي يتبادلونها مع جيرانهم لتنزل بركة الطعام فيه وفي أصحابه، وحين كنا نلهو ونلعب في رمضان مطمئنين في حلكة الليل نتيجة للمفارقة الطريفة جدا التي كان الأهالي يبعثونها في نفوسنا في رمضان وهي احتباس الشياطين والجان وتقييدهم بسلاسل غليظة فلا يعود لهم اثر في الليالي المظلمة، ومع هذا التنبيه فالاطمئنان يسري في النفوس الصغيرة باللهو البريء واللعب ناهيك عن ما يرافق ذلك من أهازيج لطيفة للغاية تبعث في النفوس الاستمتاع الروحي والجمالي الذي يفتقده الأطفال باقي أيام السنة، فيما يستغلون فرصة تجمع الأمهات على الموائد والجلسات والسهرات الرمضانية لإقامة ألعابهم المحببة إليهم بكل أريحية ذلك لأن موسم رمضان هو استثنائي بحت لا نِزال فيه وتلك خصوصية أخرى قلما نجدها باقي الأيام .

وليس أبعد من ذلك حينما تبدأ العشر الأواخر من رمضان إذ يبدأ الاستعداد والتهيؤ لعيد الفطر الذي هو الآخر طال انتظاره والذي يعد مكافئة من رب العالمين ـ كما أخبرنا به الأهل ـ لمن أحسن صوم رمضان ومن أكل خلسة فإنها ستبين له علامة في جبهته ليعرفها به الجميع أنه أكل خلسة في نهار رمضان لذلك فالحذر الحذر من هكذا موقف في رمضان.

وتعد الأيام الأخيرة من رمضان هي فترة استنفار لاستقبال العيد فقد كانت نساء الحارة في عمل جماعي من حيث التجهيزات كطحن البهارات ونكهات الأطعمة والحبوب وتجهيز الحناء والبخور إلى جانب تنظيف البيت وغسل الأسرة ومقتنيات البيت المختلفة والمتواضعة آنذاك .

 

  ناعمة الفارسية

الأربعاء 10 من رمضان 1432هـ .الموافق 10 من اغسطس 2011م جريدة الوطن العدد(10233)السنة الـ41