البيان السادس: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)
الحكم السابع عشر: دلت على وجوب حبه لأهل محبة الله من أهل زمانه، وعلى استحباب الدعاء إذا دعا لنفسه أن يشركهم في دعائه بنون الجماعة، وفي الفاتحة ذلك واجب عليه فرضاً أن يشركهم كذلك في الصلاة المكتوبة؛ لأنه عليه أن يقرأها كذلك بفتح النون إذا فهم أو أخبر أن قراءتها كذلك، وبكسرة الهمزة إن أمكن.
البيان السابع: أول الآية السابعة (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ):
فعلى من ينكر أن البسملة ليست آية من الفاتحة كالحنفية يجعلون هذه الآية السادسة ، ومن بعدها الآية السابعة، ومن يعتقد أنها آية منها يجعل هذا أول السابعة، وآخرها إلى آخر السورة، والأصح ما عددناه.
الحكم الثامن عشر: دلت على وجوب المحبة لمن أطاع الله تعالى والولاية لهم.
الحكم التاسع عشر: دلت بوجوب الولاية لأولياء الله في المجمل على وجوه الولاية كلها؛ لأنها مرتبة على جزء الشيء على كلياته.
الحكم العشرون: دلت على ذم إعجاب المرء بنفسه في دينه، أي أعماله الصالحة، وذم الرضا عنها، وتزكيتها بالرضا عنها بالسؤال أن يكون على طريقتهم نظراً إلى تعظيم شأنهم على نفسه.
بيان عام: الآية السابعة (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ)
الحكم الحادي والعشرون: دلت على وجوب البراءة لمن عصى الله تعالى من مشرك، ومن مؤمن فاسق.
الحكم الثاني والعشرون: دلت بدلالة وجوبها عليه فهم مجملاً على وجوه البراءة، وأبواب أحكام البراءة أبواب كثيرة طويلة جداً، لا تستقصى في مجلد واسع كثير كثير.
الحكم الثالث والعشرون: ودل مجملها على الاستحباب للمصلي أن يجتهد غاية الاجتهاد في حضور قلبه إلى الله تعالى، وأن غلبه حديث النفس وكثر عليه، ولم يتعمد إلى متابعته فلا يضره ذلك.
الحكم الرابع والعشرون: دلت على استحباب التأسي لمن قدر بأهل الفضل من واجب ومندوب ونفل ومباح وترك مكروه ومحرم، ففي الواجب والمحرم لازم حد القدرة، وفي غيرها غير لازم.
الحكم الخامس والعشرون: دل أخرياتها على ترك التأسي بأهل المعاصي المخالفين عن أهل الطاعة فيما هو واجب تركه وهو المحرم، وفيما هو مكروه، مكروه التأسي بهم في الصلاة وفيما هو محرم التأسي بهم ببعض الصلاة، وفيما هو مكروه محل رأي، فاعرف ذلك، وبالله التوفيق.
فصــــل:
وفي معنى ابتداء (بسم الله) بالبسملة، وفي معاني البسملة، وفي معنى الاستعانة بالله بذكرها، وفي معنى (الحمد لله)، وانتهاء إلى معنى (الرحمن الرحيم) معارف توحيدية، وفي معنى (ملك يوم الدين) اعتقادات إيمانية، وفي معنى (إياك نعبد وإياك نستعين* اهدنا الصراط المستقيم) معارف توحيدية، وفي معنى (صراط الذين أنعمت عليهم) اعتقادات إيمانية بدخول معنى الثواب هنالك، وفي معنى (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) اعتقادات إيمانية لدخول معنى العقاب هنالك، وكل ذلك ليس من الأحكام الشرعية، وإنما هي كما ذكرنا من أحكام الاعتقادات، وهذا كله من معانيها الجلية دون الخفية، وإن في معانيها أيضاً إلى علم الحقيقة، فهي كالأبواب لعلم الدين كله، فلست ترى من علم الدين شيئاً يفوت منها، فاعرف ذلك.
*( انتهى )*