سور: الزلزلة، والعاديات، والقارعة، والتكاثر، والعصر

سورة الزلزلة:

بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1)} اضطرابها المقدر لها عند النفخة الأولى أو الثانية، أو الممكن لها واللائق لها في الحكمة، {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2)} ما فيها من الأموات، { وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3)}؟ لما بهره من الأمر الفظيع؛ وقيل المراد بالإنسان: الكافر؛ فإن المؤمن يعلم ما لها.

{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ} الخلق بلسان الحال {أَخْبَارَهَا (4)} ما أجله زلزالها وإخراجها، { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5)} أي: تحدث بسبب إيحاء ربك لها، بأن أحدث فيها ما دلت عليه الإخبار.

{يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ} من مخارجهم، من القبور إلى الموقف { أَشْتَاتًا} متفرقين بحسب مراتبهم، { لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6)} جزاء أعمالهم، { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} وذلك أن سيئات المؤمن مغفورة، فلم يبق له إلا جزاء الخير، وأعمال الكافر محبوطة فلم يبق له إلا جزاء معاصيه.

*************************

سورة العاديات:

بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1)} قيل: أقسم الله بخيل الغزاة تعدو فتضبح ضبحا، وهو صوت أنـفاسها عند الـعدو، { فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2)} الـتي تـوري النـار، {فَالْمُغِيرَاتِ} تغير بأهلها على العدو، { صُبْحًا (3)} أي: في وقته، { فَأَثَرْنَ} هيجن بذلك الوقت { بِهِ نَقْعًا (4)} غبارا أو صياحا، { فَوَسَطْنَ بِهِ} فتوسطن بذلك العدو، ]أو[ الوقت، أو بالعدو، أو بالنقع، أو ملتبسات به، { جَمْعًا (5)} من جموع الأعداء.

روي أنه عليه السلام: بعث خيلا فضمت شهرا لم يأته منهم خبر، فنزلت؛ وتحتمل أن يكون القسم بالنفوس العادية إثر كمالهن، الموريات بأفكارهن أنوار المعارف، والمغيرات على الهوى، والعاديات إذا ظهر لهن مثل أنوار القدس؛ فأثرن به شوقا، فوسطن به جمعا من جموع العليين.

{إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6)} لكفور؛ من كند النعمة كنودا، { وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ} وإن الإنسان على كنوده { لَشَهِيدٌ (7)} يشهد على (لعله) نفسه لظهور أثر عليه؛ أو أن الله على كنوده لشهيد، فيكون وعيدا.

{وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ} المال { لَشَدِيدٌ (8)} لبخيل، أو لقوي مبالغ فيه، (لعله) وهو من أذم صفاته، لأنه يبعد عن حب الله وطاعته، بدليل قوله:

{أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ} بعث { مَا فِي الْقُبُورِ (9)} من الموتى، { وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10)} من خير وشر، وتخصيصه، لأنه الأصل،{ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ} وهو يوم القيامة {لَخَبِيرٌ (11)} عالم بما أعلنوا وما أسروا فيجازيهم.

*************************

سورة القارعة:

بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

{الْقَارِعَةُ (1)} (لعله) اسم من أسماء القيامة، لأنها تقرع القلوب بالفزع، { مَا الْقَارِعَةُ (2)} تهويل عظيم لها، { وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3)}؟ سبق بيانه في الحاقة، { يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4)} في كثرتهم وانتشارهم واضطرابهم، { وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5)} كالصوف ذي الألوان، المندوف لتفرق أجزائها.

{فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6)} أي: صارت حسناته مثبتة، وسيئاته ممحاة، { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7)} ذات رضى أو مرضية.

{وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8)} صارت حسناته محبوطة، وسيئاته مثبتة، { فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9)} فمأواه النار، والهاوية من أسمائها، والساعي لها هاو، كما أن الساعي للخير مرتق، { وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11)} ذات حمى.

*************************

سورة التكاثر:

بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)} شغلكم (لعله) عن عبادة الله، وأصله الصرف إلى اللهو، منقول من لها إذا غفل، لقوله: {لاَ تُلهيهم تجارةٌ…{، والتكاثر: التباهي بالكثرة مع الأقران، { حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2)} معناه: ألهاكم التكاثر بالأموال والأولاد، إلى أن متم وصرتم مضيعين أعماركم في طلب الدنيا عما هو أهم لكم، وهو السعي لأخراكم، فيكون زيارة القبور عبارة عن الموت.

{كَلَّا} ردع وتنبيه على أن العاقل ينبغي أن لا يكون جميع همه ومعظم سعيه للدنيا، فإن عاقبه ذلك وبال وحسرة، { سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3)} خطأ رأيكم إذا عاينتم ما وراءكم؛ وهو إنذار ليخافوا وينتبهوا من غفلتهم، { ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4)} تكرير للتأكيد، وفي ثم دلالة على أن الثاني أبلغ من الأول عند الموت؛ أو الثاني عند النشور.

{كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5)} أي: لو تعلمون ما بين أيديكم علم الأمر اليقين، كعلمكم ما تستيقنونه لشغلكم ذلك عن غيره، أو لفعلتم ما لا يوصف ولا يكتنه، (لعله) ولكنكم ضلال، فخذف الجواب للتفخيم، ولا يجوز أن يكـون قوله: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6)} جوابا، لأنه محقق الوقوع، بل هو جواب قسم محذوف، أكد به الوعيد،وأوضح به ما أنذرهم منه بعد إبهامه تفخيما.

 {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7)} أي: الرؤية التي ]هي[ نفس اليقين، فإن علم المشاهدة أعلى مراتب اليقين؛ (لعله) والجحيم: النار الشديدة التأجج، وكل بعضها فوق بعض.

{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)} عن التنعم الذي شغلكم الالتذاذ به عن أمر دينكم؛ أو تسألون عن النعيم الذي خلق لأجلكم، لتستعينوا (لعله) به على أمر معادكم، ففيما استعملتموه؟.

*************************

سورة العصر:

بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

{وَالْعَصْرِ (1)} أقسم سبحانه بصلاة العصر لفضلها؛ أو بعصر النبوة؛ أو بالدهر لاشتماله على الأعاجيب، لأن فيه عبرة لأولي الأبصار؛ وقيل: ورب العصر، وكذلك في أمثاله.

{إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)} إن الناس لفي خسران في مساعيهم وصرف أعمارهم ]في مطالبهم[ ؛ والتعريف: للجنس؛ والتنكير: للتعظيم.

 {إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} فإنهم اشتروا الآخرة بالدنيا، ففازوا بالحياة الأبدية، والسعادة السرمدية.

{وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} بالثبات الذي لا يصح إنكاره من اعتقاد أو عمل، { وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} عن المعاصي، أو على الحق، أو ما يبلوا الله به عباده.