بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

 

 (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ 1) شغلكم لعله عن عبادة الله، وأصله الصرف إلى اللهو، منقول من لها إذا غفل، لقوله: (لاَ تُلهيهم تجارةٌ....)، والتكاثر: التباهي بالكثرة مع الأقران، ( حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ 2) معناه: ألهاكم التكاثر بالأموال والأولاد، إلى أن متم وصرتم مضيعين أعماركم في طلب الدنيا عما هو أهم لكم، وهو السعي لأخراكم، فيكون زيارة القبور عبارة عن الموت.

 

(كَلَّا) ردع وتنبيه على أن العاقل ينبغي أن لا يكون جميع همه ومعظم سعيه للدنيا، فإن عاقبه ذلك وبال وحسرة، ( سَوْفَ تَعْلَمُونَ 3) خطأ رأيكم إذا عاينتم ما وراءكم؛ وهو إنذار ليخافوا وينتبهوا من غفلتهم، ( ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ 4) تكرير للتأكيد، وفي ثم دلالة على أن الثاني أبلغ من الأول عند الموت؛ أو الثاني عند النشور.

 

(كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ 5) أي: لو تعلمون ما بين أيديكم علم الأمر اليقين، كعلمكم ما تستيقنونه لشغلكم ذلك عن غيره، أو لفعلتم ما لا يوصف ولا يكتنه، لعله ولكنكم ضلال، فخذف الجواب للتفخيم، ولا يجوز أن يكـون قوله: (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ 6) جوابا، لأنه محقق الوقوع، بل هو جواب قسم محذوف، أكد به الوعيد،وأوضح به ما أنذرهم منه بعد إبهامه تفخيما.

 

 (ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ 7) أي: الرؤية التي ]هي[ نفس اليقين، فإن علم المشاهدة أعلى مراتب اليقين؛ لعله والجحيم: النار الشديدة التأجج، وكل بعضها فوق بعض.

 

(ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ 8) عن التنعم الذي شغلكم الالتذاذ به عن أمر دينكم؛ أو تسألون عن النعيم الذي خلق لأجلكم، لتستعينوا لعله به على أمر معادكم، ففيما استعملتموه؟.