بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

 (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا 1) قيل: أقسم الله بخيل الغزاة تعدو فتضبح ضبحا، وهو صوت أنـفاسها عند الـعدو، ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا 2) الـتي تـوري النـار، (فَالْمُغِيرَاتِ) تغير بأهلها على العدو، ( صُبْحًا 3) أي: في وقته، ( فَأَثَرْنَ) هيجن بذلك الوقت ( بِهِ نَقْعًا 4) غبارا أو صياحا، ( فَوَسَطْنَ بِهِ) فتوسطن بذلك العدو، ]أو[ الوقت، أو بالعدو، أو بالنقع، أو ملتبسات به، ( جَمْعًا 5) من جموع الأعداء.

 

روي أنه عليه السلام: بعث خيلا فضمت شهرا لم يأته منهم خبر، فنزلت؛ وتحتمل أن يكون القسم بالنفوس العادية إثر كمالهن، الموريات بأفكارهن أنوار المعارف، والمغيرات على الهوى، والعاديات إذا ظهر لهن مثل أنوار القدس؛ فأثرن به شوقا، فوسطن به جمعا من جموع العليين.

(إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ 6) لكفور؛ من كند النعمة كنودا، ( وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ) وإن الإنسان على كنوده ( لَشَهِيدٌ 7) يشهد على لعله نفسه لظهور أثر عليه؛ أو أن الله على كنوده لشهيد، فيكون وعيدا.

 

(وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ) المال ( لَشَدِيدٌ 8) لبخيل، أو لقوي مبالغ فيه، لعله وهو من أذم صفاته، لأنه يبعد عن حب الله وطاعته، بدليل قوله:

(أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ) بعث ( مَا فِي الْقُبُورِ 9) من الموتى، ( وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ 10) من خير وشر، وتخصيصه، لأنه الأصل،( إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ) وهو يوم القيامة (لَخَبِيرٌ 11) عالم بما أعلنوا وما أسروا فيجازيهم.