بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

  (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا 1) وضوئها إذا أشرقت؛ وقيل: هو النهار كله، وقيل: حرها؛ (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا 2) تلا طلوعه طلوع الشمس أول الشهر، أو غروبها ليلة البدر، أو في الاستدارة وكمال النور، ( وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا 3) جلا الظلمة إذا كشفها، فإنها تنجلي إذا انبسط النهار، أو الظلمة أو الدنيا، ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا 4) يسترها،  (وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا 5) ومن بناها؛ كأنه قيل: والشيء القادر الذي بناها،ودل على وجوده وكمال قدرته بناؤها، ولذلك أفرد ذكره؛ وكذا الكلام في قوله: ( وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا 6) بسطها، (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا 7) لعله تسوية خلقها للإلهام.

 (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا 8) إلهام الفجور والتقوى: إفهامهما وتعريف حاليهما، والتمكين من الإتيان بهما، وبمعنى: أنه تعالى ألهم العبد وبين له ما هو فيه تقواه فيتبعه، وما فيه هلاكه فيجتنبه؛ وقيل: جعل فيها ذلك، يعني: بتوفيقه إياها للتقوى، وخذلانه إياها للفجور، وذلك أن الله تعالى خلق في المؤمن التقوى، وفي الكافر الفجور.

(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا 9) أنماها وطهرها كم خبائث الشيطان بالعلم والعمل، كانه لما اراد به الحث على تكميل النفس والمبالغة فيه، أقسم عليه بما يدلهم على العلم بوجود الصانع، ووجوب ذاته وكمال صفاته، الذي هو أقصى درجات القوة العلمية، ( وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا 10) أهملها وأنقصها حقها، وأخفاها بالجهالة والفسوق.

 (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا 11) بسبب طغيانها، ( إِذِ انْبَعَثَ) قـام ( أَشْقَاهَا 12) لعله عاقر الناقة أشقى ثمود؛ قيل: هو قدار بن سالف، أو هو ومن والاه على قتل الناقة، وذلك لتوليهم العقر، ( فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ ) أي: ذروا ناقة الله، واحذروا عقرها، (وَسُقْيَاهَا 13) وسقيها فلا تذودها عنها، ( فَكَذَّبُوهُ) فيما حذرهم منه من حلول العذاب إن فعلوا، ( فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ) فأطبق عليهم العذاب، وهو من تكرير قولهم: ناقة مدمومة: إذا لبسها الشحم، ( بِذَنْبِهِمْ) بسببه، ( فَسَوَّاهَا 14) فسوى الدمدمة بذنبهم؛ أو عليهم (وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا 15) عاقبة الدمدمة؛ أو عاقبة هلاكهم.