تفسير ما حرَّم الله من زواج المتعة

 

قوله في سورة النساء: ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ).

قال: كان هذا في أول الإسلام، وهو نكاح المتعة، كان قد أحلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه في أول الإسلام ينطلق الرجل إلى المراة فيقول: أستمتع بك كذا وكذا يوماً، بكذا وكذا من الأجر أياماً مسماة وأجلاً مسمى، فإذا جاء ذلك الأجل الذي كان بينهما أعطاها أجرها، فذلك قوله ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ ) يعني: من الحرائر إلى أجل مسمى (فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) يعني: الذي سميتم لهن ( فَرِيضَةً )، فإذا أعطاها أجرها الذي شرط لها، ثم قال لها: زيديني في الأيام وأزيدك في الأجر، فإن شاءت المرأة قطعت، فذلك قوله ( وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ) فإذا تم الأجل فارقها، ولم يكن للمستمتعة طلاق ولا عدة ولا ميراث.

 

ثم صار نكاح المتعة منسوخة، نسختها آية الطلاق والعدة وآية المواريث، فجعل للنساء طلاقاً وعدة والميراث بينهما إن مات أحدهما، فمن فعله اليوم فلا يحل له.

وقال آخرون: بل يحل له وهو حلال، وليس نكاح المتعة منسوخاً ولكنه حلال وهو مكروه اليوم.

 

ومن الناس من يكرهون نكاح المتعة، وهذا اختلاف.

 

تفسير ما حرم الله من تزوج الزانية

من أهل الكتاب، ومن ولائد مشركي العرب

قوله في سورة النور( الآية 3 ) ( الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ).

وذلك أن المهاجرين لما قدموا المدينة كان عامتهم يجتهد، وليس لهم أموال ولا عشائر بالمدينة يومئذٍ، وإن من نساء أهل الكتاب ومن ولائد الأنصار مشركات فاجرات، قدر رفعت كل امرأة منهن على بابها علامة كعلامة البيطار، ليعلم أنها زانية، وكن أخصب نساء أهل المدينة.

 

فسأل أناس من فقراء المهاجرين رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: هل يصلح لنا أن نتزوج منهن؟ فنصيب من فضل ما يكسبن، فإذا وجدنا عنهن غنى خلينا سبيلهن، فنزل تحريم ذلك، فقال: ( الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ) يعني: من نساء أهل الكتاب أو من ولائد مشركي العرب، ( وَالزَّانِيَةُ ) يعني: من نساء أهل الكتاب أو من ولائد مشركي العرب وغيره من أهل الإقرار، ( لا يَنْكِحُهَا ) يعني: لا يتزوجها ( إِلا زَانٍ ) يعني: من أهل الكتاب وغيرهم من اهل التوحيد ( أَوْ مُشْرِكٌ ) يعني: من مشركي العرب.

 

( وَحُرِّمَ ذَلِكَ ) يعني: تزويج المشركات والمعلنات بالزنا ( عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) وحرم ذلك أيضاً من أهل التوحيد المعلنات بالزنا على المؤمنين، فحرم الله تزويج أهل التوحيد من أهل الكتاب، ومن المشركات، تزويجهن بالزنا، والرجال والنساء سواء في تحريم الزنا، فهو حرام على المؤمنين.

 

تفسير ما حرم الله من تزويج المشركات من غير أهل الكتاب

قوله في سورة البقرة( الآية 221):

( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ ) يعني: ولا تزوجوا المشركات، يعني: من غير أهل الكتاب ( حَتَّى يُؤْمِنَّ ) يعني: حتى يصدقن بتوحيد الله، ( وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ ) يعني: مصدقة بإقرارها بتوحيد الله يتزوجها المسلم ( خَيْرٌ مِنْ ) أن يتزوج ( مُشْرِكَةٍ ) من غير أهل الكتاب ( وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ).

 

ثم قال: ( وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ ) يعني: ولا تزوجوا النساء المسلمات من مشركي أهل الكتاب وغيرهم ( حَتَّى يُؤْمِنُوا ) يعني: حتى يصدقوا بتوحيد الله ( وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ ) تزويجه المسلمة ( خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ).

قال: لا يحل لمسلمة أن يتزوجها مشرك من أهل الكتاب أو غيرهم، ولا يحل لمسلم أن يتزوج مشركة من غير أهل الكتاب، ولا بأس أن يتزوج من نساء أهل الكتاب بحرة عفيفة في سلطان المسلمين.

 

ولا يحل للرجل أن يتزوج من نساء أهل الكتاب بحرة عفيفة في سلطان المشركين، قال: ولا يحل للمرأة أن يتزوجها عبدها، ولا بأس للمرأة أن يتزوجها عبد غيرها.