تفسير ما رخص الله للمؤمنين الأكل مع الأعمى والأعرج والمريض في بيوت أقربائهم :

 

قوله في السورة التي يذكر فيها النور(الآية:61): { لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ } وذلك أنه لما نزلت هذه الآية { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ }(النساء:29) قالت الأنصار بالمدينة: ما أعز من الطعام؟ وكانوا يتحرجون أن يأكلوا مع الأعمى ويتحرجون أن يأكلوا مع المريض, يقولون الأعمى لا يبصر موضع الطعام, ويتحرجون الأكل مع الأعرج ويقولون: الصحيح يسبقه إلى المكان, ولا يستطيع أن يزاحم, ويتحرجون الأكل مع المريض ويقولون: إنه لا يستطيع أن يأكل مثل الصحيح , وكانوا يتحرجون من بيوت أقربائهم وأصدقائهم .

 

فنزلت { لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ } يعني: ليس على من أكل مع الأعمى حرج , { وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ } يعني: وليس على من أكل مع الأعرج { حَرَجٌ }, { وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ } يعني: وليس على من أكل مع المريض حرج { وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ } يقول : ولا حرج عليكم { أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ } يعني: خزائنه , وهو عند الرجل .

 

{ أَوْ صَدِيقِكُمْ } يعني: في بيوت أصدقائكم, قال: { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ } يعني: { أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً } وذلك أنهم كانوا إذا سافروا جعلوا طعامهم في مكان واحد, فإن غاب أحد منهم انتظروه فلا يأكلون وحدهم حتى يرجع مخافة الإثم .

 

وكان أناس منهم لا يأكلون وحدهم حتى يأتيهم من يأكل معهم, قال الله تعالى: { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً } يعني: إذا كنتم جماعة أو أشتاتاً, يعني: إذا كنتم متفرقين فإن أحدكم أكل إذا جاء فلا بأس عليه.