تفسير صلاة المسافر وتقصيره :

قوله في السورة التي يذكر فيها النساء: { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ }(النساء:101) يعني: إذا سرتم في الأرض , { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ } يعني حرجاً , { أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ } . ما خلا صلاة المغرب فليس فيها تقصير . { إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ } يعني: أن يقاتلكم { الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبِيناً }.

 

عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بمكة ثلاث عشرة ليلة يقصر الصلاة , ويقول لأهل مكة : أتموا صلاتكم .

 

قالوا : وفعل ذلك أيضاً عمر بن الخطاب بعد النبي صلى الله عليه وسلم , ثم قال : يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم مسافرون .

 

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين صلاة الأولى وصلاة العصر . وجمع بين المغرب والعشاء في السفر , كان يؤخر صلاة المغرب ويقدم صلاة العشاء فيصليهما جميعاً.

 

قال : ومن كان إماماً فليتخفف في تمام الركوع والسجود , فإذا سلم فليدع لأمر الدنيا والآخرة .وأما في التطوع فليدع بما شاء على أي حال كان . وإن كان إماماً , إذا سلم فليتحول عن مجلسه من ساعته ويقوم .

 

تفسير صلاة الخوف :

{ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ }(النساء:103) يعني: صلاة الخوف ,{ فَاذْكُرُوا اللَّهَ } باللسان ,{ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ }يعني : إذا أقمتم في بلادكم , { فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ } يعني: فأقيموا الصلاة الكاملة { إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً } يعني : فريضة مفروضة معلومة , هكذا ينبغي للأئمة أن يفعلوا .

 

وقال: فإن كان الخوف أشد , فذلك في السورة التي يذكر فيها البقرة : يقول { فَإِنْ خِفْتُمْ }(البقرة:239) يعني العدو { فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً } يعني: فصلوا على أرجلكم أو على دوابكم ركعتين حيث كان وجهه , فمن لم يستطع السجود على الأرض فليؤم برأسه أين ما كان على دابة , أو على غير ذلك , يجعل السجود أخفض من الركوع , ولا يضع جبهته على شيء . وقال: { فَإِذَا أَمِنْتُمْ } يعني: من العدو { فَاذْكُرُوا اللَّهَ } يعني: إذا قمتم في بلادكم فصلوا لله الصلوات الخمس { كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ }.

 

تفسير صلاة الجمعة:

قوله في سورة صلاة الجمعة :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ }(الجمعة:9) يعني: صلاة الجمعة , { مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ } يعني : فامضوا إلى الصلاة المكتوبة الركعتين مع الإمام , وهي فريضة واجبة من الله إذا كان الإمام مسلماً.

 

{ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ } يعني : الصلاة, { خَيْرٌ لَكُمْ } من البيع والشراء, { إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ }(الجمعة:10) يعني : الجمعة, { فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ }فهذه رخصة بعد النهي, { وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ } يعني : من رزق الله , فأحل لهم ابتغاء الرزق وتعلم الحلال والحرام , وأداء الحقوق بعد الصلاة .فمن شاء خرج إلى تجارة أو إلى حاجته التي افترض الله عليه { وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً } يعني باللسان { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }.

 

وعن جابر بن عبد الله الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلا الصبي , أو مريضاً أو مملوكاً , أو مسافراً, أو امرأة , فمن استغنى بلهو أو بتجارة أو لغو استغنى الله عنه والله غني حميد".

 

وعن ابن عباس قال:" ومن لم يدرك ركعة مع الإمام حتى جلس الإمام في آخر صلاته , فكبرت فأدركت التشهد قبل أن يسلم الإمام, فصل ركعتين فقد أدركت الجمعة إن شاء الله".

 

تفسير الصلوات الخمس مع الجماعة :

قوله في السورة التي يذكر فيها الشعراء:

{ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ }(الشعراء:218) يقول الله لنبي:ه يراك حين تقوم إلى الصلاة وحدك , ثم ذكر صلاته في الجماعة فقال :{ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ }(الشعراء:219) يعني: يرى ركوعك وسجودك وقيامك في الصلاة مع المصلين في الجماعة , فهذا الذي قال{ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ } .

 

وذكروا عن ابن عباس أنه قال : من كان من جيران المسجد فسمع الآذان والإقامة , ولم يأتِ المسجد للصلاة في الجماعة من غير عذر فقد أحدث .

 

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" صلاة أحدكم في الجماعة تزيد على صلاته وحده بضعاً وعشرين درجة" .

 

وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" من صلى الفجر في جماعة , ثم جلس في مصلاة لذكر الله , وقراءة القرآن من ذكر الله , والحلال والحرام من ذكر الله , والدعاء من ذكر الله , يفعل ذلك حتى يصلي صلاة الضحى ركعتين أو أربع ركعات , فهو عظيم الأجر , وكان ذلك أسرع إجابة , وأفضل غنماً ".

 

تفسير صلاة الضحى تطوع وليست بفريضة :

قوله في السورة التي يذكر فيها ص:{ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ }(ص:18) يعني: يذكرون الله مع داود بالعشي والإشراق , حين تشرق الشمس في أول النهار.

 

قال ابن عباس : ما فطنت لصلاة الضحى فضيلة حتى أتيت على هذه الآية .

 

وذكروا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" من صلى الضحى حتى تكون الشمس من قبل المشرق , بقدر ما تكون من قبل المغرب وقت صلاة العصر , ركعتين أو أربع ركعات كتبت له الحفظة حسنة", وقال : لن يحافظ على صلاة الضحى إلا من يطلب الخير وهي صلاة الأوابين.