تفسير الوضوء :

في سورة المائدة قوله { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ } (المائدة: الآية6) يعني: إذا أردتم أن تقوموا إلى الصلاة . وأنتم على وضوء , فعلمهم كيف يصنعون قال : { فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ } يعني : امسحوا من الماء برءوسكم , قال ابن مسعود : " يكفي مسح الرأس مرة واحدة " .

 

{ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ } فيها تقديم , يعني : واغسلوا أرجلكم إلى الكعبين , فهذه الفريضة في الوضوء بالماء , فمن ترك شيئاً من هذا الذي ذكره في كتابه فليغسل ذلك الموضع , ولا يعيد الوضوء, ومنهم من يرى أن يعيد إذا يبس كله، فإن ذكر بعدما صلى فليعد ذلك الموضع , ثم يصلي الثانية .

 

عن جابر بن عبد الله , عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ويل للعراقيب من النار " . يعني : من لم يغسل عرقوبيه في الوضوء , وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" أخبرني جبريل أن ربي أمرني أن أغسل الفنيكة " يغني : طرف اللحى .

 

تفسير الاستنجاء بالماء :

قوله في سورة براءة: { فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ }(التوبة: الآية108) وذلك أن الأنصار كانوا يستنجون بالماء من غير أن يؤمروا , فأثنى الله عليهم في هذه الآية , فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم , وطائفة منهم في مسجد قباء بالمدينة فقال : يا معشر الأنصار إن الله قد أثنى عليكم في أمر الطهور . فما الذي تصنعون ؟ , قالوا : نمر الماء على أثر البول والغائط . قال : فقرأ عليهم النبي هذه الآية { فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا } يعني: في مسجد قباء رجال يحبون أن يتطهروا , يعني الاستنجاء بالماء . { وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ } , ففعله النبي بعد ذلك والمسلمون .

 

تفسير الاغتسال من الجنابة :

قوله في السورة التي يذكر فيها المائدة: { وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا } (المائدة:الآية6) يعني : إن أصابتكم جنابة فاطهروا , يعني : فاغتسلوا بالماء .

 

قوله في السورة التي يذكر فيها النساء: { لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى } (النساء:الآية43) إلى قوله { وَلا جُنُباً إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ } يقول : لا تأتوا الصلاة جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا , يقول : لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا فهذا لمن لم يجد الماء وهو صحيح . قوله { إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ } يعني : على سفر لا يجد الماء فيجزئه التيمم .

 

عن النبي صلى الله عليه وسلم :" أنه كان يصلي في الثوب الذي يجامع فيه النساء" وكانت عائشة تصلي في الثوب الذي تحيض فيه من غير أن تغسل الثوب , فإن رأت في الثوب دماً أو بولاً غسلت ذلك الموضع .

 

تفسير التيمم بالتراب للغسل والوضوء :

قوله في سورة (المائدة: الآية6، والنساء: الآية43): { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } يعني : جرحاً . يقول : من كان مجروحاً , والجدري والقروح بمنزلة الجروح , فأصابته جنابة فخشي من شر الماء , وهو يجد الماء فليتيمم بالتراب , ليدع الماء . ثم قال{ أَوْ عَلَى سَفَرٍ } يعني : أو كنتم على سفر وأنتم أصحاء { أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ }(المائدة:الآية6) يعني : أو جامعتم النساء { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا } فتعمدوا { صَعِيداً } يعني الأرض { طَيِّباً } يعني : حلالاً { فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ } وذلك أن يضع أن يضع كفيه على الأرض مرة ثم ينفضهما فيمسح بها وجهه من تلك الضربة الواحدة , ثم يضعهما على الأرض مرة أخرى , ثم ينفضهما فيمسح بهما يديه إلى الكوع , فهذا للوضوء والغسل جميعاً .

 

قال { مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ }(المائدة:الآية6) يعني : من ضيق في الدين حين رخص في التيمم فجعله واسعاً. { وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ } يعني : من الأحداث والجنابة والحيض . { وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ } وكانت هذه الرخصة في النعم { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } يعني: لكي تشكروا ربكم في هذه النعمة .

 

وعن أبي ذر الغفاري، واسمه : جندب بن جنادة , أنه قال : جاء رجل من ربيعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا نبي الله , إنا لا نصيب الماء إلا في شهر , ومعنا الأهلون . قال النبي صلى الله عليه وسلم : "الصعيد الطيب ولو إلى سنين " ولا بأس أن يجامع الرجل إمرأته ثم يتيمم ويصلي .