السؤال :

حديث " أوحى الله إلى موسى عليه السلام قل لعصاة أمتك لا يذكروني فإني آليت أن من ذكرني ذكرته فإذا ذكروني ذكرتهم باللعنة " أيكون الحديث خاصاً بتلك الأمة أم يتناول أمة نبينا محمد " لقوله تعالى : { أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ }(هود:18) ولقد رفع لي بعض من أثق به أن امرأة سألت عن أبيها فقالت هو يلعن نفسه فوجد يقرأ القرآن العظيم . تفضل ببيان ذلك ؟

 

الجواب :

إن صح هذا الخبر عن الله تعالى فهو يتناول جميع الأمم ولا يختص بأمة دون أمة لأن الله تعالى لا يبدل القول لديه والأخبار لا يمكن نسخها وصفات الله لا تتبدل .

 

ويمكن أن يقال إن ذكر العاصي باللعنة اخبار خاص بالعصاة من أمة موسى عليه السلام لقوله في أول الحديث قل لعصاة أمتك ثم قال في آخره فإذا ذكروني ذكرتهم باللعنة فيكون هذا الضمير عائداً إلى العصاة من أمة موسى وأن الخبر الذي لا يجوز نسخه ولا يصح تبديله هو ما في قوله فإني آليت أن من ذكرني ذكرته فيكون الذكر في حق العصاة من غيرهم مجملاً وفي حقهم معلوماً أنه باللعنة .

 

ولقائل أن يقول أن هذا التخصيص غير مناسب للأحكام فإن حكم الله في العصاة من جميع الأمم واحد فيجب أن يتساوى في ذلك .

 

ويمكن الجواب بأن حكم الله المتحد في العصاة هو حكمه عليهم في الآخرة دون احكام الدنيا فإن احكام الدنيا تختلف تخفيفاً وتشديداً ألا ترى أنه جعل توبة العاكفين على العجل قتل أنفسهم وحرم ذلك على هذه الأمة .

 

وبالجملة فيحتمل أن يكون الذكر باللعنة خاصاً بأولئك العصاة وأن يكون عاماً لهم ولغيرهم من سائر الأمم .

 

وأما قول المرأة في أبيها أنه يلعن نفسه فمرادها أنه يقرأ قوله تعالى : { أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ }(هود:18)، { فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ } (آل عمران:61)
{ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ }(النساء:52)، { أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ }(البقرة:161) ونحو ذلك من الآيات فإنها جعلت القارئ لذلك في منزلة اللاعن لنفسه إذا كان من أهل تلك الصفة . والله أعلم .