طباعة
المجموعة: الشيخ أبو زيد عبدالله بن محمد الريامي
الزيارات: 1668

وسئل: عن قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا )(سورة النساء/ الآية 136) ما معنى أمرهم بالإيمان بعدما تحصل منهم ، وهل هو من تحصيل الحاصل؟

 

الجواب: ليس ذلك من تحصيل الحاصل، بل معناها: يا أيها الذين آمنوا بقلوبهم وألسنتهم بما يجب الإيمان به داوموا على الإيمان بالله ورسوله والقرآن والكتب التي أنزلها الله من قَبْلِ القرآن أو ازدادوا إيماناً، فالإيمان المأمور به بمعنى الدوام عليه والازدياد منه فهو غير المُخْبَر بحصوله فلا تحصيل حاصل، وقيل: الخطاب للمنافقين بإضمار الشرك، أي: يا أيها الذين آمنوا بألسنتهم دون قلوبهم آمنوا بالله ورسوله...الخ بألسنتكم وقلوبكم أوللمنافقين الذين لم يضمروا شركاً، أي : ياأيها الذين آمنوا إيماناً غير متحقق بالأعمال آمنوا بالله ورسوله إيماناً محققاً بالأعمال، وقالت فرقة ورجحه الطبري1: الخطاب لأهل الكتاب المشركين الذين آمنوا ببعض وتركوا بعضا مثل اليهود آمنوا بالتوراة وموسى عليه السلام ، وكفروا بعيسى والإنجيل، ومثل النصارى إذ قسموا ذلك وكفر الفريقان بسيدنا-صلى الله عليه وسلم-كما قال الله عنهم ( نؤمن ببعض ونكفر ببعض ..) الآية(سورة النساء/ الآية150)، أي :يا أيها الذين آمنوا ببعض آمنوا بالله ورسوله محمد-صلى الله عليه وسلم-، والكتاب الذي نُزِّلَ عليه وهو القرآن والكتب التي أنزلها من قبله والأنبياء كلهم فإن الإيمان ببعض دون بعض لا يفيد بل ذلك جهل وعناد فإن الإيمان بكتاب واحد ورسول أو نبي واحد قد تضمن الإيمان بالكل .

 

 قال ابن عباس–رضي الله عنهما–: إن عبدالله بن سلام، وأسد بن كعب، وأخاه أسيد بن كعب، وثعلبة بن قيس، وسالم بن أخت عبدالله بن سلام، وسلمة ابن أخيه، ويامين بن يامين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله إنا نؤمن بك وبكتابك وموسى والتوراة وعزير، ونكفر بما سواه من الكتب والرسل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل آمنوا بالله ورسوله محمد وكتابه القرآن وكل كتاب كان قبله فقالوا: لا نفعل، فنزلت الآية2، فآمنوا كلهم بذلك كله، والله أعلم .

--------------------

1-   هو الإمام أبوجعفر محمد بن جرير الطبري، إمام المفسرين، صاحب التفسير الشهير.

2-   يُنظر: تفسير الآية في كتاب الكشّاف للزمخشري.