بثت في:

22 / جمادى الآخرة / 1430هـ

15 / يـــــــــــــونيو / 2009 م

---------------------------------

 

مقدم البرنامج: بسم الله الرحمن الرحيم.

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فالسلام عليكم أيها الإخوة الكرام ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في هذا اللقاء الجديد من برنامجكم دين الرحمة.

 

كنا قد تحدثنا في الحلقة الماضية عن آداب المحادثة والمجالسة، وبيَّن فيها فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي الكثير من النقاط المهمة المتعلقة بهذه الآداب، والتي تجعل من هذه الجِلسة أو الجَلسة مفيدةً جداً لهذا الإنسان، تجنبه الكثير من المزالق، والكثير مما لا يعد من الآداب التي تتسلل إلى الجليس من خلال الثقافات أو المعارف أو الأخلاق المختلفة، واليوم نتحدث-بإذن الله تعالى-في نفس الموضوع، وسنوسع دائرته لنتحدث عن الجليس الجديد.

 

لم يبق شيءٌ في هذه الحياة لم يحصل له على منافس مع تقدم الحياة وتطور العمران، ومع تغير أساليب الحياة الحديثة، فالجليس التقليدي الذي كان الإنسان يقطع معه جزء من عمره وجد في هذا العصر منافساً له يعمل على جعل دوره ثانوياً في حياة بعض الأفراد ممن يفضلون الجليس بل الرفيق الجديد.

 

نعم لم يعد الإنسان الآن بحاجة إلى جليسٍ تقليديٍ في جلسةٍ تقليديةٍ بل يمكنه الحصول على رفيقٍ يصاحبه ويجالسه ويحادثه متى ما وضع يده على زرٍ صغيرٍ، ذلكم هو جليس شبكة المعلومات العالمية، الذي يمكن الانفراد به في غرفةٍ أمام حاسوب أو حتى على الهاتف الذي أصبح الإنسان يحمله في كل وقتٍ، وفي كل حينٍ، هذا الذي نريد أن نتعلم آداب الجلوس معه.

وكيف يمكننا أن نجعل منه مفيداً لا مضراً.

وكيف يمكننا أن ننقل إليه ثقافتنا وديننا وأخلاقنا بدلاً من الحصول منه على خلاف ذلك.

 

*********************

أهلاً ومرحباً بكم فضيلة الشيخ الدكتور..  

 

الشيخ كهلان: حياكم الله.. وأهلاً وسهلاً بكم، وبالإخوة والأخوات الذين يتابعون هذا البرنامج، وأحيي منهم خصوصاً أولئك الذين سوف يشاركون-بمشيئة الله تعالى-في حلقة اليوم من هذا الموضوع الهام، ونسأل الله عز وجل في بداية هذا اللقاء أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا إنه تعالى سميعٌ مجيبٌ.

 

مقدم البرنامج: آمين..

ونحن في انتظار المشاركات، وأظن أنها ستكون كثيرة؛ نظراً لأن الموضوع يتعلق بشيءٍ مهمٍ، وبشيءٍ أصبح كثيرٌ من الناس يمارسونه، ويجلسون أمامه.

 

الآن-فضيلة الشيخ-هل يمكن في عجالة سريعة أن تضع لنا تلخيصاً لما كنا قد تحدثنا عنه من آداب المجالس في الحلقة الماضية؟

 

الشيخ كهلان: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن موضوع آداب المجالس أو أدب المجالس هو من الموضوعات شديدة الصلة بواقع الإنسان المتجدد الذي ما يفتأ أن يجد فيه من المتغيرات ما يحتاج معه إلى إعادة نظرٍ في بعض مبادئ القيم والأخلاق التي يرجع إليها في سلوكه أخذاً وعطاءً فعلاً وتركاً حتى يجدد تلك القيم في نفسه، وحتى يعرف كيف يطبقها واقعاً عملياً في هذه المتغيرات المتجددة التي تتيحها له هذه الحياة المعاصرة؛ ولذلك استغرقنا في موضوع أدب المجالس حلقة ماضية وهذه الحلقة التي نحن فيها اليوم، وكل ذلك يؤكد على أن منهج المسلم في هذه الحياة إنما يستمده من هذا التشريع الحنيف.. من هذا التشريع الذي يعلِّمه الأخلاق كما يعلِّمه الأحكام.. الذي يبصره بأنوار الهداية في كل ما يأتيه وما يذره في نفسه أو مع غيره ومع كل من يتعامل معهم، مراعياً له كل الجوانب العاطفية والنفسية والروحية والعقلية والفكرية كمراعاته الجوانب المادية؛ ولذلك امتد بنا الحديث في هذه الحلقة لكي نتناول عناصر أخرى جليلة بمشيئة الله تعالى.

 

أما تلخيص ما دار في حلقة الأسبوع الماضي من موضوع أدب المجالس فكان يمكن لنا أن نلخصه في أدب المجالس التقليدية أو الآداب الأساسية للمجالس في أنماطها المعروفة لدى الناس، وهذه الآداب هي وإن كانت لا تختلف-؛ لأنها قيم ومبادئ وفضائل-لا تختلف من مجلسٍ إلى آخر.. من مجلسٍ تقليديٍ إلى مجلسٍ معاصرٍ إلكترونيٍ في غرف محادثاتٍ أو في أماكن عامة إلا أن بعض الآداب تكون أظهر في مجالس معينة منها في غيرها، ومع الاحتياطات والمحاذير تكون أظهر في نوعٍ من المجالس عنه في غيرها.

 

أما خلاصة ما تحدثنا عنه: فتعرضنا لموضوع من ينبغي أن يجالسهم المسلم، وهذا قد خصصنا له حلقة خاصة في أدب الصحبة.

كذلك حقوق المجلس الذي يكون فيه من الأمانة، ومن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ثم حقوق الآخرين على الجالسين في ذلك المجلس كالمارة، والمنتفعين بالمرفق العام الذي يكون فيه ذلك المجلس، وكل هذا أخذاً من جملةٍ من المبادئ التي نَصَّ الله عز وجل في كتابه الكريم أو أشار إليها في قوله عز وجل: { ... إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ... } (المجادلة:11)، وأيضا من مثل قوله تعالى: { وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ } (المؤمنون:3) وأيضا امتداحهم في القرآن الكريم بقوله جل وعلا: { ... وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } (الفرقان:72) ومن مثل قول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ".

 

وأما خلاصة الآداب المتعلقة بآداب المجالس عموماً فكان يمكن لنا الآن تلخيصها في النقاط التالية:

غض البصر، كف الأذى عن الآخرين-عن الجلساء، وعن الآخرين المنتفعين من مارة أو متسوقين أو متنزهين في المكان الذي يوجد فيه ذلك المجلس-.

رد السلام، فإن رد السلام واجب لقوله تعالى: { وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ... } (النساء:86).

الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وقلنا إن ذلك يشمل النصح للجلساء والآخرين.. المبادرة إلى التذكير بالله عز وجل.. إن حان موعد الصلاة تنافسوا إلى أداء الصلاة، وذكَّر بعضهم بعضاً.

أيضا من ضمن الآداب إعانة الآخرين سواءً كان ذلك بإرشاد الضال أو بإعانة المحتاج أو كان ذلك بتنبيه الغافل أو كان ذلك أيضا بحفظ أمانات الآخرين أو بتنبيههم إلى ما ينفعهم مما يحتاجون إليه.

 

كذلك قلنا بأن هذه المجالس إنما هي ليتعاهد المسلمون بعضهم بعضاً؛ لأن بعض الإخوة تساءل بعد الحلقة:

أننا كأننا جعلنا أن هذه المجالس التي يجلس الناس فيها قضاءً لمآرب دنيوية، وتنفيساً عن همومهم، وتفريجاً لكروبهم، ومؤانسة لبعضهم البعض كأننا جعلناها مجالس ذكر أو مجالس علم يظللها الجد والحزم..!!

وليس الأمر كذلك، هذه المجالس التي نتحدث عنها هي عموم مجالس الناس التي شرعها الله سبحانه وتعالى فضلاً منه ونعمة لعباده ليؤانس بعضهم بعضاً، وليدخل بعضهم على بعض البهجة والسرور، وليفرج بعضهم هموم بعض، ولينفس بعضهم عن كربات الآخرين، ولكي يتشاور الأخ مع إخوانه وجلسائه، وكل ذلك أيضا في جوٍ من المرح المباح، ومن الضحك والمزاح الذي لا يتنافى أبداً مع أصول هذا الدين وقواعده ومبادئه.

لكن هذا ذاته أيضا محتاج إلى جملة من الآداب هي التي ذكرناها، ولخصتها في ما مضى.

 

مقدم البرنامج: نعم، حتى يكون المستمع الكريم على بينة من أمره في هذا الموضوع:

لماذا هذا الحديث عن هذه المجالس..؟!

هل هناك خطورة معينة متوقعة منها حتى تحتاج إلى هذا القدر التفصيلي من الآداب؟

 

الشيخ كهلان: نعم، هي فعلاً هناك من ما يترتب على هذه المجالس ما يستدعي أن يتنبه المسلم إلى آدابها، وإلى مراشدها وهداياتها، ليس فيما يتعلق بالمجالس نفسها بل الأمر يتعدى ذلك إلى ما يتصل بالأماكن التي توجد فيها هذه المجالس أي أنماط المجالس اليوم قد تغيرت فهناك مجالس في أماكن عامة.. هناك مجالس في مجمعات تجارية.. هناك مجالس على الطرقات بأنواع الطرقات المعاصرة.. هناك مجالس-كما قلنا-على شواطئ البحر.. في المتنزهات العامة، هذه ترتب حقوقاً للآخرين.. منافع للآخرين في هذه الأماكن التي توجد وتكون فيها هذه المجالس إن جاز أن توجد فيها مجالس.

 

وهي تختلف عن المجالس الخاصة التي تكون في البيوت، والتي لها بعض الآداب التي سوف نتعرض لها اليوم؛ لكننا نتحدث عن المجالس العامة كما كان في الأدلة الشرعية التي سقناها.

 

فإذاً هناك آثار كثيرة تترتب عليها، وسوف ننصُّ عليها نصاً اليوم-بمشيئة الله تعالى-تستدعي أن يتعرف المسلم على هذه الحقوق.

 

على أن هذا الدين موافق لهذه الفطرة، ويريد أن يسوق هذا الإنسان لما يزكي هذه الفطرة فيرتقي بذوقه ما نعرفه نحن اليوم من إتيكيت التعامل أو الذوق العام أو الذوق الإنساني، هذا الدين يزكيه، ويريد أن يجعل من المسلم شامة بين الناس.. في مظهره.. في ملبسه.. في مجلسه.. في قوله وفعله، حتى أن الرسول-صلى الله عليه وسلم-في بعض الروايات-وسوف نتعرض لهذا بمشيئة الله تعالى في حلقات قادمة-كان ينصح أصحابه حينما يَفِدُونَ على قومٍ أن يهيئوا من هيئاتهم وأشكالهم قبل أن يصلوا إلى من يزورنهم.. ويَنُصُّ هكذا في الحديث: حتى يكونوا كالشامة في الناس..

أراد لهم أن يكونوا بمظهرٍ حسنٍ، وبهيئةٍ جميلةٍ حسنةٍ فيصلحوا من أحوالهم، ويُحسِّنوا من مظهرهم حتى عندما يدخلون على إخوانهم الذين يزورنهم، فلذلك نجد أن هذا الدين يسعى فعلاً إلى أن يزكي هذه النفوس في ذوقها.. في أخلاقها.. في تعاملها.. كما في عبادتها وإيمانها بالله سبحانه وتعالى.

 

مقدم البرنامج: نعم، فهمت أيضا من كلامكم أنكم ستتحدثون اليوم عن أمورٍٍ تتعلق بمجالسٍ أخرى، وسنستمع إليها إن شاء الله تعالى إلى تفاصيلها بعد استماعنا إلى هذه الآية القرآنية الكريمة.

 

*********************

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا } (الأحزاب:53).

 

مقدم البرنامج: صدق الله العظيم.

استمعنا-فضيلة الشيخ-إلى هذه الآية القرآنية الكريمة، وهي تصور لنا مجلساً يكون في بيت النبي-صلى الله عليه وسلم-قد تضمن مجموعة من التنبيهات من الله سبحانه وتعالى، نريد أن تحدثنا عن ما يستفاد من هذه الآية الكريمة، خاصة فيما يتعلق بموضوعنا. 

 

مداخلة متصل: أحببنا أن نشارك معكم في هذا البرنامج:

طبعا في الأوقات المعاصرة كذلك المجالس المعاصرة تعددت مثل: مجالس الإنترنيت والتي هي المقاهي، وكذلك مجالس المقاهي التي يُتَعَاطى فيها الشيشة، وكثير من المجالس العامة بصفة عامة؛ لكن سؤالنا لفضيلة الشيخ هو:

مجالس الإنترنيت كيف لنا أن ندرب أبناءنا أو نربيهم على الإنترنيت؟ فالآن بما أن العالم أصبح قرية صغيرة كيف نضبط دخول الأبناء في مجال الإنترنت؟

شكراً جزيلاً.. الله يبارك فيكم.

 

مقدم البرنامج: بارك الله فيك أخي.. شكراً جزيلاً.

نعود فضيلة الشيخ إلى موضوع الآية الكريمة والتي بيَّن الله سبحانه وتعالى فيها أمراً لأولئك الذين يجلسون في مجلس النبي-صلى الله عليه وسلم-إلى درجة أنه بيَّن أنه حق ولابد أن يلتزموا به، وأنه لا حياء منه، ما هو هذا الأمر؟

 

الشيخ كهلان: هذه الآية فيما يتعلق بموضوع آداب المجالس اشتملت على جملة من ما له صلة بهذا الموضوع، أولاً في الجزء الأول منها { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ ... }-ونحن تعرضنا لحكم الاستئذان-فإذاً لابد من الاستئذان، وقبل الاستئذان لابد من أن يكون مدعواً.

ولهذا فالنبي–صلى الله عليه وسلم--لما زار بعض أصحابه حينما كان مدعواً هو وجملة من الأصحاب فرافقهم آخر- كان النبي–صلى الله عليه وسلم-أول ما ذكره لمضيفه أن هذا معنا فإن أذنت دخل وإلا رجع.

فإذاً أن تكون الزيارة في موعدٍ وبتنسيقٍ سابقٍ إلا من عُلِمَ منه أنه يستقبل الناس أو هناك شيء من العُرف الذي يسمح بالزيارات في الأوقات التي تكون فيها الزيارات، والتي هي دعوة مفتوحة مثلاً أو كان يُعلَم من حاله أو كان العُرف مستقراً على السماح بمثل هذه الزيارات دونما حاجة إلى تنسيقٍ سابقٍ.

 

لكن الأصل فيما يتعلق بالولائم أو فيما يتعلق-كما نسميه نحن-العزومات أن تكون بدعوةٍ كما هو الشأن في المناسبة التي لأجلها نزلت هذه الآية الكريمة، فقد نزلت في وليمة أعدها النبي–صلى الله عليه وسلم-ودعا إليها الناس وهي زواجه أو دخوله على السيدة زينب بنت جحش-كما في رواية البخاري، وكما في أحاديث كثيرة-.

 

فإذاً الدعوة والاستئذان هي من آداب الدخول.. الولوج إلى المجالس، كذلك الآية قالت: { ... إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ ... } فإن كانوا قد دُعوا إلى وليمة لا ينبغي لهم أن يقدموا المجيء.. أن يقدموا الوصول فيقعدوا ينتظرون أن يجهز ذلك الطعام، { ... إِنَاهُ ... } أي إلى نضجه، وأن يتهيأ فيكون صالحاً للأكل، كذلك لا ينبغي لهم أن يتأخروا في المقابل.. من باب أولى لا ينبغي لهم أن يتأخروا، ثم الآية قالت: { ... وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا ... }، ثم { ... فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ... }،{ ... فَانتَشِرُوا ... } أي لا تمكثوا .. لا تطيلوا المكث بعد انتهاء القصد من الزيارة، فإذاً ينبغي أن تكون الزيارة خفيفة، وأن يكون الجليس خفيفاً على مضيفه في مجلسه ذلك { ... فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا ... ويقاس على ذلك انقضاء الأرب من الزيارة، فإن كان أتاه لأن يستشيره في أمرٍ فإذا انتهى استأذن.. إذا جاءه يستنصحه في موضوعٍ فإذا انقضت النصيحة استأذن وخرج.. إذا جاءه لتفقد أحواله..الخ.

وأقصر الزيارات هي زيارة المريض؛ حتى لا يثقل عليه، وإنما يطيب خاطره بكلماتٍ، وبدعاءٍ طيبٍ، ويدعو له بالخير، ويؤمله في الشفاء، ثم يستأذن.

 

مقدم البرنامج: يزور ويخفف..

 

الشيخ كهلان: نعم، { ... فَانتَشِرُوا ... } أي لا تمكثوا، { ... وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ... } أي بعد أن يقعد بعضكم يأنس إلى بعضه بحديثٍ فيه إثقالٌ على صاحب البيت.. فيه إثقالٌ على صاحب المجلس والآية صريحة في ذلك { ... إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ... }، والنبي-صلى الله عليه وسلم-كان يقوم ويقعد.. يقوم ويتفقد نساءه ويرجع ونفر من أصحابه كانوا لا يزالون جلوساً يتحدثون؛ فلذلك نزلت هذه الآية الكريمة، حتى خرجوا فدخل النبي-صلى الله عليه وسلم-إلى زوجه.

ولذلك يقول بعض المفسرين هذه الآية جاءت مبينة أن الشرع لم يحتمل الثقلاء، فكيف نحتملهم نحن؟؟!!، فيها تنبيه إلى أن هذا الدين يريد للمسلم أن يكون خفيف الظل.. أن يكون حسن المعشر.. أن يكون لطيفاً في تعامله مع الآخرين.. أن يكون أيضا لماحاً، فحينما يجد استثقالاً من مضيفه أو من جليسه فإنه لا ينبغي له أن يطيل معه الجلوس.

 

ولا يجد في نفسه أيضا حرجاً من ذلك؛ لأن الإنسان تعتريه الشواغل، والهموم، والأعمال، وأيضا ينبغي له أن يراعيه حتى أن يجعل له وقتاً يكون فيه مع أهله، ومع ولده، وأن يقضي فيه شؤونه وأحواله.

 

إذاً هذه الآية تضمنت هذه الآداب التي تتعلق بآداب المجالس في البيوت-وكما قلت-فسبب نزولها هو هذا الأدب الرفيع الذي يؤدب به القرآن صحابة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، وأمة المسلمين من بعدهم فيما يتعلق بآداب الزيارة. 

 

مقدم البرنامج: نعم، طيب حتى نستفيد أيضا من هذه اللحظات التي شرحتم فيها الآية القرآنية الكريمة، وقبل أن نلج في موضوع المجالس الحديثة، هناك سؤال يتعلق بهذه الآية نفسها:

ربما يوجد في هذه الحياة مجموعة من الأشخاص يوطدون أنفسهم على تتبع العزائم والولائم-ولائم الأعراس وغيرها-، ويحضرونها من دون دعوة أو يصطحبون معهم من لم يُدْعَوا إلى هذه الولائم، هل يشكل ذلك حرجاً للداعي؟

 

الشيخ كهلان: نعم، هذا مما لا ينبغي-وكما قلت-نحن أيضا تعرضنا لهذه النقطة في حلقاتٍ سابقة أنه لا ينبغي للمسلم أن يفعل ذلك، بل الواجب استئذان صاحب الضيافة إن لم يجد بُداً من أن يصحب معه غير مدعو، والآن بحمد الله تعالى قد تيسرت وسائل الاتصال، وأمكن ذلك دونما تعريض صاحب الدار للإحراج أيضا أو صاحب الضيافة للإحراج.

 

أما هذا الذي يتتبع العزائم والولائم فهذا طفيلي كما نصَّ الفقهاء، ونصَّ أيضا عليه أهل العلم، وعلقوا أيضا الكثير من الطرائف حول تصرفات هؤلاء الطفيليين، وهناك أبواب حتى في الفقه مما لا يعرفه كثير من الناس في تصرفات الطفيلي ليس فقط فيمن يتتبع الولائم وإنما فيمن يحشر نفسه في تصرفاتٍ دونما توكيلٍ أو إذنٍ من الآخرين.

 

مقدم البرنامج: نعم، هذا موضوع ظريف، والحقيقة يحتاج أيضا إلى توسعة.

 

الشيخ كهلان: يمكن نعم أن يكون في آداب الزيارة إن شاء الله..

 

مقدم البرنامج: إن شاء الله تعالى.

الآن نبدأ الحديث عن موضوع المجالس الحديثة-فضيلة الشيخ-وعندنا نمطان:

المقاهي، والنوادي، والشواطئ، بل والطرقات، والمجمعات التجارية.

وعندنا غرف المحادثة أو المجالس الإلكترونية أو مجالس شبكة المعلومات العالمية، والتي كما قلنا في المقدمة أصبحت ليست الآن جلوس أمام حاسوب وإنما حتى في هاتفه وهو يمشي يحادث ويجالس.

الآن نحن نتحدث عن الصنف الأول، وبعد ذلك سنأتي إلى الصنف الثاني-إن شاء الله تعالى-.

موضوع المقاهي، والنوادي، والشواطئ، والطرقات، والمجمعات التجارية ما هي الآداب التي يلتزم فيها الإنسان أثناء وجوده في هذه الأماكن؟؟

 

الشيخ كهلان: نعم، هي لا تخرج عن دائرة الآداب التي لخصتها فيما مضى؛ لكن هناك اعتبارات أولى بالمراعاة في مثل هذه الأماكن العامة سواءً كانت مجمعاتٍ تجاريةٍ أو كانت منتزهاتٍ عامةٍ أو كانت مرافق عامة هذه الاعتبارات التي ينبغي مراعاتها أكثر من غيرها تتلخص في:

عدم تفويت انتفاع الآخرين الانتفاع الصحيح من ذلك المرفق العام، فمثلاً: المجمعات التجارية إن كانت لا توجد فيها أماكن خاصة للجلوس فهذا يعني أنها لم تُجعَل لذلك الغرض، فالجلوس فيها يؤدي إلى تضييق منفعة الآخرين من تلك المرافق العامة، نحن نجد أن بعض المجمعات التجارية وهي أريد لها أن تكون للعائلة، فهناك أماكن يمكن أن يقصدها الأطفال في الوقت الذي يكون فيه الأبوان يتسوقان مثلاً أو يقضيان مآربهما في ذلك المجمع التجاري، فإذا ببعض شبابنا وفتياتنا للأسف الشديد يقصدون هذه المجمعات التجارية فقط لأجل اللقيا، ولأجل المسامرة، ولأجل تبادل الأحاديث، ولأجل اللهو دونما حاجة فعلية إلى وجودهم في تلك الأماكن، وبالتالي فإنهم يضيعون حقوق الآخرين، فيأثمون بتصرفهم ذلك بتضييقهم على الذين يقصدون هذه الأماكن لحاجةٍ ومنفعةٍ مشروعةٍ، كما أنهم لا يسلمون في الغالب أيضا من إهمال حقوق هذه المرافق العامة، وحقوق المنتفعين منها من غض البصر، ومن كف أذى اليد واللسان؛ لأن كثيراً ما تجد هؤلاء-للأسف الشديد-يُقلبِّون أعينهم ذات اليمين وذات الشمال في الغادين والرائحين يمعنون.. يحدون أبصارهم في المنتفعين بذلك المرفق العام، مما يدخل عليه حرجاً، وعلى أسرته وعائلته.

 

تجد أيضا أنهم يكثرون من الصراخ، ومن الاستهزاء بالآخرين، ومن التنابز بالألقاب فيما بينهم، وهذا مما لا ينبغي.

 

نهي الرسول-صلى الله عليه وسلم--كما استمعنا في الحديث في الحلقة الماضية، وكما سوف نستمع اليوم-النبي-صلى الله عليه وسلم-حذر منها بداية قال: " إياكم والجلوس في الطرقات "، إياكم ..." للتحذير، ثم بعد ذلك لما بينوا أن مقصدهم حسن، وأنهم إنما يجلسون ليتعهد بعضهم بعضاً بالنصح، وبالمؤانسة المباحة، وبالمصالح المعتبرة شرعاً كان جواب الرسول-صلى الله عليه وسلم-أن قال: " فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقها ".

 

وكالطريق سائر المرافق العامة التي يستفيد منها الناس، وهذا ينسحب ليس فقط على موضوع المجمعات التجارية وإنما كذلك ما يتصل بالمنتزهات العامة، الحدائق مثلاً:

هذه جعلت لمصلحةٍ عامةٍ لعموم الناس، فلا يصح أن تقوم فئة من الناس بتفويت هذه المنافع على الناس فيكونون سبب إزعاجٍ للآخرين.. ترتفع أصواتهم، وكثيراً ما ترتفع بما حرم الله سبحانه وتعالى، وإذا بهم يغمزون المارين والمستفيدين، وإذا بهم يكونون مصدر إحراجٍ للآخرين، وسبباً لتكدير صفوهم وانتفاعهم بهذه المرافق العامة..

 

لا..، هذا مما يتنافى وآداب الإسلام، ومما ينبغي أن يحاط بمزيدٍ من الرعاية، وأن يغرس في نفوس شبابنا وفتياتنا كيفية مراعاة الآخرين في مثل هذه المرافق العامة من غض البصر، ومن كف الأذى-أذى اللسان واليد-كما قلت-، ومن مساعدة المحتاجين، ومن إعالة من يحتاج إلى إعالة، ومن أن يكون المجلس نفسه فيه خير.. فيه ما يفرج الهموم، وما يدخل المرح في القلوب؛ لكنه في إطار ما سمح به الشرع الحنيف، وأن يكتنفه أيضا ذكر الله عز وجل، وأن يكون في إطارٍ من أخلاق الإسلام حتى يكون الزائر الذي يرى أن الناس أهل هذه المجتمعات هم في هذه الأماكن في منتزهاتهم العامة، وفي أماكن المجمعات التجارية.. في شواطئ البحر ملتزمون بهذه الآداب، وبهذه الأخلاق، وهذا مما يمكن أن نسميه بالذوق الرفيع فإنه سوف يحترم هذا الشيء فيهم، وسوف يلتزم بمثل هذه الآداب، فيكون في ذلك الخير الكثير.

 

مقدم البرنامج: وهذا أيضا قد يَصْدُقُ-فضيلة الشيخ-على مسألة الشواطئ، والحدائق العامة؛ لأن العُرف يقتضي في ذلك ربما لأن الناس قد تتخذها فرصةً للجلوس؛ لكن في المجمعات التجارية لا يوجد مكان حتى للجلوس..!!

 

الشيخ كهلان: نعم، لذلك نحن مما ذكرناه ونبهنا عليه في الحلقة الماضية أيضا أنه لا ينبغي الجلوس في مكانٍ غير مخصص للجلوس أو غير مخصص لمثل هذه المجالس، فمثلاً ضربنا مثالاً أماكن انتظار عُبَّار الطريق لسيارات الأجرة.. هذه أماكن مخصصة لهذا الغرض، فإذا ببعض الناس-للأسف الشديد-يستولون على هذه الأماكن فتكون مجالس لهم، ويفوتون منفعة عُبَّار الطريق، تجد أن هؤلاء يقفون في الشمس.. في الرمضاء، ولا ينتفعون بالخدمات الموجودة في تلك المحطة أو الموقف التي جُعِلَتْ لهم خصيصاً؛ لأن مجموعة من الشباب اتخذوها مجلساً، وذلك المجلس أيضا إنما هو فيما يغضب الرحمن ويرضي الشيطان، كما ذكر أو أشار الأخ المتصل الأول تجد أنها مجالس للشيشة أو للتدخين أو للهو والمجون الذي لا يقره الشرع أبداً، فيزدادون إثماً وأوزاراً فوق أوزارهم.

 

مقدم البرنامج: نعم، وعوداً على موضوع الحدائق العامة فإن بعض الشباب يأخذ كرةً ويجعل تلك الحديقة ميداناً فسيحاً للعب الكرة.. ربما يُنَبَّهُون بأن الكرة لابد أن تحمل صفاتٍ معينةٍ، لا تكسر مصباحاً، ولا تحطم شجراً؛ ولكن الواقع الذي يحصل أنهم يأخذون كرة خشنة كالكرة التي تُلعَب في الملاعب العامة، ويحطمون بها الحديقة.

 

الشيخ كهلان: وهذا من حقوق المرافق العامة عليهم أي هذا أمرٌ مُسلَّمٌ به بعيداً حتى عن أن يكون هؤلاء الأفراد يرغبون في أن يجلسوا إلى بعضهم في ذلك المرفق أو لا يجلسون-أي أن تكون هناك مجالس لهم في مثل هذه المرافق-؛ لكن واجب المحافظة على هذه المرافق العامة هو واجبٌ أصيلٌ-كما قلت-سواء أرادوا أن يتخذوا فيها مجلساً أو لم يريدوا يبقى أن المحافظة على الممتلكات العامة وعلى ما ينتفع به الناس في هذه الأماكن هو واجبٌ يقره هذا الشرع؛ لأن فيه-كما قلت-مصلحةً عامةً راجحةً.

 

مقدم البرنامج: طيب قبل أن ندخل في موضوع الإنترنيت همسة بسيطة أيضا في أذن الفتيات بالذات..

قد يكون الشاب محتاجاً مثلاً إلى الخروج إلى مثل هذه الأماكن العامة للقاء بأصدقائه؛ ولكن ماذا عن الفتيات اللواتي أيضا يرتدن أو يصنعن مجالس في مثل هذه المرافق العامة ربما سيكون الأمر بالنسبة لهن محرجاً أكثر، أليس كذلك؟؟

 

الشيخ كهلان: هو كذلك؛ لكن الشرع لم يمنع النساء من الخروج لقضاء مآربهن أو حتى للمؤانسة مع-بالنسبة للمرأة-مع جاراتها أو صاحباتها؛ لكن جعل مزيداً من الآداب والضوابط الشرعية التي تكتنف خروجها، ولبسها، وزينتها، وسترها، وعفافها، هذه لابد من مراعاتها أكثر مما هو الحال بالنسبة للرجال، أي لما نقرأ هذا الحديث عن النبي-صلى الله عليه وسلم- حديث " فأعطوا الطريق حقه "، فقالوا: وما حق الطريق؟ فقال الرسول-صلى الله عليه وسلم-: " غض البصر ".

غض البصر عمن؟ إنما هي عن عورات المسلمين، وغالباً إنما يكون ذلك عن النساء.

 

فالشرع لم ينهَ المرأة عن الخروج لقضاء حاجةٍ دنيويةٍ أو منفعةٍ لها ولبيتها من صلة رحمٍ.. من قضاء مأربٍ مشروع؛ لكنه أمر الطرفين بآدابٍ منها:

غض البصر، وحفظ اللسان، وحفظ الفرج، وبالنسبة للمرأة لابد من الستر، والابتعاد عن الزينة.. الابتعاد عن الطيب، وأيضا أن تكون محتشمةً في قولها، فالله عز وجل يقول: { ... فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَّعْرُوفًا ... } (الأحزاب:32)، نهى الشرع عن التبرج، هذه الآداب لابد أن تكون حاضرة في ذهن الفتاة المسلمة حينما تقصد مثل هذه الأماكن، ويضاف إليها أنه من الأحوط لها ومن الأحرز لها أن تكون في رفقةٍ محرمٍ أو زوجٍ، حتى وإن كانت هذه الأماكن قريبة إلا أن واقع أحوال الناس وواقع أحوال المجتمعات اليوم قد تغيرت فحتى لا تُعرِّض نفسها لمضايقاتٍ هي في غنى عنها فإن الصيد يغري القناص إن لم يكن مع الصيد من يدفع هؤلاء الذئاب الذين يتربصون الدوائر بالمرأة، هذا لا ينتقص من قدر المرأة ومكانتها بمقدار ما يدفع عنها هذه المضايقات، ويضيف إليها صوناً إلى كرامتها، وعفة إلى عفتها وحشمتها.

 

مقدم البرنامج: هو-كما تفضلتم-ما دامت المرأة تلبس الاحترام بكل معانيه فإن الآخرين سيحترمونها شاءوا أو أبوا.

 

*********************

عن أبي سعيد الخدري عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال: " إياكم والجلوس في الطرقات "، قالوا: يا رسول الله ما لنا بُدٌّ من مجالسنا نتحدث فيها، قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: " فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه "، قالوا: وما حقه؟؟ قال: " غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ".

 

مقدم البرنامج: الآن-فضيلة الشيخ-استمعنا إلى هذا الحديث الشريف، هل من تعليقٍ بسيطٍ عليه، ثم بعد ذلك-إن شاء الله-نبدأ حديثنا عن مجالس الإنترنيت.

 

الشيخ كهلان: نعم، الحديث واضح في دلالاته ومعانيه؛ لكن هناك روايات فيها بعض الزيادات التي يَحْسُنُ أيضا أن نُعَرِّفَ المستمع الكريم بها أي بعض الروايات فيها زيادة أن من حق الطريق : " ... حسن الكلام... "، وكأن الرسول-صلى الله عليه وسلم-يشير إلى أن حق المجلس أيضا الكلام الحسن وحسن الكلام، في رواية أيضا إضافة " ... وإرشاد ابن السبيل، وتشميت العاطس إذا حمد "، في رواية: " وتغيث الملهوف، وتهدي الضال " ورد هذا المعنى أيضا في رواية أخرى عند الإمام أحمد والترمذي بنحو: "اهدوا السبيل، وأعينوا المظلوم، وأفشوا السلام "-فيها إضافة إعانة المظلوم-، أيضا في بعض الروايات " وأعينوا على الحمولة " أن تعين الرجل فترفع له متاعاً على دابته صدقة.

 

مقدم البرنامج: أي تجعل هذه المجالس مجالس إصلاحية..

 

الشيخ كهلان: نعم هي مع كونها مجالس دنيوية كما يصرح أهل الفقه أن هذه المجالس فيها مصالح دنيوية، يتعهد الناس بعضهم فيها بعضاً يتذاكرون فيها أمور دنياهم من زراعةٍ وتجارةٍ وصناعةٍ وفكرٍ وحضارةٍ إلى آخره، كما يتذاكرون فيه أمور دينهم.. يتذاكرون فيه مصالحهم، ويستشير بعضهم بعضاً.. يروحون فيها عن نفوسهم، لا مانع من الظرف والمزاح المسموح به شرعاً، أيضا يحادث بعضهم بعضاً في المباح.. يدفع بعضهم عن بعض السأم والملالة والمفاسد في أمور كثيرة، هذا مما يصرح به الفقهاء؛ لكنها مع ذلك اشتملت على هذه الجملة من الحقوق التي بينها الشرع الحنيف.

 

مقدم البرنامج: نعم، الآن نأتي بالفعل إلى الموضوع الذي كنا نتحدث عنه حتى في بداية تقديمنا لهذه الحلقة، وفي بداية حديثكم أيضا في موضوع المجالس الإلكترونية.. غرف المحادثة، ومواقع التعارف عبر الإنترنيت.. المحادثة والمراسلة الفورية ما يسمى الآن بالماسنجر.

كيف تكون آداب كل هذه المجالس الجديدة؟؟

 

الشيخ كهلان: نعم، أولاً لنا تعليق بسيط على هذه النعمة.. هذه الثروة التقنية التي أبدعها هذا التطور الهائل في وسائل الاتصالات:

تحول الآن هذا العالم ليس إلى قرية بل إلى غرفة صغيرة؛ نقول إنها غرف محادثات؛ لأنه يكون في غرفته ويفتح أمامه أطراف العالم ومناكب هذه الأرض، فلا شك انعكست آثار إيجابية من هذه الثروة التقنية.. أصبحت هناك فرصة لتعميق روح الحوار.. للتعرف على الثقافات.. لتبادل الثقافات والأفكار، أيضا للإطلاع على آليات ومناهج في مختلف الأصعدة، وفي كافة مجالات الحياة، وأبواب العلوم والمعارف من اقتصادٍ، وسياسيةٍ، وفكرٍ، واجتماعٍ، وعاداتٍ، وتقاليدٍ.

أيضا أفسحت مجالاً للحوار والنقاش مما أعطى مساحة أخرى لحرية الرأي والتعبير عن الرأي، والشباب العرب المسلمون من فتيان وفتيات هم جزء من هذا العالم المتحول، ويستخدمون هذه الوسائل، وبالتالي هذه الآثار الإيجابية أيضا أمكن لهم بحمد الله تعالى أن يحققوها طالما أنهم على درايةٍ بالأسس والضوابط التي يتعاملون بها مع هذه المجالس المعاصرة.

 

وغرف المحادثة خصوصاً سواءً كانت الماسنجر أو ما يعرف بالبالتوك أو غيرها من غرف الحوار والمناقشات يجد فيها الشباب متنفساً يعبرون فيها عن آرائهم، وعن أفكارهم، ويناقشون في هذه الأفكار وهذه الرؤى.. يتبادلون فيها الثقافات مع الآخرين.

 

لكن للأسف الشديد حينما نحاول أن نقلِّب بعض الإحصائيات المتعلقة باستخدام الشباب العربي لهذه الغرف نجد أنه-للأسف الشديد-لم يُحسِن كثيرٌ من شبابنا وفتياتنا استخدام هذه الغرف-غرف المحادثة-.. استخدام هذه الوسائل والتقنيات، فصارت تستهويهم لأغراضٍ غير بنَّاءة، فإما أن تكون وسيلة تُستَغل فيما يتصل بالجوانب العاطفية والجنسية أو فيما يتعلق أيضا بمزيدٍ من حالة الشعور بحالة الضعف والتمزق والتفرق، أيضا الانغماس أكثر في مزيدٍ من تتبع الشهوات من صور، ومن مقاطع فيديو، ومن غير ذلك.

 

أيضا-للأسف الشديد-هناك جانب آخر مقابل وهو أنها صارت مزلقاً في الحوارات الفكرية، وفي الحوارات الثقافية، بحيث أنها أدت إلى إما غلو فكانت ساحاتٍ لتبادل الشتائم، والسباب، والتكفير، والتفسيق، والتبديع أو كانت في المقابل أيضا مصيدة لشبابٍ أغرارٍ ليست عندهم حصانة بثقافتهم الدينية، وبتعاليم دينهم، فوقعوا في حبال متصيدين بدعاوى الدين-للأسف الشديد-، فإذا بعضهم يصوغون منهم غلاة في تفكيرهم.. في مناهجهم في الحياة.. في أخذهم لهذا الدين، بعيداً عن الروح الحقيقية لهذا الدين السمح الذي رفع الله تعالى عنه الحرج، والذي جعله دين يسر، والذي جعله رسالة إصلاح للناس، فكل هذه الأنماط وجِدت. 

 

مقدم البرنامج: ولربما تكون هناك مؤسسات أو مراكز أو غيرها...

 

الشيخ كهلان: نعم، وللأسف الشديد-كما قلت-قلة الحصانة، وضعف التكوين ساعد كثيراً في أن يُستَغل هؤلاء الشباب لمصالح آخرين في دعوى ظاهرها التدين، وباطنها-للأسف الشديد-تحقيق مآرب، ومصالح سياسية شخصية أو فكرية شخصية.

 

لكن مع ذلك نظرة سريعة فقط :

يقال في بعض الدراسات الميدانية التي تناولت مثلاً برامج المحادثة الفورية الشات أن في العالم العربي: أن خمسة بالمائة فقط من هذه الغرف تناول موضوعات ذات قيمة فكرية أو معرفية أو ثقافية هادفة، أي خمسة وتسعين في المائة منها في غير ما فائدة وغير ما طائل للأسف الشديد.

 

مقدم البرنامج: سبحان الله..!! وهذا مؤشر خطير..!!

 

الشيخ كهلان: هذا مؤشر خطير جداً، الخمسة والتسعين في المائة هي كلها مجالات هدم لأخلاق ولدين ولقيم وعادات وتقاليد، فضلاً عن إضاعة جهدٍ ومالٍ ووقتٍ.

ثم ستة وثمانين في المائة من هذه الغرف تبين أنها-للأسف الشديد-هي في ذاتها جُعِلت لكي تكون مصيدةً جنسيةً لهؤلاء الشباب وللفتيات خصوصاً، بشكلٍ ممنهجٍ مقصودٍ.. ستة وثمانين في المائة من هذه الغرف.

 

مقدم البرنامج: وطبعا في لحظة الانفراد بذلك الجهاز حيث لا رقيب..

 

الشيخ كهلان: وقد حصلت مآسٍ نعم...

 

مقدم البرنامج: ولربما يدخل البعض فقط من باب الاطلاع، ومن باب الاستكشاف ما عند الغير ثم سرعان ما ينزلق.

 

الشيخ كهلان: نعم، وكثير من هذه الغرف-للأسف الشديد-أيضا حسب هذه الدراسات أكدت أن شباب المسلمين مستهدفون، وللأسف الشديد هم قابلون لهذا الاستهداف أيضا؛ لضعف الحصانة، ولضعف درايتهم بالضوابط والآداب التي ينبغي لهم أن يتقنوها حينما يتعاملون مع هذه الوسائل.

وبالتالي إن أردت أن ننتقل الآن إلى خلاصة الآداب التي تتصل بهذا الموضوع.

 

مقدم البرنامج: نعم، الآن تحدثتم معنا عن مخاطرها، وعن النتائج التي حُصِّلت من الدراسات.

 

الشيخ كهلان: لبيان سبب احتياجنا إلى معرفتها..

 

مقدم البرنامج: نعم، الآن لابد أن نلج في موضوع الآداب؛ لأن المسألة هنا بالنسبة للفرد تمثل بالنسبة له لحظة انفراد حيث لا أحد يراقبه سوى نفسه.

كيف إذاً يَلتزمُ بهذه الآداب؟

 

الشيخ كهلان: أولاً لابد أن يعرف أن هذه نعمة من نعم الله عز وجل، والنعمة تقابل بالشكر لا بالكفران والجحود، وشكر هذه النعمة إنما يكون في استخدامها في الخير والمعروف، فالله سبحانه وتعالى يريد لعباده أن يشكروه على نعمه، وبشكرهم له يزيدهم من نعمه وآلائه، وشكر النعمة إنما يكون بحسبها.

 فإذا كان هذا الواقع قد أتاح لنا هذه التقنيات، ووسائل الاتصال فينبغي لنا أن نستخدمها في الخير، وفي المواضيع الهادفة سواءً كان بالتعلم أو التعليم أو ترويح القلوب فيما هو مباحٌ شرعاً.

 

ثم تجنب إضرار النفس، تجنب إضرار النفس يكون باستهداف الأوقات، هناك حالات إدمان لهذه الغرف، ويكون ذلك بسبب البعد عن تقوى الله سبحانه وتعالى.. سوء فهم حقيقة غرف المحادثة وهذه التقنية، أيضا ضعف التوجيه من قبل المشرفين من الآباء، ومن المربين، ومن المؤسسات المعنية بالتوجيه من مختلف قطاعات المجتمع بحيث يُعرَّف ويلقَّن ويفهَّم هذا الشاب وتلك الفتاة كيف يمكن له أن يستفيد أي يُعرَّف بالمواقع النافعة الهادفة، ويُرشد إلى المواقع التي يمكن أن ينشئها شباب يهمهم الارتقاء بهذه الأمة، وإصلاح أحوالها، ومناقشة رؤى وأفكار صالحة نافعة إيجابية للمجتمع، وتطوير قدرات الفرد.. هذا لا مانع منه.

 

فإذاً يكون ذلك بتعاون هذه القطاعات جميعاً.. لا يكون بمنعهم من ولوج هذا العالم الذي لا يمكن أن يتحقق المنع عنه، ولا يكون أيضا بفتح المجال رحباً واسعاً لهم دونما إشرافٍ وتوجيهٍ.

 

مقدم البرنامج: نعم.. هذا بالنسبة للآباء.

 

الشيخ كهلان: للآباء والمشرفين نعم.. المربين.

 

مداخلة متصل آخر: الله يبارك فيكم..

نعود بكم إلى المجالس الأولى التي ذكرتموها سابقاً واللقاءات المباشرة لاسيما في الوقت الحاضر، فقد نشأت أنواع من المجالس الجديدة، وهي مجالس تقام في أماكن العمل الخاص والعام منها، حيث إنه في بعض الأحيان تحدث نقاشات، وطرح مواضيع قد تكون مفيدة أو غير مفيدة بين الزملاء من الذكور والإناث أو بين الجنسين يكثر فيها الضحك، وهبوط مستوى الحديث إلى مستويات متدنية، فما رأيكم تجاه هذه المجالس؟

وما نصيحتكم أيضا لهؤلاء؟

وشكراً.. بارك الله فيكم.

 

مقدم البرنامج: بارك الله فيك أخي.. شكرا جزيلاً على مكالمتك.

الآن تكملوا هذا الموضوع، وهذه الجزئية مهمة في موضوعنا.

 

الشيخ كهلان: كذلك أيضا لابد خاصة بالنسبة للفتيات من الحذر الشديد، فإن كثيراً من الذئاب البشرية يدخلون تحت اسم فتيات أيضا؛ لإيقاع فتيات مسكينات، وهذا يدعو إلى تجنب الدخول بالصور.

 

مداخلة متصل ثالث: أحببنا أن نشارك..

بخصوص الفتيات أو البنات اللواتي يسمح لهن أهلهن بأن يخرجن متبرجات، والأشياء التي يقمن بها تحس وكأن ليس في داخلهم إيمان.

فما هي نصيحة الشيخ لأهل هؤلاء البنات أو الناس بشكلٍ عام؟

 

مقدم البرنامج: نعم، فضيلة الشيخ-أخي-تحدث عن موضوع الأولاد والبنات معاً في موضوع انقيادهم إلى المجمعات التجارية، والأماكن العامة، وبيَّن نصيحته للفتاة خاصة.

 

المتصل: تجد ملابسهن ليست من عاداتنا ولا من تقاليدنا.

شكراً.. جزاكم الله خيراً.

 

مقدم البرنامج: بارك الله فيك.. شكراً جزيلاً لك..

بإمكانك أن تتابع إعادة الحلقة بحول الله تعالى؛ لأن فيها الكثير مما يغني في هذا الجانب.

 

مداخلة متصل رابع: بارك الله فيكم..

نقطة بسيطة فيما يتعلق بآداب التعامل مع الإنترنيت، وهذه الفكرة قرأتها في بعض المواقع، وهي فيما يتعلق بتوجيه رب الأسرة في بيته يحتاج أن يضع جهاز الحاسب الآلي في مكان مفتوح بحيث لا يضعه في غرفة أي لا يضع الجهاز هذا في مكان مغلق يختلي فيه الابن أو الابنة بعيداً عن أنظار الوالدين، وإنما يكون في مكان مفتوح.

 

مقدم البرنامج: يُمكِّنه من مراقبته باستمرار.

 

المتصل: يتمكن الوالدان من مراقبة الابن أو الابنة فيما يستعملان هذا الجهاز.

 

الأمر الآخر تحديد أوقات معينة لمتابعة ما يكون من الإنترنت أي لا يكون مفتوح حيثما اتفق.. حيثما أراد الابن أو حيثما أرادت الابنة، وإنما يقنن لهم ساعات معينة إذا ما حان وقت إغلاق الجهاز يُغلَق الجهاز، وبهذه الطريقة نوعاً ما يستطيع الأب أو الأم توجيه الأبناء نحو الاستفادة المرجوة من هذا الجهاز.. وشكراً لكم.

 

 

مقدم البرنامج: نقاط مهمة أخي جزاك الله خيراً عليها.. شكراً جزيلاً.. بارك الله فيك..

الموضوع لا يزال في دائرة الخطورة التي تحدثتم عنها.

 

الشيخ كهلان: هو توجيه مقدور عليه بحمد الله تعالى، كنا سنأتي إلى موضوع أن يكون الجهاز أيضا في مكان عام في المنزل في مكان مفتوح؛ لكن هذا لا يتحقق كثيراً؛ لأن كثيراً من شبابنا وفتياتنا كلٌّ معه جهازه، وهذه الأجهزة فيها كاميرات.

 

مقدم البرنامج: هذا الكلام قد يَصدُق على الأبناء أيضا..

 

الشيخ كهلان: نعم، حتى الأبناء المراهقون منهم وكثيرون يستقلون بأجهزتهم في غرفهم.. في طاولاتهم..

 

مقدم البرنامج: الآن حتى في الهاتف..

 

الشيخ كهلان: في هواتفهم نعم؛ لكن نحن نريد أن نغرس هذا في نفوسهم أصلاً، أن يستطيعوا بتوجيهٍ وإرشادٍ أن يتمكنوا هم من اختيار الصالح لهم، ومن الحذر.. من خلال حكاية بعض المآسي التي وقعت فيها بعض الفتيات أو بعض الشباب.. من خلال غرس أولوياتهم في الحياة.. من خلال متابعتهم فيما يتعلق بمستويات تحصيلهم-كما قلت-من خلال إرشادهم إلى مواقع معينة يتحقق فيها غرض المحادثة بالاطلاع والتعارف وتبادل الآراء والأفكار، وفي ذات الوقت تكون هذه المواقع أصلاً مواقع جادة.. رزينة.. بعيدة عن الشبهات.. بعيدة عن إثارة الغرائز والعواطف والجنوح بها..  بعيداً عن استخدام أو استغلال العقول الناشئة لأجل صياغة حالاتٍ من الغلواء والتطرف غير محمودةٍ في هذا الدين الحنيف.

 

أيضا يضاف إلى هذا كما كنا قد وقفنا عند مسألة الحذر الشديد من استخدام الصور؛ لأن هذا مزلقٌ خطيرٌ تقع فيه بعض الفتيات كما يقع فيه بعض الشبان-هداهم الله-فلا ينتبهون، في حين أنه لا حاجة أصلاً إلى ذلك، إن كان ولابد اللهم إلا فيما بين العائلة كأن يكون بين الإخوة والأخوات أو أن يكون بين الوالد وأولاده أو بين الأم وأولادها أو بين الزوجين، هذا بابه آخر.

 

كذلك لابد من الحذر أحيانا من حالات دخول الغرباء في محادثاتٍ مع النساء-خصوصاً-تحت أسماء مستعارة.. تحت أسماء براقة؛ لكن الحقيقة أنه لا هم لها إلا إثارة الفتن أو إثارة الغرائز، وهذا لا يخفى أيضا.. ليس من الصعوبة خفاؤه أو أمره ليس خفياً؛ لأن هذه المواقع ذاتها تُعرَفُ ( الكتاب يعرف من عنوانه ).

 

كذلك لابد-وأنا ذكرت هذه النقطة فيما مضى-من أن يبادر هؤلاء الأولاد إلى استئذان أوليائهم في استخدامهم لهذه الغرف-لغرف المحادثة-.. في دخولهم فيها.. في تعريفهم بما يدور فيها، وأن يقوم أيضا الأولياء بمتابعة، لا نقول مراقبة وإنما متابعة وتوجيه للشباب والفتيات حينما يدخلون إلى هذه الأماكن مع غرس روح الإيمان، ومراقبة الله عز وجل.. البعد أيضا عن التشهير.. البعد عن نقل الأخبار الكاذبة.. عن نقل الإشاعات، هذه كلها من الآداب التي لابد من التأكيد عليها في تعاملنا مع هذا الجليس المعاصر.

 

مقدم البرنامج: جميل.. حتى في موضوع الصور التي تحدثتم عنها، هناك تبادل للصور وأن هذا التبادل فيه من الخطورة ما فيه، أيضا-فضيلة الشيخ-حتى مسألة المحادثة من غير الصورة الذي يحادث فتاة يرسم لها في ذهنه صورةً رائعةً جداً؛ وكذلك هي، وقد حدث أن حادث رجل زوجته وهو يحسب أنها امرأة أخرى، وهي تحادثه وهي تحسب أنه رجل آخر، حتى في النهاية قادهما الحديث إلى هذا الاكتشاف.. سبحان الله!!.

 

الشيخ كهلان: الأصل أن لا تلجأ الفتاة إلى محادثة أجانب من الرجال، ولا أن الشاب يلجأ إلى المحادثة؛ لأنه ما الغرض من ذلك؟؟!! اللهم إلا أن يكون-كما قلت-تحت إشراف.

 

هناك أيضا بعض غرف المحادثة أو هناك بعض مواقع المحادثة هي للتعلم عن بعد.. هي لسماع محاضرة معينة.. هي في حضور جلسةٍ مفتوحةٍ يشترك فيها المتحدثون عبر الإنترنيت في النقاش، ويكون هذا إن أمكن لنا فيه منفعة.. إن كان ولا بد منه فليكن تحت إشراف الوالدين أو تحت إشراف العاقل من الإخوة أو الأخوات الذين هم أكبر سناً.

 

مقدم البرنامج: جزاكم الله خيراً فضيلة الشيخ، شكراً لكم على هذا التوضيح، وعلى هذه الآداب الجمة التي يلتزم بها الجليس سواءً كان ذلك في المجالس المعروفة العامة التقليدية-كما توصف-أو المجالس الحديثة التي ينفرد فيها الإنسان أمام حاسوبه.

 

إذاً أعزاءنا الكرام نشكر لكم متابعتكم، واتصالكم، والإخوة الذين اتصلوا يسألون عن المواضيع المختلفة فيما يتعلق بهذا العنوان نشكرهم، وإن كنا لم نتمكن من الإجابة على بعضهم؛ ولكن إجابة سؤالهم جاءت ضمناً أو تفصيلاً في بداية البرنامج.

 

شكراً لكم، وموضوعنا القادم بإذن الله تعالى سيكون عن آداب الزيارة، نريد منكم أيضا مشاركة فاعلة من هذا النوع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

انتهت الحلقة