طباعة
المجموعة: برنامج دين الرحمة
الزيارات: 2090

مسؤولية التربية ج2

بثت في:

24/جمادى الثانية/1431هـ

7/يونيو/2010م

-------------------------------

 

مقدم البرنامج: أيها الإخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، نُحَيِّيَكُم في حلقةٍ جديدةٍ وفي لقاءٍ جديدٍ يجمعنا معكم وبرنامج دين الرحمة، هذه الحلقة من إعداد الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة.

 

*********************

الشيخ الدكتور مرحباً بك..

 

الشيخ كهلان: حياكم الله، وأنا أُحَيِّي أيضا الإخوة والأخوات الذين يتابعون هذا البرنامج، وأرحب بمن سوف يشارك منهم معنا اليوم بمشيئة الله تعالى، وأسأل الله عز وجل في مستهل هذا اللقاء أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، إنه تعالى سميعٌ مجيبٌ.

 

مقدم البرنامج: أيها الإخوة المستمعون حلقة اليوم هي امتداد للحلقة السابقة، وهي بعنوان مسؤولية التربية.

الشيخ الدكتور دعنا نُذَكِّر المستمعين الكرام بخلاصة ما دار في الجزء الأول من هذا الموضوع مسؤولية التربية، وخاصة الرسائل التي ركزنا عليها وركز عليها البرنامج، ودار حولها الكثير من النقاش والتساؤلات والاستفسارات من قِبَلِ المستمعين الكرام، وما دار من حوارٍ أيضا معكم، وما الجديد الذي سوف نتناوله اليوم بإذن الله تعالى في هذا الموضوع المتشعب؟ وما طبيعة المشاركات التي تُتَوقَّع أن تصل إلى هذه الحلقة اليوم؟

 

الشيخ كهلان: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن موضوع مسؤولية التربية هو من الموضوعات المتشعبة-كما تفضلتم-التي تستدعي منا كل عنايةٍ، والتي تستوجب الدراسة والبحث والمذاكرة عَلَّنَا بإذن الله عز وجل نَخْرُجُ بما ينفعنا وينفع مجتمعاتنا في قضيةٍ تتعلق ببناء الأجيال وبإعداد رجال المستقبل ونساء الغد إعداداً صالحاً وتنشئةً نافعةً تعود عليهم في أنفسهم وفي أسرهم وفي مجتمعاتهم وأوطانهم بالخير العميم بإذن الله عز وجل، والموضوع هو مسؤولية التربية وهو فرعٌ من قضيةٍ كليةٍ كنا قد ابتدأنا بها هذه الحلقات المتأخرة وهي قضية رعاية المسؤولية، وكنا قد أصَّلنا لها من حيث أدلتها الشرعية وكون وجود جملةٍ من الواجبات الشرعية من ما يندرج تحت فروض الكفاية التي يسيء الناس فهمها ولا يعرفون جوهرها وبالتالي لا يتمكنون من توفيتها حقوقها فكنا قد تناولنا بعد التأصيل نماذج وأمثلة من ما يتصل بقِيَمِ هذا الدين ذات الطبيعة المجتمعية، ومنها في النموذج الأول الذي تناولناه موضوع السلامة المرورية، ثم بعد ذلك انتقلنا إلى موضوع مسؤولية تربية الأجيال.

 

وخلاصة ما دار في الحلقة الماضية إنما يكمن في الرسائل الخمس التي بثثناها والتي وجدنا صداها لدى المتابعين أثناء الحلقة وبعدها بحمد الله عز وجل، وخلاصة هذه الرسائل الخمس كانت:

الرسالة الأولى: أنا وأنتِ وأنتَ مسؤولٌ عن تربية الأجيال.

والرسالة الثانية: أدبٌ بلا عنفٍ.

والرسالة الثالثة: اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم.

والرابعة: لُمْ نفسك قبل لوم الآخرين.

والخامسة: أيها الطفل قل: لا للغرباء.

 

هذه الرسائل الخمس التي بثثناها أردناها أن تكون موضوع حوارنا، وذَكَرنَا الأدلة الشرعية التي تُعتَبر أصْلها الذي تُبنَى عليه، كما ذَكَرْنَا أيضا لمحاتٍ من واقع مجتمعات المسلمين اليوم من ما يستدعي التأكيد على هذه المعاني وعلى هذه الرسائل لكي تكون واقعاً نعيشه.

 

وكانت ردود الأفعال حول هذه الرسائل مؤيدة، إلا أنها نَحَتْ منحى ترغيب جانبٍ دون آخر، فكانت كثيرٌ من الاتصالات التي ترد إلينا تركز على أن موضوع رسالة (اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم) والتي نقصد منها أن تتجه المؤسسات المعنية عن التربية وأن يتجه الآباء والأمهات والمجتمع بأسره نحو نفي الترف والتدليل المبالغ فيه، وأهمية تعويد الطفل على شكر نِعَمِ الله عز وجل، وعلى القيام بالأعمال التي تتناسب مع عمر ذلك الطفل، وأن يهتم بشؤون نفسه، وأن يكون فاعلاً مشاركاً في داخل الأسرة، ثم بعد ذلك يتمكن من تَحَمُّلِ الأعباء والمسؤوليات بحسب تقدمه في مراحل حياته، إلا أن كثيراً من الناس مع تأكيدهم على أهمية هذه القضية وأن الدلال الزائد أو التدليل المبالغ فيه أدى بنشوء أجيالٍ غير قادرةٍ على تَحَمُّلِ المسؤولية، ولا مدركة للنعم التي هم فيها.. تعتمد على غيرها في قضاء حوائجها ظن كثيرٌ من الإخوة أن هذه الرسالة هي الرسالة التي ينبغي أن تُرجَّح الآن.

 

وأنا أظن أن رسالة (أدب بلا عنفٍ) هي الأجدر بأن نلتفت إليها؛ فإنه للأسف الشديد نجد أن كثيراً من الأسر لا تُحسِن تربية أولادها، وتَظُنُّ أن التربية إنما تعني المبالغة في الضرب وفي القسوة والشدة على الأطفال، مع أن التربية إنما تعني الرعاية والحنو والحنان والعطف كما تعني الحزم أيضا؛ لكنه حزمٌ بعيدٌ عن القسوة وعن الشدة، فالحزم في موضعه، واللين في موضعه؛ لكن جهل كثيرٍ من الآباء والأمهات وظنهم بأن حق طاعة الوالدين وواجب البر بهما والإحسان إليهما يُلزِم الأولاد ذكوراً وإناثاً بالسمع والطاعة، ويُخَوِّل الأولياء من آباء وأمهات إلى استعمال هذه السُّلطة، فيبالغون في تعنيف الأطفال، ويشددون عليهم في غير موضع الشدة، ويعمدون إلى القسوة، وإلى الإفراط في استخدام القسوة، بحيث أدى ذلك إلى آثارٍ صحيةٍ بل وعقليةٍ ونفسيةٍ على هؤلاء الأطفال؛

 

ولذلك احتجنا إلى أن نقف وقفةً حازمةً مع هؤلاء الأولياء لكي يتنبهوا، ولكي يدركوا أن التربية مسؤولية، وأنهم سوف يَقِفُونَ بين يدي الله عز وجل يوم القيامة فيُسألوا عن هذه الأمانة، وأنهم سوف يُحاسَبون عليها، فيجب عليهم أن يتعلموا كيف يؤدون هذه المسؤولية، وكيف يرعون واجب التربية، وكيف يجب عليهم أن يحققوا المعاني الصحيحة للتربية حتى يتمكنوا بعد ذلك من جني ثمار ما يغرسونه اليوم، فلئن كان الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً } (الكهف:46) فلينظر أحدنا كيف يحافظ على المال؟! هل يحافظ على المال بتبذيره وتبديده؟! أم أن محافظته على المال تكون بالشح فيه، وعدم إنفاقه في مصالح النفس والأسرة والمجتمع؟! أم أن هذه الزينة التي هي المال إنما تكون المحافظة عليها بشكر الله عز وجل عليها، وبأداء الحقوق فيها، وبالإكثار منها، مع إنفاقها في الأوجه المشروعة، ومع بذلها فيما ينفع هذا الإنسان وينفع أسرته ومجتمعه؟! فكيف إذاً بنعمة البنيين التي قَرَنَهَا الله سبحانه وتعالى وجعلها زينةً أيضا لهذه الحياة الدنيا، ألا ينبغي لنا أن نحافظ على هذه النعمة؟! وأن نبقيها زينةً للحياة؟! وأن نبقيها من ما يضفي على حياتنا وعلى واقعنا المزيد من السرور والفرح والبِشْرِ الذي أراده لنا ربنا تبارك وتعالى بهذه النعم التي أنعم بها علينا؟!

 

إذاً خلاصة ما دار في الحلقة الأولى من هذا الموضوع-موضوع مسؤولية التربية-يكمن في هذه الرسائل الخمس، ولعلكم أستاذي الكريم تعيدونها للإخوة والأخوات الذين يتابعون هذا البرنامج؛ لأننا نريد اليوم أن نسمع منهم أكثر من ما نريد أن نتحدث، فإن لم نسمع منهم تحدثنا فيما يتيسر بإذن الله تعالى من عناصر جديدةٍ تتصل-بإذن الله عز وجل-من مسألة الموازنة بين حقوق الآباء والأمهات من جانب وبين حقوق الأطفال.. حقوق الأولاد من جانبٍ آخر، وأيضا نريد أن نتعرف على هدي رسول الله-صلى الله عليه وسلم-.. نريد أن نتعرف على الموارد التي يستقي منها أطفالنا في مجتمعاتنا اليوم ويكون لها دورٌ في التربية، وما مسؤولياتنا نحن اتجاه صياغة منظومةٍ تربويةٍ مناسبةٍ تُمكِّن أطفالنا وأولادنا من الانتفاع بما أتاحه لنا هذا العصر من وسائل نافعةٍ مفيدةٍ إن أُحسِن استغلالها مع تجنيبهم مضارها وشرورها ومفاسدها بإذن الله عز وجل.

 

مقدم البرنامج: والرسائل التي أشرتم إليها الشيخ الدكتور هي: أنا وأنتِ وأنتَ مسؤولٌ عن التربية، أدب بلا عنفٍ، أيها الطفل قل: لا للغرباء، اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم، لُمْ نفسك قبل لوم الآخرين.

 

وكل رسالة من هذه الرسائل الشيخ الدكتور هي مناط بحث أيضا، وفيها الأشياء الكثر، وممكن للإنسان أن يتناولها أيضا بالكثير الكثير من التفاسير والمعاني، وتُنزَل إلى أرض الواقع، وممكن أن يُطَبِّقَهَا أي إنسان، ما هو الجديد الذي سوف نتناوله اليوم بإذن الله؟

 

الشيخ كهلان: سوف نتناول بإذن الله عز وجل-كما قلتُ سريعاً-الموازنة بين حقوق الآباء والأمهات-أي حقوق الوالدين-وبين حقوق الأولاد، وأيهما يُؤْثَر؟، وسوف نُوجِّه هذا السؤال للإخوة والأخوات الذين يتابعون هذا البرنامج؛ لأننا ونحن في السنة الرابعة سلكنا هذا المسلك أن يكون من ضمن أسئلتنا سؤالٌ يوجه إلى المتابعين لكي نستشف آراءهم حوله، وسؤالنا في هذه الحلقة حول هذا الموضوع كما سوف يأتي بمشيئة الله تعالى،

 

ثم أيضا نريد أن نتعرف على الوسائل المعاصرة التي تتاح لأطفالنا فيستقون منها المعلومة والأدب والخُلق ويجدون فيها القدوة كما يجدون فيها المتعة والتسلية والترفيه كيف يمكن أن تُوَجَّه هذه جميعاً، وعلى من تقع المسؤولية نحو حُسْنِ الانتفاع من هذه الوسائل المعاصرة، ثم إننا على أبواب الصيف والإجازات الصيفية وبالتالي نريد أن نتعرف على ما يمكن أن يكون نافعاً لأطفالنا من ما نؤدي به حقوقهم علينا، ونحن على مشارف أو شَرَعْنَا لعل كثيراً من أبنائنا الطلبة والطالبات قد شَرَعُوا فعلاً في إجازاتهم، ولعلنا أيضا نتعرض بين هذه العناصر جميعاً إلى ما يتصل بقضيةٍ هي من صميم مسؤولية التربية التي نتناولها وهي التربية الجنسية بالنسبة للأطفال.

 

مقدم البرنامج: قبل أن نَشْرَع في طرح هذه التساؤلات نستمع الآن إلى هذه الآية الكريمة من كتاب الله عز وجل، ثم نعود لنَشْرَع في حوارنا، فابقوا معنا.

 

*********************

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم:6).

 

مقدم البرنامج: صدق الله العظيم.

الشيخ الدكتور هذه الآية الكريمة تُخَاطِب المؤمنين بالأمر بوقاية الأنفس والأهلين من النار، فما دلالتها على المسؤولية المجتمعية للتربية؟

 

الشيخ كهلان: دلالتها واضحة، وكنا قد تعرضنا لجانبٍ من هذه الدلالة في الحلقة الماضية في الجزء الأول من هذا الموضوع، ونضيف إلى ما تقدم أن الآية تُخاطِب المؤمنين جميعاً بهذا الخطاب وهو-كما تفضلتم-أن يقوا أنفسهم وأهليهم عذاب الله عز وجل في الآخرة، ووقاية الأنفس والأهلين تدل على أن كل ما يمكن أن يؤدي إلى غضب الله عز وجل هو من ما يجب أن يَتَّقِيَهُ كل واحدٍ منا، فالخطاب للجماعة بتحمُّل مسؤولياتٍ نحو الأنفس ومسؤولياتٍ نحو كل من يَلْزَمُ الإنسان عَولُهم من المُعَبَّرِ عنه بالآية الكريمة وأهلكم {... قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ...}.

 

وطالما أن الخطاب لجماعة المؤمنين فهذا دليلٌ على أن المخَاطَب به إنما يتناول المجتمع بأسره، والخطاب هو لتجنب كل ما فيه سخط الله عز وجل من ما يمكن أن يؤدي إلى عذابه في الآخرة؛ ولذلك فإن تقصير المخاطبين في أداء هذه المسؤولية نحو أنفسهم ونحو أولادهم ونحو أهليهم يمكن أن يؤدي بهم إلى العاقبة الوخيمة، الجهل بكيفية أداء هذه المسؤولية.. بكيفية تجنيبهم لأنفسهم وأهليهم هذا العذاب الأليم في الآخرة يمكن أن يؤدي بهم إلى التقصير في الامتثال لهذا الأمر الرباني الوارد في آية التحريم هذه التي أنصتنا إليها.

 

والخطاب فيه من الوعيد الشديد ما لا يخفى، ولذلك فهو يحرك العواطف، ويستجيش ويثير كوامن النفس لكي تتحمل هذه المسؤولية، وهي مسؤوليةٌ عظيمةٌ لابد من الوفاء بها، ولابد من رعايتها، والخطاب فيها لعموم المؤمنين لا للأولياء فقط.. ليس للوالدين فقط بل لعموم أفراد المجتمع بما في ذلك الأم والأب وكل مشرفٍ على التربية وكل مؤسسة معنيةٍ بجوانب لها علاقة بتنشئة الأجيال وتربية الأطفال.

 

مداخلة متصل: يوجد الكثير من الناس من عندما تريد نُصحَه أو توجيهه يقول لك: أنت ليس لك دخل بي، وهو قد يكون زميلك يمشي معك ليل نهار، فهل هذه الآية تشمل أيضا الأصحاب؟ وكذلك الأهل والأقارب حتى وإن كانوا مثلاً من قبيلة أخرى؟

 

الشيخ كهلان: جواباً على سؤال الأخ المتصل لأنه متصل بالآية التي أنصتنا إليها: نعم، هذه الآية تشمل التناصح فيما بين المؤمنين جميعاً؛ ولذلك يخاطب الله عز وجل المؤمنين بخطاب الأنفس وكأنهم جميعاً معنيون بهذا المخَاطَبِ به، وكأن وقاية الأنفس لا تكون إلا بامتثال الأفراد بما خُوطِبُوا به؛ فلذلك حينما يشذ من مجتمع المسلمين شاذٌ بانحرافٍ أو ضلالٍ أو غوايةٍ فإن ضرره لا يقف عليه عند نفسه فقط بل يمتد ذلك لكي يشمل غيره؛ ولذلك كانت من أهم أسس الإيمان ومن أهم آثار الأخوة الإيمانية التناصح فيما بين المؤمنين، والموالاة بينهم، والله عز وجل يقول: {وَالْعَصْرِ{1} إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ{2} إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر} (العصر) ويقول: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ...} (التوبة:71).

 

مداخلة متصل آخر: السؤال الأول: كيف نربي أبناءنا ونحن لا نسأل أين ذهبوا أو من أين أتوا بالحاجة الفلانية؟

السؤال الثاني: كيف نربي أبناءنا ولا نسأل عنهم من يُخَالِلُوا؟

السؤال الثالث: كيف نربي أبناءنا ووزارتكم الموقرة لا تُرسِل بعثات التوعية إلى مناطق السلطنة للرجال والنساء في أساليب التربية؟

 

الشيخ كهلان: نحن ذَكَرنَا الآن-نُذَكِّر الأخ المتصل على النقطة الأخيرة التي ذَكَرَهَا-أن رسالتنا واضحة: لُمْ نفسك قبل أن تلوم الآخرين، وقد نبهنا على هذا، حينما نتدافع هذه المسؤولية فيأتي الأب ويقول الذي أدى إلى انحراف الأولاد إنما هو ما رأوه في شاشة التلفزيون أو الأقران الذين صاحبهم في الشارع أو أن المسجد لم يُؤدِّ دوره أو أن المدرسة لم تقم بدورها وتأتي المدرسة وتقول أن البيت لم يقم بدوره ويأتي المسجد أيضا ويقول أن البيت لم يؤدِّ دوره أو المدرسة هي التي..

 

هذا تَنَصُّلٌ من المسؤولية، ونحن هنا نتحدث عن مسؤولية التربية.. لا نتحدث فقط عن كون التربية هي مسؤولية الآباء والأمهات فقط.. هي مسؤولية جماعية، ولا ينبغي لجهةٍ من الجهات أن تتخلى عن هذه المسؤولية، وينبغي لنا نحن جميعاً أن نبدأ بأنفسنا، فنَرْجِع إلى أنفسنا حينما نجد تقصيراً أو نجد خللاً في النتائج أن نفتش في أنفسنا قَبْلاً، وأن نبحث عن أوجه التقصير أو الجهل أو عدم الاكتراث بأداء هذه المسؤولية بأمانةٍ وإخلاص في أنفسنا فنتحمل تبعات تقصيرنا ونتدارك ذلك أيضا مع باقي الجهات.

 

لو سألنا كثيراً من الآباء: كيف هو تواصلهم مع المدرسة؟ لوجدنا أنهم لا يتواصلون مع المدرسة، وكذا الحال بالنسبة للأمهات، ثم بعد ذلك هو يلقي باللائمة على المدرسة، كما أشار هو أيضا الأخ المتصل الثاني فيما يتصل بالأقران هذه مسؤولية البيت أولاً، فينبغي للآباء والأمهات أن يحرصوا على أن يكون الأقران الذين يصاحبهم ولدهم أو ابنتهم هم من الأقران الصالحين، وأن يعينوهم على ذلك، وأن يختاروا لهم الأقران الصالحين النافعين الذين يستفيد منهم الولد وتستفيد منهم البنت.

 

مقدم البرنامج: حتى وإن وجدوا في أحد الأقران أو الأخلاء الذين يصاحبون أبناءهم به نوع من التقصير لا يتركوه أيضا، أيضا قد تكون جزء من مسؤوليتهم أن يُقَوِّموا هذا الشاب أو هذا الفتى من أجل أن يكون صالحاً أي يصلحوا ولدهم وولد غيرهم أيضا.

 

الشيخ كهلان: نعم..

ثم أيضا نحن نسأل: من يلوم الأطفال حينما تكون المحاضن التي يَنْشَئون فيها محاضن يكتنفها القسوة والعنف والشدة والغلظة؟! لا شك أن النتيجة أن الولد أو البنت سوف ينفر من هذا المحضن، وسوف يلجأ إلى أقرانٍ يحيطونه بالاحترام والتقدير وبالرأفة والرحمة مهما كان مسلكهم فإنه سوف يهرب من ذلك المحضن الذي لا يجد فيه إلا الصراخ والتعنيف وعدم الاحترام والتسفيه لأسئلته ولرؤاه ولأحلامه ولآرائه، فإذا ما أبدى رأياً ما يجده إلا الأمر بأن يصمت ويسكت، وإذا ما قام بفعلٍ طفوليٍّ بريءٍ وجد صفعةً تنزل على وجهه تَلُوحُ بوجهه يمنةً ويسرةً.. 

 

مقدم البرنامج: وأيضا الشيخ الدكتور البعض منهم يعمد إلى تقريع الطفل بألفاظٍ غير طيبة..

 

الشيخ كهلان: أو سَمِعَ نعم من السِّبابِ ومن الشتائمِ ما يورثه الآثار النفسية العظيمة، إذاً لذلك نقول هي مسؤوليةٌ مشتركة، نحن لا ننفي أن يكون للجهات المعنية جميعاً-كما سَمَّيْنَا فيما مضى أن كل المؤسسات معنية، منها مؤسسات عامة ومنها مؤسسات خاصة-معنية بالتربية، وينبغي أن تُولِي الطفل عنايتها، وأن يقوم كلٌّ بمسؤوليته لأجل تحقيق كل ما فيه مصالح الأطفال.

 

مداخلة متصل ثالث: السؤال الأول في هذه الآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً ...} دائرة الأهل هذه إلى أين تصل؟ أي هل تشمل مثلاً أبناء الإخوة والأخوات؟

والسؤال الثاني: نحن نرى من الأقرباء ومن غير الأقرباء من ينكرون المنكرات والفواحش، مثلاً من ناحية التدخين وما إلى ذلك، وهناك من غير الأقرباء من يدخنون، وأموراً أخرى يفعلون، فهل هناك وقت مناسب للوعظ والنصيحة أو ما الطريقة؟ فنحن عندما نقول لهم: لا تدخنوا.. هذا لا يجوز.. حرام.. يقولون: (لا تتدخلوا.. ما دخلكم أنتم هذا مالنا)، فما الحل؟ وما الطريقة الصحيحة للوعظ والإرشاد؟

 

الشيخ كهلان: نشكرهم جميعاً الحقيقة على مداخلاتهم، وهذا ما نريد، لكننا نتمنى أن نركز حديثنا اليوم حول هذه القضية مسؤولية التربية، صحيح أن ما يكتنف دلالات الآية ومعانيها لا شك أنه غايةٌ في الأهمية؛ لكننا نأخذ منها اليوم المقدار المناسب لحلقتنا، وحلقتنا عن مسؤولية تربية الأطفال.. مسؤولية تربية الأولاد، وهي لا شك داخلةٌ في هذه الآية بل هي من ألزم ما يخاطبنا الله سبحانه وتعالى بوقايتهم من النار والعياذ بالله.

 

وأما دائرة الأهلين الذين تشملهم هذه الآية فإنهم حتى وإن لم يكونوا داخلين.. لنتصور أن هذا الخطاب للجميع، وكل واحدٍ منا مُخَاطَبٌ به أي كل مكلفٍ مُخَاطَبٌ به فهذا يعني أنه خطابٌ لا يستثني أحداً من الناس، فحتى ولو لم يكن داخلاً فيه مثلاً القريب البعيد-من الأقارب البعداء-فإن غيره مُخَاطَب.. هو في ذاته مُخَاطَب وغيره مُخَاطَبٌ به، وهكذا تتوسع الدائرة، وهي تندرج تحت نفس الأصول الشرعية التي ذكرتُها من ما يتصل بقوله تعالى: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ...} (الحجرات:10)، وبآية سورة العصر، وبآية سورة التوبة { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ...} (التوبة:71) وبما شابهها من الآيات القرآنية، وبقول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "الدين النصيحة"، وبقوله والذي هو أصلٌ في هذا الموضوع "ألا كلكم راعٍ، وكلكم مسؤولٌ عن رعيته".

 

مقدم البرنامج: دكتور يشتكي كثيرٌ من الأولياء من عقوق أولادهم، ومن ما لا شك فيه أن للبر بالوالدين منزلة عظيمة في الدين، فقد قَرَنَ الله سبحانه وتعالى بين الأمر بعبادته وحده وبين الإحسان إلى الوالدين، ويشهد واقع الحال في كثيرٍ من المجتمعات أنها تعاني من عقوق الوالدين بشتى صنوف هذا العقوق سواء المعنوي.. المادي.. بكلمةٍ.. بنظرةٍ.. بلا مبالاةٍ من الولد لوالده، من ما يستدعي صرف الجهود والعناية لمخاطبة شبابنا وفتياتنا بحقوق الوالدين عليهم، وبوجوب البر بهما والإحسان إليهما، فماذا نقول في هذا الشأن؟

 

الشيخ كهلان: نقول أولاً أنه لا شك أن الجهود ينبغي أيضا أن تُصرَف للعناية بمخاطبة شبابنا وفتياتنا بحقوق والديهم عليهم، ولا شك أن البر بالوالدين والإحسان إليهما قد اقترنا بالأمر بعبادة الله عز وجل: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ...} (الأسراء:23)؛ لكن لا ينبغي أن يظن أب أو أم بأن هذا الحق وهذه المنزلة التي أنزلها إياهما الله سبحانه وتعالى تعني التسلط على الأولاد وعدم القيام بحقوقهم، بل إن على الأولياء.. على الآباء والأمهات قبل أن يُطالِبوا أولادهم بحقوقهم عليهم أن يفوا لهم بحقوقهم ومسؤولياتهم، وألزم الحقوق هو حسن الأدب، والتربية الفاضلة الكريمة، وإكرام الأولاد برعايتهم الرعاية اللازمة، فالشاعر يقول:

 

لا تسهُ عن أدب الصغير ............. وإن شكا ألم العتب

ودعِ الكبير وشأنه ................. كبر الكبير عن الأدب

 

مع تحفظي على هذا الجزء الأخير وقول الشاعر: ودعِ الكبير وشأنه ... كبر الكبير عن الأدب

فمع ذلك نجد أن ديننا يأمرنا أيضا بالتناصح فيما بيننا، والشاعر الآخر يقول-وهي أبياتٌ في صميم هذا الموضوع-يقول:                                   

 

إذا المرء أعيته المروءة ناشئاً .... فمطلبها كهلاً عليه شديد

 

أي هذه المروءة التي يُنَشَّأ عليها الولد صغيراً هي التي تمكنه بعد ذلك من البر بالوالدين والإحسان إليهما وأداء حقوقهما؛ ولذلك قالت حكماء العرب: من أدب ولده صغيراً سُرَّ به كبيراً؛ ولذلك من فرَّط في أدب ولده صغيراً ساءه كبيراً، إذاً حتى نحصل على هذه النتيجة وحتى ينعم الآباء والأمهات ببر أولادهم وبإحسانهم إليهم وبخفض الجناح لهم وبالقيام بشؤونهم حينما يعجزون ويكبرون فإنه لابد من العلم يقيناً أن عليهم أن يُنَشِّئوهم على ذلك، وأن يُحسِنوا تربيتهم، وأن يعطفوا عليهم صغاراً؛ فرسولنا-صلى الله عليه وسلم-حينما قال: "ألا كلكم راعٍ، وكلكم مسؤولٌ عن رعيته" قال: "فالرجل راعٍ، وهو مسؤولٌ عن رعيته" وقال: "والمرأة راعيةٌ في بيتها، وهي مسؤولةٌ عن بيت زوجها" ثم قال: "ألا فكلكم راعٍ..."، وقال أيضا: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا" وفي رواية "من لم يعطف على صغيرنا ويوقر كبيرنا..."،

 

ولأجل هذا تكون القضية بالنحو التالي: لابد من أن يَفْهَم الآباء والأمهات أن عليهم مسؤوليةً عظيمةً نحو أولادهم، إن أرادوا أن ينفعهم أولادهم حينما يكونون كباراً وأن يقوموا بحقوقهم فإنه لابد لهم أن يُنَشِّئوهم التنشئة الصالحة، وأن يقوموا بحقوقهم، وأن يفوا لهم بما حَمَّلَهُم إياهم ربهم تبارك وتعالى، وذلك لا يكون إلا بالعطف، والرعاية، والتعليم، والتنشئة على أخلاق هذا الدين، وعلى واجباته والتزاماته، وعلى العناية بهذا الصغير في شتى مراحله، فإن مطالب الرضيع تختلف عن مطالب الطفل الصبي الناشئ.. عن مطالب المراهق.. عن مطالب البالغ.

 

وهو في كل هذه المراحل هو ذكراً كان أو أنثى يحتاج إلى والديه، هناك الكثير من الأسئلة التي تدور في خَلَدِه.. هناك طبيعة فإن مكوناته العقلية لم تكتمل بعد.. لم ينضج عقله بعد؛ ولذلك هو غير مسؤول.. غير مخاطب خطاب تكليف "رُفِعَ القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يَبْلُغ، وعن المجنون حتى يُفِيق، وعن النائم حتى يستيقظ"، فالصبي غير مكلف؛ وليس عدم تكليفه إلا لكون ملكاته العقلية-والعقل مناط التكليف-لم تكتمل بعد؛ ولذلك يجب أن يُعامَل على هذا الأساس، فإذاً خلاصة الجواب أن العناية الكبرى يجب أن تُوجَّه نحو قيام الآباء والأمهات بحقوق أولادهم عليهم إن أرادوا منهم أن يفوا لهم بعد ذلك بالبر والإحسان وأداء الحقوق.

 

مقدم البرنامج: القدوة أيضا لها دور في هذا الجانب دكتور عندما يرى الطفل أن أباه وأمه يوقران أيضا الجد والجدة ينعكس ذلك على خُلُقِهِ وعلى تربيته..

 

الشيخ كهلان: أحسنتم نعم..

 

مقدم البرنامج: نتحدث عن هذا الجانب أيضا دكتور في قضية القدوة، وكيف يُعَامِل الأب والأم أباه وأمه وينعكس ذلك على نَشْئِهِمَا.

 

الشيخ كهلان: لاشك أن الأطفال يرون في آبائهم وأمهاتهم المثال الصالح والقدوة الحسنى، فيظنون أن كل ما يصدر عن والديهم.. عن أبائهم وأمهاتهم إنما هي أعمالٌ صالحة، فيتأسى الأطفال بآبائهم وأمهاتهم؛ ولذلك ينعكس كل ما يراه الأطفال من علاقة الوالدين-الزوجين-ببعضهما على علاقتهم بالآخرين، فإذا ما رأى الطفل أن أباه لا يحترم أمه ولا يوقرها ولا يعاملها المعاملة الحسنة فإننا سوف نجد أن ذلك الطفل يُعامِل أخواته هذه المعاملة، ويَظُنُّ أن ذلك من التصرفات العادية الطبيعية، فتسري إليه هكذا بتأثير التأسي وتأثير الفطرة فينعكس على علاقاته بالآخرين، وكذا الحال أيضا في معاملته لأمه حينما يكبر، والأمر نفسه يَصْدُق على البنت حينما ترى أيضا أن أمها لا تحترم أباها، وأن والديها دائمي الخصام، ورفع الصوت والصراخ والسباب والشتائم فإن ذلك سوف ينعكس عليها إلا ما رحم الله حينما تكتنف عناية الله عز وجل بهذا الطفل أو ذاك فتنتشله من مثل هذه البيئة التي تؤثر عليه شاء أم أبى؛ ولذلك فلابد من أن يَعْلَمَ الآباء والأمهات أن صلاح أولادهم إنما يكون بصلاحهم هم، وباستقامتهم، وبكونهم القدوة الحسنة التي تؤثر خيراً وتثمر صلاحاً في الأولاد.

 

مداخلة متصل رابع: أحببت المشاركة ببعض النقاط التي ذَكَرَهَا أحد الكتَّاب كمظاهر للتقصير في تربية الأولاد وبعض الأخطاء؛ ليقوم فضيلة الشيخ-حفظه الله-بالتنبيه عليها، وذِكر أسبابها، ثم بعد ذلك ذِكر العلاج لها، من ضمن هذه المظاهر:

أن بعض الآباء يقوم بالعهد للعاملات المربيات بتربية الأولاد، قد تكون هذه المربية أو العاملة غير مسلمة، كذلك ربما كثير من الآباء يهمل متابعة ابنه في استخدام الهاتف النقال والانترنت وغيرها من الوسائل الالكترونية، فلا يُراقِب ماذا يرى الابن، وماذا يصنع بتلك الأدوات، وكذلك يغفلون كثيراً عن ما يقرأه الأولاد.

 

من ضمن أيضا النقاط أن بعض الآباء لا يهتم باختيار المدارس.. مدارس الأولاد، خاصة بعض المدارس-نحن لا نُعَمِّم-لكن بعض المدارس الخاصة قد تُفسِد الأخلاق والعقائد، فهو يهتم فقط بالجانب المعرفي أن هذه المدرسة ربما مشهور عنها الاهتمام بالجانب العلمي المعرفي في حين يتغافل عن الجانب الأخلاقي والديني والعقدي.

 

وآخر نقطة: التناقض الذين يكون بين قول الأب أو الأم وبين ما يأمران به أو ينهيان عنه، هذه من أكثر الأشياء التي تُحطِّم، مثلاً ينهاه عن شرب الدخان والأب بنفسه يشرب الدخان.. ينهاه عن السب وهو بنفسه يسب.. ينهاه مثلاً عن فعل المنكرات والأب بنفسه ربما قد يفعل المنكرات وقد يأتي بها إلى المنزل، فنرجو التنبيه على هذه النقاط.

 

مقدم البرنامج: نقاطاً عديدة طرحها الأخ المتصل..

 

الشيخ كهلان: ومع ذلك أنا لازلتُ أريد أن أُثَنِّي على ما ذَكَرتَه في السؤال السابق موضوع القدوة وأثر القدوة، وهو متصل بالنقطة الأخيرة التي ذكرها أيضا الأخ المتصل الرابع، لكن نحن للأسف الشديد في كثيرٍ من الأحيان حينما نقرأ كتاب الله عز وجل لا ننتبه إلى المعاني العميقة التي تشتمل عليها آياته وسوره الكريمة، فكثيرٌ من الآباء والأمهات يركزون على قول الله عز وجل: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ...} (الأسراء:23)، وينسيان أن آخر الآية: {... وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً } (الإسراء:24).

 

إذاً ارحمهما كما ربياني صغيراً.. إذاً هناك تربية صالحة تلقاها هذا الرجل أو هذه المرأة حينما كان صغيراً من أبويه استحقت منه هذه الرعاية وخفض الجناح وأداء الحقوق، إذاً هناك مرحلة سابقة على أداء حقوق الوالدين، وهذه المرحلة تكمن في حسن التربية، وفي إكرام الأولاد، وفي تربيتهم التربية النافعة، ومن وسائل التربية.. لأننا لا نتناول اليوم وسائل التربية لكنها من أهم وسائل التربية كما أشرتُم موضوع القدوة ، وبالتالي ما أشار إليه الأخ المتصل الرابع في اتصاله من أن بعض الآباء والأمهات إنما يُرَبُّونَ أولادهم على الكذب والنفاق من حيث يظنون أنهم يأمرونهم بالخير والصلاح، فتجد أن الوالد ينهى بالقول ولده عن ما يفعله ويرتكبه هو بالفعل أمام ناظري أولاده..

 

مقدم البرنامج: قد يُطلِق مصطلحات غير طيبة وينهى ابنه عن أن يقولها أو يقول له: قل له أنا لست هنا، ويُعلِّمه الكذب..

 

الشيخ كهلان: يُعلِّمه الكذب.. يُعلِّمه أيضا كما قلت حتى النفاق والانحراف، حينما يكون مدخناً ويرسل ابنه لكي يشتري له السجائر ويقول له: (اسمع: أنتَ لا تُدخِّن.. التدخين مُضِر) الآن هذه لا عبرة لها، وإنما تزيد هذا الولد طَبْعَاً سيِّئاً آخر..

 

مقدم البرنامج: وحب الفضول في استكشاف ماذا يفعل الأب..

 

الشيخ كهلان: تماماً..

وهذا يندرج في موضوع أيضا الرسالة التي ذَكَرنَاها (لُمْ نفسك قبل أن تلوم الآخرين)، كانت هناك مشاركة من قِبَلِ بعض الإخوة في الحلقة الماضية أن ولداً في سني المراهقة لكنه يختلس أموالاً من البيت، هنا لابد من البحث عن الأسباب، ومن الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى مثل هذه الحالة تصرفات الأبوين، فقد يكون أحد الأبوين يفعل ذلك أمام أولاده ويقول لهم: لا تخبروا..، تفعل الزوجة ذلك وتقول لأولادها: لا تخبروا أباكم.. أو يفعل الأب ذلك ويقول لبنيه وبناته: لا تخبروا أمكم بذلك..، هذا من ما لا ينبغي؛ لأن له آثاراً، قد لا يكون هذا هو السبب، قد يكون السبب الرفقة، قد يكون السبب أن مطالب الولد لا يُلتَفت إليها فيحتاج إلى غرضٍ ما فلا يُلتَفت إليه.. يُعنَّف.. لا يُستَمعُ إليه.. لا يُسأل،

 

حتى في الاعتذار.. حتى في رفض الطلب لابد من الصدق ومن الوضوح للطفل، فمثلاً إن كان يريد أداة من الأدوات التي يحتاجها للمدرسة وكانوا قد اشتروا له قبل بضعة أيام مثل تلك الأداة ويأتي ليطلب مرةً أخرى فإنه يُوضَّح له: بأنك لم تحافظ على أداتك التي اشتريناها ولا يمكن لنا أن نشتري لك إلا بعد مضي كذا وكذا أو لا يمكن لنا أن نشتري إلا أن تقوم بعملٍ صالحٍ كأن تحفظ سورةً من القرآن أو أن تساعد والدك في المزرعة أو أنتِ أيتها البنت أن تقومي بغسيل الصحون.. يمكن لنا ساعتها أن نشتري لكِ، أي يُعَوَّد على خصالٍ إيجابيةٍ وعلى ما فيه منفعة له من كل جانب، أما أن يُسفَّه ويضرب فإن ذلك سوف يدفعه إلى أن يلجأ إلى هذه الطرق الملتوية المنحرفة في الحصول على ما يريد.

 

مقدم البرنامج: أتوجه بالسؤال الآن إلى الإخوة والأخوات الذين يتابعون البرنامج: ما رأيكم أنتم في هذا الموضوع: أيهما أولى بالعناية برّ الوالدين أم تربية الأولاد؟ ولماذا؟

 

الشيخ الدكتور حينما نُعيد النظر في الرسائل التي لخَّصنا بها هذا الموضوع والتي هي: أنا وأنتِ وأنتَ مسؤولٌ عن التربية، أدب بلا عنفٍ، أيها الطفل قل لا للغرباء، اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم، لُمْ نفسك قبل لوم الآخرين، يكون السؤال هنا: من هو المسؤول عن تحقيق هذه الرسائل في مجتمعاتنا؟ هل المسؤولية فيها متساوية بين الجميع أم هناك تفاوت في هذه المسؤولية؟

 

الشيخ كهلان: لا شك أن الجميع مسؤولٌ عن تحقيق هذه المعاني المتصلة بالتربية-بتربية الأجيال، وتنشئة الأطفال-، أولاً البيت.. الآباء والأمهات، ثم القدوات الحسنة في المجتمع.. المدرسة ولا نقصد بالمدرسة فقط ما نعرفه نحن من المدرسة بل الدور التي تُعنَى بـ.. كرياض الأطفال، والمدارس، والمعاهد، وغيرها من المؤسسات التي يُسنَد إليها أو يَعهَد إليها الآباء بتعليم أولادهم وبتلقينهم ما يناسبهم، وسائل الإعلام جميعاً، المسجد، والمعنيون بالوعظ والإرشاد في المجتمع، مؤسسات القطاع الخاص التي تُنتِج البرامج والمواد التي يستخدمها الأطفال، الجهات المعنية عن تصنيع الألعاب للأطفال-التي يلعب بها الأطفال-، الكُتَّاب والمؤلفون الذين يكتبون للأطفال ويكتبون وينشرون حتى للكبار، كل هذه مسؤوليات يُكَمِّل بعضها بعضاً؛ لكن لا شك أن مسؤولية الوالدين هي الأعلى والألزم؛ لأنهم هم المعنيون بذلك، والأدلة الشرعية في هذا الموضوع واضحة، وقد استعرضنا طائفةً كبيرةً منها.

 

مداخلة متصل خامس: مشاركتي بخصوص سؤال الحلقة، الإجابة هي الوالدين، علينا نحن أن نعتني بوالدينا أكثر من الجميع..

 

مقدم البرنامج: تقصد أن برّ الوالدين لها الأولوية على تربية الأولاد؟

 

المتصل: نعم، هذا في رأيي..

 

مقدم البرنامج: لماذا؟ ما هو المبرر؟

 

المتصل: لأنهم لا يعوضوا هذا أولاً.. لأن القرآن والرسول والله سبحانه وتعالى وصَّانا بهم كما وصَّى للأبناء أيضا، لكن الوالدين كان لهم النصيب الأكبر.

لي مداخلة لفضيلة الشيخ بخصوص أنه كان يتكلم قبل قليل في موضوع كيف تكافئ الأبناء، وأتى بمثال أن الولد إذا عمل شيئاً طيباً يجازى أو يكافئ بالأحرى، في بعض الأوقات يفترض أن لا يُعَوَّد الولد أنه كلما عمل عملاً طيباً أنك ستعطيه جائزة، فهناك حاجات يفترض أن يؤديها الولد بدون أن ينتظر المقابل، فما رأي الشيخ؟

 

الشيخ كهلان: هنا أمر يحتاج إلى توضيح: فيما يتصل بالسؤال الموجه إلى الإخوة والأخوات المتابعين وهو عن رأيهم في أي القضيتين أولى بالعناية برّ الوالدين أو تربية الأولاد، نحن نقصد جهود المجتمع.. جهود سائر المؤسسات المعنية عن التربية، نحن جميعاً لا نقصد أننا كأفراد هل الألزم في حقنا أن نعتني بالآباء والأمهات أو أن نؤثر عليهم الأطفال.. لا.. نحن نتحدث عن قضية التربية باعتبارها مسؤولية مشتركة، وكثيراً ما نسمع أن برامجنا التي تُعنَى بالتربية وبقضايا المجتمع وخطابنا الديني والكتابات تتجه نحو علاج مسألة عقوق الوالدين وتهمل قضية حقوق الأولاد على والديهم، نحن الآن نسأل أَيُّ هذين الجانبين أولى بتوجيه الجهود إليه؟ كلاهما أيضا، هذا لا يعني التقليل من شأن قضية دون أخرى وجانب دون آخر، وإنما إن كان يَرَى أن كلا القضيتين ينبغي أن يُشْتَغَلَ بهما بقدر متساوٍ فهذا رأي أو أن يَرَى أن الجهود والعناية ينبغي أن تُوجَّه نحو إيثار جانب معالجة قضايا العقوق وبرّ الوالدين فبها ونعمتْ وليُبَيَّن السبب أو العكس وليُبَيَّن السبب، هذا فقط للتوضيح.

 

مداخلة متصل سادس: بالنسبة للعناية بالأطفال وبرّ الوالدين لربما الذي أراه أن العناية بالأولاد هي أولى بحكم أنه لا يتأتى البرّ للوالدين إلا بالتربية الصالحة.

 

مقدم البرنامج: فهمتَ مقصد الشيخ الدكتور؟

 

المتصل: فهمتُ مقصده.

 

مقدم البرنامج: هي المسؤولية عموماً، وليست أن نربي أولادنا أم نعتني بآبائنا..

 

المتصل: صحيح..

مسألة التربية الصالحة للأولاد نتيجتها ستؤدي إلى البرِّ بالوالدين، وتكاتف الجميع وتكاتف المجتمع إلى إيجاد جيل صالح.. إيجاد تنشئة صالحة ستؤدي تلقائياً إلى البرِّ بالوالدين وعدم العقوق بهما.

 

الشيخ كهلان: هذا فعلاً..

مداخلة الأخ المتصل السادس لا تعليق عليها، فعلاً أجاب إجابةً تدل على وعيه، وهذا رأيه، وهو يستند إلى جملةٍ من الأدلة الشرعية، ونحن لا نلغي أيضا أن يكون لبعض إخوتنا أو أخواتنا الذين يتابعون آراء أخرى؛ لكن هذا ما نريده.. أن يَذكُر رأيه وأن يُعَلِّل السبب وراءه.

 

نخشى أن يدركنا الوقت دون أن نُعلِّق تعليقاً بسيطاً على اتصال الأخ المتصل الرابع فيما يتصل بأثر العاملات نحن تعرضنا له في الحلقة في الجزء الأول من هذا الموضوع ونكرر أن الترف وتعويد الأطفال على أن يقوم غيرهم لهم بسائر شؤونهم يؤدي إلى التلف، ويؤدي إلى الفساد، وإلى أن تكون الأجيال غير قادرة على تحمُّل شيءٍ من الأعباء لا لأنفسها فضلاً عن مجتمعاتها وأوطانها بعد ذلك، فهذه قضية تعرضنا لها وهذا خلاصة ما قلناه فيها.

 

ما يتصل بالوسائل المعاصرة كنا نريد أيضا أن نسلط عليه المزيد من الضوء؛ لكن لا الانعزال عن استخدام هذه الوسائل ممكن في واقعنا المعاصر، ولا أيضا يمكن أن يكون هناك إهمال وعدم رعاية وملاحظة وتوجيه لهؤلاء الأطفال في الوسائل وما أتاحه لنا هذا العصر من تقنيات يستخدمها أطفالنا ويلجأون إليها ويتعاملون معها، وهذه تحتاج إلى تظافر سائر الجهود من-كما قلتُ أنا-مصنعين للألعاب، ومخترعين لهذه البرمجيات، وكل المبدعين الذين ينتجون هذه المواد فإنه لا شك يمكن لهم أن يوجهوها الوجهة النافعة للأولاد، وكذا الحال بالنسبة للمربين وللأسر وللمعلمين والمعلمات والوعاظ والخطباء هؤلاء حينما تتظافر جهودهم فإنه يمكن بإذن الله عز وجل وبكل سهولةٍ ويسر أن ينتفع أولادنا.. أطفالنا من هذه الوسائل المعاصرة فيما هو خيرٌ لهم بإذن الله تعالى في حاضرهم ومستقبلهم.

 

مداخلة متصل سابع: أنا من وجهة نظري أن بِرّ الوالدين وتربية الأبناء هما خطان متوازيان، فلو أن الأب عندما يتعامل مع والدين أمام أبنائه فهذه تربية، إذاً تَعَامُلنَا مع آبائنا أمام أطفالنا هو تربية في مجمله وفي النظرة العميقة له، كذلك عندما نتعامل مع أطفالنا بإيجابية وبأريحية أمام آبائنا فإن هذا أيضا برّ بآبائنا؛ لأنه عندما نَبَرّ أبناءنا نعطيهم درساً أننا نحن نَبَرّ آباءنا وبالتالي أبناؤنا عندما يكبرون سيتعاملون ذلك التعامل الذي نتعامله مع آبائنا.

 

أيضا أرى من فضيلة الدكتور أن يناقش قضية مهمة جداً وهي قضية العقوبة للأطفال، فيها كلام أخذ ورد كثير جداً وخاصة من الناحية الشرعية، هل فعلاً وخاصة هل الضرب مسموح لأطفالنا ما دون سن العاشرة؟ وهذا الضرب هل لديه آثار تربوية أم لا؟ أرجو أن تُناقَش هذه القضية لاعتباراتٍ كثيرةٍ جداً؛ نظراً لوجود تعاملٍ سيِّء من بعض الآباء، فكما تقول القاعدة التربوية إذا عجز العقل في التصرف فإنه يتحرك الجسد، فكثير من الآباء عندما لا يستطيعون أن يتعاملوا في بعض الحالات مع أطفالهم في عنادهم في بعض السن-وهذا شيء طبيعي تربوياً-تجدهم يلجأون إلى تحريك جسده بضربه للأطفال، أتمنى أن تُخصَّص حلقة كاملة في هذا الموضوع؛ نظراً لأهميتها؛ ونظراً لوجود الأبناء بشكلٍ كبيرٍ في البيوت في هذه الفترة-في فترة الإجازة الصيفية-.

 

مقدم البرنامج: دكتور الوقت يسابقنا لنهاية البرنامج نأخذ الخلاصة؟

 

الشيخ كهلان: أولاً لي تعليق أيضا على كلمة الأخ المتصل الخامس، نحن لم نقل بأن الطفل يكافئ أو يُربَط كل عملٍ يقوم به بمكافأة لا..، قلنا ذلك في سياقٍ معين، وهو أن يكون مثلاً: أن يكون له مطلب والتربية والتأديب يقتضيان أن يُمنَع من ذلك الشيء إلا بأن يقوم بعملٍ ما، أي لم نتعرض حتى لمسألة المكافأة ولا لمسألة العقوبة، وكثيراً ما يطلب أطفالنا منا أقلاماً ودفاتر وكراريس نكون قد اشتريناها لهم قبل يومين أو ثلاث ولكن نجد فعلاً أنهم محتاجون لأنهم إما أن يكونوا قد أضاعوها أو أنهم أتلفوها أو أنهم لا يعرفون أين ذهبت فهو محتاجٌ إليها فعلاً.. أو هو أو هي محتاجةٌ إليها فعلاً، هنا لا ينبغي أن يُعوَّد على أن يُعطَى ما يريد وقد وُفِّرت له قبل يومين أو ثلاث لا..، أن يكون ذلك في مقابل عملٍ يقوم به أو في مقابل شيءٍ كما ضربتُ أمثلة فقط أن يحفظ شيئاً من كتاب الله عز وجل.. أن يقوم بعملٍ نافع.. أن يساعد والديه.. أن يتصدق لفقراء ومساكين من مدخراته، وسائل التربية كثيرة.. أن يصلي الفجر في جماعة حتى قبل السن التي يُنصَح الآباء فيها بتعويد أولادهم على الصلاة في المسجد، وهكذا نُنَشِّئهم على أن لطلباتهم مسوغاً حينما يقومون بعملٍ ما، وإلا فمسألة أن.. هناك نعم التزامات وهناك وفاء بحقوقٍ وواجبات عليهم أن يُنَشَّئوا عليها، وهذه لا دخل للمكافأة فيها، وكذا الحال بالنسبة للعقوبة.

 

أنا لا أَعِدُ أيضا أننا سيمتد بنا الحديث لكل هذه التفاصيل التي ذكرها الإخوة؛ لكن أولاً لا أزعم أنني متخصصٌ في تربية الأطفال، نحن نتناول من هذا الموضوع ما يتصل بتقرير المسؤولية المجتمعية للأطفال أن التربية هي مسؤوليةٌ مشتركة، وعليناً جميعاً أن نؤديها حقها، وأن نوليها عنايتنا، وأن هناك جملةً من الأدلة الشرعية التي ينبغي لنا أن نلتفت إليها، وأن نعتني بها بتوازن، فإن الإيغال في المطالبة والوفاء بحقوق الوالدين في حين أن هؤلاء الوالدين لم يقوما بما أُمِرا به شرعاً من حُسنِ التربية والتأديب وإكرام الأولاد هذا ليس من الإنصاف في شيء؛ وذلك لأن قيام الأولاد بحقوق آبائهم وأمهاتهم إنما هو أثرٌ من تربية هؤلاء الآباء والأمهات لأولادهم؛ ولذلك فإن موضوع تربية الأولاد مسؤوليةٌ عظيمةٌ ينبغي أن تُعطى ما تستحق من العناية ومن الجهود.

 

ويمكن لنا أن نمدد الحديث إن شاء الله تعالى إلى حلقةٍ قادمةٍ؛ لأن ما يتصل بأوقات الفراغ وكيفية الاستفادة منها وما يتصل بالوسائل المعاصرة من ألعاب إلكترونية، وأنا أقول هنا ألعاب إلكترونية ليس فقط مشاهدة التلفزيون واللعب بالهواتف والإنترنت وإنما تَوَسَّعَ مفهوم ما يتعامل معه أطفالنا اليوم ليشمل وسائل عديدة جداً لا حصر لها، وهذه ينبغي لنا أن نتعلم كيف يمكن لنا أن نتعاون لأجل أن ينتفع أطفالنا منها انتفاعاً رشيداً، وأن نجنبهم مضارها وشرورها بإذن الله عز وجل.

 

مقدم البرنامج: بالتأكيد تساؤلات عديدة الشيخ الدكتور لم نتناولها في هذه الحلقة سنتناولها معكم في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى، مستمعيَّ الأعزاء شكراً لكم على حسن تواصلكم، والسلام عليكم.

 

انتهت الحلقة