إعداد: قسم الارشاد النسوي .. لتنشئة جيلٍ واعٍ.. مدرك لهويته وثقافته

العيسرية: دمج تجربة العرب مع الغرب في تــربيتنا للأبناء يوجد جيلاً قارئًا

علاقة وجدانية راقية كانت تربط المُعلِّمَ بطلابه فكبـــــرنا على توقيره وإجلاله..

اختلفت الآراء بين المربين حول تنشئة جيلٍ واعٍ مثقَّف رشيد.. مدرك لهويته وثقافته، وجميعنا نعلم أن السبيل لذلك هو غرسُ حب التعلُّمِ في نفوسِهم، والعودة بهم إلى الكتاب.. وهو ما يبدو أمرًا بعيد المنال أمام مغريات العصر الحديثة التي تُحيطُ بهم..

من هنا كانت هذه التساؤلات مع الأستاذة الداعية عزة بنت محمد العيسرية رحمها الله، رئيسة قسم الإرشاد النسوي التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وهي مؤلفة كتاب أطفال العربِ يقرأون.. حيث أكدت على أن القيام بدمج تجربة العرب مع تجربة الغرب في تربيتنا لأبنائنا سيوجد جيلاً قارئًا.

وأشارت الى انه كانت في السابق علاقة وجدانية راقية تربط المُعلِّمَ بطلابه فكبرنا على توقيره وإجلاله لشرف المعلوم الذي يحملُه ..و الى الجزء الأول من اللقاء.

 

أن تُنشئ الأمُ  طفلاً قارئًا محبًا للتعلم.. هذه رغبة جميع الآباء المنشودة، ثُم تخونهم الظروفُ والأحوال فلا يقوون على إدراك هذه الغاية .. ما رأيك؟

حقيقة لا يولدُ الطفل قارئًا.. هذا مُحال .. إنما يكتسب الطفل هذه المهارة بالتدريج، ثم تصبح عادةً محبوبة لديه، على سبيل المثال نجدُ في تجربة بريطانيا نموذجًا جيدًا لغرس حب القراءة في نفس الطفل، فالأم تحظى بكتابٍ في التربية في بداية حملها، كما تُعطى كتابًا آخر موجها للأب ليتعلم فنون التربية، ثم حين تضع وليدها تُهدى كتابًا صغيرًا للطفل، وهو كتابُ المهد يُعلَّق في مهد الطفل، وقد تم اختيار كتاب ليوضع للوليد فيكون أول ما يراهُ حينَ يخرجُ للدنيا، حين رأى التربويون أن أكثر الأشياء قيمة هي الكتب، ثم وجدوا أن الولد يستطيعُ التركيز لمسافة سبع بوصات، وهي ذاتُ المسافة بين وجه الطفل ووجه أمه لحظة الرضاعة، فكان لا بُدَّ أن يكثر التحديق على أغلى وأثمن الأشياء قيمة وهو الكتاب..

ثم كانَ هناك كتاب الطفل المصنوع من القماش والكرتون المقوى، يلعبُ به الطفل ويقلبه، فلا يتلفُ الكتاب ولا يؤذي الطفل، ومحتوى الكتاب يضعهُ تربويون مختصون، فهو مادّة مركزَّة مناسبة لعمرِ الطفل جاذبٌ ممتعٌ له، مليء بالصور المرئية، والمجسمات الملموسة، وحين تقرأ الأم للطفل تكون قد أشبعت حاجة حواسه السمعَ والبصر واللمس، ونمت في عقلهَ الخيال والتنبؤ والربطَ والاستنتاج..

أيضًا هناك كتاب خاص بالسباحة لا يبلى ولا يتأثر بالماء، يمكن للطفل أن يعلقهُ على ساعدهِ، وهكذا فالكتاب يتكيف مع الطفل في  كل مكان وعلى كل حال يتناسبُ معه، فهو في غرفته في كل قطع أثاثه، فالوسادةُ تصنعُ على شكل كتاب، والكرسي مصمَّم لكي تُخزنَ الكتبُ على جوانبه أو خلفه، وفي السيارة هناك حقيبة تعلقُ خلف كرسي الوالدين بواجهة الطفل تحملُ ما لذَّ له وطابَ من كتب.

 

التجربة العربية

وبالنسبة للتجربة العربية.. وحينَ نعودُ للنظرِ في التجربة العربية العمانية نجدُ أن الطفل ترضعهُ أمه القرآن مع اللبن، وتهدهده بالأبيات والأدب الفصيح البليغ، ثُم أن كتابات العرب في هندستهم المعمارية على الجدران والسقف، والزخرفة العربية الأصيلة، كانت تغذي جانب القراءة لدى الطفل فيسمعُ القرآن من أمه وأبيه وجدته وجده، فهذه قراءة مسموعة، كما يتأمَّلُ المكتوب في بيئته المحيطة وهذا يغذي ذائقته البصرية، ثمَّ ينخرطُ الطفل للقراءة مع الكتَّاب، ويبدأُ من القاعدة البغدادية، ليتعلم قراءة الأحرف والتهجئة، ثُمَّ يستطيعُ الولوجَ ليقرأَ من المصحف، ثُم بعد ذلك يمكثُ فترة طويلة يقرأُ مع المعلِّم صفحةً صفحة.. ولا يجاوزها حتى  يُتقنها إلى أن يختمُ القرآن كُلَّه..

وأذكرُ أن علاقة وجدانية راقية كانت تربط المُعلِّمَ بطلابه،  فكنَّا ندعو للمعلم قبل وبعدَ الدرس، وكان يتابعنا باهتمام وصبر، فكبرنا على توقيره وإجلاله لشرف المعلوم الذي يحملُه..

فلو دمجنا تجربة الغرب مع تجربة العرب في تربيتنا لأبنائنا لأوجدنا جيلاً قارئًا..

إذًا هل يمكن لتوقير الشيخِ والمعلمِ كبيرَ أثرٍ في تقدم الطالبِ المعرفي..؟

بالطبع.. كُنَّا نرى كيف كان المعلمُ والشيخُ يوَقرُ الكتاب ولا يضعُ فوقه شيئًا، ولا يضعهُ على الأرض أبدًا.. وهنا أذكرُ الشيخ المربِّي حمود الصوَّافي كان ذاتَ مرة ومعهُ أحدُ طلابه وجيء بصندوق كتب للشيخ حمود، فأمرَ أن يدنوهُ منه.. فجرَّهُ لثقلهِ أحدُ طلبته لمسافة لا تُعدُّ شيئًا، فغضبَ الشيخُ لفعلتهِ، وقال هذا ذكرُ الله ينبغي لك حملُه.. كمَا كان يعرفُ كلَّ كتاب في مكتبته، التي لا يُبصُرُ فيها شيئًا، فقد ابتُلي بفقد البصر، لا البصيرة  الواعية  الرشيدة..

 

في رأيك هل فعلاً ضَعُفَت القراءة لدى الإنسان العربي حتى ظهرت الكثير من الدراسات التي تزعمُ أن المواطن العربي لا يقرأ.. ولا يهتمُ بالثقافة والمطالعة، وأنَ متوسطَ ما يقرأُه هو ستّ دقائق  في العام الواحد.. كما أنَّ لك كتابًا يرى عكس ذلك هو أطفالُ العربِ يقرأون..؟

لا يُمكننا أن نأخذَ بهذه الدراسات دون أن نتأملها وننقدها، على أي شريحة كانت، وعادة ما تخالط الأرقام الكثير من التساؤلات هل هي دقيقة، وهل تخلو من مبالغة أو مغالطة، وأنا أرى أن هناكَ جانبًا إيجابيًا في هذه الدراسات فلعلَّها تُشعِلُ غيرةً في نفوسنا، فنعود لنراجعَ أنفسنا، وننهض بأنفسنا وأبنائنا..

فلا يعقل أن تكون أول كلمةٍ نزلت على العرب (اقرأ) ثمَ يتركُ المسلم القراءة، لا أقولُ أنَّ مجتمعاتنا تخلو من ضعفٍ قرائي، ولكنه عرضٌ زائل، لمرضٍ راحلٍ بإذن المولى، ألا يدخلُ الطاعون مدينة وأهلها أنقياءُ منه، ثُمَ يشفيهم الله ليكونوا أصحاء بعده..

أمَّا أن يقال أن العربَ لا تقرأ فهذا زعمٌ مرفوض، لا نوافق عليه، بل نردّه.. وهناك العديد من الدلائل لكون العرب هم أهل علم وذائقة لغوية فكرية..

 

أولها، نزول القرآن الكريم بإعجازه اللغوي البلاغي والعلمي المعرفي، بلغة العربِ التي كانوا  يتحدَّثون بها   فاستطاعت استيعاب علوم القرآن الكريم، هذا دليل واضح، على نبوغهم اللغوي، فشرفهمُ الله بأن أنزل قرأنًا بلغتهم، يتحدى أقواهم فصاحة وبلاغة..

وثانيها، العرب منذُ القدم كانوا يرسلون أبناءهم إلى البادية، ليتعلموا الفصاحة والبيان، وكان العربي يفتخر بابنه إذا فصحت لسانه، وحَسُنَ بيانه، فتضحية الأم بوليدها لينمو في حضنٍ بعيدٍ عن حضنها، ما هو إلا تضحية عظيمة لأجل نتيجة عظيمة، وهي نشأة الطِّفل في جوٍ من الطبيعة يسمحُ لهُ بالتأمل والخيال، وينشأ على فصاحة لغة خاليةٍ من أي لحن، ليعودَ وكأنه تخرَّج من مدرسة الحياة تعلَّم اللغة والشعر وأخبارَ العرب وتاريخهم، وتعودَ على الصلابة والشجاعة.

وثالثها، الحضارة الغربية كلها كانت منابعها من علوم العرب، فأخذوا الطب عنهم، وكذلك الهندسة والحساب وعلم الملاحة والجغرافية وغيرها، كما أنَّ الفلسفة اليونانية الشهيرة كانت أصولها مأخوذة عن العرب…

ورابعها، الإنسان العربي كان يأبى ألا أن يكون ابنه متذوقًا للأدب ، وكان يحضِرُ المؤدِّب ليسكُنَ معه في بيته، ويبقى معه في سفرهِ وحضرِه، أذكُر من ذلك أنَّ جدِّي طلب من معلمٍ أن يأتي من زنجبار حيثُ كان مقيمًا هناك، فأتى وأقام معهم فقط ليعلِّمَ أبي القراءة، وكانوا حين يسافرون يسافرُ معهم، ولا ينقطعُ تعليم أبي، وكان جدي يقول له لا تسافر حتى يختم ابني القرآن، فكان حريصًا على أن يختمَ أبي القرآن على يد معلم ملقن، فيتمكن من القراءة باتقان..

وخامسها، أيضًا من حرص العرب على القراءة أنهم كانوا يطلبون الكتب من أقاصي الدنيا، ويدفعون للكتاب أموالاً طائلة، فكان الكتابُ مكلفًا في نسخه ونقله من بلد لآخر، ولم يكُن متيسرًا كحالنا اليوم..

وسادسها، كما استثمرَ العربُ مواهب من ابُتلوا بالصُمّ فكانوا ينسخون الكتب، ولم يكونوا بمعزل عن المجتمع، ولا بمنأى عن العلم والتعلم، وكان من علمائنا من ابتلي بالعمى، وأنار الله قلبهُ بالبصيرة، فلم يمنعهم مرضٌ أو قلة ذاتِ يدٍ عن العلم..

 

فهل بعد هذا نقول إن العرب لا يُحسنون  القراءة فقط لأنه صارت ظاهرة الضعف القرائي ظاهرة عارضة، وهي زائلة بإذن الله.

 

الأم عليها غرس حب الــكتـاب في نفس الطفل بالتدريج

فقد دعت العيسرية الأمهات الى التوسع في المساحة الآمنة لأبنائها ما استطاعت فإن رأَت بعض السلوكيات الخاطئة في أبناء جيرانها فلتتحرَّك وتخبرَ جاراتها.

كما دعت الامهات بأن يقمن بعقد اجتماعات يتدارسن فيه نظامًا تربويًا يسلكنه ويتشاركن هموم التربية مع بعضهنَّ البعض مشيرة الى ان الأم والأب يستطيعان أن يشاركا مشاركة قوية فاعلة في مجلسِ الآباء في مدارس أبنائهم فيقومان بمتابعة أبنائهم ومتابعة قضايا الطلاب التربوية في المدرسة والقيام بأنشطة تربوية في مدارسهم.. والى ما جاء في اللقاء.

 

يعود لأسلوب الأم

بخصوص ظاهرة الضعف القرائي نجدُ أن الألعاب الالكترونية وبرامج التواصل الاجتماعي كانَ لها نصيب الأسد من وقت أبنائنا، وتشتكي الأمهات من رفض أبنائهن الشديد للكتاب..

هذا يعود لأسلوب الأم في تعاملها مع الطفل، لو تأملنا حال الكثير من الأمهات.. لوجدنا أن الكثير أعجبهُ بدايةً انشغال ابنه بشيء يجعله جالسًا في ركنُ الغرفة، فالبعضُ من الأمهات رأى في ذلكَ شيئًا من الراحة.. 

فلا ضوضاء ولا إزعاج، وهي تنشغلُ بعملها بعيدًا عن الطفل الذي بقيَ جالسًا خلف الجهاز ساعات طويلة، ثُمَّ بدأت بعد حين تشعُر الأمهات بالمشكلة، حين رفض الطفل أداء واجباته المدرسية والقيام بمسؤولياته، أيضًا ظهرت على الطفل نوبات الغضب لأسباب تافهة، ثم يفرِّغُ شحنات الغضب في ضرب إخوانه بشدة …

هنا نسألُ أنفُسَنا ماذا قدمنا للطفل من وسائل جاذبة ليحِبَّ القراءة والتعلُّم؟!

أما أن نأمرَهُ أن يتركَ لعبة بكل وسائل الإغراء والجذب التي فيها، ونعطيهُ كتابًا ونقول بكلِّ حزم وشدَّة.. اقرأ.

لن يترك الطفل لعبةً ليقرأ.. فلا بُدَّ هنا للأم وهي صاحبة البصمة الكُبرى في مرحلة الخمس سنوات الأولى من عُمر الطفل، أن تلعب دورها الحقيقي بحرفية عالية، فهنا يقلُّ دورُ كل الجهات الخارجية على الطفل، وتكون الأم هي المؤثر الأوحد في نفس الطِّفل، فلا بُدَّ أن تغرس حُبَّ الكتاب في نفسه بالتدريج، كما ذكرتُ آنفًا..

وأيضًا أن تعطي الكثير من وقتها لابنها.. فتناديهِ معها في المطبخ وتُشركه في عملها اليومي بما يتناسبُ مع عمرهِ وقدرته، بذلك يتعلمُ الكثيرَ من المهارات الحياتية ويحظى بحوار ممتِع بمشاركة أمهِ عملها، وخصوصًا البنت هكذا تعلمنا من أمهاتنا..

كنا نُصَلي معهن.. ونطبخُ معهن.. ونكنسُ معهنَ… تعلمنا المهارات بالقدوة والممارسة ولم تكُن الأم تُقصي أبناءها عنها، لتؤدي عملها أبدًا..

فلو عُدنا لتقاليدنا وهويَتنا وديننا.. وعدنا لاحتواء أبنائنا.. لارتحنا من مشكلة بقاء أبنائنا ساعات طوال خلف الأجهزة، وهنا على الأم أن تكون مُتابعة لسلوك أبنائها، أذكُرُ أني لاحظتُ أحدَ أبنائي يغضبُ بشدة، ويضربُ بُعنف، فعدتُ لأرى الألعاب الإلكترونية التي يمارسها..، فحاورتهُ حولها، وعرضتُ له ألعابًا أخرى، من نفسِ النوع، وعلى نفسِ الجهاز، وهنا نجدُ بدائلَ عديدة لأبنائنا، فهناك ألعاب إلكترونية تُنَّمي مهارات عديدة كمهارة القراءة والحسابَ مثلاً، وهي تنَمي حبَ الاكتشاف ومهارة الربط والاستنتاج، وتوفر له المتعة.

 

توفير الأدوات

في حديثنا عن تنمية مهارات الذكاء والإبداع في أطفالنا، هل تستطيعُ الأم هنا بمتابعتها لألعاب أبنائها وكيفية قضائهم لأوقاتهم، أن تكتشف مواهبهم فُتعينهم على تنميتها؟

بالطبع.. هنا ذكرتني بقصة ابني وهو الآن في الصف التاسع، لاحظتُه يلعبُ بطريقة مختلفة عن باقي إخوته، فهو يحب أن يلعب بأدوات المنزل والخشب، ويفكك ويركب، ويربط ويصَمِّم، فكنت أجدُ لديه شغفًا كبيرًا بالمهارات العملية التي تحتاج لتصميم هيكل وتنفيذه، فبدأتُ بتوفير الأدوات التي يحبها ويحتاجُها، ثُم تطورَ الأمر إلى أن يبحثَ في المواقع الإلكترونية عن تصميم الطائرات وكيفية صنعها، وما زلتُ مستمرَّة معه بمتابعة إنجازاته، وتوفيرِ ما يحتاجهُ من أدوات تُعينهُ في سَعيه.

فكانَ يأخذُ أوراق رسم الخرائط ويصمِّمُ فيها بما تعلمهُ من موقع تصميم الطائرات، ثمّ يطبّقُ التصميم على الأدوات التي جلبتها له، ويصنعَ بها طائرته ذات المحرِّك، وما زلتُ أذكره وهو ينتظرني في الصباح الباكر وقد سهر طوال الليل في التصميم والصنع، ليريَني إنجازه المحقق..

ثُم يخرجُ بطائرته لتبدأ التحليق في ساحة رملية خلف البيت، ويرقبها إن سقطت ليكتشف سبب انعدام التوازن ليعود ويصلحها بعد اكتشاف خطأ وقع فيه أثناء الصنع، ومازالَ حُلمه أن يواصل في مجال صُنعِ الطائرات..

والجدير بالذكر أنَّ ابني هذا كانَ خطهُ رديئًا، حتى أنكَ لا تكادُ تقرأه، وذات مرَّة، وقف المعلمُ أمامه في الفصل، وقال لهُ خطُّك جميل جدًا يا ضمام وسنُجري معك لقاءً في الإذاعة أمام الطلاب، لنتحدَّث عن موهبتك في الخط العربي، وسنحتاجُ منك إلى نماذج لترينا إياها..

وأذكره يومها حين عاد من المدرسة، ولم تزل حقيبته في ظهره، يخبرني بفرح وترقُّب عن طلب الأستاذ هذا، فاستغربتُ حقيقة بادئَ الأمر..

وذهب ابني لفتح مواقع إلكترونية متخصصة بالخطَّ العربي، وبدأ بقلم عادي ثُمَ طلبَ قلم الخط العربي، وبدأ بصُنعِ لوحات تصميم عبارات بخط الرقعة، ثم بدأَ بنحت أشكالِ الحروفِ على لوحات الخشبِ..

وتحسَّنَ خطُّه بشكلٍ كبير وإن واصلَ أتوقعُ له المزيد من التقدّم.. وهنا أشكرُ معلمهُ المربي الذي غرسَ في ابني حُبّ الخط العربي، فتعود على إتقانه..

 

رؤية

بالنسبة لمدرسة غراس الخير وهو اسمٌ يرمزُ لغرسِ الخيرِ في نفوسِ الأبناء.. ما هي رسالة المدرسة ورؤيتها..؟

نعم لا شكَّ أن أصلَ كل خيرٍ موجودٌ في العلم والتعلم، فكانت أول كلمة نزلت من كتاب الله (اقرأ) لذا كانت رسالة المدرسة غرس حب العلم في قلب كل طفل، والعودة بهم إلى تقاليدنا وتُراثنا الغالي، فيتعلمونَ التحية والحوار باللغة العربية الفصيحة، وتحاول كل معلمة أن تحدث طلابها بالعربية الفصحى، طيلة وجودهم في المدرسة، كذلك نُعودهم على الدعاء قبل وبعد الطعام، وعند دخول بيت الخلاء، وبداية اليوم الدراسي، فيتعودُّونَ على الارتباط بخالقهم والدعاء في كُل أحوالهم..

أيضًا في فترة المساء تُقيمُ المدرسة بعض الدورات للغةِ فيتعلم الطالب التطبيقات النحوية اللغوية بطريقة بنائية تراكمية ممتعة، وكذلك اللغة الإنجليزية وغيرها من الدورات التي تخدم الطلبة..

 

نصائح

ما النصيحةُ التي تهديها لكُل أم تشتكي من ابتعاد أبنائها خلفَ أجهزة الهواتف والألواح الذكية؟

أنصح الأمهات بمتابعة الطفل وهو ينمو في مدارجِ طفولته، ولا تكتفي بالتأسيس الجيَّد في مرحلة الطفولة المتوسطة والمتأخرة، بل تتابعه في المراهقة، وتقفُ بجانبه، فإن وقع في مُشكلة، كانت هي أولُ حضنٍ يحتويه، فلا يخفى على أحدنا وجود الاتجاه السلبي مع وجود الاتجاه الإيجابي الحسن في جميع ما يبهرُ أبناءنا من أجهزة حديثة بما فيها من برامج جاذبة لهم، لذا كان لابُدَّ لنا من توعيتهم بالحوار والقصة، وحقيقة كانت القصة قبل النومُ خيرَ مُعين لي مع أبنائي فهي تحمل رسائلَ لطيفة لتقويم سلوكهم، يُدركُ الطفل كنههَا وعمقها، وتؤثر في سلوكه، دون أن تفضحه أو تجرحَه…

وفي المقابل لا بُدَّ من الثقة في أبنائنا، التي منشؤوها ثقتنا بتربيتنا لهم.. فكثيرًا ما أعجبُ للأمهات اللاتي يخفن من بعض السلوكيات التي تصدر من بعض الطلاب الذين يحتكون بأبنائهن، ويظلُّ لسانُ حالهن نخاف على أبنائنا من هذه المدرسة .. ونريدُ تلكَ المدرسة.. وهكذا لن ينتهينَ أبدًا فلا توجدُ مدرسة خالية من سلوكيات خاطئة وأخرى صائبة، فنحن نعلم أبناءنا ما الخطأُ وما الصوابُ، وما الخيرُ وما الفلاح..

فإن وجدنا فيهم القوة على ردّ الخطأ علمناهُم كيف يَردُّونهُ.. وأدخلناهم المدارسَ ونحنُ مطمئنين، وإن لمسنا فيهم بعض الضعف، عززناهم بالخبرة عن طريق الحوار والاطلاع والبحث، والمتابعة في الصحبة ، واختيارِ البيئة التعليمية المُناسبة.. فالأم هي التي تُقدّر مقدار المساحة التي يتحرَّكُ فيها ابنها بحرية..

والأفضلُ للأم أن توسِّعَ تلك المساحة الآمنة لأبنائها ما استطاعت، فإن رأَت بعض السلوكيات الخاطئة في أبناء جيرانها، فلتتحرَّك وتخبرَ جاراتها، ولا بأس أن تعقد اجتماعًا يتدارسن فيه نظامًا تربويًا يسلكنه، ويتشاركن هموم التربية مع بعضهنَّ البعض، وأيضًا تستطيعُ الأم والأب أن يشاركوا مشاركة قوية فاعلة في مجلسِ الآباء في مدارس أبنائهم فيقومون بمتابعة أبنائهم، ومتابعة قضايا الطلاب التربوية في المدرسة، والقيام بأنشطة تربوية في مدارسهم..

وكذلك لو استطاع المربي أكان أبًا أو أمًا أن يُعالج بعض القضايا التربوية بطرقً إيجابية، عن طريق قلمٍ سيَّال، أو إقامة أمسيات وبرامجَ ودورات.. لوسعنا المساحات الآمنة لأبنائنا جميعًا..

________________________________________________

جريدة عمان: الخميس والجمعة 9-10 رمضان 1434ه/18-19 يوليو 2013م

حاورتها: مليكة السيابية