أكدت خديجة بنت علي المفرجية مشرفة التربية الاسلامية بالمديرية العامة للمدارس الخاصة بوزارة التربية والتعليم أن امتلاك المرأة لزمام قلوب أبنائها يمكنها من التوجيه الصحيح في الحياة.

 

وقالت: إن مفتاح المحبة منشأه القلب بشرط أن يكون التواصل بين الملقي والمتلقي للرسالة الموجهة؛ تواصلا إيجابيا.

واوضحت ان حراك المرأة الإجتماعي له وقع على الأفراد الذين تتعامل معهم.

 

وبينت أن من أعظم النعم التي حبا الله بها عباده نعمة الإسلام التي أنقذت القلوب والعقول من دياجير الضلالة.

وقالت: لقد وجه الله عز وجل البشرية إلى السبل التي من خلالها يمكنهم تقوية أواصر المحبة والتآلف على اختلاف أشكالهم وألوانهم وألسنتهم.

وأشارت الى ان الأدلة القرآنية تشير إلى التوجيه الرباني في آلية كسب قلوب الناس.

 

وقالت: اننا لو أردنا معرفة بعض الأساليب التي تجعل الشخصية ناجحة ومحبوبة لدى الجميع فإن أهمها:

إصلاح العبد ما بينه وبين ربه والإبتسامة التي بدورها تحدث تغييرا خاصة في المواقف الصعبة والاحتفاظ بالهدوء عند التعامل واحترام مشاعر الناس وتقديرهم، ومعرفة حقوقهم وواجباتهم وافشاء السلام ورد التحية بأحسن منها وانتقاء الكلمات الطيبة عند التحدث مع الناس، وعدم العبوس أو غلظة الوجه والعمل بأسلوب الصراحة، والوفاء بالوعد والصدق في القول والعمل وزرع الثقة في نفس من يتعامل معه.

 

وفهم وجهات نظر الطرف الآخر وعدم التعصب للرأي، والاستخفاف بالمخاطب والاعتراف بالخطأ والتماس الأعذار للاخوة والإنصات للمتحدث.

 

وتشجيع المتكلم على تفريغ ما لديه من هموم لأجل الوصول إلى الحاجات المراد إشباعها لديه. والأهم من ذلك كله، كن متواضعا سمحا بشوشا لين الجانب، ساعيا للخير بجميع السبل المادية منها والمعنوية.

واكدت أن المرأة بوجه خاص لها الدور القيادي في الأسرة، فامتلاكها لزمام قلوب أبنائها يجعلها قادرة على توجيههم التوجيه الصحيح في الحياة.

 

جاء ذلك في محاضرتها التي القتها في قاعة المحاضرات بمعهد العلوم الاسلامية الإثنين الماضي بعنوان (مهارة اكتساب قلوب الناس) فإلى نص ما قالته فيها:

 

إن من أعظم النعم التي حبا بها الله عباده نعمة الإسلام التي أنقذت القلوب والعقول من دياجير الضلالة، وجعلت ميزان التفاضل بين العباد مبعثه التقوى التي بها يرتفع شأن الإنسان عند الله والعباد، قال تعالى: (يأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير).

 

وقد وجه الله عز وجل البشرية إلى السبل التي من خلالها يمكنهم تقوية أواصر المحبة والتآلف على اختلاف أشكالهم وألوانهم وألسنتهم، فمفتاح المحبة منشأه القلب، بشرط أن يكون التواصل بين الملقي والمتلقي للرسالة الموجهة؛ تواصلا إيجابيا مبنيا على أسس طيبة، تعبر عن الهدف المنشود، بطريقة النقد البناء، فينتج عن ذلك تغيير في السلوك، ينعكس أثره على التفاعل الإيجابي مع المجتمع الذي يعيش فيه المنصوح، وقد وجه الله تعالى عباده في أكثر من موضع، إلى السبل السوية في التعامل مع الناس لكسب قلوبهم، قال تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ).

ويقول: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) آل عمران.

 

وأيضا (.... وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) البقرة.

(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) النحل.

 

تشير الأدلة إلى التوجيه الرباني في آلية اكتساب قلوب الناس، من خلال لين الجانب وإصلاح ذات البين، واتباع أسلوب الحكمة والموعضة الحسنة، وقد ترجم ذلك الرسول عليه الصلاة والسلام عمليا في المجتمع منذ انبلاج نور الإسلام، وعلم أفراد مجتمعه ذكورا وإناثا مهارة التعامل مع الناس، صغارا وكبارا شيبا وشبانا نساءا كانوا أم رجالا، وظهر أثر مهارة التواصل مع الناس من قبله عليه السلام في السلوك المميز الذي نهجه أفراد مجتمعه في التنافس على حبه، وكان يضن كل واحد من الصحابة أنه أحب امرء عند رسول الله، وكانوا يقتتلون في الدفاع عنه، كل ذلك بسبب تمكنه من امتلاك قلوب كل من تعامل معهم، فقد أخذ الألباب والقلوب بتعامله المنبثق من تعليم ربه له.

 

وإذا أردنا التحدث عن دور المرأة في التفاعل الإيجابي مع بيئتها المحيطة بها، بغية الوصول إلى اكتساب قلوب من تتعامل معهم، فإننا نتمثل قول الله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) التوبة.

 

فالتوجيه السابق يشترك فيه الذكر والأنثى في مهمة التغيير، فلو تأملنا دور المرأة في التنمية من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ في المجتمع الذي تعيش فيه، لوجدنا أن حراكها الإجتماعي له وقع على الأفراد الذين تتعامل معهم، فهي ناصحة في بيتها، صانعة قرار فيه، مؤثرة ومتأثرة في نفس الوقت، وخارج إطار مملكتها أيضا لها دور بارز؛ في بيئة عملها ومع جيرانها وأقاربها، فكلما كانت ممتلكة للسبل الصحيحة في التأثير أدى ذلك إلى قدرتها على كسب قلوب الناس، بخلقها الرفيع، وشخصيتها الناجحة، وفكرها المتزن، متأسية بالمنهج الإسلامي في التعامل مع الغير والتي تم التنويه لها سلفا.

 

فنجد بصمة هذه المرأة في الكثير من مواقف الحياة، شعارها الدين المعاملة، والعمل بمبدأ “وخالق الناس بخلق حسن”، ومبدأ “عامل الناس كما تحب أن يعاملوك، وكن متفائلا تبعث البشارة فيمن حولك” فلو تعلمت كيفية التعامل مع الآخرين فإنك تكون بذلك قد قطعت 85 % من طريق النجاح،و99% من طريق السعادة الشخصية، وهناك العديد من الأساليب التي تجعل الشخصية ناجحة ومحبوبة لدى الجميع نلخصها في النقاط التالية:

 

إصلاح العبد مابينه وبين ربه يصلح الله له ما بينه وبين الآخرين والإبتسامة التي بدورها تحدث تغييرا خاصة في المواقف الصعبة والإحتفاظ بالهدوء عند التعامل مع الشخصيات المستفزة.

 

واحترام مشاعر الناس وتقديرهم، ومعرفة حقوقهم وواجباتهم وإفشاء السلام ورد التحية بأحسن منها فهي مفتاح القلوب وسر امتلاكها وإنتقاء الكلمات الطيبة عند التحدث مع الناس، وعدم العبوس أو غلظة الوجه لما لذلك من تأثير سلبي على النتيجة المرجوة العمل بأسلوب الصراحة فهي مُجلبة للمحبة، فالوفاء بالوعد والصدق في القول والعمل طريق ميسر لنجاح الشخصية.

 

والثقة بأن تغيير الخطأ يبدو سهلا، وازرع الثقة في نفس من تتعامل معه وافهم وجهات نظر الطرف الآخر ولا تتعصب لرأيك، ولا تستخف بمن تخاطبه فتفقد الهدف الذي ترمو إليه والتمس العذر لأخيك كي لا تقع في مضنة الشك، واعترف بخطأك والإنصات للمتحدث فهي من أقوى سبل التغيير، فكلما كنت منصتا جيدا أحبك الآخرون لثقتهم أنك متحمس لما تقول فيشعرون بالإطمئنان النفسي وتشجيع المتكلم على تفريغ ما لديه من هموم لأجل الوصول إلى الحاجات المراد إشباعها لديه و الإحسان إلى الناس ماديا ومعنويا، وتقديم العون متى ما سنحت الفرصة ولو بكلمة طيبة، إن لم تكن قادرا على العطاء المادي.

 

والأهم من ذلك كله، كن متواضعا سمحا بشوشا لين الجانب، ساعيا للخير بجميع السبل المادية منها والمعنوية، وهذا ما يفعله الكثير من أصحاب المؤسسات الخدمية؛ والتجارية بوجه خاص، لكسب زبائنهم، وعليه فإن كسب قلوب المحيطين بنا ليست بمسألة صعبة إن ما فقهنا كيفية التعامل مع الشخصيات على اختلاف طباعها ومستوياتها الفكرية وثقافتها، بما سلف من سبل، ونؤكد إلى أن المرأة بوجه خاص لها الدور القيادي في الأسرة، فامتلاكها لزمام قلوب أبنائها يجعلها قادرة على توجيههم التوجيه الصحيح في الحياة، فتعاملها المرن المؤطر بالحكمة يجعلها وإياهم يسيرون على خط النجاح بيسر، وكذلك تعاملها الطيب والمتزن مع بنات جنسها يبعث الثقة في نفوسهن، وبالتالي تستطيع المضي بالتنمية البشرية إلى أرقى المستويات، وتكسب قلوب زميلاتها وأخواتها ومن تتعامل معهن، فتكون كل واحدة منهن سيدة فاعلة في مجتمعها الأسري بشكل خاص والخارجي بشكل عام، وتعمل كل واحدة منهن على المضي قدما لزرع بذرة المحبة في النفوس؛ والتي هي مفتاح الخير في الحياة، فتنال بعملها هذا رضى الله عز وجل، ومحبة الناس، فليست العبرة بما تمتلكه من علم وإنما بما لديك من معززات إيجابية، وطرق سلسة، تؤهلك للرقي بمن حولك في المجال الديني والدنيوي.

-----------------------

جريدة عمان الجمعة, 18 مايو 2012