أقيمت بقاعة المحاضرات بجامع السلطان قابوس الأكبر أمسية (لأجلك أسرتي) بتنظيم من قسم الإرشاد النسوي التابع لوزارة الوقاف والشؤون الدينية، وقد شهدت الأمسية حضورًا نسائيًا كبيرًا.

 

بدأت الأمسية بآيات من سورة الرحمن تلتها المرشدة نصرى بنت هاشل الهديفية، ثم كلمة من المرشدة الدينية مليكة السيابية أوضحت فيها أن الأمسية ترمي إلى التضحيات الكبيرة التي تبذلها الأم في سبيل غرس الأخلاق والقيم في بيتها وأسرتها، والتي يجب ألا تنسها طموحها وأهدافها التي تحلمُ بها، مؤكدة أن الأم الناجحة هي التي توازن بين هذا وذاك، فتبذل وتضحي لأجل أسرتها الصغيرة بالغالي والنفيس، فهي راعيةٌ في بيتها ومسؤولة عن رعيتها، كما أن عليها أن تدرك أن أبواب العلم والعمل مفتوحة لها، فلا تركن تحت أي قيد من القيود، بل وتواصل الصعود في مسيرة العلم والنماء، متحدية كل العقبات والصعاب.

 

وأضافت، من جميل صفات المرأة المسلمة صفة المبادرة، ويروي لنا التاريخ صفحات مشرقة من مبادرات رائدة للمرأة المسلمة في تأدية رسالتها، فالحياة في نظر المرأة المسلمة الراشدة ليست في قضاء الوقت بالأعمال الروتينية المعهودة، والاستمتاع بزينة الحياة وطيباتها، بل تتعدى ذلك بكثير من المراحل، لأن حياتها رسالة وعطاء، وسعيٌ حثيثٌ للتعلم والنماء، تتحرى مرضاة الله في كل فعل وقول، تدرك أن لها من أعمالها ما نوته خالصًا لله جلّ وعلا. مؤكدة أن المرأة المسلمة لا يغيب عن ذهنها براعة إحكام التوازن بين الجسم والعقل والروح، ففي احكام التوازن بين هذه الجوانب ضمان لنشوء الشخصية السوية المعتدلة الناضجة المتفتحة، كما أنها تدرك فنون إدارة وقتها، والموازنة بين الأسرة والعمل، مرتقية سلم النجاح المكلل بالتوفيق الإلهي، فما كان لله ينمو، وما كان لله زاد واتصل.

 

حـوار

وقد شهدت الأمسية حوارًا شيقًا مع ثلاثة نماذج من نساء المجتمع العماني الأصيل، جميعهن كان لهن السبق في إقامة مشروعاتهن الخاصة رغم بعض العقبات والظروف الصحية، كانت البداية مع أسماء بنت ناصر الحارثية،، حاصلة على الشهادة الإبتدائية، عملت لسنوات طويلة في شركة الكهرباء والمياه، تحدَّت عقبات كثيرة وضحّت بالكثير لأجل أسرتها الصغيرة، عشقت صنع الملابس التقليدية فأعطتها جلَّ وقتها واهتمامها، شاركت لتروي قصة نجاح مميزة، حيث أنها تصمم نماذج للملابس العمانية التقليدية، وتضعها في لوحات مميزة كثيرًا ما يعجب بها السياح ورغم بعض ظروفها الصحيّة وحزنها على وفاة زوجها، إلا أنّ شعارها هو (من رحم الألم يولد الإبداع).

 

وأجمل ما تملكه هو جنتها الصغيرة حيث أبناؤها يجتمعون بها، وقد ذكرت مواقف تربوية جميلة مع أبنائها، فلها أطروحاتها التربوية وأسلوبها المميز في ذلك، فهي تركز على غرس القيم والمتابعة، وخلق فرص المبادرة لأبنائها في العمل منذ نعومة أظفارهم، وعونهم بالنصح والدعم، والتشجيع والرعاية.

 

والضيفة الثانية كانت زينب بنت عبد الله السيفية، حاصلة على الشهادة الثانوية، وهي ربة منزل، أحبّت فنون الطبخ منذ الطفولة، تعلمت كل ما يمكنها تعلمه من خبرة الأمهات، وكتب الطبخ، والبرامج التلفازية، بادرت في العمل الحر لتنمية هوايتها المفضلة، ثم توقفت لبعض الظروف الصحية، إلا أن إرادتها كانت أقوى بكثير، لتنهض وتعاود المشوار لتجد نفسها أمام المعهد الوطني للضيافة، فدرست مدة تسعة أشهر، من الثامنة إلى الخامسة عصرًا، واعتلت صعاب إدارة وقتها الثمين بين الأسرة والمعهد، ورغم التعب إلا أنها أعطت كل ذي حق حقه، كانت رؤيتها التربوية أن تغرس قيم الدين والصلاة في قلوب أطفالها، ثم تظل تتابعهم برفق دراسيًا وخلقيًا ودينيًا، واستحقت بامتياز تكريم المعهد لها، كما حصلت على المركز الخامس في مسابقة على مستوى الفنادق الكبيرة، وهي عضوة بجمعية المرأة العمانية طُلب منها تدريس فنون الطبخ في مقر الجمعية في فصل الصيف، وتطمح حاليًا لفتح مركز لمشروعها تقيم فيه العديد من الدورات التدريبية في مجال الطبخ، شعارها دومًا سأتعبُ قليلاً لأكون ناجحًا ومميزًا.

 

وأمّا الضيفة الثالثة كانت سمية بنت محمد الرحبية، حاصلة على الشهادة الثانوية، وهي ربة منزل، هوايتها المفضلة الخياطة، وتعلمت وتدربت عليها منذُ الصغر، وأقامت مركزًا للتدريب على الخياطة في جنتها الصغيرة، حيث لا تريد الابتعاد عن منزلها وأبنائها، فآثرت أن تكون بقربهم، تحدت الكثير من العقبات، وعانت من بعض الظروف الصحية، إلا أنها تخطتها بكل عزيمة وإصرار، ولأنها تعشق العمل التطوعي الخيري كانت كل أرباحها تذهب لمشروع خيري خاص بها، كما لم تنس طموحها الدراسي حيث تخرج كل صباح لدراسة الفقه والعقيدة والنحو والتجويد، لها فكرها التربوي الخاص مع أبنائها الممزوج بالعطف والحزم واللعب والجد، والموازنة بين الثواب والعقاب، كما تحب فنون التواصل الاجتماعي ولها أسلوبها الفريد في ذلك، شعارها دوما الحياة حلوة والقادم أفضل، لذا أنتظر المستقبل بكل شوق.

 

وختمت الجلسة بقصيدة حول رسالة المرأة في المجتمع ألقتها المرشدة جوخة بنت علي الحارثية، تحدثت فيها عن دور المرأة القيادي في المجتمع، وقدرتها على العطاء والإبداع في مختلف الفنون، كونها تملك كل الطاقات التي سخرها الله تعالى لها لتنهض بدورها المعطاء في المجتمع.

_______________________________________

جريدة عمان: الجمعة  7 صفر 1434 هـ /21 ديسمبر 2012م

متابعة: سيف بن سالم الفضيلي