طباعة
المجموعة: تحرير المرأة
الزيارات: 1942

نتيجة بحث الصور عن الحجاب

الكاتبة: غنية ذياب سعيد الربيعية:

أنا لست من الذين يحرضون المرأة على التمرد, والسفور , وقلة الحياء, والاختلاط , لا بل بالعكس أنا من أنصار الحجاب و النقاب والحياء والتقليل من الاختلاط قدر ما أمكن ؛ لأنه شر لا بد منه في هذا العصر الذي باتت معظم النساء في ميادين العمل ولا من الذين ينكرون فضل الرجال ومميزاتهم وحقوقهم التي قد كسبهم الله بها , ولكن أنا أريد للمرأة حقوقها أيضا الاجتماعية الشرعية و التي منحها الله دون مضايقات من المجتمع الذي يحترم العادات والتقاليد أكثر من الدين والشرع وما ذلك إلا بسبب الجهل .

 

لقد منح الإسلام المرأة حق التعليم وحرية اختيار مواده ونجد من الأقارب من يتدخل أو يمنع ذلك كذلك حرية التصرف في مالها أو دخلها , فنجد من أقارب المرأة كالأب أو الزوج أو الأخ من يتصرف و يتحكم في دخلها أو راتبها ويمسك بطاقة سحب راتبها.. وغيره من الأفعال , أو يقترض مبلغ كبير من البنك على راتبها وتظل هي تدفع مقهورة مجبرة ؛ لأن طاعة الزوج واجبة , نعم طاعة الزوج واجبة في أشياء باستثناء مالها فليس له حق فيه حتى لو كانت تملك مال قارون هو ملزم بالأنفاق عليها, إلا برضاها وعن طيب خاطر .

 

كذلك منح الإسلام للمرأة حقها في اختيار شريك حياتها ولها الإذن في ذلك سواء كانت بكر أو ثيّب أي(سبق لها الزواج) كما ورد في الحديث" لا تنكح البكر حتى تستأذن ولا تنكح الثيب حتى تُستأمر" , ولكن نجد بعض الآباء والإخوة من يخالف ذلك بحجة أن ابن عمها أولى بها بصفة القرابة أو أن فلان صديقي وهو أولى أو أن فلان فقير أو أن فلان ليس من حسب ونسب .

 

فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الدين وفساد كبير ". فلا يقصد ذو الدين والخلق أن يكون عالم في أمور الدين أو ملم بكل أنواع الخلق فقل ما يحصل على ذلك ولكن أن يكون ملتزم بعبادته منتظم في عمله وسلوكه مع الناس غير مقترف لمشاكل أو إذاء بار بوالديه فمن خلال هذه القواعد يقاس الإنسان سواء رجل أو امرأة ولكن المشورة واجبة في كل شيء.

 

والرسول صلى الله عليه وسلم حث على التكافؤ في الزواج من كل الجوانب وخص التكافؤ في السن بين الزوجين حتى قال: "إياكم والمسياب قيل فما ذاك يا رسول الله قال: النار تندلع والماء ينقطع " ويعني بذلك التكافؤ الجنسي بين الزوجين في حال كان هناك فرق كبير بينهما في السن أو إعاقة جسدية أو مرضية , فلن يكون هناك تكافؤ جنسي فلكُل سن حال. كذلك نرى في مجتمعنا العربي والخليجي مضايقات يصدرها المجتمع ضد المرأة المطلقة دون ذنب سواء كونها مطلقة, فيعزب الشباب عن الزواج بها بينما يسارعون في تزويج الرجل المطلق , فما أدراهم قد يكون الزوج هو السبب في جعل زوجته مطلقة لسوء تعامله , أو عدم احترام قوانين الزواج وحقوق الزوجة ....إلخ.

 

كذلك عندنا حالة الترمل وأحيانا تترمل المرأة وهي ليست شابة وليست كبيرة بحيث ما زالت تحس في نفسها رغبة في الزواج ولكن تجد المجتمع ينكر حقها في ذلك بحجة أنها لم تعد شابه , أو أن ابنها كبر أو تزوج , أو أنها سوف تبتعد عن أولادها أو غيرها من الحجج , فهذا يحز في نفسها و يؤلمها مما ينتج عن ذلك أمراض نفسية ومنها: الاكتئاب , والخرف المبكر "الزهايمر" ؛ لأن الفراغ العاطفي يجلب كثير من الأمراض النفسية والتي بدورها تجلب الكثير من الأمراض العضوية , فلم ينكر الإسلام حق للمرأة كم أنكره المجتمع حاليا لماذا؟ ؛ لأن المجتمع تعود على أن الرجل يأخذ حقوقه بكل قوة ..

 

كذلك نجد أن الرجل تعود على أنه يرى نفسه أنه أفضل من المرأة , وأنه له كل الحقوق عكس المرأة . فمن أين أتى بهذا الاستنتاج؟ من سلوكيات المجتمع أو الأسرة أو لأنه يعتقد أن القوامة وحصته الأكبر من الميراث دليل أنه أفضل من المرأة , بينما الأمر يختلف تماما فالرجل والمرأة سواء أمام الله في الثواب والعقاب والدليل قوله تعالى : {ومن يعمل من الصالحات من ذكر وأنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراً } سورة النساء 124 ، وما جاءت القوامة وحصة الإرث إلا تكريم للمرأة لماذا؟ لأن طبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجل ولو فتحنا هذا الباب لوجدنا العجب , القوامة هي لصون كرامة المرأة من بعض بطش الرجال , وحصة الإرث أكبر ؛ لأن الرجل هو المسؤول عن الإنفاق على المرأة .

 

كذلك تجد في المجتمع تقدير وتقديس الرجل دون المرأة حتى ضربوا أمثال في ذلك ومنها: "الرجل ما يعيبه غير جيبه ", "والرجل ما ينعاب والرجل لا يشيب من أين أتوا بهذا؟ " , من التعود إنما الرجل يعيبه كل ما يعيب المرأة كما هو واضح في حد الزنا والسرقة وغيره من الأحكام , ويحرم ويعاقب المرأة حتى في حال الحوادث المرورية إذا كان السائق امرأة يستنتجون إن الأسباب تعود إلى تقصير وعدم جدارة من المرأة مع أن الدراسات التي أجريت في معظم الدول أثبتت ان المرأة أقل معدل حوادث مرورية فمن أين أتوا بهذا الحكم ؟ إلا من التعود على استحقار المرأة ومضايقتها .

 

لو بحثنا في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وتعامله مع النساء لعرفنا كيف أنه كان يحترم مكانة المرأة , لقد احترم الرسول صلى الله عليه وسلم في خديجة رضي الله عنها ثقتها له وتصديقها له وبذل مالها ورغبة الزواج منه مع أنها كانت اكبر منه بخمسة عشر عام , وظل يحترم ويقدر مواقفها حتى ماتت وظل يذكر فضلها حتى غارت منها السيدة عائشة رضي الله عنها وهي حب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 

كذلك لما تزوج عائشة رضي الله عنها حرص على حقوق عائشة رضي الله عنها السنية كونها أصغر منه وصار يعاملها على حسب سنها وكونها صغيرة وتحتاج الجري , والملاطفة , ومشاهدة الألعاب , وكان يسندها حتى ترى الأنصار وهم يلعبون بالحراب في يوم العيد وكان يجري معها ويسابقها مع أنه كان في حالة حرب وليس مجرد عمل ومع ذلك كان يراعي نفسية المرأة ويحترم حقوقها ولم ينقصها يوما, بأبي وأمي أنت يا رسول الله . فيكفينا بيان في هذا الحديث " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي "، ولقد تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم من المطلقة وهي طليقة زيد بن حارثة , وتزوج من الأرامل ولم يتزوج بكر غير عائشة رضي الله عنها .

 

كذلك نجد أن في كتاب "نساء حول الرسول" , عندما جاء رجل يخطب أم أنس بن مالك رضي الله عنه وكان أنس شاب وشرطت أن يكون مهرها دخول هذا الرجل في الإسلام وأسلم , وقبلت به وقالت: يا أنس زوج أبا طلحه فزوجها. فكانت تقول لا أتزوج حتى يبلغ أنس ويجلس في المجالس, فكان أنس رضي الله عنه يقول جزا الله أمي عني خيرا لقد أحسنت ولايتي , فمن هذا الشاب اليوم الذي سوف يضع يده في يد رجل جاء يطلب أمه ؟ أو يزوج أمه؟

 

لا بل بالعكس أنا أعرف بعض الأرامل كافحن من أجل أطفالهن حتى بلوغ الرشد ، فعندما أردن الزواج شاقوا عليهن ورفضوا فكرة زواج أمهاتهم بحجة لا أحد يأخذ مكانة أبيهم كيف وأبيهم قد مات وهذا حقها ، ومن الكبائر أن تكابر أمك وتشاقها , حتى لو كانت كافره , عليك بمصاحبتها في الدنيا معروفا, فما بالك وأنت تشاق وتكابر أمك وهي مسلمة وعلى حقها , وأوفتك حقك من الرعاية وتكبلت في تربيتك ما لا تطيق ثم تأتى تريد أن تحرمها حقها في الزواج وهى راغبة .

 

الأمور لا تبنى على أهواء الناس والأنفس إنما على ما يرضي الله ورسوله , ولقد كتب الشيخ حسين آل الشيخ في كتاب" نساء حول الرسول" حيث قال: ( ولم تعرف البشرية دينا ولا حضارة عُنيت بالمرأة أجمل عناية وأتم رعاية وأكمل اهتمام كالإسلام ).

 

تحدث عن المرأة وأكٌد على مكانتها وعظم منزلتها وجعلها مرفوعة الرأس , عالية المكانة , مرموقة القدر , لها في الإسلام الاعتبار الأسمى والمقام الأعلى , تتمتع بشخصية محترمة وحقوق مقررة و واجبات معتبره .

 

نظر إليها على أنها شقيقة الرجل, خُلقا من أصل واحد ليسعد كلٌ بالأخر ويأنس به في هذه الحياة في محيط خيرٍ وصلاح وسعادة , قال صلى الله عليه وسلم : "إنما النساء شقائق الرجال" وهي كالرجل في حمل الأمانة في مجال الشؤون كلها إلا ما اقتضت الضرورة البشرية والطبيعية الجبلية التفريق فيه وهذا هو مبدأ التكريم في الإسلام لبني الإنسان ، والدليل هذا الحديث مع ما سبق من أحاديث وآيات قرآنية حيث قال صلى الله عليه وسلم: "ألا واستوصوا بالنساء خيرا ، فإنهن عوان عندكم"، وقال: أيضا " ما أكرمهن إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم ".

 

ونختم بما نقل لي عن البروفسور في علم النفس طارق الحبيب لقد أعترف بكل قوة أن بنسبة 80% من الشباب الخليجي معقد لأنه:

- يهاب العادات والتقاليد ويلتزم بها أكثر من الدين ، وأغلب تصرفاته يحكمها الخوف من المجتمع .

- وكذلك يُصِغر أخطائه ويُكّبر أخطاء المرأة مع أن الإسلام ساوى في الحلال والحرام .

- الرجل الخليجي لديه عقدة وهي ما أسم أمك ؟ يرى أنه من العيب ذكر اسم أمه أو زوجته ونسى أم الرسول صلى الله عليه وسلم هي أمنة .

-ـ في الخليج بعض الرجال عندهم أنانية يمارسون أمور كثيرة وفي نفس الوقت يمنعون محارمهم من ممارستها.. والمفروض أن يكون قدوة في ذلك ؟

- يتجاهل تطبيق السنة ولا يذكر سنة النبي ووجوب الاقتداء به إلا في نقطة تعدد الزوجات.

- يرحم الخادمة ويتعاطف معها أكثر من رحمته بزوجته .

- مبدع في العلاقات أما في الزواج فاشل جاف قاسي ومتسلط.

- لا يخجل من الاعتراف بعلاقاته ولو أتصلت عليه فتاه وهو في مجلس ما يكلمها بكل ثقة بينما لو أتصلت زوجته يعتبر ذلك مصدر إزعاج.

 

فمن أين تولدت هذه الفكرة لدى معظم الرجال؟ من المجتمع الذي لا يعي ما يفعل وما يقول.

 

فكما أنت حريص وتهمك حماية محارمك كذلك أخواتك المسلمين لهم حق ذلك في محارمهم {فلا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه }فعذرا أيها الرجال فليس كل الرجال.

________________________________________

جريدة الوطن: الجمعة 25 ذي القعدة 1433هـ / 12 أكتوبر 2012م

الكاتب: غنية ذياب سعيد الربيعية