طباعة
المجموعة: دراسات وبحوث
الزيارات: 3515

"السياسة الشرعية بين المحقق الخليلي والإمام السالمي"

 الشيخ افلح الخليلي

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه إلى يوم الدين.

أما بعد؛

فقد حظيت بدعوة كريمة للمشاركة ببحث حول موضوع: "السياسة الشرعية بين المحقق الخليلي والإمام السالمي" في ندوة تطور العلوم الفقهية: "المصالح والمشترك الإنساني"،  فطابت نفسي ونشطت من عقالها إلى المشاركة ببضاعتي المزجاة.

وقسمت البحث إلى نقاط متعددة حتى تكون صورته أقرب إلى قارئه، وأشير إلى بعض الملاحظات المهمة.

ومن الله جل وعلا أستمد العون والتوفيق وآمل القبول، ثم منك –أخي القارئ- التمس التوجيه وخالص الدعاء.

تمهيد:

إن الله أرسل رسله وأنزل كتبه ليغمر الحق ويعم القسط كل ذرات الوجود؛ وإذا كان الإنسان -خليفة الله المؤتمن على عمارة الكون- هو مسرح تطبيقهما في أرض الواقع فهو جل شأنه يقول: ﮅ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ  ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﮄ الحديد: ٢٥  فإن ألطافهما تمتد إلى دقائق الكون؛ ولذا قال تعالى في غاية إرسال خاتمة رسله: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".

والله هو الحق الذي يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين وكتابه الحق لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه ورسوله الصدق الذي لا ينطق عن الهوى؛ بل كلمات الله التشريعية والتكوينية الحق المطلق، وما خلقت السماوات والأرض إلا بالحق؛ لكن حكمة الابتلاء فتحت للباطل أبوابا في الحياة الدنيا؛ بيد أن هذه الأبواب سوف توصد في الآخرة فهي الحق الذي لا يتسرب إليه باطل؛ "الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة" ففيها يرمي الحق بكلمة الحق الباطل بشهاب ثاقب.

ولذا كان لازما على أمة الكتاب الحق والرسول الصدق أن ترفع عقيرتها بمبادئ الحق والعدالة حتى تنقشع سحابة التضليل  بأنوار الهداية ﮅ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﮄ التوبة: ٣٣.

وقد أخرجت أمتنا رجالا آثروا صبغة الحق على سائر الأصباغ والألوان وأرادوا أن يصبغوا بها العالم أجمع؛ وباعوا أنفسا تموت غدا بأنفس لا تموت أبدا، وخاضوا غمار مجالات الحياة، "قل إن صلاتي ونسكي ومحيي ومماتي  لله رب العالمين" فهم لله وحياتهم لله ومماتهم له فقد يمموا وجوههم إليه في أعمالهم صلاة أو نسكا أو غيرها.

"رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا" وشحذ الهمة من أجل استنطاق نصوص هؤلاء الرجال ضرورة مهمة لا من أجل الوفاء بحق أؤلئك العلماء فحسب؛ بل لتقديم نموذج حي لمبادئ الدين حسب الطاقة البشرية.

والاستفادة الحقيقة ليست مقصورة على إبصار الكمالات وغض الطرف عن النواقص؛ لأن تحقق الاستفادة من التجارب لا يتأتى إلا بالتزود من معين القوة فيها والحذر من مواطن الخلل؛ لأن عظماء الرجال خلا الأنبياء –مع الحاجة للاستفادة من جهودهم- لا بد أن ينفذ الخلل إلى جهودهم؛ ويتجلى ذلك إن وضعناها تحت المجهر، وهذه حقيقة قرآنية "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا".

والناظر في زوايا التاريخ يتفطن لأبعاد لا يتفطن لها المقيد بقيود الواقعية والقرب[1] –وإن كان القريب يتفطن لأبعاد لا يتفطن لها البعيد-، ولذا يسهل النقد على أن يكون الناقد متصورا للأبعاد المؤثرة تصورا يميط اللثام عن الحقائق-إذ ثمَّ أغشية من أعراف وملابسات تحول دون دقة النظر- مع عمق غوره في فهم سياسة الملك، وقد أفلت من زمام كلا الأمرين؛ لكن حاولت أن أضع تصوري بين يديك أخي القارئ الكريم عليّ أحظى بدعوة تخترق الحجب أنال بها الرضوان.

سيرة العالمين والمرجعية الفكرية.

أولا: المحقق الخليلي:

اختلف أهل العلم في تاريخ ولادته فقيل عام 1231هـ وقيل عام 1236هـ والأول أصح عند سيدي الوالد حفظه ربي[2] واستشهد عام 1287هـ في قصة مؤلمة.

مشائخه:

 

تلاميذه:

وغيرهم كثير.

أهم أعماله السياسية:

إقامة دولة الإمام عزان بن قيس عام 1285هـ وإدارة شؤون الإمامة إلى أن استشهد الإمام رضوان الله عليه.

مؤلفاته:

رمى المحقق الخليلي رحمه الله بسهام صائبة في التأليف؛ وقد سطر قلمه السيال حروفا إما أن تستحيل سلسبيلا يطهر القلوب من أدرانها وإما أن تفتح للعقل أقفالا مستعصية وتكشف عنه حجبا كثيفة وإما أن تلهب قارئها حماسا وتذكي فيه روح التضحية.

وقد أقدم عليها بحماس في طليعة شبابه، بل ربما شرع في تصنيف أول مصنفاته قبل أن يبلغ الحلم؛ فثمَّ نسخة لألفيته في التصريف وشرحها الموسوم "مقاليد التصريف" مؤرخة عام 1247هـ، ولا شك في احتياج تأليفه ونسخه –من الناسخ بعد النسخة الأم- إلى زمن غير قليل، "وتلك حظوظ للإرادة قسمها" وثم نسخة لكتابه "سمط الجوهر الرفيع" كتبت عام 1259هـ وأشار في لطائف الحكم المنسوخ 1264هـ إلى إلى قصيدتيه في العروض "مظهر الخافي" و"فتح الدوائر" -وهي متأخرة عن الأولى- مع شرح الأولى ومقاليد التصريف[3].

وتتابعت إبداعاته التأليفية فطرقت مجالات عدة كالعقيدة والفقه والبلاغة والصرف والعروض والأدب والسلوك والتجويد وعلوم القرآن[4]؛ ووميض قوة شخصية مؤلفها يستوحى من أسمائها فضلا عن مضمونها؛ فأولها مقاليد التصريف ولعل خاتمتها كرسي الأصول؛ وقد من الله عليه بنيله مقاليد التصريف في دولة الحق وإدارة كرسي الصدق فيها.

ومن مؤلفاته التي تهمني في هذا المجال:

فإن بقصدي الله تغدو صعابها***و إن عظمت قدرا أذل مقود

و من يتمسك بالإله تكن له***إذا رامها العنقا أذل مصيد

ثم أشار إلى قصور الفعال وقلة المال وعياء اللسان وتكبيل اليراع وضعف الحسام عن نصرة دينه جل وعلا؛ فلذا يمم وجهه نحو قوة لا تقوى على معارضتها أي قوة حتى قال:

و لم يبق عندي اليوم إلا تمسكي***بعروة ركن للإله شديد

جمعت همومي و انتجعت بهمتي***إلى باب وهاب الجدود مجيد

طلب الرجال:

وقسمها الخامس والسادس توضح تطلعاته السياسية

وقد كان المتصور أن تربو مؤلفاته على ما عثر عليه منها؛ فقد شحذ عزيمته على التأليف منذ صغره؛ لكن ربما حال بناء الإصلاح الميداني وبناء الدولة عن رصف مباني التأليف، وثم احتمال آخر وهو وجود مؤلفات له غير معروفة، وذلك يقتضي التنقيب عن مكنوناتها بين دفائن المخطوطات؛ وقد سمعت سيدي الوالد حفظه الله يؤكد ذلك ممثلا بكرسي الأصول الذي عثر عليه مفقود المقدمة والوسط والآخر، وقد وجده الشيخ راشد بن عزيز[9].

وصرف المحقق عنان همته إلى تحرير العلوم ليس كليا؛ وإنما انصب تأليفه فيما يخدم جانب التخطيط الفقهي للمشروع السياسي عنده باستثاء كتب العقيدة والأجوبة الفقهية المؤصلة، ولذا في عهد الإمام عزان كتب فيما يبدو رسالته في الجهاد ورسالته في الانتصار ورسالته في تأجير السواحل فضلا عن كثير من الرسائل والأجوبة والقصائد؛ ومدة الإمامة مع قصرها أورت زناد همته التأليفية فظهر الشيء الكثير منها.

والقاسم المشترك بين رسائله الإبداع والتحرير؛ وفتح نوافذ البصيرة على الأدلة حتى تنفذ من خلالها هبات العلوم؛ وربما غالب ما سطره يراعه لا سيما في المسائل المطولة يعتمد فيه على استنباطاته الشخصية.

وثم إشكال تعذر علي إدراكه وهو فن المحقق أهو فقيه بالدرجة الأولى أو متكلم أو لغوي أو غير ذلك، والذي ظهر لي صعوبة تقيده بفن؛ لأن مهارة المحقق تكمن حينما يمعن النظر في المسائل بغض النظر عن فنها، فليس اعتماده على كثرة ما قرأ حتى يشخص فنه.

 

ثانيا: الإمام السالمي:

هو عبدالله بن حميد بن سلوم بن عبيد بن خلفان بن خميس السالميّ. (1). ولد ببلدة الحوقين من أعمال الرستاق سنة 1286هـ(4) وقيل قبل ذلك بعامين وهو الأقرب. ولم يعمر طويلا فقد وافاه الأجل المحتوم 18/ صفر 1332هـ (2).

مشائخه:

أ‌-      الشيخ راشد بن سيف بن سعيد اللمكي 1333هـ)(5).

ب‌-                 الشيخ صالح بن علي الحارثي

ت‌-                 الشيخ ماجد بن خميس بن راشد العبري 1346هـ

ث‌-                  الشيخ عبدالله بن محمد الهاشمي

تلاميذه:

أ‌-      الإمام سالم بن راشد بن سليمان الخروصي 1338هـ

ب‌-                 الإمام محمد بن عبد الله الخليلي 1373ه

ت‌-                 الشيخ عبد الله بن محمد الريامي1364هـ

وغيرهم كثير.

وقد شهد له مشائخه ومعاصروه وتلاميذه بعلو الكعب في العلوم وإحراز قصبات السبق فيها؛ ولكن نطوي سجلها توفيرا للوقت فيما نريد تسطير السطور فيه.

أهم أعماله السياسية:

إقامة دولة الإمام سالم بن راشد 1331هـ وإدارة شؤون الإمامة إلى وفاته رضوان الله عليه.

 

مؤلفاته:

تشكل مؤلفات الإمام السالمي حدائق غناء في مجالات شتى بين رياض الأصول اليانعة وظلال الفقه الوارفة ومنابع السنة العذبة وأفانين اللغة "نحوا وعروضا" وعروق التاريخ الثابتة، وهي تحكي قصة الهمة وتروي تاريخ العزيمة إذ جاوزت أعماله بين تأليف وتعليق ثلاثين عملا.

وهي توضح المنهج التربوي التعلمي عنده؛ فألف المختصر المناسب للمراحل التعليمية الأولى وألف المبسوط الذي يروي ظمأ أهل العلم، وقد حاز قصبات السبق في الإبداع في اختصاره وبسطه، وتمتاز كتبه بالجمع بين قوة التحقيق وسهولة العبارة التي تأخذ بيد الطالب الصغير إلى معارج الأمال.

وأسماء مؤلفاته مرآة صادقة للأمل الذي تتلاطم أمواجه في نفسه؛ وذكر بعضها يكشف لك –أخي القارئ الكريم- ذلك؛ وإنما اكتفي ببعضها فقط لا سيما الذي يكشف عن بعض نظراته السياسية.

 

أوجه التشابه بين الشخصيتين:

يشترك العالمان في كثير من الصفات الإيمانية والنفسية والعقلية والعلمية والتاريخية؛ ويتجلى ذلك في الآتي:

المرجعية الفكرية:

يستمسك العالمان بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها عروة النص الشرعي قرآنا وسنة والأدلة التبعية، وتجلية ذلك يقتضي الخوض في عباب بحر عميقة أغواره؛ لكن أريد تسليط الضوء على الانتماء المذهبي للشيخين؛ لأن الفكر المذهبي مكون من مكونات الشخصية وموجة من موجهاتها سواء أخذه صاحبه عن استدلال أو عن تقليد.

ينتمي الخليلي والسالمي إلى الفكر الإباضي؛ وهو فكر أصيل قدم علماؤه –عبر تاريخهم- طرحا عميقا لا سيما في الجوانب السياسة منه، ولم يكتفوا فيه بالنظرية فقط؛ وإنما تعددت دولهم شرقا وغربا مطبقة شعائر الدين، وفي ذلك يقول العلامة أبو مسلم:

لا يعرف العدل إلا في استقامتهم  لم يوف الا لهم في العدل ميزان

ويؤكد هذا الفكر على ضرورة رفع ألوية الحق والعدل خفاقة في كل مكان؛ وعدوا أنواع الإمامة وسيلة لتطبيق الدين؛ ولذا سموها "مسالك الدين"، وتعانقت فكر سلفهم وخلفهم عليه؛ ويمكن أن نوجز بعض معالم الفكر الإباضي السياسي بصورة موجزة في الآتي:

بالإضافة إلى بعض التأصيلات التبعية لها.

والعمل على ما سبق من مقدمات –على أهميته- لا يعتبر تجديدا فقهيا في المجال السياسي للشيخين؛ إذ هما تبع لمقتضيات مدرستهم الفكرية؛ لكن ينظر في التميز في التفصيلات التي أبدعاها بأنفسهما –مع أن الاقتصار على التطبيق يدل على العزيمة القوية لكن كلامنا يدور في التأصيل العلمي-.

والشيخان ينتميان إلى الفكر الإباضي عن حجة ودليل لا عن تبعية وتقليد؛ فكانت القواعد السابقة جلية في نظريتهم وتطبيقهم؛ وقد أضافوا إلى قواعدها لبنات صلبة.

وثم أبعاد عقدية لها أثرها في شحن القلب بشحن قوية تدفع المؤمن بها إلى العمل بمقتضى إيمانه؛ وذلك كاعتقاد ارتباط الإيمان بالعمل ارتباطا غير قابل للإنفصال -حال وجوب العمل فعلا أو تركا[13]- بالإضافة إلى أبعاد عقيدة البراءة من الفاسق الذي لم يرعو عن غيه فضلا عن عقيدة المآل الأبدي في الجنة أو النار.

عناية الشيخين بالسياسة:

لا بد قبل الارتماء في أحضان تحليلات لبعض أقوال الشيخين السياسية من تصور عام عن عناية الشيخين بالسياسة، وهو أمر لا يحتاج إلى بيان بعد اشتراك لسان حال الشيخين ولسان مقالهما.

 وأغض الطرف عن لسان الحال من إقامة دولة والسعي الجاد في تثبيت أركانها؛ وكانت حياتهما حياة جد سعيا لتحقيق هذه الغايات العظيمة.

وأما لسان المقال فقد جادت قرائحهما بسبائك رائعة في تقرير أهمية السياسة أو بعض قواعدها المهمة، وأقتصر على بعض الإشارات الخاطفة للتنبيه فقط؛ إذ البحث كله يكشف عن بعض هذه الأبعاد.

فقد تكلم المحقق عن السياسة منكرا على بعض الفقهاء الذين لا يتفطنون إلى تلك الأبعاد فكان مما قاله  منكرا قول من يمنع جبر الرعية على الجهاد مطلقا ولو أدى إلى اضمحلال الدولة وبطلان الإمامة فقال: "...فهو قول زهاد الفقهاء الذين يفرون  بدينهم من شاهق إلى شاهق، وليس لهم في النظر إلى إقامة  الدولة الإسلامية أصل راسخ ولا فرع باسق، وقد غاب عنهم أن ما وقعوا فيه من فساد الدولة أعظم مما هربوا منه وأضر على الإسلام وأهله.

وأما القوام بأمر الله تعالى والدعاة إليه أهل النظر في الإيالة والضبط للممالك الإسلامية بعظيم الإيالة فهم يأتون ذلك ولا يرونه[14]؛ لأنه مؤد ولا شك إلى انحلال نظام الملك وتعويج طريق العدل..."[15] ثم مثل بأصحاب المقامات العظيمة في الإجبار كسليمان عليه السلام ومحمد صلوات الله وسلامه عليهما وعلى أنبياء جميعا.

وتكررت في سياقات أجوبته الإشادة العظيمة بسياسة صاحب الدرة الفاروق رضوان الله عليه، وأشار إيضا إلى بعض أساطين السياسة من أئمة عمان فقال: "وقد كان الإمامان مهنا بن جيفر وناصر بن مرشد في أهل عمان لهم اليد الطولى في السياسة"[16].

وقد عرف الإيالة بأنها السياسة ويراد بها في هذا الموضع مجرد النظر للمسلمين بحسب المصالح ودفع المضار فيما لم يثبت من الكتاب ولا في السنة"[17]، وهو يوحي بالنظر الدقيق في نتائج المقدمات، وما توصل إليه.

وبعض كتبه تعد تأصيلا محكما لقضايا السياسة ولأبعادها الإصلاحية، وما إغاثة الملهوف منا ببعيد.

وترددت السياسة كثيرا في ما سطره يراعه وستأتي الإشارة إلى بعضه كأثر استقامة الحاكم على رعيته والتدرج في تطبيق الشريعة وغيره.

وأما الإمام السالمي رحمه الله فهو بحر متلاطم الأمواج في هذا المجال؛ وقد أشار إلى أبعاد سياسية فمن ذلك قوله:

سياسة الوحي هي السياسة ......... أين عقولكم أولى الرياسة

فواجب تقدم الوحي على ............ عقولنا ونتركن الفشلا

بعد الإشارة إلى الوحدة.

تأثره بالفاروق رضوان الله عليه جلي؛ فأشاد بأقواله وأفعاله -وهذا أمر يشترك فيها عامة الإباضية مع الشيخين- ومن أمثلة ذلك قوله في حكم أمير المؤمنين في جزية نصارى تغلب:

صالحهم أمير المؤمنينا ....... بضعفها في حق المسلمينا

وهي سياسة أراه الله ....... صوابها وخيرها أعطاه

ونظم ما قاله المحقق في إجبار الرعية على الجهاد مستشهدا بنفس الأمثلة؛ وهو يؤكد موافقته له.

فضلا عما تكرر في رسالته الحق الجلي أو رسالته بذل المجهود في مخالفة النصارى واليهود.

وثم أمر يشترك فيه الشيخان وهو التسميات الدالة على عظم مكانة الحكم مرتبتها في حفظ كيان الدين نفسه أو حفظ البشرية وتيسير نظام العالم، ولذا وردت عندهما تسميتها بنظام العالم وما شابهه هذه التسمية العظيمة. وتجمعهما تصورات أخرى كمحاولة تنزيل الكل في الميدان كما سيأتي بإذن الله.

 

وهي مفاتيح للفكر السياسي عند الشيخين:

وقد تناول الشيخان بعض ما استحدثه الصحابة من أمور لها أبعاد سياسة وغيرها، وتجنبا للإطالة أقتصر على عبارة مختصرة للإمام السالمي بعد أن قسم ما استحدثه بعض الصحابة وإن لم يفعله النبي صلوات الله وسلامه عليه إلى أقسام وأشار فيها إلى النظر السياسي حين قال: "وَفيها ما هو متعلِّق بالنظر فِي السياسة وطَلب الصلاحِ للأمَّة كالعقوبة عَلَى الْهجاء، والجلد عَلَى الْخَمر ثَمانين، وتَقضيَّة القضاة، وحَبس السواد وجعله صافية لِمَن يأتِي من المسلمين، وقد كَانَ الفيء فِي عهده - صلى الله عليه وسلم - يُقسَّم عَلَى الغزاة"

المرونة الفقهية: ارتبط كلا الشيخين بالعروة الوثقى فكرا وسلوكا عقيدة وفقها سلوكا ودعوة، ولذا لم يكبلا أنفسهما بأقوال المتقدمين ولم يقعا في أسار التقليد، وقد كان الانطلاق الفكري أحد دعائم الاجتهاد وركيزة من ركائز الفكر السياسي، ونصوص الشيخين في ذلك كثيرة، وقد عاتبا من أنكر عليهما مخالفة المتقدمين؛ بل شدا أحيانا عليه، وأمثل بمثال مفرد عن كل واحد؛ فالمحقق يقول: "ولا تقليد إلا لإمام الوجود ذي المقام المحمود المبعوث رحمة للعالمين وهدى"[21] لكن أجمل الفكرة في نقاط:

هو لا يبالي بإنفاق ماله في سبيل الله يرى كثرة الأعباء الملقاة على وقد أعد العدة المالية للإمامة قبل أزمنة، واعتبار المصالح في نص عليه كثيرا فمما قاله: "والقائم بأمر الإسلام موسع له في النظر إلى المصالح بلا تحديد"[30].

وعناية الإمام السالمي جلية فذهب في المشارق إلى جواز تأخير الزكاة لكنه ناقش ذلك في المعارج فكان مما قاله بعد بيان بعض المصالح التي تفوت بالتأخير: " فأَمَّا ما أجبت به في المشارق فذَلِكَ أمر مَبنِيّ عَلَى التوسعة الدينية، وهذا أمر عائد إِلَى سياسة العالم، ومراعاة صلاحيتهم في الدين والدنيا، وإن الفقيه المفتي كالطبيب الماهر يصف للعلَّة الواحدة إذا كانت في أشخاص متعددة أدوية مختلفة، فقد يصلح هذا ما يفسد هذا، وَاللهُ أَعلَم"، ونص على أن القائد يسوغ له أن يترك العقوبة لمصلحة يتوخاها حيث قال:  "للقائد أن يترك العقوبة لنظر رأه"[31].

 

بعض المواقف العملية:

بعد الإشارة إلى بعض مقومات النجاح نشير إلى بعض الاجراءات التطبيقية إشارة عارضة نستلهم منها بعض الأبعاد السياسية.

مفهوم الدولة: مفهوم الدولة واضح جلي في تاريخ عمان؛ فقد رفضت التبعية لغير الخلافة الراشدة؛ فحينما حاد مركز الخلافة في العهد الأموي عن الهدي النبوي رفضت الاستكانة لحكامه؛ وسقت دماء هذا الوطن دوحة الحرية حتى بسقت فلا شك أن الشيخين قد تضلعا من هذا المفهوم، وأركان الدولة -كما هو معلوم- حاكم وحكومة وشعب وأرض؛ ولكل واحد من هذه المكونات أبعاد وأغوار؛ فما هي نظرة الشيخين إلى كل ذلك؟ لا أريد أن أتناول كل المكونات؛ وإنما أقتصر على الحاكم والأرض؛ لأن تشكيل حكومة الإمامين لم تكتمل صورته في ذهني، ولا أتناول موضوع الشعب لأنه مسرح تنظيم الحكومة؛ فله حقوقه من عدالة ومساواة وخدمات في المجالات المتنوعة، ولعل العدالة وخدمة التعليم وتحقيق الأمن كانت أبرز الخدمات المتاحة دون العلاج فلم أسمع عن إنشاء مستوصفات علاجية؛ وإن كان التقييم لا بد أن يربط بالخدمات المتاحة آنذاك في الدول المشابهة لا بالخدمات المتاحة اليوم –مع ملاحظة التحديات الجمة التي واجهوها- وعليه واجباته من الاستقامة والتزام الأنظمة وما إلى ذلك.

ومن القواعد المهمة في التعامل مع الشعب  الوسطية، وقد أوجزها المحقق في قوله: "73يامن أراد الفضل! وانتهج العدل! افتح عين بصيرتك، واعتدل في سيرتك، وامزج الرقة بالغلظة، والرحمة بالشدة، واللطف بالعنف، فإن خير الأمور أوسطها، ولا تنس نصيبك من الهيبة، وإذا تورعت بالحلم فتشجع بالعلم، وإياك وفقدان الحمية، وترك الغضب للسنة المحمدية وتخلق من ذلك بالصفات الإلهية، ثم بالنعوت الملكية، ثم بالأخلاق النبوية، ثم بالسيرة الصحابية، فعسى أن تحضى بالمقام الأعلى في جنة الخلد، وملك لا يبلى"

ثم أشار إلى حكمة الله في الحدود الصارمة التي تجتث شجرة الفساد بالعذاب الإليم في الآخرة وتبديد الأمم ثم ختم بالأمة المرحومة التي ترعبها الحدود الصارمة وبسط القول في ذلك.

وأرجع إلى أبعاد نظرتهما إلى الحاكم وإلى الأرض.

أولا: الحاكم:

مما لا يعزب عن ذهن كل ناظر في آثار المقدمات يعلم تأثير القيادة على أتباعها، وهو أمر أولاه الشيخان منزلته الائقة به؛ إذ لا تتحقق الاستقامة إلا باستقامة القادة؛ وما سيرة الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز منا ببعيد؛ حيث كانت ترياقا ناجحا يداوي أدواء المجتمع، ...، وحينما قلبت القيادة ظهر المجن للدين تبعتها الرعية، ولذا نجد للشيخين عناية بالغة بها تنظيرا وتطبيقا؛ فخط المحقق بريشة قلمه آثار ظاهر وباطن الحاكم على رعيته لا سيما المضغة التي هي روح البدن وصلاحه أو فساده "القلب"- حينما قال:

"واعلم أن استقامة القائم بالأمر هي من أشد الشروط، وأهم الأمور، وبها ينصلح عالم كثير، فإن لسان الحال أصدق من المقال، وإن أدب الظاهر عنوان أدب الباطن، وإذا خرب الباطن فخراب الظاهر لا محالة كائن، ومن ستر شيئاً أظهره الله عليه، ولو غلق عليه الأبواب، وأرخى دونه الحجاب، وتأثير القلوب عظيم، وتعدى أمرها إلى الغير صحيح لا يستنكر، وخراب سريرة السلطان مفسدة الزمان، والمكان، وإذا كان الرعاة ذيباً في الأنام، فمتى تأمن الأغنام؟" والرعية تجري عليها قوانين التبعية التي تجري على الصبي، ولهذا أتبع ذلك قوله:

ص162 "وإن الرعية في حجر سلطانهم بمنزلة الصبي تدب فيه أخلاق أبويه، فينشأ على طباعهم، وأديانهم، وحرفهم، ومساعيهم، كل مولود على يولد الفطرة، وإنما يهودانه، وينصرانه أبواه، وإذا تداعى الأساس فمحال أن يستقيم البناء وعلى قدر ما به من صفاء أو كدرة أو امتزاج يكون التأثير، ولهذا قال بعض الصحابة، رضوان الله عليهم (شاهدنا تغير القلوب عشية قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم).

والسالمي ليس بعيدا عن هذه الأغوار؛ فقد كان يدرك تأثير الملوك على الرعايا، فعندما أجاب المجاهد القائد الباروني عن وحدة الإمة قال في ذلك: "..." وبين أن النصارى استلبوا الممالك؛ إذ "داهنت الملوك وعاونت الرعايا".

وقد اختلف الشيخان فيما إذا حاد الحاكم عن الصراط المستقيم هل يحق له إقامة الحد؟؛ فمنعه المحقق من ذلك لأنه "لا يزيد منزلة على واحد من أراذل الرعية، وإن كان ظاهر الغلبة، والقدرة، فما هي في الحق إلا نوع قصور، وذل ومهانة"[32] بينما سوغ له الإمام السالمي ذلك[33]، ولكل واحد من النظرين وجه قوية؛ فالمنع لأن الحاكم الجائر مدعاة انتشار المفاسد بشتى أنواعها حتى يتمرغ في أوحالها كثير من أفراد المجتمع، فكيف يعاقب على معصية هو شريك في إثمها، ولا تؤتي الحدود ثمارها؛ وإنما تكون نكاية مجردة عن أبعاد الهداية، ولا يراد أن تقام الحدود إلا بعد أن توصد أبواب المعاصي بأقفال محكمة، على أن الجور قد يحول دون التثبت ويكون سببا في سوء استغلالها تحقيقا لغاية في نفس صاحبها، إضافة إلى أنها ستطبق على الضعف دون القوي، وللنظرة الثانية  بعد قوي أيضا فلا بد أن توصد أبواب المعاصي بما استطاع المرء إليها سبيلا، ولهذا قال بعض الفقهاء بأن الكتمان يأخذ بعض أحكام الظهور، والحدود بعد تحقق المعصية ترياق رباني يداوي العاصي.

وكان سعي كل واحد منها إلى إصلاح القيادة أو استبدال بها قيادة أفضل منها؛ فقد نثر كل منهما كنانته فلم يجد الأول أصلب عودا من السيد عزان بن قيس وتعذر على الثاني أن يجد أمضى عزيمة من الشيخ سالم بن راشد؛ فأكرم وأنعم بالإمامين ومن بايعهما.

على أن ثمة فارقا جوهريا بين الإمامين فالإمام عزان خاض غمار السياسة قبل البيعة بمدة؛ إذ رضع لبان القيادة في طفولته؛ فقد كانت لآبائه سطوة على الرستاق وأمتد نفوذهم إلى غيرها...ت، وورثهم عزان وتولى تسير دفة الحكم فيها سلما وحربا؛ فكان سيفا صقيلا.

بينما الإمام سالم لم تكن له تلك السطوة سابقا لكن الألطاف الإلهية سخرت له شيخه السالمي فتربى في أحضانه –بالإضافة إلى البسالة الفطرية التي زكتها التقوى- وفي ذلك يقول الشاعر المفلق أبو مسلم:

وفي الأرض منكور ويعرف في السماء...

وهو من بني خروص وهي قبيلة تبوأ كثير من رجالاتها مبوأ الصدارة الدينية

لا ينكر الناس ما للقوم من قدم

ولكن كلا الإمامين لم يكن من المراجع العلمية المرموقة؛ إذ ليس من شرط الإمام أن يكون مجتهدا، وقد بين ذلك الإمام السالمي في فتاوه بيانا واضحا؛ وناقش المسألة من زوايا متعددة، فقد لا يقوى الفقيه على إدارة دفة الحكم لافتقاره إلى شروط وقواعد القيادة التي يملكها غيره.

ثانيا: الأرض: تمتاز أرض عمان بما قدمناه من الاستقلالية عبر تاريخها الطويل؛ وذلك يقتضي محافظة العماني على أرضه حتى أضحى دفاعه عنها مكونا من أهم مكونات شخصيته، والشيخان من أبناء هذه الأرض البررة درسا تاريخها وفكرها وحدودها؛ فلا عجب حينما نرى عناية المحقق البالغة بتحديد مفهوم الحوزة التي يجب صيانتها في رسالته في الجهاد؛ ومما قاله في خاتمتها: "..."؛ وقد أيد القول بدفاع المدين -الذي لا يجد قضاء رضي أصحاب الحق أم سخطوا- عن المصر كله فقال: "وعلى هذا فيسعه الخروج إلى المضيبي... من ناحية عمان المحمية لأنها كالجسد الواحد"ص280 وأيده بأن استيلاء الخصم على أمهات القرى هلاك ماحق، وبه يتفرق الشمل وتتشتت الكلمة وتتلاشى الدعوة ويستولي العدو على الأمة وخيراتها... والواحد بنفسه ضعيف مغلوب..."، وكان مفهوم الدولة بارزا في سيرته –وسيرة دولة الإمام عزان- بصورة جلية؛ فدانت له عمان شرقا وغربا يقول لاندن"في خريف 1869 وصل نفوذ الإمامة في عمان إلى ذروته، وكان أقوى حكم شهدته عمان في كل تاريخها. فقد امتدت سلطة الإمام عزان حتى شملت البلاد كلها داخلها وخارجها، مناطقها الساحلية، ومناطقها القبلية، معاقلها ومدنها، سهولها وجبالها، وهو عمل يحق للإمام عزان أن يفخر به"([34])؛ بل لم يكفوا بذلك وأردوا أن تمتد آثار الدورة التاريخية إلى شرق أفريقيا لا سيما زنجبار؛ لأنها أرض عمانية آنذاك، ومن مقتضيات هذا المفهوم كان لابد من استرداد البريمي-وهو الذي حفظ لعمان تربة غالية من أراضيها إلى اليوم[35]-، وهو ما أكده المحقق الخليلي في رسالته إلى الإمام حيث قال: "..."، لا سيما وقد امتدت يد أجنبية، ولم يكن هدفها البريمي وإنما اتخذها مقرا لغاراته على بقية البلاد، ولأجل الحراك الكبير في استرداد الأراضي قال كيري..." إن الخليلي وعزان لا يدعان الأرض تنبت من تحت أقدامهما".

 ومفهوم الدولة في عهد الإمام عزان أوضح منه في عهد الإمام سالم فيما يبدو لي؛ فلم تمتد دولة الإمام سالم غربا –فضلا عن بعض مناطق الشرقية ومسقط-، وإن كان ذلك من مقومات استمرار الدولة؛ فالخطب عظيم والتحديات شديدة لا سيما أن آثار مخالب بريطانيا في إمامة عزان لا زالت واضحة، وربما يكون تصرف الدولة مخالفا لخطة الإمام السالمي رحمه الله؛ لأن يد المنايا اختطفته قبل أن يحقق سائر آماله، وهو آخر حياته كان يبث روح الأمل بما يملكه من الكلمة الطيبة حيث كان يردد على مسامع من حضره: "سنتقاسم مغانم الهند إن شاء الله" فكان يطمح إلى مد نفوذ الدولة إلى الخارج، وتحديد الهند –والله أعلم- لدلالات لا تخفى على اللبيب وهو ترجع إلى أمرين:

الأول: أن ثمَّ امتدادا عمانيا تاريخيا في أرض الهند؛ وقد أشار إلى ذلك الشاعر اللواح:

سرايانا لأرض الهند سارت  ولليمن الفسيح وما ولاها[36]

وقد وصلت الجيوش العمانية مغيثة أخوانها في الهند إبان قتال الدولة اليعربية للبرتغالى.

الثاني: أن أيادي الأخطبوط البريطاني الذي يعاني منها المجتمع العماني تمتد من الهند؛ ولذا لا بد من قطع أياديه؛ بل اجتثاث جذوره فيها.

وقد كان توسع الدولة في عهده أظهر؛ وقد كان عازما على مد نفوذ الدولة إلى مسقط؛ ورسائل الإمام الرضي سالم بن راشد تؤكد تصميمه على فتح مسقط؛ ولو اقتضى الأمر الاصطدام بالقوات البريطانية، وهو ما وقع أثر وفاة الإمام السالمي رحمه الله لكن سنة المداولة بين الناس دارت عليهم فلم يتمكن من تحقيق مراده.

توفر مقومات السياسة الشرعية: وأهم دعائمها الشرعية العدل والمساواة والشورى؛ بالإضافة إلى الخصائص النفسية والعقلية والعلمية، وكلا الشيخين رضعا لبان الدين ونهلا من معينه الدفاق؛ وحقيق بمن ارتبط بالعروة الوثقى أن لا يقطعها بظلم أو بأي مظهر من مظاهر الاستبداد ولو بالرأي؛ وإذا أردت أن أوجز حياة الشيخين فلا أجد تعبيرا خيرا عن رحلة بالمجتمع إلى ظلال العدل؛ ولا أستطيع أن أذكر نصوصهما الدالة على هذه الغاية لكثرتها؛ لكن أقتصر على شذرات مما قالاه فالمحقق جلا صفات القائم بالأمر حيث يقول: " ص161 "وأشرقت به شموس التقوى، وتلألأت فيه أنوار الذكى، فتفجرت منه ينابيع الهدى، وتلاطمت فيه بحار الخوف والرجا واعتدل فيه ميزان الدين والدنيا، فأعطي قوة على النوعين، واتسع قلبه للعملين ووفت بصيرته بالعلمين وتبرزت له سيرة العدل فيهما رأي العين، ذلك الفضل من الله، يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم" ثم تناول تأثير ولي الأمر على سيرة رعيته وهو ما سنذكره بإذن الله في موضعه، ونقل النص يغني عن التعليق عليه، وفي فتاواه عدالة مع المخالفين مذهبا ومناصرة لهم على الموافقين أحيانا مراعاة لقواعد العدالة ومن ذلك عذر لبني راسب –مع أنهم مخالفون مذهبا- لأنهم ادعوا الخوف من الخروج والعرف لا بد لهم من خفير جواب الشيخ صالح وأقره المحقق.، عادة أهل الشرقية لا سيما أهل جعلان,[37] وقال مبينا طرق الخروج من النفق المظلم في قتال القبائل: 297 ولا أرى السبيل لقطع هذه الدعاوى بينهم والاحتمالات الكائنة لهم إلا باستعمال العدل لمن قدر عليه منهم في خصوص أو عموم؛ لأن يعطي الحق من نفسه أو من أنفسهم بأن تقيم الحجة على الخصم بالإنصاف لهم.... 296 وثم إجابة تفصيلية لبعض مسائل الشيخ صالح صدرها بدرر رائعة في التثبت فقال: "إن على المبتلى بمثل هذه المعاني في الملأ أن يكون كثير الإحجام طويل التثبت في الأحكام تاركا للمسارعة على الإقدام حتى يتضح له المنهج ويعرف المدخل والمخرج" الصلح الظاهر لا يغير من حقيقة الأمر شيئا لا في حكم الله ولا في أحكام الظاهر... قلت إلا التنازل عن الحقوق فلا بد من اعتباره فيها،  ونص  تلميذه الشيخ صالح نصيحة غالية حيث قال: "وراجع إلى الحق فاجعله إمامك وألق عليه زمامك، وكن بالصدق تابعا سبيل الحق؛ فإنه الأصل القويم والسبيل المستقيم فإن ربك يقول: ولا تتبعوا السبل..."[38]ولا يغني السبك المحكم والعبارات الجميلة عن التطبيق العملي ...نموذج حي تنتقل حياته إلى قارئه فالمحقق قبل خوضه غمار الحرب مع جعلان بني بوعلي كان يؤكد في فتواه ضرورة نصرة مظلومهم إن رفع ظلامته ولو على بعض أفراد الجيش الذي غزاه –بأخذ شيء من أغنامهم-[39] فضلا عن منع أذية غير المسلمين، والإمام السالمي -هو والإمام ووالي سمائل- قض مضجعهم سرقة مال شيعي لا نصير له في البلاد؛ فلم يقر لهم قرار حتى نصر المظلوم...وثم نموذج رائع له أيضا وهو أن

أما عن نظرته للمساواة بين جميع أطياف المجتمع فأنقل هذه النصوص دون تعليق؛ إذ ذكرها يغني عن التعليق عليها حيث قال: "قد ثبت بنص الكتاب أن هذا النوع الإنساني كلهم إخوة في أصل النسب فلا فرق بينهم في الأصالة في شيء من الصفات الخلقية كالقبح والحسن والسواد والبياض، ولا باختلاف شيء من الصور والألوان فضلا عن اللباس والمساكن والأماكن، فدع ما لا سبيل إليه إذ لا جدوى فيه ولا طائل تحته، واعلم أن إباحة الملك فيمن جاز فيه من البشر إنما هو من أصل واحد لا غير على الصحيح، وما هو إلا نفس السبي ...."[40] وقال في جواب آخر: " لأن أصل هيولا هذا النوع الآدمي متحدة لكونها من الماء والطين في حق الأب، ومن النطفتين أمشاجا متقلبة أطوارا في حق الأولاد فتبارك الله أحسن الخالقين، ولا بعلامة تميزه كالقبح أو الحسن أو البياض أو السواد أو النطق باللسان، وإنما يرجع به إلى أحكام إلهية لمعالم دينية"[41] وقال:ص479،

"وأحكام الله في خلقه سواء، فالتحكم بذلك غير منفك عن الهوى والعصبية للمذاهب وهو باطل، ونحن نستغفر الله من كل ما ينم بالخاطر أو تكنه النفس من الميل والعصبية وإيثار غير الحق، ولا مقصد لنا إن شاء الله إلا في اتباع أوامر الله تعالى وامتثال ما جاء به من الحق في كتابه العزيز ..." ومن ضمن التطبقات العملية لذلك قوله  في نفي ضرب العبد في دبره"  ، فإن العبد له في الإسلام حرمة الدين، وإنهم لإخواننا بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم.... والحق يقتضي التسوية في العقاب، بل يوجب أن عقوبة الحر أشد بدلالة ما أورد من النص في الحدود، وقد قيل بالتصريح قياساً على ذلك، والصحيح أن عقاب العبيد أخف من الأحرار فكيف لا تصح التسوية في هذا حتى يضرب العبد بالعصا تشديداً وعلى دبره تحديداً والحر بالسوط تخفيفاً، وعلى ظهره تشريفاً؟، فلينظر فيه".

ومن المشكل قول الإمام السالمي : " تثبت بلا تشاور وليس هذا استبداداً بالرأي وإنما هو وضع الأشياء في مواضعها والتشاور إنما يفضي إلى اتساع الفرق وقلّما يتفق الناس على رأي { ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك } لكن إن اتفق نظر أهل الحل والعقد فقدَّموا عن مشورة كان أجمع للشمل وأتم للأمر وإن قام فيهم من يكون حجة فعقد على المستحق بلا مشاورة ثبت ذلك عليهم وناهيك أن بيعة أبي بكر رضي الله عنه كانت عند تنازع في الإمارة بين المهاجرين والأنصار فما كان إلا أن مدَّ عمر يده فبايعه قبل الاتفاق ثم بايع الناس وجمع الله شمل المسلمين" وهو كلام مشكل؛ وقد تواردت نصوص على خلافه من عهد الصحابة فمن بعدهم؛ فالفاروق رضوان الله عليه هو الذي يقول نفسه أنكر ذلك، وثم أدلة متعددة على خلافه، نعم يمكن أن تبدأ البيعة بواحد فيقره الآخرون، وقد وجدت تحليلا لأخي الدكتور صالح بوشلاغم قال فيه: " الأول: في حالة التنازع والخلاف، إذا غلبت على ظن أحد أهل الحل والعقد رجحان مصلحة مبايعة إمام بمفرده، وكانت المصلحة المتوقعة راجحة في مقابل المفسدة الراجحة عند تعميم الشورى بأن تكون سببا في تفاقم الخلاف وشيوعه نظرا لأوضاع اجتماعية وسياسية معينة، ويؤيد هذا ما كانت تمر به عمان في عهده.

الثاني: إذا كان العالم وجيها في قومه بحيث كانت له شرعية سياسية واسعة لدى غالب شرائح المجتمع، وقبولا من كافة الجميع، وغلب على ظنه أن المصلحة في تمرير الإمامة من غير شورى فإن تصرفه هذا لا حرج فيه إذ هو نابع عن تلك الثقة وذلك القبول العام الذي يحظى به." قلت والواقع التاريخي يؤكد عنايته بالشورى بل بيعة الإمام سالم كانت بترشيح المجتمعين للبيعة حتى أنه في عبارة الشيخ محمد بن عبد الله السالمي مع يكشف اتفاق الكلمة على بيعة الشيخ سالم، وقد أكد الشيخ نفسه منهج شيخه صالح بن علي في العمل بالشورى في رسالته الحق الجلي.

توظيف طاقات المجتمع: وهو مطلب منطقي لكل أصحاب الدعوات بيد أن بعضهم لا يخفق في تحقيقه؛ وقد كان للشيخين حظ وافر منه من الناحية التنظيرية والتطبيقية؛ فنجد الخليلي ينص على أهمية استغلال من يمكن توظيفه فهو يقول: "ومن أراد القيام لله تعالى [عليه] أن يوطن نفسه على إحياء السنة المحمدية، وإماتة البدعة الجاهلية، بأقصى ما يقدر عليه، من تدقيق النظر، والاجتهاد، والفكر، والبحث، والتنقير، والسؤال، والاستعانة بالعمال وغيرهم، من كل مطمع في ذلك"

ويؤكد مخاطبة العامي بالأمر بالمعروف فيما يعرف حيث قال: 149إغاثة الملهوف: "والعارف بمسألة واحدة من ذلك يجب عليه القيام بمقتضاها، كما يجب القيام بها على العالم المطلق، لأن العلم بها لا يتفاوت"؛ ويؤكد وجوب الدعوة على النساء حتى أعطهن مزية قريبة من مزية المحتسب حيث قال: "نعم لو كان للمرأة عليهم سلطان ويد وجب عليها مع القدرة أن تبعث إليهم من ينهاهم عن المنكر مع عدم القائم بذلك من المسلمين، فكيف إذا شاهدت المنكر من النساء وهي قادرة على تغييره، فهي أولى بتغييره من إدخال الرجال عليهن لا لفائدة غير ذلك. وكذلك لو وجدت على المنكر أحداً من ذوي المحارم: كولد، وزوج، وأخ"؛ وكلام الإمام السالمي ليس بعيدا عن ذلك فأكد في جوهره على وجوب الأمر والنهي على المرأة وهو مما لا ينبغي أن يختلف فيه؛ ولعل الخلاف لفظي فقط، ولم يكتف بذلك بل نص على وجوب الجهاد عليها –أي في حال الدفاع عن نفسها وعرضها- في مدارجه ومقتضى كلام المحقق في رسالته في الجهاد نفي الجهاد مطلقا عنهن؛ لكن في بعض أجوبته ...- لكنه نص على اشتراط الرجولة في الاحتساب حيث قال في رسالته الحق الجلي: " هو رجل حر مسلم من أهل الثقة والأمانة قام عند عدم الإمام ..."[42]؛ ولم يكتف المحقق بنزول النساء في حقل الدعوة؛ بل أكد أن الفاسق مخاطب بذلك؛ وله صلاحية الأمر والنهي في ذلك إلا إن منعه ولي الأمر؛ والأمر السالمي –دون شك- لا يخالف في وجوب الأمر عليه لكن ينفي عنه صلاحية الاحتساب؛ لأنها مرتبة إيمانية لا تليق إلا بتقي كما يفهم من التعريف السابق، قلت وهي ولاية فلا يستحوذ عليها من لا خلاق له فتكون مطية ذلولا إلى أغراض دنيئة.

والأولى من ذلك كله أهل العلم والصلاح والتقوى، وقد ربطت هؤلاء وشائج العلاقات وصور التعاون بينهم وبين أهل التقوى من مشائخ العلم أو أقطاب الهداية أو من طلبة يتلقون العلم في أحضانهم؛ وقد كانت رسائل المحقق إلى مشائخ عصره مثل... يستحثهم على التعاون على البر والتقوى بوضع الأمر في نصابه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عام 1262 هـ بالإضافة إلى التنسيقات التي تمت بينه وبين الشيخ الغاربي والشيخ الحارثي حتى تعقد راية الإمامة للسيد عزان بن قيس؛ وعلاقته القوية ببني رواحة سلت بواتر سيوفهم حتى يحقق آماله، وقد كانت له وشائج العلاقات ببعض أبناء عمومة السلطان، وثم علاقة تربطه بالسلطان ثوني نفسه؛ لكن كان يشوبها توتر يحول دون الاستفادة المطلوبة؛ ولا أدري مجالات توظيفها؛ وقد كان يطمح إلى معاونة رجال أشداء فقد قال في سموط ثناء:

و من لي بأنصار إلى الله وحده***أشداء بأس في الحروب أسود

والإمام السالمي شمر عن ساعد الجد في التواصل مع أهل العلم –وكذا شيوخ القبائل-، وقطع لذلك مسافات طويلة في زيارة الشيخ ماجد بن خميس العبري، وقد كانت محاولاته سابقا مع الشيخ عيسى بن صالح الحارثي لكنه اعتذر لصعوبة المطلب خوفا من مغبته، ثم شد الشيخ المالكي عضد الشيخ وكان معه في البيعة.

وأما شيوخ القبائل فنجاح الإمام فيهم باهر؛ فقد شارك معه أقطاب الهناوية والغافرية كما سبق؛ وقد تورط بعض مناصريه بالظلم قبل ذلك؛ لكنه بصرهم بطريق التوبة فسلكوه بفضل الله عليهم وعليه وعلى المجتمع بأسره؛ فناصره الشيخ حمير النبهاني والمشائخ أولاد هلال بن زاهر الهنائيين، ونجاحه في هذا الجانب لم يتيسر مثله للمحقق، وهبات الله يقسمها بين عباده كيفما أراد، ربي لك الحمد كما قسمت.

وكان أصل الإمام قاعدة الاستعانة بالظالم على أمر فيه صلاح سواء أكان الظالم مأمون الجانب من أن يطيش سهمه أي كان تحت سطوة القيادة المنضبطة أو كان غير مأمون الجانب؛ وأجاز كلا الصورتين بضوابط حتى لا تربو المفسدة على المصلحة، بل أجاز مشاركة المشرك صفوف المؤمنين في ميادين القتال[43] –مع تحفظ بعض علمائنا على ذلك-، وإن كانت مناقشة المسألة قديمة في المذهب فوجدت من عهد الإمام جابر وأبي عبيدة وناقشها وناقشها العلامة أبو المنذر بشير بن محمد –وهو من ألمع نجوم الفكر والتنظير السياسي وغيره- في كتاب المحاربة[44]والقضية تدور إلى عهد مشائخ الإمام السالمي كالشيخ صالح بن علي.

وفي ثنايا بعض المعارك توجد خروقات يتعامل معها الإمام بهدوء وحكمة؛ ففي فتح سمائل كان يقاتل معه كمي معروف بالبسالة وهو ابن جريدة؛ وكان في موقع مهم، فلاحظ المقاتلون تغير وضعية الموقع حتى تمكن أصحاب الحصن من الحركة أكثر؛ فاستدعي ابن جريدة فأفصح دون تورية ولا خجل عن رشوة أشبعت بطنه فغضب الشيخ حمير عليه بينما الإمام السالمي سأله كم أعطيت؟ قال 200 قرش قال سنعطيك 400 قرش[45]، ورجع أشد مما كان سابقا.

وسمعت والدي حفظه ربي يذكر عن مشاركة أحد البسطاء في مسيرة البيعة وكان لابسا ثوبا يضحك الناظر إليه فضحك ابن الإمام السالمي فغضب عليه فأعتذر بما رأه فقال والده بهؤلاء سننصر بإذن الله.

ونقل صاحب المنهج عن أبي محمد قوله: "ترك القائمون بعمان ثلاثة أشياء: الوزارة ينبغي للإمام أن يكون معه وزراء مؤتمنون ثقاة يشيرون عليه بالأمر ..."

ما هو إلا التفاف قوة بقوة ومقتدى بمقتدى...

والخلاصة من كل ذلك أن الشيخين سعيا إلى مشاركة المجتمع كله رجالا ونساء وأطفالا في رصف لبنات الصلاح والإصلاح.

 فهم الواقع: وهو لبنة ضرورية للتحليل وللعلاج؛ ومن كان غير متصور لواقعه كثيرا ما يفسد من حيث يظن أنه يصلح، وقد قرر الفقهاء أن معرفة الناس وأضاعهم ضروري للفتوى فكيف بمشروع سياسي عظيم؟ وهذا يتجلى في فهم العقلية العمانية نفسها وأعرافها القبلية ثم في فهم القوى الخارجية ومطامعها في عمان؛ ولذا نقسم كلامنا على الآتي:

فهم الداخل: نشأ الشيخان في ربوع عمان وربطتهما وشائج العلاقات بكثير من شرائح المجتمع –حكام وشيوخ قبائل ومراجع علمية وعوام-؛ وكل ذلك جلي في رسائلهما وأحداث تاريخهما؛ وكثرة الاحتكام تكشف للإنسان خبايا مجتمعه؛ على أن الأسئلة التي كانت توجه إليهما تتضمن صورة مصغرة للمجتمع في فقره وحاجته وفي جهله وطلبة علمه في آن وفي سلمه وحربه ورضا قبائله وسخطها وفي كرمه ومروأته وآلامه وآماله، وقد قصدهما الخاص والعام، بل الأكثر من ذلك أن الأسئلة انهالت عليهما حتى من المغرب وشرق أفريقيا فضلا عن القطر العماني؛ ولأجل فهم مكونات المجتمع كان المحقق يصور واقع الألم تصوريا بديعا في عينيته وفي رسالته إغاثة الملهوف؛ وقد أقر جواب تلميذه الوفي الشيخ صالح يتضمن أعراف أهل الشرقية في الحاجة إلى الخفير في مجاوزة المناطق القبائل الأخرى، وقد كان يتجرع غصص التفرق؛ وقد تجلى ذلك في وصيته لتمليذه حيث يقول: وإن منهم –أي الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا- أهل العصبية والحمية الجاهلية بدعوة الهناوية والغافرية[46] وأعوان الشيطان وأعداء الرحمن ...ونقضوا الأصل القرآني اعتداء منهم وبغيا تبعا لقادة من شيوخ وسادة يورثونهم البوار ويوردونهم يوم القيامة النار نصبوهم أعلاما وسموهم شيوخا وحكاما..."[47] لكن قد شديدا على شيوخ القبائل فعملت القيود عملها في جماعة منهم حتى كادوا للدولة كيدهم فأدت إلى سقوطها؛ وثم ملحظ آخر هو أن الإمامة قامت في العرف القبلي على الهناوية؛ إذ لم تستكمل النسيج االقبلي كاملا -وهو ما ألب الغافرية عليها- وهذا لم يكن عازبا عن ذهنه فيما يبدو لكن لم تتوفر ظروفه؛ وقد حلل واقع فضلاء زمانه حينما قال: ص77 ولعمري فإن من تفقد أحوال أهل هذا الزمان من المتسمين بالدين والفضل وجدهم غالباً أدنى إلى التحرج عن القيام لله في هذا المقام..."إلخ.

وأما الإمام السالمي فكان يسعى إلى علاج الفتن وكان يرتجل فيها الخطب الطوال، وقد كان تعامله مع شيوخ القبائل بحكمة؛ إذ يعرف تأثيرهم البالغ في أوساط المجتمع، ويعرف تعذر النصرة إلا من قبلهم مع تمرغ بعضهم في أوحال الظلم سابقا؛ وقد نبههم أن التوبة النصوح تجب ما قبلها، وهي وصيته للسلطان فيصل نفسه، وقد اكتمل في دعوته –الإمامة- النسيج القبلي؛ فقد حلقت على جناحي الغافرية والهناوية فالجناح الأول الشيخ حمير من ناصر1338هـ... ت والجناح الثاني مشائخ بني هناءة؛ وقد كان الشيخ حمير نفسه فطنا لهذه الأبعاد فأشار إلى الإمام السالمي بأن يستنصر بمشائخ بني هناءة حتى لا تعد الدولة غافرية، وقد أوصى مشائخ بني بو علي –وهم من الغافرية-...، ولعل ذلك من حسنات الشيخ حمير وفطنته القبلية[48]، ولأجل معرفة الإمام بالواقع الداخلي كان لا يجيب أحيانا السائل على مسألته لمعرفته بتعذر علاجه للواقع، وقد أثبت الشيخ جدارته في إدارة دفة الدولة بمعرفة الناس وكيفية التعامل معهم كما سيأتي بإذن الله في الفصل القادم.

وقد نزل المحقق على يد ... ورفض النزول علي يد تركي لأنه يرى فيه مخايل الخيانة ويعرف ... ويتصور الغربي ويعرف محافظته على سمعة بلده، وإن امتدت اليد الأثيمة إليه بالغش والخداع حتى نال حظه من الشهادة

والإمام السالمي ليس بغريب على التوجه الغربي؛ ولذا علت أصواته المحذرة عن مغبة اتباعهم؛ فهو الذي يقول:

حرب النصارى اليوم بالدواهي والكل منا خالف ولاهي

وقد ألف صيانة لمجتمعه والمجتمع التابع لمجتمعه –شرق أفريقيا لا سيما زنجبار- رسالته بذل المجهود في مخالفة النصارى واليهود؛ وهو وإن استفاد كثيرا من مضامين الكتاب من علماء احتكوا بلغرب عن قرب؛ لكنه كان يتعامل مع هذا الواقع بحذر شديد.

ومن جوابه...: " لا تجوز معاونة النصاري بشيء مما ذكرت { ومن يتولهم منكم فإنه منهم } ولعمرى أن هذه المعاونة وأمثالها هي التى سلطت النصارى على ممالك المسلمين، داهنت الملوك وعاونت الرعايا { أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا الا من تاب"

وقد اتخذ الموقف الصارم من دخول النصارى ل...

وهو جلي في قوله في قصيدته الصماء التي قال في أولها الصدق قل وذر الكذب  فالصدق ينجي في العقب

وهي قصيدة مفكر يجمع بين العمق السياسي والصلاح القلبي –فقد قالها بعد أن أحرز انتصارا ميدانيا على السلطان فيصل- لكنها لم يؤثر عاطفة الانتصار على لهجة المشفق المحذر من مغبة موالاة أعداء الدين فحذر من مغبة التعاون معهم حيث يقول:

أتكون ذمتكم لمن بالخدع إيانا حرب

والله يأمرونا بأن ننبذ إليهم أن نهب

... والخصم لا يخفى عليكم حاله حيث انقلب

سلب الممالك باحتيا ل علمتم ما سلب

وأتى يخادعكم فقلتم إنه الخل المحب

وقد أظهر نصحه وشفقته على من خاض معه دأما الحروب حينما قال:

وإنا النصوح...

وكان شعور الإمام السالمي بلفح لهيبهم بالغا؛ وأثر ذلك على تصوراته الفقهية؛ وما منعه للسيكل أو كلامه في الكوت ... والأكثر من ذلك تشديده حتى في تلاوة القرآن في الإذاعة.

أما الشعور بالخطر الوهابي فقد أدرك المحقق الخليلي شلالات الدماء التي سالت في ربوح عمان إبان مقدمهم وما تبع ذلك من فرض الجزية على حكومة عمان لأنها في نظرهم لا تربطها جذور بالإسلام؛ ولهذا ذكرهم المحقق –وغيره من أهل العلم في عمان باسم الأزارقة لاستحلالهم لدماء المسلمين- وقد كان المحقق مصمما على قطع شجرتهم من جذورها فقد قال في رسالته للإمام عزان: "..."، وهو الحادي له حتى يصر على استرداد البريمي مع عظم الخطب في ذلك، ومع الليل البهيم الذي خيم على البلاد بسببهم رفض المحقق إلباسهم بوصف الشرك –إلا إذا أضافوا التجسيم إلى التشبيه-؛ ولذا عندما سؤال عن المجسمة هل هم مشركون كان مما قاله في جواب سائله: ٍ"..." مستعليا على العواطف حتى وقت هيجانها، وهو يؤكد مراعاة حقوقهم في قتالهم، وأنه لا بد من إنصافهم ممن ظلمهم، وكانت ترد إليه بعض الأسئلة التي توحي بشبهات تثار على المذهب في أكثر من موضع[52]؛ وهي تكشف له عن محاولة طمس الهوية وتستدعي منه الحذر؛ وقد عبر بحسن سبكه عن الحذر في قالب الأماني حينما قال:

ويحمى بها الدين الإباضي... وينطمس الدين الذي هو مبدع

والإمام السالمي كان عميق النظر في ذلك فقد ناظر بعض مشائخهم وقد أبان ذلك في رسالته لشيخه صالح بن علي، وقد ناقش داء التجسيم في المشارق، والأهم من ذلك كله تصوره للواقع التاريخي كما بينه في تحفته، وأوضح فيه الغصص التي تجرعها المجتمع منهم في عدة مواطن، لكنه يختلف عن المحقق في كونه لم يصطدم بهم عسكريا، لكن ما سطره يراعه فيهم يبدو أن أكثر.

 

وسئل الشيخ ناصر عن القيام بالحق وفي الظن أن يعم الضرر بذلك فقال ص 10 "إن كان في نفسه قوة أو نفسه ضعف عن القيام بذلك ونهض قوته أو ظنه بضعفه، وكان قصده الذي ذكرته فهو جائز له في أي حال... ومثل لذلك بأمثلة من أبطال الرجال... وأتبعه الإمام السالمي بقوله: "وهو مطابق وموافق للصدق" ص12.

قلت وهو لا ينسجم مع القاعدة المقررة فالخروج ليس غاية، وإنما هو وسيلة لتغير وضع يمقته المجتمع، والمتسبب في ذلك يجلب على مجتمعه ..

والمحقق الخليلي الذي انتصر لثبوت الواحد أمام الجماعة قيد ذلك بقوله: "..." وقال أيضا في شيء من فتاواه: "ج 5 ص201،

" وأنا يعجبني للضعيف وغيره إذا لم تكن يد المسلمين قوية قاهرة قادرة على التأديب والردع أن يوطنوا أنفسهم على احتمال الأذى وترك الإصغاء ... مخافة أن تنجر إلى أمر هو أشد وأعظم ... والسلامة في التغافل عن أكثر الأمور إلا ما لزم من الأشياء الظاهرة مجاهرة بالمعاصي فوجب التكليف بتغييره على من قدر عليه ... ".

معرفة الصلاحيات: وهي محور أساس لا يصح غض الطرف عنه؛ وقد كان الشيخان يعرفان صلاحيتهما ويعرفان صلاحية الآخرين حذرا من الصدام عند تزاحم الصلاحيات، ومن ينظر في سيرة المحقق الخليلي يجد التواضع سمة بارزة في حياته؛ لكنه في مقام الجد يقطع الخلاف بسيف عزمه؛ ولذا كان من قوله للشيخ ..." والله سبحانه قد جعلنا الآن ناظرين في مصالح الإسلام لهذا الإمام، فليس لكم إلا إتباعنا ما دمنا على الحق، وإياك والتواهن بشيء مما أمرناك به بعد وصول كتابي هذا إليك فنعده منك خلافا للحق وأهله"[54] بل قال للإمام عزان رضوان الله عليه: "إلزمناك بالعمل بال..."، وقال: " ص265" وقد أجزنا لسيدنا الإمام عقوبة من تخلف عن الجهاد بغير عذر يعذره الله به، وقد كان صلاحيات الإمام نفسه واضحة له وللمبايعين ففي نص البيعة " وأن لا تعقد راية..."، وقد أنشأت صلاحية فوق صلاحية الإمام؛ وهو ملحظ سياسي بعيد الأعماق؛ وهو قريب مما يعرف في بعض الدولة برائيس الدولة ورئيس الوزراء لكنه مضبوط بالضوابط الشرعية، وقد صرح لبعض السائلين إقامة حد من حدود الله ولعله من ولاته، وكان يتقدم الإمام عزان، وكان يلاحظ بعد الصلاحية في فتاواه حتى أن قيد التدخل ...

ومعرفة الصلاحية جلية عند الإمام السالمي رحمه الله فبعد أن رفض الإمام سالم البيعة فرقا من هول الأمر فوجئ كما فوجئ غيره بأمر السالمي تلميذه أبا زيد بقطع رقبة سالم بن راشد[55]؛ ولها توجيه سيأتي بإذن الله، وقد أبطل وصايا تلاوة القرآن على القبور مع مخالفة بعض مشائخه لذلك، ومنع الإمام سالما من الغداء مع الشيخ حمير خوفا على مقر الخلافة من أن يستلب؛ فلابد من شغل الشاغر إداريا...، وقد فوضه الإمام سالم ب... لكنه مع ذلك لا يتقدم الإمام في شيء فعاتبه الإمام في ذلك مستدلا بواقع المحقق مع إمامه السابقة فأجابه الإمام السالمي بأني إن بلغت تلك المرتبة لا أعازمك لا أنت ولا غيرك، وسمعت سيدي الوالد يفرق بين التعاملين بأن الشيخ الخليلي يريد تربية إمامه على التواضع لا سيما وهو محتد الملك، وقد سرى دمها في عروقه بخلاف الإمام سالم فشيخه يريد أن يدفعه للأمام ويريد أن يري الآخرين مكانته؛ فلله درهما ودر إئمتهما.

وكان يدافع عن تصرف الشيخ صالح... ص30 "ولا ينقم عليه نظرا رأه لسياسة لم يخالف فيها الحق[56]، ولو قدرنا أن هناك ممن يرى غير رأيه فأشار إليه بالخروج عن دارهم فلم يمتثل أمره، لما كان لهذا المشير أن يعنف على ذلك.

كيف وهو مركز السياسة وقد ربته في حجرتها؛ فصار في هذا الزمان من المنفردين بها"

 

 

 

الخاتمة:

بعد العرض السريع لأغوار السياسة الشرعية عند الإمامين أذكر أهم النتائج التي توصل إليها البحث والتي تخدم الموضوع، وهي ما يلي:

  1. أن الله حبا كلا الشيخين بملكات نفسية وعقلية واجتماعية –فضلا عن الإيمان الراسخ- هيأته للإصلاح في المجال السياسي وغيره.
  2. أن الشيخين سبرا أحوال المجتمع الداخلي بمختلف شرائحه، ولم تنطل عليهما –في الوقت ذاته- مؤامرات الخراج.
  3. أن همَّ الإصلاح أهم العوامل التي صقلت مواهبهما.

هذا ما جادت به القريحة وخطه القلم فإن كان صواباً فمن الله وله الحمد والثناء عليه، وإن كان بخلاف ذلك فمن همزات لشياطين وخاطرات النفس، وأستغفر الله وأتوب إليه، وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

 

[1] لأن الرؤيا البعيدة أعم وإن كانت القريبة أدق من حيث الجملة؛ وإلا فقد يحيل القرب الرؤية كلية كما هو واقع مشاهد فضلا عن نصوص العلماء عليه، وتجري أحكام المادية على الرؤية المعنوية أيضا.

[2] قد يستدل لذلك بما سيأتي في تاريخ نسخ المقاليد...

[3] يتظر لطائف الحكم في صدقات النعم للشيخ سعيد بن خلفان الخليلي تحقيق سلطان بم خميس الناعبي "سلطنة عمان: مكتبة الجيل الواعد" ص89، 144.

[4] رجع المحقق الخليلي عن رسالته في التجويد؛ وربما سطرها يراعه قبل مقاليد التصريف؛ لأنها لا تبلغ ذروتها في قوة السبك، وهو أمر يحتاج إلى تحليل أدق، وكل ذلك يدفعنا إلى إعادة النظر في تاريخ ولادته؛ لأنه يستبعد تأليفهما قبل السادسة عشر لا سيما في مجالين قل سالكهما في بلده.

[5] وردت تسميته بذلك في سؤال موجه إلى تلميذه الشيخ صالح بن علي، وقد أقره الشيخ، ينظر عين المصالح ص 360بالإضافة إلى تضمنه في نسخ بعض المخطوطات.

[6] عول على مثله الإمام محمد بن عبد الله الخليلي رضوان الله عليه في بعض مواقفه؛ فقد رد أموالا حكم  الإمام سالم بتغريقها لا نقضا للحكم الأول بل نظرا في بعض المصالح ينظر نهضة الأعيان ص201، ويتأكد ذلك بأن العليم الخبير جعل التألف مصرفا من مصارف أهم فريضة مالية "الزكاة" صيانة للأمة.

[7] لم تتضح لي إدارته المالية للواردات والصادرات وكيفية الموازنة بينهما لكنه كان يدرك الخطب من قلة الموارد، والإشكال الأساس في الأزمة لما يلي:

وإن كنت أقول بأن إبداع العبقري في إيجاد المخارج الفقهية لا يلزم أن تكون له نفس الملكة في إدارة الأموال؛ لكن المحقق كان يدير أملاكه بمهارة بل أعد الدراهم قبل بيعة الإمام عزان لهذه المهمة كما حكاه الإمام السالمي في التحفة، ولم تكن إدارة أموال الدولة تختلف كثيرا عن إدارة أموال الأفراد؛ إذ لم تدخلها التعقيدات المعاصرة.

[8] هذا البعد أظهر ما يكون عند القائد الشاري إبي حمزة رضوان الله عليه في خطبته التي جمعها فيها بين هذه الأبعاد جميعا.

[9] نقل ذلك سيدي الوالد عن الشيخ إبراهيم بن سعيد العبري 1395هـ.

(1) السالمي. محمد بن عبدالله. نهضة الأعيان. ص 99. التنوخي عز الدين، مقدمة شرح مسند الربيع. ط: المطابع الذهبية - روي - سلطنة عمان ج1 ص ط. العبري إبراهيم بن سعيد. مقدمة كتاب العقد الثمين نماذج من فتاوي نور الدين السالمي. بدون ذكر طبعة. ج1 ص7. عبد الستار أبو غده. مقدمة تحقيق جوابات الإمام السالمي، ت: مكتبة الإمام السالمي، ط: مطابع النهضة. ج 1ص5.

(4) أبو اسحاق اطيفش. مقدمة كتاب جوهر النظام للإمام السالمي.ط: مطبعة الألوان الحديثة، الطبعة الحادية عشرة 1410هـ /1989. ص هـ. محمد بن عبدالله السالمي. نهضة الأعيان.ص 100. إبراهيم بن سعيد العبري، مقدمة كتاب العقد الثمين من فتاوي نور الدين السالمي.ص 7. صالح بن أحمد الصوافي، السالمي فقيها محققا ص 92.

(2) السالمي محمد بن عبدالله، نهضة الأعيان ص 131. التنوخي عز الدين، مقدمة شرح الجامع الصحيح ج1 ص: ط.

- اطفيش أبو اسحاق إبراهيم، مقدمة كتاب جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام ج1 : ص:ك.

(5) محمد بن عبدالله بن حميد السالمي، نهضة الأعيان،ص ص 274 - 275.

السعيد محمد بدوي وآخرون، دليل أعلام عمان ص 67،

- صالح بن احمد الصوافي - السالمي فقيها ومحققا، ص 94 - 95.

[10] معارج الآمال

[11] تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان؛ للإمام السالمي، ص86 وينظر أجوبة المحقق الخليلي 5/336، وفي نفسي شيء من حيث الأدلة؛ لا سيما أنهم أجازوا إقامة الحدود دون الحماية؛ مع عظم الخطب فيها، على أن الزكاة من أكبر الدعائم على تحقيق الحماية نفسها؛ لأنها تصرف في سيل الله؛ وقد يؤول إلى وقوع الدور بين الأمرين فلا تتحقق الحماية إلا بالمدد المالي "والزكاة من أكبر أوعيته" ولا مدد إلا بالحماية، لكن ربما لها بعد سياسي عميق؛ حتى تأخذ الرعية حقوقها بيد وتؤدي واجبها باليد الأخرى، على أنهم يجيزون الأخذ بطيب نفس صاحبه، ولا يجبر عليها، ينظر وللإمام الخليلي رحمه الله ... فتح الجليل؛

[12] بل يشهد التاريخ الإباضي في سيرة الإمام عبد الرحمن بن رستم بيعة من لا عشيرة تحميه؛ حتى لا يستظهر بقومه؛ فيشدوا عضده على ظلم، وتجنبا لتحسس شيء من القبائل المتعرضة؛ وبيعته تمثل الأخوة الإيمانية في أبهى صورها إذ بايع المغاربة إماما من غيرهم تنظر رسالة للوالد حفظه ربي إلى أهل نفوسة.

 

 

[13] لا أريد أن أدخل في خضم ما قلته عاليا إلى مناقشة الفرق بين الفعل والعمل من ناحية ومناقشة شمولهما للترك من ناحية أخرى؛ والله الموفق.

[14] لم أفهم الكلمة في هذا السياق، ولعلها لا يأبونه.

[15] إجوبة المحقق الخليلي 7/240.

[16] إجوبة المحقق الخليلي 7/241.

[17] أجوبة المحقق الخليلي 5/332

[18] أجوبة المحقق الخليلي 5/ 265.

[19] شرح مسند الإمام الربيع...

[20] مقاصد الشريعة الإسلامية محمد الطاهر بن عاشور، الشركة التونسية للتوزيع الطبعة الثالثة 1988م. ص30.

[21] أجوبة  المحقق الخليلي 246.

[22] أجوبة المحقق الخليلي، 6/ 50، هذه القاعدة لها تطبيقات فقهية كثيرة تحتاج إلى دراسة عميقة وتحتاج إلى دراسة عميقة مع مقارنة ذلك بقاعدة الشاطبي بالجزء والكل.

[23] أجوبة المحقق الخليلي 5/199.

[24] أجوبة المحقق الخليلي، 5/528.

[25] جوابات الإمام السالمي

[26] أجوبة المحقق الخليلي 5/150.

[27] ينظر أجوبة المحقق الخليلي 5/332

[28] ينظر أجوبة المحقق الخليلي 5/474

[29] أجوبة المحقق الخليلي 5/ 339.

[30] إغاثة الملهوف ضمن تمهيد قواعد الإيمان 13/133.

[31] الحق الجلي  ص22 تأكد.

[32] إغاثة الملهوف ص75.

[33] بهجة أنوار العقول

([34]) لاندن، المصدر السابق، ص 361.

[35] نوقش موضوع البريمي في مجلس... ينظر غباش...ص

[36] البيت للألواح وهو يذكر مفاخر بني خروص لكنه خيره لا يقصر على القبيلة بل عم البلاد كلها...

[37] أجوبة المحقق الخليلي 301.

[38] أجوبة المحقق الخليلي 298.

[39] جوابات المحقق ج5 ص283.

[40] أجوبة المحقق الخليلي 3/252

[41] أجوبة المحقق الخليلي 3/262.

[42] الحق الجلي ص5.

[43] ينظر الحق الجلي ص15 ...ت.

[44] ثلاث رسائل إباضية ص43-53.

[45] جانب التألف جانب مهمل؛ مع أن الله جعل للمؤلفة حظا من أقدس فريضة مالية، وقد طبقه أروعَ تطبيق أستاذُ العالم -في السياسة وكل كمال- محمد صلوات الله وسلامه

[46] عنجهية قبلية أججت الأحقاد في النفوس لا أبقى الله لها ذكرا.

[47] جوابات المحقق ج5 ص

[48] لا سيما أني سمعت من سيدي الوالد حفظه الله نسبت ذلك إليه، وهو الذي تقتضيه إشارة الشيخ محمد الشيبه بن عبد الله السالمي في النهضة ص:... لكن سمعت الشيخ سليمان بن بلعرب وهو من عائلة الشيخ حمير يشير إلى ذلك بتوجيه من الإمام السالمي.

[49] الجالية الهندية في عمانن وعلاقتها بالإمامة الإباضية أ.د مقدام عبد الحسن الفياض مجلة الخليج العربي (41) عدد 1-2 لسنة 2013م.

[50] أحيل إليّ سؤال عن بيع أراضي الفلسطينين التي استولى عليها اليهود إلى المغتصبين لأن موطء قدم شرعي للغاصبين، ولا بد أن توصد أبواب هذه الفتنة، وذكرت بعض الأدلة التي تصورتها تؤكد هذا المفهوم.

[51] تمهيد قواعد الإيمان 8/384.

[52] ينظر جوبات المحقق 1 ص...

([53]) لاندن، عمان مسيرا ومصيرا ص 353.

[54] التحفة...

[55] وهو ثاني نموذج أعرفه لإمام يدفع إلى الإمامة بسيوف مصلته... فقبله الإمام أبو الخطاب المعافري ...145هـ ت

[56] شرط أساس